بردة المديح

عودة للموسوعة

بردة المديح

بردة المديح هي قصيدة " البردة " المباركة للإمام البوصيرى محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله الصنهاجى البوصيرى المصرى ، وقد ولد البوصيري بقرية "دلاص" إحدى قرى بني سويف من صعيد مصر، في (أول شوال608هـ/7 مارس1213م) لأسرة ترجع جذورها إلى قبيلة "صنهاجة" إحدى قبائل البربر، التي استوطنت الصحراء جنوبي المغرب الأقصى، ونشأ بقرية "بوصير" القريبة من مسقط رأسه، ثم انتقل بعد ذلك إلى القاهرة حيث تلقى علوم العربية والأدب.

وروى أنه أنشأ هذه القصيدة حين أصابه فالج ( شلل ) ، فاستتشفع بها إلى الله تعالى ، ولما نام رأى النبى صلى الله عليه وسلم في منامه ، فمسح بيده المباركة بدنه ، فعوفى ، وخرج من بيته أوالنهار ، فلقيه بعض الفقراء ، فنطق : يا سيدى أريد حتى تعطينى القصيدة التى مدحت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم نطق : أى قصيدة ،يا ترى؟ نطق : التى أولها : " أمن تذكر جيران ... " فأعطاها له .. وجرى ذكرها بين الناس ، وأصبح الناس يتبركون بها ويستشفون بها ، على حتى الاستشفاء بها ليس استشفاء بألفاظها ، وإنما هواستشفاء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ هوبركة الدنيا والآخرة صلى الله عليه وسلم.

وقد اشتهر الإمام "شرف الدين محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري" بمدائحه النبوية، فكانت بحق مدرسة لشعراء المدائح النبوية من بعده، ومثالا يحتذيه الشعراء لينسجوا على منواله.

قصيدة البردة من القصائد الشهيرة في المديح النبوي، هامَ فيها أهل التصوف فشرحوها عشرات المرات وبلغات مختلفة(1)، وشطَّروهــا، وخمَّسوهـا، وسبَّعوها، وعارَضوها، ونظموا على نهجها(2)، وغَلَوْا فيها حتى جعل بعضهم لأبياتها بركة خاصة وشفاء من الأمراض(3)، بل إذا من كَتَبَةِ الأحجبةِ والتمائم من يستخدم لكل سقم أوحاجة بيتاً خاصاً: فبيتٌ لسقم الصرع، وبيتٌ للحفظ من الحريق، وآخر للتوفيق بين الزوجين، إلى غير ذلك(4).

وكانت البردة وما تزال عند بعض الناس من الأوراد التي تُقرأ في الصباح والمساء في هيبة وخشوع(5)، وأبياتها تُستعمل إلى اليوم في الرُّقَى وتتلى عند الدفن(6)، وقد وضعوا لها شروطاً عند قراءتها كالوضوء واستقبال القبلة، وغير ذلك(7). وزعموا حتى سبب تسميتها بالبردة أنَّ صاحبها ألقاها أمام النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فألقـى علـيه النبـي - صلى الله عليه وسلم - بردته كما ألقاها على كعب بن زهير ـ رضي الله عنه ـ يقظة، مع حتى سيرة كعب بن زهير هذه لم تثبت بإسناد سليم. وزعموا أنه كان مريضاً بالفالج فشفي بها ولذلك سميت بالبُرْأة(8)، وبلغ غلوُّهم فيها حتى زعموا حتى النبي - صلى الله عليه وسلم - شاركه في نظمها وأنه كان يتمايل عند سماعها؛ فلما انتهى الناظم إلى قوله:

(فمبلغُ الفهمِ فيه أنه بشرٌ)... توقف، فأضاف النبي - صلى الله عليه وسلم - : (وأنه خيرُ خلقِ الله كلهمِ)(9).

هذه القصيدة انتقدها كثيرٌ من أهل الفهم(10) في أبيات معـينة تـعدُّ من أكثر الأبيات غُلُوّاً عندهم، ودافع عنها آخرون وردُّوا ما وُجِّه إليها من نقد، معلِّلين جميع بيت منتَقَد فيها بما ينفي عـلة النـقد. ومن هذه الأبيات المنتقَدة التي دافع عنها أتبـاع البوصـيري وزعموا حتى منتقديها لم يدركوا مراده، في قوله:

إن لم يكن في معادي آخذاً بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلَّةَ القدمِ

وقوله:

يا أكرمَ الخلق ما لي من ألوذُ به سواكَ عند حلولِ الحادثِ العَمِمِ

وقوله:

فإنَّ من جودك الدنيا وضرَّتها ومن علومك فهم اللوح والقلمِ

فأصبح كثير من الناس لا يعهدون غلوَّ البوصيري إلا من قصيدته البردة، ولا يعهدون ما في البردة من غلوٍّ إلا من هذه الأبيات؛ فإذا كانت هذه الأبيات مفسَّرة ومبرَّرة، سلِمتِ البردة وسلِم البوصيري، فينتقل اللوم إذاً إلى منتقديه المتشددين!

والرجل ـ كما يزعمون ـ إمامٌ عالمٌ عاملٌ صالحٌ زاهدٌ...، وقصيدته البردة زهراء غراء يتبرك بها الناس، وفيها شفاء لأمراضهم إلى آخره، وهذه الأوصاف مذكورة في خطهم(1).

فهل سليم حتى بردة البوصيري ليس فيها من الغلوإلا هذه الأبيات،يا ترى؟ بل هل سليم حتى البوصيري إمامٌ عالمٌ عاملٌ، وقصـائـده، سـواء البردة أوغيرها، تخلومن الغلو؟! هذا ما أردت بيانه في هذه الموضوعة.


أما البوصيري فهوأبوعبد الله محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري، مصري النشأة، مغربي الأصل، شاذلي الطريقة(2).

ولد سنة 608 هـ وتوفي سنة 696 هـ، والرجل لم يكن عالماً قط، ولم يعدَّه أحدٌ من المترجمين له في عداد الفهماء، بل عـدُّوه مـن الشـعراء(3)، ومن عدَّه كذلك من المعاصرين لم يستطع حتى يثبت ذلك، وإنما هي ألقاب تكال كيلاً كما هي عادة القوم(4).

والبوصيري كان ممقوتاً لإطلاق لسانه في الناس بكل قبيح، وذكره لهم بالسوء في مجالس الأمراء والوزراء(5)، سيئ الخُلُق مع زوجته وغيرها، شحَّاذاً، مضطرباً في شخصيته، فتارة يمدحُ النصارى ويذُمُّ اليهود، وتارة يمدح اليهود إرضاءً للنصارى، وتارة يذم الاثنين معاً(6)، وكان كثير المدح للسلاطين طمعاً فيما عندهم؛ وهذا ليس غريباً على الشعراء لكنه ليس من صنيع الفهماء، أضف إلى ذلك أنَّ له أبياتاً كثيرة في البردة والهمزية وبقية قصائده الواردة في ديوانه، فيها من الغلوما يصدِّق قول منتقديه فيه، وإليك جوانب مما ذُكر:

أما سوء خلقه مع زوجته فقد ذمَّها وأشار إلى اتهامها بالفاحشة في قصيدة طويلة، وفي القصيدة من الفحش والفجور والفسق ما فيها، نسأل الله السلامة:

وَبَليَّتي عرسٌ بُليت بمقتها والبعل ممقوت بغير قيامِ

جعلت بإفلاسي وشيبي حجة إذ صرت لا خلفي ولا قدامي

بلغت من الكبر العِتيِّ ونُكِّست في الخلق وهي صبية الأرحامِ

إن زرتُها في العام يوماً أنتجت وأتت بستة أشهر بغلامِ

أوَ هذه الأولاد اتىت كلها من عملِ شيخٍ ليس بالقوَّام؟!

وأظن أنهمُ لعظم بليتي حملت بهم لا ش في الأحلامِ

أوَ كلَّ ما حَلِمت به حَمَلت به،يا ترى؟ من لي بأن الناس غير نيامِ،يا ترى؟

يا ليتها كانت عقيماً آيساً أوْ ليتني من جملة الخدامِ

أوْ ليتني من قبل تزويجي بها لوكنت بعت حلالها بحرام!

أوْ ليتني بعض الذين عهدتهم ممن يحصِّن دينه بغلام!(1)

والبوصـيري كان شحَّاذاً يستخدم شِعره في استجداء ما عند الناس ـ وهذا ليس من صنيع الفهماء ـ فها هويشكوللصاحب بهاء الدين علي بن محمد بن حنا حاله وكثرة عياله بقوله:

أيها الصاحب المؤمل أدعوكَ نادىء استغاثة واستجارهْ

أثقلتْ ظهري العيال وقد كنـتُ زماناً بهم خفيف الكارهْ

ولوأنني وحدي لكنت مريداً في رباطٍ أوعابداً في مغارهْ

أحسب الزهد هيِّناً وهوحربٌ لست فيه ولا من النَّظَّارهْ

لا تكلْني إلى سواكَ فأخيارُ زماني لا يمنحون خيارهْ

ووجوهُ القُصَّاد فيه حديد وقلوبُ الأجوادِ فيه حجارهْ

فإذا فازت كفُّ حرٍّ بِبُرٍّ فهوإما بنقضةٍ أونشارهْ

إن بيتي يقول قد طال عهدي بدخول التِّلِّيس لي والشكارهْ

وطعامٌ قد كان يعهده النا سُ متاعاً لهم وللسيارهْ

فالكوانين ما تعابُ من البردِ بطباخةٍ ولا شَكَّارهْ

لا بساطٍ ولا حصيرٍ بدهليــزٍ ولا مجلسٍ ولا طيارهْ(2)

ويطلب مـن غـيـره كـنـافـة فـي شـهـر الصـوم فيـقـول:

ما أكلنا في ذا الصيام كنافهْ آه وا بُعدها علينا مسافهْ

نطق قوم إنَّ العماد كريم قلت هذا عندي حديث خرافهْ

أنا ضيفٌ له وقد مت جوعاً ليت شعري لِمَ لا تعد الضيافهْ

وهويطعم الطعام فما يُطْــعِمُه إلا بسمعةٍ أومخافهْ(3)

ونطق يهجوأناساً سرقوا حمارته، وبالغ في ذلك جداً من أجل حمارة! فنطق:

أرى المستخدمين مشوا جميعاً على غير الصراط المستقيمِ

معاشر لووُلوا جناتِ عدن لصارت منهمُ نار الجحيمِ

فما من بلدة إلا ومنهم عليها جميع شيطان رجيمِ

فلوكان النجوم لهم رجوماً لقد خلتِ السماءُ من النجوم(4)

وكان مضطرب الشخصية يسير مع هوى نفسه وطـمعها؛ فلما لم يهدِ له النصارى طعاماً في عيدهم عيد المسيح هجاهم ومدح اليهود نكاية فيهم، فنطق:

يهود بلبيس كلَّ عيدٍ أفضل عندي من النصارى

أما ترى البغل وهوبغلٌ في فضله يفضل الحمارا(5)

فلما هدَّده النصارى تـراجع ومدحهم وذم اليهود، فنطق:

ما للنصارى إليَّ ذنبٌ وإنما الذنب لليهودِ

وكيف تفضيلهم وفيهم سرُّ الخنازير والقرودِ(6)

أمـا مـدحـه لسـلاطين زمـانـه مسـتجـدياً ما عندهم، فحـدِّث ولا حـرج، وديـوانـه ملـيءٌ بـذلك(7)، ولا تخـلوكثـيرٌ مـن قصـائـده من الغلوفي الممدوح، وإليك نزراً يسيراً منها:

فمـن ذلك قـوله يمـدح الوزير زين الدين الصاحبي بقوله:

أهل التقى والفهم أهل السؤددِ فأخوالسيادة أحمد بن محمدِ

الصاحب بن الصاحب بن الصاحب الــحبر الهمام السَّيِّدِ ابن السَّيِّدِ

لا تشركن به امرأً في وصفه فتكون قد خالفت كلَّ موحدِ(1)

ويقول مادحاً الصاحب بهاء الدين ويطلبه حمارةً، ويذم آخرَ مقرباً من الصاحب حسداً له:

صاحبٌ لا يزال بالجود والأفضال طلق اليدين حلوالعبارهْ

كم هدانا من فضله بكتاب معجز من علومه بأثارهْ

إنما يذكر العطية من كانت عطاياه تارة بعد تارهْ

سيدي! أنت نصرتي حدثا شن عليَّ الزمان بالفقر غارهْ

شابَ رأس وما رأست كأني زامر الحي أوصغير الحارهْ

وابن عمران وهوشرُّ متاع للورى في بطانة وظهارهْ

حسَّن القربُ منكم قبحَ ذكراه كتحسين المسكِ ذكر الفارهْ

فهوفي المدح قطرةٌ من سحابي وهوفي الهجومن زنادي شرارهْ

ما له ميزةٌ عليَّ سوى أنَّ له بغلة وما لي حمارهْ(2)

ويمدحه مرة أخرى ويشكوله حاله، فيقول:

يا أيها المولى الوزير الذي أيامه طائعة أمرهْ!

ومن له منزلة في العلا تكلُّ عن أوصافها الفكرهْ

أخلاقك الغرُّ دعتنا إلى الإدلاء في القول على غرهْ

إليك نشكوحالنا إننا عائلة في غاية الكثرهْ

صاموا مع الناس ولكنهم كانوا لمن يبصرهم عبرهْ

فارحمهمُ إذا أبصروا كعكةً في يد طفلٍ أورأوا تمرهْ

تشخص أبصارُهم نحوها بشهقةٍ تتبعها زفرهْ

والبوصيري اشتهر عنه شعره في المدائح النبوية وهومن أرقى الشعر وأجوده لولا غلوٌّ فيه، ومن قرأ قصائده كما في البردة الميمية والقصيدة الهمزية وبقية قصائده في ديوانه ظهر له اطِّراد الرجل في غلوِّه، وأبياته المجملة المحتملة لأكثر من معنى في قصيدةٍ، تفسرها أبياتٌ أخرى في قصيدة أخرى فلا مجال لتبرئته منه، وهاكم بعض الأمثلة:

قوله في البردة:

فإنَّ من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك فهم اللوح والقلمِ(3)

يؤيده البيت الخامس من الهمزية:

لك ذات العلوم من عالم الغيــــــب ومنها لآدم الأسماءُ

لذلك نطق الهيتمي في شرح هذا البيت:

(إن آدم لم يحصل له من العلوم إلا مجرد الفهم من أسمائها، وأن الحاصل لنبينا هوالفهم بحقائقها، ومسمياتها، ولا ريب حتى الفهم بهذا أعلى وأجل من الفهم بمجرد أسمائها؛ لأنها إنما يؤتى بها لتبيين المسميات؛ فهي المقصودة بالذات، وتلك بالوسيلة، وشتان ما بينهما، ونظير ذلك حتى المقصود من خلق آدم إنما هوخلق نبينا - صلى الله عليه وسلم - من صلبه؛ فهوالمقصود بطريق الذات، وآدم بطريق الوسيلة. ومن ثم نطق بعض المحققين: إنما سجد الملائكة لأجل نور محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي في جبينه(4).

والبـوصيري كغـيره من غلاة الصوفية الذين يعتقدون حتى الدنـيـا بمن فـيها لم تُخـلق إلا مـن أجل نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ونـور محـمـد - صلى الله عليه وسلم - ، وهـذا ذكـره في البـردة وغيـرها. نطق في البردة:

وكيف تدعوإلى الدنيا ضرورةُ منْ لولاه لم تخرجِ الدنيا من العدمِ

ونطق:

وكل آيٍ أتى الرُّسْلُ الكرامُ بها فإنما اتصلت من نوره بِهِمِ

ونطق:

فاق النبيين في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ ولم يدانوه في فهمٍ ولا كرمِ

وكلُّهم من رسول الله ملتمسٌ غرفاً من البحر أورشفاً من الديمِ

ونطق في الهمزية مؤكداً هذا المعنى:

كلُّ فضلٍ في العالمين فمِنْ فضلِ النبي استعاره الفضلاءُ

نطق الهيتمي في شرح البردة: (فإنما اتصلت من نوره بهـم: أي وصـلـت منه إليهم بطريق الاستمداد؛ وذلك لأن نـوره - صلى الله عليه وسلم - كان مخلوقاً قبل آدم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ بل قـبل سـائـر المخلوقات من السموات وما فيها والأرض وما عليها، وغير ذلك)(1) وهذا من خرافات الصوفية؛ فالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ولدُ آدم وخُلِق بعد آدم؛ فكيفقد يكون نوره خلق قبله؟! عليه صلوات ربي وسلامه.

ونطق في شرح الهمزية: (لأنه - صلى الله عليه وسلم - الممد لهم؛ إذ هوالوارث للحضرة الإلهية، والمستمد منها بلا واسطة دون غيره؛ فإنه لا يستمد منها إلا بواسطته - صلى الله عليه وسلم - ، فلا يصل لكامل شيء إلا وهومن بعض مدده وعلى يديه؛ فآيات جميع نبي إنما هي مقتبسة من نوره؛ لأنه كالشمس، وهم كالكواكب؛ فهي غير مضيئة بذاتها وإنما هي مستمدة من نور الشمس؛ فإذا غابت أظهرت أنوارها فهم قبل وجوده - صلى الله عليه وسلم - إنما كانوا يظهرون فضله، وأنوارهم مستمدة من نوره الفـائـض ومـدده الواسع)(2). كلام لا دلـيل عليه لا عقلياً ولا نقلياً، إنما هوكلام في كلام، لا زمام له ولا خطام.

وفي البردة الاستجارة والاستغاثة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك عند قوله:

ما سامني الدهرُ ضيماً واستجرت به إلا ونلتُ جواراً منه لم يضمِ

ولا التمستُ غنى الدارين من يده إلا التمستُ الندى من خير مستلمِ

ومعنى ذلك: أي ما ظلمني أهل الدهر في وقت من الأوقات وطلبت من النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يدخلني في جواره ليحميني من ضيم الدهر إلا وقربني منه(3).

والاستـغاثـة بالنبـي - صلى الله عليه وسلم - كثـيرة فـي شـعـر الـبوصـيري ـ وهي أشنع من التوسُّل، وإن خلط بينهما بعضُ الناس جهلاً أوتلبيساً ـ ولم تقتصر على البردة فقط، بل هي في غيرها أكثر غلواً، ومن ذلك قوله كما في (الديوان):

يا نبي الهدى استغاثةُ مَلْهُوفٍ أضرتْ بحاله الحوباءُ

يدَّعي الحب وهويأمر بالسوءِ ومن لي حتى تصدق الرغباءُ

إلى حتى نطق:

هذه عِلَّتي وأنت طبيبي ليس يخفى عليك في القلب داءُ

ومن الفوز حتى أبثك شكوى هي شكوى إليك وهي اقتضاءُ(4)

وأشد من ذلك نادىؤه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يصفح عنه وأن يقبل عذره بقوله:

يا من خزائنُ جودهِ مملوءةٌ كرماً وبابُ عطائه مفتوحُ

ندعوك عن فقرٍ إليك وحاجةٍ ومجالُ فضلك للعُفَاة فسيحُ

فاصفح عن العبد المسيء تكرماً إذا الكريمَ عن المسيء صفوحُ

واقبل رسولَ الله عذرَ مقصِّرٍ! هوإذا قبلت بمدحك الممدوحُ

في كلِّ وادٍ من صفاتك هائمٌ وبكلِّ سرٍّ من نداك سبوحُ(5)

وأقبح منه غلوُّه في الشريفة نفيسة بنت الحسن بن زيد ابن الحسن بن علي ـ رضي الله عنهم ـ بقوله:

سليلة خير العالمين «نفيسة» سمت بك أعراقٌ وطابت محاتدُ

إذا جحدت شمسُ النهار ضياءها ففضلك لم يجحده في الناس جاحدُ

بآبائك الأطهار زينت العلا فحبات عقد المجد منهم فرائدُ

ورثتِ صفاتِ المصطفى وعلومَه ففضلُكما لولا النبوةُ واحدُ!(6)

وفي البـردة أخـطاء أخـرى نمر عليها مروراً سريعاً حتى لا يظن ظـان أنـها مقـصـورة على بيتين أوثلاثة؛ فمن ذلك:

قوله:

أقسمتُ بالقمرِ المنشقِّ إنًّ له

من قلبه نسبةً مبرورةَ القسمِ

وهذا قسم بغير الله لا يجوز.

وقوله:

دَع مــا ادَّعَتهُ النصارى في نَبِيِّهِـمِ واحكُم بما شئتَ مَدحاً فيه واحتَكِـمِ

وكـأن النـاظـم يـقول: امـدحه بمـا شـئت من المدح لكن لا يصل بك المدح إلى تأليهه كما عملت النصارى مع عيسى علـيـه الصلاة والسلام؛ وهذا باطل، وليس معنى حديث: «لا تُطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم» أي أطروني لكن لا يصل إطراؤكم إلى ما وصل إليه النصارى مـن أنه ابن الله وثالث ثلاثة! بل معناه: لا تبالغوا في إطرائي كما بالغ النصارى في إطراء نبيهم حتى أداهم ذلك إلى تأليـهه.

ومن ذلك قوله:

فـــإنَّ لي ذِمَّةً منــه بتَسـمِيَتِي مُحمَّداً وهُوَ أوفَى الخلقِ بــالذِّمَمِ

وهذا غير سليم، فليس جميع من تسمى بمحمد صارت له ذمة بهذه التسمية؛ فما أكثر من تسمى بمحمد وهوفي عداد الفسقة، ولكن للأسف تجد كثيراً منهم يرددون هذا البيت وغيره وهم لا يفهمون معناه.

وقوله أيضاً:

لا طيبَ يَعــدِلُ تُرْباً ضَمَّ أعظُمَهُ طوبى لمُنتَشِـقٍ منـــه ومـلتَثِـمِ

الانتشاق: الشم، والالتثام: التعفر أوالتقبيل، والناظم يدعولأن ننتشق ونلتثم تراب قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا من الغلوأيضاً.

وقوله:

لعَـلَّ رَحمَةَ رَبِّي حينَ يَقسِــمُهَا تَأتِي على حَسَبِ العِصيَانِ في القِسَمِ

وهـذا خطأ أيضاً، ورحمة الله تأتي على حسب الطاعة لا المعصية ـ كما يرجوالبوصيري ـ وإلا لاستكثر الناس من المعاصي.

والحاصل حتى البوصيري كان من غلاة الصوفية الشاذلية، ولا ينفع الذين دافعوا عنه التماسهم العذر له في بعض الأبيات أوتوجيهها وجهة حسنة؛ فهذا إنما ينطق لمن كان سليم المعتقد سليم المنهج والطريقة ثم تزلُّ قدمُه في مسألة أومسألتين؛ فهذا يُلتمَس له العذر فيها، أمَّا من كانت هذه طريقته، وهذا معتقده، وهذا ديدنه، فمهما التمسنا له العذر في بيت أوبيتين؛ فماذا عن الباقي؟! وماذا عن شرَّاح هذه القصائد الذين يؤكدون هذه المعاني ويتتابعون عليها في شرح قصائده؟!

وهذا كله لا يمنعنا حتى نشيد بقوةِ شِعْره وجزالته، سواء كان من شعر مديح المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أوما فيه من حِكَمٍ ودُرَرٍ، فمن مليح المديح قوله في البردة:

أكــرِمْ بخَلْـقِ نبيٍّ زانَــهُ خُلُـقٌ بالحُسـنِ مشـتَمِلٌ بالبِشْـرِ مُتَّسِـمِ

كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبـدرِ في شَـرَفٍ والبحرِ في كَــرَمٍ والـدهرِ في هِمَمِ

وقوله واصفاً الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ:

هُمُ الجبـالُ فَسَـلْ عنهُم مُصَادِمَهُم مــاذا لَقِي منهمُ في كُـلِّ مُصطَدَمِ

وَسَـلْ حُنَيْناً وَسَـلْ بَدْراً وَسَلْ أُحُداً فُصـولُ حَتْفٍ لَهم أدهى مِنَ الوَخَمِ

كــأنَّهُم في ظُهورِ الخَيْلِ نَبْتُ رُبـىً مِن شِـدَّةِ الحَزْمِ لا مِن شَـدَّةِ الحُزُمِ

وفيها من الحكم الكثير، كمثل قوله:

والنفسُ كالطفلِ إذا تهمله شبَّ على حبِّ الرضاع وإن تفطمه ينفطمِ

فاصرف هواها وحاذر حتى توليه إذا الهوى ما تولى يُصْمِ أويَصِمِ

وراعِها وهي في الأعمالِ سائمةٌ وإن هي استحلتِ المرعى فلا تَسِمِ

كم حسَّنَتْ لذةً للمرءِ قاتلةً من حيثُ لم يَدْرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ

قد تُنكر العينُ ضوءَ الشَّمس من رمَدٍ ويُنكر الفمُ طعمَ الماءِ من سقمِ

وخالفِ النفسَ والشيطانَ واعصِهِما وإن هما محَّضاك النُّصْحَ فاتهـمِ

ولا تُطِعْ منهما خَصْماً ولا حَكَمـاً فأنت تعهدُ كيدَ الخصمِ والحَكَمِ

ومن بديع شعره:

مضىَ الشبابُ وسوف أمضىُ مثلما مضىَ الشبابُ وما امرؤ بمخلَّدِ

إنَّ الفناء لكلِّ حيٍّ غايةٌ محتومةٌ إذا لم يكن فكأنْ قَدِ(1)

هذا، وأسأل الله ـ عز وجل ـ حتى يهدي ضال المؤمنين، وأن يردَّه إلى الحق رداً جميلاً.


وصـلى الله وسلم على حبيبنا وسيـدنا ونبينا محـمـدٍ عبدِ الله ورسوله، وعلى آله وصحبه أجمعين.



الهوامش :


(*) - السيد علوي بن عبد القادر السَّقَّاف - المشرف على مسقط الدرر السنية.

(1) فاق عددُ شروح البردة كثيراً من خط السنة كسليم مسلم والخط الأربعة، فضلاً عن غيرها!

(2) انظر: المدائح النبوية) لمحمود علي مكي (ص 119)، و(العمدة شرح البردة) للهيتمي، ص 53.

(3) انظر: العمدة شرح البردة، ص 41، نطق محققه: (ولا يزال الناس يتبركون بها في أقطاب الأرض، فكم ظهر لها من أثر في إبراء السقمى من الذين اعتقدوا شرفها وقدروها قدرها فكانت سبباً في شفائهم ونيل الخيرات والبركات في قراءتها).

(4) انظر: (العمدة في إعراب البردة) لعبدالله جاجة، ص 17، و(المدائح النبوية في الأدب العربي) لزكي مبارك (142).

(5) انظر: المدائح النبوية في الأدب العربي، 142.

(6) انظر: دائرة المعارف الإسلامية) (3/528)

(7) انظر: ديوان البوصيري، لسيد كيلاني، ص 29.

(8) انظر (حاشية الباجوري على البردة) ص أربعة وغيرها، وهذا مما أطبقت عليه خطهم، لكن منهم من يقول لفه ببردته، ومنهم من يقول ألقاها عليه.

(9) انظر لذلك: مقدمة بردة المديح المباركة، ص 15، و(العمدة في إعراب البردة) ص 19.

(10) من هؤلاء: علاَّمة اليمن محمد بن علي الشوكاني في الدر النضيد في (إخلاص حدثة التوحيد) ص 59، وعلاَّمة العراق محمود شكري الآلوسي في (غاية الأماني في الرد على النبهاني) (2/349)، وعدد من فهماء نجد، وكثير من المعاصرين.

(1) انظر على سبيل المثال: بردة المديح المباركة، ص 9، و(العمدة شرح البردة، ص 41.

(2) كان على صلة بأبي الحسن الشاذلي صاحب الطريقة المشهورة عند الصوفية ولما توفي لازم تلميذه ووارث طريقته أبا العباس المرسي. يقول مادحاً الشاذلي وطريقته كما في ديوان البوصيري، للطباع، ص 105:

ويقول مادحاً أبا العباس المرسي كما في ديوان البوصيري، للطباع، ص 108:

(3) انظر: شذرات المضى، لابن العماد (5/432)، الوافي بالوفيات، للصفدي (3/105)، فوات الوفيات، للخطي (3/362)، المقفى الكبير، للمقريزي (5/661)، (حسن المحاضرة، للسيوطي) (1/570).

(4) تفاجأ وأنت تقرأ لبعض المعاصرين الألقاب التي تُطلق عليه من مثل: الإمام العالم العامل، وبالغ الهيتمي في مقدمة شرحه للهمزية (1/105) في مدحه فنطق: (الشيخ الإمام، العارف الكامل! الهمام، المفنن المحقق، البليغ، الأديب، المدقق، إمام الشعراء، وأشعر الفهماء، وبليغ الفصحاء، وأفصح الحكماء.....! ونطق فيه الحسن بن محمد الفاسي ـ وهومن المعاصرين ـ عند ترجمته في (طبقات الشاذلية الكبرى، ص 99: (الإمام الرباني، والعارف الصمداني، الأستاذ الفاضل، والملاذ الكامل، شـمس الملة، وبرهـان الأمـة، شـيخ المحققين، وملاذ أهل التمكين... بلغ ـ رضي الله عنه ـ الغوثية الكبرى، ودام له الاجتماع بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في اليقظة والمنام.

(5) ذكر ذلك المقريزي في المقفى الكبير (5/664) عن اليعمري في مسالك الأبصار، ونطق أيضاً (5/669): وحكي أنه كان قليل الفهم بصناعة الكتابة.

(6) له قصيدة طويلة رائعة سماها المخرج والمردود على النصارى واليهود تدل على أنه كان خبيراً بهم وبمعتقداتهم. انظر: ديوان البوصيري، للطباع، 158.

(1) انظر: ديوان البوصيري للطباع، ص 226. في البيت الخامس يشكك حتىقد يكون أولاده من كثرتهم أتت بهم زوجته منه وهوشيخ ليس بالقوَّام! وفي البيت التاسع تمنى لواستبدل حلالها وهوالزواج بحرام حتى لا يتحمل تبعة الأبناء، وفي البيت العاشر تمنى لوأنه حصَّن دينه بغلام بدلاً عن زوجة كبعض الذين يعهدهم! والعياذ بالله.

(2) انظر: ديوان البوصيري، ص 1119.

(3) انظر: ديوان البوصيري، ص 156.

(4) انظر: ديوان البوصيري، ص 227.

(5) انظر: ديوان البوصيري، ص 149.

(6) انظر: ديوان البوصيري، ص 115.

(7) انظر الصفحات: 81، 84، 112، 116، 120، 128، 140، 147، 150، 228، وغيرها من ديوان البوصيري، للطباع.

(1) انظر: ديوان البوصيري، ص 112.

(2) انظر: ديوان البوصيري، ص 117.

(3) هناك من أمور الغيب ما أطلعه الله على من ارتضاهم من رسله ومنهم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ، لكن البوصيري يزعم حتى ما في اللوح المحفوظ بعضٌ مما عنده - صلى الله عليه وسلم - فقوله: (ومن علومك) من هنا: للتبعيض، ولذلك يقول الهيتمي شارحاً هذا البيت: «ووجه كون فهم اللوح المحفوظ من بعض علومه - صلى الله عليه وسلم - حتى الله أطلعه ليلة الإسراء على جميع ما في اللوح المحفوظ وزاده علوماً أخر كالأسرار المتعلقة بذاته ـ سبحانه وتعالى ـ وصفاته» انظر: (العمدة شرح البردة)، ص 699، ولما حارَ بعضهم وأراد حتى يخرج من هذا المأزق أتى بما يُضحك فنطق: (نطق الشُّراح: المراد باللوح ما يخط الناس عليه، وبالقلم: ما يخطون به، فكأنه نطق: ومن علومك فهم الناس الذي يخطونه بأقلامهم في ألواحهم. انظر: نحت حديد الباطل وبرده) لداود النقشبندي، ص 39، (البلسم المريح من شفاء القلب الجريح) لعمر كامل، ص 14.

(4) انظر: المنح المكية شرح الهمزية للهيتمي (1/146).

(1) انظر: العمدة شرح البردة للهيتمي، ص 289.

(2) انظر: المنح المكية شرح الهمزية) (2/652).

(3) انظر: العمدة شرح البردة، ص 411 ـ 413.

(4) انظر: ديوان البوصيري، ص 60.

(5) انظر: ديوان البوصيري، ص 90.

(6) انظر: ديوان البوصيري، ص 92.

(1) انظر: ديوان البوصيري، ص 103.

المصادر

[1] [2] [3] [4] http://www.hdrmut.net/vb/t263437.html

تاريخ النشر: 2020-06-04 15:50:00
التصنيفات: شعر عربي

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

جيجل: الشروع في إحصاء أضرار الحرائق

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:25:24
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 56%

في انتظار ضبط موعد الموزمبيق

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:25:43
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 53%

حرب غزة: هل تعيد صراع الحضارات للواجهة؟

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:25:19
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 68%

لمساعدة أندية ولاعبين: الفــاف تريد تغيير موعد الميركــاتو الشتــوي

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:25:36
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 61%

الطريقة التيجانية تستنكر الانحياز العالمي ضد الفلسطينيين

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:25:02
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 65%

حكومة الاحتلال الإسرائيلي تعلن نزوح 200 ألف إسرائيلي داخليا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:24:27
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 51%

محرز ثالث أفضل المساهمين في تسجيل الأهداف

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:25:32
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 61%

المدرب المساعد لمنتخب فلسطين والهداف التاريخي فهد عتال للنصر

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:24:53
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 57%

الصحة السودانية: «64» حالة وفاة بالكوليرا و«38» بحمى الضنك و«101» بالحصبة

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:25:22
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 67%

بلينكن: إسرائيل لا تريد حكم غزة بعد انتهاء الحرب مع حماس

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:24:34
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 57%

بدد المخاوف: آيت نوري متوهج قبــل تربص نوفمــبر

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:25:34
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 67%

الأمم المتحدة: دخول 14 شاحنة تحمل مساعدات إلى قطاع غزة

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:24:42
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 56%

في وقت سعيود محل إشــادة: بلايــلي مهدد بمواصلة الغيـاب عن الخضر

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:25:38
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 58%

قوجيل يهنئ الأسرة الإعلامية الجزائرية بعيدها الوطني

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:25:11
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 65%

أطباء يحذرون

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:25:57
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 59%

حرب الخرطوم ورحيل البشرى: دمار وإعمار

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:25:26
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 52%

المستشفى الإندونيسي في غزة: معرضون لوقف العمليات الجراحية فو

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:24:21
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 66%

جمعية كبار معطوبي حرب التحرير تندد بالعدوان الهمجي

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-23 00:25:06
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 69%

تحميل تطبيق المنصة العربية