شوقي ضيف
أحمد شوقي عبد السلام ضيف (13 يناير 1910 - 13 مارس 2005م) موسوعي مؤرخ للأدب العربي، ورئيس المجمع اللغوي بالقاهرة.
ولد في يوم 13-1-1910م في قرية أولاد حمام، محافظة دمياط، مصر. يعد علامة من علامات الثقافة العربية. نهل من جميع ينابيع الأدب، ليفجر ينابيع جديدة فيها من جميع فروع الأدب بأسلوب سلسٍ لا يخفى على أي قارئ لأحد خطه.
حياته
أصيب في صغره بسقم أضعف بصر عينه اليسرى كثيرا. لكن ذلك لم يمنعه من ختم القرآن وهوفي سن عشر سنين. وقد ظهرت عليه آثار الفطنة والنبوغ منذ صغره. التحق بمعهد الزقازيق الثانوي الأزهري وتخرج بتفوقه المعتاد. ثم التحق بقسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة القاهرة، وكان الأول على دفعته. واختير معيدا بقسم اللغة العربية فيها. ثم حصل على الماجستير في النقد الأدبي، والدكتوراة بمرتبة الشرف الأولى. وقد كان تلميذا للأديب طه حسين الذي أشرف على رسالته الدكتوراة، وقد أشاد به طه حسين بقوله: "وإذا كنت حريصا على حتى أقول شيئا في التقدمة فإنما هوتسجيل الشكر الخالص للجامعة التي أنتجت الدكتور شوقي، والدكتور شوقي الذي ابتكر هذه الرسالة".
أعماله
ألف الدكتور شوقي ضيف حوالي 50 مؤلفا، منها: (1) موسوعة تاريخ الأدب العربي، في عشر مجلدات، وهي من أشهر ما خط. استغرقت منه ثلاثين عاما ضمت مراحل الأدب العربي منذ 15 قرناً من الزمان، من شعر ونثر وأدباء منذ الجاهلية وحتى عصرنا الحديث، سردها بأسلوب سلس يجذب القارئ، وبأمانة فهمية عالية جدا، وبنظرة موضوعية. وتعتبر هذه السلسلة هي مشروع حياته. وقد بلغ عدد طبعات أول كتاب في السلسلة العصر الجاهلي حوالي 20 طبعة.
وقد حاول في هذه الموسوعة حتى يجمع بين اتجاهين: الأول النظر إلى تاريخ الأدب بوصفه فهمًا كما نظر إليه طه حسين وبروحدثان، والآخر تقسيم الأدب إلى عصور كما فهمه القدماء وكما فهمه الرافعي وجرجي زيدان وأحمد حسن الزيات وأحمد أمين.
واعتمد في تفسيره للتاريخ الأدبي على المدرسة الطبيعية التي اتخذت من منهج هيپوليت تين Hippolyte Taine (و.1828 - 1893) أساسًا لتفسير التطور الأدبي، ويعتمد على حتى هناك ثلاثة قوانين يخضع لها الأدب في جميع أمة؛ وهي الجنس والزمان والمكان.
ومما يميز موسوعته تلك النظرة الموضوعية والدقة المنهجية، والعمق في طرق الخبر التاريخي بعد نقده وتمحيصه وتوثيقه من خلال التوقف عند مصادره واستبعاد ما حوله من شبهات، ثم ينتقل من التاريخ إلى الجغرافيا، ثم يتطرق إلى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والأديان، ثم يتوقف عند اللغة وتاريخها، ثم يأتي دور المحقق والعالم المحاور والباحث المناقش لأطروحات الآخرين"، وهوفوق جميع هذا يعيد النظر فيما خطه من أحكام إذا ظهر له ما يجعله يغير وجهة نظره.
قضية النحوالعربي عودة ابن مضاء
كان الدكتور شوقي ضيف من أوائل من فجروا -في بدايات القرن المنصرم- قضية النحوالعربي وضرورة النظر في كثير من مسلماته إثر نشره وتحقيقه لكتاب "الرد على النحاة" لابن مضاء؛ ذلك الكتاب الذي نادى فيه صاحبه بإلغاء نظرية العامل في النحو، وما تقوم عليه من تعليل وقياس، والاكتفاء بذكر القواعد مجردة.. فيقول في مقدمته للطبعة الأولى: "وقد سدد ابن مضاء سهام دعوته أوقل سهام ثورته إلى نظرية العامل التي أحالت كثيرا من جوانب كتاب النحوالعربي إلى عقد صعبة الحل عسيرة الفهم.. إذا جميع ما تصوره النحاة في عواملهم النحوية تصور باطل...". "وليس هذا جميع ما تجره نظرية العامل في كتاب النحوالعربي؛ فهي تجر وراءها أيضا حشدا من علل وأقيسة يعجز الثاقب الحس والعقل عن فهم كثير منها؛ لأنها لا تفسر غامضة من غوامض التعبير، ولا دفينة من دفائن الأسلوب، وإنما تفسر فروضًا للنحاة، وظنونا مبهمة... وهذا كله أفسد كتاب النحوالعربي إفسادًا؛ لأنه ملأه بمسائل ومشاكل لا نحتاج إليها في تسليم نطقنا وتقويم لساننا".
ولم يكتف بإحيائه لهذا الكتاب من قبور المخطوطات؛ بل تتبع دراسة تاريخ النحوالعربي ونظرياته ومدارسه، وأشرف على الكثير من الرسائل الفهمية في هذا المجال. كما اهتم بقضية تيسير النحوالعربي وتعليمه، وألف في ذلك:
- "تجديد النحو"
- "تيسيرات لغوية"
- "الفصحى المعاصرة"،
وقدم إلى المجمع مشروع تيسير النحوفأقره المجمع.. ولا يقلل من قيمة هذا الجهد الكبير بعض المآخذ على دعوته التجديدية التي جاوزت أحيانًا أصول النحووفلسفة العربية، كاقتراحه حذف باب "كان وأخواتها" من النحوالعربي واعتبار اسمها فاعلا وخبرها حالا.
مكافآت ومناصب
مع حتى "شوقي ضيف" لم يكن ممن يجرون وراء منصب أوجائزة، إلا حتى هذا لا يعني أنه لم يكن قد حصل على عدة جوائز، وعلى مناصب مرموقة. فمؤلفاته وسيرته رشحاه لعضوية هيئات فهمية كثيرة داخل مصر وخارجها، من أهمها عضوية مجمع اللغة العربية بالقاهرة ورئاسته، والمجالس القومية المتخصصة بالقاهرة، والمجمع الفهمي المصري. كذلك نال عددا من الجوائز الفهمية، أبرزها جائزة مجمع اللغة العربية في عام 1947، وجائزة الدولة التشجيعية في الآداب 1955، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب 1979م، وجائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي 1983م، وجائزة مبارك للآداب 2003م.
شوقي ضيف.. فيوضات وملتقى ثقافات
لم يكن يدور في خلد الأبوين يوم ولد -بقرية "أولاد حمام" التابعة لمحافظة دمياط بمصر في 13 من يناير سنة 1910م- حتى ابنهما أحمد شوقي عبد السلام ضيف سيكون يوما ما شخصية أكاديمية مرموقة ورئيسا لاتحاد المجامع اللغوية، جميع ما كانا يطمحان إليه حتىقد يكون ابنهما الوحيد مثل أبيه شيخا أزهريا، وكاد يعصف بأحلامهما سقم أصابه في بدايات سِنِي حياته أفقده عينه اليسرى إلا بصيصًا ضئيلا.
ورغم ذلك أتم الصبي الصغير حفظ القرآن، والتحق بالمعهد الديني عام 1920م، وأظهر نبوغا مبكرا لفت إليه الأنظار؛ حتى إنه ألف كتابًا في النحولخص فيه "قطر الندى" لابن هشام وهولم يتم بعد دراسته الابتدائية، وبعد حتى أتمها التحق بمعهد الزقازيق الثانوي الأزهري ليتخرج فيه بتفوقه المعتاد.
في أحضان القاهرة
وما إذا أتم الدراسة في المعهد حتى تعلق قلبه بكلية دار العلوم التي رأى فيها التجديد والعصرية ونوعًا من التحرر من قيود الدراسة التقليدية؛ فالتحق بتجهيزية دار العلوم التي كانت تُعِد الطلاب للالتحاق بالكلية. وقبيل عامه الأخير في التجهيزية أعرب الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب حتى الكلية ستفتح أبواب قسم اللغة العربية لقبول خريجي التجهيزية وحملة الثانوية الأزهرية ليكملوا دراستهم فيها. فالتحق بقسم اللغة العربية في كلية الآداب جامعة القاهرة ليتخرج فيها بعد أربع سنوات، وكان ترتيبه الأول على دفعته؛ فعين فور تخرجه محررا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ثم اختير معيدا بقسم اللغة العربية بكلية الآداب، وفيها حصل على درجة الماجستير في النقد الأدبي، والدكتوراة بمرتبة الشرف الأولى، وأشاد به مشرفه الدكتور طه حسين قائلا: "وإذا كنت حريصا على حتى أقول شيئا في التقدمة فإنما هوتسجيل الشكر الخالص للجامعة التي أنتجت الدكتور شوقي، والدكتور شوقي الذي ابتكر هذه الرسالة".
فيوضات وينابيع
إن الناظر لما خلفه الدكتور شوقي ضيف لَيكتشف أنه اجتمعت ينابيع الثقافة في عقليته؛ فهوالأزهري الذي تعمقت علاقته بالتراث العربي بينابيعه وفيوضاته، وهوالدرعمي الذي عاش الأصالة والمعاصرة، وهوالآدابي الذي أتقن اللغات الأجنبية واطلع على معطيات الحضارة الغربية.. جميع هذا أفرز عقلية موسوعية لا تكاد تجد فرعًا من فروع الثقافة العربية إلا وله فيه مشاركة تخيل للناظر أنه لم يتخصص إلا فيه.. فأرخ للأدب والبلاغة والنحو، وخط في فنون الأدب والنقد والترجمة الشخصية والرحلات والشعر والنثر، وحقق الكثير من خط التراث، وله أبحاث أخرى يستعصى حصرها.
مشروع حياته
من بين مؤلفات الدكتور شوقي ضيف الكثيرة يوجد مؤَلَّف أخذ من سني حياته أكثر من 30 عاما، ويعتبر بحق مشروع حياته.. إنه "موسوعة تاريخ الأدب العربي" التي ضمت الأدب العربي في مختلف عصوره وأنطقيمه، وتقع فيعشرة مجلدات. حاول في هذه الموسوعة –كما يقول د. عبد الرحيم الكردي– حتى يجمع بين اتجاهين: الأول النظر إلى تاريخ الأدب بوصفه فهمًا كما نظر إليه طه حسين وبروحدثان، والآخر تقسيم الأدب إلى عصور كما فهمه القدماء وكما فهمه الرافعي وجرجي زيدان وأحمد حسن الزيات وأحمد أمين. واعتمد في تفسيره للتاريخ الأدبي على المدرسة الطبيعية التي اتخذت من منهج Hippolyte Tain "هيبوليت تين" (1828 - 1893) أساسًا لتفسير التطور الأدبي، ويعتمد على حتى هناك ثلاثة قوانين يخضع لها الأدب في جميع أمة؛ وهي الجنس والزمان والمكان. ومما يميز موسوعته تلك -كما تقول د.مي يوسف خليفة- "النظرة الموضوعية والدقة المنهجية، والعمق في طرق الخبر التاريخي بعد نقده وتمحيصه وتوثيقه من خلال التوقف عند مصادره واستبعاد ما حوله من شبهات، ثم ينتقل من التاريخ إلى الجغرافيا، ثم يتطرق إلى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والأديان، ثم يتوقف عند اللغة وتاريخها، ثم يأتي دور المحقق والعالم المحاور والباحث المناقش لأطروحات الآخرين"، وهوفوق جميع هذا يعيد النظر فيما خطه من أحكام إذا ظهر له ما يجعله يغير وجهة نظره.
وفاته
أغمض عينيه بصمت وسكينة مساء 13-3-2005م عن عمر يناهز 95 عاما، قضاها بين المراجع والخط، متواضعا ذا صدر رحب، ويد طاهرة، ولسان عفيف، يشهد له بذلك جميع من عهده فهم شخصية.
المراجع
- إسلام أون لاين
- لها أونلاين
- التجديد العربي
http://www.domiatwindow.net/viewarticle.php?ArticleID=413