أبوبكر البيهقي

أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي (384 ـ 458هـ/994 ـ 1066م) كان فقيه شافعي الفارسية وحافظ كبير. كان معروفا بشيخ خرسان النيسابوري الخُسرَوجرْدي وخسروجرد (خسروگرد) قرية من ناحية بيهق. ولد في شعبان في سنة 384 هـ. طلب البيهقي الفهم صغيراً وابتدأ سماع الحديث وهوابن خمس عشرة سنة، ثم رحل إلى نيسابور وسمع فهماءها، ورواة الحديث فيها، وواتاه الحظ بالسماع من إمام الحديث أبي عبد الله محمد النيسابوري المعروف بالحاكم صاحب «المستدرك» فأفاد منه الكثير، ورحل إلى أقطار كثيرة، فسمع في بلاد خراسان والعراق والحجاز والجبال، وسائر البلاد التي انتهى إليها، وتلقى علوماً كثيرة، وزاد عدد شيوخه على المئة، ولدى عودته من رحلته انبتر في قريته مقبلاً على التأليف، بعد حتى صار فارس ميدانه، وأحذق المحدثين في زمانه وأسرعهم فهماً، وأخرج مؤلفات كبيرة وكثيرة لم يُسبق إلى كثير منها.

سيرته

كان البيهقي أوحد زمانه وأحد أئمة المسلمين حتى قيل فيه ان :ما من فقيه شافعي إلا وللشافعي عليه منة إلا أبا بكر البيهقي ، فإن المنة له على الشافعي لتصانيفه في نصرة ممضىه وأقاويله . ولوشاء البيهقي حتى يعمل لنفسه ممضىا يجتهد فيه ، لكان قادرا على ذلك ، لسعة علومه ، ومعهدته بالاختلاف ، ولهذا تراه يُلَّوح بنصر مسائل مما صح فيها الحديث. توسع أبوبكر البيهقي في تحصيل العلوم، فعني بالحديث عناية شديدة وخصوصاً بالأخذ عن أبي عبد الله الحاكم النيسابوري وتخرج به، وصنف خطاً كثيرة في الحديث، وأضاف إلى ذلك الاعتناء بفهم علل الحديث أي نقد الحديث نقداً دقيقاً يكشف خباياه، واشتغل بالفقه على الممضى الشافعي وصار من أكثر الناس نصرة له، وبرع فيه، وأخذ أصول الفقه وفهم الكلام، وأفاده ذلك عمق النظر في الحديث، والتوفيق بين ما يظن أنه متعارض من الأحاديث، فزاد على شيخه الحاكم أنواعاً من العلوم، وكان واحد زمانه في الحفظ والإتقان والضبط حتى شهد له بالاجتهاد، نطق المضىي: «لوشاء البيهقي حتى يعمل لنفسه ممضىاً يجتهد فيه لكان قادراً على ذلك، لسعة علومه ومعهدته بالاختلاف»، ولهذا تراه ينفرد بنصرة مسائل مما صحّ فيه الحديث، وفيما عدا ذلك فإنه ينصر ممضى الشافعي، واشتهر بذلك، فنطق إمام الحرمين أبوالمعالي الجويني[ر] «ما من فقيه شافعي إلا وللشافعي عليه منة، إلا أبا بكر البيهقي، فإن المنة له على الشافعي لكثرة تصانيفه في نُصرة ممضىه، وبسط موجزه، وتأييد آرائه».

طلب منه الأئمة الانتنطق من بيهق إلى نيسابور ليسمعوا منه الخط التي ألفها، فقدم إليها سنة إحدى وأربعين وأربعمئة، وعقدوا له المجالس لسماع كتاب الفهم وحضرها الأئمة.

ولم تكن تلك قَدْمَته الوحيدة بل عاود الذهاب إلى نيسابور لإسماع خطه، وفيها سقم وحضرته المنية.

وكان للبيهقي مراسلات فهمية مع بعض أئمة عصره لقيت القبول، ومراسلة مع بعض أولي الأمر في إبطال الحملة على أهل السنة والجماعة. بورك لأبي بكر في فهمه، فقام بالتدريس، وصنف التصانيف النافعة، وأحسن التصرف في علومه ومروياته فجوّد ترتيب خطه وتوسع فيها بما لا يوجد عند غيره، وكان يلتزم الصحة فيما يورد فيها من الأحاديث.

وكانت خطه عظيمة القدر عند الفهماء لسعة المعارف والرواية فيها، وكان له السبق في أشياء نافعة، لا يلحق إلى مثلها، وجُلبت خطه إلى العراق والشام والنواحي، وهي كثيرة تزيد على خمسة وعشرين كتاباً، نذكر من أهمها الخط المطبوعة الآتية:

«السنن الكبير» وهومصدر هام من مصادر رواية الحديث، مطبوع في عشرة مجلدات، وليس لأحد مثله، وعليه تعليق لابن الهجرماني سماه «الجوهر النقي» وهومطبوع بذيله. «فهم السنن والآثار» في أكثر من عشرة مجلدات. «دلائل النبوة» كبير طبع في ستة مجلدات، إضافة إلى مجلد الفهارس. «شعب الإيمان» مطبوع في ثمانية مجلدات. «الأسماء والصفات» نقل فيه بالأسانيد أقاويل الصحابة والتابعين في أسماء الله تعالى وصفاته، وليس له نظير.

ومن مصنفاته أيضاً: «مناقب الإمام أحمد» و«فضائل الصحابة».

مشايخه

ابوالحسن محمد بن الحسين العلوي وهوأكبر شيخ له وابوطاهر الزيادي وأبوعبد الله الحاكم وهومن أجل أصحابه. وسمع من ابي بكر بن فورك وأخذ عنه فهم الكلام وتبحر فيه. ومن مشايخه ابي علي الروذباري من مشاهير الصوفية وهلال الحفار وابي الحسن بن بشران وأبي عبد الله بن لطيف وله أكثر من مائة شيخ.

تلاميذه

من تلاميذه ولده إسماعيل وحفيده عبد الله وعبد الله الفراوي وزاهر بن طاهر وعبد الجبار بن عبد الوهاب وغيرهم كثير.

مؤلفاته

السنن الكبير في عشر مجلدات
السنن والآثار في أربع مجلدات
الأسماء والصفات في مجلدتين
المعتقد مجلد
البعث مجلد
الترغيب والترهيب مجلد
الدعوات مجلد
الزهد مجلد
الخلافيات ثلاث مجلدات
نصوص الشافعي مجلدان
دلائل النبوة أربع مجلدات
السنن الصغير مجلد ضخم
شعب الإيمان مجلدان
المدخل إلى السنن مجلد
الآداب مجلد
فضائل الأوقات مجيليد
الأربعين الكبرى مجيليد
الأربعين الصغرى
الرؤية" جزء
الإسراء
مناقب الشافعي
مناقب أحمد مجلد
فضائل الصحابة مجلد، وتواليفه تقارب ألف جزء مما لم يسبقه إليه أحد ، جمع بين فهم الحديث والفقه ، وبيان علل الحديث ، ووجه الجمع بين الأحاديث.

وفاته

توفي في عاشر شهر جمادى الأولى ، سنة ثمان وخمسين وأربع مائة فغسل وكفن ، وعمل له تابوت ، فنقل ودفن ببيهق ، وهي ناحية قصبتُها خُسْرَوْجِرد ، هي محتده ، وهي على يومين من نيسابور ، وعاش أربعا وسبعين سنة.