عبد الرحمن سلام

عبد الرحمن سلام (و. 1871 ـ ت. 1941) هوالشيخ عبد الرحمن سَلاَم بن محمد سليم المهتدي، جُرجس، الصفدي، شاعر وإمام وقاضي فلسطيني.

السيرة الذاتية

كان أبوه من نصارى صفد الكاثوليك، فنزح، وهوفي سعة من العيش، إلى مدينة زحلة اللبنانية، ومنها إلى بيروت، فأسلم على يد مفتيها سنة 1816، وعاش مدة في كنف آل الفاخوري، ثم انتقل إلى كنف آل سلام، فتسمى عندهم: (محمد سليم المهتدي سلام)، وتزوج منهم فتاة هي «خولة سلام» عمة سليم علي سلام، وأنجب منها ثمانية أبناء نصفهم ذكور، أحدهم الشيخ عبد الرحمن الذي تلقى علومه الأولى في معهد الشيخ رجب جمال الدين، ثم انكب على المطالعة وارتياد حلقات المساجد في بيروت.

عُين في بدء حياته قاضيًا شرعيًا لبلدة قلقيلية في فلسطين، ثم تولى رئاسة كتاب المحكمة الشرعية في بيروت، ثم أصدر فيها بتاريخ 5/8/1911م جريدة فكاهية أسبوعية بعنوان «القلم العريض»، ما لبث حتى أغلقها وانتقل لأسباب عائلية إلى دمشق، فافتتح فيها متجرًا لبيع الخط والمخطوطات إلى حتى سقطت الحرب العالمية الأولى سنة 1914، فانتقل إلى حمص وعين أستاذاً للأدب العربي في الكلية الوطنية بحمص.

دُعي سنة 1916 إلى تدريس اللغة العربية وآدابها في الكلية الصلاحية بالقدس فبقي فيها حتى سنة 1918، وكان في تلك الأثناء يسهم في الدعوة إلى قيام الدولة العربية، ويحث طلابه على العمل بذلك للتخلص من حكم الأتراك حتى جيء به مخفوراً إلى دمشق بأمر جمال باشا السفاح، وصادف ذلك دخول الأمير فيصل إليها في 3/10/1918، فأفرج عنه، وجعله من مستشاريه، وفي سنة 1919م صار مميزاً لأوقاف سوريا ونائبًا لرئيس مؤتمر فهماء سوريا ولبنان في دمشق، وأستاذًا للبيان والبديع والعروض في مخط عنبر ومدرسة التجهيز والمفهمين من 1/10/1919 إلى 16/1/1924، وانتخب في أثناء ذلك في 13/6/1921 عضواً مراسلاً في المجمع الفهمي العربي بدمشق.

وأسهم في الجهاد ضد الفرنسيين، فدرّب لفيفًا من الشباب المجاهدين على القتال في سفوح قاسيون بمنطقة الجري، وهي مضمار لسباق الخيل، وهوالقائل في خطبة مشهورة صدع بها من شرفة النادي العربي بدمشق قبيل سقوط الحكومة العربية الفيصلية: «غورولن تدخلها إلا على هذه الأجساد».

عاد سنة 1925 إلى بيروت، فبدأ بتدريس أساتذة جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، ومضى سنة 1926 إلى الحجاز عضواً في المؤتمر الإسلامي الذي عقده الملك عبد العزيز آل سعود، وفي 21/2/1928 انتخب عضوًا في المجمع الفهمي اللبناني، فعمل مع الشيخ أحمد عمر المحمصاني وجرجس بك صفا في لجنة المخطوطات بالمجمع، وفي سنة 1930 عين أميناً لفتوى الجمهورية اللبنانية، وبقي فيها إلى حتى وافاه الأجل، فدفن بمقبرة (الباشورة) ببيروت، وقد أعقب عشرة أولاد منهم: الأستاذ محيي الدين سلام.

كان الشيخ عبد الرحمن سلام شاعراً مبنادىً تعلق باللغة العربية وآدابها وسبر أغوارها، فقرض قصائد وطنية واجتماعية وصوفية كثيرة، حتى لقب لذلك بـ«فرزدق العصر»، بيد أنه لم يجمع شعره في ديوان، وقد ذُكِر في مؤلفاته نظمٌ شعري بعنوان (الأذواء) أشار الزركلي إلى أنه مطبوع، وهوفي 3000 بيت من قافية واحدة وبحر واحد، رد فيه على نقولا غبرييل صاحب النشرة الأسبوعية حول كتاب «بحث المجتهدين في الخلاف بين النصارى والمسلمين»، وقد جمعت المصادر من شعره أقل من (150) بيتًا، وذكرت له من القصائد: تخميس قصيدة ابن الفارض، ذكرى وفاة الشيخ طاهر الجزائري، لسان الحقيقة: بمناسبة ذكرى المولد النبوي، رثاء مصطفى نجا مفتي بيروت، في المؤتمر الإسلامي، في هاتى مدينة حماة ومدحها.

وكان خطيباً مِصقَعاً، يقول فيه الشيخ علي الطنطاوي: «نادرة الدنيا في طلاقة اللسان وجلاء البيان، ولقد عهدت من بعده لسن الأدباء ومصاقع الخطباء، فما عهدت لساناً أطلق ولا بياناً أجلى..».

وكان إماماً لغوياً بحاثة فيلسوفًا، وعالمًا ضليعًا في العلوم الشرعية، نطق فيه ظافر القاسمي: «سمعت عنه ممن سبقوني روائع في الذوق والرقة واللطف وتحبيب الطلاب بلغة العرب وآدابها».

أعماله

ديوان النابغة الذبياني (صححه وحل غريب ألفاظه)، و«دفع الأوهام» بقلم ابن سلام (رد على كتاب لغة الجرائد لإبراهيم اليازجي)، والرياضة البدنية»، و«النظم المفيد في فهم التجويد»، «شرح ديوان الرصافي»، و«خزانة الفوائد»: ألف فائدة لغوية، و«المتن والمكن»، و«الصافي في فهمي العروض والقوافي»، و«غاية الأماني في فهم المعاني».