نص

النص ما ازداد وضوحا على الظاهر لمعنى المتحدث، وهوسوق الكلام لأجل ذلك المعنى، فإذا قيل أحسنوا إلى فلان الذي يفرح بفرحي ويغتم بغمي، كان نصا في بيان محبته. وما لا يحتمل إلا معنى واحدا، وقيل ما لا يحتمل التأويل.

الإطلاق

في الأصول

النص هوفي عهد الأصوليين يطلق على معان.

الأول جميع ملفوظ مفهوم المعنى من الكتاب والسنة سواء كان ظاهرا أونصا أومفسرا حقيقة أومجازا عاما أوخاصا اعتبارا منهم للغالب، لأن عامة ما ورد من صاحب الشرع نصوص، وهذا المعنى هوالمراد بالنصوص في قولهم تعبير النص وإشارة النص ودلالة النص واقتضاء النص. فقوله من الكتاب والسنة بيان لقوله ملفوظ، وليس المقصود حصر ذلك الملفوظ فيهما بدليل حتى تعبير النص وأخواتها لا يختص بالكتاب والسنة، ولهذا قيل إذا الكتاب والسنة والإجماع كلها يشهجر في المتن أي ما يتضمنه الثلاثة من أمر ونهي وعام وخاص ومجمل ومبين ومنطوق ومفهوم ونحوها.

والثاني ما ذكر الشافعي فإنه سمى الظاهر نصا فهومنطلق على اللغة، والنص في اللغة بمعنى الظهور. يقول العرب نصت الظبية رأسها إذا حملت وأظهرت عملى هذا حده حد الظاهر وهواللفظ الذي يغلب على الظن فهم معنى منه من غير بتر فهوبالإضافة إلى ذلك المعنى الغالب ظاهر ونص.

والثالث وهوالأشهر هوما لا يتطرق إليه احتمال أصلا لا على قرب ولا على بعد كالخمسة مثلا فإنه نص في معناه لا يحتمل شيئا آخر، فحدثا كانت دلالته على معناه في هذه الدرجة سمي بالإضافة إلى معناه نصا في طرفي الإثبات والنفي أي في إثبات المسمى ونفي ما لا يطلق عليه الاسم، عملى هذا حده اللفظ الذي يفهم منه على البتر معنى فهوبالإضافة إلى معناه المقطوع به نص، ويجوز حتىقد يكون اللفظ الواحد نصا وظاهرا ومجملا لكن بالإضافة إلى ثلاثة معان لا إلى معنى واحد.

والرابع ما لا يتطرق إليه احتمال مقبول يعضده مرشد أما الاحتمال الذي لا يعضده مرشد فلا يخرج اللفظ عن كونه نصا، فكان شرط النص بالمعنى الثالث حتى لا يتطرق إليه احتمال أصلا، وبالمعنى الرابع حتى لا يتطرق إليه احتمال مخصوص وهوالمعتضد بدليل فلا حجر في إطلاق النص على هذه المعاني، لكن الإطلاق الثالث أوجه وأشهر وعن الاشتباه بالظاهر أبعد. وهذه المعاني الثلاثة الأخيرة ذكرها الغزالي في المستصفى.

في الفقه

النص الإسلامي هوإما نص من القرآن الكريم أوالحديث الشريف قولا أوعملا أوتقريرا، إذا صحت النسبة، وحكم على أحد هذه الأنواع الثلاثة بالقبول، من خلال فهم قائم بذاته خصص لهذا، يسمى مصطلح الحديث أوأصول الحديث. ولهذا يقول الشيخ محمد أبوزهرة: «نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية هي التي يقوم عليها جميع استنباط في الشريعة الإسلامية». وإن المستند النصي لنصية القرآن الكريم والسنة النبوية والحديث الشريف الآية: استجيبوا لله وللرسول إذا نادىكم لما يحييكم) سورة الأنفال/24. والحديث الذي يقول فيه النبي محمد: "هجرت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما، كتاب الله وسنة رسوله".

ويقر المسلم ـ اعتقاد ـ أنه مخلوق، وأن هناك خالقا.. انبثقت عن الخالقية هذه حاكمية مطلقة على المخلوق بشكل عام، والمخلوق المكلف الذي هوالإنسان بشكل خاص. وهاهوذا القرآن الكريم يعلن ذلك في أكثر من موطن وموضع، نذكر بعضها تمثيلا لاحصرا:

(إن الحكم إلا لله يقص الحق وهوخير الفاصلين) سورة الأنعام /57.

(إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه) سورة يوسف /40.

(والله يحكم لامعقب لحكمه وهوسريع الحساب) سورة الرعد/41.

عملى هذاقد يكون الحاكم هوالله، والمحكوم عليه هوالإنسان، من خلال أفعاله وأقواله وإشاراته التي هي بدورها المحكوم فيه.

والحديث الشريف، الصادر عن رسول الحاكم يلحق بالنص الصادر عن الحاكم ويشكل معه النص، لأن الله أوكل إليه تبليغ نصه وشرحه وتبيانه، فكان منه:

(يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا نادىكم لما يحييكم) سورة الأنفال /24.

ومافي النص من خطاب هوالحكم.