حركة السلام الآن

تعد حركة "السلام الآن" من أبرز حركات السلام في إسرائيل، وهذه الحركة ظهرت في أعقاب زلزالين هزا إسرائيل وهما: وصول تكتل الليكود اليميني المتطرف لسدة الحكم في إسرائيل برئاسة مناحم بيجين في ظل انتخابات برلمانية وهذا للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل، وزيارة الرئيس السادات لإسرائيل وعرضه لمبادرة السلام في الكنيست الإسرائيلي. ونتيجة لوجود حكومة يمينية رافضة للسلام مع العرب، كان رد العمل داخل إسرائيل هوقيام مجموعة من الضباط والجنود الاحتياط بتوجيه رسالة إلى رئيس الوزراء يحثونه فيها على السلام وأن الأمن الحقيقي يكمن في السلام وأن هذا أفضل من السيطرة على أرض إسرائيل الكاملة، وتأتي أهمية هذا النداء للسلام في أنه صادر من عسكريين قاتلوا في حربي 67 ، 73 وليسوا مدنيين مسالمين، وبمجرد نشر هذه الرسالة استطاعوا تجميع 250 ألف توقيع عليها، ولهذا تظهر هذه الحركة كحركة عفوية جماهيرية لا تعتمد على النخبة فقط كما كان في سابقاتها (بريت هشالوم وإيحود)،ولهذا استمرت هذه الحركة منذ عام 1978 وحتى الآن.

- وحركة "السلام الآن" كمثل حركات السلام الإسرائيلية تعتمد في أساسها على مبادئ الصهيونية الثقافية لأحاد هاعم والتي تنادي بإقامة مركز ثقافي لليهود في أرض إسرائيل على أساس حتى الارتباط بين اليهود والأرض هوارتباط ديني عكس هرتزل الذي رأى حتى هذا الارتباط يجب حتىقد يكون سياسي في شكل دولة لحل معضلة الشعب اليهودي القومية من وجهة نظره كما حتى هذه الدولة قائمة على الشكل الفهماني وليس الديني مما جذب معارضين آخرين من المتدينين، وبالنسبة لحركة "السلام الآن" فهم يرون حتى الصهيونية أدت مهمتها بقيام الدولة وأن ارتباط شعب إسرائيل ببقية أرضه هوارتباط روحي، ولهذا ترى حتى أراضي 67 يجب إعادتها خاصة حتى عدد السكان العرب في الضفة وغزة سيحدث خلل ديموغرافي لدولتهم اليهودية التي يجب حتى تكون ذات قومية واحدة وليست قوميتين، وعليه هم يعارضون بناء المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة عام 67 ، والحركة ليس لها أي نشاط حزبي لأنها تعتمد على الجماهير وتنظم المسيرات والمظاهرات إما للمطالبة بتحقيق السلام أوللاعتراض على بناء المستوطنات الجديدة وذلك كوسيلة ضغط على الحكومات الإسرائيلية.

- وفي البداية كانت الحركة تفتقر إلى رؤية محددة لشكل التسوية السلمية فأيدت مشروع بيجين للحكم الذاتي للفلسطينيين إلا أنها سرعان ما رفضته بعد حتى اتضح حتى خطته لا تعني سوى منح الحكم الذاتي للمحليات، وكانت لا تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية لأنها لم تكن معترفة هي الأخرى بإسرائيل ولكن عندما اعترفت المنظمة بإسرائيل عام 1988 غيّرت الحركة موقفها، وبعد انتهاء حرب الخليج الثانية قامت بحملة واسعة في إسرائيل لحث الشعب على السعي لتحقيق السلام مع العرب والفلسطينيين وهذا بالتزامن مع طرح أمريكا لمبادئ سلام جديدة في المنطقة كان من نتائجها مؤتمر مدريد للسلام، وأصبحت تنادي بقيام دولة فلسطينية على الضفة الغربية وغزة مع الحفاظ على أمن إسرائيل بأن تكون دولة منزوعة السلاح، وفيما يتعلق باللاجئين فعودتهم تكون لدولتهم المستقبلية أوبالحصول على التعويض، والقدس هي عاصمة إسرائيل وإن كانت هناك بعض الأصوات التي أعربت عن استعدادها لاتخاذها عاصمة مشهجرة للدولتين.

- وأخيرا فإن هذه الحركة تأتي في إطار أنها حركة صهيونية وليست معارضة للدولة ولكنها تنادي بالسلام مع الجيران العرب وفصل الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وهذا غير الحركات الدينية المعارضة أصلا لوجود الدولة مثل حركة ناطورى كارتا (حراس المدينة).

إلى أين تتجه

الى أين تتجه أبرز حركة إحتجاجية يسارية في فترة ما بعد أوسلو؟ ظلت حركة السلام الآن منذ إنطلاقتها قبل 23 عاماً حريصة جداً على حتى تظل بمثابة حركة احتجاجية محضة، تكرس جل جهودها لاقناع الجمهور الإسرائيلي بأن استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية مدمر من الناحيتين السياسية والثقافية. وبالتالي فإن أنشطة هذه الحركة، وإن لم يكلل أغلبها بالنجاح، تهجرز بشكل مباشر وغير مباشر حول هذه القضية الوحيدة، وإن كانت تستعين بنشطاء الحقوق الإجتماعية الأصليين وبمشروع مراقبة الاستيطان المكلف برصد التوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة.

وللتأكيد على حتى مواقفها هي مواقف يهودية صهيونية، حافظت حركة السلام الآن منذ نشأتها على الابتعاد عن الأنشطة التي ترعاها منظمات عربية، كلجنة التوجيه العليا أومجلس رؤساء البلديات، بينما رحبت في الوقت نفسه بضم عرب من إسرائيل إلى صفوفها، وإنما على أساس الغرض الذي أُسست الحركة من أجله. عملى سبيل المثال، لم يشارك أي من العرب في السكرتارية الوطنية، وهي تعبير عن مجلس إدارة مهلهل يتألف من نشطاء نصبوا أنفسهم بأنفسهم ويقرر سياسات واستراتيجيات الحركة ويبت في الأمور الخاصة.

بيد حتى فريج العيساوي وهومحاسب من كفر قاسم وعضوفي حركة ميرتس ، انضم إلى عضوية السكرتارية ليصبح عضواً دائماً فيها، فضلاً عن حتى للحركة موظفاً عربياً يعمل كمنسق للشبيبة.

تشير الآراء السائدة على حتى المشاكل التي يقابلها المواطنون العرب في إسرائيل ستزول بزوال الصراع العربي -الإسرائيلي. لقد وجهت لجنة التوجيه العليا قبل اسبوعين، دعوة إلى حركة السلام الآن لحضور الاحتفالات بيوم الأرض في سخنين، بيد حتى الحركة ترددت في قبول الدعوة، لأن يوم الأرض بالنسبة للجمهور اليهودي، الذي دأبت حركة السلام الآن على مناشدته، هويوم مرتبط بالتطرف والانفصالية. وفي السنوات الأخيرة، أخذت الاحتجاجات والمهرجانات بمناسبة يوم الارض تتطور إلى أعمال عنف تؤجج نار التوتر السائد بين العرب واليهود. واذا ما أُخذ المزاج السائد داخل الوسط العربي الذي تجلى عشية مداولات لجنة اور بعين الاعتبار ، فقد خشي نشطاء حركة السلام الآن تحول إحياء ذكرى يوم الأرض هذا العام إلى أعمال عنف وانشطة مناهضة لإسرائيل. يقول مدير عام حركة السلام الآن، موريا شلموظ "أعتقد حتى سمعتنا الطيبة كحركة صهيونية مخلصة هي بمثابة رصيد استراتيجي، ونحن لا نريد المشاركة في العنف ولا في مظاهر استفزازية أورسائل يستشف منها رائحة التطرف". بيد حتى الأغلبية ترى حتى أنشطة يوم الأرض تشير إلى نوع من الاحتجاج على مصادرة الأراضي، وهي القضية التي يتوجب على حركة السلام الآن اتخاذ موقفٍ منها، وبخاصة حتى الزعامة في الوسط العربي طمأنت ممثلي الحركة حتى هذه الأنشطة لن تتعدى النطاق السلمي غير العنيف، ولن تحمل أية أعلام أويافطات تحمل عبارات مناهضة لإسرائيل هناك. لذلك قررت سكرتارية السلام الآن مبدئيا المشاركة بعد الاتفاق على تخفيف وتيرة الظهور الاعلامي، كما تقرر حتى تتم مراقبة الأحداث على الارض، واذا ما طرأ أي نوع من أعمال العنف في المظاهرة، تتراجع حركة السلام الآن وتلغي مشاركتها.

تناضل حركة السلام الآن جيداً في سبيل الحفاظ على تألقها السياسي مع حتى هذه المهمة في غاية التعقيد. فخلال عقدين من عمرها كانت مهمة حركة السلام الآن في ظل وجود حزب العمل وحركة ميرتس والمعارضة اسهل، لأنه من الصعب جداً احتجاج الإنسان على ذاته من منطلق حتى اليسار يغمد سيفه عندماقد يكون مشاركاً في السلطة. يعتبر حزب العمل من الناحية الرسمية جزءاً من الائتلاف العملاق وفيه شمعون بيرس مهندس اتفاقيات أوسلو، والذي يشغل منصب وزير الخارجية في حكومة ارئيل شارون، الذي يتهمه انصار حركة السلام الآن بإشعال نار حرب لبنان، فهماً بأن هذه الحكومة هي نفسها التي سمحت علناً ببناء وتطوير 70 وحدة سكنية في الأراضي المحتلة وبدعم حزب العمل، في ظل عجز المعارضة بزعامة يوسي ساريد وتومي لابيد عن ممارسة أي نوع من التصدي الفعال لذلك. ووسط هذا الضباب يقبع حمائم حزب العمل أمثال يوسي بيلين وكوليت أفيتال مشلولين لا حراك فيهم.

في ظل هذه الظروف، تتشوش الخطوط الفاصلة بين النشاط البرلماني والنشاط الذي يخرج عن نطاقه، حيث تدعم حركة السلام الآن في هذا الوقت مبادرة هادفة إلى تشكيل ما يسمى "بميثاق الحمائم"، الذي يضم في طياته كافة تيارات اليسار الصهيوني سواء داخل البرلمان أوخارجه. يؤكد نشطاء حركة السلام في الغالب على أنهم "حركة سلام صهيونية" في محاولة واضحة ومقصودة، لتمييز أنفسهم عن الجماعات اللا صهيونية الراديكالية مثل "غوش شالوم" و"تحالف نساء من أجل سلام عادل".

تعتقد يهوديت كيشت وهي نشيطة في مؤتمر المنظمات اليهودية وعضوفي جماعة "محسوم" وتعني الحاجز، التي هجرز اهتمامها على مراقبة ورصد انتهاكات حقوق الإنسان على حواجز الجيش الاسرائيلي، حتى حرص حركة السلام الآن على حتى تكون حركة صهيونية هوأمر في غير محله، وتقول: "ما يهم في هذه الفترة هومعارضة الإحتلال ومعارضة السياسة الإسرائيلية نحوالمواطنين العرب في إسرائيل. هناك الكثير من الأعضاء في مؤتمر كبرى المنظمات اليهودية من يعتبر نفسه صهيونياً". أما جوديت كورن، وهي نشيطة سابقة في حركة ميرتس، فلا تتفق مع هذا الرأي وتقول: "إن حركة السلام الآن لا تمثل اليسار الراديكالي، فنحن أكثر وسطية وأكثر اعتدالاً". وترى أنه لابد من بقاء إسرائيل دولة يهودية، "ولأننا صهيونيون، يدرك الفلسطينيون والمواطنون العرب في إسرائيل أنه لا يروق لهم ما نقول، رغم حتى هذه رسالتنا التي تمثل آراء أغلبية الإسرائيليين المعتدلين".

لازال قرار حركة السلام الآن، بتكريس وقتها وتسخير جهودها وطاقتها ومصادرها في سبيل الكفاح من أجل المساواة لصالح المواطنين العرب في اسرائيل، يمثل تحولاً ملحوظاً عن دور الحركة التقليدي في وقت ينتقد فيه خصوم الحركة الايدلوجيين هذه المستوى، واصفين إياها بأنها محاولة إنتهازية لوضع اطر مهمة جديدة، لأن إنهيار عملية اوسلووالانعدام التام للاتصالات مع الفلسطينيين في المناطق المحتلة يوجب على الحركة انتهاج طريق جديد، وإلا فإنها ستزول. ترد البروفيسورة غاليا غولان، إحدى الأعضاء المؤسسين للحركة على ذلك قائلة: "هناك قضيتان وهما الاجحاف بحق المواطنين العرب في البلاد والحاجة إلى تسوية اقليمية مع الفلسطينيين. هاتان القضيتان منفصلتان لكنهما مرتبطتان ارتباطاً مباشراً. لقد طمست السياسة الإسرائيلية أي نوع من الاختلاف بين الفلسطينيين الذين هم مواطنون في دولة إسرائيل وبين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الإحتلال. ليست هذه هي الرسالة التي نود توجيهها. فنحن نريد حتى نوجه للمواطنين العرب رسالة الاندماج في دولة إسرائيل. ولكن إذا عوملوا بنوع من الريبة وقمعت مظاهراتهم بالعنف وواصلنا مصادرة أراضيهم، فحينئذ نكون قد ألقينا بهم في أحضان السلطة الفلسطينية".

تشعر جوديت كورن منذ مدة حتى على حركة السلام الآن المشاركة في دعم وتعزيز المساواة لصالح المواطنين العرب في الدولة، وتضيف: "لقد أصبحت بفضل انشطتي المهنية والسياسية على إدراك تام بمدى محدودية الفهم اليهودي لما هوعربي هنا. اليسار لا يعي مدى العزلة والظلم والتمييز الذي يعيشه المواطن العربي في إسرائيل يومياً. لقد حاولت إثارة هذا الموضوع مع سكرتارية الحركة، بيد حتى افكاري لاقت معارضة شديدة".

يعترف المتحدث بلسان حركة السلام الآن ديدي رامز حتى القضايا التي لها علاقة بالمواطنين العرب في البلاد نادرة، وأن وجدت قلَّما يتم مناقشتها. وحسب اعتقادي، فإن هذا خطأ فادح. لقد تسببت أحداث الشغب الأخيرة في أكتوبر الماضي في مقتل 13 من المواطنين العرب. ومن أجل تسليم ذلك الخطأ عقدت قيادة السلام الآن اجتماعاً طارئاً للسكرتارية بعد ليلة من انقضاء عيد الغفران. كانت اجواء الاجتماع مشحونة بالتوتر كما يقول شلوموط. "كان الناس غاضبين على الشرطة وعلى الحكومة وعلى العرب أنفسهم. لا أحد كان يريد حدوث ما جرى. بيد حتى هناك شيئاً واحداً كان واضحاً للحضور هوأنه لم يعد بالامكان التغاضي عن المشاكل". تقول غولان، "كانت أحداث أكتوبر مرعبة، بحيث أنه إذا لم نعمل شيئاً في سبيل تغيير هذا الوضع الذي يتسم بعدم المساواة والعنصرية التي تستشري في المجتمع الإسرائيلي، فسنشهد تزايد عدد أولئك الذين سيبدأون في المطالبة بالحكم الذاتي أوحتى بالاستقلال. كان من الاحرى حتىقد يكون أول يوم للأرض قبل 20 عاماً بمثابة الضوء الاحمر الذي يشير إلى وجود خلل ما. ولكن يظل التأخر أفضل من عدم الاكتراث". لقد بدأت حركة السلام الآن في إقامة وتطوير نوع من العلاقات غير الرسمية مع المنظمات العربية والشخصيات السياسية البارزة، ثم تطورت إلى وسيلة إستراتيجية. شارك نشطاء السلام في ما يسمى بمخيمات السلام التي نصبت على طول الخط الأخضر وعرضه عشية عيد المظلة "هسكوت"، كما انضم عدد منهم إلى الجماعة التي أشرفت على تنظيم المظاهرة في حيفا بعد انتهاء العيد.

نظم كورن وغيره من نشطاء حركة السلام الآن جولة سياحية ضمت قرى جت والمثلث غير المعترف بها، مثل قرية الزبيدات وعين هود، حيث التقوا هناك بالوجهاء والشخصيات السياسية. يقول كورن "تحدثنا معهم وطرحنا مواقفنا كحركة سلام صهيونية بوضوح وأصغينا إلى مشاكلهم. كانت الزبيدات أول محطة توقف فيها وفد السلام الان، التي هي إحدى 40 قرية عربية غير معترف بها منتشرة في شتى أراتى إسرائيل. طريق القرية الرئيس وعرة غير معبدة ولا توجد على جانبيها أية إشارات دالة. ويبدومظهر القرية للوهلة الأولى وكأنها كومة من الأكواخ الاسمنتية التي تفتقر إلى المجاري لكهرباء وخطوط المياه الجارية. ويريد السكان الذين عاشوا على هذه البقعة أجيالاً عديدة الاعتراف بهم كحي من أحياء قرية بسغات تفعون أملاً في الحصول على الخدمات البلدية مثل مدارس الأطفال.

المصدر : الجيريوسالم بوست 13/4/2001 بقلم:ايتا برنس جبسون