غالة الرومانية

عودة للموسوعة

غالة الرومانية

جزء من عن
خط زمني
بوابة فرنسا
حكومات فرنسا
الگال
الفرنجة
أسرة ڤالوا
أسرة البوربون
الجمهورية الأولى
الامبراطورية الأولى
استعادة البوربون
ملكية يوليو
الجمهورية الثانية
الامبراطورية الثانية
الجمهورية الثالثة
فرنسا ڤيشي
الجمهورية الرابعة
الجمهورية الخامسة

Roman Gaul consisted of an area of provincial rule in the Roman Empire, in modern day فرنسا, Belgium, Luxembourg, and western ألمانيا. Roman control of the area lasted for more than 500 years.

The Roman Republic began its takeover of Celtic Gaul in 121 BC, when it conquered and annexed the southern reaches of the area. Julius Caesar completed the task by defeating the Celtic tribes in the Gallic Wars of 58-51 BC and the romanization that ensued was quickest in the cities; Latin was spoken by a majority of Gauls in the third century AD but with some remains of the Gallic language.

The last vestige of Roman rule was effaced by the Franks at the Battle of Soissons (486); displacing the Visigothic kingdom of Toulouse in 507, the Franks brought most of Gaul, except Septimania in the south, under the rule of the Merovingians, the first kings of France.

The city of Lugdunum (now Lyon) had long been the capital of the Gaul.

غالة

لقد كان في مقدور جميع السفن ذات الحمولة المتوسطة، بما فيها سفن المحيطات حتى تسير في تلك الأيام في نهر الرون من مرسيليا إلى ليون. أما القوارب الصغيرة فكانت تستطيع مواصلة السير إلى ما يقرب من أربعين ميلاً من نهر الرون الأعلى. فإذا نقلت البضائع بعد ذلك مسافة قصيرة فوق أرض مستوية استطاع الناس بعدها حتى ينقلوها بالسفن مارّة بمائة مدينة وألف قصر صغير إلى بحر الشمال. وكانت قفزات أرضية شبيهة بهذه القفزة تؤدى من الرون والساؤون إلى اللوار وإلى المحيط الأطلنطي، ومن الأود Aude إلى الجارون وبردو، ومن الساؤون إلى السين وبحر المانش. وكانت التجارة تسير في هذه الطرق المائية، ونشأت بفضلها مدائن عند ملتقاها، وكانت فرنسا، كما كانت مصر، هبة مجاريها المائية.


التاريخ

ويمكن القول حتى الحضارة الفرنسية - بأحد المعاني التي يمكن حتى تفهم من لفظ الحضارة- بدأت منذ أيام "الرجل الأوريناسي Ourignacian man" أي قبل ميلاد المسيح بثلاثين ألف عام، فقد كان في هذا الوقت البعيد، كما تدلُّ كهوف منتنياك Montignac، فنانون يستطيعون حتى يصوروا بالألوان الزاهية والخطوط الواضحة. ثم انتقلت فرنسا حوالي عام 12000 ق.م من ذلك العصر الحجري القديم، عصر الصيد والرعي، إلى حياة الاستقرار وفلح الأرض في العصر الحجري الحديث، وانتقلت منه بعد عشرة آلاف عام طوال إلى عصر البرنز. وحوالي عام 900ق.م أخذ جنس حديث هوالجنس "الألبي" المستدير الرؤوس يتسرّب إلى البلاد من ألمانيا، وينتشر في فرنسا، ومنها إلى بريطانيا وإيرلندة، ثم ينزل إلى أسبانيا. واتى هؤلاء، "الكلت" معهم بحضارة هولستات Hallstatt الحديدية من النمسا. ثم استوردوا من سويسرا حوالي عام 550 ق.م فن لاتين La Te`ne في صناعة الحديد، وكان قد تقدم تقدماً كبيراً في سويسرا. وسمّت روما فرنسا أول ما عهدتها بإسم كلتيكا Celtica ولم يتغير هذا الاسم إلى غالة Gallia إلا في عهد قيصر.

وغلب المهاجرون أهل البلاد أوفاقوهم في عددهم، واستقروا قبائل مستقلّة لا تزال أسماؤها تنم عليها المُدن التي شادوها . ويقول قيصر إذا الغاليين كانوا قوماً طوال القامة، وأقوياء الأجسام، ظاهري العضلات(23)، يمشطون شعرهم الغزير الأشقر ويرسلونه خلف رؤوسهم وعلى أقفيتهم، وكان بعضهم يطيلون لحاهم، والكثيرون منهم يهجرون شواربهم تتثنى حول أفواههم. وقد نقلوا معهم من بلاد الشرق، وربما كان ذلك عن الإيرانيين الأقدمين، عادة لبس السراويل القصيرة، وأضافوا هم إليها رداء مصبوغاً بألوان كثيرة ومطرزاً بالأزهار، ومن فوقه عباءة مخططة تتدلى من الكتفين، وكانوا مولعين بالجواهر، ويتزينون في الحروب بالحلي المضىية - إذا لم يكن عندهم ما أثمن منها(24). وكانوا يكثرون من أكل اللحم، وشرب الجعة والخمر غير المخفف بالماء، لأنهم كانوا "سكّيرين بفطرتهم" إذا جاز لنا حتى نصدق أبيان(25). ويصفهم أسترابون بأنهم قوم "سذّج.. ذووشمم وكبيراء، لا يطيقهم أحد إذا انتصروا، وتطير نفوسهم شعاعاً إذا غُلبوا"(26)، ولكن علينا ألا نثق جميع الثقة بهذه الأقوال لأنه ليس من الخير في جميع الأحوال حتى يخط عن الناس أعداؤهم. وقد اشمئزّت نفس بوسيدونيوس حين رآهم يعلقون رؤوس أعدائهم بعد فصلها عن أجسامهم في رقاب جيادهم(27). وكان يسهل استثارتهم للجدول والقتال، وكانوا في بعض الأحيان يسلّون أنفسهم في المآدب بأن يتبارزوا حتى يقتلوا بعضهم بعضاً. ويقول عنهم قيصر: "إنهم كانوا أكفاء لنا في الشجاعة وفي التحمس للحرب"(28)، ويصفهم أميناس مرسلينس Ammianus Marcellinus بأنهم:

"مهما تكن سنهم يليقون للخدمة العسكرية، فالشيخ منهم يخرج للحرب وهولا يقل شجاعة عن الشاب في مقتبل العمر... والحق حتى سريّة كاملة من الأجانب لتعجز عن الوقوف في وجه غالي واحد إذا نادى زوجته إلى تأييده، وهي في العادة أشد منه بأساً وأعظم شراسة، وخاصة إذا نفخت عنقها، وعضت على أسنانها، ولوّحت بذراعيها الضخمتين، وشرعت تكيل الربات بيديها وقدميها كأنها حجارة تُقذَف من منجنيق".

وكان الغاليون يؤمنون بآلهة كثيرة، نسي الناس جميع أمرها فلا ضير عليها إذا لم نذكر أسماءها. وكان اعتقادهم بحياة سعيدة في الدار الآخرة قوياً إلى حد حمل قيصر على الحكم بأن هذا الإيمان كان له أكبر الأثر في شجاعة الغاليين. ويقول فالريوس مكسمس: إذا قوّة هذه العقيدة كانت تدفع رجالهم إلى حتى يُقرِضوا المال على حتى يردَّ إليهم في الديار الآخرة، ويقول ليسدونيوس إنه رأى الغاليين في إحدى الجنازات يخطون الرسائل إلى أصدقائهم المتوفين ويلقون بها على كومة الحريق حتى يحملها الميت إلى المرسَلة إليهم(30)؛ وليتنا نستطيع حتى نستمتع برأي رجل غالي في هذه القصص الرومانية. وكان كهنتهم يشرفون على جميع شؤون التعليم، ويعنون جميع العناية بغرس العقيدة الدينية في نفوس المتفهمين؛ وكانوا يقومون بطقوس دينية ذات روعة، يؤدونها في الأيك أكثر مما يؤدونها في الهياكل، ويسترضون الآلهة بتقديم الضحايا البشرية يأخذونها من المحكوم عليهم بالإعدام لجرائم ارتكبوها؛ وقد تبدوهذه العادة همجية لمن لم يروا بأعينهم في هذه الأيام طريقة الإعدام بالكهرباء؛ وكان الكهنة هم الطائفة الوحيدة المتفهمة - ولعلّها كانت الطائفة والوحيدة غير الأمية - في هذا المجتمع الغالي؛ وكانوا يؤلّفون الترانيم الدينية، والقصائد، ويخطون السجلات التاريخية، ويدرسون النجوم وحركاتها، وحجم الكون والأرض، ونظام الطبيعة"(31)، وقد وضعوا لأنفسهم تقويما عملياً، وكانوا قضاة لهم نفوذ كبير في بلاط ملوك القبائل. وكانت غالة قبل عهد الرومان، كما كانت في العصور الوسطى، تسير على النظام الإقطاعي المكتسي بثياب الحكم الديني. وبلغت غالة الكلتية ذروة مجدها تحت حكم هؤلاء الملوك والكهنة في القرن الرابع قبل الميلاد، وازداد عدد السكان لوفرة الإنتاج الناشئ عن أساليب لاتين La Te`ne الفنية، فأدى ذلك إلى سلسلة من الحروب للاستيلاء على الأرض، ولم يحل عام 400 ق.م حتى كان الكلت الذين يمتلكون معظم أوربا الوسطى وغالة، قد استولوا على بريطانيا، وأسبانيا، وشمالي إيطاليا. وفي عام 390 اندفعوا جنوباً نحوروما، وفي عام 278 نهبوا دلفي واستولوا على فريجيا؛ وبعد قرن من ذلك الوقت أخذت قوتهم في الاضمحلال؛ وكان بعض السبب في هذا لين طباعهم الناشئ من ثروتهم ومن تأثرهم بالأساليب اليونانية، وبعضه الآخر قوة أمراء الإقطاع السياسية. فكما حتى الملوك قد قضوا في العصور الوسطى على قوة الأمراء وأنشئوا بعد القضاء عليها دولة موحدة، كذلك قضى أمراء الإقطاع في القرن السابق لظهور قيصر على سلطة الملوك، وهجروا غالة مبترة الأوصال أكثر من ذي قبل. وأخذ الكلت يردون إلى الوراء في جميع مكان عدا أيرلندة، فأخضعهم القرطاجيون في أسبانيا، وأخرجهم الرومان من إيطاليا، وفتح الرومان في عام 125 ق.م جنوبي غالة لحرصهم على تأمين طريقهم إلى أسبانيا، وجعلوا تلك البلاد ولاية رومانية. وفي عام 58 ق.م استغاث زعماء الكلت بقيصر ليساعدهم على صد غارة ألمانية، فأجابهم قيصر إلى ما طلبوا وحدد هوثم هذه المعونة:

التنظيم الجغرافي والاداري

وأعاد قيصر وأغسطس تنظيم غالة فقسّماها أربع ولايات: غالة التربونية في الجنوب، وهي المعروفة للرومان باسم بروفنسيا Provincia ولنا باسم بروفانس Provence، وقد اصطبغت هذه الولاية إلى حد كبير بالصبغة اليونانية بسبب استيطان اليونان لشاطئ البحر الأبيض المتوسط، وأكوتانيا في الجنوب الغربي، ومعظم سكانها من الأيبيريين، وغالة اللدجونية Ludgonensis في الوسط، وكانت الكثرة الغالبة من أهلها من الكلت، وبلجيكا في الجنوب الشرقي وكثرة أهلها ألمان. وقد أقرّت روما هذه الأقسام العنصرية وزادتها حدة لتتقي بذلك ثورتها الجامحة، فأبقت المقاطعات التي تسكنها القبائل المتنوعة على حالها واتخذتها أقساماً إدارية. وكان المُلاّك هم الذين يختارون الحكام، وقد ضمنت روما ولاء هؤلاء الملاك بما كانت تقدمه لهم من عون د الطبقات الدنيا، ومنحت حق المواطنية الرومانية مكافأة منها للغاليين الموالين لها الذين يؤدون لها خدمات قيمة. وكانت جمعية إقليمية تضم ممثلين يُختارون من جميع مقاطعة تجتمع جميع عام في مدينة ليون. وقد قصرت وظيفتها في أول الأمر على القيام بطقوس عبادة أغسطس، ولكنها ما لبثت حتى انتقلت من هذا إلى التقدّم بملتمسات إلى الحكام الرومان، ثم أصبحت هذه الملتمسات توصيات ثم مطالب. وانتزعت شؤون القضاء من أيدي الكهنة، وبدد ضمهم، واتبع القانون الروماني في فرنسا، وظلّت غالة ما يقرب من قرن خاضعة مستسلمة للنير الجديد.

وحدث في عام 68م وفي عام 71م حتى اندلع لهيب الثورة زمناً قصيراً بقيادة فندكس Vindex وسفيلس Civilis، ولكن الأهلين لم يقدموا إلا عوناً قليلاً لهاتين الحركتين، وفضّلوا الاستمتاع بالرخاء، والأمن والسلام على حب الحرية.

وأصبحت في ظل السلم الرومانية من أغنى أقسام الإمبراطوريّة، وكانت روما نفسها تعجب من ثراء الأشراف الغاليين الذين انظموا إلى مجلس الشيوخ في عهد كلوديوس، وأخذ فلورس Florus بعد مائة عام من ذلك الوقت يذكر الفرق بين ثراء غالة المزدهرة وضعف إيطاليا المضمحلة (33). فقد قُطّعت الغابات لتفسح الأرض للزراعة، وجففت المستنقعات، وارتقت أساليب الزراعة حتى استخدمت حصّادة آلية(34)، وانتشرت الكروم وأشجار الزيتون في جميع مقاطعة، وكان بلني وكولملا Columella في القرن الأول الميلادي يمتدحان خمور برغندية وبردو. وكانت في البلاد ضياع واسعة يفلحها الكثير وأفنان الأرض ويمتلكها أسلاف أمراء الإقطاع في العصور الوسطى، ولكن كان فيها أيضاً كثيرون من صغار الملاّك، وكانت الثروة في غالة القديمة، كما هي في فرنسا الحديثة، موزعة توزيعاً أقرب إلى المساواة منه في أية دولة متمدنة أخرى. وتقدمت الصناعة بوجه خاص تقدماً سريعاً، فلم يحل عام 200م حتى أخذ صناع الفخار والحديد ينتزعون أسواق ألمانيا وأسواق الغرب من إيطاليا، والنساجون الغاليون يقومون بالجزء الأكبر من صناعة النسيج في الإمبراطوريّة، وحتى كانت مصانع ليون تُخرج الزجاج التجاري وأدوات زجاجية ذات روعة فنية ممتازة(35). وكانت البراعة الفنية في الصناعة يتوارثها الأبناء عن الآباء، حتى أضحت جزءاً ثميناً من التراث الروماني، وكانت الطرق التي أصلحها الرومان أوأنشئوها والتي يبلغ طولها 13000 ميل غاصّة بأدوات النقل والتجارة.

وأثرت بلدان كِلتيكا القديمة بفضل هذه الحياة الاقتصادية المتسعة، فأصبحت مدائن كبرى في غالة الرومانية، فكانت بردجالا Burdegala (هي بوردوالحالية) عاصمة أكوتانيومن أكثر ثغور المحيط الأطلنطي حركة وتجارة، وكانت ليمونم Limonum (ليموج) وأفريكم Avaricum (يورج). وأُغسطنمتم Augustonemetum (كيرمون - فران Clermont. Ferraand) مدائن غنية.

حتى قد استطاعت هذه المدينة الأخيرة حتى تقدم لزنودوتس Zenodotus أربعمائة ألف سسترس ليقيم بها تمثالاً ضخماً لعطارد(36). وفي غاليا التربونية بلغت المُدن من الكثرة درجة جعلت بلني يصفها بأنها "أشبه بإيطاليا منه بولاية من ولاياتها"(37). وكان في الجهة الغربية مدينة طولوزا Tolosa (طولوز الحالية) التي اشتهرت بمدارسها، وكانت ناربوNarbo نربونة (Narbonne) عاصمة الولاية في القرن الأول الميلادي أعظم مدائن غالة، وأهم الثغور التي تصدر منها غلاتها إلى إيطاليا وأسبانيا، وقد وصفها سيدونيوس أبلينارس Sidonius Apollinaris بقوله إذا "فيها أسواراً، وطرقاً للتنزّه، وحانات، وعقوداً وأروقة ذات عُمَد، وسوقاً عامة، وملهى، وهياكل وحمّامات، وأسواقاً من أجل البيع والشراء، ومراعي، وبحيرات، وقنطرة، وبحراً"(38). وكان إلى شرق هذه المدينة على طريق دوميتيا العظيم الذي يصل أسبانيا بإيطاليا بلدة نموسس Nemousus (نيمز Nimes). وقد شاد أغسطس والمدينة بيتها المربع Maison Carre`e الجميل تخليداً لذكرى حفيديه لوسيوس وكيوس قيصر؛ ومما يدعوإلى الأسف حتى أعمدته الداخلية داخلة في جدران المحراب، ولكن أعمدته الكورنثية المنفصلة لا تقل جمالاً عن أية عُمَد في روما. ولا تزال الاحتفالات تقام من آن إلى آن في مدرجها الذي كان يتسع لعشرين ألفاً من النظارة. وتحولت القناة الرومانية التي كانت تنقل الماء العذب إلى روما على مر الزمن إلى قنطرة نهر جار Gard ولا تزال العقود السفلى لهذه القنطرة قائمة إلى اليوم في صورة آثار ضخمة محطمة في الريف العابس القريب من المدينة تظهر بجلاء ما بينها وبين العقود الصغرى التي فوقها من إختلاف، وتشهد هذه وتلك بعظمة فنون روما الهندسية.

وأنشأ قيصر شرق هذه المدينة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط مدينة أرلات Arelate (آرل الحديثة Arles) ظناً منه أنها ستحل محل مساليا Massalia) المشاكسة؛ فتكون مركزاً لبناء السفن وثغراً تجارياً هاماً. وكانت مساليا (مرسيليا) مدينة قديمة حين ولد قيصر، وبقيت يونانية بلغتها وثقافتها إلى آخر أيامه، وكانت فنون الزراعة، وغرس الأشجار، وزراعة الكروم، والثقافة اليونانية قد دخلت بلاد غالة من مرفأ هذه الفُرضة البحرية. وفيها بنوع خاص كانت أوربا الغربية تستبدل بغلاتها حاصلات بلاد اليونان والرومان، وكانت إلى هذا من أعظم مراكز الجامعات في الإمبراطوريّة، وكان أعظم ما اشتهرت به مدرسة الحقوق. وقد اضمحلّ شأنها بعد قيصر ولكنها ظلت ما كانت مدينة حرّة مستقلّة في شؤونها عن حاكم الولاية. وكان يليها من جهة الشرق فورم لولياي Forum Lulii (فريجوFrejus)، وأنتبوليس Antipolis (أنتيب Antibes) ونيسيا Nicaea (ميس)، ويتألف منها كلها ولاية الألب البحرية الصغيرة. وإذا انتقل المسافر في نهر الرون من أرلات وصل إلى أڤنيوAvenio (أڤنيون الحديثة Avignon) وأروسيوArausio (أورانج Orange) وقد بقي في هذه المدينة الأخيرة قوس عظيم من أيام أغسطس؛ وفيها أيضاً ملهى روماني ضخم لا تزال تمثل فيه مسرحيات قديمة.

وكانت أكبر ولايات غالة هي غالة اللجدونية، وسميت كذلك نسبة إلى عاصمتها لجدونم Lugdunum (ليون الحالية). وكانت هذه العاصمة تقع عند ملتقى الرون والساؤون وملتقى عدة طرق برية كبرى أنشأها أجربا، ولذلك أضحت المركز التجاري لإقليم غني وعاصمة لغالة كلها. وقد استطاعت بفضل ما قام فيها من صناعات الحديد والزجاج والخزف حتى تقبل في القرن الأول الميلادي عدداً من السكان بلغ حوالي مائتي ألف(40). وكان إلى شمالها بلدة كيلونم Cabillonum (شالون-على-الساؤون Chalon-sur-Saone) وقيصردونم Caesarodunum (تور Tours الحالية) وأغسطودونم Augustodunum (اوتون Outun الحالية) وسنابوم Cenabum (اورليان الحالية Orleans) ولورتريا Luteria (باريس الحالية). وخط الإمبراطور يوليان يصف هذه المدينة الأخيرة فنطق: "لقد قضيت الشتاء (357-358) في لوتيريا مدينتنا المحبوبة، لأن هذا هوالاسم الذي يطلقه الغاليون عن مدينة الباريزيين الصغيرة، وهي جزيرة في النهر... يعصر فيها الخمر الطيب(41).

وكانت ولاية بلجيكا التي تضم أجزاء من فرنسا وسويسرا الحاليتين بلاداً لا يكاد أهلها يشتغلون بغير الزراعة؛ وكان معظم ما فيها من صناعات قليلة متصلاً بالقصور الصغيرة ذات الحدائق التي تدل بقاياها الكثيرة على حتى أصحابها كانوا من الأشراف الذين يعيشون معيشة الدعّة الوترف. وفي هذه الولاية أنشأ أغسطس المدائن المعروفة الآن بأسماء سواسون Soissons، وسان كنتن St. Quentin، وسنلي Senlis، وبوفيه، وتريف Treves، وازدهرت آخر هذه المدن، وكانت تسمى أغسطا ترڤيرورم Augusta Trevirorum لأنها كانت مركز قيادة الجيش المدافع عن الرين، وأصبحت في أيام دقلديانوس عاصمة غالة بدل مدينة ليون، وصارت في القرن الخامس أكبر مدينة في شمال جبال الألب، ولا تزال حتى الآن غنية بآثارها الرومانية القديمة - فلا تزال پورتا نگرا Porta Nigra محتفظة بأسوارها الرومانية، ولا تزال فيها حمامات سانت بربارا، وفي إيجل Igel القريبة منها مقبرة أسرة سكنديني، وفي نوماجين Neumagen المجاورة لها النقوش الفجة التي كانت على كتل الحصن الحجرية.


اللغة والحضارة

غالة الشمالية "سو", 440-450, 4240mg.

وبُدلت الحياة حول هذه المُدن ظاهرها تبدلاً بطيئاً وجُددت عناصرها في عناد شديد فاحتفظ الغاليون بحقهم، وسراويلهم القصيرة، وظلوا ثلاثة قرون محتفظين بلغتهم ولكن اللغة اللاتينية غلبتهم على أمرهم في القرن السادس. وكان أكبر السبب في هذه الغلبة استخدامها في الكنيسة الرومانية، ولكنها كانت وقتئذ قد شذّبت ورخّمت حتى صارت فرنسية. ونالت روما أعظم فوز لها في غالة بنقل الحضارة الرومانية إليها. ويرى بعض كبار المؤرخين الفرنسيين أمثال جوليان وفنك برنتانوFunck Brentano حتى فرنسا كانت تكون خيراً مما هي لولم تفتحها روما، ولكن مؤرخاً آخر أعظم من هذين المؤرخين يعتقد أنه لولم تفتح روما غالة لفتحتها ألمانيا حتماً، وأنه لولم ينتصر قيصر في تلك البلاد كما يقول ممسن Mommsen:

مقاتل ڤاشر، تمثال لمقاتل غالي يرتدي ملابس رومانية (ح. القرن الأول ق.م.)

"لحدثت هجرة الشعوب قبل حدوثها بأربعمائة عام، وفي وقت لم تكن الحضارة الإيطاليّة قد تأقلمت في غالة أوعلى ضفاف الدانوب، أوفي أفريقية وأسبانيا. وبفضل ما كان للقائد والسياسي الروماني العظيم من بصيرة نافذة استوعب بها حتى القبائل الألمانية هي العدوالمنافس للعالم الروماني - اليوناني، وبفضل قوته وشدة بأسه التي استطاع بها حتى يضع للدولة نظامها الجديد نظام الدفاع الهجومي بجميع تفاصيله ودقائقه ويفهم الناس حتى يحصنوا حدود الإمبراطوريّة بالأنهار والأسوار الصناعية... بفضل هذا كله كسب للثقافة اليونانية - الرومانية الفترة التي لم يكن منها بد لتمدين الغرب"(44).

لقد كان نهر الراين هوالحد الفاصل بين الحضارة الرومانية - اليونانية وبين الحضارة البدائية؛ فأما غالة فلم يكن في وسعها حتى تدافع عن هذا الحد، وأما روما فقد دافعت عنه، وكان دفاعها هذا هوالذي حدد مجرى تاريخ أوربا إلى يومنا هذا.

طالع أيضاً

  • أستريكس, French comic set in 50 BC Gaul
  • التجارة القارية لبريطانيا الرومانية

الهامش

المصادر

  • ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

وصلات خارجية

  • Romans in Gaul : A Webliography - A Teacher Workshop held at Temple University, November 3, 2001. Dr. Janice Siegel, Department of Classics, Hampden-Sydney College, Virginia
تاريخ النشر: 2020-06-04 11:50:01
التصنيفات: صفحات بها أخطاء في البرنامج النصي, Pages with citations using unsupported parameters, Commons category link is locally defined, تأسيسات 121 ق.م., غالة الرومانية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

فيديو.. الأساتذة يحتجون في مسيرة حاشدة بالرباط

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-04 15:30:33
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 58%

إيلون ماسك: اتهام سبيس أكس بتسريح موظفين بطريقة غير قانونية

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-04 18:07:10
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 88%

رسميًا .."كاف" يعلن زيادة جوائز كأس الأمم الأفريقية بنسبة 40%

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-04 15:30:05
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 55%

أندية سعودية وإيطالية تتواصل مع وست هام من أجل نايف أكرد

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-04 15:30:12
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 50%

أندية سعودية وإيطالية تتواصل مع وست هام من أجل نايف أكرد

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-04 15:30:19
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 62%

طوكيو.. امرأة تهاجم 4 أشخاص بسكين في قطار - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-01-04 15:28:46
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 66%

ميتز الفرنسي يسعى للتعاقد مع عمران لوزا على سبيل الإعارة

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2024-01-04 18:06:31
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 56%

حرب غزة: كيف انتهت قصة 15 رهينة احتجزهم مقاتلو القسام في بئيري؟

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-04 18:07:03
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 88%

فيديو.. الأساتذة يحتجون في مسيرة حاشدة بالرباط

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-04 15:30:22
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 65%

رسميًا .."كاف" يعلن زيادة جوائز كأس الأمم الأفريقية بنسبة 40%

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-04 15:29:54
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 68%

مكتب الصرف يفتح "باب التوبة" أمام مهربي الأموال

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-04 15:31:13
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 60%

مكتب الصرف يفتح "باب التوبة" أمام مهربي الأموال

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-01-04 15:30:59
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 57%

تحميل تطبيق المنصة العربية