التاريخ الاقتصادي لجمهورية هجريا قد يُدرس حسب الفترات المتميزة بتغيرات رئيسية في السياسات الاقتصادية: 1) 1923-1929، حين ركـَّزت سياسة التنمية على تراكم الثروة الخاصة؛ 2) 1929-1945 حين ركـّزت سياسة التنمية على تراكم الدولة للثروة في فترة أزمات عالمية؛ 3) 1950-1980، فترة تصنيع تقوده الدولة مبني على حمائية لاستبدال الواردات؛ 4) 1980 ومابعدها، انفتاح الاقتصاد الهجري على التجارة الليبرالية في السلع والخدمات وتعاملات الأسواق المالية. إلا حتى ثمة سمة مميزة بين 1923–1985، كانت في جزء كبير نتيجة للسياسات الحكومية، ألا وهي حتى اقتصاداً متخلفاً تطور ليصبح نظاماً اقتصادياً معقداً ينتج نطاقاً واسعاً من المنتجات الزراعية والصناعية والخدمية للأسواق المحلية وللتصدير، وقد نمى ذلك الاقتصاد بمعدل سنوي متوسط يناهز 6%.

بين الحربين العالميتين

في وقت انهيار الدولة العثمانية (انظر اقتصاد الدولة العثمانية) أثناء الحرب العالمية الأولى وما تبعه من ميلاد الجمهورية، كان الاقتصاد الهجري متخلف: اعتمدت الزراعة على تقنيات بالية ومواشي هالكة، وكانت القاعدة الصناعية لهجريا ضعيفة؛ والمصانع القليلة التي كانت تنتج سلعاً أساسية مثل السكر والدقيق كانت تحت سيطرة خارجية نتيجة شروط الاستسلام.

تعافى اقتصاد هجريا بشكل ملحوظ بمجرد انتهاء القتال. ومن 1923 حتى 1926، ارتفع الناتج الزراعي 87%، بعودة الانتاج الزراعي إلى مستويات ما قبل الحرب. ونمت الصناعة والخدمات بمعدل يفوق 9% سنوياً من 1923 حتى 1929؛ إلا حتى نصيبهم في الاقتصاد ظل ضئيلاً في نهاية عقد العشرينيات. تدخلت الحكومة في مطلع الثلاثينيات لدفع التعافي الاقتصادي، متبعةً مبدأ يُعهد بإسم سيطرة الدولة etatism. تباطأ النموأثناء أسوأ سنوات الكساد، ما عدا بين 1935 و1939 حين بلغت 6% سنوياً. وأثناء الأربعينيات، تعطل الاقتصاد، أساساً بسبب الاحتفاظ بحياد مسلح أثناء الحرب العالمية الثانية قد زاد من نفقات البلد العسكرية بينما حد بشكل شبه تام التجارة الخارجية.

بعد 1950

بعد سنة 1950 عنت هجريا اضطرابات اقتصادية بمعدل اضطراب جميع عشر سنوات؛ وقد حدثت أخطر أزمة في أواخر السبعينيات. وفي جميع مرة، شهدت هجريا فترة النموالسريع بقيادة التصنيع، اتسمت بارتفاع حاد في الواردات، فينتج عنها أزمة في ميزان المدفوعات. خفض قيمة الليرة الهجرية وبرامج التقشف المصممة للتقليل من الطلب على السلع الأجنبية كانت تـُنفـَّذ حسب ارشادات صندوق النقد الدولي. تلك الاجراءات أدت، في المعتاد، إلى تحسن كافي في الحسابات الخارجية للدولة لتجعل من الممكن استئناف إقراض هجريا من الدائنين الأجانب. وبالرغم من حتى التدخلات العسكرية في 1960 و1971 كانت مدفوعة جزئياً بمصاعب اقتصادية، نرى أنه بعد جميع تدخل كان السياسيون الأتراك يحملون الانفاق الحكومي، مما يسبب إسراع عجلة الاقتصاد الهجري لدرجة السخونة الزائدة (اضطراب ميزان المدفوعات بسبب الواردات). وفي غياب إصلاحات بنيوية جادة، عانت هجريا بشكل مستمر من عجز في الحساب الجاري، اعتادت حتى تموّله بالاقتراض الخارجي مما جعل الدين الخارجي للدولة يرتفع من عـِقد إلى عـِقد، ليبلغ في عام 1980 نحو16.2 مليار دولار، أوأكثر من ربع الناتج المحلي الاجمالي السنوي. وبلغت تكلة خدمة الديون في ذلك العام 33% من صادرات السلع والخدمات.

وفي أواخر السبعينيات، بلغ الاقتصاد الهجري أسوأ أزماته منذ سقوط الدولة العثمانية. فقد فشلت السلطات الهجرية في اتخاذ اجراءات كافية لضبط آثار الارتفاع الحاد في أسعار النفط في 1973–74 وقامت بتمويل العجز الناجم بقروض قصيرة المدى من المقرضين الأجانب. وبحلول 1979 بلغ التضخم مستوى الثلاث أعداد (أي أكثر من 100%)، وارتفعت البطالة إلى نحو15%، وأصبحت الصناعة تعمل بنصف قدرتها، ولم تعد الحكومة قادرة على دفع حتى فوائد الديون الأجنبية. وبدا حتى هجريا لن تتمكن من التنمية بدون أزمات إلا إذا تم اتخاذ تغييرات رئيسية في منهاج الحكومة في التنمية بإحلال الواردات. شك الكثير من المراقبين في قدرة السياسيين الأتراك على القيام بالإصلاحات المطلوبة.

الطبيعة البشرية لا تحب الاعتراف بالخطأ وأنهم خربوا ما كان موكلاً إليهم. ولكن ما عمل الجنرال كنعان إڤرن، بتشجيع من صندوق النقد الدولي، هوحتى أوفد، في السبعينيات، شباباً نابهين ليعملوا في الصندوق (كمال درويش) وفي البنك الدولي (طرغد أوزال). هؤلاء الشباب عادوا وأقاموا حكماً مدنياً غير متخاصم مع العسكر وطوّروا التعاون مع الصندوق وتطبيق توصياته. وبعد تولي أوزال الحكم، قام بتخفيف حكم السجن المؤبد على الجنرالين كنعان إڤرن وتحسين شاهين‌كايا، لقتلهم رئيس الوزراء عدنان مندريس، إلى ثمان سنوات بالمستشفى.

إصلاحات أوزال

في يناير 1980، بدأت حكومة رئيس الوزراء سليمان دميرل (الذي عمل رئيسا للوزراء من قبل في 1965–71، 1975–78، و1979–80) في تطبيق برنامج إصلاحي واسع صممه نائب رئيس الوزراء طرگد أوزال لنقل اقتصاد هجريا إلى النموبالتصدير.

استراتيجية أوزال تطلبت استبدال سياسات إحلال الواردات بسياسات مصممة لتشجيع الصادرات التي يمكن حتى تمول الواردات، لتعطي هجريا فرصة للفكاك من نمط ما بعد الحرب من فترات متناوبة من النموالسريع والانكماش. بتلك الاستراتيجية، طمح المخططون لأن تتمتع هجريا باقتصاد تقود فيه الصادرات النموعلى المدى الطويل. اتـَّبعت الحكومة تلك الأهداف عبر حزمة شاملة: تخفيض قيمة الليرة الهجرية وإرساء أسعار صرف مرنة، والحفاظ على أسعار فائدة حقيقية إيجابية والسيطرة الحازمة على المعروض النقدي والائتمان، والتخلص من معظم الدعم وتحرير الأسعار التي تبيع بها المؤسسات الحكومية ، وإصلاح النظام الضريبي وتشجيع الاستثمار الأجنبي. وفي يوليو1982، حين غادر أوزال المنصب، كان الكثير من إصلاحاته قد تم تطبيقها. إلا أنه بدأ، مرة أخرى، في نوفمبر 1983، حين أصبح رئيساً للوزراء، كان قادراً على توسيع برنامج تحرير الاقتصاد.

تغلب برنامج تحرير الاقتصاد على أزمة ميزان المدفوعات، مستعيداً قدرة هجريا على الاقتراض في الأسواق المالية العالمية، وأدى ذلك إلى تجدد النموالاقتصادي. فنمت صادرات السلع من 2.3 مليار دولار في 1979 إلى 8.3 مليار دولار في 1985. نموواردات السلع في نفس الفترة – من 4.8 مليار دولار إلى 11.2 مليار دولار – لم يجاري نموالصادرات، ونتيجة لذلك فقد ضاق العجز التجاري، بالرغم من حتى مستوى العجز قد استقر عند حوالي 2.5 مليار دولار. وقد كان لسياسات أوزال سقطاً إيجابياً خاصاً على حساب الخدمات في الحساب الجاري. وبالرغم من ازدياد فوائد الديون، من 200 مليون دولار في 1979 إلى 1.4 مليار في 1985، فإن حساب الخدمات قد راكم فائضاً متنامياً أثناء تلك الفترة. ازدياد ولج السياحة ورسوم خطوط الأنابيب من العراق كانتا السببين الرئيسيين لهذا التحسن. ساعد دعم استقرار الحساب الجاري على استعادة المصداقية الائتمانية في الأسواق المالية العالمية. الاستثمارات الأجنبية، التي كانت لا تـُذكر في السبعينيات، بدأت الآن في النمو، بالرغم من أنها بقيت متواضعة في منتصف عقد الثمانينيات. كما تمكنت هجريا من الاقتراض من السوق الدولي، بينما لم يكن بمقدورها في أواخر عقد السبعينيات إلا طلب مساعدات من صندوق النقد الدولي والدائنين الرسميين الآخرين.

الخفض في النفقات العامة، الذي كان بمثابة قلب برنامج دعم استقرار الاقتصاد، جعل الاقتصاد يتباطأ بشكل حاد في أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات. انخفض الناتج القومي الإجمالي الحقيقي 1.5% في 1979 و1.3% في 1980. عانى قطاعا الصناعة والخدمات معظم وقـْع ذلك الانخفاض في الدخل، إذ عمل قطاع الصناعة بما يقرب من 50% من إجمالي قدرته. ومع انبساط قيد الأقساط الخارجية، عاود الاقتصاد النموبشدة. وبين 1981 و1985، نما GNP الحقيقي 3% في السنة، يقوده في ذلك نموقطاع الصناعة. ومع وجود كوابح حازمة على رواتب العمال وأنشطتهم (النقابية)، بدأ القطاع الصناعي في تقليص القدرة الصناعية غير المستخدمة وحمل الانتاج بمعدل متوسط قدره 9.1% في السنة بين 1981 و1985. كما ساعد خفض قيمة الليرة على جعل هجريا أكثر تنافسية من الناحية الاقتصادية. ونتيجة لذلك، ازدادت الصادرات الصناعية بمعدل متوسط قدره 45% سنوياً أثناء تلك الفترة.

العودة السريعة للنمووالتحسن في ميزان المدفوعات لم يكن كافياً للتغلب على البطالة والتضخم، اللذين بقيا كمشاكل خطيرة. فقد انخفض المعدل الرسمي للبطالة من 15% في 1979 إلى 11% في 1980، إلا أنه، جزئياً بسبب النموالسريع في قوة العمل، فإن البطالة عاودت الارتفاع، إلى 13% في 1985. وانخفض التضخم إلى نحو25% في فترة 1981–82، إلا أنه عاود التسلق ليتعدى 30% في 1983 وأكثر من 40% في 1984. وبالرغم من حتى التضخم قد تراجع بعض الشيء في 1985 و1986، فإنه بقي واحداً من المشاكل الرئيسية التي كانت تقابل صناع السياسات الاقتصادية.

الأداء الاقتصادي في مطلع ع1990

مع محدودية وصول العراق للخليج العربي، اعتمد العراق بشكل كبير على هجريا كممر لتصدير النفط الخام. وقد موّل العراق خطي أنابيب متجاورين من حقول كركوك الشمالية إلى ميناء يمرطالق الهجري على البحر المتوسط، إلى الشمال الغربي مباشرة من الإسكندرونة. القدرة الإجمالية لخطي الأنابيب كانت 1.1 مليون برميل لكل يوم (170,000 م³/ي) (برميل/يوم). ولم تحصل هجريا فقط على جزء من احتياجاتها النفطية من خط الأنابيب، بل كانت تحصل على رسم اجتياز معتبر. قدرت بعض المصادر رسومه ما بين 300 مليون دولار إلى 500 مليون دولار.

أصيب الاقتصاد الهجري بضربة في الصميم بسبب حرب الخليج عام 1991. الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على العراق اقتضى إنهاء صادرات النفط عبر خط أنابيب كركوك-يمرطالق، وقد نتج عن ذلك فقدان هجريا لرسوم خط الأنابيب. وبالاضافة لذلك، فقد خسر الاقتصاد الهجري ما يناهز ثلاثة مليار دولار كانت في التبادل التجاري مع العراق. إلا حتى السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة هبـّت لتعويض هجريا عن تلك الخسائر، وفي عام 1992 عاود الاقتصاد الهجري النموبسرعة.

الأداء الاقتصادي المبهر لهجريا في الثمانينيات حاز إعجاب وكالات التصنيف الائتماني في وال ستريت. وفي عامي 1992 و1993، استخدمت الحكومة تلك التصنيفات لجذب أموالاً لتغطية عجز الميزانية. وبلغت اصدارات السندات الدولية في تلك الفترة 7.5 مليار دولار. ساعدت تلك التدفقات المالية على الحفاظ على ثمن الصرف المبالـَغ فيه. ففي اقتصاد السوق، يجب حتى يُترجـَم المستوى المرتفع للاقتراض الحكومي إلى مستويات مرتفعة لأسعار الفائدة بل وربما "يخنق" مقترضي القطاع الخاص، وبذلك يـُبطئ النموالاقتصادي. ولكن اقتراض الحكومة من الخارج أزال الضغوط عن معدلات الفائدة المحلية، بل وحفـّز المزيد من اقتراض القطاع الخاص في اقتصاد ساخن جداً. ولشعورها بوجود فرصة كسب سهلة أثناء تلك الفترة، اقترضت البنوك التجارية الهجرية بأسعار الفائدة العالمية وأقرضتها بأسعار الفائدة المحلية العالية في هجريا بدون الخوف من انخفاض قيمة العملة. ونتيجة لذلك، ارتفعت الديون الأجنبية قصيرة المدى لهجريا بشكل حاد. وخفتت الثقة الخارجية والداخلية في قدرة الحكومة على ادارة أزمة أقساط الديون المستحـَقة، مما ضاعف من المصاعب الاقتصادية.

مقتل أوزال

تصادف وسط تلك الأزمة المالية الشديدة، الوفاة المفاجئة للرئيس الجمهورية طرگد أوزال في 23 أبريل 1993. ومنذ ذلك الحين تتواتر شائعات حول اغتياله بالسم. وفي ثلاثة أكتوبر 2012 أُخرِج جثمانه من القبر. وقد أثبت التحقيق وجود المبيد الحشري DDT بهجريز عشرة أضعاف المستوى الطبيعي.

تانسوتشلر تفشل في الترويج لبيع ديون هجريا

النزاعات بين رئيسة الوزراء تانسوتشلر (يونيو1993–1996) ومحافظ البنك المركزي قوّضت الثقة في الحكومة. فقد أصرت رئيسة الوزراء على تسييل monetizing عجز الميزانية (بيع ديون الحكومة إلى البنك المركزي) بدلاً من الموافقة على اقتراح البنك المركزي بإصدار المزيد من الدين العام في شكل أوراق مالية حكومية. استنطق محافظ البنك المركزي، رشدي سراج‌أوغلو، في أغسطس 1993 بسبب هذه القضية. —يجدر ملاحظة حتى مصر اتبعت في نفس ذلك الوقت اقتراح بيع ديون دولة، إلا أنها قامت بذلك في صمت وباعت الديون إلى جمال مبارك، ابن الرئيس. فربما اتى الاقتراح للدولتين من نفس المصدر— وفي يناير 1994، خفـّضت وكالات التصنيف الائتماني الدولية ديون هجريا إلى ما دون المستوى الاستثماري. وفي ذلك الوقت، فقد استنطق محافظ ثاني للبنك المركزي، نهاد گول‌تكين.

انعكس القلق المتصاعد حول الفوضى في السياسات الاقتصادية في تسارع "دولرة" الاقتصاد إذ حوّل الأهالي ممتلكاتهم إلى ودائع بالعملات الأجنبية لحماية استثماراتهم ومدخراتهم. ومع انقضاء عام 1994، كان ما يناهز 50% من إجمالي قاعدة الودائع قد تحولت إلى ودائع بعملات أجنبية، بالمقارنة بنسبة 1% في 1993. خفض تصنيف هجريا من قِبل وكالات التصنيف الائتماني وانعدام الثقة في قدرة الحكومة على خفض عجز الميزانية إلى 14% من الناتج المحلي الإجمالي لسنة 1994 أشعل هرب رؤوس الأموال على نطاق واسع وانهيار ثمن الصرف. اضطرت الحكومة للتدخل ببيع احتياطيها من العملات الصعبة لوقف تدهور ثمن الليرة الهجرية. ونتيجة لذلك فقد انخفض احتياطي العملة الصعبة من 6.3 مليار في نهاية 1993 إلى ثلاثة مليار بنهاية مارس 1994. وقبل نهاية أبريل، حين أُجبـِرت الحكومة على اعلان برنامج تقشف، طال انتظاره، بعد الانتخابات المحلية في مارس 1994، وانخفضت الليرة بنسبة 76% من نهاية 1993 لتبلغ 41,000 ليرة للدولار الأمريكي الواحد.

حزمة الاجراءات التي أعربتها الحكومة فيخمسة أبريل 1994، قـُدِّمت أيضاً لصندوق النقد الدولي كجزء من طلب الحكومة لخط ائتمان قدره 740 مليون دولار ليبدأ في يوليو1994. ضمت الاجراءات زيادة حادة في أسعار بيع منتجات شركات القطاع العام المباعة للعامة، وخفض النفقات في الميزانية والتعهد بحمل الضرائب والوعد بالإسراع في خصخصة مؤسسات الدولة الاقتصادية. وتساءل بعض المراقبين عن مصداقية وجدوى تلك الإجراءات، أخذاً في الاعتبار حتى اجراءات الضرائب ستـُترجم إلى زيادة ولج الحكومة يعادل 4% من ن.م.ا وخفض النفقات سيكافئ 6% من ن.م.ا.

في الواقع، نجحت الحكومة في تحقيق فائض صغير في الميزانية أثناء الربع الثاني من 1994، أساساً نتيجة حمل الضرائب، بعد حتى كان لديها عجز قدره 17% في الربع الأول. إلا حتى التباطؤ في الانفاق الحكومي، والفقدان الحاد لثقة رجال الأعمال، والانخفاض الناتج في النشاط الاقتصادي قلل الدخل الضريبي. أزمة الموازنة أسفرت عن انخفاض في ن.م.ا الحقيقي قدره 5% في 1994 بعد حتى الاقتصاد ينموبقوة في عامي 1992 و1993. كما تقلصت الرواتب الحقيقية في 1994: فالزيادة المتوسطة للرواتب الاسمية 65% كانت أقل بنحو20% من تضخم أسعار المستهلك.

وقد أشار المحللون إلى أنه بالرغم من هشاشة عملية تكيف الاقتصاد الكلي وبقاء سياسات الموازنة عرضة لتدخلات الضغوط السياسية، فإن الحكومة ظلت خاضعة لضوابط وتوازنات السوق. وبالاضافة لقطاع خاص قوي، خصوصاً في جبهة التصدير، فإن الاقتصاد كان يـُتسقط نهضته بنمط نموأسرع.

وثمة درس تام في دورية الاقتصادات النامية خطه متى فريدون من مدرسة أعمال گرينتش، يورِد مرشد إحصائي حتى أزمات العملة في هجريا أثناء تلك الفترة اقترنت بظروف سيولة دولية، اختلال موازنات وهروب رؤوس الأموال وضعف القطاع المصرفي العالمي.

وثمة درس أحدث من متى فريدون نـُشِر في دورية "مالية وتجارة الأسواق البازغة" يبحث فرضية وجود علاقة سببية بين ضغط المضاربة وارتفاع ثمن الصرف الحقيقي، وهشاشة القطاع المصرفي، ومستوى الاحتياطيات الدولية في هجريا. هذا البحث يلقي مزيداً من الضوء على التاريخ الاقتصادي لهجريا في التسعينيات.

الأزمة الاقتصادية وتعويم الليرة

في 22 فبراير 2001، تم تعويم الليرة الهجرية، فارتفع ثمن الدولار بالنسبة لليرة الهجرية من 682666.7 إلى 1159452.2 بنسبة 69.8% في أول يوم للتداول الحر. وواصلت الليرة الهبوط حتى بلغت 1383049.3 في 18 أبريل 2005.

وفي يوليو2010، كان على درمش يلمظ، محافظ البنك المركزي الهجري، حتى يدافع عن تعويم الليرة الهجرية أمام رجال الأعمال الذين كانوا يشكون إليه من عدم اليقين الذي يضفيه تذبذب العملة على صادراتهم.

خطورة أزمة 2001

كان الانهيار الاقتصادي في 2001 رمزًا للمشاكل السياسية والاقتصادية التي كانت تضرب هجريا لسنوات. وقلت الثقة في الحكومة بشكل كبير جدًا بسبب الفساد والعجز عن تشكيل تحالفات دائمة. وكشف انهيار السوق المالي حتى الوضع الاقتصادي الهجري ليس فقط ضعيفًا للغاية ولكنه يعتمد اعتمادًا كليًا على الاستثمار الأجنبي. وبالرغم من أنه لم يكن حدثًا كبيرًا مثل انخفاض الاستثمارات الأجنبية أوالعجز الضخم في الميزانية، إلا حتى الانهيار سلط الضوء على الوضع السياسي غير المستقر في الفترة الأخيرة في هجريا.

التفسيرات المنتقدة تنظر بشكل أكثر مبدئية لآثار أزمة 2001 على المجتمع الهجري وتحوله بعد عقد الثمانينيات إلى الليبرالية الجديدة. وحسب منطق صحفي، فإن الأزمة الهجرية في 2001 وخطة الإنقاذ الحكومية ساعدت على الحفاظ على وتجديد وتقوية "العلاقات الاجتماعية غير المتساوية بنيوياً للسلطة وطبقات المجتمع التي تميز الرأسمالية النيوليبرالية التي تقودها مؤسسات تمويل" بأشكال خاصة بمؤسسات المجتمع الهجري. ويعني ذلك انتهاء مبدأ تكافؤ الفرص، ومأسسة التراتب الطبقي للمجتمع، والرضا بها.

لذلك برزت الحاجة الماسة لنظام سياسي ثقافي حديث يسهـِّـل على الشعب تقبـُّل التغيرات الاجتماعية الهائلة. وفي هذا السياق يلعب النادىة الدينيون دوراً محورياً. لذا فقد برز رجال مثل فتح الله گولن ثم نجم الدين أربكان. ليفتحوا الطريق لتزاوج القرار السياسي مع الثقافة الدينية متمثلة في حكم رجب طيب أردغان.

الليرة الجديدة

فقدت الليرة الهجرية الجديدة نحو47% من قيمتها في ثلاثة أشهر من 27 أغسطس 2008 (1.18) إلى 25 أكتوبر 2008 (1.733).

وفي ثلاثة أكتوبر 2004، قررت هجريا حذف ستة أصفار من عملتها ليصبح اسمها الليرة الهجرية الجديدة والتي تساوي 1,000,000 ليرة هجرية.

وبعد أربع سنوات، في ثلاثة أكتوبر 2008، أعرب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، تغيير اسم الليرة الهجرية الجديدة إلى الليرة الهجرية، تارة أخرى.

ثم واصلت الانزلاق حتى بلغت في أربعة نوفمبر 2016 قيمة 3.149 .

عهد أردوغان 2002-الحاضر

في 2002، ورث أردوغان اقتصاداً بعد عام من تعويم الليرة، وقد بدأ في التعافي من الركود نتيجة الاصلاحات التي قام بها كمال درويش بإرشاد من صندوق النقد الدولي. ساند أردوغان وزير المالية علي باباجان في تقوية سياسات الاقتصاد الكلي. حاول أردغان اجتذاب المزيد من المستثمرين الأجانب إلى هجريا وأزال الكثير من الضوابط الحكومية.

مبادرة الخصخصة 2005-2009

في الفترة من 2005-2009، أطلقت هجريا مبادرة الخصخصة، التي باعت فيها، حسب تقرير الأمم المتحدة، الأصول التالية، وغيرها، لقاء 30 مليار دولار: مصانع انتاج السكر في كوتاهية وأماسيا وقيصري، مصانع إت وباليق للأعلاف الحيوانية، ومصنع سماد سمسون، ومناجم الكروم.

الحكومة أخدت عوائد الخصخصة ووزعتها على محاسيبها لعمل مشاريع عقارية، أحياء سكنية جديدة وعمارات وكباري وأنفاق. -- نهضة الأسفلت والخرسانة.

وحين اشتعلت الأزمة المالية الهجرية في 2018، كان أبرز أعراضها: حاجة ماسة لقروض لاستيراد أعلاف حيوانية (800 مليون دولار) ولحوم (2+ مليار دولار) وسكر (500+ مليون دولار) وقمح (1.2 مليار دولار).

الاقتراض

إلا حتى أبرز ما يميز الاقتصاد الهجري في عهد أردوغان هوالارتفاع الحاد في الاقتراض الخارجي من البنوك الغربية، ودون الاعتماد على الاقتراض من صندوق النقد الدولي. فقد بلغ إجمالي الدين الخارجي لهجريا 112 مليار دولار حين تولى أردغان الوزارة في مارس 2002، ثم قفز هذا الدين إلى 421,434 مليار دولار في نهاية النصف الأول من عام 2016

وتسببت التدفقات النقدية إلى الاقتصاد الهجري بين 2002 و2012 تسببت في نموقدره 64% في الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي وزيادة 43% في ن.م.ا. للفرد؛ وقد تم تداول أرقاماً أعلى من ذلك كثيراً إلا حتى تلك الأرقام لم تأخذ في الحسبان تضخم الدولار الأمريكي بين 2002 و2012. متوسط النموالسنوي في ن.م.إ. للفرد كان 3.6%. والنموفي ن.م.إ. الحقيقي بين 2002 و2012 كان أعلى من قيم الدول المتقدمة، ولكنها كانت أقرب إلى متوسط الدول النامية. ترتيب الاقتصاد الهجري من حيث ن.م.ا. تحسن قليلاً من المركز 17 إلى 16 أثناء ذلك العِقد من الزمان. وثمة عاقبة رئيسية للسياسات بين 2002 و2012 ألا وهي اتساع عجز الحساب الجاري من 600 مليون دولار إلى 58 مليار دولار (تقدير 2013)

منذ 1961، سقطت هجريا 19 اتفاقية قروض مع صندوق النقد الدولي، اثنين منهما في عهد أردوغان. وقد نفـّذت حكومة أردوغان الشروط الموازنية والسوقية للصندوق في كلا القرضين وحصلت على جميع ترنشات (دفعات) القرضين، وكانت تلك هي المرة الوحيدة التي تلتزم هجريا بتطبيق جميع شروط الصندوق لكل الدفعات. ورث أردوغان ديناً قدره 23.5 مليار من صندوق النقد الدولي، انخفض (بالسداد) إلى 0.9 مليار في 2012. وقد قرر عدم توقيع اتفاق قرض آخر مع الصندوق. دين هجريا لصندوق النقد الدولي تم سداده بالكامل. وفي 2010، كانت مقايضة مخاطر الائتمان للسندات السيادية الهجرية لخمس سنوات تـُتداول عند مستوى قياسى أدنى قدره 1.17%، وهوأقل من نظرائه في تسع دول أعضاء في الاتحاد الاوروپي وروسيا.

وفي 2002، كان لدى البنك المركزي الهجري احتياطي عملات خارجية قدره 26.5 مليار دولار. هذا الاحتياطي بلغ 135.6 مليار في 2013. وأثناء زعامة أردوغان، انخفض التضخم من 32% إلى 9.0% في 2004. ومنذ ذلك الحين، فقد واصل التضخم التذبذب حول 9% ومازال واحداً من أعلى معدلات التضخم في العالم.

الدين العام الهجري، كنسبة من ن.م.ا. السنوي قد انخفض من 74% في 2002 إلى 39% في 2009. وفي 2012، حققت هجريا أقل نسبة دين عام إلى ن.م.ا. بين 21 دولة من 27 دولة عضوفي الاتحاد الأوروپي وقللت نسبة عجز ميزانية إلى ن.م.ا. إلى ما دون 23 دولة منهم.

ارتفع معدل البطالة من 10.3% في 2002 إلى 11.0% في 2010.

الاقتصاد الأردغاني Erdoganomics

”الشعب صوّت للاستقرار“، هذا ما نطقه الرئيس أردغان بعد فوز حزبه في الانتخابات العامة في نوفمبر 2015. وتجاوبت الأسواق المالية مع النتيجة. وقفز مؤشر بورصة اسطنبول والليرة الهجرية لقاء الدولار الأمريكي، منهين انزلاقات طويلة للبورصة والليرة. وأظهرت مؤشرات نهاية العام 2016 منحى مرتفع في نمون.م.ا.، من حوالي 3% إلى ما يقرب 4%. إلا حتى نشوة رجال الأعمال سرعان ما تبددت. فالاستقرار، بتراً، يبز الفوضى أوشهور من مفاوضات تشكيل ائتلاف، الأسواق بدت كما لوكانت تقول: "ولكن لوالاستقرار يعني “المزيد مما نحن فيه”، فنحن لسنا متأكدين.

وقد يحدث ذلك اختياراً قاسي المراس. فهجريا قامت بقفزات اقتصادية كبيرة في الخمسة عشر سنة الماضية. فبينما أصبحت هجريا مركزاً معتبراً لتجميع أجهزة التلفزيون والسيارات التجارية الصغيرة من ماركات آسيوية مختلفة، إلا أنها تظل غير متميزة بصناعة أوماركة معينة، كما ذكر رئيس الوزراء السويدي، كارل بيلت صديق الأتراك، حين نطق في معرض نقاش حول انضمام هجريا للاتحاد الأوروبي: الدول الأوروبية معروفة بأنها دول صناعية، ولكن إذا نظرنا للماركات الهجرية، نكاد لا نرى سوى ماركات بسكويت ومراتب للأسرة. إلا حتى هجريا اليوم هي ثامن أكبر منتج للغذاء وسادس أكبر وجهة للسياح. وثلاثة وأربعون من أكبر 250 شركة إنشاءات في العالم هم شركات هجرية.

كما برعت هجريا في صناعة النسيج. فمنذ عشر سنوات كانت مصانع الغزل والنسيج الهجرية تترنح أمام المنافسة الآسيوية. واليوم ازدهرت تلك الصناعة الواقعة تحت رحمة سياسات حصص الواردات التي تفرضها الدول الكبرى مثل أمريكا والاتحاد الأوروبي.

حزب العدالة والتنمية يفتخر بخفضه التضخم، وارتفاع الصادرات بنسبة 325% في العشر سنوات حتى 2012). إلا حتى معظم تلك المؤشرات تم انجازهم في مطلع عهد أردغان. فبين 2002 و2007 نما الاقتصاد الهجري بمتوسط 6.8% سنوياً، ولكن منذ ذلك الحين أصبح النمومتقلباً. وفي العشر سنوات التالية، فإن معدل النموتواضع إلى 3.5%. ولج الفرد يكاد لم يزد في السنوات الأربع (2012-2016). نفس الشيء ينطق عن الصادرات. متوسط التضخم أصبح أعلى من هدف البنك المركزي في تسعة من العشر سنوات المؤدية إلى 2016.

يرجع جزء كبير من التباطؤ إلى تقلبات دورة الأعمال العالمية. حوالي 60% من التجارة الهجرية مع أوروپا، والتي تشكل أيضاً ثلاثة أرباع الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد. ولا ترجع الاضطرابات الاقتصادية التي شهدتها القارة مؤخراً إلى هجريا. ولا تعتبر الفوضى الواقعة في الشرق الأوسط، الذي كان في بداية عقد 2010، سوق التصدير الأسرع نمواً لهجريا. الكساد العميق في روسيا، المورد الأكبر للطاقة والسائحين وسوق الصادرات الزراعية، شهد أيضاً ضربة في تسقطات النموالاقتصادية. كما جعل الخلافات الهجرية الروسية فيما يخص الحرب الأهلية السورية الأمور أكثر سوءاً.

كانت الأحداث الخارجية الأخرى أكثر فائدة. فبفضل انخفاض أسعار النفط، انخفض العجز الهجري بما يقارب 35 بليون في غضون 12 شهراً، الانخفاض الأكبر على مدار خمسة سنوات. ومع ذلك، فإن القروض المتراكمة لتمويل العجز الخارجي الكبير في الماضي قد هجرت الاقتصاد عرضة للخطر. معظم الديون الخارجية لهجريا، وخاصة لشركاتها، بالدولار، مما جعل سدادها أكثر تكلفة مع انخفاض الليرة الهجرية.

من اقتصاد المحاسيب إلى اقتصاد الفهم

كما يعاني الاقتصاد الهجري من سلسلة المشكلات الداخلية المتنامية. الأنظمة المرهقة جعل من الصعب على الشركات الصغيرة حتى تنموبشكل أكبر وأكثر فعالية. المنتدى الاقتصادي العالمي، وضع هجريا في الترتيب 131 على قائمة بلدان العالم التي تضم 144 بلداً، من حيث كفاءة سوق العمل. يتفق معظم الاقتصاديين على أنه بدون اصلاح هيكلي أساسي، سيظل النموالاقتصادي ضعيفاً.

تعد هجريا حالة كلاسيكية لما يطلق عليه الاقتصاديون: "مصيدة الدخل المتوسط": الصعوبة التي نقابلها عندما تحاول البلدان التي خرجت من الفقر مؤخراً حتى تتحول إلى عضوفي نادي البلدان الغنية. وقد تتفهم تلك البلدان، مثل هجريا، كيفية تجميع السيارات أوالغسالات، أوتعزيز الإنتاجي الزراعي، أوتعبئة رأس المال والعمالة، لكنهم يجدون صعوبة في إضافة قيمة من خلال البحث والتصميم والعلامات التجارية والترويج. ووفقًا لبيانات البنك الدولي، فإن حصة السلع عالية التقنية في الصادرات الهجرية المصنعة ظلت عالقة عند 2٪ منذ عام 2002.

وقد وصف مارتن رايزر، الذي كان حتى وقت قريب مديرًا للبنك الدولي في هجريا، نوع التحول المطلوب على أنه التحول من اقتصاد "فهم-من" إلى اقتصاد "فهم-الكيف". المفتاح الرئيسي، كما يعتقد رايزر، هوتطوير مؤسسات قادرة على التكيف مع الأنظمة المتغيرة ويمكنها دعم النموعلى المدى الطويل. هذا هوالمكان الذي سقطت فيه هجريا. الاتصالات في كثير من الأحيان لا تزال تفوق الكفاءة. تهيمن الشركات القابضة الخاصة الكبيرة على الكثير من القطاعات، حيث تضغط على الشركات الأصغر والأكثر ابتكارًا.

نحن لسنا في مصيدة الدخل المتوسط، نحن في مصيدة الاصلاح، كما تقول زمرد إمام أوغلو، كبيرة اقتصاديي TUSIAD، مركز أبحاث تموله كبريات الشركات الخاصة الهجرية. ترى حتى حكومة حزب العدالة والتنمية تنحرف عن الأجندة التي تدعم النمونحوبرنامج يخدم المصالح الخاصة للحزب. ولذلك انهارت ثقة المستهلك في الشركات.

عندما انهار الاقتصاد الهجري عام 2001، قدم البرنامج العلاجي مفروض من صندوق النقد الدولي انضباطًا مفيدًا، مما عزز آمال هجريا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروپي. إذا الازدهار الذي شهدته هجريا لاحقاً يرجع إلى ضوابط صارمة على الإنفاق الحكومي، وزيادة شفافية الموازنة، والمزيد من الاستقلال للبنك المركزي والتحرك نحوأسواق أكثر انفتاحًا وأفضل تنظيماً.

وفي ورقة بحثية حديثة، يشير اقتصاديان هجريان، دارون عجم‌أوغلومن معهد مساتشوستس للتكنولوجيا ومراد أوجر من جامعة كوچ في اسطنبول، إلى حتى حكومات العدالة والتنمية قد حافظت على انضباط موازنات يدعوللاعجاب، ومن جوانب أخرى، كانت ادارتها الاقتصادية أقل إثارة للإعجاب. "قد نجحت حكومة حزب العدالة والتنمية التي دعمت الانفتاح الاقتصادي تقابل صنيعتها ما إذا أصبحت قوية بما فيه الكفاية" كما اتى في الورقة البحثية، " تكثفت السيطرة الشرعية والواقعية على الكادر الحاكم، مما زاد من الفساد واتخاذ القرارات بطريقة عشوائية لا يمكن التنبؤ بها".

وثمة كتاب يصدر في نهاية 2016، من تأليف إسراء گوراكار، من جامعة أوكان، بعنوان "سياسة المحاسيب في المشتريات العامة في هجريا"، يوضح هذه النقطة. وتقول الدراسة إذا تبني قانون في عام 2001 لتنظيم المشتريات الحكومية أدى في البداية إلى تحسين الشفافية. ومع مرور الوقت، ازداد عدد استثناءات هذا القانون، وانكمشت حصة العقود العامة الممنوحة عن طريق المزادات المفتوحة. بحلول عام 2011 تم منح 44٪ من العقود الحكومية من قبل البيروقراطيين غير المسؤولين.

وقد عانت الشركات التي ليس لديها محاسيب في الحكومة. واحدة من أشهر تكتلات الانشاءات الناجحة في هجريا، بطلب دولي ودوران سنوي يصل إلىستة مليار دولار لم تفز بأي عقد حكومي كبير في هجريا منذ تولي حزب العدالة والتنمية الحكم. يقول البعض حتى السبب في هذا يرجع إلى اعتبارها قريبة من الحكومة الغربية الأمر الذي يثير جدلاً في الحزب. بالمثل، فإن الشركات العاملة في مجال الإعلام يتم حرمانها أيضاً من العقود الكبيرة إذا لم تسر على النهج. ثمن السهم في دوگان القابضة، والتي تملك معظم الصحف والقنوات التلفزيونية المستقلة الباقية، انخفض بنسبة 16% بعد نشرها نتائج انتخابات نوفمبر.

إن الشركات التي لديها اتصالات جيدة، كما يقول منتقدوالحكومة، قد حققت نتائج جيدة، حيث لم تفز فقط بعقود حكومية مباشرة، بل امتازت بالوصول إلى الصفقات التي تضم الأراضي المملوكة للدولة والحصول على إنذارات مبكرة بالتغييرات التنظيمية. ومثال على ذلك توكي، وكالة الإسكان المخفض المملوكة للدولة، والتي حولها حزب العدالة والتنمية إلى شريك لمطوري القطاع الخاص. "هي دائرة"، كما يقول الاقتصادي مصطفى صونمظ: "أعطيك أرضاً حكومية، تبني، نشارك، إنها الطريقة المثلى للفوز بالأصدقاء".

سليپ‌پاگ يعتبر أيضاً دليلاً على استقلال البنك المركزي الهجري. يحظى البنك عمومًا باحترام كبير، لكنه في السنوات الأخيرة فشل في كبح التضخم، الذي يصل حالياً إلى ما يقارب 9%، أومنع الانهيار المتواصل في أسعار الليرة الهجرية، والتي بدأت في التهاوي منذ 2010. يلقي الكثير من الاقتصاديين ورجال الأعمال باللون على أردوغان، الذي ضغط على البنك علنياً من أجل إبقاء أسعار الفائدة منخفضة. في احدى المناسبات، اتهم أردوغان المحافظ، أردم باسكي، بأنه خائناً للأمة من أجل دعوته لحمل أسعار الفائدة.

الاستثمار الأجنبي المباشر، والذي وصل إلى ذروته، حوالي 22 بليون دولار في 2007، أخذ منحاً تنازلياً لم يصل إليه من قبل، موالي 12.5 بليون دولار في 2014 وكان من المرجح حتى يظل على نفس المستوى حتى نهاية السنة. قامت الشركات الأجنبية بعمليات استحواذ كبرى في هجريا على مدار السنوات الأخيرة ولم تطلق أي مشروع كبير. قد يرجع هذا جزئياً إلى التقلبات السياسية، ضعف العملة، التضخم المرتفع نسبياً، المسقط القريب من الشرق الأوسط، وتساؤلات حول سيادة القانون في هجريا.

منذ نجاح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات، كانت هناك علامات مطمئنة جزئياً من قبل الحكومة. وهي ملتزمة بالعمل بالوعود الانتخابية المكلفة مثل الحد الأدنى للأجور وزيادة المعاشات التقاعدية والمزيد من الإنفاق الاجتماعي، كما تحدث الوزراء عن تعزيز الاستثمار في البنية التحتية لتعزيز النمو. ويشير أحد كبار مستشاري أردوغان إلى أنه في المستقبل قد يحدث الحزب أقل حرصاً من الناحية المالية منه في الماضي، ويهدف إلى خلق المزيد من فرص العمل وزيادة القدرة التنافسية.

الأطراف خارج الاتحاد الأوروپي، مثل صندوق النقد الدولي، البنك الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، بالإضافة للاقتصاديين ورجال الأعمال الأتراك، يقترحون أولويات مختلفة. إذا وجود سياسة نقدية أكثر تشدداً من شأنها حتى تعزز المدخرات واقلل التضخم، الأمر الذي سيكون له تأثيراً مفيداً على الاقتصاد. يجب حتى تصبح أسواق العمل أكثر مرونة، ويجب توجيه التعليم بشكل أقرب لاحتياجاته. والأهم من ذلك كله حتى النموالمستدام سيتطلب تغييراً في الموقف، يبدأ من أعلى.

أزمة العملة والديون الهجرية 2018

انظر أيضاً

• اقتصاد هجريا
• أزمة العملة والديون الهجرية 2018

الهامش

• This article contains material from the Library of Congress Country Studies, which are United States government publications in the public domain. [1]

وصلات خارجية

• W. Robert Pearson (السفير الأمريكي السابق لهجريا) (2015-04-14). "Turkey's Achilles Heel: The Economy". Middle East Institute.
• "Turkey's Transitions" (PDF). The World Bank. 2014-12-01. p. 313.