للحب وجه آخر (مسلسل)

هذا الموضوع مبني على
منطقة لابراهيم العريس.

للحب وجه آخر مسلسل لبناني إنتاج قناة أل بي سي, قدم في رمضان. أخرجه إيلي معلوف. وسيرة وحواراً وسيناريوطوني شمعون .

فالمسلسل شبه الوحيد، إذا لم يكن الوحيد، الذي «أتحف» جمهور «المؤسسة اللبنانية للإرسال» (أل بي سي) كان «للحب وجه آخر» لم يكن منتظراً من الدراما اللبنانية في حالتها الراهنة حتى تأتي بجديد، فالأزمات الكثيرة التي تعانيها هي الى مزيد من التفاقم والمواهب الجديدة التي تطل حيناً تلوحين سرعان ما تقع في هاوية هذه الدراما التي تبدوكأن «لعنة» ما لا تفارقها.

وإذا حاولنا إدراج هذا المسلسل داخل المشهد الدرامي الرمضاني لما أمكنا حتى نجد له سوى زاوية وزاوية صغيرة جداً، على رغم حتى موسم هذه السنة كان ضحلاً لا في ضخامة الإنتاج بل في نوعه.

فالمسلسل اللبناني بدا منذ الوهلة الأولى تكراراً لنموذج درامي بات شائعاً، في بنيته وشخصياته والعلاقات التي تجمع بينها. وهذا النموذج كانت رسّخته الدراما المكسيكية القائمة على المفارقات الضعيفة أصلاً والمفتعلة. وفي هذا المسلسل هناك والد (مجدي مشموشي) يجهل أنه أنجب ولداً (وسام حنا) لكنهما سيتقابلان حتى الموت الى حتى يدرك الابن حتى عدوّه هووالده والوالد حتى خصمه وابن زوجته (نهلا داود) التي تخلى عنها هوالولد الذي أنجبه من دون فهمه. وفي المسلسل أيضاً هناك والد آخر (فادي إبراهيم) لا يعهد الفتاة (ريتا حايك) التي أنجبها من الزوجة نفسها التي أهملها الأول بعد حتى سيطر على القليل من المال الذي كانت تملكه.

السيرة والأحداث

وكما في المسلسلات المكسيكية أيضاً (لا الهجرية) يتقدّم «فؤاد» من «رلى» طالباً يدها من والدها الذي لم يكن راضياً عن هذا «العريس» ويحصل عليها زوجة يظنها مقبلة على ثروة هائلة هي ثروة والدها. لكن الوالد سرعان ما يموت (يا للمصادفة) ويُكشف إفلاسه والديون الكبيرة المتراكمة عليه وباتت الآن من حصة ابنته المتزوجة حديثاً. إلا حتى الزوج لا يلبث حتى يتخلى عنها للفور (ما أضعف هذا الموقف) وينهال عليها شتماً وإهانة وتساعده في هذه «الحملة» أمه (وفاء طربيه) «الشمطاء» والطامعة بالمال والجاه انتقاماً لماضيها الفقير وحاضر ابنها.

قد يحدث الانتقام الذي تسعى الزوجة إليه هوأجمل فكرة في المسلسل وقد جسّدته الممثلة القديرة نهلة داود التي أدت دور الزوجة المغدورة مرتين، الزوجة التي غدر بها زوجاها، الأول إنسانياً ومادياً والثاني عاطفياً. وقد استخدمت «قناع» القسوة لتخفي رقّتها الداخلية كعاشقة ثم كزوجة ثم كأم، ولتنتقم بشراسة، لا سيما من الزوج الأول الذي دمّر حياتها وسرقها. وبدت نهلة في أدائها المتميز والحي كأنا تؤدي دوراً من الأدوار النسائية في المسرح الإغريقي (ألكترا) مانحة الشخصية أبعاداً داخلية وشحنات نفسية وتوترات... استطاعت هذه الممثلة حتى تتفرّد بنفسها في هذا المسلسل على حدة، دامجة بين أقصى القوة والقسوة كزوجة وأقصى الرقة والطيبة كأم. وأمامها برز ممثلون قديرون مثل فادي إبراهيم الذي أدى شخصية الزوج الخائن ولكن العاشق أبداً للمرأة التي خانها بالخطأ وشخصية الأب الذي يفيض حناناً ورقة، خصوصاً عندما يقف أمام ابنته.

وكذلك الممثل مجدي مشموشي الذي أدى شخصية الزوج الأول الذي يغدر بزوجته طامعاً بمالها. وكذلك الممثل ألكوداود وريتا حايك وسواهما من الممثلين الذين يظهر كأنهم يمثلون انطلاقاً من وعيهم الشخصي للأدوار وليس من رؤية إخراجية شاملة. وهذا أمر يؤخذ دوماً على معظم المخرجين الدراميين الذين لا يولون إدارة الممثلين وهجريب الشخصيات (عذراً من ستاينسلافسكي) كبير اهتمام أوأهمية.

ولا بد هنا من توجيه تحية الى الممثلة الكبيرة وفاء طربيه في دورها الذي أدته وهودور الأم القاسية والطامعة بالمال والمحرّضة ابنها على الغدر، لكنها الأم التي سرعان ما تنهار وتضعف عندما تفهم حتى ابنها الوحيد أصيب بالسقم العضال. وما أجمل تلك اللقطة التي ركعت فيها وفاء طربيه على قدمي نهلة داود وراحت تقبّلهما طالبة رحمتها. وبدت الاثنتان عملاً في لحظة درامية بديعة.

وضع طوني شمعون نصه أمانة بين يدي المخرج إيلي معلوف لكنه عوض حتى يحسن التعامل مع هذه الأمانة استسهل بها وسطّحها وأضعفها، وكان في إمكانه حتى ينطلق منها ليبني نصاً بصرياً ولوكان قائماً على بنية مستهلكة تلفزيونياً. وكعادته بدا المخرج مغرماً بتصوير الأبنية قبل الدخول الى الصالونات حيث يقضي الممثلون وقتاً غير قليل، إما جالسين على الكنبات يتبادلون «أطراف» الحديث أويتمشون في مساحات صغيرة أويجلسون وراء الممحرر.

وقد افترض المخرج حتى اعتماد تقنية التقطيع السريع يمنح المسلسل إيقاعاً متتابعاً لكن نسي حتى التنقل بين صالون وآخر أوبين مخط ومخط لا يعني انتنطقاً بصرياً أودرامياً. وما زاد من بطء المسلسل هو«المطّ» الذي اعتمده المخرج كي يتمكّن من تغطية أيام الشهر الفضيل كلها لكنه بالكاد استطاع حتى يغطي 27 يوماً وبـ «شق» النفس كما يُنطق بالعامية. وحاول المحرر بدوره حتى يطيل الحوارات الجميلة فسقط في الإنشائية الدرامية وبدت الشخصيات كأنها تتحدث بعضها مثل بعض. قد لا يحتمل مسلسل «للحب وجه آخر» المزيد من التحليل ولا المزيد من النقد، ما دام مسلسلاً مصنوعاً وفق «النموذج» أولأقل «النطقب» الدرامي الجاهز والمصمّم مكسيكياً ولبنانياً.