الورقة الفدرالية 37

عودة للموسوعة

الورقة الفدرالية 37

جيمس ماديسون، محرر الورقة الفدرالية 37

الورقة الفدرالية 37، منطق لجيمس ماديسون، وهي الورقة السابعة والثلاثين من الأوراق الفدرالية. الأوراق الفدرالية هي تعبير عن مجموعة من الموضوعات تتألف من 85 منطقاً نشرت في الأصل بدون ذكر اسم محررها في صحف نيويورك باسم "بوبليوس" المستعار في عام 1787 وعام 1788. وكان كتّاب منطقات الأوراق الفدرالية، ألكسندر هاملتون، وجيمس ماديسون، وجون جاي من أشد المناصرين والمؤيدين حماسة للدستور الأميركي الجديد وكانوا يسعون جاهدين إلى إقناع الناس في نيويورك بتأييد المصادقة عليها.

في الموضوع رقم 37، كان جيمس ماديسون، الذي كثيرًا ما كان يعتبر بأنه صانع دستور الولايات المتحدة، يدرك مدى حدود الطبيعة البشرية، التي تتسم بالتحيز وعدم الكمال، وذلك لكي يتمكن من تطوير نظام معقد وعادل للحكم. من الصعب التحديد بدقة أين يمكننا رسم الخط الفاصل بين الحاجة إلى استقرار الحكم والحرية الفردية، بيدَ أنه يبقى من الممكن التوصل إلى توازن معقول، من خلال الحلول الوسط لتحقيق الأمرين معًا.

نص الورقة

الورقة الفدرالية رقم 37: حول الصعوبات أمام المؤتمر في استنباط نموذج ملائم للحكومة

من صحيفة ذي دايلي ادفرتايز

(جيمس ماديسون)

إلى أهالي ولاية نيويورك:

عند استعراض النواقص الحالية للاتحاد، والإظهار بأنه لا يمكن تأمينها من جانب حكومة أقل نشاطًا من تلك المطروحة أمام المواطنين، فإن الكثير من أبرز المبادئ الأخيرة تتساقط بطبيعة الحال عند التدقيق فيها. ولكن لما كان الهدف النهائي لهذه الأوراق هوتحديد حسنات هذا الدستور بشكل واضح وكامل، والحاجة إلى تبنيه، فإن خطتنا لا يمكن لها حتى تكون كاملة دون إجراء مسح نقدي وتام لعمل المؤتمر، ومن دون دراسته من جميع جوانبه، ومقارنته في جميع أجزائه، واحتساب نتائجه المحتملة.

وحيث حتى إنجاز هذه المهمة المتبقية في ظل الانطباعات المفضية إلى نتيجة عادلة ومنصفة، تفرض علينا الانغماس ببعض التأملات في هذا المكان، التي أشارت إليها الحاجة إلى الصدق في إبداء الرأي سابقا.

ولسوء الحظ، والذي لا يمكن فصله عن الشؤون البشرية، الإجراءات العامة نادرًا ما يتم التحقيق بشأنها بروح الاعتدال الضرورية للتوصل إلى تقدير منصف لمدى ميلهم الحقيقي لدعم تقدم المصلحة العامة أوإعاقتها، وبأن هذه الروح تكون أكثر عرضة لأن تتضاءل من حتى تتعزز، بسبب تلك الظروف التي تتطلب ممارسة غير عادية لها. وبالنسبة لأولئك الذين قادتهم التجربة للتوصل إلى هذا الاعتبار، لن يظهر لهم بأن هناك شيئًا يثير الدهشة في حتى أعمال المؤتمر التي تدعوإلى إجراء تغييرات وإبتداعات كثيرة، يمكن النظر إليها في ظل أضواء وعلاقات كثيرة جدًا، والتي تلامس منابع الكثير من الأحاسيس والمشاعر والمصالح، والتي يفترض أن تجد اوتثير ميول غير ودية من هذه الجهة أوتلك بالنسبة للنقاش النزيه والحكم السليم لحسنات الدستور. ففي البعض منها، كان جليًا جدًا، من منشوراتهم نفسها، بأنهم قد درسوا الدستور المقترح، ليس بمجرد تصميم مسبق على انتقاده، بل بتصميم مسبق على إدانته، إذ حتى اللغة المعتمدة من بعضهم تظهر وجود تصميم مسبق مناقض أومتحيز، مما يجب حتى يجعل آراءهم أيضا غير ذات أهمية حول هذا الموضوع. غير أننا لورتبنا هؤلاء الأفراد المختلفين على مقياس على أساس أوزان آرائهم، لما رغبت في حتى أوحي بأنه قد لاقد يكون هناك فرق مادي في صفاء نواياهم. لكنه من الإنصاف الإشارة، لصالح التوصيف الأخير، انه بما حتى وضعنا معترف به عالميًا على انه وضع حرج بشكل خاص، بحيث يحتاج بالضرورة القيام بشيء لإنقاذنا من هذا الوضع، فإن الراعي المحدد مسبقًا لما تّم تحقيقه عمليًا من الممكنقد يكون قد أخذ تحيزه من وزن هذه الاعتبارات، وأيضًا من اعتبارات ذات طبيعة شريرة. ومن جهة أخرى، فإن الخصم المحدد مسبقًا يمكن له حتى لاقد يكون محكومًا بدافع شرير مهما كان نوعه. ولربما كانت نوايا الأول سليمة، وبالعكس من الممكن لها حتى تكون مذنبة. أما آراء الأخير فلا يمكن لها حتى تكون سليمة ويجب حتى تكون مذنبة. ولكن الحقيقة هي إذا هذه الأوراق ليست موجهة إلى أي أفراد من أي من تلك الفئتين. إنها تسعى إلى مجرد لفت اهتمام أولئك الذين يضيفون إلى الحماس الصادق لسعادة بلدهم، مزاجًا مفيدًا للقيام بتقدير عادل لوسائل تعزيزه والترويج له.

إن الأفراد الذين هم من هذا النوع يفترض أن يباشرون بدراسة الخطة المقدمة من المؤتمر، وليس فقط من دون ميل إلى العثور على الأخطاء وتضخيمها، بل أنهم سيرون صوابية التأمل، بأن الخطة الخالية من الأخطاء لا يمكن تسقطها. كما حتى هؤلاء الأشخاص لن يسمحوا بوجود أخطاء يمكن إرجاعها إلى طبيعة الوقوع في الخطأ التي يتعرض لها المؤتمرون، بصفتهم مجموعة من البشر، إلا أنهم يفترض أن يتذكرون، بأنهم هم أنفسهم ليسوا سوى بشر، وعليهم حتى لا يفترضوا المعصومية في إعادة الحكم على الآراء القابلة للخطأ لدى غيرهم.

وبنفس القدر من السهولة، فهل سيتم الإدراك أنه إلى جانب هذا الحث على الصدق في الآراء يتعين عليهم السماح بعدة أشياء أخرى بسبب الصعوبات الملازمة لطبيعة المهمة المتعلقة بالأعداد للمؤتمر.

إن حداثة هذه المهمة تثير دهشتنا على الفور. لقد تبين في سياق هذه الأوراق حتى الكونفدرالية الحالية تقوم على مبادئ خاطئة، وانه يتعين علينا نتيجة ذلك حتى نغير هذا الأساس أولاً، ومعه تلك الهيكلية الكبرى التي تستقر عليه. وتبين بأن الكونفدراليات الأخرى التي يمكن الاسترشاد بها كسوابق تقوم على نفس المبادئ الخاطئة، ولذلك لا يمكنها حتى تزودنا بنور أكثر من تلك المنارات، التي تحذرنا بالنسبة للمسار الذي يجب تجنبه، دون الإشارة إلى المسار المتوجب إتباعه. إذا أكثر ما كان بإمكان المؤتمر حتى يعمله في هذا الوضع، هوتجنب الأخطاء التي أظهرتها التجارب السابقة لبلدان أخرى. وكذلك الأخطاء التي ارتكبناها نحن، وتقديم أسلوب ملائم لتسليم أخطائهم، نفسها كما يفترض أن تكشف عنها التجارب مستقبلاً.

من بين الصعوبات التي قابلها المؤتمر، كانت هناك صعوبة ذات أهمية كبيرة في الجمع بين الاستقرار المطلوب والفعالية الحكومية، مع الاهتمام الذي لا تنازل عنه بالحرية وبالشكل الجمهوري. وبدون إنجاز هذا الجزء من مهمتهم بدرجة كبيرة من مهمتهم، يفترض أنقد يكونون قد أنجزوا هدف مهمتهم بشكل غير مثالي على الإطلاق، أويفترض أن لن يتمكنوا من تلبية تسقطات المواطنين، بيدَ حتى عدم تمكنهم من إنجازها بسهولة، فلا يمكن حتى ينكرها أي أحد لا يرغب في حتى يكشف جهله حول الموضوع. إذا نشاط الحكم شأن أساسي لتحقيق تلك الضمانة ضد الأخطار الخارجية والداخلية، وكذلك لضمان تطبيق القوانين المرحب بها التي تدخل في صلب تعريف الحكم الجيد. كما حتى الاستقرار الحكومي أساسي بالنسبة لطبيعة القومية وللحسنات المترافقة معه، وكذلك لتحقيق الارتياح والاطمئنان في أذهان المواطنين، وهاتان نعمتان من النعم الرئيسية الضرورية للمجتمع المدني. حتى التشريعات غير المنتظمة والمتقلبة ليست شرًا بحد ذاتها أكثر مما هوبغيضًا بالنسبة للشعب، ويمكن القول بكل ثقة بأن مواطني هذه البلاد، بحكم تنورهم واهتمامهم، بأكثريتهم، بمدى تأثير الحكم الجيد، لن يرضوا أبدًا حتى يتم تقديم علاج ما لمدى التقلبات وحالات عدم التقين التي تتصف بها حكومات الولايات. ولكن، عند مقارنة هذه العناصر القيمة بالمبادئ الحيوية للحرية، يفترض أنقد يكون علينا الإدراك على الفور للصعوبة في جمعها سوية ضمن النسب اللازمة. يظهر حتى عبقرية الحرية في النظام الجمهوري تتطلب من جهة أولى حتى لا تكون جميع السلطة نابعة من الشعب فحسب، بل أيضًا حتى المؤتمنين عليها يجب حتى يبقوا مستقلين عن الشعب، خلال فترة قصيرة من تعيينهم، وأنه حتى خلال هذه الفترة القصيرة يجب ألا توضع الثقة على عاتق عدد قليل، بل أنها تتطلب الكثير من الأيدي. وبالعكس فإن الاستقرار، تتطلب بأن تكون الأيدي التي تتولى السلطة هي نفسها لفترة طويلة من الزمن. أذ حتى تكرار التغيير في أولئك الأشخاص إنما ينتج عن تكرار في إجراء الانتخابات ويخلق تغييرا متكررا في القوانين جراء تغير في الأشخاص هذا فيما حتى فعالية الحكم لا تفرض مدة محددة في السلطة فحسب وإنما تفرض تطبيق تلك الفعالية على يد واحدة بمفردها.

إن مدى نجاح المؤتمر في هذا الجزء من عمله، يفترض أن يظهر بصورة أفضل عند النظر إليه بدقة أكبر،يا ترى؟ ومن جهة النظر الخاطفة التي أخذنا بها هنا، يجب حتى يظهر بوضوح انه كان جزءًا صعبًا وشاقًا.

والذي لم يكن أقل صعوبة هورسم الخط الفاصل الملائم بين السلطة العامة للحكومة وسلطة حكومات الولايات. جميع فرد مدرك يفترض أن يشعر بهذه الصعوبة، بنفس القدر الذي اعتاد فيه على التأمل والتمييز بين المواضيع الواسعة والمعقدة بطبيعتها. إذا قدرات العقل البشري نفسها لم يتم بعد التمييز فيما بينها أوتعريفها بدقة تامة سقمية، وذلك على الرغم من جميع جهود ألمع الفلاسفة والميتافيزيقيين. لقد تبين حتى الإحساس والإدراك والحكم والرغبة والاختيار والذاكرة والخيال هم منفصلون بظلال رقيقة وتدرجات دقيقة بحيث حتى الحدود فيما بينها قد غابت عن قدرة أدق الباحثين، ولا تزال تشكل مصدرًا كافلاً بعناصر حاذقة من التناقضات والاختلافات. إذا الحدود بين مملكة الطبيعية العظيمة، وأيضًا أكثر من ذلك، بين المقاطعات المتنوعة، والأجزاء الأصغر المتفرعة عنها تقدم لنا توضيحًا آخر لنفس هذه الحقيقة الهامة. لم ينجح مطلقًا حتى الآن أعقل فهماء الطبيعة وأكثرهم جدًا واجتهادًا في حتى يتعقبوا بيقين الخط الذي يفصل منطقة الحياة النباتية عن المنطقة المجاورة للمادة غير المنظمة، أوالذي يحدد الخط الفاصل بين حدود عالم النبات وبداية مملكة الحيوان. وهناك غموض حتى أكبر يَكمن في الصفات المميزة التي تّم على أساسها ترتيب وتنظيم الأمور ضمن هذه الأقسام الكبرى للطبيعة.

عندما ينتقل من عمل الطبيعة، حيث تكون جميع الحدود مرسومة بدقة تامة، وتظهر بخلاف ذلك نتيجة العيب في العين التي تنظر إليها، ودخلنا إلى نظام الإنسان، حيث ينشأ الغموض من الشيء ونفسه كما أيضًا من العضوالذي يتم تأمله بواسطته، يتعين علينا حتى ندرك ضرورة زيادة الاعتدال في تسقطاتنا وآمالنا من جهود حكمة وعقل الإنسان. لقد فهمتنا التجربة بأنه لم تتمكن حتى الآن أي مهارة في فهم إدارة الحكم التمييز بدقة كافية، فروعه الثلاثة الكبرى أوتعريفها، وهي الفرع التشريعي، والفرع التطبيقي، والفرع القضائي، أوحتى تحديد امتيازات وسلطات الفروع التشريعية المتنوعة. تبرز التساؤلات حول ذلك يوميًا في أثناء الممارسة، مما يثبت بأن هناك غموض يسود هذه المواضيع، ويحيّر أعظم الخبراء في العلوم السياسية.

ولم تكن أيضًا التجارب على مرّ العصور، بالإضافة إلى الجهود المستمرة لأكثر المشرعين والقانونيين الضليعين تنورًا، قد نجحت في رسم حدود المواضيع المتعددة وحدود القوانين والمحاكم المتنوعة للعدالة. ولا يزال المدى الدقيق للقانون العام، والقانون الأساسي المكتوب، والقانون البحري، والقانون الكنسي، وقانون الشركات، والقوانين والأعراف المحلية الأخرى، بحاجة إلى تحديده بصورة واضحة ونهائية في بريطانيا العظمى، حيث حتى الدقة في هذه المواضيع هي أمر تّم السعي للاهتمام به بكل جد أكثر من أي جزء آخر في العالم. إذا مجال سلطة محاكمها الكثيرة، العامة منها والمحلية، وقوانينها حول المساواة، والأدميرالية البحرية، وغير ذلك، ليست مصدرًا أقل شأنًا للمناقشات المتكررة والمعقدة، التي تحدد بشكل كاف الحدود التي تقيدها الواحدة بعد الأخرى. إذا جميع القوانين الجديدة، على الرغم من أنه قد تّم وضعها على يد أفضل المهارات التقنية، وإقرارها بعد مداولات مستفيضة ورصينة، تعتبر غامضة وقابلة للتناقض بدرجة أوأخرى، إلى حتى يتوضح معناها ويتثبت من خلال سلسلة من المداولات الخاصة والفقه القانوني الخاص. وإلى جانب الغموض الناشئ من تعقيد المواضيع وعدم إكمال القدرات العقلية الإنسانية، فإن الوسيط الذي تنقل عبره أفكار الإنسان إلى بعضهم البعض يضيف بدوره حرجًا إضافيًا. تستخدم الحدثات للتعبير عن الأفكار. لذلك فإن الدقة لا تتطلب فقط حتى تشكل الأفكار بوضوح، بل أيضًا حتى يتم التعبير عنها بحدثات مناسبة لها وخاصة بها. بيد أنه ليس هناك من لغة على قدر من الشمول والغزارة لتزويد الحدثات والعبارات لكل فكرة معقدة، أوسليمة إلى الدرجة التي لا تتضمن الكثير من الأفكار المتنوعة التي تعطي معانٍ ملتبسة. لذلك، فإنه كان من المهم التمييز الدقيق بين الأمور بحد ذاتها، ومهما اعتبر التمييز دقيقًا، فإن تعريف هذه الأمور قد يصبح غير سليم بسبب دقة العبارات المستخدمة لإيصالها. وعدم الدقة هذه التي لا يمكن تجنبها يجب حتى تكون أكبر أوأقل، تبعًا لتعقيد وحداثة الأمور التي يتم تعريفها. وعندما يتكرم الله القدير بمحاورة الناس بلغتهم، فإن معناه مهما كان مشرقًا، يصبح معتمًا ومشكوكًا بأمره بسبب الوسيط الغائم المستخدم لإيصاله ونقله.

هناك، إذن، ثلاثة مصادر لتعاريف غامضة وغير سليمة: عدم إمكانية تمييز الشيء، وعدم كمال العضوالمدرك له، وعدم كفاية آلية نقل الأفكار. ومن المفروض حتى تنتج أي واحدة من هذه درجة معينة من الغموض. ولا بد حتىقد يكون المؤتمر قد قابل التأثير الكامل لجميع هذه الأمور عند رسم الحدود بين السلطات الفدرالية وسلطات الولايات.

علاوة على الصعوبات التي ذكرت من قبل يمكن حتى تضاف الانادىءات المتدخلة للولايات الكبيرة والصغيرة. لا يمكننا حتى نخطئ إذا افترضنا بأن الأولى قد تحاول الحصول على مشاركة في الحكومة تكون متناسبة بالكامل مع مدى ثروتها وأهميتها، وأن الأخيرة لن تكون أقل تمسكًا بالمساواة التي تتمتع بها حاليًا. يمكننا أيضًا الافتراض بأنه لن يتنازل أي جانب بالكامل إلى الآخر، وبالتالي لا يمكن إنهاء الصراع سوى من خلال الحلول الوسط. من المرجح جدًا، كذلك، أنه في أعقاب تعديل نسبة التمثيل، من المفترض لهذه التسوية حتى تكون قد ولّدت صراعًا جديدًا بين نفس الأطراف، بحيث تعطي انعطافًا في تنظيم الحكومة، وتوزيع سلطاتها، لكي تزداد أهمية الفروع، التي تكون قد تشكلت من خلال إعطائها حصة أكبر من النفوذ. هناك مزايا في الدستور قد تبرر حدوث جميع واحد من هذين الافتراضين، وبقدر ما تكون أسس جميع واحد منهما وطيدة، فإنها تظهر بأن المؤتمر كان مرغمًا على التضحية بالحاجة النظرية إلى قوة الاعتبارات الخارجية.

كما قد لا تكون الولايات الكبيرة والصغيرة وحدها هي التي يفترض أن تنظم صفوفها لمعارضة بعضها البعض حول نقاط مختلفة. فلا شك حتى ائتلافات أخرى نتجت عن الاختلاف في المركز المحلي والسياسي هي التي خلقت صعوبات إضافية. ونظرًا لوجود احتمال بأن تنقسم جميع ولاية إلى مناطق مختلفة، وأن ينقسم مواطنوها إلى طبقات مختلفة، مما يفتح المجال لولادة مصالح متنافسة ومشاعر بالغيرة المحلية، كذلك فإن الأجزاء المتنوعة من الولايات المتحدة تتميز عن بعضها البعض من خلال مجموعة متنوعة من الظروف، التي تنتج تأثيرًا مماثلاً ولكن على نطاق أوسع. وعلى الرغم من حتى هذا التنوع من المصالح، لأسباب تمّ شرحها بما يكفي في منطق سابق، قد يحدث له تأثير مفيد على إدارة الحكومة عند تشكيلها، بيدّ أنه ينبغي على الجميع حتى يدركوا التأثير العكسي، والذي قد قابلوه خلال مهمة تشكيل الحكومة.

أليس من الرائع تحت ضغط جميع هذه الصعوبات، حتىقد يكون المؤتمر مرغمًا على الانحراف عن تلك الهيكلية المصطنعة والتماثل المنتظم الذي تدفع إليه النظرة التجريدية إلى الموضوع وتجعل المنظِّر العبقري يضفيه على دستور مخطط له داخل غرفته الخاصة أوفي مخيلته،يا ترى؟ ويتمثل التعجب الحقيقي في أنه تم التغلب على هذا العدد الكبير من الصعوبات، والتغلب عليها بإجماع لا سابق له تقريبًا إضافة إلى أنها في الحقيقة لم تكن متسقطة. من المحال لأي رجل مخلص الرأي حتى يفكر بهذه الظروف بدون حتى ينطوي تفكيره على الكثير من التعجب. من المحال لرجل ذي تفكير مؤمن ألا يلاحظ في ذلك يد العلي القدير الذي مدها لنا مرارًا لإغاثتنا في المراحل الحرجة من الثورة.

توفرت لنا الفرصة، في منطق سابق، لملاحظة التجارب المتكررة التي تمّ تطبيقها بصورة غير ناجحة في هولندا المتحدة لإصلاح العيوب المقيتة في دستورها. إذا تاريخ جميع المجالس والمشاورات الكبرى تقريبًا التي انعقدت بين البشر للتوفيق بين آرائهم المتباينة، ولتهدئة حدة الغيرة المتبادلة بينهم، ولتعديل جميع مصالحهم المتنوعة ما سوى تاريخ طوائف، وتنازعات، وخيبات أمل، ويمكن تصنيفه من بين أكثر الصور ظلامًا وإذلالاً التي تعرض العيوب والانحرافات في طبع الإنسان. وتم في حالات قليلة متناثرة، إذ تمّ إظهار ناحية أكثر إشراقًا، فإنها لا تخدم سوى كونها بمثابة استثناءات تحثنا على النظر إلى الحقيقة العامة، ومن خلال بريقها فإنها تُفضي إلى الظلام المتمثل في كآبة المفهوم المضاد الذي تجري مقارنتها به. وعند تحديد الأسباب المتعاقبة التي نتجت عنها هذه الاستثناءات، وتطبيقها على الحالات الخاصة الماثلة أمامنا، نجد أنفسنا منقادين بالضرورة إلى استنتاجين مهمين: الأول هو، حتى ذلك المؤتمر قد تمتع حتمًا بدرجة فريدة جدًا بالتخلّص من التأثير الوبائي للضغائن بين الأحزاب، وهوالسقم الذي يحدث بأكبر مدى من التكرار في الهيئات التداولية، والذي يحوز على أكثر قابلية في تلويث إجراءاتها. والاستنتاج الثاني هوحتى جميع التفويضات التي تشكل منها المؤتمر تمت تسويتها وقبولها بشكل سقمٍ في النص النهائي، أوأنه جرى الحث على القبول بها نتيجة الاقتناع العميق بضرورة التضحية بالآراء الخاصة والمصالح الجزئية من أجل الصالح العام، وكذلك بسبب اليأس من رؤية تقلص هذه الآراء نتيجة التأخير أوالإجراء أوتجارب جديدة.

بوبليوس.


المصادر

  1. ^ "كيف أقنعت الأوراق الفدرالية البلاد". المسقط الإلكتروني للسفارة الأمريكية. 2008-09-01. Retrieved 2013-07-17.

وصلات خارجية

اقرأ نصاً ذا علاقة في

Federalist No. 37


تاريخ النشر: 2020-06-04 12:26:11
التصنيفات: أوراق فدرالية كتابة جيمس ماديسون, أعمال 1788, 1788 في االولايات المتحدة, 1788 في القانون

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

المناطق الحضرية تسجل 16 قتيلا و 2245 جريحا كحصيلة حوادث السير

المصدر: زاكورة بريس - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-28 15:15:16
مستوى الصحة: 16% الأهمية: 32%

الآن نماذج امتحانات الصف السادس الابتدائي الترم الثاني 2022 pdf

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:25:04
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 56%

الداخلية تضبط 3 متهمين بجرائم النصب والاحتيال على عملاء البنوك

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:25:03
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 67%

الأمريكي أدامز أفضل لاعب في دوري السلة الأسترالي

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:24:00
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

فاركو للأدوية راعيًا رسميًا لمؤتمر "مصر تستطيع بالصناعة"

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:25:06
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 58%

67797 إصابة جديدة بكورونا و152 وفاة في فرنسا

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:24:05
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 54%

عام 2016.. تقرير فرنسي يكشف السبب وراء تحطم الطائرة المصرية

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:25:08
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 66%

الصين: 11367 إصابة جديدة بكوفيد-19

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:24:06
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 61%

مالي توقف بشكل نهائي بث إذاعة فرنسا الدولية ومحطة "فرانس 24"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:23:59
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

كلوب: مواجهة فياريال لم تحسم بعد رغم الفوز

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:23:59
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 70%

في أول زيارة له.. المستشار الألماني يصل إلى اليابان

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:24:04
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 68%

«اليوم للتدريب» يدعم مبادرة العطاء الرقمي

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:25:18
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 46%

الين يتراجع أمام الدولار إلى أقل مستوياته منذ 2002

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:25:24
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 46%

مصر وكندا تبحثان تعزيز سبل دعم العلاقات

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:25:07
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 55%

مالي توقف بشكل نهائي بث إذاعة فرنسا الدولية ومحطة "فرانس 24"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:24:03
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 54%

توخيل: الغموض حول الملكية يؤثر على تعاقدات تشيلسي

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:25:35
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 38%

«موسم جدة» يُصدر كُتيّب تعريفي بمناطق ومواقع الفعاليات

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:24:08
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 60%

مجدي عاشور عن زكاة الفطر: النقود أولى للفقير من الحبوب

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-28 12:25:09
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 62%

تحميل تطبيق المنصة العربية