محمد بن أحمد باشميل
محمد بن أحمد باشميل (1336هـ - 1426هـ / 1917 - 2005م) المحرر والمؤرخ والمفكر الإسلامي ، ولد في 1426هـ 1917م ، وتوفي في مدينةُ جدة يومَ الجمعة 25/ من ربيع الآخر 1426هـ الموافق ثلاثة يونيو2005م ، وهومحرر إسلامي كبير وشهير رحمه الله ، وصاحب كتاب (سلسلة معارك الإسلام الفاصلة) وقد مضى من عمره 90 عامًا ، قضى معظمها في خدمة دينه ، بكتابات تتّسم بالأصالة والموضوعيّة ، وتتدفق بالغيرة والحمية .
كان باشميل عالماً غزير الفهم ، واسع الفهم ، طويل الاِطّلاع والخبرة ، مفكرًا دقيق التحليل لما يقابله الإسلام من الأفكار الوافدة ، والحركات الهدّامة ، والتيارات الدخيلة ، والديانات الضالّة ؛ يتمتّع بالأسلوب المحكم المشوق ، والصياغة الدقيقة الممتعة ، والطريقة المثيرة المستنيرة الجذّابة ، إلى جانب ما كان يمتاز به من الغيرة البالغة على دينه وعقيدته وثقافته وأمته .
كانت له معارك أدبية وكتابية فكرية حاسمة مع أبناء الجيل ، الذين طاردهم في كثير من أطروحاتهم على طول الدرب ، سَجّلتها كلّ من الجرائد والصحف الصادرة في عصره مثل (عكاظ) و(البلاد) و(المدينة المنورة) و(الندوة) و(الجزيرة) وغيرها من الجرائد السعودية ، وتعدّتها إلى صحف البلاد العربية الأخرى الصادرة في جميع من بيروت ، وصنعاء ، وعدن ، والقاهرة وغيرها .
لم يقتصر نشاطُه الأدبي على النثر العذب المحبوك الممتع ، وإنما تجاوزه إلى الشعر الذي فيه قصائد له متينة ، تفيض روعةً وعذوبةً ، نشرتها الصحف السعودية ، ولما تُطْبَعْ ديوانًا .
نطق أحد المؤرخين لحياته:
(عهدتُ الشيخ باشميل رحمه الله أولَ ما عهدتُ في الفترة ما بين مارس(شباط) – يونيو(حزيران) 1972م (صفر - جمادى الأولى من عام 1392هـ) لدى وجودي عند المفكر الإسلامي الهندي الكبير الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله المتوفى يوم الجمعة 22/ رمضان 1420هـ / 31 ديسمبر 1999م ، من خلال عدد من مؤلّفاته الثمينة الموجودة لديه في بعض خزانات الخط التي كنتُ أَتَصَفَّحُها من حين لآخر، عندما كان يُكَلِّفني بإحضار كتاب بعينه منها أوعندما أكون فارغًا من الأعمال ، فأقضي وقتَ الفراغ في قراءة كتاب كان يشدّني إليه بعنوانه المثير، أوموادّه النافعة ، أوعرضه الماتع ، أوأسلوبه الشيق ؛ فجذبني إليه كتابُه العظيم (سلسلة معارك الإسلام الفاصلة) الذي يتضمّن عشرة خط ، ألّفها في الفترة ما بين 1383هـ / 1963م و1393هـ / 1973م . وهي تتحدث عن غزوات الرسول : بدر، وأحد ، والأحزاب ، وبني قريظة، وصلح الحديبية ، وخيبر ، ومؤتة ، وحنين ، وفتح مكة، وتبوك . وأكملها بكتابه )القادسية ومعارك العراق) الذي يتحدّث عن المعارك الإسلامية الحاسمة خارج جزيرة العرب ، والذي صدر عام 1403هـ / 1983م بمقدمة أديب العربية معالي الشيخ عبد العزيز الرفاعي صاحب الخميسيّة الشهيرة بالرياض، المتوفى 1414هـ / 1993م رحمهما الله تعالى). ونطق أيضاً :- (لقد أحببتُ الشيخَ حبًّا جمًّا عندما قرأتُ خطَه هذه، التي اسْتَخْرَجَتْ له من لساني أدعيةً كثيرةً لاتُحْصَى ، وأنا رجلٌ سعيدٌ بالنادىء لكل من أَحْسَنَ ويُحْسِنُ إليّ بأي أسلوب من أساليب الإحسان التي لا يُحْصِيْهَا كلَّها إلاّ الله العليمُ الخبيرُ . وصاحبُ الكتابات النافعة والمُؤَلَّفَات المُجْدِيَة ، ذومِنَّة كبيرة عليّ وعلى جميع من ينتفع بها بشكل من الأشكال ، ولاسيّما إذا كان أسلوبه شيّقًا مشوّقًا ، وكان في كتاباته صادرًا عن الغيرة والإخلاص ، اللذين يدرك حرارتَهما كلُّ قارئ مُتَذَوِّق يعهد الفرقَ بين أسلوب وآخر ).
وتابع قوله :- (وظللتُ عبر أكثر من عشرين عامًا لا أسمع له ذكرًا ، ولا أعهد له حضورًا في الساحة الكتابيّة والوسط الثقافي ، وكنت أظن كغيرى أنه رحمه الله قد توفي ، حتى قرأتُ نعيَه في الصحف السعودية الصادرة يوم الأحد 28/ربيع الأول (بالتقويم العربي) 27/ ربيع الأول (بالتقويم الهندي) 1426هـ الموافق 5/يونيو2005م ، فدعوتُ له كثيرًا ، تقبل الله أعمالَه، وأجزلَ أجره عن الأمراض التي طهّرته إذا شاء الله في هذه الدنيا ليدخل جنةَ ربه بجانب الصديقين والنبيين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقًا ).
وافته المَنيّة وهوطريح الفراش بعد أكثر من عشرين عامًا ، وبقي خلال تلك الأعوام يعاني الأمراضَ وتداعياتِها التي جعلته يغيب عبر هذه المدة عن الحياة العامة ، حتى ظنّه كثير من خلاّنه والمعجبين به أنّه قد وَدَّعَ الحياة رحمة الله تعالى ، وكانت الغيبوبة الدماغيّة الكاملة قد أقعدته منذ ثلاثة أعوام حتى وفاته.
مصنفاته
له من المصنفات والمؤلفات نحو40 كتابًا صغيرًا وكبيرًا ، وكلُّها تمتاز إلى جانب تنوّع المواضيع ، بروعة الأسلوب، وغزارة المادة ، وسعة الاطلاع ، والدراسة المتقصية ، والمسحة الأدبية العطرة ، واللباقة الكتابية ، والإتقان التأليفي ، والجدّ الفهمي ، والموضوعيّة البنّاءة، منها - إلى ما ذكر من (سلسلة معارك الإسلام الفاصلة) (القادسية ومعارك العراق).
وكتاب (صراع مع الباطل) ،
و(لهيب الصراحة يحرق المغالطات) ،
و(القومية في نظر الإسلام)، وقد نُقِلَ هذا الكتاب إلى جميع من الإنجليزية والفرنسية،
و(لا يا فتاةَ الحجاز) ،
و(أكذوبة الاشتراكية) ،
و(العرب في بلاد الشام قبل الإسلام) ،
و(هل هذا من العروبة ) ،
و(كيف نحارب الإلحاد )،
و(الإسلام ونظرية داروين) ،
و(كيف نفهم التوحيد).
ومن مؤلفاته أيضاً ( لهيب الصراحة يحرق المغالطات ) و( صراع مع الباطل ) و( أكذوبة الاشتراكية ) و( القومية في نظر الإسلام ) و( نحن وعبدالناصر ) و( هل هذا من العروبة ) و( القادسية ومعارك العراق ) و( الإسلام ونظرية داروين ) و( لا يا فتاة الحجاز ) و( كيف من الممكن أن نحارب الإلحاد). وله مؤلفات أخرى مخطوطة لم تطبع بعد.
ورغم كونه كأنه سيفٌ مسلط على رقاب التيارات الوافدة، لم يُلَوِّث لسانَه بحدثة نابية أوقلمه بكتابة فَظَّة، أومسيئة، فظلّ عبرَ مشواره الكتابي الذي كان فيه فارسَ الحدثة، الحائزَ لقصب السبق، المسجّلَ (التبريزَ) و(التجليةَ) ظلّ عفَّ اللسان طاهرَ القلم، نظيفَ القلب ليّنَ الجانب، نعومَ الأخلاق رحبَ الصدر، كبيرَ النفس. فها هوذا المحرر المؤرخ المفكر الإسلامي يموت في هدوء وعزلة ، ولا تذكره الجرائد والمجلات ووسائل الإعلام إلاّ بعضُها وبما لايُغني رحمه الله تعالى.
المراجع
1- كتاب فهماء الأنساب وأعمدة المؤرخين.
2- له تراجم في خطه ومؤلفاته.
3- منطق في مجلة الداعي : مجلة عربية إسلامية شهرية تصدر عن الجامعة الإسلامية - دار العلوم - ديوبند / يوبي - الهند ).