ربيعة قدير (بالاويغورية: رابىيه قادير؛ صينية مبسطة: 热比娅·卡德尔; صينية تقليدية: 熱比婭·卡德爾; پن‌ين: Rèbǐyǎ Kǎdé'ěr) (و. 21 يناير 1947)، هي سيدة أعمال وناشطة سياسية في هجرستان الشرقية، التي تطالب بالإنفصال عن الصين.

عندما زار الرئيس الأمريكي جورج و. بوش الصين للمرة الثانية في فبراير 2002 الماضي وجّه المحرر الصيني المسلم "صديق راضي" رسالة للرئيس بوش باعتبار حتى محررها أحد أفراد الأقلية الأويغورية المسلمة التي يعيش أعداد منها في المنفى بالولايات المتحدة، مطالبًا إياه باستغلال زيارته للصين لفكّ أَسر زوجته السيدة ربيعة قادر، التي تحولت من ربة منزل عادية إلى رمز وطني وقومي لهجرستان.

أم "الإحدى عشرة".. سيدة أعمال مبهرة

تبلغ السيدة ربيعة قدير 54 عامًا، لها من الأولاد [ذكورًا وإناثًا] أحد عشر، وزوجها "صديق راضي" يعمل أستاذًا في معهد البيداجوجي Pedagogy (أصول التدريس) إلى جانب تدريسه الأدب في إقليمه "سينكيانج"، وهوبالإضافة إلى ذلك محرر مرموق مهتم بحقوق الأقلية الأويغورية المسلمة.. هرب زوجها إلى الولايات المتحدة طالبًا حق اللجوء السياسي في بداية عام 1996 بعد حتى سُجن سياسيًّا بسبب أنشطته وحركته، خاصة تعليقاته الإذاعية عن أوضاع هجرستان.

ولم يكن هذا هوالحكم الأول على "راضي"، فقد حُكم عليه بالسجن لمدةعشرة سنوات عندما كان طالبًا؛ لتنظيمه مظاهرات ضد سياسات الحكومة الصينية.. وبعد حتى أصبح أستاذًا في الأدب في جامعة سينكيانج خط منطقات تنتقد ما يخطه المؤرخون الصينيون عن منطقته، ثم ساهم في إذاعة راديوآسيا الحرة بمساهمات أغضبت حكومة بكين؛ فوضعته في قائمتها السوداء، واضطر بعدها لهجر بلاده إلى أمريكا، حيث حصل على اللجوء في أكتوبر 1996.

لم تجد ربيعة إزاء ظروف زوجها المتعثرة –حتى قبل هروبه- إلا اقتحام سوق العمل؛ سعيًا على أولادها، وتأمينًا لحياة مستقرة لأسرتها كبيرة العدد، أسست في البداية مكانًا متواضعًا لكيِّ وغسل الملابس، ثم تحولت إلى بيع أزهار وبذور دوار الشمس، واستطاعت في مدة وجيزة مدهشة حتى تنجح في عملها لدرجة أنها أصبحت من أصحاب الملايين.

تلقفت وسائل الإعلام الصينية نجاح ربيعة، وأرادت حتى تستغله لمصلحة النظام؛ محولة هذا القهر والنفي إلى نجاح سياسات الدولة تجاه القوميات المسلمة وخاصة من الأويغور.

اشترت ربيعة محلاًّ لها في وسط عاصمة الإقليم أورومجي وأسست شركتها التجارية، وكانت مثالاً ناجحًا للتاجرة المسلمة؛ فقد بدأت أعمالها في إقليمها الهجرستاني، ثم توسعت إلى الأنطقيم الصينية الأخرى. ولقرب إقليمها وقربها الثقافي والديني كمسلمة من دول آسيا الوسطى فقد امتدت اتصالاتها التجارية إلى تلك الدول، ثم إلى إيران، وأخيرا إلى هجريا.

الزوجة الوفية لا تغريها الثروة

بلغت ربيعة أوج نجاحها في سبتمبر 1994 حين اختيرت من ضمن أغنىعشرة أقطاب تجارية في الصين من قِبل "مجلة فورتشن" الأمريكية المعروفة، ثم كانت ضمن الوفد الصيني في مؤتمر المرأة في بكين الشهير في عام 1995.

لكن الأيام لم تسِر على ذلك المنوال؛ فبعد حتى اختارتها الحكومة الصينية بهدف استغلالها كممثلة للإيغور في مؤتمر الشعب الصيني للاستشارات السياسية، تراجعت الحكومة عن اختيارها في أية مهمة رسمية، وضيقت على تحركاتها، ثم سحبت منها جواز السفر؛ لمنعها من التوجه لأمريكا بعد حصولها على تأشيرة للاستمرار في أعمالها هناك.

وبعد حتى وضعتها الحكومة في هذا المأزق قدمت لها حلاًّ.. لكن من يستطيع حتى يقبله؟! عرضت الحكومة على ربيعة حتى تتبرأ من زوجها، وتعلن انفصالها عنه لقاء منحها مناصب في الدولة لكنها رفضت، وبدأ المؤتمر الشعبي الصيني ينتقد ربيعة بالقسوة علنًا بسبب تحرك زوجها المعارض.

إرسال الصحف المحلية للزوج.. خيانة للدولة!!

في مارس 1999 بدأت استجوابات السلطات الصينية لربيعة قادر من آنٍ لآخر، وفي مايومن نفس العام اتصل بها زوجها ليطلب منها إرسال صحف محلية إليه، فأوفدت له عددا منها، فأخذتها الحكومة الصينية ذريعة لاتهامها بإرسال معلومات حكومية لجهات خارجية بالبريد العادي إلى الخارج، وفي 11 أغسطس 1999 اعتُقلت ووجهت لها مباشرة تهمة "تسريب أسرار الدولة وتوفير معلومات لمنظمات أجنبية"، وكانت حينها في طريقها للقاء وفد من لجنة حقوق الإنسان بالكونجرس الأمريكي الذين اتىوا علنًا لزيارة الصين، وكان اعتنطقها قبل حتى يتم اللقاء، واعتقلت السلطات أيضًا ولديها عبد الكريم وعليم ومساعدتها كهرمان عبد الكريم!!

وبينما أُطلق سراح عليم سجن أخوه عبد الكريم لمدة ثلاث سنوات في معسكر للأعمال الشاقة بتهمة دعم "الانفصاليين"، وبعد توقيف لأكثر من عام صدر الحكم عليها بالسجن لثماني سنوات أُخر بتهمة "إخراج معلومات إلى خارج الصين بطريقة غير شرعية".

وخلال المحاكمة ظهر حتى معنى "أسرار الدولة" ما زال واسعًا جدًّا بالنسبة للحزب الشيوعي حتى الآن؛ فقد يعني أية معلومات –مهما كانت- بما في ذلك إرسال صحف محلية غير الصحف الرسمية الكبيرة إلى الخارج.

الثروة في خدمة المبدأ والبسطاء

ولعل سبب اعتنطقها وسجنها الحقيقي ليس امتلاكها للمال بقدر أنها استخدمته لتدريب وتوظيف نساء قومها؛ وهوما جعلهم ينظرون إليها كشخصية اجتماعية مؤثرة بدأت العمل الاجتماعي والخيري الذي سيقودها لتكون شخصية رأي عام وقيادية بين المسلمات الإيغوريات.. وهذا السبب –في نظر البعض- هوالمحرك الهام لمخاوف الحكومة المركزية والإقليمية، وبصورة تقليدية متكررة في كثير من بلدان العالم؛ فقد كان تأسيسها لـ "حركة الألف أم" عام 1997 لتوفير فرص العمل للنساء الأويغوريات وفتح مركز لتعليم اللغات ومحوالأمية لفتيات قومها سببًا في إثارة مخاوف الحكومة الصينية من أي تحرك اجتماعي اقتصادي مستقل بين القومية الإيغورية.

وقد دفع قرار اعتنطقها هي وابنها إلى تسليط الضوء مرة أخرى على قضية المسلمين في هجرستان الشرقية، فاستنكرت منظمة العفوالدولية في أكثر من تقرير لها ما وقع لربيعة، ولحقتها لجنة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية، وامتد الأمر لوزارة الخارجية الأمريكية التي دعت الصين إلى إطلاق سراحها، كما أصدر النواب وأعضاء مجلس الشيوخ الأمريكيون قرارين (لكنهما غير ملزمين، عكس القرارات التي تصدر ضد الدول المسلمة الملزمة) يدعون فيه لتحريرها من سجنها هي وابنها، ومساعدتها.. وعرضت عليهم الهجرة للولايات المتحدة لوأرادوا ذلك، وهوما لم يحدث.

بل إذا الاتصالات والرسائل ممنوعة على ربيعة كغيرها من سجينات الرأي في هجرستان الشرقية، ولم يسمح لأحد بزيارتها خلال 23 شهرًا مضت إلا بعض أقربائها لخمس مرات فقط.

ورغم حتى منظمة العفوالدولية أدرجت السيدة ربيعة ضمن سجينات الرأي، وكررت طلبها بإطلاق سراحها؛ حيث إنها ما تزال تقضي فترة سجن سياسي لقرابة عقد حتى عام 2009، وذلك في سجن باجهاوخارج مدينة أورومجي عاصمة الإقليم – لم يجد صديق راضي بُدًّا من محاورة الرئيس بوش لتبني إطلاق سراح ربيعة، لكن زيارة بوش انتهت ورجع إلى واشنطن دون نتيجة إيجابية بشأن ربيعة، فضلاً عن أية نتيجة إيجابية بشأن قومها من الهجرستانيين.

ولم يعدُ بوش إلا حتى استخدم قضيتها كورقة ضغط على الحكومة الصينية، لا كدفاع عن مبدأ.

ولم تكن تلك المرة هي الأولى التي يتردد فيها اسم ربيعة قادر في المحافل الدولية؛ فرغم التحيز المعاكس الذي تلقاه قضايا المسلمين الدامية في العالم من قِبل الأمم المتحدة ومجلسها – فقد اختارت لجنتها الخاصة بمراقبة حقوق الإنسان ربيعة قدير كأحد الفائزين الخمسة بأعلى جوائز حقوق الإنسان الدولية لعام 2000.

وكان لا بد حتى يذكر الناسون في العالم الإسلامي حتى امرأة الأعمال الهجرستانية قد كانت ثانية الحاصلين غيابياً على الجائزة التكريمية في عشاء خيري أقامته اللجنة بلوس أنجلوس في 16 نوفمبر 2000.

ربيعة رمز.. لكنها ليست وحدها

وتُعد قضية ربيعة اليوم أحد الملفات المطوية بظلام الحكم الشيوعي في إقليم هجرستان الشرقية أوما يُعهد بـ"سينكيانج" –اسمها الرسمي- منطقة الحكم الذاتي للأويغور الذي يفتقد تطبيقًا حقيقيًا له.

وهي واحدة من عشرات الآلاف من المساجين في الإقليم ممن يتعرضون للتعذيب في إقليم هوالوحيد بين الأنطقيم الصينية الذي يشهد تكرارًا لأحكام الإعدام بتهم سياسية في السنوات الماضية كما يروي ذلك الهجرستانيون. فقد اتهمتها السلطات في محاكمها الصورية بـ" تسريب أسرار الدولة وتوفير معلومات لجهات أجنبية"، مع أنها كانت ترسل الصحف التي تباع في شوارع إقليمها الواقع في أقصى الشمال الغربي للصين إلى زوجها الذي يعيش في منفاه بالولايات المتحدة، وبعد أسبوعين من إعلان تسلمها الجائزة وفي مطلع شهر ديسمبر 2000 رفضت محكمة الشعب العليا في أورومجي عاصمة الإقليم ذي الأغلبية المسلمة استئنافها الحكم، والتهم التي وجهت لها، وحكم عليها بالسجن لمدة ثماني سنوات؛ أي حتى مطلع عام 2009.

الغرب يهتم.. والسؤال الدائم: أين المسلمون؟!

وقد ذكرت مصادر صحفية حتى الحكومة البريطانية قد أثارت القضية خلال زيارة الرئيس الصيني لبريطانيا في أكتوبر 1999، ثم خلال زيارة نائب وزير الخارجية يانغ جيشي في مارس 2000. وعادت قضيتها لتثار أمام الرئيس جيانغ زيمين من قبل المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ماري روبنسون عندما التقت به في 21 نوفمبر 2000 وقبل أسبوع من إصدار الحكم عليها، في الوقت الذي استمر الهجرستانيون حول العالم في تنظيم مظاهرات تنديدية بانتهاكات حقوق الإنسان في وطنهم أمام السفارات الصينية، وكان دور زوجها بارزا في نشر قصتها في وسائل الإعلام الغربية حتى أصبحت مثالاً للتضحية ورمزًا للكفاح بين الأويغوريين، تمامًا كما هوالحال بالنسبة لزعيمة الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية "أونج سان سوتشي في ميانمار" -بورما سابقا-.

ويقول الهجرستانيون: إذا قضية ربيعة قد أثارت قضيتهم بشكل مختلف، ومع تزايد الحديث عنها من قِبل المسئولين الغربيين فإن الحكومة الصينية لا ترغب حتى تخسر في قضية إعلامية أمام المجتمع الدولي، وهذا ما يجعل الاختيار صعبًا بين إبقائها سجينة أوإطلاق سراحها مع الاشتراط عليها بأن تهجر البلد.

لكن مسئولي الحزب الشيوعي بعد حتى ظلوا مترددين في أسلوب التعامل معها أصروا في النهاية على سجنها لمدة ثمانية أعوام بهدف ألا تتشجع شخصيات مسلمة أخرى بالتحرك بشكل مماثل؛ فتبرز القضية الهجرستانية مرة أخرى، كما حتى اعتنطقها اتى تحذيرًا للأغنياء الآخرين من الإيغور الذين يرغبون في استخدام مالهم لصالح قضيتهم.

غير حتى الملاحظ حتى اهتمام الدول الغربية ومنظماتها بقضية التبت أكثر من اهتمامهم بقضية المسلمين وبفارق شاسع، ولأن صحة ربيعة قادر كانت تتدهور بسبب المعاملة السيئة فكانت هناك مخاوف رسمية من حتى تؤدي وفاتها إلى اندلاع أحداث دامية على امتداد الإقليم، وقد يؤدي ذلك إلى تدهور العلاقة بين الهان الصينيين والأويغور المسلمين.

إن سيرة ربيعة قدير تعطينا تصورًا عن الأسلوب المعقد للحكومة الصينية في محاولتها لاستغلال الشخصيات الهامة والناجحة من المسلمين لصالح سياستها وأيديولوجيتها وسيطرتها السياسية.. ثم عدم التردد في استخدام أشد الأساليب عند عدم استجابة الإنسان الهجرستاني للمطالب المجحفة، وما يسمى بـ"التعاون" الذي يريدونه.

وحسب تقارير منظمة العفوالدولية، فإن الحكومة الصينية تقتل وتعذب من تراه وتشك في نشاطه بتهمة دعم التيار الانفصالي في إقليم سينجيانغ الذي يُعد الإقليم الوحيد الذي تستمر فيه عمليات الاعتنطق والمحاكمة السياسية والدينية حتى اليوم بشكل مثير لقلق منظمات حقوق الإنسان.

الإفراج عن ربيعة

في 14 مارس 2005، تم الإفراج عن ربيعة قدير، على أساس صحي، بشرط السفر إلى الولايات المتحدة في غضون ثلاثة أيام. وكانت الولايات المتحدة قد ضغطت للإفراج عنها. وقد تم الإفراج قبل زيارة كوندوليزا رايس للصين. ورداً على الإفراج عنها فقد وافقت الولايات المتحدة على إسقاط مشروع قرار في مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ضد الصين.

اضطرابات يوليو2009

وجهت الحكومة الصينية اللوم لما وقع في أحداث 2009 إلى ربيعة قدير، ونطقت ان العنف كان من تدبير وتنظيم المجلس العالمي للأويغور الذي تتزعمه ربيعة قدير بالرغم من حتى الاحتجاجات اندلعت رداً على مقتل اثنين من العمال الأويغور في گوانگدونگ. في الوقت الذي نفت فيه قدير حتى أعمال العنف كانت منظمة.

رفضت تايوان منح تأشيرة دخول لربيعة قدير إليها في سبتمبر 2009، بزعم أنها على صلة بحركة شرق هجرستان الإسلامية التي تصنفها الأمم المتحدة والولايات المتحدة على أنها منظمة إرهابية.

في ثلاثة أغسطس 2009، ذكرت وكالة الأنباء الصينية شينخوا حتى اثنين من أبناء ربيعة قدير خطا خطابات اللوم لها لتدبيرها أعمال الشغب. ووفقا لـ «شينخوا»، أنهم أوفدوا إليها مطالبين بحياة مستقرة وآمنة ويرجونها التفكير في سعادتهم وسعادة أحفادها، وألا تدمر حياتهم السعيدة هناك. كما طالبوها بألا تنساق وراء أطماع الآخرين في الكثير من البلدان. رفض المتحدث باسم المجلس العالمي للأويغور في ألمانيا الخطابات واصفاً إياها بالمزيفة. كما وصفت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الخطابات بأنها "وثيقة مريبة". كما بث تلفزيون الصين المركزي لقاءات مع أفراد أسرة قدير في أربعة أغسطس.

في أوائل سبتمبر 2009، أعربت " شينخوا " حتى ثلاثة عقارات تمتلكها "شركة عقيدة للتجارة" التي تملكها قدير، ويعمل فيها أكثر من 30 من أفراد عائلة ربيعة، يفترض أن يتم إزالتها بسبب "تصنادىت في الجدران". يرى مسئولون أويغور محليون هذه المستوى أنها محاولة لإبعاد شبح قدير، بينما ترى رابطة الأويغور الأمريكية حتى محاولة هدم العقارات قد تشعل جولة جديدة من العنف.

اقرأ أيضًا

• اويغور

المراجع

• News Release Issued by the International Secretariat of Amnesty International
• Radio Free Asia: China Frees Rebiya Kadeer
• BBC News Profile: Rebiya Kadeer
• Norwegian Foundation Gives Award to Rebiya Kadeer: iFEX
• REBIYA KADEER, WITH ALEXANDRA CAVELIUS THE STORMER OF THE SKY
• China’s Other Minority, Seen by One of Its Own

المصادر

• مسقط صوت شعب الأيغور باللغة العربية

إسلام أون لاين: ربيعة قادر.. سيرة هجرستانية شديدة العذوبة       تصريح