سعود بن أحمد دشيشة , لسان المدنيين , وأحد رجالات المدينة المخلصين البارين كان مولده بالمدينة سنة 1289هـ , ووفاته بها سنة 1351هـ .

سيرة وتاريخ

هوأبوالسعود بن أحمد بن محمد أبوالسعود دشيشة البزاز والمعروف بالشيخ سعود دشيشة ويكنى أبوأحمد .

أسرة الدشيشة هي من الأسر المدنية المشهورة والمعروفة ثابتة القدم , قدم جدهم محمد جمال اللوبيا الهندي المدينة سنة 1060هـ , نطق عنهم الأنصاري في تحفته : بيت البزاز نسبة إلى بيع البز ومن أشهرهم محمدجمال اللوبيا الهندي قدم إلى المدينة في حدود سنة 1060هـ , وكان صاحب ثروة, وكان رجلاً كاملاً , وتوفى في حدود سنة 1090هـ , ونطق : ويعهد هذا البيت اليوم ببيت دشيشة . وتتبعهم الحجار في مختصره بقوله بيت البزاز كان منهم أناس كثيرون انقرضوا وبقي منهم حسن دشيشة الصائغ , ومنهم محمد أبوالسعود الدشيشة.

اقول (الشريف أنس ): وهم يعهدون حتى اليوم ببيت دشيشة إلا أنهم قله ,ولقب الدشيشة سببه: حتى الخطيب عبدالرحمن مغلباي وهوإبن خالة جدهم محمد جمال اللوبيا كان إذا خطب يسرع في الخطبة إسراعاً كليا فسماه العامة دشيشة والتصق الإسم بقرباته آل البزاز , كما ذكر ذلك الأنصاري في تحفته .

ومنذ سنوات مضت وانقضت حيث كانت بدايتي في الكتابة عن أهل المدينة ورجالاتها, ومن بين مجالسة المعمرين الذين أدركتهم وإلتقاط أحاديثهم في الذاكرة وسرد أسماء الرجال فكان اسم دائم التكرار , ألاوهوسعود دشيشة رغم حتى الرجل لم يكن من الفهماء والخطباء , ولكنه كان بطلا شجاعا صاحب حجة وبيان لاتأخذه في الحق لومة لائم , فكم تلك المواقف البطولية له والتى دونت في اذهان الرجال ,وكنت استعجب حينما أراهم يتحدثون عنه ممن راؤه أوسمعوه عنه ولا أنسى العم المعمر عمر بن حمزه قرطلي رحمه الله , الذى استوعب سعود دشيشة وهوأكثر من سمعت منه , فكان يحد ثني عنه وأرى في حديثه الإعجاب وكأنه يقول في طيات كلامه أنك لن تجد رجل اليوم مثل سعود دشيشة أوأنك ياأنس لاتعهد سعود دشيشة،يا ترى؟ , وغريب أنك لاتعهده! ومن أنت حتى تسأل عن سعود ،يا ترى؟ , وماذا ترغب بفهم سيرته وتاريخه ،يا ترى؟ , فازداد شغفي لفهم سيرة ذلك الرجل , عملمت حتى ذلك الرجل مثال المدنيين المخلصين لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وابنها البار وإنه مثال ومضرب مثل لرجالات المدينة فحدَثني من يقول كنت أرى سعود مترجلا على فرسه يصول ويجول وعليه علامات الهيبة والشجاعة وحدثني من نطق رأيت سعود دشيشة يدفع الظلم عن أهل المدينة , وحدثني من يقول رأيته خرج من بيته في العنبرية يدافع عن الرجال أمام أمير المدينة آنذاك ويوقف بطشه جميع ذلك أثار انتباهي ولم أجد نفسي إلا حريص على فهم سيرته لانه من أهل الحق , والحق يعهد بأهله , وأيم الله لم أجد من يذمه , ولكني وجدته من ناصري المظلومين واقترن اسمه مع المدافعين عن تراب المدينة المنورة , فأين أهل الحجاز , وأين أهل المدينة , أمثال سعود ومن غيبهم , ومن منعهم , ياليت في المدينة اليوم مثل سعود دشيشة , مضى سعود إلى جوار ربه وبقي ذكره الخالد وما جمعت عنه إلا القليل لعلي وأنا ابن المدينة والحجاز أقدم ترجمته وفاءاً له فهومن رجالاتنا الأحرار .

اقول(الشريف أنس ) : هذه دهلزة تاريخيه ومنها أكمل

المولد

ولد سعود بالمدينة المنورة سنة 1289هـ وتلقى تعليمه على يدي فهماء المسجد النبوي الشريف ولكنه لم يقف في صفوف الفهماء والخطباء فإنه قد اوجد نفسه في صفوف الزعماء .

حياته وأعماله

شغف سعود بخدمة المدينة وقضاء الحوائج ورد الحقوق وكان لايعهد إلا ان يقول حدثة الحق فأصبح يصلح ما أفسده المفسدين ولعل الصله بينه وبين الزعيم حمزه ظافر كانت دافعاً لهما , وفي تلك الفتره كان الخديوي محمد علي قد أسس في المدينة ممن لهم حكم الزعماء فكانت أربع وجاقات , الاولى : السباهية وهي المقصود بها الخيالة وانتهت إلى سعود دشيشة , والثانية:القلعجية وهم حماة القلعة وانتهت إلى عباس قمقمجي , والثالثة:النوباتشية حماة الأبواب وانتهت إلى عباس برادة , والرابعة : البيرقدارية وهم أصحاب البيرق أوالعَلم وانتهت إلى محمد سعيد حوالة , وقد ذكر الزيدان في عهوده بقوله السبهية يعني الخيالة لانها الوجاق الاول من الوجاقات الأربعة وكان سعود دشيشة هورأس الوجاق السباهي.

مواقفه ومحنه

لقد كان سعود دشيشة من رجال الدولة العثمانية وأحد أعيانها ,ومن المقربين إلى السلطان عبدالحميد فقد عمل جهوداً كبيره ومواقف بارزة في إيقاف التسيب والفساد الاداري والذى عم المدينة في أواخر العهد العثماني , وعندما ثار الاتحاديون على السلطان عبد الحميد بشعارتهم المقتبسة من الثورة الفرنسية يدعون فيها طلب الحرية بقولهم (حريات , عدالات , مساوات) إلا انهم كان هدفهم الحقيقي هوالتتريك وقد فلت الزمام من الحكومة العثمانية , فما كان أمام أهل المدينة إلا الدفاع عن أرضهم , وكان للشيخ دشيشة مواقف كبيره ضد محاولات التتريك التى كان يقوم بها الاتحاديون أعضاء جمعية الاتحاد والترقي ومنها جهوده في انطقة الحاكم اثناء الحصار فقد تعرض للنفي والأعتنطق اكثر من مره ولكنه كان يعود من المنفى بقوة أشد مما تجاوز . وحينما اعلن الشريف الحسين بن على الثورة العربية في مكة المكرمة ونادى بها في نواحي الحجاز كان الدشيشة أحد رجالها البارزين في المدينة المنورة , واتخذ مقره في العوالى مركزاً لاجتماع رجالها فكان أحمد بن جميعان أحد رجال الثورة يزوره ويتلقى من التوجيهات ما يراه من صواب الراي عند الدشيشة وفي أثناء الحصار واشتداد الأمر على أهل المدينة , وبطش فخري وأعوانه من عسكر الجيوش , كان لسعود دشيشة التحرك الكبير في تسهيل خروج أهل المدينة منها فوقف صامداً , أمام قوات الحصار حتى اعتقل ونفي لانه مدني مدافع عن بلده وأحد رجال عبدالحميد المخلصين , وتداورت الأحداث وانتهت الثورة , ووضعت الحرب أوزارها وحالت الأحوال على حالها وعندما انتقل الحكم إلى الملك عبدالعزيزالسعود ودخلت قواته المدينة على يد ابنه محمد كان الدشيشة أحد رجال الوفد الذين قاموا بتسليم المدينة غليه سنة 1344هـ .

الدشيشة عضواً في مجلس الشورى

ونظرا لمكانته وما عهد عن وطنيته وحبه للوطن عين عضواً بمجلس الشورى في أول دوره عقدت له (من عام 1347هـ-1350هـ) وكان يمثل المدينة المنورة ,كما انه عين عضوا بمجلس إدارة المدينة المنورة.

مطالبته بإلغاء الكوشان

الكوشان : حدثه من أصل هجري ويقصد بها الضريبة أوالرسم والكوشان في الحجاز كان مفروض على الأهالي والحجاج , وهومبلغ يدفع للسفر إلى مكة المكرمة , وآخر يدفع للسفر إلى المدينة المنورة ؛ وهذا الكوشان يشكل ولج اقتصادي قوي للدولة إلا انه غيرمستساغ للأهالي ويشكل عبىء على أهل الحجاز , حيث حتى اهل نجد والشرقية لايدفعون كوشان في تنقلهم .

فطالب سعود دشيشة الملك عبدالعزيز إلغائها بقوله : إنك قد وحدت البلاد وآخيت بين العباد فلماذا يدفع أهل المدينة كوشان حدثا أرادوا العودة إلى مدينتهم حينما يخرجون منها فحمل الملك عبدالعزيز عن أهل المدينة الكوشان وفي نفس الوقت تقدم السيد صالح بن أبوبكر بن محمد شطا من أهالي مكه وهولسان المكيين ايضا وله سيره بطولية عطره بطلب اعفاء أهالي مكه , ومن ذلك اليوم الغيَ الكوشان عن الأهالي وبقي مفروضا على الحجاج إلى ان تم إلغائه في عام 1370هـ .

زهده في المناصب

لم يكن الدشيشة من الرجال الذين يهتمون بالمناصب الحكومية بقدر أنه كان يعيش بين الناس يتحسس آلامهم ويتفهم مشاكلهم ويحب أرضه فكانت داره مفتوحة لاستقبال الناس يفد إليها الوافدون لا يصدهم عن لقائه حاجب وإنما يجدون صدراً رحباً ووجهاً كريماً, وباعتبار المدينة المنورة من المدن الزراعية آنذاك وكثرة زراعة النخيل فيها بدعوة النبي صلى الله عليه واله وسلم , وكان لاعيانها مزارعهم الخاصة ولا نعهد حدثة المغرسة إلا حديثا فكنا نقول البستان أوالبلاد , وان مهنة الفلاحة مهنة مدنية أصيله يعمل بها جميع الناس فليس هناك كبير يشمخ عن فلاحة ما يملك وكانت لهذه البساتين أوالبلدان مسميات وكانت الدوار هي بلاد سعود دشيشة بجذع العوالي وقد أدركتها منذ سنوات اما الان فهي أرض بيضاء كاحلة , قد اقتلع نخلها ونشف غرسها دخلت منها الشوارع وأصبحت من النواحي العمرانية فقد عاش الدشيشة يفلحها ويغرسها .

وفاته

وبعد حياة حافلة بالعطاء والجهاد والعمل على قول الحق فكان لكل أجل كتاب فقد وافته المنية بعد وضوئه لصلاة المغرب ليوم السبت 5/شعبان /1351هـ , وأعقب بنتين , فأنقرض عقبه , وبقى ذكره إلي اليوم , ونطق لي المعمرون من أهل المدينة حتى وكيل إمارة المدينة حينها عبدالعزيز بن ابراهيم نطق بما معناه (ياأهل المدينة ابكوا فإن رجلكم قد مات) رحمك الله ياأبا أحمد وجعل مثواك الجنة .

المصادر

• ترجمة مخطوطة زودني بها نسابة المدينة الشريف أنس الخطي .
• فصول من تاريخ المدينة : علي حافظ .
• من رجال الشوري في المملكة العربية السعودية ـ تأليف سعادة الدكتور عبدالرحمن الزهراني
• ذكريات العهود الثلاثة : محمد حسين زيدان .
• التاريخ الكامل للمدينة المنورة , عبدالباسط بدر , ص 206,205, 187.
• جريدة أم القرى ع305,1349هـ.