مذكرة عن الموظفين البريطانيين في البوليس والأمن العام

مذكرة عن الموظفين البريطانيين في البوليس والأمن العام، في فبراير 1928، من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 289 - 291".

المذكرة

عومل هؤلاء الموظفون كغيرهم من الموظفين الأجانب الذين في خدمة الحكومة بمقتضى أحكام القانون رقم 28 لسنة 1923، والواقع حتى جميع من كان لهم، بمقتضى هذا القانون، حتى ينتفعوا بمزاياه قد عملوا ذلك؛ ولم يحتفظ بهم في وظائفهم بعد انقضاء مدة الخيار الذى منح لهم إلا بموجب عقود لمدد مختلفة.

وما لم ينكر معنى وآثار ذلك القانون الذى هومن ناحية أخرى معاهدة مبرمة بين انجلترا ومصر فيجب عدلا ألاقد يكون أولئك الموظفون موضوع أية تسوية في مشروع المعاهدة.

وهؤلاء الموظفون هم أولى الموظفين بإلاقد يكونوا موضوع حكم خاص في المعاهدة؛ فإنه لما كان الغرض من القانون رقم 28 لسنة 1923 هوحتى تسترد مصر حريتها في أمر الموظفين الأجانب فأول ما يجب حتى يتحقق ذلك الغرض فيه وبصدده، هوالبوليس، إذ كان يعد من أخص أعمال الدولة المستقلة، وأقواها دلالة، وأوضحها مظهرا لسلطتها.

لذك كنت- فيما أفهم من الفقرة (ج) من الملحق (2)- على يقين من حتى هذا ا النص الذى يتحدث عن حالة إصلاح نظام الامتيازات، لا يمكن حتى يمهد للحكم بشأن الحالة التى لا تنجح فيها المفاوضات الخاصة بذلك الإصلاح. ولوضع هذه الفقرة أصل وأسباب لا تجعل محلا لأن يستخرج منها أى حجة أومرشد عن أى حالة غير الحالة التى نص عليها فيها.

ولكى ينهض الدليل على حتى ذلك الاتفاق يؤخذ منه بطريق الدلالة. أنه يجوز، في حالة فشل المفاوضات الخاصة بإصلاح نظام الامتيازات الأجنبية، الاحتفاظ بالموظفين الأجانب في البوليس بما لهم من الاختصاصات العامة؛ يجب بداهة حتى يفترض حتى وجود أجانب في خدمة البوليس هوبذاته إحدى الضمانات التى يقوم عليها نظام الامتيازات، وأن المفاوضات في موضوع إصلاح هذا النظام لن تغفل بناء على ذلك البحث في المسألة. سواء للاحتفاظ بتلك الضمانة أولإلغائها أم للاستعاضة منها يقرب قليلا أوكثيرا، وأنه اذا كان مشروع المعاهدة قد احتفظ مؤقتا بهؤلاء الموظفين ريثما تبرم الاتفاقات مع الدول، فقد كان الغرض الأساسى من ذلك إدخال الطمأنينة على نفوس الأجانب وحتى يتيسر بالاتفاق مع الدول حتى يستبدل بالحالة الحاضرة حالة سقمية مثلها.

على أنه لا جدال في حتى مسألة البوليس ليست من المسائل التى يقع عليها ويتحقق بها نظام الامتيازات، وأن ليس للأجانب حق امتيازها من هذه الناحية، وأن المسألة لن تنظر في سياق المفاوضات بشأن إصلاح نظام الامتيازات، وأنه سواء أنجحت هذه المفاوضات أم فشلت فلنقد يكون لمسألة البوليس أى أثر في نجاحها أوفشلها.

إذن فلا يمكن القول بأن الفقرة (ج) من الملحق (2) تؤدى إلى حل لمسألة البوليس في عمومها إذ ليس لهذه المسألة صلة بالغرض الوارد فيها.

ولاستبانة مدلول الفقرة المذكورة يجب حتى يذكر أنه لما طرحت على بساط البحث مسألة توسيع اختصاص المحاكم المختلطة في مواد العقوبات، دعت الحال بالضرورة إلى البحث في نظام تحقيق الجنايات. واتفقت الآراء في هذا الموضوع علي وجوب إقرار بعض أحكام خاصة تقضى بها الصفة الأجنبية للمتقاضين. وكان من بين هذه الأحكام بحسب مشروع المستر سسل هرست حكم يخول تلك المحاكم حق تطبيق أوامر القبض والضبط على الأجانب، وتفتيش مساكنهم بواسطة ضابط وليس من الأجانب، فكان من المتحتم ، لجعل ذلك ممكن التطبيق، التفكير في استخدام عدد من الضباط في المحاكم لأداء ما يعهد إليهم من تلك المهام.

وإذا كان الاقتراح باستيفاء موظفى البوليس والأمن العام قد تقدم به المشروع البريطانى الأول من قبل، وكنت قد دفعته بنفس الحجج والبراهين المبسوطة آنفا. سواء كان ذلك في الملاحظات العامة أم في محادثاتنا في الصيف الماضى، فقد تراءى لنا للخروج من هذا المأزق حتى المحاكم المختلطة لنقد يكون لها في تعيين الضباط المذكورين طريقة أمثل من اختيارهم من هيئة الموظفين الحالية في بوليس المدن والأمن العام. ومع أنه من الواضح حتى ليس ثمة ارتباط أصلا بين إصلاح نظام الامتيازات وأعمال البوليس بوجه عام، فقد رأينا أننا إذا جعلنا أجل الاحتفاظ بهؤلاء الموظفين تاريخ الاتفاق مع الدول نكون قد ضمنا التقاء في الخدمة حينا من الزمن. وقد كان هذا الضمان الذى يجب حتى يعد كافيا أقصى ما كان في وسعى التسليم به. والواقع حتى استبقاء أولئك الموظفين بعد عقد المحالفة، كان على سبيل التساهل من الجانب المصرى. ولم يكن استمرار الحق مكتسب، فليس من وجه لأن يزعم حتى لهؤلاء الموظفين المذكورين حتى يبقوا في الخدمة بحكم المعاهدة لأجل غير مسمى. إذ حتى ذلك لا مبرر له.

لقد اقترح عرض هذه المسألة على جمعية الأمم. ولكن يلوح لى حتى هذا الحل لا يمكن الحكومة المصرية قبوله، فإن من حقها اعتبار هذه المسألة من مسائل الإدارة الداخلية البحتة التى ينبغى البت فيها منذ الآن. ولذلك اقترح لحلها وضع نظام لإحلال المصريين تدريجيا محل الموظفين الأجانب في البوليس والأمن العام. في مدى ثلاثة أعوام أوخمسة. وتقسيم أولئك الموظفين إلى ثلاث فئات أوخمس بحسب ما تدعوإليه الأحوال. ففى نهاية جميع سنة تهجر فئة منهم وظائفها ليحل مصريون محلهم فيها. بحيث لا ينتهى العام الثالث أوالخامس حتىقد يكون كافة الضباط الموجودين في خدمة الحكومة قد تخلوعن مراكزهم.

إنى شخصيا أرى حتى هذا الحل جائز القبول، وفى مصلحة العمل وفائدته،