حرف عطف

حروف العطف تسعة: ستة منها تفيد المشاركة بين المعطوف والمعطوف عليه في الحكم والإِعراب معاً وهي ((الواو)) و((الفاء)) و((ثم)) و((حتى)) و((أو)) و((أم)). والثلاثة الباقية تعطي المعطوف حركة المعطوف عليه دون المشاركة في الحكم، وهي ((بل)) و((لا)) و((لكن)). وسيأتي أَحوالها بالتفصيل لاحقا.

والعطف لغة الميل، وعطف فلان على فلان أي أشفق عليه ومال نحوه، أما في الاصطلاح اللغوي والنحوي فهوربط لفظ بلفظ سواء كان عملا أم اسما أم جملة بشرط حتى يُعطف على مثل ما عطف به.

أقسام العطف

للعطف قسمان:

عطف البيان

عطف البيان هوتابع جامد يشبه الصفة في توضيح متبوعه إذا كان فهم وفي تخصيصه إذا كان نكرة، لكن يشترط فيه حتىقد يكون التابع أشد وضوحا من المتبوع وإلا كان بدلا، وهنا وجب الانتباه جيدا للتفريق بين البدل وعطف البيان، على سبيل المثال:

في جملة {اتى أخوها خالد خالد بدل لأن أخوها الذي هوالمتبوع كان أشد وضوحا من خالد، وأما في جملة (اتى خالد أخوها) فأخوها عطف بيان حيث أنه كان أشد وضوحا من المتبوع خالد الذي لم يذكر منه غير صفة، كما حتى الجملة البدلية تظل سليمة إذا ما أسقطنا عنها البدل أوالمبدل منه، ففي جملة (اتى خالد الشاعر) يصح لنا حتى نقول (اتى خالد) أو(اتى الشاعر) غير حتى هذا ليس جائزا دائما في عطف البيان مثل جملة {يا زيد الفاضل لا يصح حتى نقول {يا الفاضل .

عطف النسق

عطف النسق هوحتى يتوسط بين التابع وبين متبوعه أحد أحرف العطف التسعة: ستة منها تفيد المشاركة بين المعطوف والمعطوف عليه في الحكم والإِعراب معاً وهي ((الواو)) و((الفاء)) و((ثم)) و((حتى)) و((أو)) و((أم)). والثلاثة الباقية تعطي المعطوف حركة المعطوف عليه دون المشاركة في الحكم، وهي ((بل)) و((لا)) و((لكن)). وإِليك أَحوالها بالتفصيل:

الواو: تفيد المشاركة بين المعطوف والمعطوف عليه في الحكم والإِعراب، مثل (سافر أَحمد وسليم)، ولا تدل على ترتيب بينهما ولا تعقيب، إِذ يمكن أَنقد يكون أَحمد سافر قبل، أَوسليم سافر قبل، كما يمكن أَنقد يكونا سافرا معاً.

ولا يجوز أَن يعطف بغير الواوبعدما لاقد يكون إلا من متعدد كأَفعال المشاركة: (اختصم بكرٌ وزيدٌ، جلست بين أَخي وأَبي).

الفاء: كالواوتماماً إِلا أَنها تفيد الترتيب مع التعقيب، فقولنا (سافر أَحمدُ فسليمُ) نصٌّ على أَن المسافر الأَول أَحمد، وسليم سافر عقبه بلا مهلة بينهما.

وكثيراً ما تتضمن مع الترتيب معنى السببية في عطف الجمل مثل: (اجتهدت فنجحت).

ثم: تفيد الترتيب مع التراخي، فالجملة (سافر أَحمد ثم سليم) تدل على أَن سليماً سافر بعد أَحمد بمهلة متراخية.

حتى: تفيد الغاية مثل: غادر المحتفلون الساحةَ حتى الصبيانُ، نفِد صبر الناس حتى حلمائهم، أَكلت السمكة حتى رأْسَها. وللعطف بها شروط ثلاثة:

أنقد يكون المعطوف اسماً ظاهراً غير ضمير.
أَنقد يكون جزءاً من المعطوف عليه أَوكالجزءِ منه.
أَنقد يكون غاية لما قبله في الحملة أَوالضعة.

أو: لأَحد الشيئين مثل: يحسن حتى تشغل نفسك بالقراءة أوالرياضة، اشتر تفاحاً أَوخوخاً. فإن تقدمهما طلب كانت للتخيير أَوالإباحة: سافرْ أَوأَقمْ، جالس الفهماءَ أَوالصلحاءَ. والفرق بينهما أَن التخييرقد يكون فيما لا يجمع بينهما، والإباحة تكون فيما يمكن الجمع بينهما.

وإن تقدمها خبر كانت لأَحد المعاني الآتية:

للشك مثل: هم ستة أَوسبعة.

للإِبهام مثل: أَنا أوأَنت مخطئٌ (المتحدث يعهد أَن المخاطب مخطئٌ لكنه أورد ذلك في صيغة مبهمة تلطيفاً وتأَدباً.

للإِضراب مثل: استدعِ لي خالداً، أَواجلس فلا يعنيني أَمره (بمعنى بل).

للتقسيم مثل: الحدثة اسم أَوعمل أوحرف.

للتفصيل مثل: {وَنطقُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارَى تَهْتَدُوا المعنى: نطقت اليهود: كونوا هوداً تهتدوا، ونطقت النصارى: كونوا نصارى تهتدوا.

وقولنا (لأَحد الشيئين) بجمع ذلك كله.

تنبيه: تؤدي ((إما)) معنى ((أَو)) فتقول مثلاً: جالس إِما الفهماءَ وإِما الصلحاءَ، هم إِما ستة وإِما سبعة. وليست حرف عطف.

أم متصلة أَومنبترة: فالمتصلة مثل: أَأَنت الناجح أَم أَخوك،يا ترى؟ سواءٌ علينا أَوعظت أَم لم تكن من الواعظين. ويسبقها همزة استفهام أَوهمزة تسوية كما رأَيت، ويشهجر ما قبلها وما بعدها في الحكم وفي حركة الإعراب ولا يستغنى بأَحدهما عن الآخر.

والمنبترة معناها الإضراب مثل ((بل)) فتبتر الكلام الأَول لتستأْنف كلاماً جديداً: (هلا زرتَ أَصدقاءَك الناجحين أَم أَنت معتزل = بل أَنت معتزل).

فإِذا كان ما بعدها مستنكراً أَضافت إلى معنى الإِضراب معنى الاستفهام الإِنكاري مثل: {أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ يعني: بل أَهم خلقوا السموات والأَرض؟!

بل: للإِضراب عما تقدمها والاهتمام بما بعدها. وشرط العطف بها حتىقد يكون المعطوف مفرداً لا جملة مثل: ما سافر جيرانك بل خادمُهم.

فإِن سقطت بعد نفي أونهي أَفادت تثبيت النفي أَوالنهي لما قبلها، وثبوتَ ضده لما بعدها: ففي الجملة السابقة نفينا سفر الجيران وأثبتنا السفر لما بعد ((بل)) وهو(خادمهم) فكان معناها الاستدراك بمنزلة (لكن). وإن سقطت بعد جملة خبرية أَوأَمرية أفادت سلب الحكم عما قبلها وإثباته لما بعدها مثل: (ليشهدْ سليمٌ بل معاذٌ)، فقد أَلغينا أَمرنا لسليم وجعلناه لمعاذ.

فإذا أتى بعد ((بل)) جملة أصبحت حرف ابتداء ولم تعد حرف عطف، فإن أريد إبطال الحكم الذي قبلها كانت للإضراب الإبطالي مثل {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ اتىَهُمْ بِالْحَقِّ ، وإن لم يرد إبطاله كانت للإضراب الانتنطقي مثل: {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمّا يَذُوقُوا عَذابِ .

لكن: للاستدراك، وشرط العطف بها أَن تسبق بنفي أَونهي، وأَلا تقترن بالواو، وأَنقد يكون المعطوف غير جملة، مثل: (لم يسافر الطلابُ لكنْ وكيلُهم، لا يقرأَنَّ ضعيفٌ لكنْ محسنٌ).

وتفيد إثبات النفي أَوالنهي لما قبلها وجعلَ ضده لما بعدها، شأْنها في ذلك شأْن ((بل)).

فإذا نقص شرط من الشروط الثلاثة المذكورة لم تكن حينئذ عاطفة بل حرف ابتداء كأن يأتي بعدها جملة لا مفرد مثل: ما قصر لكن سقم، وكأن تقترن بالواومثل: وافق الطلابُ ولكن أخوك (أي ولكن أخوك لم يوافق)، وكأَنْ لاقد يكون قبلها نفي أونهي مثل: سافروا لكنِ الرئيس أقام.

لا: النفي والعطف، مثل (نجح محمودٌ لا سليمٌ، أَحضروثائقَك لا خطَكَ) وشرط العطف بها أَن يتقدمها خبر مثبت أَوأَمر.

وتفيد إثبات الحكم لما قبلها ونفيه عما بعدها.

ملاحظة: يجوز عطف الضمير على الاسم الظاهر والعكس، غير أنه لا يحسن العطف على ضمير الحمل المتصل أوالمستتر إلا بعد توكيدهما بضمير منفصل; مثل: امضىْ أَنت ورفيقُك، مضىت أَنا ورفيقي، أَما: (امضى ورفيقُك ومضىتُ ورفيقي) فغير حسن. فإِن فصل بين المعطوف والمعطوف عليه فاصلٌ ما مثل (ما مضىتُ ولا خالدٌ) حسُن.