محمد تام حسين
ولادته ونشأته
ولد الدكتور محمد تام حسين في العشرين من مارس عام 1901 م في قرية سبك الضحاك، مركز الباجور، بمحافظة المنوفية، تربى في كنف أخيه الأكبر بعد وفاة أبيه وهولا يزال بعد صغير، كان الأول في البكالوريا (الثانوية العامة حاليا)، وكذلك ظل الأول داخل فرقته في كلية طب قصر العيني، حيث تخرج فيها وعمره لم يتجاوز الثانية والعشرين .
حياته الزوجية
لم يتزوج تام حسين ورُوي عنه أنه نطق "هناك إحصائية حديثة مفادها حتى عدد السعداء في العالم الثالث من الزواج 7% فلهذا أخذت بالأحوط ". وقيل أنه أحجم عن الزواج لأقتناعة لبيتين من الشعر لشكسبير . ونطق ذات مرة "إن الإنسان يولد ويتفهم ويعمل ويتزوج وينجب ويموت وانا لم أتزوج حتى يتأجل الموت خطوتين" .
درجته الفهمية
أمضى سنوات الامتياز في قصر العينى , وفى عام 1925 سافر في بعثة دراسية إلى إنجلترا وأمضى هناك خمس سنوات حصل خلالها على عدة ألقاب فهمية منها زمالة الجراحين الملكية، وماچستير جراحة العظام فكان بذلك أول مصرى يجمع بين زمالة كلية الجراحين بإنجلترا وماجستير جراحة العظام في ليفربول، ولم تحل الدراسة الفهمية ولا بعده عن الوطن آنذاك بينه وبين متابعة أبحاثه الأدبية والاجتماعية التى ظل يراسل بها الصحف المصرية طوال مدة غيابه عن وطنه. ولما عاد إلى مصر في عام 1930 تولى مهام التدريس في كلية الطب جامعة القاهرة وأنشأ قسما لجراحة العظام، تدرج بعدها تام حسين في مناصب هيئة التدريس فأصبح أستاذاً مساعداً للدراسات العليا للجراحة عام 1936، ثم أستاذا لجراحة العظام عام 1940. وهويُعد بحق رائد طب العظام في مصر فلقد قام بإنشاء قسم جراحة العظام، كما ساهم في إنشاء مستشفى الهلال الأحمر في القاهرة عام 1937 وظل يشرف عليها مدة 40 عاماً. هذا ولقد كان عضوا في مجمع اللغة العربية والمجمع الفهمي المصري الذي تولى رئاسته أكثر من مرة , كما دُعي في عام 1965 لإلقاء محاضرة بعنوان " التعاون الدولي والسلام العالمي " في الجمعية العامة للأمم المتحدة .
منصبه كمدير لجامعة عين شمس
ولما تولى طه حسين وزارة المعارف رأى حتى محمد تام حسين هوالشخص الذى يقدر على تحمل تبعات إنشاء جامعة جديدة فعينه كأول مدير لجامعة إبراهيم (عين شمس حاليًا) عام 1950. ورغم حداثة هذه الجامعة وضخامة مشاكلها فإن محمد تام حسين كان له الفضل الأكبر في إيجاد كيان متميز لها، ورغم العوائق الشديدة التى قابلته أثناء تكوين هذه الجامعة فقد كان يرى حتى القانون يعطى للجامعة استقلالها، فإذا عبث أحد بهذا الاستقلال فهذا ليس ذنب القانون، كما كان يرى ضرورة توفير حماية النشر والتعبير لأساتذة الجامعة، وضرورة ذلك عند عرض موضوعات أبحاثهم ودراساتهم على المجتمع للاستفادة منها, وكانت نتيجة للتعقيدات الإدارية والمناورات السياسة دفعته إلى تقديم استنطقته من الجامعة بعد عامين . وكان تام حسين شديد الولع بالدراسة والاطلاع في كافة المجالات الفهمية والأدبية، وقد أوضح طه حسين ذلك بقوله : "إنَّ الدكتور محمد تام حسين كان من أشد الناس حبًا للقراءة وأعظمهم بها كلفًا وأكثرهم عليها إقبالاً ... وهولا يقرأ بقلبه وحده ولا يقرأ بعقله وحده وإنما يقرأ بهما معًا".
مناصبه الأخرى وجوائزة
ونتيجة لأنشطة الدكتور محمد تام حسين المتعددة عين عضوًا في عدد كبير من الهيئات الفهمية منها المعهد الفهمى المصرى شعبة فهم الأحياء، ومجمع الجراحة بباريس، والجمعية البريطانية لجراحة العظام. وعندما انتُخب عضوًا بمجمع اللغة العربية عام 1952 برز نشاطه من خلال مشاركته في المجلس والمؤتمر واللجان، وخاصة لجنة المصطلحات الطبية التى ساهم بجهد كبير في نشاطها، وكذلك مساهمته في أعمال لجنة المعجم اللغوى الوسيط، ولجنة الأدب. وكانت قراءاته الشخصية وإحساسه المرهف سببًا في تكوينه أديبا ممتازًا.مُنح تام حسين جائزة الدولة في الأدب عام 1957 وجائزة الدولة التقديرية عام 1966 في العلوم فكان أول من مُنح جوائز الدولة في كلٍ من الآداب والعلوم. وظل الدكتور تام حسين عضوًا بمجلس جامعة عين شمس حتى وفاته يُشارك بآرائه السديدة في خلق أجيال الجامعيين، كما اختير عضوًا بمجلس جامعة الأزهر، وكان لفترة طويلة في حياته عضوًا بالمجلس الأعلى للجامعات.
كامل حسين العالِم
وكان محمد تام حسين عالمًا حقًا وبأدق معنى لهذه الصفة فهويؤمن بالتجربة إيمانًا لا يقل عن إيمانه بالعقل، يؤمن بالتجربة لأنها سبيل كسب المعلومات والكشف عن الحقيقة، ويلاحظ بحق حتى ميزة الطب الحديث هى أنه طب التجربة والمشاهدة في حين حتى الطب القديم، أوبعبارة أدق طب اليونان، اعتمد على الوصفات الشائعة والقضايا المسلّمة. وكان يرى حتى الإتصال المباشر بالطبيعة عن طريق الملاحظة والتجربة يربطنا بها ويمكننا من حتى نستنتج ونستنبط ونكشف عن قوانينها. كان محمد تام حسين مولعًا بالمنهج والدراسة المنهجية، ويؤثر منهجين واضحين في دراساته وهما المقارنة والتحليل، فيقارن الظواهر بعضها ببعض، ويقارن الفكرة بالأخرى .. يقارن ليكشف عن مواطن الضعف والقوة، ويتبين جوانب الكمال، وهولم يطبق التحليل على الفهم وحده بل طبقه على الأدب أيضًا وقدم في ذلك أمثلة رائعة.
كامل حسين الأديب
وقل حتى تجد من يقبل على الثقافة إقباله، ويحب القراءة حبه، فإذا أعرب عن محاضرة عامة في فهم أوأدب أوفلسفة تراه في مقدمة المستمعين، وإذا ظهر كتاب قيم في العربية أوالإنجليزية أوالفرنسية تجده من أوائل القارئين. ولكن .. كيف من الممكن أن كان يوفق بين هذا وبين أعبائه المتعددة في درسه،يا ترى؟ وفى عيادته الخاصة،يا ترى؟ وفى سهره على سقماه في منازلهم أوفي المستشفيات؟
كامل حسين أديب من طراز خاص ؛ أدبه ثمرة قراءاته المستفيضة وحسه المرهف واطلاعه الواسع. وقد اختلط أدبه بالفهم والفلسفة، بالاجتماع والتاريخ، والحقيقة حتى فهمه نمى ميوله الأدبية ؛ لأنه كان يرى حتى الحقائق الفهمية في أمس الحاجة إلى تعبير سليم يكشف عنها ولغة سهلة تقربها إلى الأذهان.
وكامل حسين ـ كما ذكرنا ـ مولع بالتحليل، فيستعين بنظرية التحليل النفسى التى نطق بها "فرويد" و"يانج" ـ برغم عدم تسليمه بها سيكولوجيًا ـ في توضيح بعض الظواهر الأدبية، فيلاحظ مثلاً حتى ما في شعر المتنبي من تعقيد لم يجئ عفوًا، وإنما كان وليد عقدة نفسية ذلك لأن الشاعر الذى شغل الدنيا وملأ الأسماع قد خاب أمله وأخفق في محاولات شتى.
ويمضى إلى حتى الدولة العثمانية مثلاً انهارت بسبب الحرمان أكثر مما أثر فيها البطش والاستبداد، وغيرها من الآراء التى أوردناها فقط لنبين مدى تأثر أدب تام حسين بالتحليل، فهوأدب تحليلى يقاس فيه اللفظ بمقياس المعنى، فإن لم يلائمه عَدَلَ عنه إلى لفظ آخر أكثر ملائمة.
إيمانه بالعربية
وكان محمد تام حسين يؤمن بأن اللغة العربية لغة حية، كفيلة بأن تؤدى رسالة الفهم والحضارة اليوم كما أدتها بالأمس. وحياة جميع لغة بحياة أهلها فهم الذين يستطيعون حتى يغذوها وينموها، حتى يلائموا بينها وبين حاجات العصر ومقتضياته. ويلمس أديبنا الصراع بين العربية والعامية ويراه دورًا من أدوار التطور في حياة اللغة وعلينا حتى نقابله ؛ ولا سبيل إلى ذلك إلا بتيسير العربية على الناس كتابة وقراءة وتعليمًا، وبهذا تحيَّا وتنتشر ويُقبل عليها النشء.
من مؤلفاته
- رواية قرية ظالمة التي نال عنها جائزة الدولة في الأدب عام 1957 ويدور هذا الكتاب حول حال بنى إسرائيل والرومان والحواريين ليلة الجمعة التى حمل فيها السيد المسيح وترجمت لـسبعة لغات من بينها الإنجليزية.
- الوادي المقدس
- قوم لا يتطهرون
- الذكر الحكيم
- وحدة الفهم
- اللغة العربية المعاصرة مشروع يقع في 32 صفحة لتبسيط اللغة العربية لطلاب المدارس الإبتدائية .
- التحليل البيولوجي للتاريخ
- أدب مصر الإسلامية
- طائفة الإسماعيلية
وفاته
كانت وفاته عام 1977 .
مصادر
- ^ تقديم دكتور عزت شعلان للمجموعة القصصية " قوم لا يتطهرون "
- ^ مجلة الإذاعة والتلفزيون - سيرة "الراهبة والعجوز
- ^ Kamel Hussein ,A Great Teacher and Philosopher
مراجع
- نوافذ أدبية - قرية ظالمة رواية تعري بني صهيون
- الدكتور محمد تام حسين- الفيلسوف العالم