ابن سيرين
ابن سيرين: هوأبوبكر محمد بن سيرين البصري التابعي الكبير، والإمام القدير في التفسير، والحديث، والفقه، وتعبير الرؤيا، والمقدم في الزهد والورع وبر الوالدين، توفي 110 للهجرة بعد الحسن البصري بمائة يوم، وكان عمره نيفاً وثمانين سنة.
كان ابن سيرين قصيراً، عظيم البطن، به صمم، كثير الضحك والمزاح، عالماً بالحساب، والفرائض، والقضاء، ذا وفرة، يفرق شَعْره ويخضب بالحناء، يصوم يوماً ويفطر يوماً.
وقد اشتهر ابن سيرين بتعبير الرؤى والأحلام بما شكل مدرسة في فهم تفسير الاحلام، وهوفهم من العلوم الشرعية والفراسات الربانية، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفهم الخلق بعد يوسف عليه السلام بتعبير الرؤى وتأويلها، وقد شرع لأمته أسس وقواعد التعبير، فنطق صلى الله عليه وآله وسلم:
1. "إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب".
2. "أصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً".
3. "رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة".
4. "رؤيا الأنبياء حق".
5. "اللبن فطرة، والقيد ثبات في الدين، والغرق نار، لقوله تعالى: "أغرقوا فأدخلوا ناراً"1.
6. "من رآني – في المنام - فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي"، هذا إذا رآه على صورته التي كان عليها ولم يخرم منها صفة من صفاته.
من أبرز مؤلفات ابن سيرين كتاب تفسير الأحلام. كان ابن سيرين من أئمة التعبير.
نطق المضىي رحمه الله: (قد اتى عن ابن سيرين في التعبير عجائب يطول ذكرها، وكان له في ذلك تأييد إلهي).4
ليس جميع ما نسب إلى ابن سيرين يصح عنه، ومن جملة ذلك المؤلف المنسوب إليه في ذلك.
نطق هشام بن حسان: كان ابن سيرين يسأل عن مائة رؤيا، فلا يجيب فيها بشيء، إلا أنه يقول: اتق الله وأحسن في اليقظة، فإنه لا يضرك ما رأيت في النوم؛ وكان يجيب في خلال ذلك، ويقول: إنما أجيب بالظن، والظن يخطئ ويصيب.
قيل لابن سيرين: إنك تستقبل الرجل بما يكره؛ نطق: إنه فهم أكره كتمانه).5
1. نطق رجل لابن سيرين: رأيتُ كأني آكل خبيصاً6 في الصلاة؛ نطق: الخبيص حلال طيِّب، ولا يحل الأكل في الصلاة، أنت رجل تقبل امرأتك وأنت صائم؛ نطق: نعم؛ نطق: فلا تعد.
2. ونطق ابن سيرين في جنازة يتبعها الناس: هذا قائد له أتباع.
3. نطق رجل لابن سيرين: رأيتُ في المنام كأن قرداً يأكل معي على مائدة؛ فنطق: هذا غلام أمرد اتخذه بعض نسائك.
4. نطق رجل لابن سيرين: رأيتُ في المنام كأني أطير بين السماء والأرض؛ فنطق: أراك تكثر الأماني.
5. نطق رجل لابن سيرين: رأيت في المنام كأن لحيتي بلغت سرتي، وأنا أنظر إليها؛ فنطق: أنت رجل مؤذن تنظر في دور الجيران.
6. سئل ابن سيرين عن الفيل في النوم؛ فنطق: أمر جسيم قليل المنفعة.
7. كان ابن سيرين يستحب الزيت في النوم، ويقول: هوبركة كله، إذا أكلته، أوأدخلته بيتك، أوشربته، أوادهنت به، أوتلطخت به، لأنه شجرة مباركة.
8. كان ابن سيرين يقول: الماء في النوم فتنة، وبلاء في الدين، وأمر شديد، لأن الله تعالى يقول: "إن الله مبتليكم بنهر"7، ونطق: "ماء غدقاً لنفتنهم فيه"8.
ونطق ابن سيرين: ومن عَبَر نهراً بتر بلاء وفتنة ومشقة، ونجا من ذلك.
9. أتى رجل ابن سيرين، فنطق له: خطبتُ امرأة فرأيتها في المنام؛ فنطق له ابن سيرين: كيف من الممكن أن رأيتها،يا ترى؟ نطق: رأيتها سوداء قصيرة، مكسورة الفم؛ فنطق ابن سيرين: أما الذي رأيت من سوادها فإنها امرأة لها مال، وأما ما رأيت من كسر فمها فإنها امرأة فظيعة اللسان، وأما ما رأيت من قصرها، فإنها امرأة قصيرة العمر، فتوشك حتى تموت عاجلاً؛ فمضى فتزوجها.
10. وكان ابن سيرين يعبر الرجل إذا رأى أنه حل إزاره، أوانحل، نطق: هذا رجل يرزق امرأة.
11. وكان ابن سيرين لا يعبر الخاتم في المنام إلا امرأة يستفيدها، وكذلك كان هشام بن حسان9 لا يعبر الفص في الخاتم، إلا أنه يقول: امرأة فيها قسوة.
12. نطق معمر: اتى رجل إلى ابن سيرين فنطق: رأيتُ كأن حمامة التقمت لؤلؤة فخرجت منها أعظم ما كانت، ورأيت حمامة أخرى التقمت لؤلؤة فخرجت أصغر مما دخلت، ورأيت أخرى التقمت لؤلؤة فخرجت كما دخلت؛ فنطق ابن سيرين: أما الأولى فذلك الحسن، يسمع الحديث فيجوده بمنطقه، ويصل فيه من مواعظه، وأما التي صغرت فأنا أسمع الحديث فأسقط منه، وأما التي خرجت كما دخلت فقتادة، فهوأحفظ الناس.
13. روى ابن المبارك عن عبد الله بن مسلم المروزي نطق: كنت أجالس ابن سيرين، فهجرته وجالست الإباضية10، فرأيت كأني مع قوم يحملون جنازة النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيتُ ابن سيرين فذكرته له؛ فنطق: مالك جالستَ أقواماً يريدون حتى يدفنوا ما اتى به النبي صلى الله عليه وسلم.
14. وعن هشام بن حسان نطق: قصَّ رجل على ابن سيرين فنطق: رأيتُ كأن بيدي قدحاً من زجاج فيه ماء، فانكسر القدح وبقي الماء، فنطق له: اتق الله فإنك لم تر شيئاً؛ فنطق: سبحان الله؛ نطق ابن سيرين: فمن كذب فما عليَّ، ستلد امرأتك وتموت، ويبقى ولدها؛ فلما خرج الرجل نطق: والله ما رأيتُ شيئاً؛ فما لبث حتى ولد له، وماتت امرأته.
15. ونطق رجل لابن سيرين: كأني وجارية سوداء نأكل في قصعة سمكة؛ فنطق: أتهيئ لي طعاماً وتدعوني،يا ترى؟ نطق: نعم؛ فعمل، فلما وضعت المائدة فإذا جارية سوداء، فنطق له ابن سيرين: هل أصبت هذه،يا ترى؟ نطق: لا؛ نطق: فادخل بها المخدع؛ فدخل وصاح: يا أبابكر، رجل والله؛ فنطق: هذا الذي شاركك في أهلك.
16. سأل رجل ابن سيرين فنطق: رأيت كأن الجوزاء تقدمت الثريا؛ نطق: هذا الحسن يموت قبلي ثم أتبعه، وهوأحمل مني.
