گايوس پترونيوس أربيتر Gaius Petronius Arbiter (ح. 27–66 م) كان رجل بلاط روماني في عهد نيرون. ويـُعتقد أنه مؤلف ساتريكون Satyricon، الرواية الساخرة التي يـُعتقد أنها كـُتبت في عهد نيرون.

ولسنا واثقين من حتى بترونيوس الذي لا يزال كتابه المسمى الساتريكون Satyricon يجد له كثيراً من القراء هونفسه كيوس بترونيوس Caius Petronius الذي قُتل بأمر نيرون بعد عام من مقتل لوكان. وليس في الكتاب كله حدثة واحدة يمكن حتى يُستدل منها على هويته؛ ولا يذكر تاكيتوس في وصفه القوي البليغ لهذا "الحاكم الظريف" حدثة واحدة عن هذه الآية الأدبية التي بلغت في سوء السمعة. وتعزى نحوأربعين مقطوعة فكهة إلى محرر يدعى بترونيوس ومنها بيت يكاد يمثل فلسفة لكريوشيوس كلها وهو: "إن الخوف هوالذي أوجدالآلهة في العالم أول الأمر"(3) ولكن هذه النتف أيضاً لا تذكر شيئاً يفصح عن حقيقة مؤلفها.

وكتاب الساتريكون مجموعة من الهاتى يغلب على الظن أنها كانت في ستة عشر كتاباً لم يبق منها إلا الكتابان الأخيران، وحتى هذين الكتابين ناقصان. واسمها مشتق من ساتوري Saturae اللاتينية ومعناها "خليط"-وهي تارة نثر وتارة شعر، وتختلط فيها المغامرت في الفلسفة، وجراحة المعدة بالصيد، وهي مدينة في صورتها هذه لخط منبس Menippus الهجائية؛ ومنبس هذا فيلسوف سوري كلبي Cynic كان يقيم في گدارا Gadara وفيها خط مؤلفه عام 60 ق.م، ومنها "القصص الميليزية" Milesian أوالروايات الغرامية التي انتشرت في العالم ذي الحضارة اليونانية. وإذ كان ما لدينا من أمثلة أهذا النوع من الكتابات إنما يرجع إلى ما بعد عصر بترونيوس فإن كتاب الساتريكون يمتاز عن أمثاله من الخط بأنه أقدم رواية قصصية معروفة.

ولا يكاد الإنسان يصدق حتى رجلاً مترفاً أرستقراطياً نبيلاً، اشتهر بذوقهِ الراقي، ينزل إلى الدرك الذي هبط إليه كتاب الساتريكون. إذا جميع ما فيهِ من الشخصيات تالعاملة من العامة، والأرقاء السابقين، وكل ما فيه منم المناظر مأخوذ من أسفل أنواع الحياة؛ وبه ينتهي فاتىة العهد الأغسطي الذي كانت تؤخذ فيه موضوعات الأدب من حياة الطبقات العليا. فإنكلبيوس Encolpius الذي تروى السيرة على لسانهِ زان، مخنث، كاذب، لص، يرى من الطبيعي حتىقد يكون جميع ذي عقل على شاكلته. وهويقول عن نفسه وعن صديقه: "لقد اتفقنا فيما بيننا على حتى نختلس جميع ما تصل إليه أيدينا حدثا أتيحت لنا فرصة الاختلاس، لنملأ به خزينتنا المشهجرة"(4). وتبدأ السيرة في بيت للنادىرة، يلتقي فيه إنكلبيوس بأسكيلتوس Ascyltos بعد حتى لجأ هذا إلى ذلك المكان فراراً من محاضر في الفلسفة، ومغامراتهما بين مدن إيطاليا الجنوبية وكهوفها هي الرباط الذي يربط أجزاء السيرة المبعثرة، كما حتى تنازعهما على جبتون Giton الغلام الرقيق الوسيم هوالذي يفرق بينهما في سيرة اللصوص الغرامية. ويصل الرجلان آخر الأمر إلى بيت التاجر تريملكيوTrimalchio، ثم يدور الجزء الباقي لدينا من الكتاب حول وصف السنا تريملكيونس Cina Trimalchionis وهوأحب غداء في الأدب كله.

وتريملكيوهذا عبد سابق جمع ثروة طائلة واقتنى ضياعاً واسعة، يحيا حياة المترفين الحديثي النعمة، بين جدران قصر وفي جوملئ بالاضطراب. وقد بلغت ضياعه من الاتساع حداً لا بد معه من كتابة صحيفة يومية يعهد بها مكاسبه، وهويطلب إلى ضيوفه حتى يشربوا ويقول:

"إذا لم يعجبكم الخمر استبدلت به غيره، ولست مضطراً إلى شرائهِ وذلك ما أحمده للآلهة. إذا جميع ما يُسيل لعابكم في هذا المكان قد اتىني من إحدى مزارعي التي لم أرها بعد؛ ولكنهم يقولون لي إنها في طريق ترسينا Terracina وتارنيم، وإني أفكر في حتى أضم صقلية لأملاكي الصغيرة الأخرى، حتى إذا ما أردت حتى أسافر إلى أفريقية استطعت حتى أسير مجأوراً لشواطئ أملاكي...وإذا ما حدثتكم عن الفضة فإني أحدثكم عنها حديث الخبير؛ فعندي منها أقداح في حجم دنان الخمر...وعندي ألف جفنة هجرها مميوس Mummius لسيدي...وأنا أشتري الأمور بأبخس الأثمان وأبيعها بأغلاها؛ وقد يحدث لغيري من الناس آراء غير هذه الآراء(5). وهورغم هذا رجل ظريف، يسب عبيده ولكنه يعفوعنهم من فوره، وهم من الكثرة بحيث لا يعهد صورته منهم إلا عشرهم، وهولا ينسى أنه في الأصل عبد مثلهم ولذلك يقول عنهم قولاً كريماً: "إن العبيد رجال قد رضعوا اللبن الذي رضعناه...وسوف يشرب عبيدي إذا طال بهم العمر الماء الذي يشربه الأحرار". وهويبرهن على حسن نواياه بأن يأمر بإحضار وصيته وقراءتها على ضيوفه فيجدون فيها أموالاً مخصصة لقبريته التي يختمها بقولهِ مفتخراً إنه "اغتنى من لاشيء، وإنه هجر وراءه ثلاثين مليون سسترس، وإنه لم يستمع قط إلى فيلسوف"(6).

واختص وصف العشاء بأربعين صفحة، وإن عدداً قليلاً من الجمل لتكفي لوصف نكهته:

وكانت لدينا صينية مستديرة نقشت على أطرافها أبراج النجوم، وقد وضع الخادم على جميع برج خير مايلائمه من الطعام؛ فوضع جلبان الضأن على برج الحمل ولحم البقر على برج الثور...ورحم خنزيرة لم تلد على برج السنبلة...ووضع على برج الميزان كفتين في إحداهما فطيرة وفي الأخرى كعكة...وأقبلت أربعة راقصات مسرعات ليحملن الغطاء عن الطعام. وكان من تحته طيور محشوة، وبطون خنازير، يتوسطها أرنب، وفي الجوانب أربعة تماثيل لمارسياس Marsyas يخرج من مثاناتها حساء متبل يقع على سمك يسبح في الصحاف...ثم اتىت صينية أخرى عليها خنزيرة، علقت في أنيابها سلال مثقلة بالبلح، ومن حولها صغارها مصنوعة من الفطائر... ولما دفع الخادم السكين في جانب الخنزيرة طار منها طير السماني وحط جميع واحد على ضيف من الأضياف(7).

ثم تدخل الحجرة أربعة خنازير بيضاء ويختار الضيوف ما يريدون حتى يطهى لهم منها؛ ويشوى لهم ما يختارونه وهم يطعمون؛ ويؤتى لهم به، فإذا بتر خرجت من بطنه أمعاؤه المحشوة والفطائر. وإذا قدمت الحلوى لم يجد أنكلبيوس لديه شهية لنتأولها، ولكن ترملكيويحث ضوفه على الأكل ويؤكد لهم حتى الحلوى قد صُنعت كلها من لحم الخنزير. ويدلى خطاف من السقف، يحمل لكل ضيف إبريقاً من المرمر مملوءاً بالعطر ويملأ العبيد أقداحاً فارغة بالخمر المعتق. وتمضى الخمر بعقل تريملكيوفيغازل غلاماً، وتحتج عليه زوجته البدينة، ويقذفها بكأس في رأسها ويقول: "إن هذه العاهر السورية الرقاصة ضعيفة الذاكرة، فلقد انتشلتها من سوق النخاسة وجعلتها امرأة، وهاهي ذي تنفخ أوداجها كالضفدعة....وهذه سنة الخلق إذا ولدت في علية تحت سطح منزل، فلن تستطيع حتى تنام في قصر"(8) ثم يامر قهرمانه حتى يبعد تمثالها عن قبره "وإلا فإنها ستؤنبني حتى بعد حتى اموت".

هذا كتاب في الهاتى القوي المقذع، واقعي في تفاصيله وحدها، ولا يصدق إلا على قسم صغير من الحياة الرومانية. وإذا كان محرره هوبترونيوس الذي عاش في عهد نيرون، وجب علينا حتى نعده هاتى مقذعاً للأغنياء المحدثين من الأرقاء المحررين، خطه رجل من الأشراف، ولم يكسب قط بعملهِ ما كان له من المال. والكناب كله خلومن الرحمة ليس فيهِ شيء من العطف على الناس، ولا يهدف إلى مثل أعلى، ويرى محرره حتى الفساد وسوء الخلق أمر طبيعي لا غبار عليهما، وتعرض فيه حياة السوقة من الناس عرض من يستمتع بها ويعجب بها ولا يعلق بحدثة ما عليها. وفي هذا الكتاب تنساب الأقذار انسياباً سريعاً إلى الأدب الروماني، وتحمل إليه أحكام أصحابها، وأذواقهم، وألفاظهم الوقحة، وحيويتهم المرحة. وترى السيرة أحياناً تصل إلى أعلى درجات السخف والبذاءة والسباب لتي تتوج ملحمة جرجنتوا وبنترجول، وتعد تمهيداً لسيرة "الأتان المضىية" لأپوليوس Apuleius وتضارعها جيل بلاس Gils Blas التي كُتبت بعدها بسبعة عشر قرناً، وتواصل قصتنا ترسترام شاندي Tristram Shandy، وت جونز Tom Jones ما في قَصَصِها من التواء، وجملة القول حتى هذا الكتاب هوأحب كتاب في الأدب الروماني كله.

انظر أيضاً

نطقب:See also author

• ساتريكون
• Supplements to the Satyricon
• المذنب 3244 پترونيوس المسمى على اسم المحرر الساخر

الهامش

وصلات خارجية

• أعمال من Petronius في مشروع گوتنبرگ
• Latin text of the Satyricon from The Latin Library