مصطفى الخميني
نشأته
ولد الشهيد آية الله الحاج السيد مصطفى الخميني (رض) في مدينة قم المقدسة يوم 12 رجب 1349هــ، وترعرع في حضن والده الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه، فحظي منه بالرعاية والتربية الصالحة، فكان نعم الابن لنعم الأب.
دراسته
ابتدأ الشهيد دراسته في المدارس العصرية الحديثة، ولكن لشغفه الشديد بالدراسة في الحوزة الفهمية في قم المقدسة، التحق بعد خمس سنوات فقط من بداية الفترة الابتدائية بمسلك الفهم والعطاء، أي إذا عمره لم يتجاوز حينها اثني عشر عاماً. ونظراً لنبوغه وذكائه الشديدين أنهى الشهيد مرحلتي المقدمات والسطوح في مدة تقلّ عن تسع سنوات، وكان من أساتذته في فترة السطوح آية الله السيد الطاهري وآية الله الشيخ السلطاني وآية الله الشيخ محمد جواد الأصفهاني وآية الله الشيخ الصدوقي.
وعندما بلغ الواحد والعشرين من عمره (أي في العام 1330هــ.ش) شرع بحضور درس الخارج، فحضر الفقه عند آية الله السيد البروجردي والإمام الخميني، وحضر أصول الفقه عند الإمام الخميني وآية الله السيد الداماد، وفي النجف الأشرف كان يحضر الفقه عند الإمام الخميني، واستمر على ذلك حتى وفاته. ويقر تلاميذ الإمام حتى معظم الإشكالات الفهمية في الدرس كانت توجه من قبله، وكانت عمدة دراسة الشهيد في فترة درس الخارج ومعظم استفادته الفهمية تمت على يد والده الإمام الخميني (رض).
لم يتجاوز الشهيد سن الثلاثين حتى بلغ مرتبة الاجتهاد، وقد نقل عن الشهيد أنه نطق: "لم أقلّد في عمري إلا لفترة قصيرة، فقد استغنيت عن تقليد الآخرين بسرعة". وكان الشهيد ولمدة تسع سنوات يلقي دروساً في درس الخارج في النجف الأشرف في مجال أصول الفقه، وقد تربى على يده جمع من الفضلاء.
بالإضافة إلى اجتهاد الشهيد في فهم المنقول، فقد كانت له اليد الطولى في فهم المعقول (الفلسفة والكلام)، وقد جاء تفهم الأسفار عند العلامة أبوالحسن الرفيعي القزويني والعلامة السيد الطباطبائي. ويكفي في المقام حتى يُفهم أنه قام بتدريس كتاب منظومة الحكمة للسبزائريي فور الانتهاء من دراستها، وأنه كان يفهم الأسفار أثناء تواجده في مدينة قم المقدسة.
اشتهر الشهيد بذكائه الخارق وذاكرته القوية وتضلّعه في مختلف العلوم، فبالإضافة إلى الفقه والأصول والفلسفة كان له تعمّق وتبحّر في التفسير والتاريخ وفهم الرجال، ويوعز أحد أقرب زملاء الشهيد منذ دخوله المدرسة الابتدائية آية الله الشيخ محمد فاضل اللنكراني العلّة في اجتهاد الشهيد وتضلعه في مختلف العلوم إلى نقطتين:
1 ــ الاستعداد والقابلية الخاصة التي امتلكها الشهيد، بحيث كان يستوعب عمق المسائل بلفتة سريعة، وكان يتمكن بتلك القابلية من فهم صحة المطلب وسقمه بسرعة، هذه الصفة التي ورثها عن أبيه. ويمكن القول أنه قلّما عثر له نظير من أقرانه في هذه الخصلة.
2 ــ السعي والجد والهمة العالية، بحيث كان يقضي ساعات متواصلة ومن دون ملل ويأس وبشوق ملح في البحث والغور في المسائل الفهمية.
مؤلفاته
خلّف الشهيد خطاً كثيرةً في مختلف المجالات الفهمية، والمطبوع منها حالياً: أربع مجلدات في تفسير القرآن، مجلد واحد في أصول الفقه، مجلد واحد في الصوم. أما غير المطبوعة فكثيرة منها: دورة في الفلسفة القديمة، حاشية على بعض أجزاء الأسفار بالأخص الطبيعيات، حاشية على شرح الهداية والمبدأ والمعاد لصدر المتألهين، حواشي على وسيلة النجاة للسيد أبي الحسن الاصفهاني والعروة الوثقى للسيد محمد كاظم اليزدي، كتاب النكاح، كتاب الصلاة (غير تام)، دورة كاملة في البيع في عشر مجلدات، حاشية على خاتمة المستدرك للشيخ النوري، دورة في الأصول من أوله وحتى مبحث الاستصحاب التعليقي، دورة غير كاملة في الفقه.
جدير بالذكر حتى هذه الخط قد خطها الشهيد في مدينة قم المقدسة، وتم مصادرة معظمها من قبل عملاء السافاك أثناء الهجوم على بيت الإمام الخميني (رض) في مدينة قم المقدسة ضمن ثلاثة آلاف كتاب خطي منها ما كان بقلم الإمام الخميني (رض).
وأثناء تواجد الشهيد في هجريا خط مجلدين في قاعدة "لا تعاد" و420 صفحة في المكاسب المحرمة بالرغم من عدم توفر المصادر الأصلية عنده، مما يكشف عن مدى تضلعه وذاكرته القوية. أما في النجف الأشرف فقد ألّف خطاً متعددة في الفقه والأصول والفلسفة والتفسير.
استشهاد في مدينة النجف الاشراف . مسموم الطبيب الذي عاين الشهيد في مستشفى الكوفة أكد حتى الشهيد قد سُمّ، وإذا أذن أهله فسوف يجري تشريح جثمانه لتثبت هذه الحقيقة، ولكن هذا الطلب وُوجه برفض الإمام الخميني (رض)، وبعد ما فهمت السلطات العراقية بهذا التصريح اعتقلت الطبيب لمدة يوم تام ثم أطلقت سراحه، ومنذ ذلك الحين امتنع الطبيب عن الحديث في مسألة تسمم الشهيد، وهذا بحد ذاته يؤكد حتى عملية اغتيال الشهيد كانت مؤامرة وتواطئاً من النظامين الإيراني والعراقي للتخلص من الشهيد بهدف توجيه ضربة معنوية للإمام والقضاء على إنسان سيكون لهم خمينياً ثانياً في المستقبل وإيجاد الخوف والرعب في صفوف المعارضين.
المصدر مسقط دار الولاية للثقافة والاعلام
