علي بن أبي بكر السكران

علي بن أبي بكر السكران (818 - 895 هـ) إمام وشيخ متصوف من أعيان فهماء حضرموت في زمانه. وهوشاعر وجداني مكثر، وأكثر شعره صوفي المنحى في التأمل بالله وفي مدح الرسول. له مسجد مشهور بمدينة تريم أوقف عليه أوقافًا كبيرة، وكان يقضي أيامه في أعمال البر وخدمة المجتمع. و"السكران" لقب لوالده أطلق عليه لما يعتريه من الأحوال وشدة التأثر في العبادة التي تجعل من يراه يظنه سكران.

نسبه

علي بن أبي بكر السكران بن عبد الرحمن السقاف بن محمد مولى الدويلة بن علي بن علوي الغيور بن الفقيه المقدم محمد بن علي بن محمد صاحب مرباط بن علي خالع قسم بن علوي بن محمد بن علوي بن عبيد الله بن أحمد المهاجر بن عيسى بن محمد النقيب بن علي العريضي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن الإمام علي بن أبي طالب، والإمام علي زوج فاطمة بنت محمد .

فهوالحفيد 22 لرسول الله محمد في سلسلة نسبه.

مولده ونشأته

ولد ببلدة تريم في حضرموت سنة 818 هـ، ووالدته مريم بنت أحمد بن محمد بارشيد. توفي جده وهوابن سنة، وتوفي والده وهوابن ثلاث سنوات، فنشأ تحت رعاية أخيه عبد الله العيدروس، وعمه عمر المحضار، وتلقى عن نوابغ الفهماء في تريم وفيهم الصلحاء وأكابر المجتهدين في ذلك العصر. حفظ القرآن الكريم وتلاه بالتجويد، وأحكم قراءة الشيخين أبي عمروونافع، وحفظ «الحاوي الصغير» للقزويني في الفقه، و«الحاوي» في النحو، وعدة متون في كثير من الفنون. وكان كثير الاعتناء بكتاب «تحفة المتعبد» والعمل بما فيه، وبخط الإمام الغزالي لاسيما كتاب «إحياء علوم الدين» فقد قرأه على أخيه عبد الله العيدروس خمسًا وعشرين مرة، وعند ختمه في جميع مرة يصنع له أخوه وليمة للطلبة والفقراء.

شيوخه

رحل إلى الشحر والغيل ومكث هناك أربع سنين، يقرأ على الفقهاء ويستزيد من علومهم، ثم رحل إلى عدن وزبيد وأخذ من فهمائها، ثم إلى الحرمين الشريفين عام 849 هـ، فحج واعتمر وزار جده وأخذ عن كثير من الفهماء هناك، ثم عاد إلى تريم. فمن مشايخه الذين أخذ عنهم:

عمه عمر المحضار
أخوه عبد الله بن أبي بكر العيدروس
محمد بن حسن جمل الليل
سعد بن علي مذحج
محمد بن علي مولى عيديد
محمد بن أحمد بافضل
محمد بن علي باعديلة
إبراهيم بن محمد باهرمز
محمد بن أحمد باقشير
عبد الله بن محمد باقشير
عبد الله بن عبد الرحمن باوزير
مسعود بن سعد باشكيل

تلاميذه

ولما قدم تريم نصب نفسه للتدريس والإفتاء والإلباس والتحكيم، فأخذ عنه كثيرون في عدة فنون منهم أولاده، ومنهم:

عمر بن عبد الرحمن صاحب الحمراء
ابن أخيه أبوبكر بن عبد الله العدني
محمد بن عبد الرحمن الأسقع
أحمد بن عبد الله شنبل
محمد بن أحمد باجرفيل
قاسم بن محمد العراقي
محمد بن سهل باقشير
محمد بن عبد الرحمن باصهي

من كلامه

وله كلام نفيس في فهم الطريقة والحقيقة، منه:

وافِقِ الكل، واجعل النية مع الله.
عوّد نفسك التغافل؛ فإن مدار مصالح أهل الزمان عليه.
القَبول من الله أقرب إلى سليم الجنان، من فصيح المنطق وبليغ اللسان.
تعليم الصبي على يد غير أبيه أولى؛ لأن تعليم الأب للابن يورث الغلظة، فيتولد منه العقوق.
الأدب الباطن له تأثير كما حتى الأدب الظاهر له تأثير، فإذا أحدث ابن آدم معصية نفرت منه القلوب، ثم إذا ندم أثر ندمه في قلوب الناس، فترجع وتميل إليه، والندم هذا ضروري.

من شعره

وإذا ألقينا نظرة على شعره نجد فيه العواطف القومية، ولا يتخطى الجوالصوفي، ونعرض هنا نموذجا منه ببتر من مطولات:

في الكون وعجائبه
سبحان من فطر الكونين مقتدرا		وشق رتقهما في الروح والصور
وأحكم الكل في إتقان صنعته		وأحسن الخلق والإبداع في الفطر
وزين الكون في ترتيب محكمه		كنظم عقد من الياقوت والدرر
وانظر عجائبه تشهد لموجده		منطوق ذراته في جميع منتشر
لا يشهد الكون إلا من مكونه		ولا الوجود سوى جود لمقتدر
إن تملت في الكون آيات موسعة		يطول مجموعها في مشهد النظر
فارجع لأنموذج يحكي عجائبها		ويشهد الكون في المأثور والأثر
فقد طوى الكون رب في عوالمه		بكل أسراره في الهيكل البشري
وقد توسع في أنوار جوهره		ووسع أسراه في الجوهر الخطر
ومن تمكن في هذا رأى عجبا		في جميع كليه والجزء والثمر

منظر قومي
فأعظم بسادات حووا في انتسابهم		على شرفي مجد يطول ويكبر
بنوعلوي الأكرمون بهم علت		تريم ومن فيها يعز ويفخر
محبهم والجار يسموبفضلهم		وفضل نداهم للأباعد يغمر
وأسرارهم تمتد من بحر أحمد		إلى جاههم أم البرايا وكبروا

في الفهم
بالفهم يعلوالورى مجدا ويفتخر		وينبت الخير والأنوار تنتشر
فالفهم أس أصول المجد أجمعها		وفضله ليس يحصيه لنا بشر
لا غنية عنه في الدنيا وآخرة		فالفهم للقلب غيث هاطل غمر
تحيى القلوب بفيض الفهم زاكية		بكل فضل ومجد ياله ثمر
يحكي رياضا زهت في حسن بهجتها		مطولة في الضحى أغصانها الخضر
لا فخر كالفهم فيه جميع منفعة		وفضله في كلا الدارين منتشر
والجهل داء عضال مهلك وبه		لا شك يفهم رسم الخير والأثر
كم فوت الجهل للسادات من خبر		وكنز فهم وآيات بها اشتهروا

مؤلفاته

وصفه جماعة من الفهماء بحسن التصنيف والملاحة وحسن التعبير وكمال الفصاحة. ومؤلفاته عديدة في مواضيع مختلفة، في تكبيرة الإحرام والاستفتاح والتعوذ والبسملة، وكذا في النكاح وفي قواعد النحووفهم الميقات، وله وصية نافعة في الحث والتقوى والاعتناء بتحصيل الفضائل والفواضل، ومن مصنفاته أيضا:

«معارج الهداية إلى ذوق جنى المعاملة في النهاية»
«البرقة المشيقة في ذكر الخرقة الأنيقة وشيوخ الطريقة»
«الدر المدهش البهي في مناقب الشيخ سعد بن علي المذحجي»
ديوان شعر أكثره في علوم الصوفية وفي الحضرات الربانية

ذريته

له سبعة بنين وخمس بنات، فأما البنات: بهية، وعلوية، ورقية، ومريم، وعائشة، والبنون: عبد الرحمن، ومحمد، وعمر، وعبد الله، وعلوي، وحسن، وأبوبكر.

وفاته

توفي بتريم في الثاني عشر من شهر محرم سنة 895 هـ، وقُبر بجانب عمه المحضار في مقبرة زنبل.

المراجع

الشلي, محمد بن أبي بكر (1319 هـ). (PDF). الجزء الثاني. صفحة 215 - 218.
خرد, محمد بن علي (2002 م). "غرر البهاء الضوي ودرر الجمال البديع البهي". القاهرة، مصر: المخطة الأزهرية للتراث. صفحة 296 - 303.

اقتباسات

^ الزركلي, خير الدين (2002 م). "الأعلام". الجزء الرابع. بيروت، لبنان: دار الفهم للملايين. صفحة 267.
^ الحبشي, أحمد بن زين. "شرح العينية". سنغافورة: مطبعة كرجاي المحدودة. صفحة 200 - 202.
^ الحبشي, عيدروس بن عمر (1430 هـ). "عقد اليواقيت الجوهرية". الجزء الثاني. تريم، اليمن: دار الفهم والدعوة. صفحة 980 - 983.
^ السقاف, عبد الله بن محمد (1356 هـ). "تاريخ الشعراء الحضرميين". الجزء الأول. القاهرة، مصر: مطبعة حجازي. صفحة 78 - 86.
^ المشهور, عبد الرحمن بن محمد (1404 هـ). "شمس الظهيرة". الجزء الأول. جدة، المملكة العربية السعودية: عالم الفهم. صفحة 130.