معركة الأرك

عودة للموسوعة

معركة الأرك

معركة الأرك

مسقط لمدينة سويداد ريال والتي سقطت المعركة بالقرب منها
الصراع: معارك المسلمين والمسيحيين في الأندلس
التاريخ: 18 يوليو1195
المكان: قلعة الأرك
النتيجة: فوز الموحدين المسلمين
المتحاربون
دولة قشتالة الموحدون
القادة
الملك ألفونسوالثامن من قشتالة السلطان أبويوسف يعقوب المنصور
القوى
300 ألف أكثر من 300 ألف
النتائج
أكثر من 30 ألف قتيل 20 ألف قتيل

معركة الأرك هي معركة سقطت في 18 يوليو1195 م بين قوات الموحدين بقيادة السلطان أبويوسف يعقوب المنصور وقوات ملك قشتالة ألفونسوالثامن. كانت المعركة ذات دور كبير في توطيد حكم الموحدين في الأندلس وتوسيع رقعة بلادهم فيها. وقد اضطر ألفونسوبعدها لطلب الهدنة من السلطان الموحدي أبي يوسف المنصور. يعتبرها المؤرخون مضاهية لمعركة الزلاقة إذا لم تزد في سقط الهزيمة على مسيحيي أيبيريا.

التسمية

سقطت المعركة قرب قلعة الأرك، والتي كانت نقطة الحدود بين قشتالة والأندلس في ذلك الوقت ولذا ينسب المسلمون المعركة لهذه القلعة كما ينسب المسيحيون اسم المعركة أيضا لهذه القلعة (Alarcos) ويطلقون عليها كارثة الأرك لعظيم مصابهم فيها.


ما قبل المعركة

قام ملك البرتغال سانكوالأول باحتلال مدينة شلب المسلمة -تعهد الآن باسم سلفش (Silves)- بمساعدة القوات الصليبية وكان ذلك في عام 1191 م. عندما فهم السلطان يعقوب المنصور بذلك جهز جيشه وعبر البحر لبلاد الأندلس وحاصرها وأخذها وأوفد في ذات الوقت جيشا من الموحدين والعرب ففتح أربع مدن مما بأيدي المسيحيين من البلاد التي كانوا قد أخذوها من المسلمين قبل ذلك بأربعين عاما مما ألقى الرعب في ملوك أيبيريا وخاصة ألفونسوالذي طلب من السلطان الهدنة والصلح فهادنهخمسة سنين وعاد إلى مراكش حاضرة بلاد الموحدين.

لما انقضت مدة الهدنة أوفد ألفونسوجيشا كثيفا إلى بلاد المسلمين فنهبوا وعاثوا فسادا في أراضيهم وكانت هذه الحملة استفزازية وتخويفية أتبعها ألفونسوبخطاب للسلطان يعقوب المنصور -استهزاء به وسخرية منه- يدعوه فيه إلى لقاءته وقتاله فلما قرأ السلطان المنصور الخطاب خط على ظهر رقعة منه (ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون الجواب ما ترى لا ما تسمع).

تجهز السلطان يعقوب المنصور لقتال ألفونسووجمع جنده والكثير من المتوطعين من البربر وعرب أفريقيا وانضمت إليه الجيوش الأندلسية فتجمع له جيش ضخم يوصل بعض المؤرخين عدده لـ600 ألف مقاتل فيقولون أنه كانت المسافة بين مقدمة الجيش ومؤخرته مسيرة ثلاثة أيام بينما يذكر آخرون حتى العدد بين 200 و300 ألف مقاتل فقط. وانطلق المنصور بجيشه إلى بلاد الأندلس ومكث في إشبيلية مدة قصيرة نظم فيها جيشه وتزود بالمؤن وبادر بالسير إلى طليطلة عاصمة مملكة قشتالة فبلغه حتى ألفونسوحشد قواه في مكان بين قلعة رباح وقلعة الأرك فغير مساره إلى هناك وعسكر في مكان يبعد عن موضع جيش ألفونسومسيرة يومين ومكث يستشير وزرائه وقادة جيشه في خطط المعركة وكان ذلك في الثالث عشر من يونيوعام 1195 الموافق أربعة شعبان 591 هـ.

توضيح لمسقط الجيشين قبل المعركة وتظهر قلعة الأرك خلف المسيحين ونهر وادي الأنا على يمينهم. المسيحيون باللون الأصفر والمسلمون بالأبيض

كان أبوعبدالله بن صناديد أحد قادة الحرب الأندلسيين قد أشار على السلطان المنصور باختيار قائد موحد للجيش كما أشار عليه بتقسيم الجيش إلى أجزاء على النحوالتالي:

  • الأندلسيون ويقوده أحد زعماؤهم حتى لا تضعف عزيمتهم عندما يولى عليهم أحد ليس منهم -اختير ابن صناديد لقيادتهم-. ويوضع في ميمنة الجيش (6).
  • العرب والبربر ويوضعون في الميسرة (5).
  • الجيش الموحدي النظامي ويوضع في القلب (4).
  • المتطوعون من عرب وبربر وأندلسيين ويوضعون في مقدمة الجيش للبدء بالقتال (3).
  • السلطان المنصور وحرسه وجيشه الخاص وبعض المتوطعين كقوات احتياطية تقوم بمراقبة المعركة من بعد لتقوم بهجوم مضاد متى لزم الأمر (7).

استجاب السلطان لإشارة ابن صناديد وعين قائدا موحدا للجيش واختار أحد وزرائه وهوأبويحيى بن أبي حفص كقائد عام وكان السلطان يمر على أفراد جيشه ويحمسهم ويبث فيهم الشجاعة والثقة بنصر الله.

على الجبهة الأخرى حاول ألفونسوالحصول على بعض المدد والمساعدات من بعض منافسيه السياسيين ملوك نافارة وليون فوعدوه بالمدد إلا إنهم تعمدوا الإبطاء فقرر خوض المعركة بما معه من القوات التي لم تكن بالقليلة فقد أوصلها المؤرخون إلى حوالي 300 ألف مقاتل منهم فرسان قلعة رباح وفرسان الداية.

المعركة

كان الجيش القشتالي يحتل مسقطا متميزا مرتفعا يطل على القوات المسلمة وقد كانت قلعة الأرك تحميهم من خلفهم وقد قسموا أنفسهم لمقدمة يقودها الخيالة تحت إمرة لوبيز دي هارو-أحد معاوني ألفونسو- (2) وقلب الجيش ومؤخرته ويضمعشرة آلاف مقاتل من خيرة مقاتلي قشتالة ويقودهم ألفونسوبنفسه (1).

توضيح للمعركة وقت حدوثها

في يوم القتال بدأ المتطوعون في الجيش الموحدي في التقدم قليلا لجس النبض وكان حتى اتبع القشتاليون نظاما متميزا وذكيا وهونزول الجيش على دفعات حدثا ووجه الجيش بمقاومة عنيفة واستبدال مقدمة الجيش بمقدمة أخرى في جميع مرة يقاومون فيها. أوفد القشتاليون في باديء الأمرسبعة آلاف فارس وصفهم صاحب كتاب البيان المغرب كبحر هائج تتالت ألقاء وقد رد المتطوعون المسلمون هجمة الجيش الأولى فما كان من القشتاليين إلا حتى أمروا بإرسال دفعة ثانية وقد قاومها المتطوعة مقاومة قوية جدا مما حدا بلوبيز دي هاروبإرسال قوة كبيرة لتفكيك مقدمة الجيش والقضاء عليها.

كانت الهجمة الثالثة قوية جدا، فقد استطاع المسيحيون اختراق المقدمة وقتلوا الكثير من أفراد جيش الموحدين وكان من بينهم أبويحيى بن أبي حفص قائد الجيش كله واستمروا يخترقون الجيش حتى وصلوا القلب فما كان من ابن صناديد والعرب والبربر -أجنحة الجيش الإسلامي- إلا حتى حاصروا القشتاليون وفصلوا بين مقدمة جيشهم ومؤخرته. وفي تلك الأثناء خرج السلطان المنصور فتعاون جميع أقسام الجيش الإسلامي على الإطاحة بمن حاصروا من القشتاليين -الذين كانوا أغلب الجيش- وقتلوا منهم خلقا كثيرا وفر الباقون.

بعد ذلك بدأ المسلمون في التقدم ناحية من تظل من الجيش المسيحي وهم عدة آلاف تحت قيادة ألفونسو، أقسموا على حتى لا يبرحوا أرض المعركة حتى وإن كانت نهايتهم فيها وقاوم القشتاليين مقاومة عنيفة حتى اغتال أغلبهم. ورفض ألفونسوالتحرك حتى حمل مرغما إلى قلعة الأرك ومن بوابتها الخلفية توجه لطليطلة عاصمته.

ما بعد المعركة

ملف:Bat3.jpg قام المسلمون بعد انتهاء المعركة بحصار قلعة الأرك التي كان قد فر إليها لوبيز دي هاروومعهخمسة آلاف من جنده. قاوم المسيحيون قليلا ثم اضطروا للاستسلام وطلبوا الصلح فوافق السلطان المنصور لقاء إخلاء سبيل من أُسر من المسلمين. ويختلف مؤرخوالمسلمون في نتائج المعركة فيخبر المقري في كتابه نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب «وكان عدّة من اغتال من الفرنج - فيما قيل - مئة ألف وستّة وأربعين ألفاً، وعدّة الأسارى ثلاثين ألفاّ، وعدّة الخيام مائة ألف وستّة وخمسين ألف خيمة، والخيل ثمانين ألفاً، والبغال مائة ألف، والحمير أربع مئة ألف، اتى بها الكفّر لحمل أثنطقهم لأنّهم لا إبل لهم، وأمّا الجواهر والأموال فلا تحصى، وبيع الأسير بدرهم، والسيف بنصف درهم، والفرس بخمسة دراهم، والحمار بدرهم، وقسم يعقوب الغنائم بين المسلمين بمقتضى الشرع، ونجا ألفنش (ألفونسو) ملك النصارى إلى طليطلة في أسوأ حال، فحلق رأسه ولحيته، ونكس صليبه، وآلى حتى لا ينام على فراش، ولا يقرب النساء،ولا يركب فرساً ولا دابة، حتى يأخذ بالثأر». أما ابن خلدون فيذكر حتى عدد القتلى 30 ألفا ويجعلهم ابن الأثير 46 ألفا و13 ألف أسير.

أكمل السلطان المنصور مسيرته في أراضي مملكة قشتالة فاقتحم قلعة رباح واستولى عليها وسقطت مدن تروخلووبينافينتي ومالاغون وكاراكويل وكوينكا وتالفيرا وكلها تقع بالقرب من طليطلة عاصمة قشتالة ثم اتجه السلطان بجيشه إلى العاصمة وضرب عليها حصارا واستخدم المسلمون المجانيق ولم يبق إلى فتحها ويخبر المقري عن نتائج ذاك الحصار فيقول

«فخرجت إليه [يعني للمنصور] والدة الأذفونش [ألفونسو] وبناته ونساؤه وبكين بين يديه، وسألنه إبقاء البلد عليهن، فرقّ لهن ومنّ عليهن بها، ووهب لهن من الأموال والجواهر ما جلّ، وردهن مكرماتٍ، وعفا بعد القدرة، وعاد إلى قرطبة، فأقام شهراً يقسم الغنائم، واتىته رسل الفنش [ألفونسو] بطلب الصلح، فصالحه، وأمّن الناس مدّته»

.

أعطت نتيجة المعركة مهابة للموحدين في الأندلس وقد استمروا هناك حتى فاجعة العقاب التي خسر المسلمون بعدها بقية أراضي الأندلس ما عدا غرناطة وما حولها.

من الناحية العملية لم يحقق هذا الفوز نتائج ملموسة للموحدين، فالخطر المسيحي لم يزل موجودا ولم يستغل يعقوب أبعاد هذا الفوز مطلقا. فرغم مقامه الطويل في الأندلس لم يحقق مكسبا واضحا على المستوى المتعلق بالحد من الخطر المسيحي بل نجده يكتفي بالقيام بجولة عسكرية بنواحي طليطلة سنة 592 ثم 593 هجرية. وبالرغم من كون المراكشي يتحدث عن كون يعقوب قد وصل أثناء تجواله العسكري هذا «إلى مواضع لم يصل إليها ملك من ملوك المسلمين قط» رغم ذلك نجد يعقوب يبادر بمجرد حتى طلب منه الفونسوالثامن إبرام صلح حديث يبادله بالموافقة، وبمجرد إبرام هذا الصلح نجده يرجع إلى المغرب سنة 594 هجرية. وتعليل هذا الموقف العسكري لا يمكن حتى نصل إلى إدراك عمقه إلا من خلال تحديدنا للمشاكل التي كان على يعقوب حتى يقابلها وأن مأزق الأندلس ليس إلا جزءا من هذه المشاكل.


مصادر

  • ويكيبيديا الإنجليزية.
  • معركة الأرك - من مسقط التاريخ.
  • نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب للمقري.
  • تاريخ ابن خلدون.
تاريخ النشر: 2020-06-04 13:34:36
التصنيفات: معارك الاسترداد, معارك موحدون, معارك الأندلس

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

ندوة وطنية تناقش حقوق الإنسان المرتبطة بالصحة والبحث الطبي الحيوي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:24:40
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 68%

مواعيد مباريات ثمن نهائي مونديال قطر 2022

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:25:11
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 70%

07 جرحى في حادث اصطدام ثلاث مركبات في طريق الموت بباتنة

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:24:10
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 60%

أمن مكناس يفك لغز جريمة مقتل خمسيني تم العثور عليه في بئر مهجور

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:25:19
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 52%

مواعيد مباريات ثمن نهائي مونديال قطر 2022

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:25:15
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 70%

القتل العمد وإخفاء معالم الجريمة يسقط شخصين في يد أمن مكناس

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:24:42
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

بريطانيا تعتقل رجل أعمال روسي في لندن بتهمة التورط بنشاط إجرامي

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:24:31
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 63%

بنك المغرب: ارتفاع الدرهم بنسبة 0,31 في المائة مقابل الدولار

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:25:04
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 64%

تسجيل 109 آلاف و591 إصابة بكورونا في اليابان

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:24:41
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 57%

اكتشاف ورشة سرية لصناعة الأسلحة النارية والذخيرة في بريكة بباتنة

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:24:13
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 70%

احتراق سفينة جياب في عرض البحر قرب مدينة القالة

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:24:15
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 61%

أمن مكناس يفك لغز جريمة مقتل خمسيني تم العثور عليه في بئر مهجور

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:25:23
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 58%

بنك المغرب: ارتفاع الدرهم بنسبة 0,31 في المائة مقابل الدولار

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:25:10
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 62%

الملتقى العلمي المغربي الإسباني الثاني بطنجة الأسبوع القادم

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:24:39
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 69%

الكرملين: "لن نقبل" حدا أقصى لسعر النفط الروسي

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:24:37
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 68%

تشيلسي ينافس ارسنال وليفربول بشدة على خدمات بن ناصر

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:24:05
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 55%

فاس عبق تاريخ و حضارة أمة - Culturedumaroc

المصدر: Culturedumaroc - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-12-03 15:24:32
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 60%

تحميل تطبيق المنصة العربية