تاريخ المسيحية في أيسلندا

عودة للموسوعة

يعود تاريخ المسيحية في أيسلندا إلى أوائل العصور الوسطى، عندما استقر الناسكون الأيرلنديون في أيسلندا قبل قرن على الأقل من وصول أول المستوطنين الشماليين عام870 بعد الميلاد. بدأت المسيحية في الانتشار بين الأيسلنديين في نهاية القرن العاشر. أدى التنصير في أيسلندا إلى المساواة بين الزعماء المسيحيين والمؤمنين بالأساطير الإسكندنافية، فضلًا عن ألثينغي رئيس مجلس النواب في البرلمان الوطني الأيسلندي  في عام 999 أوعام 1000.

في البداية، كان رجال الدين في أيسلندا، أساقفة وكهنة، من الإرساليين الأجانب، ولكن سرعان ما ازدادت أعداد الكهنة المحليين. عام 1056، كُرِّس سليفور غيسورارسون ليكون أول أسقف أيسلندي. خلال خمسين عامًا، أُسِّسَت أُبرشيتان في أيسلندا، وتحديدًا في سكالهولت وهولار وكانتا تابعتين لرؤساء الأساقفة الأجانب. لعب مُلاك الأراضي دورًا بارزًا في إدارة الشؤون الكنسية، وكسبوا دخلًا كبيرًا من الضرائب بعد تطبيقها عام 1097. حدت التشريعات من سلطة الأساقفة، حتى نهاية الكومنولث الأيسلندي (أودولة أيسلندا الحرة) عام 1264. استقلَّت الكنيسة ذاتيًا في منتصف القرن الرابع عشر، إذ صارت الأديرة، التي تأسس معظمها في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، قبلة هامة للأدب.

أحدث الشكل اللوثري من الإصلاح البروتستانتي الذي أُجري في أيسلندا بين عامي 1541 و1551 تغييرات جذرية في حياة الكنيسة وقيمها الروحية وثقافتها. على سبيل المثال، صودر الجزء الأكبر من ممتلكات الكنيسة وأُلغيت طقوس تمجيد القديسين. نُشرت أول ترجمة أيسلندية للعهد الجديد عام 154، فيما نُشر الكتاب المقدس كاملًا عام 1584.

المسيحيون الأوائل (750 - 1000 بعد الميلاد)

يُعتقد حتى الرهبان الأيرلنديين هم أوائل المستوطنين الذين وصلوا أيسلندا عبر الرحلات البحرية التي قاموا بها بقوارب الكورش الأيرلندية. يتحدث ديسويل في كتابه مقياس الأرض عن ناسكين أيرلنديين أمضوا ستة أشهر في جزيرة مهجورة  عام 795، كانت الليالي فيها ساطعة «ليس فقط في فترة الإنقلاب الصيفي، بل لعدة أيام قبل وبعد»، إذ كان المرء قادرًا على التقاط «القمل من قميصه». أطلق كتاب الأيسلنديين على المسيحيين اسم الباباويين، وقُصد بهم من استقروا في أيسلندا لدى وصول أول المستوطنين الإسكندنافيين. غادروا الجزيرة تاركين وراءهم «الخط الأيرلندية، والأجراس، والصلبان، والكثير من الأمور الأخرى» عند وصول المستعمرين الجدد.

وصل الإسكندنافيون الأوائل إلى أيسلندا في أواسط القرن التاسع، فيما بدأ استيطانها في أوائل عام 870  على الرغم من الإعتقاد حتى المسيحيين كانوا من بين مستوطني أيسلندا، إذ وصل الكثير من المستعمرين من أيرلندا أوإنجلترا أوإسكتلندا كان غالبية المستوطنين وثنيين متشبثين بعبادة أودين وثور والأساطير الإسكندنافية الأخرى. ازدادت الوثنية قوةً بعد تأسيس البرلمان الوطني الأيسلندي، ألثينغي، عام 930 الذي ساعد على توحيد الأيسلنديين. لعب زعيم الوثنيين أوغوتي دورًا بارزًا في العبادة الوثنية.

بدأ الإرساليون المسيحيون يقدمون إلى أيسلندا في العقود الأخيرة من القرن العاشر. كان أولهم الأسقف الإرسالي الألماني  فريدريك الذي وصل عام 981. أُجبر فريدريك على مغادرة أيسلندا عام 986 بعد حتى اغتال مساعده الأيسلندي، ثورفالد كونرادسون،  رجلين في عراك. وصل بعد ذلك ستيفنير ثورغيلسون الأيسلندي، الذي أُوفد مع هذه البعثة من قِبل أولاف تريغفاسون، ملك النرويج، (عام 779 - 1000). طُرد ستيفنير ثورغيلسون من البلد بعدما دمَّر منابر الوثنيين. أُجبر بالمثل المبشّر التالي الذي أوفده الملك الجرماني أوالفلمنجي تانغبراند إلى أيسلندا على الرحيل حوالي عام 999 لأنه اغتال بعض الذين قاوموا إرساليته. أبلغ تانغبراند الملك بأنه: «من غير المتسقط حتى تُقبل المسيحية قط» في آيسلندا، على الرغم من أنه نجح في تنصير الكثير من الزعماء. قرر الملك أولاف إلقاء القبض على جميع الأيسلنديين الوثنيين المقيمين في النَّرويج ومنع جميع الأيسلنديين من دخول الموانئ النرويجية عندما سمع ما نطقه المُبشر تانغبراند. توجب على الأيسلنديين الحفاظ على السلام لأن النرويج هي الشريك التجاري الرئيسي لأيسلندا. أُرسل بناء على ذلك زعيمان مسيحيان من أقارب الملك أولاف إلى النَّرويج، هما غيسور تيتسون وهالتي سكيغايسون. إذ وعدوا الملك ببذل قصارى جهدهم لتنصير أيسلندا بأكملها.  أطلق الملك أولاف سراح الرهائن الذين كان معظمهم من أقارب الزعماء الأيسلنديين الوثنيين استجابةً لوعدهم.

التنصير

عاد غيسور تيتسون وهالتي سكيغايسون إلى أيسلندا. خططوا في البداية لإنشاء إدارة منفصلة للمسيحيين. أدى ذلك إلى التباين الحاد بين آراء الزعماء الوثنيين والمسيحيين الأكثر تطرفًا  في ألثينغي عام 999 أو1000، وافق الغوثي أخيرًا على تعيين أحد رفقائهم الذي كان وثنيًا -المتحدث باسم القانون ثورغيير ثوركلسون- لينظر في القضية لتجنب اندلاع حرب أهلية. انسحب ثورغيير ثوركلسون بعد تعيينه بيوم واحد. أعرب بعد ذلك قراره بعد اجتماع الرؤساء، إذ قرر تعميد جميع الأيسلنديين، لكن يُسمح للوثنيين بعبادة أودين والآلهة الأخرى سرًا. سُمح أيضًا باستمرار التقليد القديم المتمثل في وأد المواليد وأكل لحم الخيل. عُمِّد الغوثي والكثير من حاشيته بالماء البارد، لكن «عُمِّد جميع الناس من الحي الشمالي والحي الجنوبي في لوغاردالور» إذ أمكن العثور على ينابيع حرارية أرضية. تقول الأسطورة أنه حتى ثورغيير ثوركلسون قرر إلقاء جميع أصنامه في شلال كبير سُمّي بعد هذا الحدث شلال الآلهة.

اضطجع [ثورغيير] ووضع عباءته على نفسه، واستراح جميع ذلك اليوم والليلة التالية، ولم يتفوه بحدثة. نهض في الصباح التالي وأوفد رسالة حتى على الناس الذهاب إلى صخرة القانون. بمجرد وصول الناس إلى هناك، بدأ خطابه فنطق إنه يعتقد حتى شؤون الشعب وصلت إلى فترة سيئة، إذا لم يكن لديهم جميعًا نفس القانون في هذا البلد، وحاول إقناعهم بطرق عدة بأنه لا ينبغي لهم السماح بحدوث ذلك، ونطق إذا ذلك سيثير خلافات إلى حد أنه من المتسقط بترًا حتى تنشب معارك بين الناس تُخرب بها الأرض. [......] ونطق: «يبدولي الآن من المستصوب ألا ندع الذين يرغبون بشدة في مقاومة بعضهم بعضًا يسودون، وأن نحكم فيما بينهم، حتىقد يكون لكل طرف طريقته الخاصة في شيءٍ ما، وأنقد يكون لنا جميعا نفس القانون والدين. سيثبت أننا إذا مزقنا القانون، فإننا أيضًا سنمزق السلام». اختتم خطابه باتفاق الجانبان على حتى لكل إنسان القانون ذاته، القانون الذي قرر حتى ينادي به. ثم أُعلن في القوانين حتى جميع الناس ينبغي حتىقد يكونوا مسيحيين وأن من لم يُعمَّدوا بعد في هذا البلد ينبغي حتى يُعمَّدوا وأنه يجب النظر في القوانين القديمة التي تعرض الأطفال للخطر وأكل لحم الخيل. للأشخاص الحق في التضحية سرًا -إذا رغبوا في ذلك- وسيعاقبوا طالما كان لهم شهود على أفعالهم. - كتاب الأيسلنديين

كان آري ثورغيلسون أول من سجل سيرة التحول التوافقي في أيسلندا في أوائل القرن الثاني عشر. إذ يقول المؤرخ غونار كارلسون إذا رواية آري ثورغيلسون «لا تصدق، ولكنها السيرة الوحيدة التي نملكها». «أوحت السيرة بإمكانية تحول مجتمع بأكمله إلى المسيحية بشكل طوعي بدون أي ضغط من السلطة المركزية» (نورا بيرند). يمكن الإشارة إلى حكم ثورغيير ثوركلسون باعتباره «تدبيرًا لإدارة الأزمة لإنقاذ أيسلندا من ويلات الانقسام».

المراجع

  1. ^ Hjálmarsson 2012، صفحة 10.
  2. ^ Kisch 1978، صفحات 170-171.
  3. ^ Karlsson 2000، صفحة 4.
  4. ^ Cormack 2007، صفحة 227.
  5. ^ Hjálmarsson 2012، صفحات 10, 14.
  6. ^ Hjálmarsson 2012، صفحة 28.
  7. ^ Byock 2001، صفحة 293.
  8. ^ Karlsson 2000، صفحة 6.
  9. ^ Byock 2001، صفحة 294.
  10. ^ Karlsson 2000، صفحات 6, 10.
  11. Byock 2001، صفحة 298.
  12. ^ Hjálmarsson 2012، صفحة 29.
  13. Byock 2001، صفحة 299.
  14. ^ Hjálmarsson 2012، صفحات 29-30.
  15. Byock 2001، صفحة 300.
  16. ^ Winroth 2012، صفحات 151-152.
  17. ^ Hjálmarsson 2012، صفحة 32.
  18. ^ Berend 2007، صفحة 36.
  19. ^ Winroth 2012، صفحة 151.
  20. ^ Berend 2007، صفحة 35.
  21. ^ Winroth 2012، صفحة 152.
  22. ^ Karlsson 2000، صفحة 11.
تاريخ النشر: 2020-06-01 22:05:31
التصنيفات: تاريخ المسيحية في آيسلندا, مقالات يتيمة منذ أبريل 2020, جميع المقالات اليتيمة, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, بوابة آيسلندا/مقالات متعلقة, بوابة المسيحية/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

محتجون وسط لندن يطالبون بعودة بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:08:00
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 91%

كرة اليد النتائج الكاملة للجولة الخامسة من بطولة قسم النخبة

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:14:45
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

بايرن يسحق بوخوم بسباعيّة

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:14:48
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 56%

المهدي بنعطية يُقدم “جوهرة” كروية لوليد الركراكي

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:11:59
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 74%

تحرك جديد من الشباب السعودي بعد تمسك كولر بالاستمرار مع الأهلي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:11:27
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 43%

الدوري الإيطالي.. لياو يعيد ميلان إلى سكة الانتصارات

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:08:03
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 100%

أرخص 20 سلعة في معارض أهلا مدارس.. تخفيضات تصل لـ50% - أي خدمة

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:20:40
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 64%

كين يسجل "هاتريك" ويقود بايرن لاكتساح بوخوم

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:08:05
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 96%

رؤوف المرزوقي يواصل مهامه في الملعب القابسي

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:14:56
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 68%

إسرائيل تقصف مواقع بغزة.. وإصابة فلسطينيين في مناوشات حدودية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:08:37
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 88%

الترك يثير الجدل من جديد بحديثه عن طليقته دنيا باطمة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:12:09
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 75%

“خطاف” يتسبب في مصرع سيدة بعد منعها من مغادرة السيارة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:12:04
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 78%

ثانوية تدعو التلاميذ إلى الالتحاق بالدراسة

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:13:22
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 62%

لا معاملة خاصة لنجل بايدن.. القضاء يطلب حضوره شخصياً في 26 سبتمبر

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:10:23
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 89%

نصير مزراوي يقود بايرن ميونخ إلى الفوز بسباعية

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:12:14
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 71%

لاعب مانشستر سيتي رودري يتعرض للطرد بعد محاولته خنق منافسه

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:08:07
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 99%

تغريم الأهلي 40 ألف جنيه في الدوري

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:11:29
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 46%

الاولمبي الباجي ينتصر خارج القواعد أول فوز لقوافل قفصة

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-09-23 21:14:50
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

تحميل تطبيق المنصة العربية