تاريخ نادي الزمالك

عودة للموسوعة

تاريخ نادي الزمالك

اولا: تأسيس النادي

ليست الكرة وبطولاتها ولا الفوزات أوالأهداف والنجوم أجمل ما في الزمالك إنما الأجمل هوتاريخه حكايته ومشواره طوال تسعين سنة حروبه من أجل الكرة المصرية ومن أجل حق المصريين في ممارستها دون خوف وحقهم في إدارتها بأنفسهم بعيدا عن جميع الغرباء والخواجات والأجانب وقد كان تمصير الكرة المصرية هوأغلي وأجمل وأهم بطولة حققها الزمالك

لهذا .. لا يزال هذا النادي الكبير يستحق منا ما أبرز وأكثر من مجرد رصد لبطولات أواسماء وأهداف .. لا يزال الزمالك يستحق رد اعتباره بعد سنوات طويلة مضت تخيل اثناءها الجميع جيلا وراء جيل حتى الزمالك إذا لم يكن في الأصل ناديا للخواجات فهوعلي الأقل لم يقم بأي دور وطني مثل النادي الأهلي كذبة تحولت مع الوقت إلي واقع وبدت كأنها حقيقة ..

وإن كنا علي استعداد حتى نفهم حتى تسليم هذه الكذبة ورد الاعتبار التاريخي والوطني لنادي الزمالك لم يشغل أيا من المهتمين بالتأريخ للكرة المصرية ومشوارها وحكاياتها .. فإن ما يصعب فهمه أوقبوله هوهذا الصمت الغريب والطويل الذي التزم به عشاق الزمالك وأنصاره وعشاقه من كتاب ومفكرين ومؤرخين .. كأنهم جميعا خافوا حتى يفتحوا هذا الموضوع فاكتفوا بالزمالك كفريق للكرة وبقية اللعبات الأخري .. وقرروا تجاهل ناديهم كمؤسسة لها دورها وتاريخها ومكانتها فوق أرض هذا الوطن .. أوكأن كثيرين منهم وجدوا حتى تسليم حقيقة وتاريخ الزمالك أمر فوق طاقتهم وجهدهم واحتمالهم ..

وقد آن أوان تسليم ذلك كله آن أوان حتى نرد للزمالك اعتباره وحقه الضائع .. آن أوان حتى نعهد وأن نثق بأن هناك ما ينبغي حتى ينطق عن الزمالك أبرز من من حكاية المدرسة واللعب والفن والهندسة .. ومن النادي قاهر الفرق الأجنبية .. بل وأهم حتي من تاريخ التأسيس وحكاياته الأولي ..


فحتي الآن .. كثيرون لا يعهدون الدور التاريخي الذي لعبه الزمالك لتمصير الكرة والرياضة المصرية

فريق نادي المختلط عام 1914 .. بدأ هذا الدور سنة 1914 كانت الحرب العالمية الأولي لا تزال في بداياتها .. الكرة المصرية ـ والرياضة المصرية كلها ـ كانت لا تزال في سنواتها الأولي .. يسيطر عليها ويديرها اتحاد مختلط يحكمه خواجات وغرباء لا يسمحون بوجود أي مصري بينهم .. والزمالك في ذلك الوقت لم يكن سوي ناد صغير تأسس منذ ثلاث سنوات فقط وليس فيه أوينتمي اليه إلا عدد قليل جدا من المصريين

في ذلك الوقت كان هناك لاعب مصري عظيم اسمه حسين حجازي قد أسس فرقة كروية خاصة به وبدأت هذه الفرقة تلاعب القوات البريطانية ولم يعد ممكنا حتى يستمر لاعبوفريق مصر ـ أوفريق حجازي ـ دون حتىقد يكون لهم ناد خاص بهم يجمعهم ويمنحهم كيانا وصفة رسمية .. فكان نادي الزمالك ـ أوالمختلط وقتها ـ هوالذي فتح أبوابه أمام هؤلاء المصريين المتحمسين ..

وبالعمل انتقل هؤلاء الشباب للزمالك وكانت خطوة شجعت اقبال كثير من المصريين للانضمام لهذا النادي الجديد والانتماء اليه وتشجيعه .. وكان التحاق هؤلاء اللاعبين بالزمالك خطوة مهمة وضرورية جدا علي طريق تمصير الرياضة المصرية .. وسرعان ما اكتسب الزمالك انصارا له ولتمصير الكرة المصرية قدموا من جميع مكان .. منهم الضابط حسن فهمي إسماعيل وموظف التلغرافات عبده الجبلاوي والفلاح محمود محمد بسيوني وموظف التنظيم نيقولا عرقجي وموظف وزارة الأشغال إبراهيم عثمان نجل المطرب الشهير وقتها محمد عثمان ومحمود مرعي وأمين جبريل وعائلة سوكي وعائلة إسماعيل باشا حافظ وكثيرون غيرهم


هؤلاء كانوا بداية الزمالك وفي سنة 1916 .. بدأت فكرة الكأس السلطانية كمسابقة للأندية المصرية وأندية أسلحة قوات الحلفاء .. ورفض الأهلي الفكرة لأنه لا يود اللعب مع أندية الحلفاء ليبقي الزمالك وحده .. وفي العام الثاني للمسابقة كان الأهلي قد اقتنع بضرورة المشاركة كخطوة جديدة للمقاومة والتحدي واثبات وجود للمصريين.. ثم بدأ الناديان ـ الأهلي والزمالك ـ لا يتفقان فقط علي مقاومة الأجانب ..

وإنما اتفقا علي التنافس بينهما أيضا .. فتم الاتفاق علي اقامة مباراتين .. الأولي علي أرض الزمالك يومتسعة فبراير عام 1917 وفاز فيها الأهلي علي الزمالك 1/صفر .. والثانية علي أرض الأهلي يوم 2 مارس 1917 وفاز فيها الزمالك 1/صفر

في نفس تلك السنة 1917 بدأ المصريون معركتهم الفاصلة لتحرير نادي الزمالك من سيطرة الأجانب .. اجتمع المصريون وقرروا حتى الزمالك أصبح في حاجة لمراجعة أحواله وأوضاعه استنادا إلي اثنتي عشرة نقطة منها حتى أرض النادي ملك للحكومة المصرية وأن مدة الإيجار انتهت ولم يجددها أحد وأن مجلس إدارة النادي لم يجتمع منذ مدة طويلة والجمعية العمومية للنادي أيضا لم تجتمع منذ سنتين .. وأن أعضاء مجلس الإدارة كلهم من الأجانب .. ولا توجد سجلات للنادي إلا في مخط السكرتير العام البلجيكي مسيوشودواه مدير شركة بولاك .. وأن النادي ليس له حسابات ولا أرصدة في البنوك .. وليس هناك أي سجل للأعضاء .. والنادي ليس فيه إلا ملعب للكرة وملاعب للتنس وغرفة صغيرة للملابس وعفشة مياه .. وأسوار النادي قديمة ومحاطة بلوحات اعلانية تملكها شركة اعلانات .. وليس هناك قانون مطبوع للنادي بهذه النقاط ..

بدأت المعركة لم تكن معركة تمصير الزمالك ولكنها كانت الرهان علي تمصير الكرة في مصر كلها

وبدأت المعركة بعقد جمعية عمومية للنادي بشارع الشواربي وصدر عن الجمعية قرار بسحب الثقة من مجلس إدارة النادي المكون من الخواجات وانتخاب مجلس إدارة حديث من المصريين .. الدكتور محمد بدر رئيسا ومصطفي حسن وكيلا وإبراهيم علام أمينا للصندوق .. أما الأعضاء فكانوا نيقولا عرقجي ومحمود بسيوني وحسين فوزي والكابتن حسن وعبده الجبلاوي

وعقد مجلس الإدارة الجديد أول اجتماعاته وقرروا مواصلة المعركةجددوا عقد النادي باسم الرئيس الجديد .. أبلغوا النيابة باختفاء سجلات النادي فاستعادت النيابة هذه السجلات من مخط مسيوشودواه وتم تحريزها .. وتم اعداد بطاقات جديدة للعضوية


وأثناء ذلك كله وكل هذه الاجراءات والمراحل تمت والنادي نفسه في حراسة عشرين رجلا من أبناء بولاق الأشداء قرروا وتطوعوا لحماية ناد مصري والحفاظ عليه وعلي مصريته

وتدخلت وزارة الداخلية ومستشارها الإنجليزي .. تدخلت أكثر من سفارة خارجية في القاهرة .. ولكن لم يتراجع المصريون ولا استسلم أبناء الزمالك .. ونجحت أولي معارك تمصير الكرة والرياضة المصرية وبفضل الزمالك .. لم يعد هناك مكان للأجانب أوالخواجات

هذه الحكاية .. وألف حكاية أخري .. لم يلتفت اليها أحد .. لم يهتم بها ولم يتوقف عندها أحد .. ولوتوقفوا واهتموا وعهدرا لأدركوا حتى أي حديث عن الزمالك وتاريخ الزمالك والتسعين سنة زمالك إنما هوفي حقيقته جزء مهم من تاريخ مصر .. وفصل ضروري من تاريخ الكرة والرياضة المصرية .. فتاريخ الزمالك ليس إلا حدوتة مصرية .. فيها رائحة مصر .. تاريخها وتناقضاتها ورائحتها وأحزانها ومعاناتها وأحلامها وأفراحها .. فالزمالك هوالنادي الذي امتزجت فيه كرة القدم بالسياسة والتجارة والجيش والحب والثورة والزحام والفقراء والأغنياء

الزمالك باختصار .. هواختصار تسعين عاما من عمر مصر .. اختصار لمعاناة وأحزان المصريين مع الاحتلال الإنجليزي والمحاكم المختلطة .. اختصار لحكاية مصر مع الملك فاروق .. اختصار لثورة مصر وزمن المشير عبد الحكيم عامر .. اختصار لحلم الشباب المصري بالسفر والهجرة والثروة .. اختصار للكرة المصرية في زمن الانفتاح والاحتراف والتجارة .. اختصار لأحزان مصر الطويلة والموجعة يجيء في نهايتها شرف الفوز وبهاء الفوز

وإذا كانت مصر قد غيرت اسمها ثلاث مرات .. وديانتها ثلاث مرات فإن الزمالك قد غير اسمه أربع مرات .. ومسقطه ثلاث مرات .. جري ذلك كله عبر تسعين عاما فاضت بكل معاني الحب والانتماء .. وقد قررت واحترت وتعبت وأنا أسعي وراء هذه الأعوام الكثيرة والطويلة لأعهد الحقائق أولا ثم لأستطيع بعد ذلك حتى أقولها للناس سواء كانوا أنصارا للزمالك أم لا .. إلى غير ذلك استطعت حتى أعهد لما اعتاد جمهور الزمالك حتى يتغني بمدرسة اللعب والفن والهندسة ..


كيف بدأ الصراع الساخن والمثير والدائم بين الزمالك والأهلي .. لما حمل الزمالك يوما ما اسم الملك فاروق .. وكيف كان الزمالك إحدي أوراق الصراع والصدام بين القصر والحكومة .. ولماذا ارتبط الزمالك بالخواجات .. ناديا لهم في أول الأمر ثم قاهرا لهم في سنوات المجد والفوز ..

واتى وقت حتى أحكي حكاية الزمالك .. حكاية التاريخ والأجانب والسياسة والكرة والملك والثورة والمشير والانفتاح والاحتراف .. حدوتة مصرية من تلك الحواديت التي لا تزال تحتفظ ببقاياها شوارعنا وبيوتنا ..حدوتة مصرية لم تحكها لي جدتي التي ماتت قبل حتى أراها ولا شهرزاد التي كنت أحب حتى أراها حكاية أوحدوتة بدأت في أوائل القرن الماضي وقتها تحولت القاهرة إلي المحطة الأخيرة يتوقف عندها سفر الاف الغرباء اتىوا من بلادهم البعيدة يفتشون عن حياة جديدة يبحثون عن فرصة وثروة وحياة أسهل وأجمل من تلك التي عاشوها في بلادهم قبل الرحيل واحد من هؤلاء الغرباء .. كان محاميا اتى من بلجيكا .. وبسرعة .. وثقة .. استطاع هذا المحامي المجهول حتى ينجح في تحقيق ما كان يحلم به .. وما اتى من أجله إلي القاهرة .. أيضا استطاع هذا المحامي الجلوس علي مقعد رئاسة إحدي المحاكم المختلطة في مصر .. هذه المحاكم كانت أحد الوجوه القبيحة للاستعمار الإنجليزي لمصر .. فلم يكن الإنجليز .. ولا الأجانب .. يقبلون المثول أمام القضاء المصري .. فتأسست تلك المحاكم المختلطة التي كانت مهمتها الفصل في جميع القضايا التي كان طرفاها من الأجانب .. أوأحد طرفيها علي الأقل .. وغني عن الذكر أنه ما من مرة أنصفت فيها تلك المحاكم رجلا مصريا أوإمرأة مصرية

وبالرغم من نجاح المحامي البلجيكي مرزباخ في رئاسة إحدي تلك المحاكم .. فإنه في النهاية لم ينس أنه قادم من بلجيكا وليس من إنجلترا .. وإذا كان الإنجليز يطمعون في الكعكة المصرية كلها .. فإنه من الضروري ألا يستسلم الأوروبيون في مصر لهذا الجشع الإنجليزي .. وعليهم اقتطاع نصيبهم من مصر قبل حتى يلتهم الإنجليز الكعكة كلها إلى غير ذلك .. بدأ مرزباخ يفكر في وسيلة تجمع أعضاء الجالية البلجيكية ليتعارفوا ويتبادلوا الحوار والسند في وجه جميع من المصريين .. والإنجليز أيضا .. ولم تكن هناك وسيلة أفضل من ناد اجتماعي ورياضي يلتقي فيه الجميع .. البلجيك .. وباقي الأوروبيين الذين اكتظت بهم القاهرة في ذلك الوقت .. ونحن لا نعهد علي وجه الدقة .. هل كانت مجرد مصادفة أم قرار بتحدي الإنجليز والمصريين .. حتى يقوم مرزباخ بتأسيس ناديه الجديد علي ضفاف النيل في لقاءة نادي الجزيرة الذي كان معقل الإنجليز .. وقريبا من النادي الأهلي الذي كان معقل المصريين


كان النادي الجديد أيضا .. قريبا من ثكنات قصر النيل .. وكانت تلك الثكنات أكبر معسكر للجيش الإنجليزي ليس في القاهرة أومصر .. وإنما في جميع منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا .. وكانت تلك الثكنات تقع علي ضفة نيل القاهرة مكان فندق هيلتون اليوم .. وأطلق مرزباخ علي النادي الجديد اسم قصر النيل

وبدأ النادي يفتح أبوابه للأوروبيين .. وكان تعبير عن صالون اجتماعي تلتقي فيه عائلات الأجانب تتبادل الحوار والثرثرة .. وبضعة ملاعب للتنس .. وكان من الواضح حتى النادي الجديد بمثل تلك الصورة المتواضعة لم يكن ليرضي كبرياء البلجيكي مرزباخ .. ومن الواضح أيضا أنه كان علي درجة كبيرة من العناد .. فلم ييأس ولم يستسلم .. وظل يفتش عن أرض جديدة يقيم فوقها ناديا أكبر من نادي قصر النيل الحالي

واستطاع مرزباخ حتى يعثر علي تلك الأرض الجديدة بالعمل .. لم تكن الأرض الجديدة هذه المرة علي شاطئ النيل .. لكن في قلب القاهرة .. بالتحديد في شارع فؤاد .. أوشارع 26 يوليوكما نسميه الآن .. في المكان الذي تشغله حاليا دار القضاء العالي

وانتقل مرزباخ بناديه الصغير إلي الأرض الجديدة .. ولم يعد من المناسب الاحتفاظ بالاسم القديم .. قصر النيل .. فلم يعد النادي يسكن ضفة النيل .. إلى غير ذلك قرر مرزباخ تغيير الاسم ليصبح نادي المختلط .. وتختلف الروايات التاريخية حول دوافع وأسباب اختيار هذا الاسم .. نطق البعض حتى الاسم الجديد كان يعني حتى أعضاء النادي خليط من جاليات خارجية عديدة .. ونطق آخرون حتى مرزباخ اقتبس الاسم الجديد للنادي من اسم المحاكم المختلطة التي كان مرزباخ يرأس إحداها

وأيا كان التفسير .. فقد تأسس في مصر ناد حديث لم ينضم رسميا بعد إلي حظيرة كرة القدم .. ولم يكن البلجيكي مرزباخ غائبا عن جميع مايحدث حوله من تغييرات وتحولات كروية ورياضية .. وأدرك الرجل بسرعة حتى كرة القدم ستصبح رياضة مصر الأولي .. اللعبة الوحيدة التي ستشارك المصريين همومهم وحياتهم وأحلامهم وبيوتهم وقلوبهم ..

لهذا .. لم يكن مرزباخ يريد حتى يبقي نادي المختلط بعيدا عن كرة القدم .. فقرر إدخالها وضمها إلي قائمة الأنشطة الرياضية لنادي المختلط .. خاصة حتى مساحة أرض النادي الجديدة في شارع فؤاد كانت تسمح بإنشاء ملعب لكرة القدم .. وفي عام 1913 .. تأسس أول فريق كروي بنادي المختلط .. أونادي الزمالك


وبدأ هذا الفريق الجديد يشارك في المسابقات التي كانت تقام في ذلك الوقت .. بدأ أيضا يدخل حلبة المنافسة والسباق مع الأندية الأخري .. الأهلي والسكة الحديد والفرق الإنجليزية وفرق المدارس - أي الكليات الجامعية - والمعاهد العليا

لكن .. كان فريق المختلط متواضع المستوي .. وكان مقدرا له حتى يبقي طويلا من فرق الدرجة الثانية أوالثالثة .. لولا قرار مرزباخ رئيس النادي بفتح الباب أمام المواهب الكروية المصرية لتنضم لفريق الكرة بشرط ألاقد يكون للمصريين الحق في الحصول علي عضوية النادي العاملة التي كانت لا تزال حتي ذلك الوقت مقصورة علي الأجانب

واحد من أصحاب تلك المواهب كان اسمه حسين حجازي .. سيصبح فيما بعد أول أستاذ في مدرسة الزمالك الكروية وواحدا من أعظم لاعبي مصر في جميع العصور .. وقد لا يفهم الكثيرون .. حتى قرار مرزباخ بفتح باب النادي أمام حسين حجازي والآخرين من أصحاب المواهب الكروية .. كان أول فتيل يتم اشعاله في القنبلة الرياضية المصرية .. أوالصراع الساخن العنيف المثير الدائم بين الأهلي والزمالك !

ونحن اليوم .. للأسف .. نتعامل مع قضية صراع الأهلي والزمالك .. وعلي أنها من مسلمات حياتنا الكروية والرياضية .. لم نحاول يوما ادراك أوفهم مبررات ودوافع مثل هذا الصراع .. رغم أنه ليس من الصعب .. أومن المحال .. حتى نعهد حكاية هذا الصراع قديمة جدا .. بدأت منذ تسعة وثمانين عاما .. بالتحديد في عام 1914 أي بعد عام واحد من تأسيس فريق الكرة في نادي المختلط .. أونادي الزمالك .. ففي عام 1914 .. عاد حسين حجازي إلي مصر .. وكان قد سافر إلي إنجلترا لاكمال دراسته في جامعة كامبريدج بإنجلترا .. لكنه قبل حتى يسافر .. كان قد تفهم كيف من الممكن أن يحب الكرة وكيف يلعبها وكيف يتألق معها ولها ليصبح أعظم لاعبي مدرسة السعيدية الثانوية وكل مدارس مصر

عاد حسين حجازي إلي مصر ولم يقبل الإنضمام ـ كلاعب كرة ـ إلي أي ناد في مصر .. وإنما أسس فريقا كرويا خاصا به .. وأطلق عليه فريق حجازي إليفين .. أي حجازي 11 .. إشارة إلي أنه الفريق الكروي الذي يتكون من أحد عشر لاعبا يقودهم اللاعب الموهوب حسين حجازي

في اللقاء .. كان هناك رجل إنجليزي يعيش في مصر مهووسا ومفتونا ومشغولا طول الوقت بكرة القدم .. الرجل اسمه ستانلي .. ونجح ستانلي في حتى يجمع جميع لاعبي الأندية الإنجليزية الذين يقضون فترة تجنيدهم في صفوف الجيش الإنجليزي في مصر .. وأسس بهم فريقا كرويا أطلق عليه اسم .. ستانلي تيم .. أوفريق ستانلي .. .. وكان لابد حتى يلتقي الفريقان يوما ما .. والتقي الفريقان بالعمل .. فريق حجازي إليفين .. وفريق ستانلي تيم .. وكان اللقاء تعبير عن مباراة ساخنة لكرة القدم سينال الفريق الذي سيفوز بها عشرة جنيهات كاملة

فاز فريق حجازي إليفين بالمباراة .. وبالجنيهات العشرة .. ولكن الكبرياء والصلف الإنجليزي لم يقبلا تلك الهزيمة الموجعة .. فعرض ستانلي علي حجازي حتى يلتقي الفريقان في مباراة أخري .. فرفض حجازي وبقي ستانلي يغري حجازي بزيادة قيمة الرهان حتي بلغت مائة وثمانين جنيها .. حينئذ .. لم يعد بوسع حجازي حتى يرفض .. .. ولم يكن بوسعه أيضا حتى يخسر ليفوز الإنجليز .. ومرة أخري .. يفوز حجازي إليفين علي ستانلي تيم

ولم تكن قيمة الرهان وحدها هي الفارق الوحيد بين مباراة الفريقين الأولي .. ومباراتهما الثانية .. وإنما جرت المباراة الأولي في هدوء .. بينما كانت المباراة الثانية صاخبة .. تابعها في شغف جميع المسئولين عن أندية مصر الكروية .. كانوا يريدون رؤية هؤلاء الشياطين المصريين الصغار الذين استطاعوا حتى يقهروا الإنجليز .. وكذلك الإنجليز .. كانوا .. أيضا .. يريدون امتلاك هؤلاء الصغار وضمهم للأندية التي يمثلونها .. وكانت أول حرب في تاريخ الكرة المصرية لضم لاعبين إلي صفوفها

لكن .. أكبر لكن في تاريخ الكرة المصرية .. تقاعست الأندية ـ باستثناء الأهلي والزمالك ـ عن الاستمرار في ميدان تلك الحرب .. ففاز الأهلي باللاعب الأعظم حسين حجازي .. وفاز المختلط .. أوالزمالك .. بباقي فريق حجازي إليفين

وكانت أكبر غلطة في تاريخ الكرة المصرية .. فقد أدي اقتصار الحرب علي الأهلي والزمالك إلي ولادة ألف غدة حساسية بين الفريقين .. لم يتفرق دم فريق حجازي إليفين بين القبائل الكروية المصرية .. وإنما أصبح ثأرا من الأهلي يطالب به الزمالك .. وصراعا مع الزمالك لن ينساه الأهلي

حدث ذلك كله عام 1917 .. وبعد عامين .. أي في عام 1919.. انتقل حسين حجازي إلي نادي المختلط .. وأصبح نادي المختلط بانتنطق فريق حسين حجازي إليه هوأقوي فريق كروي في مصر

وعبر ثلاث سنوات .. من عام 1919 وحتي عام 1922 .. واصلت الكرة المصرية ازدهارها وانتشارها ..وتوالت الأحداث والمباريات .. غضب المصريون لأن الإنجليز لم يعطوهم الحق في اختيار المنتخب المصري الذي سيشارك في دورة أنفرس الأوليمبية ببلجيكا عام 1920.. وبالرغم من الغضب سافر المصريون وهزمتهم هناك إيطاليا 1/2 .. وعاد الغاضبون من بلجيكا يواصلون مسلسل الاجتماعات العاصفة التي انتهت إلي تأسيس أول اتحاد في مصر لكرة القدم في اليوم الثالث من شهر ديسمبر عام 1921

من أول قرارات الاتحاد الجديد .. تنظيم الكثير من المسابقات الكروية الرسمية لأول مرة في مصر .. مسابقة للدوري في جميع منطقة .. مسابقة تشارك فيها منتخبات المناطق .. مسابقة للأندية علي كأس الأمير فاروق .. وفي موسم 12/22 يفوز المختلط .. أوالزمالك .. بكأس الأمير فاروق .. لكنه لن يفوز به مرة أخري قبل مضي عشر سنوات كاملة

في تلك السنوات .. سيعاني مرزباخ آثار الزمن وإرهاق سنوات العمر فيتخلي عن رئاسة نادي المختلط ويسلم ناديه ومقعده إلي بلجيكي آخر اسمه بيانكي

في تلك السنوات أيضا .. ستزداد مدينة القاهرة ازدحاما وضجيجا .. فيضطر نادي المختلط إلي الرحيل مرة ثانية إلي ضفاف النيل من حديث حيث المكان الذي يشغله مسرح البالون الآن

وهناك .. يكتشف حسين حجازي حتى المقر الجديد للنادي تعبير عن أربع حجرات فقط .. وملعب لكرة القدم به حجرتان لخلع الملابس .. ومدرجات لا تتسع لأكثر من ستة الاف متفرج والأهم .. حتى المقر الجديد بعيد عن نادي البلياردو.. اللعبة الثانية في حياة حسين حجازي

لهذا .. يقرر حسين حجازي الانتنطق إلي النادي الأهلي مرة أخري عام 1924

لا يفقد نادي المختلط .. أوالزمالك .. لاعبه العظيم حسين حجازي فقط إنما يفقد أيضا الفوزات الكروية التي اعتاد عليها وتغنت بها جماهيره يفقد المختلط .. أوالزمالك .. البريق الكروي الذي تميز به

وبدا الأمر في النهاية .. كما لوكان نادي المختلط في الطريق ليفقد جميع شيء .. لكن لم يحدث ذلك لأسباب كثيرة فبقي الزمالك وبقيت فوزاته حتي قامت ثورة يوليوعام 1952 .. وحين قامت هذه الثورة .. لم تكن الثورة الأولي للمصريين علي الإنجليز .. ولا كانت الثورة الثانية .. وإنما في واقع الأمر .. ثار المصريون علي الإنجليز ثلاث مرات .. المرة الأولي بقيادة سعد زغلول عام 1919

المرة الثالثة بقيادة الضباط الأحرار عام 1952

بينما كانت المرة الثانية .. بقيادة نادي الزمالك .. أوفي نادي الزمالك .. عام 1929 .. حيث كانت جميع الظروف مواتية وممهدة للقيام بالثورة .. عشر سنوات مضت علي قيام ثورة سعد زغلول .. سبع سنوات مضت علي آخر بطولة كروية للزمالك .. ست سنوات مضت علي إعلان الدستور في مصر وإلغاء الأحكام العهدية .. خمس سنوات مضت علي تقاعد مرزباخ الرجل الذي أسس نادي الزمالك .. وكانت صورة مصر في ذلك الوقت لمن يراها من بعيد تبدوهادئة وكأن الشوارع والبيوت قد اعتادت حتى تري وجوه الغرباء وأن تصغي لمفرداتهم الجديدة .. المصريون البسطاء والفقراء شغلتهم أيامهم ومعاناتهم وأحلامهم .. ثورتهم الكبري أصبحت مجرد حكايات قديمة ومجرد ذكري تزورهم حدثا اشتاقوا للغضب أوفاجأتهم رصاصة مصرية تقتل ضابطا أوعسكريا إنجليزيا

في تلك الأيام .. كان علي مصر حتى تمضغ أحزان ليلها الطويل وتصبر .. فاستعانت علي الصبر بأغاني سيد درويش التي كسر الحزن قلبها .. وتغطت بعباءة تاريخها الطويل لتحتمي به .. وعلي الرغم من ذلك .. بقيت تجربة مصر في لقاءة احتلالها استثناء في كتاب الشعوب والغزاة والتاريخ .. فمصر اختارت لللقاءة سلاح كرة القدم .. لم يملك المصريون سوي حتى يضعوا الكرة مكان القنبلة .. في الواقع أصبح لدي مصر وقتها في جميع شارع وملعب ومدرسة .. ألف كرة وألف قنبلة

باختصار جميع الظروف كانت مواتية وممهدة للقيام بالثورة وكان هناك رجل واحد اسمه حسين حجازي .. علي استعداد لأن يقود تلك الثورة .. ثورة بدأت بتمرد قاده حجازي وشاركه فيه يوسف محمد والقائمقام محمد حيدر بك قومندان السواحل .. ونجح التمرد وأصبح يوسف محمد سكرتيرا للنادي بدلا من نيقولا عرقجي .. والقائمقام .. أوالعقيد .. محمد حيدر بك أصبح رئيسا للنادي ليصبح ثاني رئيس مصري للزمالك خلفا للدكتور محمد بدر والذي لم يبق رئيسا إلا لمدة سنتين فقط لم يقنع حسين حجازي .. ولم يكتف بذلك .. فكانت الثورة


وبعد عام واحد .. أي في عام 1930.. تلقي ستون رجلا .. هم جميع أعضاء الجمعية العمومية لنادي الزمالك .. دعوة لاجتماع هام وعاجل .. كأن الرجال كانوا ينتظرون تلك الدعوة منذ وقت طويل .. اتىوا جميعا إلي النادي ليلتقوا بحسين حجازي لتنعقد أول جمعية عمومية حقيقية في تاريخ النادي .. وهنا لابد من التوقف أمام ما قد يظهر متناقضا بين الحديث عن ثورة الزمالك لتمصير الرياضة والكرة المصرية عام 1917 وبين ما قام به حسين حجازي عام 1930 .. والحقيقة أنه ليس هناك أي تناقض .. فما جري عام 1917 كان أول طلقة رصاص رياضية في وجه الأجانب والغرباء .. طلقة لم تطش ولم تنته إلي الفراغ أوالخواء .. ولكنها أصابت وحققت هدفها وغايتها .. فكان الفوز الحقيقي يحققه ناد لم يتأسس إلا عام 1911 .. ولم يلعب الكرة أصلا إلا عام 1916 أي قبل هذه الرصاصة والثورة بسنة واحدة فقط

وإذا كان كثيرون منا لا يعهدون ذلك حتي الآن .. فإنهم كثيرون أيضا الذين لا يعهدون حتي الآن حتى الزمالك بعد حتى استرد روحه ومصريته عام 1917 لم يكتف بذلك .. وإنما بقي يحارب مع الأهلي لتأسيس أول اتحاد مصري لكرة القدم في مصر .. وسوف يبقي التاريخ شاهدا علي حتى الأندية التي خاضت حرب التمصير كانت هي الزمالك .. ومن بعده الأهلي والاتحاد السكندري والمصري في بورسعيد

وإذا كان الزمالك قد نجح في ثورته عام 1917 .. فإنه رغم نجاحه هذا بقي يحاول استكمال طرد الغرباء والأجانب خارج أسواره وأبوابه .. بقي يحاول ذلك حتي نجح انقلاب حسين حجازي عام 1930 .. فانعقدت تلك الجمعية العمومية التي تجاوز وأشرت إليها وحضرها ستون عضوا مرة واحدة قرروا طرد الأجانب والخواجات نهائيا من النادي وأن يبقي الزمالك ملكا للمصريين وحدهم


وإذا كنا قد نسينا حسين حجازي بعد ذلك .. فلم يحفظ اسمه الصغار .. ولم نضعه في قائمة نجومنا .. فمن المؤكد حتى مصر لم تنسه .. ولا كتاب التاريخ أيضا .. فإذا كان التاريخ سيبقي دائما شاهدا علي حتى محمد أفندي ناشد هوأول من فهم المصريين حب وعشق لعبة اسمها كرة القدم .. فإن نفس هذا التاريخ سيبقي شاهدا أيضا علي حتى حسين حجازي هوالرجل الذي قام بثورتين

الثورة الأولي أعادت نادي الزمالك للمصريين والثورة الثانية خلقت من نادي الزمالك مدرسة للفن واللعب وكرة القدم ومثلما لا يعهد كثيرون منا أي شيء عن تاريخ الزمالك الحقيقي .. فهم لا يعهدون أيضا سيرة وأصل هذا الهتاف الزملكاوي التقليدي الشهير والجميل أيضا

وترجع الحكاية إلي عام 1928 .. وقتها رفض لاعبوالأهلي الصعود إلي المنصة لتسلم ميداليات المركز الثاني في نهائي كأس السلطان فؤاد التي فازت بها الترسانة .. ولأن الأهلي في ذلك الوقت كان النادي المدلل للسلطان فؤاد .. فقد عجز اتحاد الكرة عن عقاب لاعبي الأهلي .. ورد الأهلي الجميل بأن قدم كبش فداء يتم عقابه وحده وكان هواللاعب العظيم حسين حجازي الذي انتقل للأهلي من الزمالك .. ورفض حسين حجازي حتىقد يكون هوضحية الغرام المتبادل بين الأهلي والملك .. فقرر حجازي العودة مرة أخري لصفوف الزمالك .. وقرر حتى ينتقم أيضا .. وكان أجمل وأغرب انتقام في تاريخ الكرة المصرية .. فقد طاف حسين حجازي بمدارس القاهرة لاختيار تلاميذ أصحاب مواهب كروية يتحدي بهم نجوم الأهلي ولاعبيه الكبار .. وبهؤلاء التلاميذ لعب حسين حجازي باسم الزمالك أمام الأهلي .. وفاز التلاميذ علي الأهلي بهدف جميل أحرزه تلميذ حديث اسمه محمد لطيف .. وخرج الجمهور من الملعب يردد ويتحاكي كيف من الممكن أن فاز فريق المدرسة علي فريق الأهلي بنجومه الكبار


وكانت أول مرة يرتبط فيها اسم الزمالك بلقب المدرسة .. ولكن لم يولد الهتاف التقليدي رغم ذلك .. نصفه فقط أي الزمالك فريق مدرسة .. ثم كان لابد من الانتظار طويلا حتي يكتمل النصف الثاني من الهتاف الزملكاوي التقليدي .. ففي يونيوعام 1952 .. باع الزمالك عشرين شجرة من حديقته بألف جنيه أعطاها لأحد المقاولين من أنصاره ليبني مدرجات جديدة علي حتى يدفع هذا المقاول بقية التكاليف من جيبه الخاص .. وبالعمل أتم المقاول البناء في الوقت الذي توالت فيه فوزات الزمالك علي الفرق الأجنبية .. أوستريا ورد ستار وهونفيد .. فكان لابد من تعبير جماهير الزمالك عن امتنانها للاعبين وفوزاتهم وللمقاول وتضحيته فاكتمل بذلك الهتاف التقليدي لأول مرة وأصبح .. يا زمالك يا مدرسة لعب وفن وهندسة

إلى غير ذلك .. سيبقي تاريخنا الكروي أيضا شاهدا علي حتى حسين حجازي كان ـ وسيبقي ـ واحدا من أعظم لاعبي كرة القدم في جميع تاريخ مصر .. بل إنه اللاعب المصري الوحيد الذي أصر الإنجليز علي حتى يلعب ضمن صفوف منتخب بلادهم حين قرر القيام بجولة في دول أوروبا .. ولأن حسين حجازي لا يحمل الجنسية الإنجليزية .. تخلي المنتخب الإنجليزي - للمرة الأولي والأخيرة - عن لقبه الرسمي كمنتخب إنجلترا وسافر تحت اسم منتخب الجوالة الإنجليز .. وحين يلعب ذلك المنتخب ضد إسبانيا .. يصر الملك الإسباني الفونسوالثالث عشر علي لقاء اللاعب المصري الذي اعتبره الأعظم في العالم .. ونطق الملك لوامتلكت مصر ثلاثة لاعبين فقط مثل حسين حجازي لاستطاعت حتى تقهر جميع منتخبات أوروبا .. أما لوامتلكت أحد عشر لاعبا مثل حسين حجازي لكان فريقها هوأعظم فريق في العالم !! وبالرغم من ذلك .. لم ينشغل حسين حجازي طويلا بحجز مقعد لنفسه في قطار النجوم

كان جميع مايشغله هونادي الزمالك .. وفريق الكرة بنادي الزمالك .. وهذا هومادفعه ليطوف مدارس مصر الثانوية ليفتش عن لاعبين جدد يضمهم إلي نادي الزمالك .. أوالمختلط في ذلك الوقت من أجل حتى يفتتح الزمالك سنوات الثلاثينات باستعادة أمجاد قديمة وفوزات غائبة .. وقد تولي تلك المهمة .. مجموعة من اللاعبين ستبقي أسماؤهم في ذاكرتنا طويلا .. مختار فوزي .. محمد لطيف .. مصطفي تام طه .. محمد حسن حلمي .. يحيي إمام .. علي كاف .. علي شعير .. حسين الفار .. خميس فرحات .. إسماعيل السمكري .. وانضم إليهم حسين لبيب من النادي المصري .. ومن النادي المصري أيضا إنتقل عبد الرحمن فوزي ليلعب مع نادي المختلط .. وهنا ينبغي التوقف قليلا عند سيرة انتنطق عبد الرحمن فوزي إلي المختلط .. فقد كان لاعبا في المصري حين تم اختياره ضمن صفوف المنتخب المصري الذي شارك في نهائيات كأس العالم بإيطاليا عام 1934 حيث لعب المنتخب المصري مع المجر وفازت المجر 2/4 .. وأحرز عبد الرحمن فوزي هدفي مصر .. وعاد المنتخب لكن بعد اختيار عبد الرحمن كأحسن ساعد هجوم أيسر في البطولة واختياره ضمن منتخب العالم .. بكل هذا التقدير العالمي ..

عاد عبد الرحمن فوزي إلي بورسعيد .. وهناك فوجئ بانتنطق حملت باشا رئيس النادي المصري للعمل بالقاهرة وكيلا لوزارة الداخلية .. ولما كان حملت باشا صديقا لمحمد حيدر باشا رئيس نادي المختلط .. فلم يكن بوسع حملت باشا حتى يرفض طلب حيدر باشا بانتنطق عبد الرحمن إلي المختلط .. وهوما وقع بالعمل عام 1935 سيرة أخري مماثلة .. بطلها هذه المرة هوساعد الدفاع الأيسر بنادي المختلط ومنتخب مصر عبد السلام حمدي .. اللاعب الذي تغنت أوروبا باسمه طويلا عقب دورة أنفرس الأوليمبية ببلجيكا عام 1920 .. وفي أحد الأيام التي أعقبت قرار اتحاد الكرة المصري بالسماح للاعبين بالانتنطق من ناد إلي آخر .. فوجئ عبد السلام حمدي بحيدر باشا رئيس النادي يستدعيه .. وفوجئ اللاعب النجم برئيس ناديه يأمره بالانتنطق واللعب ضمن صفوف فريق السكة الحديد .. يغضب اللاعب عاشق نادي المختلط لكن دون جدوي .. فيمضى بالعمل إلي نادي السكة الحديد ليكتشف هناك ـ ونكتشف نحن فيما بعد ـ حتى سبب انتنطقه كان وعدا أعطاه حيدر باشا للمسئولين في نادي السكة

إن تلك السيرة .. وحكاية عبد الرحمن فوزي .. وحكايات وقصص أخري مماثلة .. تمنحنا القدرة علي حتى نتخيل مفهوم إدارة الأندية الرياضية في تلك الأيام .. ليس هذا فقط .. إنما تمنحنا تلك القصص والحكايات أيضا الرغبة في مزيد من التقدير والاحترام لكل هؤلاء النجوم واللاعبين الكبار والقدامي الذين في مثل هذا المناخ استطاعوا حتى يلعبوا ويجيدوا اللعب بل وينالوا تصفيق وإحترام العالم

وبهؤلاء استطاع نادي الزمالك الفوز ببطولة دوري منطقة القاهرة في ثاني عام تقام فيه سنة 1940.. كما فاز الزمالك .. أوالمختلط .. بكأس الأمير فاروق ثلاث مرات في الثلاثينات .. المرة الأولي عام 1932 .. ثم في عام 1935 .. ثم في عام 1939 لكن بعد حتى أصبح الأمير فاروق ملكا يجلس علي عرش مصر بعد حتى توفي أبوه الملك فؤاد الأول في الثامن والعشرين من شهر أبريل عام 1936


في ذلك التاريخ .. بدأت حكاية فاروق .. مع مصر .. ومع نادي الزمالك .. فالزمالك افتتح سنوات الأربعينات بالفوز بكأس الملك .. وببطولة دوري منطقة القاهرة للمرة الثانية في موسم 1941/40 .. وبعد عام خسر الزمالك مباراة نهائي الكأس الذي فاز بها الأهلي .. وتقاسم الفريقان الكأس موسم 1943/42 .. ثم يأتي الموسم التالي .. ومعه أكبر مفاجأة في تاريخ كرة القدم المصرية حتي الآن .. فقد لعب الأهلي والزمالك المباراة النهائية علي كأس الملك .. وفاز الزمالك بالكأس .. وليست تلك هي المفاجأة .. إنما كانت المفاجأة هي فوز الزمالك علي الأهلي 6/صفر !! ستة أهداف في مباراة واحدة تدخل مرمي الأهلي .. صدمة موجعة وقاسية .. لم يكن بوسع جمهور الأهلي أولاعبيه إلا حتى يتحملوها ويقبلوها .. إلا لاعب واحد فقط هوالذي كان يحرس مرمي الأهلي في تلك المباراة والذي أعرب بعد تلك الأهداف الستة إعتزاله اللعب نهائيا .. وتفرغ هذا الحارس بعد ذلك للتحكيم .. وأصبح فيما بعد حكما قديرا وشهيرا أيضا اسمه مصطفي تام منصور

ولأنها كانت نتيجة غير طبيعية .. فقد كانت المباراة أيضا غير طبيعية .. وتبدأ حكاية تلك المباراة بأزمة بين النادي الأهلي وإتحاد كرة القدم .. أعرب النادي الأهلي عن رغبته في السفر إلي الشام لأداء عدة مباريات ودية هناك .. رفض اتحاد الكرة حتى يلعب الأهلي في فلسطين .. فأصر الأهلي علي السفر إلي فلسطين وعلي اللعب هناك .. لم يتراجع إتحاد الكرة عن موقفه .. فاضطر الأهلي حتى يسافر بلاعبيه تحت اسم منتخب نجوم القاهرة .. فقرر الاتحاد إيقاف جميع من سافر من لاعبي الأهلي إلي فلسطين .. ثار النادي الأهلي علي قرار اتحاد الكرة ..وثار أيضا جمهور الأهلي واتهم حيدر باشا رئيس الاتحاد - ورئيس نادي الزمالك في نفس الوقت - بالانحياز لناديه وأنه بهذا القرار يسعي لإهداء كأس الملك للزمالك

الثورة والغضب والتوتر .. تسللت إلي داخل قصر عابدين .. فكان لابد حتى يتدخل الملك .. وأمر فاروق حيدر باشا بإنهاء المشكلة بأن يتقدم الأهلي باعتذار إلي الاتحاد .. وأن يقبل اتحاد الكرة اعتذار الأهلي .. ويلعب الأهلي كاملا المباراة النهائية علي كأس الملك


وحين وافق أطراف الأزمة علي الحل القادم من السراي .. لم يكن ماتبقي من وقت قبل المباراة يسمح للاعبي الأهلي بأي استعداد حقيقي لها .. فلعب الأهلي المباراة ونال أقسي هزيمة علي مدي تاريخه الطويل وبعد المباراة .. صعد لاعبوالزمالك .. أوالمختلط .. ليتسلموا من الملك .. كأس الملك وهنا .. تختلف روايات التاريخ

يقول البعض إذا الملك فاروق أمر بعد تلك المباراة بتغيير اسم النادي من المختلط إلي فاروق

والبعض الآخر يؤكد حتى الملك .. وهويقلد لاعبي المختلط ميداليات المضى .. أشار إشارة عابرة إلي ضرورة تغيير اسم النادي إلي أي اسم آخر بدلا من المختلط بعد حتى رحل الأجانب عن النادي وزال عصر المحاكم المختلطة .. فقرر مجلس إدارة النادي إطلاق اسم فاروق علي النادي

وهناك رواية ثالثة تقول حتى إطلاق اسم فاروق علي النادي .. كان مبادرة من مجلس إدارة النادي تقربا للملك

وليس مايعنينا هوكيف من الممكن أن تم اختيار الاسم .. لكن يعنينا .. حتى نادي المختلط قد أصبح نادي فاروق .. وإذا كان الزمالك .. قد عاش سنوات الأربعينات وأنهاها .. حائرا بين الرياضة والسياسة .. فإنه بدأ سنوات الخمسينات وأنهاها .. حالما بعلاقة جديدة يقيمها بين الرياضة والاقتصاد .. وإذا كانت ثورة يوليوقد أطاحت بالملك فاروق فتغير اسم النادي من فاروق إلي الزمالك .. فإنها في اللقاء أطاحت أيضا بالفريق محمد حيدر وزير الحربية ورئيس النادي ليجلس المحامي محمود شوقي علي مقعد الرئاسة .. ولكن سرعان ما تبين حتى محمود شوقي ليس هورجل الساعة في نادي الزمالك .. إلى غير ذلك تقرر البحث عن مليونير يقبل رئاسة الزمالك .. رجل بإمكانه تمويل الحلم الأبيض الطامح والطامع في مطاولة ومنافسة الألعاب الأحمراء .. ومن المؤكد حتى محمود شوقي كان رجلا استثنائيا .. أوواقعيا أكثر مما نتخيل .. فلم يغضب ولم يرفض ولم يحتج علي حتى يهجر مقعده ويسلمه إلي أول مليونير يدق باب النادي

وقد كان عبد الحميد الشواربي هوأول من اقترب .. وتسلم بالعمل مقعد الرئاسة .. وأصبح رئيسا لنادي الزمالك .. لكن المفاجأة كانت حتى المليونير عبد الحميد الشواربي كان أكثر واقعية من المحامي محمود شوقي !


بعد ثلاثة أشهر فقط .. لم يقتنع الشواربي بحكاية المركز الأدبي والوجاهة الاجتماعية كرئيس لنادي الزمالك .. ولم يفرح طويلا بالمقارنة بينه وبين المليونير أحمد عبود الجالس علي مقعد رئاسة النادي الأهلي .. واضح حتى الرجل لم تكن تعنيه جميع تلك الأمور والمعاني .. إنه رجل مال .. اعتاد حتى يتعامل بقواعد الحساب وقوانين المكسب والخسارة .. وقد اكتشف الشواربي حتى رئاسة الزمالك صفقة خاسرة حتي النهاية

ولم يجد المسئولون عن نادي الزمالك أمام تلك الورطة حلا سوي حتى يسندوا رئاسة ناديهم مرة أخري إلي المحامي محمود شوقي .. فقد كان الشواربي واقعيا جدا .. في حين كان محمود شوقي واقعيا فقط بدون جدا وبعد قليل من الوقت .. تعين علي محمود شوقي حتى يتنازل مرة أخري عن مقعد رئاسة الزمالك فقد تم العثور علي مليونير آخر بدا عليه أنه شديد الإقتناع بحكاية الوجاهة واللياقة الاجتماعية

وكان المليونير هذه المرة هوعبد اللطيف أبورجيلة .. الرجل الذي يملك جميع وسائل النقل في مدينة القاهرة .. والذي نجح في الحصول ـ بعد معاناة طويلة ـ علي لقب أغني أغنياء مصر .. وحين أصبح عبد اللطيف أبورجيلة رئيسا لنادي الزمالك .. بدأ عهد حديث في النادي .. لكن في أرض جديدة انتقل إليها نادي الزمالك مع نادي الترسانة ونادي التوفيقية بقرار من وزارة الشئون البلدية والقروية .. ولم تكن الأرض الجديدة التي تم تخصيصها للزمالك في ميت عقبة تغري بالإنتنطق .. فقد كانت أرضا غير ممهدة .. قاحلة لا غرس فيها باستثناء بعض الحشائش البرية التي تفتقر للرقة والجمال .. وقد حاول مجلس إدارة نادي الزمالك حتى يماطل .. وأن ينال حق الاستثناء ليبقي علي شاطئ النيل دون جدوي .. من الواضح حتى الزمالك في سنوات الثورة الأولي عاد يشغل وظيفته الأصلية فقط كناد رياضي .. وكأنه استنطق من السلطة والنفوذ برحيل الملك فاروق .. لكن من المؤكد حتى الزمالك لن ينسي تلك السنوات الأولي من عمر الثورة .. فبعد سنوات قليلة من الانتنطق اضطرارا إلي ميت عقبة .. ستعود إلي الزمالك السلطة والنفوذ .. بل وسيصبح الزمالك واحدا من مراكز القوي الكروية والاجتماعية والسياسية والعسكرية في مصر .. وسيصبح النادي الذي كان يحظي في الأربعينات بالرعاية الملكية .. هوالنادي الذي ستضمه في الستينات رعاية أقوي من الملك .. المشير عبد الحكيم عامر .. ومع ذلك .. كان هناك مليونير .. لا يزال قابلا لممارسة الدور القديم والاستمتاع بمقعد رئاسة نادي الزمالك .. هوعلوي الجزار

وبعد عامين فقط .. تم تأميم علوي الجزار .. وفقد المليونير صلاحيات ومؤهلات منصب رئيس الزمالك .. ولم يعد هناك مليونيرات في مصر .. أولم يعد هناك من يملك المليون ويستطيع حتى يعلن ذلك .. في الواقع لم يعد الزمالك في حاجة إلي ملايين الباشوات .. بعد حتى أصبح معه نفوذ الجيش .. والمشير .. وبالعمل اتى الدور علي حسن عامر شقيق المشير ليجلس علي مقعد رئاسة نادي الزمالك .. وستصبح المرة الأولي التي لا يعتمد فيها النادي علي ثروة الرئيس وإنما علي سطوة الرئيس .. وما يمكن حتى يملكه من سلطة ومن نفوذ .. واستنادا إلي هذه السلطة وهذا النفوذ .. سيضم حسن عامر إلي النادي أرضا جديدة مساحتها ثمانين الف متر مربع .. وسيتم تطوير المبني الاجتماعي .. وإعادة تأثيثه .. وسيقام حمام سباحة وفقا للمقاييس الأوليمبية وحمام ثان للغطس وحمام ثالث للأطفال والصغار .. وستتضاعف مساحة الحدائق في النادي .. ويتم إنشاء عديد من الملاعب الخاصة باللعبات الأخري

وحكايات أخري لا أول لها ولا آخر باتت تستحق الآن حتى نتوقف عندها بحب واهتمام

وفي حقيقة الأمر .. يحتاج تسليم تاريخ الزمالك .. أوكتابته بصدق وحب واقتناع .. إلي ألف صفحة أخري .. وحتي يحدث ذلك فلابد من الاعتذار أولا لهذا النادي الكبير .. ثم لابد حتى يحدث ذلك حتي يعهد المصريون جميعهم حتى الزمالك ليس في بلادهم مجرد ناد للكرة وإنما هوجزء من تاريخهم وبترة من قلب بلدهم وأحد أجمل حكايات الكرة والرياضة المصرية طوال تاريخها

تاريخ النشر: 2020-06-04 04:14:32
التصنيفات: نادي الزمالك

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

تقرير: مصر تسعى لإنارة أوروبا عبر "كابل" أسفل البحر المتوسط

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 15:16:36
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 91%

السيسي يوجه رسالة للرئيس العراقي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 15:16:46
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 96%

الاتحاد الأوروبي يعلن أنه يعد جورجيا لعضويته

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 15:16:45
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 100%

إيران تفند مزاعم أمريكية حول إرسال وقود صواريخ إلى اليمن

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 15:16:42
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 87%

بن سلمان يلتقي ماكرون على هامش منتدى "أبيك" (فيديو)

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 15:16:46
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 89%

تشاووش أوغلو: ضغوط أمريكية وأوروبية على منظمة الدول التركية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 15:16:40
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 94%

منع ملياردير عراقي شهير من السفر

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 15:16:37
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 94%

كأس العالم 2022: فيفا يحظر بيع الكحول في ملاعب البطولة المقامة في قطر

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 15:16:22
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 92%

سياسي فرنسي: أكاذيب زيلينسكي ستفقده ثقة حلفائه الغربيين ودعمهم

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 15:16:37
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 87%

تشييع حزين لضحايا الحريق في قطاع غزة

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 15:16:31
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 100%

مشغل شبكة الكهرباء الوطنية في فرنسا يحذر من نقص محتمل في الطاقة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 15:16:40
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 89%

مصرف لبنان يعين مديراً مؤقتاً لمصرف إسلامي يواجه صعوبات في بيروت

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 15:16:29
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 96%

السجن لضابط في الجيش الألماني بتهمة التجسس لروسيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 15:16:38
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 86%

أذربيجان تقرر فتح سفارة في تل أبيب (وزارة إسرائيلية)

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-18 15:16:28
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 94%

تحميل تطبيق المنصة العربية