توتسي

توتسي Tutsi

پول كاگامه • Renovat Ndayirukiye
Richard Sezibera • إستر كاماتاري
التعداد الإجمالي
(2.5 مليون (رواندا وبوروندي))
المناطق ذات التواجد المعتبر
رواندا, بوروندي, شرق جمهورية الكونغوالديمقراطية
اللغات
كيروندي, كينيارواندا, الفرنسية
الديانة
الكاثوليكية, الإسلام (معظمهم اعتنقوه بعد مذابح 1994)
الجماعات العرقية ذات الصلة
هوتو, توا

التوتسي Tutsi هي واحدة من ثلاث شعوب تعيش في منطقة البحيرات العظمى الأفريقية وخصوصاً رواندا وبوروندي، الشعبان الآخران هم الهوتووالتوا.

يعيش في الكونغوالديمقراطية (زائير سابقا) حوالي 51 مليون نسمة ينتمون إلى أكثر من 450 جماعة عرقية. وينتمي غالبية السكان إلى قبيلتي هيما المنحدرة من الهوتووليندوالمنحدرة من التوتسي.


وقد نزحت هاتان القبيلتان من منطقة القرن الأفريقي إلى منطقة البحيرات العظمى واستوطنتا رواندا وبورندي وشرق الكونغووبعض أجزاء من أوغندا أوائل القرن الرابع عشر الميلادي، واشتغلتا بحرفة الرعي وتربية الماشية.

وبالرغم من حتى نسبة التوتسي تمثل 15% من السكان ويمثل الهوتو84% فإن قبائل التوتسي تميزت بحسن تنظيمها لنفسها تحت سلطة مركزية واحدة، وتفوقت في المهارات العسكرية واستطاعت بفضل تفوقها العسكري السيطرة على الهوتوالذين ظلوا قبائل متفرقة تتمتع جميع قبيلة باستقلالها في إدارة شؤونها الداخلية.

وكان لفرنسا دور مهم في دعم أقلية التوتسي وبالأخص في المجال التعليمي، حيث كثرت المدارس الفرنسية في أوساط التوتسي وزادت البعثات التعليمية لأبنائها، الأمر الذي أهلهم لتولي المناصب السياسية الهامة في الكونغوبعد ذلك.

وتاريخ العلاقة بين المجموعتين يتسم بالعداء والاستغلال والظلم المتبادل، مما أدى إلى كثير من حوادث الانتقام والنزاعات المسلحة.

ففي عام 1959 قام الهوتوبثورة على حكم التوتسي في رواندا اغتال فيها مائة ألف من التوتسي. وزادت الأوضاع سوءا بعد تنصيب گريگور كايباندا الذي ينتمي إلى الهوتورئيسا على البلاد، مما أجبر مئات الآلاف من التوتسي عام 1962 على الهجرة إلى البلدان المجاورة مثل بوروندي وأوغندا والكونغو.

ونظم قادة التوتسي أنفسهم وانضم إليهم بعض الأفراد من الهوتومنشقين على الرئيس غريغور بعد حتى اتهموه بالفساد، وكونوا جبهة معارضة قوية وقفت إلى جانب يوري موسوفيني الذي نجح في الوصول إلى السلطة في أوغندا. وقامت قواته على الفور بغزوشمال رواندا للانتقام من الهوتووسقطت هناك مذبحة جديدة.

ونشبت حرب أهلية في الكونغوأوائل عام 1960 بسبب تمرد بعض القبائل الغاضبة من موافقة المحتل البلجيكي على انفصال إقليم "كاتنگا" الغني بموارده الطبيعية، رغم رفض الأمم المتحدة ذلك في 16 سبتمبر/ أيلول 1960. وسرعان ما قام موبوتوسيسي سيكوبانقلاب عسكري، واستولى على السلطة وساد نوع من الهدوء الحذر. ولم يستمر هذا الهدوء طويلا فبعد اغتيال رئيس الحركة الوطنية الكونغولية باتريس لومومبا عمت الفوضى وعمليات الانتقام بين القبيلتين من جديد.

واستطاع التوتسي الاستيلاء على الحكم في رواندا عام 1972، وسقطت عمليات انتقامية اغتال فيها حوالي 300 ألف من الهوتو، واستهدفت تلك العمليات الصفوة المتفهمة وذوي النفوذ من أبناء الهوتو.

ونظم الهوتومظاهرات في بوروندي للمطالبة بالديمقراطية عام 1993 بعد اغتيال بعض المرشحين للانتخابات النيابية من الهوتوواتهام قادة الجيش من التوتسي بتطبيقها، فتحولت المظاهرات الشعبية إلى أعمال عنف راح ضحيتها أكثر من 250 ألفا معظمهم من التوتسي، وهاجر ما يزيد عن 300 ألف إلى البلدان المجاورة، وحل الجزء الأكبر منهم في شرق الكونغوالديمقراطية.

الجينات

مهاجر توتسي في برلين.


Y-DNA (النسب الأبوي)

أظهرت الدراسات الجينية المعاصرة للكروموسوم واي حتى الهوتو، مثل التوتسي، are largely of Bantu extraction (83% إلبلا، 8% E2). تأثيرات النسب الأبوي المرتبطة بالقرن الأفريقي وشمال أفريقيا قليلة (3% E1b1b و1% R1b)، وتنتسب إلى السكان المبكرون who were assimilated. ومع ذلك، فالأنساب الأبوية نيلية-صحراوية للهوتوأقل بشكل كبير (4.3% B) عن التوتسي (14.9% B).

Autosomal DNA (النسب العام)

بصفة عامة، يظهر حتى الهوتويشهجرون في قرابة جينية وثيقة مع السكان البانتوالمجاورين، خاصة التوتسي. ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كان هذا التشابه يرجع بصفة أساسية إلى التغيرات الجينية الكبيرة بين هذه المجتمعات عن طريق الزواج المشهجر أم أنه ينبع في نهاية المطاف من أصول مشهجرة:

[...]أجيال التدفق الجيني طمست جميع الفوارق المادية الواضحة التي من الممكن كانت موجودة في وقت ما بين شعبي البانتو– الذين يشتهرون بطول القامة، البنية الجسمانية، ومعالم الوجه. بهذا الاختلاف الجسدي الواسع النطاق بين الشعبين، Belgian authorities legally mandated ethnic affiliation في العشرينيات، المعتمد على معايير اقتصادية. وبالتالي فُرضت التقسيمات الاجتماعية الرسمية والمنفردة بناءاً على فروق بيولوجية غامضة. إلى حد ما، ساعدت هذه الفئات خلال العقود المتعاقبة على تجسيد الفروق البيولوجية، توليد نخبة أطول وطبقة دنيا أقصر، لكنها ذات صلة أقل مع المجموعات الجينية التي كانت موجودة منذ بضعة قرون. إذن فالفئات الاجتماعية حقيقية، but there is little if any detectable genetic differentiation بين الهوتووالتوتسي.

وجد تيشكوف وزملائه (2009) حتى عيناتهم المختلطة من رواندا تهيمن عليها أصول البانتو، مع تدفق جيني أقل من التجمعات الأفرو-آسيوية (17.7% عثر على الجينات الأفرو-آسيوية في السكان الهوتو-البانتوالمختلطين).

وفي غمرة الحرب الأهلية السودانية في عام 1998، طرح الرئيس الرواندي، پول كاگامى (توتسي)، نظرية حتى قبائل جنوب السودان هي من التوتسي، وأن عرب شمال السودان هم أفرو-صحراويين (أي أقارب للهوتو)، وعليه قرر التدخل في الحرب لنصرة التوتسي (جنوب السودان). كما زعم حتى البشير يدعم الهوتوفي رواندا - وهوزعم نشره الإعلام العالمي لفترة قصيرة، ثم اختفى ولم يثبت أبداً.

رواندا تاريخ موجز للبلد

ينقسم سكان رواندا الذين يتجاوز عددهمسبعة ملايين نسمة إلى ثلاث فئات عرقية: الهوتو(الذين يؤلفون ما يقرب من 85 في المائة من عدد السكان) والتوتسي (14 في المائة) والتوا (1 في المائة).

وقبل فترة الاستعمار، كان أبناء التوتسي يشغلون الطبقات العليا في النظام الاجتماعي وأبناء الهوتوالطبقات الدنيا. غير حتى الحراك الاجتماعي كان ممكناً، فالهوتوالذي يقتني عدداً كبيراً من الماشية أوغير ذلك من المال كان يمكن استيعابه في طائفة التوتسي كما حتى فقراء التوتسي كانوا ينظر إليهم على أنهم من طائفة الهوتو. كذلك كان يوجد نظام عشائري عامل، تعهد فيه عشيرة التوتسي باسم ناينگينيا أوأقوى الأقوياء. وقد عمل الناينگينيا طوال القرن التاسع عشر على توسيع نطاق نفوذهم عن طريق الغزووبتوفير الحماية في لقاء جزية تدفع.

بدء الصراع العرقي

فقدت ألمانيا، السلطة الاستعمارية السابقة، سيطرتها على رواندا خلال الحرب العالمية الأولى ثم وضع الإقليم تحت الإدارة البلجيكية. وفي أواخر الخمسينيات، في أثناء موجة إنهاء الاستعمار الكبيرة، زادت حالات التوتر في رواندا. وكانت حركة الهوتوالسياسية، التي يمثل حكم الأغلبية مكسباً لها، تكتسب الزخم بينما قاومت بعض شرائح من مؤسسة التوتسي عملية التحول الديمقراطي وفقدان مزاياها المكتسبة.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1959، أشعل أحد أحداث العنف نيران ثورة للهوتوتم فيها اغتال المئات من التوتسي وتشريد الآلاف وإجبارهم على الفرار إلى البلدان المجاورة. وكات تلك بداية ما يطلق عليه "ثورة فلاحي الهوتو" أو"الثورة الاجتماعية" التي استمرت من 1959 إلى 1961، وآذنت بنهاية سيطرة التوتسي وشحذ نصال التوتر العرقي.

وبحلول عام 1962، وعند حصول رواندا على استقلالها، كان 000 120 شخص، معظمهم من أبناء طائفة التوتسي، قد لجأوا إلى إحدى دول الجوار هرباً من العنف الذي صاحب مجيء طائفة الهوتوالتدريجي إلى السلطة.

واستمرت حلقة جديدة من الصراع والعنف الطائفي بعد الاستقلال. وبدأ اللاجئون من التوتسي في تنزانيا وزائير الساعين لاسترداد مواقعهم السابقة في رواندا ينظمون أنفسهم ويشنون الهجمات على أهداف للهوتووعلى حكومة الهوتو. وسقطت عشرة هجمات من هذا القبيل في الفترة بين 1962 و1967، جميع منها يؤدي إلى عمليات اغتال انتقامية لأعداد كبيرة من التوتسي المدنيين في رواندا خلّفت موجات جديدة من اللاجئين. وبحلول أواخر الثمانينيات كان نحو000 480 من الروانديين قد تحولوا إلى لاجئين، بصفة رئيسية في بوروندي وأوغندا وزائير وتنزانيا.

واستمروا في المناداة بإعمال حقهم القانوني الدولي في العودة إلى رواندا، غير حتى جوڤنال هابياريمانا، رئيس رواندا آنذاك، اتخذ موقفاً يتمثل في حتى زيادة الضغوط السكانية وقلة الفرص الاقتصادية المتوفرة لا يسمحان باستيعاب أعداد كبيرة من لاجئي التوتسي.


الحرب الأهلية

وفي عام 1988، أنشئت الجبهة الوطنية الرواندية في كمبالا، بأوغندا، بوصفها حركة سياسية وعسكرية ذات أهداف معلنة تتمثل في تأمين عودة الروانديين المنفيين إلى الوطن وإعادة تشكيل الحكومة الرواندية، بما في ذلك تقاسم السلطة السياسية.

وتألفت الجبهة الوطنية الرواندية بصفة رئيسية من التوتسي المنفيين في أوغندا، الذين تجاوز للكثيرين منهم حتى خدموا في جيش المقاومة الوطنية التابع للرئيس يوري موسيفيني، الذي أسقط الحكومة الأوغندية السابقة في عام 1986. ومع حتى صفوف الجبهة ضمت بعض الهوتوبالعمل، فإن غالبيتها، خاصة من يشغلون المناصب القيادية فيها، كانوا من اللاجئين التوتسي.

وفي 1 تشرين الأول/أكتوبر 1990، شنت الجبهة هجوماً كبيراً على رواندا من أوغندا بقوة تضم 000سبعة مقاتل. وبسبب هجمات الجبهة التي شردت الآلاف، وبعمل لجوء الحكومة إلى سياسة نادىئية استهدافية عامدة، جرى وصم جميع أبناء التوتسي داخل البلد بأنهم شركاء للجبهة، ووصم جميع الهوتوالأعضاء في أحزاب المعارضة بأنهم خونة. واستمرت وسائل الإعلام، وبخاصة الإذاعة، في نشر إشاعات لا أساس لها من الصحة، مما أدى لتفاقم المشاكل العرقية.

وفي آب/أغسطس 1993، ومن خلال جهود تحقيق السلام التي قامت بها منظمة الوحدة الأفريقية وحكومات المنطقة، بدا وكأن التوقيع على اتفاقات السلام في أروشا قد وضع حداً للصراع بين الحكومة، التي كانت في قبضة الهوتوآنذاك، والجبهة الوطنية الرواندية المعارضة. وفي تشرين الأول/أكتوبر 1993، أنشأ مجلس الأمن بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى رواندا وأنيطت بها ولاية تضم حفظ السلام وتقديم المساعدات الإنسانية والدعم العام لعملية السلام.

غير حتى إرادة تحقيق السلام والمحافظة عليه تعرضت منذ البداية للتخريب من قِبل بعض الأحزاب السياسية الرواندية المشهجرة في الاتفاق. وبتعرض بعض جوانب الاتفاق للتأخير في التطبيق بعد ذلك، أصبحت انتهاكات حقوق الإنسان أكثر انتشاراً وتدهورت الحالة الأمنية. وفيما بعد، بينت الأدلة بما لا يدع مجالاً للشك حتى عناصر متطرفة من طائفة الهوتوالتي تشكل الأغلبية كانت خلال محادثات السلام في واقع الأمر تخطط لشن حملة إبادة للتوتسي والهوتوالمعتدلين.

جريمة الإبادة الجماعية

فيستة نيسان/أبريل 1994، أشعل مصرع رئيسي بوروندي ورواندا في حادث سقوط طائرة على إثر هجوم صاروخي جذوة عدة أسابيع من المذابح الكثيفة والمنهجية. وصدمت عمليات القتل، حيث يقدر حتى عدداً يناهز 1 مليون نسمة فقدوا أرواحهم فيها، مشاعر المجتمع الدولي وكان من الواضح أنها أعمال إبادة جماعية. وأشارت التقديرات أيضاً إلى اغتصاب ما بين 000 150 و000 250 امرأة .

وشرع أعضاء الحرس الجمهوري في اغتال المدنيين التوتسي في قسم من كيغالي يقع قريباً من المطار. وفي غضون أقل من نصف ساعة من وقوع حادث سقوط الطائرة، كانت المتاريس التي يقف عندها أفراد مليشيات الهوتوويساعدهم فيها في كثير من الأحيان أفراد من الشرطة شبه العسكرية أوعسكريون قد أقيمت للتحقق من هوية أبناء طائفة التوتسي.

وفيسبعة نيسان/أبريل، بثت محطة الإذاعة والتليفزيون ’الحرة للتلال الألف‘ إذاعة تنسب فيها سقوط الطائرة إلى الجبهة الوطنية الرواندية ووحدة من جنود الأمم المتحدة، وبعض الأقوال التي تحرّض على استئصال "الصرصار التوتسي". وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، تم اغتال رئيسة الوزراء أجاثا أويلينغييمانا وعشرة من أفراد حفظ السلام البلجيكيين المخصصين لحمايتها بطريقة بشعة على أيدي الجنود الحكوميين الروانديين في هجوم على بيتها. وجرى بالمثل اغتيال غيرها من زعماء الهوتوالمعتدلين. وسحبت بلجيكا بقية أفراد قوتها بعد المذبحة التي حدثت لجنودها. وفي 21 نيسان/أبريل، طلبت البلدان الأخرى سـحب جنودها، وانخفضت قـوة بعثـة تقديم المساعدة إلى رواندا من 165 2 فرداً في بدايتها إلى 270 فرداً.

وإذا كانت إحدى المشاكل تتمثل في عدم وجود التزام صارم بالمصالحة لدى بعض الأطراف الرواندية، فقد أدى تردد المجتمع الدولي في الرد إلى تفاقم المأساة. وكانت قدرة الأمم المتحدة على الحد من المعاناة البشرية في رواندا مقيدة تقييداً شديداً لعدم استعداد الدول الأعضاء للاستجابة لتغير الظروف في رواندا بتعزيز ولاية البعثة والإسهام بقوات إضافية.

وفي 22 حزيران/يونيه، أذن مجلس الأمن لقوات تحت قيادة فرنسية بالقيام بمهمة إنسانية. وأنقذت هذه المهمة، التي يطلق عليها عملية توركواز حياة مئات المدنيين في جنوب شرق رواندا، ولكن ينطق أيضاً إنها سمحت للجنود والمسؤولين والمليشيات الضالعين في جريمة القتل الجماعي بالهروب من رواندا من خلال المناطق الخاضعة لسيطرتها. واستمرت جرائم القتل في المناطق الأخرى حتى أربعة تموز/يوليه 1994 حين سيطرت الجبهة الوطنية الرواندية عسكرياً على أراضي رواندا بأكملها.

في أعقاب جريمة الإبادة الجماعية

لاذ المسؤولون الحكوميون والجنود والمليشيات الذي شاركوا في جريمة الإبادة الجماعية بالفرار إلى جمهورية الكونغوالديمقراطية، ثم إلى زمبابوي، آخذين معهم 1.4 مليوناً من المدنيين، أغلبهم من الهوتوالذين أبلغوا بأن الجبهة الوطنية الرواندية يفترض أن تقتلهم. وقضى الآلاف نحبهم من الأمراض المنقولة بالمياه.

واستخدمت المخيمات أيضاً من قِبل جنود الحكومة الرواندية السابقة لإعادة تسليح وتنظيم عمليات لغزورواندا. وكانت تلك الهجمات أحد العوامل التي أدت إلى نشوب الحرب بين رواندا وجمهورية الكونغوالديمقراطية في عام 1996. وظلت القوات الرواندية السابقة تعمل في جمهورية الكونغوالديمقراطية إلى جانب بعض المليشيات الكونغولية والجماعات المسلحة الأخرى. وهي لا تزال تستهدف السكان المدنيين وتسبب الموت والأذى والضرر.

وبدأت الحكومة الرواندية في نهاية عام 1996 في إجراء المحاكمات التي طال انتظارها على جريمة الإبادة الجماعية. وكان هذا التأخير يرجع إلى حتى البلد قد فقد معظم أفراده العاملين في القضاء، ناهيك عن تدمير المحاكم والسجون وغير ذلك من الهياكل الأساسية. وبحلول عام 2000، كان ثمة 000 100 مشتبه في ارتكابهم جريمة الإبادة الجماعية ينتظرون المحاكمة. وفي 2001، بدأت الحكومة في تطبيق نظام العدالة التشاركية، المعروف باسم غاتشاتشا، للتصدي للكم الضخم من القضايا المتأخرة.

وانتخبت المجتمعات المحلية قضاة لإجراء المحاكمات للمشتبه فيهم بجريمة الإبادة الجماعية المتهمين على جميع الجرائم فيما عدا التخطيط للإبادة الجماعية أوالاغتصاب. وأطلق سراح المتهمين في محاكم غاتشاتشا مؤقتا رهن المحاكمة. وسببت عمليات الإفراج قدراً كبيراً من الاستياء بين صفوف الناجين الذين يرون فيها شكلاً من أشكال العفوالعام. ولا تزال رواندا تستخدم النظام القضائي الوطني لمحاكمة المتورطين في التخطيط لجريمة الإبادة الجماعية أوالاغتصاب في ظل قانون العقوبات العادي. ولكن هذه المحاكم لا تسمح بالإفراج المؤقت عن المتهمين في جرائم الإبادة الجماعية.

وتخفف محاكم غاتشاتشا أحكامها إذا أعرب الشخص توبته والتمس التصالح مع المجتمع . ويقصد بهذه المحاكم مساعدة المجتمع على المشاركة في عملية العدالة والمصالحة في البلد.

وعلى الصعيد الدولي، أنشأ مجلس الأمن فيثمانية تشرين الثاني/نوفمبر 1994 المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، التي يقع مقرها حالياً في أروشا، بتنزانيا. وبدأت التحقيقات في أيار/مايو1995. وقدم أول المشتبه فيهم إلى المحكمة في ايار/مايو1996 وبدأ النظر في أولى القضايا في كانون الثاني/يناير 1997.

ولهذه المحكمة التابعة للأمم المتحدة اختصاص بالنظر في جميع انتهاكات حقوق الإنسان الدولية المرتكبة في رواندا خلال الفترة بين كانون الثاني/يناير وكانون الأول/ديسمبر 1994، ولها القدرة على محاكمة كبار أعضاء الحكومة والقوات المسلحة الذين من الممكنقد يكونون قد هربوا إلى خارج البلد ويمكن بغير المحكمة حتى يفلتوا من العقاب. وقد أصدرت المحكمة منذ ذلك الحين حكمها على رئيس الوزراء خلال الإبادة الجماعية جان كامباندا بعقوبة السجن مدى الحياة.

وكانت أيضاً أول محكمة دولية تدين أحد المشتبه فيهم بارتكاب تهمة الاغتصاب باعتباره جريمة ضد الإنسانية ومن جرائم الإبادة الجماعية. كما حتى المحكمة حاكمت ثلاثة من أصحاب وسائل الإعلام المتهم جميع منهم باستخدام وسائل الإعلام الخاصة به للتحريض على الكراهية العرقية والقتل الجماعي. وبحلول نيسان/أبريل 2007، كانت قد أصدرت سبعة وعشرين حكماً على ثلاثة وثلاثين متهماً.

كابيلا بعد نجاح التمرد

وبعد نجاح كابيلا في الوصول إلى الحكم وطرد موبوتوبمساندة من قبائل التوتسي، انقض على حلفائه السابقين وأعدم الآلاف من المدنيين والعسكريين لأنهم من قبائل التوتسي.


عوامل ساعدت على الاغتيال

لم تشعر الكونغوالديمقراطية بالاستقرار في ظل حكم كابيلا، فقبائل التوتسي التي ساعدته في تمرده ضد الرئيس السابق موبوتوسيسي سيكوواتىت به إلى سدة الحكم ظلت دوما غير راضية، فقد اتهمه قادة الجيش من التوتسي في منطقة كيفوالواقعة شرق الكونغوبالفساد وسوء الإدارة وعدم وجود برنامج سياسي واضح.

ومما زاد الطين بلة قرار كابيلا بإعادة وحدات الجيش الرواندي التي آزرته في انقلابه على موبوتو. وعلل كابيلا قراره برغبته في تكوين جيش كونغولي خالص، وتزامن ذلك القرار مع ازدياد هجمات بعض الجماعات المسلحة التي تنتمي إلى قبيلة الهوتوعلى وحدات الجيش الرواندي الموجودة في الكونغوالديمقراطية. ومما زاد الوضع سوءا أيضا اعتماد كابيلا في تكوين الجيش الجديد على الـ "الانتامغي" وهي مليشيات تنتمي إلى الهوتوويحملها التوتسي مسؤولية المذابح التي سقطت في بورندي عام 1993، والتي راح ضحيتها أكثر من 250 ألفا من التوتسي.

ومما زاد كذلك من غضب قبائل التوتسي على قلتهم، الحملة الإعلامية الضخمة التي شنها رئيس أنغولا المجاورة جوزيف إدواردوسانتوس على كابيلا بسبب صفقات الأسلحة التي يقول سانتوس إذا جبهة الاتحاد الوطني من أجل الاستقلال "يونيتا" حصلت عليها مؤخرا من الكونغو. ورد كابيلا على حملة سانتوس بخطاب مضاد زج فيه بمفردات الصراع العرقي، فاتهم أوغندا ورواندا وأنغولا بالسعي لإقامة إمبراطورية للتوتسي في البحيرات العظمى، واتهم أقلية التوتسي في شرق البلاد بمحاولة الانفصال عن جسد الدولة الكونغولية والانضمام إلى هذه الإمبراطورية المزعومة، وهدد بنقل الحرب إلى تلك البلدان.

وإزاء هذه الأحداث عادت أجواء التوتر تخيم على العلاقة بين قبيلتي التوتسي والهوتومن جديد، وعادت إلى الأذهان عمليات الانتقام والانتقام المضاد التي اندلعت بين القبيلتين منذ ستينيات القرن العشرين وحتى منتصف التسعينيات والتي راح ضحيتها ما يزيد عن مليون ونصف المليون من كلا الجانبين.

صراع البحيرات العظمى

ليس بخاف حتى دول إقليم البحيرات العظمى الأفريقية ترقد على بركان من البارود القابل للاشتعال في أي لحظة. وقد هجرزت الأنظار منذ بداية أعوام التسعينيات من القرن الماضي على متابعة الصراعات والحروب الأهلية في المنطقة والتي أخذت شكل عنف مسلح وتطهير عرقي في رواندا وبوروندي، أوشكل صراع على الهوية والسلطة كما وقع في الكونغوالديمقراطية (زائير سابقا).

وتعكس خريطة الصراعات الإثنية المسلحة في البحيرات العظمى تداخلا واضحا في التفاعلات والأحداث على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. وما يزيد الأمر تعقيداً حتى تطور الأحداث والأفعال ورود الأفعال من جراء تدخل الأصدقاء وأصحاب المصالح على المستويين الإقليمي والعالمي قد أفضى إلى تعدد الأطراف وتداخل القضايا والمشكلات وانقطاع السبل أمام فرص التسوية السلمية والسياسية.

وقبل تحليل خريطة الصراعات السياسية والاجتماعية والإثنية في منطقة البحيرات العظمى، تجدر الإشارة إلى عدد من الملاحظات المهمة التي تعين على فهم ما يجري هناك، والتنبؤ بسيناريوهات المستقبل بعد تغير القيادة السياسية في جمهورية الكونغوالديمقراطية: أولاً: تمتاز منطقة البحيرات العظمى بأهمية استراتيجية بالغة،

ومن ثم فإن طبيعة الترتيبات الإقليمية السائدة في المنطقة تعكس دائما مصالح القوى الإقليمية والدولية الفاعلة. ويرتبط بذلك حتى الأمن القومي العربي في امتداده الأفريقي يرتبط أيضا بتلك المنطقة حيث منابع النيل الذي تعتمد عليه جميع من مصر والسودان.

ثانياً: منطقة البحيرات العظمى غنية بثرواتها الطبيعية، فثمة مخزون هائل من المعادن ذات الأهمية الاستراتيجية، مثل اليورانيوم، والكوبالت، والنحاس، والماس، والمضى، والأحجار الكريمة، وفوق ذلك كله خزانها المائي الضخم. وعلى صعيد الطاقة الكهربائية الهيدروليكية فإنه يمكن القول بأن شلالات إنجا (Inga Fall) تكفي لسد احتياجات القارة الأفريقية بأسرها.

ثالثاً: ارتباط الصراع في المنطقة بالتفاعلات العدائية بين الهوتووالتوتسي، وهوالأمر الذي أفضى إلى تحالفات وارتباطات إقليمية على أساس إثني قبلي مثل الارتباط بين نظام حكم الرئيس يوري موسوفيني في أوغندا وحكم الأقلية من التوتسي في جميع من رواندا وبوروندي.

رابعاً: هناك خطط استراتيجية لربط البحيرات العظمى بمنطقة القرن الأفريقي، وهوما تجسد في طرح المشروع الأميركي للقرن الأفريقي، وذلك من أجل ضمان المصالح الأميركية في المنطقة والاعتماد في ذلك على جيل من الزعماء الأفارقة الجدد مثل موسوفيني في أوغندا وكاجامي في رواندا وزيناوي في إثيوبيا.

وسنحاول هنا الهجريز على خريطة الصراعات في البحيرات العظمى من حيث الجذور التاريخية وتطور الأحداث والتدخلات الإقليمية والدولية في أعوام التسعينيات من القرن الماضي، وتأثير ذلك على المصالح الاستراتيجية العربية -المصرية والسودانية تحديدا- والتعهد على آفاق وسيناريوهات المستقبل، وذلك عقب اغتيال رئيس جمهورية الكونغوالديمقراطية لوران ديزيريه كابيلا على يد أحد حراسه.

أولاً: خريطة الصراع وعدم الاستقرار

تعزى جذور الصراعات في البحيرات العظمى إلى تاريخ هذه المنطقة وإلى طبيعة الترتيبات والتوازنات الإقليمية فيها، بالإضافة إلى مصالح القوى الدولية الفاعلة. ويأتي في المقام الأول إشكالية التفاعلات الإثنية العدائية بين جميع من التوتسي والهوتوفي رواندا وبوروندي وتأثيرات ذلك على دول الجوار المحيطة لاسيما دول الكونغوالديمقراطية وأوغندا وتنزانيا. وليس بخاف حتى تصرفات وسياسات النظام الحاكم في الكونغومنذ عام 1972 قد أسهمت بدور بارز في تشكيل التوترات التي تشهدها المنطقة منذ منتصف التسعينيات.

ويتألف السكان في جميع من رواندا وبوروندي والبالغ عددهم نحو13 مليون نسمة من ثلاث جماعات عرقية هي: الهوتو(85%) والتوتسي (14%) والتوا (1%)، والجماعة الأخيرة تعد من الأقزام الذين يقطنون مناطق غرب البحيرات العظمى في الغابات الاستوائية بوسط أفريقيا.

ويرتبط الصراع في المقام الثاني بمسألة هوية الكونغوليين من أصل رواندي (بانيا رواندا) سواء كانوا من التوتسي أوالهوتوأوالتوا. فهل بمقدور هؤلاء الزعم بأنهم يتمتعون بالجنسية الكونغولية بحجة إقامتهم الدائمة في الكونغومنذ ظهورها إلى حيز الوجود عام 1885 تحت مسمى دولة الكونغوالحرة،يا ترى؟ وإذا قبلنا بهذه الحجة التاريخية يصبح من حق هذه الجماعة العرقية -شأن غيرها من الجماعات العرقية الأخرى المنتشرة في ربوع القارة الأفريقية- حتى تطالب بأراضي أسلافها في شرقي الكونغو.

لاجئون في بورندي

1- جذور الصراع الإثني في رواندا وبوروندي

كانت تقطن المنطقة المعروفة اليوم باسم رواندا وبوروندي جماعات صغيرة من الأقزام تسمى "توا" Twa، وكانت حرفتها الغالبة هي الصيد والقنص. على أنه في فترة تاريخية لاحقة نزحت إلى المنطقة جماعات عرقية أخرى تنتمي إلى البانتووهي قبائل الهوتو. وعلى عكس السكان الأصليين من أقزام التوا فإن شعب الهوتواشتغل بالزراعة. وعبر استصلاح مساحات كبيرة من الأراضي وتقسيمها فيما بينهم اتسمت التنظيمات الاجتماعية التي أقامها الهوتوبعدم المركزية رغم خضوعها لسلطة "موامي" واحد (الموامي هوالملك بلغة الهوتو).

غير حتى القرن الرابع عشر شهد تطورا هاما في تاريخ المنطقة، حيث وفدت جماعات من التوتسي قادمة من إثيوبيا على الأغلب، وهي من الشعوب الحامية طوال القامة، ويحترفون مهنة الرعي وتربية الماشية.

وتميز التوتسي على عكس الهوتوبأنهم يمتلكون تنطقيد حربية صارمة، بالإضافة إلى تطويرهم تنظيمات ومؤسسات مركزية قوية. وسرعان ما سيطر التوتسي -رغم كونهم أقلية- على الأغلبية من شعوب الهوتو، وفرضوا عليهم نظاما إقطاعيا متسلطا. ويرى بعض الدارسين حتى نمط الحكم الذي ساد في هذه المنطقة كان أقرب إلى نظام التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا خلال عهد الأبارتايد إذا وضعنا التوتسي مكان البيض كأقلية عنصرية حاكمة والهوتومكان السود كأغلبية مضطهدة.

لقد كان على جميع فلاح من الهوتوحتى يقتطع جزءا من محصوله لتقديمه إلى الحكام من التوتسي، إلى جانب قيامه بالعمل سخرة في أي مكان يطلب منه ذلك. وبإيجاز شديد فرض التوتسي على الهوتوالسخرة، واستخدموا العقاب الجماعي وفي أحيان كثيرة تكون العقوبة إبادة قرى بأكملها يقطنها الهوتو.

وعليه فإن جذور الصراع في المنطقة ترجع إلى القرن الرابع عشر عندما غزت الأقليات من التوتسي المنطقة وتبنت نظام حكم استبداديا عنصريا يقوم على اضطهاد الأغلبية من الهوتو.


جنود بلجيكيون في الكونغو

الخبرة الاستعمارية خضعت المنطقة للاستعمار الألماني في القرن التاسع عشر. وفي عام 1916 تمكنت بلجيكا من بسط سيطرتها على المنطقة التي وضعت بعد ذلك بثلاث سنوات تحت نظام الانتداب وفقا لعهد عصبة الأمم، وأطلق عليها حينئذ اسم "رواندا أورندي".

ولم تكن المنطقة تمثل أهمية اقتصادية لبلجيكا باستثناء قربها الجغرافي من إقليم الكونغوالبلجيكي الغني، فكان نمط الإدارة الاستعمارية البلجيكية يعتمد أساسا على نظام الحكم غير المباشر، أي حكم الإقليم من خلال مشايخ ورؤساء التوتسي (الحكام التقليديين). وقد جاز هذا النظام للتوتسي بفرض إرادتهم بشتى السبل، فكان بمقدورهم تحصيل الضرائب وتوزيع الأراضي.

وبالإضافة إلى ذلك فقد جاز لهم بالفصل في المنازعات والقيام بأمور الإدارة اليومية. كما حتى البعثات التبشيرية الكاثوليكية قدمت فرص التعليم والتدريب لأبناء التوتسي باعتبارهم "قادة طبيعيين" في حين ظل الهوتومحرومين من هذه الفرص واقتصر عملهم اليومي على فلاحة الأرض وزراعتها.

وطوال الحقبة الاستعمارية تعمقت الكراهية بين الشعبين عبر لغة الخطاب الاجتماعي المتنوعة. فقد وصلت نزعة الاستعلاء لدى أبناء التوتسي مدى بعيدا حتى أنهم نظروا إلى طعام الهوتوومشربهم باعتباره نجسا لا ينبغي حتى تقربه أيديهم. ومع ذلك نجد حتى بعض الإرساليات ومنظمات الغوث الفرنسية التي كانت حريصة على نشر الثقافة الفرنسية في أواسط أفريقيا وفرت بعض فرص التعليم والتدريب المهني لأبناء الهوتو. ولا شك حتى هذه العملية سمحت بخلق نخبة متفهمة ذات طموح سياسي بين أفراد الهوتو، وشكلت قياداتهم السياسية فيما بعد.

سياسات الحكم الوطني

عندما اجتاحت رياح التغيير القارة الأفريقية في الخمسينيات ضمت روح التحرير الوطني كلا من رواندا وبوروندي. على حتى الاستقلال كان يعني بالنسبة للأغلبية من الهوتوالتحرر من استغلال واستبداد التوتسي. وبالعمل شهدت رواندا عام 1959 واحدة من أكبر المذابح في التاريخ الأفريقي، حيث أودت انتفاضة الهوتوبحياة نحومائة ألف من أبناء التوتسي.

وحينما حصلت رواندا على استقلالها عام 1962 أضحى غريغور كيباندا وهومن الهوتوأول رئيس لبلاده بعد الاستقلال. وفي عقد الستينيات تبنت الحكومة الوطنية حملات تطهير عرقية واسعة النطاق ضد التوتسي، وأدت هذه السياسة إلى هجرة مئات الآلاف من التوتسي إلى الدول المجاورة مثل زائير وبوروندي وأوغندا.

ويلاحظ حتى ثمة متغيرا آخر للصراع داخل رواندا ارتبط بالانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة المدنية عام 1972. فقد ظهر انقسام حديث في صفوف الهوتوأنفسهم على أسس واعتبارات إقليمية، إذ إذا قائد الانقلاب الجنرال هابياريمانا وهومن الهوتوينتمي إلى منطقة الشمال حيث موطن غلاة الهوتوالمؤمنين بضرورة تطهير البلاد من التوتسي. وأيا كان فإن حكم الرئيس هابياريمانا تميز بالفساد وسوء الإدارة حتى حتى كثيرا من كبار معارضيه من الهوتوانضموا إلى الجبهة الوطنية الرواندية التي تمثل أساس المعارضة من التوتسي.

نشأت المعارضة المسلحة لنظام الرئيس جوفينال هابياريمانا بين صفوف التوتسي الذين يعيشون في المنفى لاسيما في أوغندا، فهؤلاء قدموا الدعم لقوات يوري موسوفيني حتى تمكنت من الوصول إلى السلطة في أوغندا. عندئذ تم تشكيل الجبهة الوطنية الرواندية التي استطاعت غزوشمال رواندا عسكريا عام 1990.

ويعتقد حتى الرئيس موسوفيني قدم المساندة والتأييد للجبهة كنوع من رد الجميل، بيد حتى اتساع نطاق اللقاءة العسكرية في البلاد ووجود محاولات إقليمية دولية لوقف الحرب الأهلية ودعوة الحكومة والمعارضة للتفاوض السلمي قد دفع إلى القبول بمبدأ تقاسم السلطة وإجراء تحولات ديمقراطية في البلاد.

ففي عام 1992 تم التوصل إلى اتفاقية سلام في أروشا بتنزانيا حيث تم تشكيل قوة رقابة عسكرية أفريقية للإشراف على إجراءات تطبيق الاتفاق. على أنه في أبريل/ نيسان 1993 اندلعت الحرب الأهلية مرة أخرى في رواندا. وفي هذه المرة تدخل مجلس الأمن وأصدر قرارا بإنشاء قوة دولية أفريقية لمراقبة وقف إطلاق النار وحماية تدفق الإغاثة الدولية. وقد استطاعت جميع من الحكومة الرواندية والجبهة الوطنية المعارضة لها التوصل إلى اتفاق بشأن أساليب عودة اللاجئين والمشردين وتعويضهم تحت إشراف منظمة الوحدة الأفريقية.

غير حتى هذا الاتفاق الذي جاز بفكرة تقاسم السلطة بين الهوتووالتوتسي أثار مرة أخرى عداوات وأحقادا تاريخية لا تنساها الذاكرة الجماعية لغلاة الهوتو. فالجبهة الوطنية المعارضة رغم حتى دستورها يؤكد على نبذ الانقسامات العرقية وتضم بين صفوفها عددا من المعارضين الهوتو، فإنها تمثل بشكل أساسى الأقلية من التوتسي، وعليه فإن هذه المخاوف من عودة سيطرة التوتسي قد أودت بحياة الرئيس هابياريمانا عندما أُطلق صاروخ على الطائرة التي كان يستقلها مع رئيس بوروندي في السادس من أبريل/ نيسان 1994.

وعلى الرغم من تشابه الهجريبة الإثنية في جميع من رواندا وبوروندي فإن الغالبية من الهوتوفي بوروندي لم تتقلد زمام السلطة بشكل تام منذ الاستقلال. وعوضا عن ذلك فقد حكمت البلاد بواسطة مجموعات متعاقبة من العسكر الذين تمكنوا من قمع الطموحات السياسية للأغلبية العرقية. ففي عام 1972 قامت قوات التوتسي الحكومية بارتكاب مذبحة رهيبة راح ضحيتها حوالي ثلاثمائة ألف إنسان من الهوتو، وقد استهدفت المذبحة المفهمين والطلاب وذوي النفوذ، حتى إذا هذا العام أصبح يمثل في الذاكرة الجماعية لكل من الهوتووالتوتسى عام الرعب.

وقد سقط احتجاج شعبي من قبل الهوتوعام 1988 ضد سيطرة التوتسي، مستفيدا بذلك من مناخ حركات التحول الديمقراطي التي شهدتها مناطق عدة في أفريقيا. وعلى الرغم من حتى بوروندي حاولت انتهاج منحى التحول الديمقراطي وأجرت أول انتخابات تعددية حرة، فإن الأزمة السياسية التى شهدتها منذ الاستقلال أفضت إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي عندما تمكن بعض ضباط الجيش من التوتسي من اغتيال أول رئيس منتخب هوميلشيور ندادايا في أكتوبر/ تشرين الأول 1993.

وعندما شجع بعض غلاة الهوتوالانتقام بقتل المواطنين من التوتسي كان رد الجيش عنيفا حيث ارتكب مذبحة أخرى ضد الهوتو. وتذكر بعض التقارير حتى ضحايا هذه المذبحة بلغوا خمسين ألف قتيل، إضافة إلى نزوح نحوثلاثمائة ألف من الهوتوإلى الدول المجاورة. وفي يوليو/ تموز 1996 قام الحاكم العسكري السابق بوبويا بانقلاب عسكري تولى على إثره السلطة في البلاد.

2- جذور الصراع في الكونغوالديمقراطية

لقد حدثت هجرات واستقرار من جانب جماعات بانيا رواندا في الكونغوفي لحظات تاريخية متفاوتة ولأسباب مختلفة. فالبحيرات العظمى شكلت في فترة معينة منطقة جذب تجاري لبعض الدول القوية نسبيا مثل رواندا قديما. ويطرح بعض الباحثين أدلة تاريخية على حتى رواندا كانت لها السيطرة على مناطق زراعية في جزر بحيرة كيفو(وهي جزء من الأراضي الكونغولية حاليا) وذلك في القرن الثامن عشر.

ومن ناحية أخرى تزعم جماعة من التوتسي أنها استقرت في القرن السابع عشر بمرتفعات مولينغي "Mulenge" الواقعة بين بحيرتي كيفووتنجانيقا، أوإذا شئت الدقة فقل بين بوكافا ويوفيرا في جنوب مقاطعة كيفوالكونغولية. وعليه فقد أطلق هؤلاء على أنفسهم أسم "بانيا مولينغي". على حتى هذا الزعم يدحضه زعم آخر من قبل جماعات كونغولية محلية أخرى. عملى سبيل المثال ترفض جماعات بافوليروBafulero القول بأن التوتسي هم بانيا مولينغي بحجة حتى مولينغي يمثل لقب زعيم البافوليروفي حين تقع أراضيهم على بعد نحومائتي كيلومتر جنوب المنطقة التى يقطنها هؤلاء التوتسي.

الخبرة الاستعمارية

أيا كان الأمر حول صحة هذا التراث التاريخي غير المكتوب فإن من الصعوبة بمكان إنكار حقيقة حتى بعض مناطق التجمع السكاني الرواندية قد وجدت خارج إطار الحدود الاستعمارية التي رسمت عام 1885.

أضف إلى ذلك حتى ال "بانيا رواندا" الذين عاشوا في جزيرة أدجيوي Idjwi كبرى جزر بحيرة كيفوأضحوا رعايا بلجيك في عام 1910 كما كان حال غيرهم من المتحدثين بالكينيا رواندية في شمال كيفوحينما تخلت ألمانيا عن الأراضي التي احتلتها بلجيكا في إطار الترتيبات الحدودية التي تمت بين هاتين القوتين الاستعماريتين. tالتمييز بين بانيا رواندا وغيرهم من الكونغوليين أضحى مسأله نظرية بعدما سيطرت بلجيكا على جميع من رواندا وبوروندي عام 1920 طبقا لنظام الانتداب في عهد الأمم، ثم تغير هذا الأساس القانوني عام 1945 طبقا لنظام الوصاية الذي فرضتة الأمم المتحدة.

ومن المعروف حتى بلجيكا قامت لغايات عملية بإدارة جميع من الكونغوورواندا - أوروندي كإقليمين منفصلين ولكن باستخدام جيش واحد أطلق عليه اسم "القوة العامة"، وحاكم عام واحد اتخذ مقرا له مدينة كينشاسا، وكان يعاون الحاكم العام نائبان أحدهما في لومومباتشي والآخر في بوجمبورا.

لقد قامت بلجيكا بنقل آلاف المزارعين الروانديين إلى شرق الكونغوفي مقاطعات ماسيسي Masisi وتشوروRutshuru وواليكالي Walikali شمال كيفوفي الفترة ما بين 1937-1955، وجندت آلافا آخرين للعمل في المناجم ومؤسسات النقل والزراعة في مقاطعات شابا وجنوب كيفوطوال الحقبة الاستعمارية. ومن المعلوم حتى بانيا رواندا قد شاركوا في أول انتخابات بلدية عامي 1957-1958، وكذلك في الانتخابات العامة عام 1960 وقد انتخب عدد من ممثليهم لوظائف عامة في الكونغو.

سياسات الحكم الوطني

ظلت قضايا الهوية والمواطنة إشكالية تؤدي دوما إلى الصراع في الكونغو. وعلى الرغم من تدفق أعداد كبيرة من التوتسي إلى الكونغوخلال الفترة من 1959-1961 بعد حتى فروا من رواندا، فإنهم وجدوا جميع ترحيب من جانب الحكومة الكونغولية. بل الأكثر من ذلك حتى الرئيس الراحل موبوتوقام في عام 1972 بإصدار مرسوم عام يمنح بمقتضاه الجنسية الكونغولية لجميع المقيمين من أصول رواندية أوبوروندية والذين استقروا في الكونغومنذ ما قبل عام 1950.

بيد حتى المشكلة بدأت تتفاقم تدريجياً عندما تزايد أعداد ال "بانيا رواندا" بعمل الزيادة الطبيعية في المواليد والهجرات الجماعية بعد استقلال جميع من رواندا وبوروندي. وقد حاول ال بانيا رواندا لاسيما المولينغي منهم استغلال مكانتهم الاقتصادية المتميزة ومركزهم السياسي المتصاعد في الحصول على مزيد من الأراضي في المقاطعات المزدحمة بالسكان شمال وجنوب كيفو.

ساعد ذلك على تنامي مشاعر الغضب والكراهية من جانب الجماعات الكونغولية الأخرى. وكان مرسوم 1972 محل سخط عام حتى حتى موبوتونفسه اضطر في عام 1981 إلى التخلي عنه وإصدار قانون حديث يحدد المواطنة على أساس الانتماء إلى إحدى الجماعات الإثنية التي كانت موجودة داخل حدود الكونغوعام 1885. يعني ذلك حرمان جانب كبير من البانيا رواندا من حق المواطنة. ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد إذ حرم هؤلاء من أراضيهم حيث سيطرت عليها الجماعات الكونغولية المحلية بزعم أنها أراضي أجدادهم، وأضحت مسألة "الأرض" تشكل جوهر الصراع بين البانيا رواندا وغيرهم من الكونغوليين شمال وجنوب كيفو.

وقبل موجة النزوح الجماعى للهوتوإلى كيفوعام 1994 كان البانيا رواندا يشكلون حوالي 5% من جملة سكان شمال كيفو. وكان أغلب البانيا رواندا هؤلاء من الهوتو. أما في ماتسيسي وروتشوروفقد شكل البانيا سواء كانوا من الهوتوأوالتوتسي الغالبية المطلقة للسكان. وعلى الرغم من هذه الغالبية العددية فقد ظلت السلطة السياسية شمال كيفوبأيدي قبائل الأقلية مثل الهوندي الذين سيطروا على عملية توزيع الأراضي.

وفى عام 1987 شهدت الانتخابات البلدية في معظم أنحاء شمال كيفوأعمال عنف واسعة النطاق عندما رفضت السلطة المحلية مشاركة المتحدثين بالكينيا رواندية في هذه الانتخابات بحجة أنهم أجانب ولا يتمتعون بصفة المواطنة.

وفى عام 1991 احتج البانيا رواندا مرة أخرى عندما قامت السلطات بتحديث القوائم الانتخابية عبر تحديدها لمفهوم المواطنة واعتبارهم أجانب. ومن المعلوم حتى الجماعات الإثنية الصغيرة في شمال كيفومثل الباهوندي والبانيا نجا تخشى من الزيادة العددية للبانيا رواندا وإمكانية سيطرتهم على أي انتخابات بشكل ديمقراطي.


وقد ازدادت الأمور تعقيداً وتشابكا مع تدفق ما يربوعلى المليون لاجئ رواندي أغلبهم من الهوتوبعد أحداث 1994 في رواندا. وقد استقر هولاء في معسكرات أوبين ظهراني أقاربهم في المدن والقرى الواقعة شمال كيفو. وأسهمت مليشيات الهوتوالمسلحة في مناطق اللاجئين بنشر أيدولوجية معادية للتوتسي بين صفوف هوتوالبانيا رواندا في الكونغووكذلك الجماعات الإثنية الكونغولية الأخرى.

وقد أسهم نظام حكم موبوتوفي زيادة حدة الأزمة ونشر مشاعر الكراهية المناوئة للمواطنين من أصول توتسية. وعلى سبيل المثال أصدر نائب حاكم جنوب كيفوفي سبتمبر/أيلول 1996 إنذاراً عبر مؤسسة الإذاعة الحكومية يحذر فيه البانيا مولينغي ويطالبهم بضرورة مغادرة البلاد في غضون أسبوع واحد وإلا تعرضوا للسجن والإبادة. وكان رد التوتسي حاسما وهواللجوء إلى خيار القوة والعنف للدفاع عن وجودهم وممتلكاتهم في الكونغو.

لقد بدأت حملة الإطاحة بنظام موبوتوفي أكتوبر/تشرين الأول 1996 عندما حمل شباب البانيا مولينغي السلاح للدفاع عن أنفسهم في لقاءة النظام الحاكم في كينشاسا الذي سلبهم الحق في الهوية والواطنة. وقد التفت حولهم جماعات وقوى المعارضة الأخرى مثل مقاتلي الماي ماي، وساندت جميع من رواندا وبورندى وأوغندا - لأسباب استراتيجية - تحالف قوى المعارضة بزعامة لوران كابيلا الذى تمكن في غضون سبعة أشهر من الإحاطة بنظام موبوتووالسيطرة على السلطة.

على أنه بعد نحوعام أويزيد على سقوط نظام موبوتوانفرط عقد التحالف الحاكم في الكونغوبزعامة كابيلا، بل وأعربت حركة مسلحة جديدة شرق البلاد حرب تحرير أخرى في أوائل أغسطس/آب 1998. بيد حتى هذه الحرب التى انطلقت من شرق مقاطعة كيفوتختلف عن سابقتها التي استهدفت نظام موبوتومن عدة أوجه: 1- حتى قوى المعارضة لنظام كابيلا لا تجمعها أجندة سياسية مشهجرة بل إذا أهدافها متنافسة ومتناقضة. 2- حتى القدرات اللوجستية لهذه القوات وتحالفاتها الخارجية هي محدودة مقارنة بما كان عليه الوضع عام 1996 عندما بدأ كابيلا أول خطواته نحوالسلطة. 3- وجود الكثير من قوى المعارضة وجماعات القرار في شرق الكونغووتدعيم مراكزهم منذ عام 1996.

ومع ذلك يمكن القول بشكل عام إذا قوات المعارضة الرئيسية لنظام كابيلا تنتمي إلى جماعات البانيا مولينغي التي اتهمته بالفساد والمحسوبية والانغلاق على جماعته العرقية في إقليم شابا. أضف إلى ذلك حتى رواندا وبوروندي وأوغندا أعربت عن استيائها البالغ من نظام كابيلا. وعلى سبيل المثال فإن قياديين عسكريين ومسؤولين حكوميين سابقين في نظام هابيارمانا وجدوا مأوى وملاذا في معسكرات اللاجئين شمال كيفوثم أخذوا يهاجمون أهدافا محددة داخل الأرض الرواندية.

إن المشرع السياسي الذي طرحه لوران كابيلا –سواء على الصعيد الداخلي أوالأقليمي– فسر على أنه يطرح ترتيبات إقليمية جديدة تؤثر يقينا في واقع التوازن الإقليمي في البحيرات العظمى. فقد حاول كابيلا جاهداً التخلص من تأثير حلفائه الروانديين والأوغنديين الذين أتوا به إلى السلطة وأن يخلق عوضا عن ذلك مراكز تأييد داخلية معتمدا على فلول الجيش الرواندي ومليشيات الهوتووجنرالات موبوتوالسابقين ومقاتلي الماي ماي ومتمردي تحالف القوى الديمقراطية المعارضة لنظام موسوفيني في أوغندا ومتمردي بوروندي. وتشهجر هذه القوى جميعاً في معارضتها لنظم الحكم القائمة في جميع من رواندا وبورندي وأوغندا. أما على الصعيد الخارجى فقد سعى كابيلا إلى إقامة تحالف مع أنغولا وزيمبابوي وأفريقيا الوسطى وتشاد والسودان.

ثانياً: الترتيبات والتحالفات الإقليمية

أدى انهيار بعض الدول وضعف البعض الآخر في منطقتي القرن الأفريقي والبحيرات العظمى إلى إعادة ترتيب الأوضاع الإقليمية في معادلة جديدة للقوى على أرض الواقع. فانهيار إثيوبيا (منغستو) والصومال (سياد برى) واستقلال إريتريا أسهم في إعادة ترتيب ميزان القوى بين السودان وجاراتها. كما حتى انهيار نظام موبوتوفي الكونغووالتمرد المستمر في شرق البلاد أفضى إلى وجود دولة ضعيفة في الكونغوالديمقراطية. وفي اللقاء فإن وصول التوتسي إلى الحكم في جميع من رواندا وبوروندي أدى إلى ظهور دولة أوغندية قوية على المستوى الإقليمي.

ولا شك حتى مستقبل الصراع في الكونغوالديمقراطية يفترض أن يحسم ويحدد بدرجة كبيرة شكل التوازن الإقليمي في البحيرات العظمى. ويرتبط توصيف الصراع وموقف القوى الإقليمية ارتباطا وثيقا بأية محاولة جادة لفهم طبيعة التحالفات الإقليمية القائمة واستشراف آفاق المستقبل. فهل يمكن النظر إلى الأزمة في الكونغوفي فترة ما بعد موبوتوعلى أنها تمرد من جانب إحدى الأقليات في البلاد، وأن ثمة مؤامرة خارجية تحاول استغلالها لتحقيق أغراض سياسية واستراتيجية؟!

يرى البعض حتى هذا التمرد خطط له الروانديون وقام به التوتسي داخل القوات المسلحة الكونغولية. وربما يدعم ذلك حتى قائد الكتيبة العاشرة في الجيش الكونغولي التى تعسكر في مدينة جوما هوالذي أعرب من خلال محطة الإذاعة القومية "صوت الشعب" بداية حركة تمرد علنية شمال كيفوحيث صرح قائلاً "إننا في جيش جمهورية الكونغوالديمقراطية قد قررنا خلع الرئيس كابيلا من السلطة". وقد أعربت القوات العسكرية المتمركزة في جنوب كيفوتأييدها للتمرد.

على حتى حكومة الرئيس كابيلا رأت حتى التمرد هوبمثابة "مؤامرة من الأجانب" أي من التوتسي للسيطرة على السلطة، بينما هم ليسوا إلا أقلية في دولة تضم ثلاثمائة جماعة عرقية. وقد طالب أحد كبار المسؤولين في جهاز الأمن الكونغولي جميع أفراد الشعب بالتعاون واستنكار وإجلاء الأعداء وجميع من يعاونهم للقضاء عليهم نهائياً.

ويبدوحتى وجهة النظر الحكومية لتوصيف الصراع بأنه مجرد حركة تمرد مدعومة من الخارج استطاعت حتى تقنع بعض جيران الكونغو. يعني ذلك حتى عملية الإطاحه بنظام كابيلا لن تكون سهلة المنال كما كان عليه الحال بالنسبة لسلفه موبوتو. سليم حتى كابيلا كان يحظى بكثير من الدعم والتأييد، إلا حتى هناك الكثير من المستقلين حوله والذين سيخسرون كثيراً إذا تمت الإطاحة به.

وعلى صعيد آخر يرى البعض حتى الأزمة في الكونغومجرد حرب أهلية واقتتال داخلي، وهذا ما تحاول رواندا وأوغندا التأكيد عليه، في حين يصر تحالف المعارضة المسلحة ضد نظام كابيلا أنهم يخوضون حرب تحرير أخرى بغية الحفاظ على وحدة وأمن الدولة.

على حتى تعقد الصراع في الكونغووارتباطه وتداخله مع الصراعات التي تشهدها المنطقة ككل يجعل حسمه لصالح أحد الأطراف أمرا مستبعداً. كما حتى غياب القيادة السياسية التي تحظى باحترام وقبول كافة الجماعات يقلل من إمكانيات التسوية السياسية. يعني ذلك حتى كافة الاحتمالات واردة بما فيها خيار التقسيم. فهل يمكن تقسيم الكونغوإلى كيانات سياسية وجغرافية أكثر تماسكا،يا ترى؟ وهل يواكب ذلك إعادة تقسيم المنطقة بما يحقق التجانس الثقافي والتوزيع العادل للموارد ؟

وعلى صعيد آخر هل تفضي معادلة القوى في البحيرات العظمى إلى المحافظة على نظام الحكم الذي أورثه كابيلا للكونغومع فقدانه السيطرة على شرق البلاد.

لا شك حتى تحقق ذلك الأمر يضمن لأوغندا ورواندا وبوروندي مصالحها الأمنية على طول الحدود مع جمهورية الكونغوالديمقراطية. إذا البانيا مولينغي على الرغم من أنهم يعيشون في هذه المنطقة قبل ترسيم الحدود كما ذكرنا آنفا تم حرمانهم من حق المواطنة، بل إذا النادىية الحكومية لعشرات السنين كانت تسميهم بالأجانب وتثير ضدهم مشاعر العداء والكراهية، وهوالأمر الذي يضفي على الصراع طابعاً اجتماعيا ممتداً.

ثالثاً: الإطار الدولي للصراعات في البحيرات العظمى لا يمكن فهم الصراعات في البحيرات العظمة دون الإشارة إلى الإطار الأجنبي ولاسيما الأوروبي والأميركي والإسرائيلي. فمن الملاحظ حتى السياسة الأفريقية للولايات المتحدة هجرز على هذه المنطقة من خلال أداتين رئيسيتين: الأولى هي خلق ودعم بعض القادة الأفارقة الجدد الذين يعملون بشكل أوبآخر على تحقيق المصالح الأميركية ونذكر على وجه الخصوص الجنرال بول كاغامي الرجل القوي في رواندا منذ عام 1994 الذي تلقى تدريباته العسكرية في كلية الجيش والأركان بمدينة ليفنورث بولاية كنساس الأميركية.

أما الأداة الثانية فهي طرح مشروع القرن الأفريقي الكبير والذي يضم إلى جانب دول القرن التقليدية أوغندا والكونغوالديمقراطية ورواندا وبوروندي وقد يضم إلنها جنوب السودان إذا انفصل ويرمي هذا المشروع إلى إنشاء بنية أساسية لمصلحة شركات التعدين والنفط الأميركية.

وتفضي القراءة المدققة للتحرك الأميركي في المنطقة بغض النظر عن انادىءاته الأيدولوجية إلى تأكيد حتى نمط التوازن الإقليمي الذي تحاول الولايات المتحدة ترسيخه في البحيرات العظمى يعتمد أساسا على نظام حكم الأقليات، أي قادة أفارقة ينتمون إلى جماعات عرقية تشكل أقلية في مجتمعها: موسوفيني في أوغندا، وكاغامي في رواندا، وزيناوي في إثيوبيا، وأفورقي في إريتيريا، وقرنق في جنوب السودان.

ويلاحظ حتى التنافس الغربي والأميركي في المنطقة بعد انتهاء الحرب الباردة يدور حول ضمان الوصول إلى مناطق التعدين والثروة الطبيعية. ويدل على ذلك من التجارة غير المشروعة في الماس والمضى وتهريب السلاح والتي يتورط فيها رجال أعمال وشركات أوروبية وأميركية وإسرائيلية. ويبدوواضحا حتى المصالح الغربية في المنطقة تستفيد من استمرار الصراعات والحروب المسلحة لضمان تدفقات عوائد التجارة غير المشروعة في الماس والسلاح.

وتجدر الإشارة كذلك إلى قضية المياه، فالوجود الأجنبي والإسرائيلي تحديدا في المنطقة يسعى إلى التأثير في الخزان المائي واعتبار قضية المياه ورقة ضغط يمكن إثارتها في إطار الترويج لمقولة حروب المياه في المنطقة.

ليس كافياً إذن حتى تتعارض المصالح المصرية والعربية عموما في البحيرات العظمى مع المصالح الأميركية والإسرائيلية هناك!

د. حمدى عبد الرحمن حسن*

  • أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة

ومدير مركز دراسات المستقبل الأفريقى بالقاهرة



المصادر

  • مسقط الأمم المتحدة
  • [=http://www.aljazeera.net/NR/exeres/3C9ABEAA-8354-4531-A1A0- 55EC0D50BDBF.hthttp://www.aljazeera.net/NR/exeres/CAF9DF7E-9028-473B-BB39-572384CB49B9.htmm مسقط الجزيرة]
  1. ^ Luis, J. R.; et al. (2004). "The Levant versus the Horn of Africa: Evidence for Bidirectional Corridors of Human Migrations". American Journal of Human Genetics 74 (3): 532–544. doi:10.1086/382286. PMC 1182266. PMID 14973781. (Errata)
  2. ^ Joseph C. Miller (ed.), New Encyclopedia of Africa, Volume 2, Dakar-Hydrology, Charles Scribner's Sons (publisher).
  3. ^ Michael C. Campbell, Sarah A. Tishkoff, African Genetic Diversity: Implications for Human Demographic History, Modern Human Origins, and Complex Disease Mapping, Annual Review of Genomics and Human Genetics Vol.تسعة (Volume publication date September 2008)(doi:10.1146/annurev.genom.9.081307.164258)http://www.sciencemag.org/content/suppl/2009/04/30/1172257.DC1/Tishkoff.SOM.pdf

وصلات خارجية

  • "Tutsi" at everyculture.com
  • The International Criminal Tribunal for Rwanda (the status and judgments of all cases before the ICTR are available here)
تاريخ النشر: 2020-06-04 16:44:04
التصنيفات: Pages using deprecated image syntax, "الجماعات العرقية ذات الصلة" تحتاج تأكيد, Articles using Template:Infobox ethnic group with deprecated parameters, Articles using infobox ethnic group with image parameters, توتسي, جماعات عرقية في رواندا, جماعات عرقية في بوروندي

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

درجات الحرارة ترتفع وشبورة على بعض الطرق والقاهرة 11 درجة

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-18 09:20:43
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 52%

بدء امتحان اللغة العربية لطلاب الشهادة الإعدادية بمحافظة القاهرة

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-18 09:20:12
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 52%

الرئيس السيسي يصل الإمارات للمشاركة في قمة أبو ظبي - أخبار مصر

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-18 09:20:37
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 69%

عاجل.. الدولار يواصل التراجع في البنوك لليوم الثالث - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-18 09:20:35
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 55%

تعرف على مواجهات مصر فى الدور الرئيسى ببطولة العالم لكرة اليد

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-18 09:20:45
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 64%

الرئيس السيسى يصل إلى الإمارات للمشاركة فى «قمة أبوظبى»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-18 09:21:06
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 54%

اليوم.. انطلاق «قمة أبوظبى» بمشاركة الرئيس السيسى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-18 09:21:06
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 53%

اليوم.. انطلاق امتحانات الشهادة الإعدادية بالقاهرة

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-18 09:20:18
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 67%

دعاء وأذكار الصباح اليوم الأربعاء 18-1-2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-18 09:21:08
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

«التضامن»: زيادة المخدرات التخليقية وفصل ما يقرب من 1000 موظف

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-18 09:20:20
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 69%

أحزاب: الإفراج عن 31 من المحبوسين احتياطيا يدعم انطلاق الحوار الوطنى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-18 09:21:07
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 50%

برلماني: القمة الثلاثية نقطة تحول مهمة في مسيرة السلام بالشرق الأوسط

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-18 09:20:13
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 68%

الرئيس يصل الإمارات للمشاركة في قمة أبو ظبي

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-18 09:20:17
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 62%

تحميل تطبيق المنصة العربية