عبد البهاء عباس

عودة للموسوعة

عبد البهاء عباس

عين بهاء الله (مؤسس الدين البهائي) في وصيته ابنه الارشد عباس أفندي (1844 – 1921) لكي يليه في تدبير أمور الجامعة البهائية وليكون مركزا لعهده وميثاقه والمفسر الوحيد لتعاليمه وكتاباته وأحكامه. وأوصى اتباعه ان يسألوه في ما استصعب عليهم من الامور. وأتخذ عباس أفندي لنفسه لقب عبد البهاء وصار يعهد به بعد وفاة والده.

ولد عباس أفندي (عبد البهاء) في مدينة طهران في 23 مايو1844، في نفس الليلة التي اعلن فيها الباب دعوته. ومنذ سن التاسعة، شارك عبد البهاء والده في جميع سنين حبسه ونفيه واستمر سجنه حتى بعد وفاة والده إلى سنة 1908 حين اطلق سراحه بعد سقوط حكم السلطان العثماني في ثورة هجريا الفتاة. كان عبد البهاء قد بلغ سن الشيخوخة حين اطلق صراحه فقرر ان يستمر بالعيش في فلسطين التي ضمت رفاة والده والتي عاش بين اهلها معظم حياته.

أمضى عبد البهاء باقي سنوات عمره في السفر والكتابة والمراسلة وفي توضيح وترويج تعاليم بهاء الله وتوجيه مسيرة الجالية البهائية التي بدأت بالانتشار في مناطق مختلفة من العالم. وكان من ضمن سفراته زيارة الكثير من دول الشرق الاوسط واوروبا وامريكا الشمالية قبيل الحرب العالمية الأولى. ويمكن مراجعة مضمون بعض الخطب التي القاها عبد البهاء خلال هذه الرحلات والكثير من كتاباته الاخرى بالرجوع إلى مخطة المراجع البهائية.


رأي المفكرين العرب

خطت عدة منطقات في جرائد ومجلات عربية مختلفة في الشرق الأوسط معبرة عن رأي بعض المفكرين العرب الذين قابلوا عباس أفندي "عبد البهاء" به. وهذه على سبيل المثال مقتطفات من بعض ما خطه هؤلاء الادباء العرب.

خط الأمير شكيب ارسلان، المحرر والأديب المعروف، عن الأستاذ الإمام محمد عبده، وهوفقيهًا ومصلحا اجتماعيا من أكابر فهماء مصر وسورية والذي اصبح فيما بعد مفتي الديار المصرية, فصلاً تحت عنوان "نبذة ثانية من سيرته في بيروت". وتضمن هذا الفصل الوصف التالي لعلاقة ألإمام محمد عبده بعباس أفندي: "لم يكن يطرأ على بيروت أحد من معارفه أومن الأعيان المشهورين إلا وقام بسنّة السلام عليه وقد يُجله ويحتفي به ولوكان مخالفًا له في العقيدة ولم أجده احتفل بأحد أكثر من احتفاله بعباس أفندي ألبها وكان يكرم في عباس أفندي الفهم والفضل والنبل والأخلاق العالية وكان عباس أفندي يقابله بالمثل...".1 وكان عباس افندي قد اجتمع بالشيخ محمد عبده خلال أحدى زياراته إلى بيروت, والأرجح أنها كانت في سنة 1883.

وادلى محمد رشيد رضا، صاحب مجلة المنار الشهيرة، بما قيل في سياق حديثه مع الشيخ محمد عبده عن البهائية قائلا: "ثم سألته عن عباس أفندي وقلت أسمع انه بارع في الفهم والسياسة وأنه عاقل يرضي جميع مجالس. نطق: "نعم إذا عباس أفندي فوق هذا، انه رجل كبير، هوالرجل الذي يصح إطلاق هذا اللقب ( كبير ) عليه."2

وخط العالم الأزهري الشهير الشيخ علي المؤيد صاحب جريدة المؤيد الواسعة الانتشار بعد لقاءته لعباس أفندي ورجوعه إلى القاهرة بوقت وجيز منطقاً نُشر في "المؤيد" في يوم الأحد، 16 أكتوبر 1910 وعنوانه " الميرزا عباس أفندي ". ونطق الشيخ علي المؤيد في منطقه: "وصل إلى الاسكندرية ... ميرزا عباس أفندي كبير البهائية في عكا بل مرجعها في العالم أجمع ... وهوشيخ عالم وقور متضلع في العلوم الشرعية ومحيط بتاريخ الاسلام وتقلباته ومذاهبه... واتباعه يحترمونه إلى حد العبادة والتقديس ... وكل من جلس إليه يرى رجلاً عظيم الاطلاع حلوالحديث جذابًا للنفوس والارواح يميل بكليته إلى ممضى " وحدة الانسان" وهوممضى في السياسة يقابل ممضى " وحدة الوجود" في الاعتقاد الديني، تدور تعاليمه وارشاداته حول محور ازالة فروق التعصب للدين أوللجنس أوللوطن اولمرفق من مرافق الحياة الدنيوية".

وخط [عبد المسيح الانطاكي] صاحب مجلة العمران، المطبوعة في القاهرة, منطقة طويلة نشرت في تلك المجلة بشهر حزيران 1922، تحت عنوان "عباس افندي عبد البهاء" يصفه فيها قائلا: "يتدفق البشر والحنان من أساريره وتلوح الشهامة والنبل على سيماه، بحيث يشعر جميع من قابله بهيبة عظيمة وجلال باهر مع شدة الذكاء وتوقد الخاطر وحدة الفؤاد – ظاهرة مشرقة من مرآه ومن حدثاته وحركاته وقواه العقلية ومزاياه الادراكية وهبية، عظيم الإخلاص، نقي الضمير ابتسامته تسحر اللب ويجذب اليه القلوب يمشي بخطى واسعة ... وبالاختصار فقد كان قويًا مقتدرًا متأنيًا في عمله لطيفًا في معشره لينًا في خطابه كانه والد حنون في وسط أولاده . حركاته ولقاءاته وقيامه وجلوسه هي مظاهر القوة والشهامة والحرية والاقتدار فصيح اللسان عذب البيان مطيل الصمت والتفكير في مواضعه."

وما لا ريب فيه حتى أبلغ ما خط في العربية عن عبد البهاء كان بقلم الامير شكيب أوفدان نفسه, حيث خط قائلا : " وكان ( عبد البهاء ) آية من آيات الله بما جمع الله فيه معاني النبالة ومنازع الاصالة والمناقب الكثيرة التي قلّ حتى ينال مناله أويبلغ فيها كماله من كرم عريض وخلق سجيح وشغف بالخير وولوع باسداء المعروف واغاثة الملهوف وتعاهد المساكين بالرفد دون ملل وقضاء حاجات القاصدين دون برم، هذا مع علوالنفس، وشغوف الطبع، ومضاء الهمة ونفاذ العزيمة وسرعة الخاطر وسداد المنطق وسعة الفهم ووفور الحكمة، وبلاغة وفصوالعبارة، ...استولى من المعقول على الأمد الأقصى، وأصبح في الالهيات المثل الأعلى، وبلغ من قوة الحجة واصالة الرأي، وبُعد النظر، الغاية التي تفنى دونها المنى حتى لونطق الانسان انه كان أعجوبة عصره ونادرة دهره، لما كان مُبالغًا ولوحكم أنه كان من الافذاذ الذين قلما يلدهم الدهر الا في الحقب الطوال، لكان قوله سائغًا... وكان عباس أفندي ... ذا وقار في رسوخ الجبال ومهابة يقف عندها الرئبال، وحشمة لا ترى الا في الملوك اوفي صناديد الرجال، ومع هذا كله كانت مجالس حكمته مطرزة باللطائف، ومحاضر جدّه مهلهلة بالرقائق، وكانت رسائله على كثرتها تتلى وتؤثر، وتحفظ حفظ النفائس في الخزائن وتدخر، ... وكانت له مع العاجز مراسلات متصلة باتصال حبل المودة، وعمران جانب الصداقة، ومرارًا قصدت عكا ولا غرض لي فيها سوى الاستمتاع بأدبه الغض والاغتراف من فهمه الجم".3


وفاة عبد البهاء

توفى عبد البهاء عباس الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف ليلة الاثنين الموافق 28 تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1921 في مدينة حيفا في فلسطين. ودفن على سفح جبل الكرمل في احدى غرف مقام الباب.

أعربت الأسرة البهائية نبأ وفاة عبد البهاء صباح الاثنين 28 تشرين الثاني، وبعد ظهر نفس اليوم، أذاعت الجمعية الإسلامية في حيفا نشرة ثانية نصها: " إنّا لله وإنّا اليه راجعون. الجمعية الإسلامية تنعي بمزيد الأسف وفاة العلامة المفضال والمحسن الكبير عبد البهاء عباس. وسيحتفل بجنازته الساعة التاسعة من صباح غد الثلاثاء فالراتى اعتبار هذه كدعوة خاصة للاحتفال بجنازة الفقيد، تغمده الله برحمته ورضوانه، وألهم آله وذويه الصبر الجميل."

يصف الأستاذ سليم قبعين ، المحرر والمترجم الفلسطيني، في كتابه عبد البهاء والبهائيّة الذي نشرته مطبعة العمران في مصر عام 1922 الأحداث التي واكبت وفاة عبد البهاء في فصلين بعنوان انتنطق عبد البهاء عباس ويوم الأربعين لانتنطق عبد البهاء عباس. ويقدم الأستاذ قبعين وصفا مفصلا للجنازة التي أقيمت له الساعة التاسعة من صباح يوم الثلاثاء الموافق 29 تشرين الثاني سنة 1921. ويتضمن كتابه المراسيم والخطب والقصائد التي ألقيت من قبل أعيان القوم خلال الجنازة ويوم الأربعين لوفاة عبد البهاء والتي تشيد بصفات الفقيد ومحامده. ويؤكد قبعين ذلك حيث يقول بأنه "انبرى في مجال التأبين من فطاحل الأدب، وفحول البلاغة ومالكي أعنة النظم والنثر وأعلام الفصاحة والبيان، الخطباء الذين لم يذروا قولاً من بعدهم لقائل، وان كانت صفات الفقيد ينتهي دون وصفها وتقديرها أروع ما تنجب البلاغة وأعز ما تلد الفصاحة."4

إن الوصف المفصل المدرج من قبل الأستاذ قبعين الذي كان شاهد عيان لأحداث الجنازة ويوم الأربعين يختلف عما تدّعيه بعض الخط والمصادر المعارضة للبهائية بأنه لم يمشي في جنازة عبد البهاء سوى اليهود. فقبعين يؤكد أنه بالإضافة إلى مشاركة عائلة وأتباع الفقيد، شارك في تشيع الجثمان "جماهير من علية القوم والوجوه والأعيان على اختلاف النحل والمذاهب والملل" والمندوبين الرسمين وقناصل الدول والرؤساء الروحيون للطوائف الإسلامية والمسيحية واليهودية وجمع من رجال الشرطة والكشافة الإسلامية والمسيحية ومشايخ الطرق الإسلامية و"جمهور لا يحصى له عدد".5

ويصف الأستاذ قبعين مشاعر الحشد الذي واكب الجنازة قائلا: "اذ كنت لا ترى ساعتئذ سوى وجوه شاحبة اضطربت من دونها لفرط أسى المشاعر. فتنوعت ألوانها وجف ماء نضارتها". 6

ملف:AB Funeral.jpg
تشييع جثمان عبد البهاء. (أضغط هنا للصورة المكبرة)

بالإضافة لوصف الجنازة عبّر قبعين قي كتابه عن رأيه الخاص بعبد البهاء قائلا: "أن نفس عبد البهاء عباس أفندي قدّر لها قديمًا حتى تُشيّع إلى عليين، محمولة على الأرواح محوطة بالأفئدة لمكان صاحبها من قلوب جميع البشر في كلتا القارتين القديمة والحديثة." وأضاف واصفا أخلاق عبد البهاء بقوله: وا أسفاه، قد هجر الفضيلة الحقّة بعده تندب حظها وان كان لم يضنّ عليها في حياته بأن جعل لها عمادًا لا يُبلى، وأنشأ لها بعمله وجهاده وإخلاصه مملكة رفيعة الجانب ..."7

ولقد ذكر جميل البحري، صاحب المخطة الوطنية ومجلة زهرة الجميل في كتابه "عبد البهاء عباس والديانة البهائية" الذي نشر في حيفا بتاريخ 30 تشرين الثاني 1921م، قبل تأريخ نشر كتاب الاستاذ قبعين"، تفاصيلا تطابق ما ادلى به سليم قبعين في كتاباته عن وفاة عبد البهاء وجنازته بالاضافة إلى نبذة عن تأريخ البهائية وملخص تعاليمها.8

المراجع

1. تاريخ الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده، تأليف محمد رشيد رضا-القاهرة 1931 ص 407

2. المصدر ذاته، ص 931

3. حاضر العالم الإنساني، تأليف لوثروب ستودراد ( الترجمة العربية ) المجلد الرابع، القاهرة 1352 هجرية ص 358-359 . وأيضا المجلد الثاني، القاهرة 1351 هجرية

4-7. ، تأليف الاستاذ سليم قبعين، مطبعة العمران، مصر، 1922، صفحة 141 – 179

8. . تأليف جميل البحري (صاحب المخطة الوطنية ومجلة زهرة الجميل) - المخطة الوطنية - حيفا - 30 تشرين الثاني 1921م.

تاريخ النشر: 2020-06-04 04:00:00
التصنيفات: صفحات تحوي وصلات ملفات معطوبة, بهائية, وفيات 1921

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الطرق: 27% ارتفاع حوادث الوفيات قبل أذان المغرب خلال رمضان السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-03-13 21:27:41
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 51%

حمدالله مهدد بعقوبات آسيوية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-03-13 21:27:35
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 50%

كلاسيكو سادس السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-03-13 21:27:37
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 60%

بدء التقديم على برنامج التوظيف الموسمي الرابع لموسم الحج السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-03-13 21:27:42
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 63%

الوداد يتوصل لاتفاق نهائي مع فوزي البنزرتي لفسخ عقده بالتراضي

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-03-14 00:06:52
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 62%

دوري أبطال أوروبا: دورتموند يفوز على أيندهوفن 2-0 ويبلغ ربع النهائي

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-14 00:07:28
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 89%

أخوماش بعد استدعائه لأول مرة في قائمة المنتخب المغربي: "الحمد لله"

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-03-14 00:06:51
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 65%

السفينة "أوشن فايكينغ" تنقذ 25 مهاجرا قبالة سواحل ليبيا

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-14 00:07:29
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 93%

اعتقال المهاجم الهولندي بروميس في دبي بتهمة تهريب الكوكايين

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-14 00:07:32
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 98%

الدواجن تتصدر الهدر السنوي للحوم بالمملكة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-03-13 21:27:39
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 65%

ارتفاع التضخم في روسيا في شباط/فبراير إلى 7,7% على أساس سنوي

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-14 00:07:31
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 88%

الموت ينهي قصة صاحب الرئة الحديدية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-03-13 21:27:43
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 56%

زعيم الجنوب يتحدى الفرسان والليث في مهة الحزم السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-03-13 21:27:36
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 65%

فيفا يوافق على تمثيل محمود داهود للمنتخب السوري

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-14 00:07:30
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 94%

ندوة للتوعية بلقاحات موسم الحج السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-03-13 21:27:38
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 66%

تحميل تطبيق المنصة العربية