الجِدال هوالمفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة، وأصله من جدلت الحبل، أي: أحكمت فتله ومنه: الجدال، فكأن المْتَجَادِلَين يفتل جميع واحد الآخر عن رأيه. وقيل: الأصل في الجدال: الصراع وإسقاط الإنسان صاحبه على الجدالة، وهي الأرض الصلبة.

والجَدَل: اللدد في الخصومة والقدرة عليها، وجادله أي: خاصمه، مجادلة وجدالًا. والجدل: لقاءة الحجة بالحجة؛ والمجادلة: المناظرة والمخاصمة، والجدالُ: الخصومة؛ سمي بذلك لشدته.

نطق الجرجاني: (الجدل: دفع المرء خصمه عن إفساد قوله: بحجة، أوشبهة، أويقصد به تسليم كلامه) ونطق أيضًا: (الجدال: هوتعبير عن مراء يتعلَّق بإظهار المذاهب وتقريرها).

ونطق القرطبي: الجدال وزنه فعال من المجادلة، وهي مشتقة من الجَدْلِ وهوالفتل، ومنه زمام مجدول. وقيل: هي مشتقة من الجدالة التي هي الأرض.

والمِراء في اللغة: الجدال، والتماري والمماراة: المجادلة على ممضى الشكِّ والريبة، وينطق للمناظرة: مماراة، وماريته أماريه مماراة ومراء: جادلته. وقيل أنَّ المراء: هوكثرة الملاحاة للشخص لبيان غلطه وإفحامه، والباعث على ذلك التحمل. ونطق الجرجاني: (المراء: طعن في كلام الغير لإظهار خلل فيه، من غير حتى يرتبط به غرض سوى تحقير الغير). ونطق الهروي عن المراء: هو(أن يستخرج الرجل من مناظره كلامًا ومعاني الخصومة وغيرها).

الفرق بين الجدال والمراء والمحاورة وغيرها

- الفرق بين الجدال والمراء:

قيل: هما بنفس المعنى. غير حتى المراء مذموم، لأنه مخاصمة في الحقِّ بعد ظهوره، وليس كذلك الجدال. ولاقد يكون المراء إلا اعتراضًا، بخلاف الجدال، فإنَّهقد يكون ابتداء واعتراضًا.

- الفرق بين الجدل والمناظرة والمحاورة:

الجدل يُراد منه إلزام الخصم ومغالبته. أما المُنَاظَرَة: فهي تردد الكلام بين شخصين، يقصد جميع واحد منهما تسليم قوله، وإبطال قول صاحبه، مع رغبة كلٍّ منهما في ظهور الحق. والمُحَاوَرَة: هي المراجعة في الكلام، ومنه التحاور أي التجاوب، وهي ضرب من الأدب الرفيع، وأسلوب من أساليبه، وقد ورد لفظ الجدل والمحاورة معاً في موضع واحد من سورة المجادلة في قوله تعالى: ((قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا)) ~[المجادلة: 1] وقريب من ذلك المناقشة والمباحثة.

الجدال في القرآن والسنة

نطق تعالى: ﴿مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ~[غافر: 4].

(نطق سهل: في القرآن آيتان ما أشدَّهما على من يجادل في القرآن، وهما قوله تعالى: "مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا" [غافر: 4] أي: يماري في آيات الله، ويخاصم بهوى نفسه، وطبع جبلة عقله، نطق تعالى: "وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ"[البقرة: 197]، أي: لا مراء في الحج. والثانية: قوله: "وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ" [البقرة: 176]).

نطق الله تعالى: (﴿فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾) ~[البقرة: 197].

وعن ابن مسعود في قوله: "وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ" نطق: (أن تماري صاحبك حتى تغضبه). وعن ابن عباس: (الجدال: المراء والملاحاة حتى تغضب أخاك وصاحبك، فنهى الله عن ذلك). وعن ابن عمر: (الجدال المراء والسباب والخصومات). ونطق السدي: (قد استقام أمر الحجِّ فلا تجادلوا فيه).

ونطق جل شأنه: ﴿وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ ~[العنكبوت: 46].

(نطق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لا ينبغي حتى يجادل من آمن منهم، لعلهم حتى يحدثوا شيئًا في كتاب الله لا تفهمه أنت، نطق: لا تجادلوا، لا ينبغي حتى تجادل منهم)(14. ونطق السعدي: (ينهى تعالى عن مجادلة أهل الكتاب، إذا كانت من غير بصيرة من المجادل، أوبغير قاعدة سقمية، وأن لا يجادلوا إلا بالتي هي أحسن، بحسن خلق ولطف ولين كلام، ودعوة إلى الحقِّ وتحسينه، وردٍّ عن الباطل وتهجينه، بأقرب طريق موصل لذلك، وأن لاقد يكون القصد منها مجرد المجادلة والمغالبة وحبِّ العلو، بلقد يكون القصد بيان الحقِّ وهداية الخلق، إلا من ظلم من أهل الكتاب، بأن ظهر من قصده وحاله، أنه لا إرادة له في الحق، وإنما يجادل على وجه المشاغبة والمغالبة، فهذا لا فائدة في جداله؛ لأن المقصود منها ضائع).

ونطق جلَّ شأنه: ﴿وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ﴾ ~[البقرة: 204].

نطق العيني: (أي: شديد الجدال، والخصومة، والعداوة للمسلمين). نطق مقاتل: (يقول جدلًا بالباطل).

وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه نطق: نطق رسول الله : ((أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن هجر المراء، وإن كان محقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن هجر الكذب، وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه)).

نطق السندي: (ومن هجر المراء: أي الجدال خوفًا من حتى يقع صاحبه في اللجاج المسقط في الباطل).

عن أبي أمامة رضي الله عنه نطق: نطق رسول الله : ((ما ضلَّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل. ثم قرأ رسول الله هذه الآية: ((مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)) ~[الزخرف: 58])).

ونطق البيضاوي: (المراد بهذا الجدل العناد، والمراء، والتعصب). ونطق المناوي: (أي الجدال المؤدي إلى مراء ووقوع في شك، أما التنازع في الأحكام فجائز إجماعًا، إنما المحذور جدال لا يرجع إلى فهم، ولا يقضى فيه بضرس قاطع، وليس فيه اتباع للبرهان، ولا تأول على النصفة، بل يخبط خبط عشواء غير فارق بين حقٍّ وباطل).

وعن عائشة رضي الله عنها، نطقت: نطق رسول الله : ((إنَّ أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصم)).

نطق المهلب: (لما كان اللدد حاملًا على المطل بالحقوق، والتعريج بها عن وجوهها، والليِّ بها عن مستحقيها، وظلم أهلها؛ استحقَّ فاعل ذلك بغضة الله وأليم عقابه). ونطق النووي: (والألدُّ: شديد الخصومة، مأخوذ من لديدي الوادي، وهما جانباه؛ لأنَّه حدثا احتجَّ عليه بحجة أخذ في جانب آخر، وأما الخصم فهوالحاذق بالخصومة، والمذموم هوالخصومة بالباطل في حمل حقٍّ، أوإثبات باطل) .

وعن أبي هريرة، رضي الله عنه عن النبي نطق: ((المراء في القرآن كفر)).

نطق المناوي: (المراد الخوض فيه بأنه محدث أوقديم، والمجادلة في الآي المتشابهة المؤدِّي ذلك إلى الجحود والفتن، وإراقة الدماء؛ فسمَّاه باسم ما يخاف عاقبته، وهوقريب من قول القاضي: أراد بالمراء التدارؤ، وهوحتى يروم تكذيب القرآن بالقرآن؛ ليدفع بعضه ببعض، فيتطرَّق إليه قدح وطعن، ومن حقِّ الناظر في القرآن حتى يجتهد في التوفيق بين الآيات، والجمع بين المختلفات ما أمكنه).

أنواع الجدال

الجدال نوعان: الأول: جدال ممدوح: الجدال لتثبيت الحق ودحض الشبهات: من أنواع الجدال الجاز الجدال لتثبيت الحق ودحض الشبهات ومنه جدال النبي لقومهِ لبيان سبيل الحق وكشف ما عندهم من الشبهات.

نطق الله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾.

وهذا النوع من الجدال أحياناًقد يكون واجباً، وأحياناقد يكون مستحبًا، فيكون واجبًا إذا أثيرت الشبهات في وجه الإسلام، وقام بعض الناس بتزييف الحقائق لطمس معالم الإسلام، أولتشويه صورته، فأقول: هنا تجب المجادلة لتبيين حقائق الإسلام، وكشف زيف خصومه، ومع ذلك فإن المجادلة والحال هكذا يجب حتى تكون بالتي هي أحسن كما أمر ربنا تبارك وتعالى، فليس فيها شيء من السب والشتم، بل ليس فيها إلا إظهار الحق وتبينه للناس.

وقد يحدث الجدال مستحباً لدعوة غير المسلمين للإسلام، وذلك ببيان ما هم عليه من سوء الديانة وفساد المعتقد، وتحريف ما بين أيديهم من الكتاب إذا كانوا أهل كتاب، مع بيان دين الله تعالى وذلك أيضاً لاقد يكون إلا بالتي هي أحسن كما أمر ربنا تبارك وتعالى.

نطق الله تعالى: ﴿ وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزلَ إِلَيْنَا وَأُنزلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ ﴾.

الثاني: الجدال المذموم: وينقسم إلى أقسام كثيرة فمنها ما كفر بالله تعالى، ومنها ما يوجب النار عياذاً بالله تعالى، ومنها ما علامة على الضلال، ومنها ما يورث العداوة ويبتر المودة، ومنها ما يولد الكبر في قلب صاحبه..

نطق الكرماني: (الجدال: هوالخصام، ومنه قبيح وحسن وأحسن؛ فما كان للفرائض فهوأحسن، وما كان للمستحبات فهوحسن، وما كان لغير ذلك فهوقبيح). ونطق ابن عثيمين: (المجادلة والمناظرة نوعان:

النوع الأول: مجادلة مماراة: يماري بذلك السفهاء، ويجاري الفهماء، ويريد حتى ينتصر قوله؛ فهذه مذمومة. النوع الثاني: مجادلة لإثبات الحق وإن كان عليه؛ فهذه محمودة مأمور بها).

أمثلة ونماذج للجدال المحمود من القرآن

  • المجادلة والمناظرة التي دارت بين إبراهيم عليه السلاموالنمرود حينما ادعى النمرود الربوبية، والتي انتصر فيها إبراهيم الخليل على عدوالله نمرود، نطق تعالى: ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)) [البقرة: 258].
  • مجادلة نوح عليه السلام قومه في دعوتهم إلى عبادة الله وحده، وعدم الإشراك به، نطق تعالى: ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُورَبِّهِمْ وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْرًا اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ)) ~[هود: 25-33].

آداب الجدال والحوار

هناك جملة من الآداب ينبغي لمن أراد الجدال حتى يتحلَّى بها، ومنها:

1- النية الصادقة في نصرة الحق، وهجر الرياء والسمعة، أوطلب الجاه والحملة. 2- الفهم السليم. 3- تقديم النقل ونصوصه على العقل وظنونه. 4- التحلي بالأخلاق الإسلامية العالية أثناء الجدال؛ من القول المهذب، واحترام الآخرين، وعدم الطعن في الأشخاص، أولمزهم والاستهزاء بهم. 5- تقديم الأهم فالأهم من الحجج، والبينات، والأدلة المفحمة للخصم، بقصد الإقناع وإظهار وجه الصواب. 6- مجانبة إطالة الكلام، وغرابة الألفاظ، أوخروجها عن صلب الموضوع. 7- عدم التعارض بين الأدلة، أوالتناقض في البينات والحجج. 8- عدم الطعن في أدلة الخصم إلا ضمن الأمور المبنية على المنهج السليم. 9- إعلان التسليم بالقضايا المتفق عليها، وقبول نتائج المناظرة. 10- الامتناع عن المجادلة إذا كانت تؤدي إلى فتنة وفساد، أوضرر يلحق بالدعوة. 11- أهمية مراعاة الظروف المحيطة بالمناظرة من حيث الأشخاص، والموضوع، والزمان، والمكان.

حُكم الجدال

الجدال تنتظم فيه الأحكام التكليفية الخمسة، فمنه ما واجب يأثم العبد بهجره، ومنه ما مستح، ومنه ما مباح، ومنه ما مكروه، ومنه ما حرام.

والمقصود من الكلام هنا الكلام عن الجدال الحرام والمكروه كما سنبينه إذا شاء الله.

قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: الْجِدَال هُوَ الْخِصَام وَمِنْهُ قَبِيح وَحُسْن وَأَحْسَن، فَمَا كَانَ لِلْفَرَائِضِ فَهُوَ أَحْسَن، وَمَا كَانَ لِلْمُسْتَحَبَّاتِ فَهُوَ حَسَن، وَمَا كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ قَبِيح.

ونطق المهلب: الجدال موضوعه في اللغة المدافعة، فمنه مكروه، ومنه حسن، فما كان منه تثبيتًا للحقائق وتثبيتًا للسنن والفرائض، فهوالحسن وما كان منه على معنى الاعتذار والمدافعات للحقائق فهوالمذموم.[4]

قَالَ الحافظ ابن حجر رحمه الله: في قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه وفاطمة رضي الله عنهما "أَلَا تُصَلُّونَ" قَالَ: وَيُؤْخَذ مِنْهُ الْإِشَارَة إِلَى مَرَاتِب الْجِدَال فَإِذَا كَانَ فِيمَا لَا بُدّ لَهُ مِنْهُ تَعَيَّنَ نَصْر الْحَقّ بِالْحَقِّ، فَإِنْ جَاوَزَ الَّذِي يُنْكِر عَلَيْهِ الْمَأْمُور نُسِبَ إِلَى التَّقْصِير، وَإِنْ كَانَ فِي مُبَاح اِكْتَفَى فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْأَمْر وَالْإِشَارَة إِلَى تَرْك الْأَوْلَى.

من أقوال الفهماء والحكماء والشعراء

- ونطق ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.png: (ولن يصيب رجل حقيقة الإيمان حتى يهجر المراء، وهويفهم أنَّه صادق، ويهجر الكذب في المزاحة).

- عن أبي ذر رضي الله عنه نطق: (من استحقاق حقيقة الإيمان هجر المراء، والمرء صادق) .

- ورُوي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنَّه نطق: (إذا أحببت أخًا فلا تماره).

- ونطق أبوالدرداء: (كفى بك إثمًا حتى لا تزال مماريًا).

- ونطق مالك بن أنس: (المراء يقسِّي القلوب، ويُورث الضغائن).

- عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.png نطق:(لا تمارِ أخاك؛ فإنَّ المراء لا تفهم حكمته، ولا تُؤمَن غائلته). - ونطق عمر بن عبد العزيز: (قد أفلح من عُصم من المراء والغضب والطمع).

- ونطق الأوزاعي: (إذا أراد الله بقوم شرًّا ألزمهم الجدل، ومنعهم العمل). - ونطق ابن أبي ليلى: (لا تمار أخاك؛ فإنَّه لا يأتي بخير). ونطق أيضًا: (لا أُماري أخي إما حتى أغضبه، وإما أكذبه)..

- ونطق بلال بن سعد: (إذا رأيت الرجل لجوجًا مماريًا معجبًا برأيه فقد تمت خسارته).

- ونطق الشافعي: (المراء في الفهم يقسي القلوب، ويورث الضغائن). - وعن الحسن: (المؤمن يداري ولا يماري، ينشر حكمة الله، فإن قُبلت حمد الله، وإن رُدَّت حمد الله). - ونطق مسلم بن يسار: (إيَّاكم والمراء، فإنها ساعة جهل العالم، وبها يبتغي الشيطان زلته).

- نطقوا: (من هجر المراء سلمت له المروءة).

- نطق لقمان: (يا بنيَّ، من لا يملك لسانه يندم، ومن يكثر المراء يشتم، ومن يصاحب صاحب السوء لا يسلم، ومن يصاحب الصالح يغنم). ونطق أيضًا: (يا بني، من قصر في الخصومة خصم، ومن بالغ فيها أثم، فقل الحق ولوعلى نفسك، فلا تبال من غضب).

-وعن يونس نطق: خط إليَّ ميمون بن مهران: (إيَّاك والخصومة والجدال في الدين، ولا تجادلنَّ عالـمًا ولا جاهلًا. أما العالم فإنَّه يخزن عنك فهمه، ولا يبالي ما صنعت، وأما الجاهل فإنه يخشن بصدرك، ولا يطيعك).

- ينطق: (لا تمارِ حكيمًا ولا سفيهًا؛ فإنَّ الحكيم يغلبك، والسفيه يؤذيك).

- نطق محمد بن الحسين: (وعند الحكماء: أنَّ المراء أكثره يغيِّر قلوب الإخوان، ويُورث التفرقة بعد الألفة، والوحشة بعد الأنس).

- ونطق مثمن بن كدام يُوصي ابنه كدامًا:


إني منحتك يا كدام نصيحتي فاسمع لقول أب عليك شفيقِ
أما المزاحة والمراء فدعهما خلقان لا أرضاهما لصديقِ
إني بلوتهما فلم أحمدهما لمجاور جارًا ولا لرفيقِ
والجهل يزري بالفتى في قومه وعروقه في الناس أي عروقِ؟!


-ونطق إسماعيل بن يسار:


فدعْ عنك المراءَ ولا تردِه لقلةِ خيرِ أسبابِ المراءِ
وأيقِنْ أنَّ مَن مارى أخاه تعرَّضَ من أخيه للِّحاءِ
ولا تبغِ الخلافَ فإنَّ فيه تفرُّقَ بَيْنِ ذاتِ الأصفياءِ
وإن أيقنتَ أنَّ الغيَّ فيما نادىك إليه إخوانُ الصفاءِ
فجاملْهم بحسنِ القولِ فيما أردتَ وقد عزمتَ على الإباءِ


- ونطق أبوالأخفش الكناني لابن له:


أبُنيَّ لا تكُ ما حييتَ مماريًا ودَعِ السفاهةَ إنها لا تنفعُ
لا تحملنَّ ضغينةً لقرابةٍ إنَّ الضغينةَ للقرابةِ تبترُ
لا تحسبنَّ الحلمَ منك مذلةً إنَّ الحليمَ هوالأعزُّ الأمنعُ


- ونطق آخر:


لا تُفنِ عمرك في الجدالِ مخاصمًا إنَّ الجدالَ يخلُّ بالأديانِ
واحذرْ مجادلةَ الرجالِ فإنها تدعوإلى الشحناءِ والشنآن
وإذا اضطررتَ إلى الجدالِ ولم تجِدْ لك مهربًا وتلاقت الصفَّانِ
فاجعلْ كتابَ الله درعًا سابغًا والشرعَ سيفَك وابدُ في الميدانِ


مراجع

  1. ^ المفردات في غريب القرآن، للراغب
  2. ^ لسان العرب، لابن منظور/ مجمل اللغة، لابن فارس
  3. التعريفات، للجرجاني
  4. ^ لسان العرب، لابن منظور/
  5. ^ التعريفات الاعتقادية، لسعد آل عبد اللطيف
  6. ^ تهذيب اللغة، للهروي
  7. ^ الفروق اللغوية، لأبي هلال العسكري
  8. ^ المصباح المنير، للفيومي
  9. ^ مناهج الجدل في القرآن الكريم، لزاهر الألمعي
  10. ^ تفسير التُّسْتُري
  11. ^ تفسير الطبري
  12. ^ تفسير القرآن العظيم، لابن أبي حاتم
  13. ^ تيسير الكريم الرحمن، للسعدي
  14. ^ عمدة القاري
  15. ^ تفسير مقاتل
  16. ^ رواه أبوداود والطبراني والبيهقي وصححه النووي، وحسنه الألباني، في سليم الترغيب
  17. ^ حاشية السندي على سنن ابن ماجة
  18. ^ رواه الترمذي، وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني
  19. ^ قوت المغتذي، للسيوطي
  20. ^ فيض القدير، للمناوي
  21. ^ رواه البخاري ومسلم
  22. ^ شرح سليم البخاري لابن بطال
  23. ^ شرح النووي على مسلم
  24. ^ رواه أبوداود وأحمد وابن حبان، وصححه النووي في التبيان،وصححه الألباني في سليم الجامع
  25. ^ فيض القدير للمناوي
  26. ^ القران الكريم
  27. ^ الجدال (تعريفه وأنواعه) نسخة محفوظة 26 يوليو2018 على مسقط واي باك مشين.
  28. ^ فتح الباري لابن حجر
  29. ^ مسقط الدرر السنية
  30. ^ الزهد، لأحمد بن حنبل
  31. الزهد، لهناد بن سري
  32. ^ رواه البخاري في الأدب المفرد، وأبوداود في الزهد
  33. ^ رواه الدارمي
  34. ^ إحياء علوم الدين، للغزالي
  35. ^ جامع الأصول، لابن الأثير
  36. ^ البداية والنهاية، لابن كثير
  37. الآداب الشرعية لابن مفلح
  38. روضة العقلاء، لابن حيان البستي
  39. أخلاق الفهماء، للآجري
  40. ^ مجمع الأمثال، للميداني
  41. ^ مكارم الأخلاق، للخرائطي
  42. ^ سنن الدارمي
  43. ^ مجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي، لأحمد قبش
  44. ^ نونية القحطاني، محمد بن صالح الأندلسي
تاريخ النشر: 2020-06-02 11:44:48
التصنيفات: مصطلحات, أخلاق إسلامية, اللغة العربية, أخلاقيات اجتماعية, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, بوابة أخلاقيات/مقالات متعلقة, بوابة لسانيات/مقالات متعلقة, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, بوابة اللغة/مقالات متعلقة, بوابة أدب/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مقتل 37 شخصا في أعمال عنف بإقليم «أبيي» - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-02-06 03:25:24
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 50%

دار الإفتاء تستطلع هلال شهر شعبان السبت.. وفلكياً يبدأ 11 فبراير

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-06 03:22:38
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 35%

تعرف على طرق الوقاية من تسرب الغاز داخل العقارات

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-06 03:22:46
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 44%

وسائل إعلام يمنية: قصف جوي أمريكي وبريطاني على شرق مدينة صعدة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-06 03:08:28
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 100%

ترتيب هدافى الدورى الإنجليزى.. عقدة هالاند تحفظ لـ محمد صلاح الصدارة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-06 03:22:53
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 37%

215 ألف حاوية في ميناء الملك عبدالعزيز السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-02-06 03:25:30
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

البرلمان السنغالي يرجئ الانتخابات الرئاسية إلى نهاية العام

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-06 03:08:22
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 88%

إجازات الموظفين مدفوعة الأجر.. تعرف على حقوقك وفقا لقانون العمل

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-06 03:22:33
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 39%

مصرع شخص بعد تعرضه لهجوم 4 كلاب في شيكاغو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-06 03:22:43
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 42%

موعد مباراة الأهلي وشباب بلوزداد الجزائرى فى دورى أبطال أفريقيا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-06 03:22:50
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 35%

تراجع الذهب بعد تقارير عن أسعار الفائدة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-02-06 03:25:32
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 54%

احتفالات واسعة فى الليلة الختامية لمولد السيدة زينب.. اليوم

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-02-06 03:22:35
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 36%

تحميل تطبيق المنصة العربية