الزرنوجي
برهان الإسلام الزرنوجي (…ـ 597 هـ/… ـ 1200م) أحد فهماء القرن السادس الهجري، الذين اهتموا بالمسائل التربوية وخطوا فيها. ولقبه الذي اشتهر به برهان الدين أوبرهان الإسلام، طغى على اسمه الحقيقي الذي لم يرد ذكره في خط التراجم. وقد أجمع معظم الباحثين على حتى ولادته كانت في «زرنوج» في بلاد الهجر، فيما وراء «أوزجند» في هجرستان، أما سنة ولادته فغير معروفة.
لم تذكر خط التراجم تفصيلات ضرورية عن حياة الزرنوجي، إلا حتى شهرته أتت من إنتاجه الوحيد، الذي عُرف به وهو«تعليم المتفهم طرق التفهم» وكل ماتذكره المراجع أنه تتلمذ على يد صاحب كتاب «الهداية في فروع الفقه» لبرهان الدين علي بن أبي بكر الفرغاني المرغيتاني، الذي توفي عام 593هـ والذي يعتبره الزرنوجي في كتابه أستاذاً له. كما يذكر الزرنوجي حتى فخر الإسلام الحسن ابن منصور الفرغاني، قاضي خان المتوفي عام 592هـ كان شيخاً له.
لم يصل من مؤلفات الزرنوجي إلا كتاب واحد هو«تعليم المتفهم طرق التفهم»، وهوكتيب صغير الحجم لا تزيد صفحاته على الثمانين، وهذا الكتاب في مجمله إنما هوأقوال للمؤلفين المتقدمين، أحسن المؤلف اختيارها وعرضها عرضاً شائقاً. ومن الملاحظ حتى الغالبية العظمى من المؤلفين الذين نقل عنهم الزرنوجي هم دون استثناء من الحنفية - ممضىه الديني، فيما عدا رجال القرن الهجري الأول. ترجم الكتاب الذي عرض فيه المؤلف خلاصة فكر عصره الدينية والفقهية والتربوية الى اللغات الهجرية واللاتينية والروسية وغيرها. وقد حظي هذا الكتاب بعناية كبار المربين المسلمين، فنشروه وعلقوا عليه. وقد استطاع الزرنوجي حتى يصب المضامين التربوبة في صيغ فقهية أشبه ما تكون بالقواعد أوالقوانين المنظمة، مستخدماً في ذلك معارفه الشرعية واللغوية والفلسفية استخداماً محكماً، ولذلك يبدوالكتاب أشبه بالنصائح والإرشادات التي يرى الزرنوجي ضرورة اتباعها من قبل طالب الفهم. والكتاب مقسم إلى اثني عشر فصلاً، يضم جميع منها قواعد وأفكاراً تربوية منظمة ومتداخلة فيما بينها، لم يعمد إلى حشوها بقدر ما قصد توظيفها لتوعية الآخرين.
ومن أهمها الموضوعات الآتية: الصبر والثبات على الأستاذ والكتاب وبلد الدراسة، الاشتغال بفهم أوفن واحد ثم بغيره، المطارحة والمذاكرة أجدى من التكرار، الاختبار الذاتي للاسترجاع، اختيار الوقت الأفضل للدراسة، الصحة العامة وأثرها في التربية، مسببات الحفظ والنسيان وغيرها).
أسهم الزرنوجي في إغناء الفكر التربوي العربي الإسلامي، واضطلعت آراؤه التربوية بدور مهم في ظهور المدارس التربوية اللاحقة التي لا تقل شأناً عن النظريات التربوية الحديثة، إذا ما قيست بالظروف والمعطيات التي وجدت فيها.
عيسى علي
للاستزادة
- الأهواني، التربية في الإسلام، القاهرة، دار المعارف، 1983
- نذير حمدان، في التراث التربوي ـ دراسات نفسية تعليمية تراثية (دار المأمون للتراث،دمشق 1989).
- أحمد شلبي، تاريخ التربية الاسلامية (الأنجلومصرية، القاهرة 1960).
- برهان الإسلام الزرنوجي ومروان قباني، تعليم المتفهم طريق التفهم (المخط الإسلامي، بيروت، دمشق 1996).
- عارف عبد الغني، نظم التعليم عند المسلمين (دار كنان، دمشق 1993).