أفلاطون

عودة للموسوعة

أفلاطون

أفلاطون
وُلـِد ح. 428-427 ق.م.، أثينا
توفي ح. 348-347 ق.م.، أثينا
العصر فلسفة قديمة
المنطقة فلسفة غربية
المدرسة أفلاطونية
الأفكار البارزة
واقعية أفلاطونية
أفلاطون

أفلاطون (باليونانية: Πλάτων Plátōn) (عاش بين 427 ق.م. - 347 ق.م.) فيلسوف يوناني قديم، وأحد أعظم الفلاسفة الغربيين، حتى ان الفلسفة الغربية اعتبرت انها ماهي الا حواشي لأفلاطون. عهد من خلال مخطوطاته التي جمعت بين الفلسفة والشعر والفن. كانت كتاباته على شكل حوارات ورسائل وإبيغرامات (ابيغرام: قصيدة قصيرة محكمة منتهيه بحكمه وسخرية).

يعهد أرسطوالفلسفة بمصطلحات الجواهر، فيعهدها قائلا أنها فهم الجوهر الكلي لكل ما واقعي. في حين يحدد أفلاطون الفلسفة بأنها عالم الأفكار قاصدا بالفكرة الأساس اللاشرطي للظاهرة.

بالرغم من هذا الإختلاف فإن كلا من المفهم والتلميذ يدرسان مواضيع الفلسفة من حيث علاقتها بالكلي، فأرسطويجد الكلي في الأمور الواقعية الموجودة في حين يجد أفلاطون الكلي مستقلا بعيدا عن الأمور المادية، وعلاقة الكلي بالظواهر والأمور المادية هي علاقة المثال prototype (المثل exemplar) والتطبيق. الطريقة الفلسفية عند أرسطوكانت تعني الصعود من دراسة الظواهر الطبيعية وصولا إلى تحديد الكلي وتعريفه، أما عند أفلاطون فكانت تبدأ من الأفكار والمثل لتنزل بعد ذلك إلى تمثلات الأفكار وتطبيقاتها على أرض الواقع.

نص كتاب آراء افلاطون في الشعر والنثر(1) انقر على الصورة للمطالعة
نص كتاب صيدلية افلاطون - جاك دريدا انقر على الصورة للمطالعة
نص كتاب الجمهورية افلاطون انقر على الصورة للمطالعة
نص كتاب محاورة افلاطون لكراتيليوس في فلسفة اللغة انقر على الصورة للمطالعة
نص كتاب أفلاطون والمرأة- امام عبد الفتاح امام انقر على الصورة للمطالعة
نص كتاب أقدم لك افلاطون انقر على الصورة للمطالعة

حياته

أفلاطون هوأرسطوقليس، الملقَّب بأفلاطون بسبب ضخامة جسمه، وأشهر فلاسفة اليونان على الإطلاق. ولد في أثينا في عائلة أرسطوقراطية. أطلق عليه بعض شارحيه لقب "أفلاطون الإلهي". ينطق إنه في بداياته تتلمذ على السفسطائيين وعلى كراتيلِس، تلميذ هراقليطس، قبل حتى يرتبط بمعلِّمه سقراط في العشرين من عمره. وقد تأثر أفلاطون كثيرًا فيما بعد بالحُكم الجائر الذي صدر بحقِّ سقراط وأدى إلى موته؛ الأمر الذي جعله يعي حتى الدول محكومة بشكل سيئ، وأنه من أجل استتباب النظام والعدالة ينبغي حتى تصبح الفلسفة أساسًا للسياسة. وهذا ما دفع فيلسوفنا للسفر إلى مصر، ثم إلى جنوب إيطاليا، التي كانت تُعتبَر آنذاك جزءًا من بلاد اليونان القديمة. وهناك التقى بـالفيثاغوريين. ثم انتقل من هناك إلى صقلية حيث قابل ديونيسوس، ملك سيراكوسا المستبد، على أمل حتى يجعل من هذه المدينة دولة تحكمها الفلسفة. لكنها كانت تجربة فاشلة، سرعان ما دفعته إلى العودة إلى أثينا، حيث أسَّس، في حدائق أكاديموس، مدرسته التي باتت تُعرَف بـأكاديمية أفلاطون. لكن هذا لم يمنعه من معاودة الكرة مرات أخرى لتأسيس مدينته الفاضلة في سيراكوسا في ظلِّ حكم مليكها الجديد ديونيسوس الشاب، ففشل أيضًا في محاولاته؛ الأمر الذي أقنعه بالاستقرار نهائيًّا في أثينا، حيث أنهى حياته محاطًا بتلاميذه.


فلسفته

أوجد أفلاطون ما عُرِفَ من بعدُ بطريقة الحوار، التي كانت تعبير عن دراما فلسفية حقيقية، عبَّر من خلالها عن أفكاره عن طريق شخصية سقراط، الذي تمثَّله إلى حدِّ بات من الصعب جدًّا، من بعدُ، التمييز بين عقيدة التلميذ وعقيدة أستاذه الذي لم يخلِّف لنا أيَّ شيء مكتوب. هذا وقد هجر أفلاطون كتابةً ثمانية وعشرين حوارًا، تتألق فيها، بدءًا من الحوارات الأولى، أو"السقراطية"، وصولاً إلى الأخيرة، حيث شاخ ونضج، صورة سقراط التي تتخذ طابعًا مثاليًّا؛ كما تتضح من خلالها نظريته في المُثُل، ويتم فيها التطرق لمسائل عيانية هامة.

تميِّز الميتافيزياء الأفلاطونية بين عالمين: العالم الأول، أوالعالم المحسوس، هوعالم التعددية، عالم الصيرورة والفساد. ويقع هذا العالم بين الوجود واللاوجود، ويُعتبَر منبعًا للأوهام (معنى استعارة الكهف) لأن حقيقته مستفادة من غيره، من حيث كونه لا يجد مبدأ وجوده إلا في العالم الحقيقي للـمُثُل المعقولة، التي هي نماذج مثالية تتمثل فيها الأمور المحسوسة بصورة مشوَّهة. ذلك لأن الأمور لا توجد إلاَّ عبر المحاكاة والمشاركة، ولأن كينونتها هي نتيجة ومحصلِّة لعملية يؤديها الفيض، كـصانع إلهي، منح شكلاً للمادة التي هي، في حدِّ ذاتها، أزلية وغير مخلوقة (تيميوس).

هذا ويتألف عالم المحسوسات من أفكار ميتافيزيائية (كالدائرة، والمثلث) ومن أفكار "غير افتراضية" (كالحذر، والعدالة، والجمال، إلخ)، تلك التي تشكِّل فيما بينها نظامًا متناغمًا، لأنه معماري البنيان ومتسلسل بسبب وعن طريق مبدأ المثال السامي الموحَّد الذي هو"منبع الكائن وجوهر المُثُل الأخرى"، أي مثال الخير.

لكن كيف من الممكن أن يمكننا الاستغراق في عالم المُثُل والتوصل إلى الفهم،يا ترى؟ في كتابه فيدروس، يشرح أفلاطون عملية سقوط النفس البشرية التي هَوَتْ إلى عالم المحسوسات – بعد حتى عاشت في العالم العلوي - من خلال اتحادها مع الجسم. لكن هذه النفس، وعن طريق تلمُّسها لذلك المحسوس، تصبح قادرة على دخول أعماق ذاتها لتكتشف، كالذاكرة المنسية، الماهية الجلية التي تجاوز حتى تأمَّلتها في حياتها الماضية: وهذه هي نظرية التذكُّر، التي يعبِّر عنها بشكل رئيسي في كتابه مينون، من خلال استجواب العبد الشاب وملاحظات سقراط الذي "توصل" لأن يجد في نفس ذلك العبد مبدأً هندسيًّا لم يتعلَّمه هذا الأخير في حياته.

إن فنَّ الحوار والجدل، أولنقل الديالكتيكا، هوما يسمح للنفس بأن تترفَّع عن عالم الأمور المتعددة والمتحولة إلى العالم العياني للأفكار. لأنه عن طريق هذه الديالكتيكا المتصاعدة نحوالأصول، يتعرَّف الفكر إلى الفهم انطلاقًا من الرأي الذي هوالفهم العامية المتشكِّلة من الخيالات والاعتقادات وخلط السليم بالخطأ. هنا تصبح الرياضيات، ذلك الفهم الفيثاغوري المتعلق بالأعداد والأشكال، مجرد دراسة تمهيدية. لأنه عندما نتعلَّم هذه الرياضيات "من أجل الفهم، وليس من أجل العمليات التجارية" يصبح بوسعنا عن طريقها "تفتيح النفس [...] للتأمل وللحقيقة". لأن الدرجة العليا من الفهم، التي تأتي نتيجة التصعيد الديالكتيكي، هي تلك الفهم الكشفية التي نتعرَّف عن طريقها إلى الأمور الجلية.

لذلك فإنه يجب على الإنسان - الذي ينتمي إلى عالمين – حتى يتحرر من الجسم (المادة) ليعيش وفق متطلبات الروح ذات الطبيعة الخالدة، كما توحي بذلك نظرية التذكُّر وتحاول البرهنة عليه حجج فيدون. من أجل هذا يجب على الإنسان حتى يعيش على أفضل وجه ممكن. عملم الخير هي التي تمنعه من ارتكاب الشر. ولأنه "ليس أحد شريرًا بإرادته" فإن الفضيلة، التي تقود إلى السعادة الحقيقية، تتحقق، بشكل أساسي، عن طريق العدالة، التي هي التناغم النفسي الناجم عن خضوع الحساسية للقلب الخاضع لحكمة العقل. وبالتالي، فإن هدف الدولة يصبح، على الصعيد العام، حكم المدينة المبنية بحيث يتَّجه جميع مواطنيها نحوالفضيلة.

هذا وقد ألهمت مشاعية أفلاطون الكثير من النظريات الاجتماعية والفلسفية، بدءًا من يوطوبيات توماس مور وكامبانيلا، وصولاً إلى تلك النظريات الاشتراكية الحديثة الخاضعة لتأثيره، إلى هذا الحدِّ أوذاك. وبشكل عام فإن فكر أفلاطون قد أثَّر في العمق على مجمل الفكر الغربي، سواء في مجال فهم اللاهوت (اليهودي والمسلم والمسيحي) أوفي مجال الفلسفة الفهمانية التي يشكِّل هذا الفكر نموذجها الأول.


وجهات من حياته

المفهم

لقد تأثر أفلاطون نفسه بالمبادئ الكلبية. وشاهد ذلك أنه يصف في الموضوعة الثانية من الجمهورية(59) مدينة فاضلة تعيش عيشة فطرية شيوعية؛ ونستشف من هذا الوصف عطفه على هذه المدينة وحبه إياها. نعم إنه يكتفي بقبولها ولا يدعوإليها، ويصور دولة "في الدرجة الثانية بعدها"، ولكنه حين يعمد إلى تصوير ملوكه - الفلاسفة نستشف في هذه الصورة الحلم الكلبي، فنجد رجالاً لا أملاك لهم ولا زوجات، يستمسكون بالحياة البسيطة والفلسفة الراقية، قد استحوذوا على حصن أجمل خيال في تاريخ اليونان. وكانت الخطة التي رسمها أفلاطون لإيجاد أرستقراطية شيوعية محاولة باهرة من رجل محافظ ثري للتوفيق بين احتقاره للديمقراطية وبين مثالية زمانه المتطرفة.

وكان ينتمي إلى أسرة يرجع أصلها من ناحية أمه إلى صولون ومن ناحية أبيه إلى ملوك أثينة الأولين، بل لقد مضى بعضهم إلى أنها ترجع من هذه الناحية إلى بسيدن إله البحر(60). وكانت أمه أخت خرميدس Charmides وابنه أخ أقريتياس، ومن أجل هذا يكاد كره الديمقراطية حتىقد يكون متأصلاً في دمه. وقد سمى أرستقليس Aristocles- أي الأحسن الشهير- وبرع الشاب في جميع نواحي الحياة تقريباً، فنبغ في الموسيقى، والرياضيات، والبلاغة والشعر. وافتتنت النساء، والرجال بلا ريب، بجمال طلعته؛ وصارع في الألعاب البرزخية، ولقبوه من قبيل السخرية فلاطون Platon أي العريض لامتلاء جسمه وقوة بنيته؛ وحارب في ثلاثة معارك، ونال جائزة في الشجاعة(61). وخط فكاهات شعرية، وغزلاً، ومأساة رباعية ؛ وبينما كان يتردد بين الشعر والسياسة لا يعهد أيهما يختار طريقاً له في الحياة، إذ افتتن وهوفي سن العشرين بسقراط؛ وما من شك في أنه كان يعهد من قبل، لأن الفيلسوف الكبير كان صديقاً لخاله خرميدس؛ ولكنه لما بلغ هذه السن كان يستطيع حتى يفهم تعاليم سقراط ويستمتع بمنظر الرجل الشيخ وهويقذف بأفكاره في الهواء كالبهلوان، مرتكزاً على أسنة أسئلته. فما كان منه إلا حتى أحرق قصائده، ونسي يوربديز والألعاب الرياضية، والنساء، وتبع المفهم الشيخ كأنه سحره أونومه تنويماً مغناطيسياً. ولعله كان يخط مذكرات في جميع يوم، لأنه كان يشعر كما يشعر الفنان المرهف الحس بما لهذا الشيخ البطين المشوه المحبوب من شأن عظيم في مستقبل الأيام.

ولما بلغ أفلاطون الثالثة والعشرين من عمره شبت ثورة المحافظين في عام 404 بقيادة جماعة من أقربائه، وشهد أيام الإرهاب الألجركي العصيبة، وشجاعة سقراط في تحدي الثلاثين، وموت أقريتياس وخرميدس، وعودة الديمقراطية، ومحاكمة سقراط وموته. وبدا العالم كله يتصدع ويتهدم حول هذا الشاب الذي كان من قبل لا يتطرق الهم إلى قلبه، ففر من أثينة التي بدت في نظره كأنها مأوى الشياطين، ووجد بعض الراحة في ميغارا في بيت إقليدس، ثم في قورينا ولعله كان فيها مع أرستبوس. ويظهر أنه سافر منها إلى مصر حيث تفهم على الكهنة العلوم الرياضية والمعارف التاريخية الشعبية(62). ونراه مرة أخرى في أثينة حوالي عام 395، وبعد عام من ذلك الوقت حارب دفاعاً عن كورنثة. وبدأ أسفاره مرة أخرى حوالي عام 387، ودرس فلسفة فيثاغورس مع أرخيتاس في تاراس ومع تيماس في لكري، ثم انتقل إلى صقلية ليشاهد بركان إتنا، وارتبط برباط الصداقة مع ديون طاغية سراقوصة، وقُدّم لدنيسوس الأول، وبِيعَ بَيْعَ الرقيق، ثم عاد سالماً إلى أثينة في عام 386. ولما رفض أنسريس Anniceris الثلاثة آلاف درخمة التي جمعها أصدقائه ليفتدوه بها، ابتاع له هؤلاء الأصدقاء بهذا المال أيكة للتنزه في ضاحية من ضواحي المدينة وأطلقوا عليها اسماً مشتقاً من إلهها المحلي أكاديموس Academus(62أ)، وفيها أنشأ أفلاطون الجامعة التي قُدِر لها حتى تكون فيما بعد مركز بلاد اليونان العقلي تسعمائة عام كاملة .

وكان المجمع الفهمي (الأكاديمية) من الناحية الفنية إخوة دينية (ثاسيوس Thasios) مخصصاً لعبادة ربات الشعر والفن، ولم يكن الطلاب يؤدون فيه أجوراً عن التعليم، ولكنهم كانوا في الغالب من أبناء الأسر الغنية، ولذلك كان يُنتظر من آبائهم حتى يهبوا المعهد هبات قيمة. وفي ذلك يقول سويداس إذا الأغنياء " كانوا يوصون قبل وفاتهم لأعضاء المدرسة بما يكفل لهم حتى يحيوا حياة الفلاسفة غير مضطرين إلى العمل لكسب أقواتهم"(63). وينطق إذا دنيسوس الثاني وهب المعهد ثمانين وزنة (000ر480 ريال أمريكي)(64) - وفي هذا ما قد يفسر صبر الفيلسوف على هذا الملك. وكان الشعراء الفكهون في ذلك الوقت يهجون الطلاب بقولهم إنهم أشخاص متصنعون في أخلاقهم متطرفون في ملابسهم - ذووقلانس رشيقة وعصي، وستر قصيرة أوأردية جامعية(65). ألا ما أقدم تنطقيد إيتن والأثواب الجامعية السوداء! وكانت النساء يُقبلن في المجمع مع الرجال، لأن أفلاطون بقي من هذه الناحية متطرفاً في أفكاره تطرفاً جعله من أقوى أنصار المرأة، وكانت أبرز موضوعات الدرس هي العلوم الرياضية والفلسفة، وقد كُتِب على مدخل المجمع هذا التحذير: "لن يدخل هذا المكان إنسان بلا هندسة"؛ ولعل قدراً كبيراً من الحساب كان من شروط القبول في المجمع. وكان معظم ما وقع من التقدم في العلوم الرياضية في القرن الرابع على أيدي رجال ممن درسوا فيه. وكان منهاج الرياضة يضم الحساب (نظرية العدد) والهندسة الراقية، والفلك، "والموسيقى" (ولعل هذه كانت تتضمن الأدب والتاريخ)، والقانون، والفلسفة(66)؛ وكانت الفلسفة الأخلاقية والسياسية آخر الدراسات في هذا المنهاج، هذا إذا كان أفلاطون قد أخذ بالنصيحة التي ينطق بها سقراط في معرض الدفاع إلى حد ما عن أنيتوس وملاتوس:

سقراط: إنك تعهد حتى ثمة مبادئ معينة في العدالة والخير تفهمناها في طفولتنا، ونشأنا تحت رعايتها الأبوية، نطيعها ونعظمها.

أگلوكون: هذا سليم.

سقراط: وثمة أيضاً مبادئ مناقضة لها وعادات من أنواع السرور تتملق أرواحنا وتجذبها إليها، ولكنها لا أثر لها فيمن لديهم أي إحساس بالحق، ومن لا ينبترون عن إجلال تعاليم آبائهم وطاعتها.

أگلوكون: حق.

سقراط: فإذا كان الإنسان في هذه الحال وسألته روحه السائلة ما الشيء الجميل الشريف،يا ترى؟ وأجاب بأن ذلك هوالذي يأمر به القانون، نقضت الحجج أقوال المشترع، فاضطر إلى الاعتراف بأن لا شيء فيه من الجمال أكثر مما فيه من القبح، أوفيه من العدالة والطيبة أكثر مما فيه من نقيضيهما، وإلى الاعتراف بأن هذا بعينه ينطبق على جميع آرائه التي خلع عليها الزمن جلالاً وتعظيماً، إذا وقع هذا فهل تظن أنه سيظل يعظم هذه التعاليم ويطيعها؟.

أگلوكون: هذا محال.

سقراط: وإذا لم يعد يظنها كما كان يظنها من قبل شريفة وطبيعية، ثم عجز عن فهم الحق، فهل يُنتظر منه حتى يحيا حياة غير الحياة التي تتملق شهواته،يا ترى؟

أگلوكون: ذلك ما لا يُنتظر منه.

سقراط: وهل ينقلب بعدئذ من إنسان طائع للقوانين إلى إنسان خارج عليها؟.

أگلوكون: بلا ريب.

سقراط: وإذن فلا بد من الحذر الشديد في إدخال مواطنينا الذين لا يتجاوزون سن الثالثة والثلاثين في الجدل... إذ يجب ألا يسمح لهم بتذوق هذه اللذة العزيزة قبل الأوان؛ هذا شيء ينبغي تجنبه بنوع خاص، لأن الشبان، كما رأيت، إذا تذوقوا الجدل بدءوا من فورهم يجادلون حباً في الجدل، ولا ينفكون يعارضون غيرهم ويدحضون حججهم تقليداً منهم لمـن ينقضون حججهم هم؛ فهم في هذا أشبه بصغار الكلاب التي يسرها حتى تشد أثواب جميع من يقترب منها وتمزقها.

أگلوكون: نعم إذا هذا هوالذي يسرها.

سقراط: وإذا ما غلبوا الكثيرين من الناس وغلبهم الكثيرون اندفعوا بسرعة وعنف إلى حال لا يؤمنون معها بأي شيء كانوا يؤمنون به من قبل، ومن... ثم تسوء سمعة الفلسفة عند سائر الناس.

أگلوكون: هذا هوعين الحق.

سقراط: ولكن الرجل إذا بدأ يكبر، فإنه لا يرتكب هذا الضرب من الأعمال الجنونية؛ بل يحذوحذوالرجل المنطقي الذي يبحث عن الحقيقة، لا حذوالخصيم الذي يعارض لما يجده في المعارضة من لذة؛ وإن إجلال الناس لخلقه سيزيد من شرف هذا السعي بدل أنه ينقص منه(67).


وكان أفلاطون وأعوانه يفهمون الناس بالمحاضرات والحوار، وبعرض المسائل على الطلاب لحلها؛ وكان من هذه المسائل إيجاد: "الحركات المنتظمة المتساوية التي يمكن بالاستناد إليها تعليل حركة الكواكب"(68) ؛ ولعل أودكسوس وهرقليدس قد وجدا في هذه البحوث ما يحفزهما إلى العمل. وكانت المحاضرات فهمية، وكانت في بعض الأحيان مخيبة لآمال مَن اتىوها طلباً للكسب المادي، ولكن تلاميذ أرسطوودمستين وليقورغ، وهيبريدس، وأكسانوقراطيس تأثروا بها أعمق التأثر ونشروا في كثير من الأحيان ما خطوه عنها من مذكرات. ونطق أنتفانس متفكهاً إذا الحدثات التي كان ينطق بها أفلاطون أمام طلابه في شبابهم لم يفهموها إلا في شيخوختهم؛ كما كانت الألفاظ في إحدى المدن القائمة في أقصى الشمال تتجمد حين تخرج من أفواه المتحدثين ثم تُسمع في الصيف حينما تسيح(69).


الفنان

يقر أفلاطون نفسه أنه لم يخط في حياته رسالة فهمية(70)، ويشير أرسطوطاليس إلى ما كان يلقى من العلوم في المجمع الفهمي بقوله "تعاليم" أفلاطون "غير المكتوبة"(71). ولسنا نعهد مدى اختلاف هذه التعاليم عما ورد في المحاورات ، وأكبر الظن حتى هذه المحاورات كانت في بادئ الأمر وسيلة للترويح عن النفس، وأنها كانت تُلقى بطريقة فكهة إلى حد ما(72). ومن سخريات التاريخ حتى المؤلفات الفلسفية التي تدرس في الجامعات الأوربية والأمريكية والتي تَلقى فيها أعظم التقدير والإجلال في هذه الأيام قد ألفت لتقرب الفلسفة من أذهان غير الفهماء بربطها بإحدى الشخصيات المعروفة. ولم تكن محاورات أفلاطون أول ما كُتب من الحوار الفلسفي، فقد اتبع زينون الإليائي وكثيرون غيره هذه الطريقة ذاتها(73)، ونشر تيمن الأثيني قاطع الجلود بطريقة الحوار أحاديث سقراط التي كانت تدور في حانته (74). وكانت المحاورات كما أوردها أفلاطون بترة أدبية لا تاريخية؛ وهولا يدعي أنه ينقل لنا نصاً دقيقاً للأحاديث التي كانت تجري قبل حتى يخطها بثلاثين عاماً أوخمسين، بل ولا يدعي أنه يحرص على حتىقد يكون ما فيها من إشارات منسقاً غير متناقض بعضه مع بعض. وذهل غورغياس كما ذهل سقراط حين سمعا الألفاظ التي أنطقهما بها الفيلسوف المسرحي(75). وقد خطت المحاورات مستقلة جميع منها عن الأخرى، ولعلها خطت في فترات متباعدة تباعداً طويلاً، وليس من حقنا أكثر من هذا حتى نرتاع لما فيها من آراء متناقضة. وليس ثمة خطة موضوعة للتأليف بينها كلها وجعلها وحدة منسقة، اللهم إلا البحث المتواصل الذي يقوم به عقل ينموويتطور تطوراً واضحاً ملموساً عن الحقيقة التي لا يستطيع الحصول عليها أبداً . والمحاورات مركبة بمهارة وإن كانت لا ترقى إلى الدرجة الوسطى. وهي تصور الأفكار تصويراً مسرحياً، وترسم صورة منسقة لسقراط تدل على حب أفلاطون الشديد له؛ ولكنها قلما تدل على وحدة الأفكار أوتسلسلها، وكثيراً ما تنتقل من موضوع إلى موضوع وتسئم القارئ في كثير من أجزائها لأنه يورد الحديث بمعناه لا بلفظه - فيجعل رجلاً واحداً ينقل سائر أحاديث غيره من الناس. ويقول سقراط إذا ذاكرته "غاية في الضعف"(77). ولكنه مع ذلك يتلوعلى صديق له عن ظاهر قلب أربعاً وأربعين صفحة من نقاش جرى في أيام شبابه بينه وبين بروتاغوراس. ومما يضعف معظم المحاورات أنها يعوزها المتحدثون الأقوياء القادرون على حتى يردوا على سقراط "بغير نعم" أوما في معناها. ولكن هذه العيوب تختفي في تألق اللغة ووضوحها، وما في الموقف، والتعبير، والفكرة من فكاهة؛ والعالم الحي وما فيه من مختلف الشخصيات البشرية الحقيقية، وما تفتحه هذه المحاورات من نوافذ توصل إلى العقل العميق النبيل. وفي وسعنا حتى نحكم على ما كان لهذه المحاورات من قيمة عظيمة عند الأقدمين، إذا ذكرنا أنها أكمل نتاج عقلي وصل إلينا من أي مؤلف يوناني؛ وإن شكلها ليضعها في تاريخ الأدب في منزلة لا تقل سمواً عن المنزلة التي يضعها فيها موضوعها في تاريخ الفكر.

وأقدم المحاورات من خير الأمثلة في جدل الشباب الخصيم الذي يندد به في الفقرة التي أوردناها من قبل، ولكن الصورة الساحرة التي تصور بها هذه المحاورات الشباب الأثيني تمضى بما فيها من عيوب من هذه الناحية. ومعرض الآراء هوخير ما خط من نوعه في أدب العالم كله، وهوخير مقدمة لخط أفلاطون؛ وإن ما فيه من تصوير مسرحي للمناظر (ونورد على سبيل المثال قول أجاثون Agathon لخدمه: "تصوروا أنكم أرباب المنزل وأنني أنا وأصحابي ضيوفكم"(78))، والصورة الحية التي رسمها لأرسطوفان "وقد تملكه الفواق من كثرة الأكل"، وقصته المرحة عن ألقبيادس الثمل الذي افتضح أمره بين الناس، وأهم من هذا كله براعته في التأليف بين الواقعية القاسية في صورة سقراط وبين فكرته السامية عن الحب، نقول إذا هذه الصفات تجعل معرض الآراء آية أدبية رائعة في فن النثر. أما الفيدون فأقل من معرض الآراء قوة وأكثر منه جمالاً. فالنقاش الرئيسي فيه، مهما يبلغ من الضعف، نقاش أمين لا التواء فيه ولا مغالطة، يبيح لصاحب الرأي المخالف فرصة مكافئة لفرصة مناظره؛ ويتدفق تدفقاً أكثر سلاسة وسط مناظر يتغلب هدوؤها على ما فيها من مآسٍ، حتى حتى موت سقراط نفسه ليشبه اختفاء النهر عن العين حين يلتف عند أحد المنحنيات. ويدور بعض ما يشتمل عليه فيدروس من محادثة على شواطئ نهر إليسوس Illissus حين يبرّد سقراط وتلميذه أقدامهما في ماء النهر. ولا حاجة إلى القول بأن أعظم المحاورات كلها على الإطلاق هي الجمهورية لأنها أكمل عرض لفلسفة أفلاطون، وهي في أولى أجزائها صراع مسرحي بين الأشخاص والآراء. والبارمنيدس أسوأ مثل للتلاعب المنطقي في الأدب كله، كما أنه أجرأ مثل في تاريخ الفلسفة للمفكر الذي يفند أحب العقائد إلى نفسه - نعني نظرية الأفكار - تفنيداً لا يقوى أحد على الرد عليه ودحض حججه. وفي المحاورات الأخيرة تضعف قدرة أفلاطون الفنية، فتضمحل شخصية سقراط، وتفقد الميتافيزقيا شعريتها، وتفقد السياسة "مُثُل الشباب العليا" حتى إذا ما وصلنا إلى القوانين، استسلم الرجل المتعب المنهوك القوى الذي ورث جميع ثقافة أثينة على اختلاف مناحيها إلى إغراء إسبارطة، وطلّق الحرية، والشعر والفن والفلسفة نفسها.

الميتافيزيقي

لم يتبع أفلاطون فيما خلفه من أفكار خطة منظمة، وإذا لخصنا نحن آراءه ووضعنا لها رؤوس موضوعات مختلفة كالمنطق، وما وراء الطبيعة، والأخلاق، وفهم الجمال، والسياسة، ليسهل علينا حتى نتحدث عنها حديثاً منظماً، فإن من الواجب حتى نذكر حتى أفلاطون نفسه كان شاعراً مغرقاً في شاعريته إلى حد يمنعه حتى يقيد أفكاره ويحدها بحدود. وإذ كان أفلاطون شاعراً فقد كان المنطق أكثر ما يعترض سبيله من الصعاب، فهويجول هنا وهناك يبحث عن التعاريف ويضل السبيل في التشبيهات التي تعرضه لأشد الأخطار؛ "ثم دخلنا في تيه، ولما حسبنا أننا قد وصلنا إلى آخره، رأينا أنفسنا مرة أخرى في بدايته، وكان علينا حتى نعود إلى البحث عن مخرج"(79) ، ويختم حديثه هذا بقوله: "ولست واثقاً قط من أنه يوجد من بين العلوم فهم كالمنطق"(80). ولكنه مع هذا يخطوفيه المستوى الأولى. فهويفحص عن طبيعة اللغة ويقول إنها مشتقة من محاكاة الأصوات(81)؛ ويبحث في التحليل والهجريب، والتشبيهات والمغالطات، ويقبل الاستقراء، ولكنه يفضل الاستدلال(82)؛ ويضع في هذه المحاورات الشعبية نفسها مصطلحات فنية، كالجوهر، والطاقة، والعمل والانفعال، والتوليد، وهي المصطلحات التي استخدمتها الفلسفة فيما بعد. وهويضع أسماء لخمس من المقولات العشر التي أذاعت شهرة أرسطوطاليس. وهويرفض قول السوفسطائيين إذا الحواس خير وسيلة لفهم الحقيقة وإن الفرد هومقياس الأمور جميعها؛ ويقول إنه لوصح هذا لكان ما يقوله أي إنسان عن العالم مساوياً في قيمته لما يقوله أي نائم، وأي مخبول، أوأي قرد(83).

ولسنا نستمد من فوضى الحواس إلا فيضاً من التغيرات الهرقليطية؛ ولولم تكن لنا إلا إحساسات، لما كانت لدينا قط معلومات أوحقائق؛ ذلك حتى المعلومات لا تأتي إلا عن طريق الأفكار، وعن طريق الصور المعممة، والأشكال التي تصوغ فوضى الإحساسات وتكون منها التفكير المنظم(84). ولوكنا لا ندك إلا الأمور المفردة لكان التفكير محالاً، ذلك أننا نتفهم التفكير بجمع الأمور وتصنيفها حسب ما بينها من أوجه الشبه، ثم نعبر عن الصنف بأجمعه باسم عام له، فلفظ رجل يمكننا من حتى نفكر في جميع الرجال، ولفظ منضدة يمكننا من التفكير في جميع المناضد ولفظ ضوء في جميع الأضواء التي سطعت في البر أوالبحر. وليست هذه الآراء (Ideai, Eida) أشياء تدركها الحواس، ولكنها حقائق تعهد بالتفكير، لأنها تبقى، ولا تتغير، ولوانعدمت جميع الموجودات الحسية اللقاءة لها. فالرجال يولدون ويموتون، ولكن "الرجل" يبقى. وليس جميع مثلث بمفرده إلا مثلثاً ناقصاً، يفنى عاجلاً أوآجلاً، ومن أجل هذا فهوغير حقيقي نسبياً، ولكن "مثلث"- أي الشكل والقانون اللذين ينطبقان على جميع المثلثات- تام سرمدي(85). وكل الأشكال الرياضية أفكار سرمدية وكاملة ، وكل ما تقوله الهندسة عن المثلثات، والدوائر، والمربعات، والمكعبات، والكرات، يبقى سليماً، ومن ثم فهو"حقيقي" ولولم توجد هذه الأشكال في العالم المادي في الماضي أوفي المستقبل. والمعاني المجردة هي الأخرى حقيقية بهذا المعنى؛ فالأعمال الفردية الفاضلة قصيرة الأجل ولكن الفضيلة تظل حقيقية خالدة في التفكير وأداة للتفكير؛ وهذا أيضاً شأن الجمال، والكبر، والمشابهة وما إليها(87). فالأعمال والأمور الفردية أشياء وأعمال بالصورة التي نعهدها بها، لأنها تشهجر في هذه الأشكال الكاملة أوالأفكار، وتحقق وجودها بدرجة قليلة أوكثيرة. وعالم الفهم والفلسفة لا يتكون من أشياء مفردة، بل يتكون من أفكار (88)؛ والتاريخ المتميز عن السِّيَر هوسيرة الإنسان، وليس فهم الأحياء هوفهم كائنات عضوية معينة بل هوفهم الحياة نفسها، وليست العلوم الرياضية هي دراسة الأمور المجسمة بل هي دراسة العدد، والعلاقة، والشكل، مستقلة عن الأمور نفسها، ولكنها تصدق على جميع الأمور. والفلسفة هي فهم الأفكار.

وكل شيء في ميتافيزيقية أفلاطون يدور حول نظرية الأفكار. فالله المحرك الأول الذي لا يتحرك، أوروح العالم(91)، يحرك جميع شيء وينظمه حسب القوانين والأشكال الأزلية، وهي الأفكار التي لا تتبدل والتي تكون، على حد قول أصحاب الأفلاطونية الحديثة، الحدثة أوالحكمة الإلهية أوعقل الله. وأرقى الأفكار هوالخير، ويرى أفلاطون في بعض الأحيان حتى هذا الخير هوالله نفسه(92)، ولكنه في أكثر الأحيان هوأداة الخلق الهادية المرشدة، والشكل الأعلى الذي تنجذب إليه جميع الأمور. وإدراك هذا الخير، ورؤية هذا المثل الأعلى الذي يشكل عملية الخلق، هوأسمى غاية تبتغيها الفهم(93). وليست الحركة وعملية الخلق عمليتين آليتين، بل هما تحتاجان في العالم، كما نحتاج نحن، إلى روح أومبدأ حيويقد يكون هوقوتهما المنشئة المبدعة(94).

وليس شيء حقيقياً إلا الذي فيه قوة(95)، ومن أجل هذا فإن المادة ليست حقيقة أساسية (to me on) بل هي مجرد مبدأ من القصور الذاتي، وإمكانياته تنتظر حتى يعطيها الله أوالروح شكلاً خاصاً وكياناً حسب فكرة من الأفكار. والروح هي القوة المتحركة بنفسها الموجودة في الإنسان، وهي جزء من الروح المتحركة بنفسها الموجودة في الأمور جميعها(96). وهي قوة حيوية خالصة، مجردة من الجسم، وخالدة. وقد وجدت قبل الجسم، واتىت معها من حلولها في أجسام سابقة بذكريات كثيرة إذ أيقظتها الحياة الجديدة حسبناها خطأ معلومات جديدة. ولنضرب لذلك مثلاً الحقائق الرياضية فهي بأجمعها حقائق فطرية بهذه الطريقة، وكل ما يعمله التعليم هوأنه يوقظ ذكريات الأمور التي عهدتها الروح في حيواتها الكثيرة الماضية(97). وإذا توفي الإنسان انتقل روحه أومبدأ الحياة الذي فيه إلى كائنات عضوية أخرى أرقى منه أوأحط حسب ما استحقته في تجسداتها السابقة. وربما مضىت الروح المذنبة إلى المطهر أوالجحيم، ومضىت الروح الفاضلة إلى جزائر المباركين(98). فإذا ما تطهرت الروح في خلال الحيوات المتنوعة من جميع آثامها، تحررت من التجسد وصعدت إلى الفردوس تتمتع فيه بالسعادة السرمدية .


العالم الأخلاقي

لقد كان أفلاطون يعهد حتى كثيرين من قرائه سيكونون من المتشككين، ودليلنا على هذا أنه قضى بعض الوقت يحاول وضع قانون أخلاقي طبيعي يبعث في نفوس الناس الرغبة في الاستقامة والصلاح من غير حتى يعتمدوا على السماوات والمطهر والجحيم(101)؛ وإن المحاورات التي خطها في حياته الوسطى لتتحول شيئاً فشيئاً من الميتافيزيقا إلى الأخلاق والسياسة "إن أعظم أنواع الحكمة وأجملها هي الحكمة المتصلة بتنظيم الدول والأسر"(102).

والمشكلة الرئيسية في فهم الأخلاق تدور حول النزاع الظاهر بين ملاذ الفرد وبين الخير الاجتماعي. ويعرض أفلاطون هذه المشكلة عرضاً واضحاً ويورد على لسان كلياس Callias من الحجج التي تبرر الأنانية ما لا يقل عن أقوى الحجج التي أوردها أي داعية لمخالفة القواعد الخلقية في عصر من العصور(103). وهويعترف بأن كثيراً من اللذائذ لا عيب فيه ولا إثم، وأن الإنسان في حاجة إلى الذكاء للتمييز بين اللذات الطيبة واللذات الضارة، وأن من الواجب حتى تربى في الطفل عادة الاعتدال وإدراك "الأواسط المضىية للأمور" خشية حتى يأتي الذكاء متأخراً بعد فوات الوقت (104).

وتتكون النفس أوأصل الحياة من ثلاث درجات أوأجزاء- الشهوة، والإدارة، والفكر، ولكل جزء من هذه الأجزاء فضيلته الخاصة- الاعتدال والشجاعة، والحكمة؛ ويجب حتى تضيف إليها التقوى والعدالة- وأداء واجب الإنسان نحووالديه وآلهته. ويمكن تعريف العدالة بأنها هي تعاون الأجزاء في الكل، أوالعناصر في الأخلاق، أوالأهلين في الدولة، بحيث يقوم جميع جزء بواجبه اللائق به على الوجه الأكمل(105). وليس الخير هوالعمل وحده أواللذة وحدها، بل هوامتزاجهما بنسب ومقادير تنتج منها حياة العمل(106). والخير الأسمى كائن في الفهم الخالص بالأشكال والقوانين السرمدية، و"أسمى خير" من الناحية الأخلاقية "... هوما في النفس من قدرة أوموهبة، إذا كان ثمة شيء من هذا النوع تستطيع به حتى تعهد الحقيقة، وأن تعمل جميع الأمور من أجل الحقيقة(107)؛ ومن يحب الحقيقة لا يهمه حتى يجزي الإساءة بالإساءة"(108) ، بل يفضل حتى يتحمل على حتى يرتكب هوالظلم، و"يضرب في الأرض براً وبحراً يبحث عن الناس الذين لا يجد الفساد سبيلاً إليهم، والذين لا تُقَوَّم صحبتهم بالمال أياً كان... والذين يهبون أنفسهم للفلسفة بحق يمتنعون عن الشهوات الجسمية، وإذا ما عرضت عليهم الفلسفة حتى تطهرهم من الشر وتحررهم منه، أحسوا بأن من واجبهم ألا يقاوموا تأثيرها فيهم؛ ومن أجل ذلك يميلون نحوها، ويسيرون خلفها للهدف الذي تقودهم إليه"(109).

وكان أفلاطون قد حرق قصائده وفقد عقائده الدينية، ولكنه ظل مع ذلك شاعراً وعابداً؛ يغمر فكرته عن الخير إحساس قوي بالجمال وتقوى ممتزجة بالزهد والتقشف؛ توحدت فيه الفلسفة والدين وامتزجت فيه الأخلاق بحاسة الجمال. ولما تقدمت به السن عجز عن حتى يرى الجمال منفصلاً عن الخير والحقيقة. وكان في دولته المثالية يفرض الرقابة على جميع الفن والشعر اللذين قد ترى الحكومة حتى فيهما نزعة مغايرة للأخلاق الفاضلة أوالوطنية، وهويمنع فيها جميع الخطب وجميع المسرحيات المضادة للدين؛ وحتى شعر هومر نفسه- الذي يصور الدين المغاير للأخلاق تصويراً مغرياً- يجب حتى يضحى به. وكان يجيز في هذه الدولة المثالية أساليب الموسيقى الدُّورية والفريجية؛ ولكنه يشترط ألا تضر بها آلات معقدة الهجريب أويعزفها فنانون يُحدثون "أصواتاً وحشية" في أثناء عرضهم الفني(110)، أويُدخلون فيها بنادىً متطرفة.

"يجب الابتعاد عن إضافة أي نوع حديث لأنواع الموسيقى، لأن هذا يعرض الدولة كلها للخطر؛ وسبب ذلك حتى الأنماط الموسيقية إذا اضطربت أثرت حتماً في أبرز الأنظمة السياسية... ذلك حتى النمط الجديد يتأصل في الدولة تدريجاً، ويتطرق شيئاً فشيئاً إلى أخلاق الناس وعاداتهم، ومن هذه الأخلاق والعادات يهاجم الشرائع والدساتير، ويظهر في هذا الهجوم منتهى السفالة، وينتهي الأمر بقلب جميع شيء في الدولة رأساً على عقب(111). والجمال كالفضيلة إنماقد يكون في اللياقة، والتناسب، والنظام. والعمل الفني يجب حتىقد يكون مخلوقاً حياً، ذا رأس، وجذع، وأطراف، توحدها وتبعث فيها الحياة، فكرة واحدة(112). ويظن هذا المتزمت المتحمس حتى الجمال الحق هوجمال العقل لا جمال الجسم، وأن الأشكال الهندسية ذات جمال سرمدي مطلق، وأن القوانين التي تقوم عليها السماوات تفوق النجوم في جمالها(113). والحب هوطلب الجمال ويتألف من ثلاث مراحل أولاها حب الجسم والثانية حب الروح والثالثة حب الحقيقة. وحب الجسم بين الرجل والمرأة مشروع لا إثم فيه لأنه وسيلة للتناسل الذي هونوع من أنواع الخلود(114)؛ ولكنه مع ذلك صورة بدائية من الحب غير جديرة بالفيلسوف. والحب الجسمي بين الرجل والرجل أوبين المرأة والمرأة مناف للطبيعة ويجب قمعه لأنه يعطل التناسل(115). وقمعه مستطاع بالسموبه إلى الفترة الثانية أي الفترة الروحية من مراحل الحب: ففي هذه الفترة يحب الرجل الكبير السن الشاب لأن وسامته رمز للجمال الطاهر السرمدي، والشاب يحب الشيخ لأن حكمته تيسر له سبيل الفهم والشرف. ولكن أسمى أنواع الحب هو"حب الاستحواذ على الخير الأبدي" وهوالحب الذي يسعى وراء الجمال المطلق للأفكار أوالأشكال الكاملة السرمدية(116). وهذا النوع لا العاطفة غير الجسمية بين الرجل والمرأة هو"الحب الأفلاطوني"، وهوالنقطة التي يتحدث عندها أفلاطون الشاعر مع أفلاطون الفيلسوف في الرغبة القوية في الفهم، وتكاد هذه الرغبة حتى تكون شغفاً صوفياً بما في القانون وما في بناء العالم وحياته وغايته من نور النعيم الباهر. "لأن أديمنتس، الذي لا يتحول عقله عن الوجود الحق لا يجد لديه وقتاً يطل فيه على شئون الناس، أويمتلئ فيه قلبه حسداً وغُلاً من النزاع معهم؛ ذلك حتى عينه تتجه على الدوام نحوالمبادئ الثابتة التي لا تتبدل، وهي التي لا يؤذي بعضها بعضاً، بل يراها كلها تتحرك في نظام حسب قوانين العقل؛ فهويحذوحذوهذه المبادئ، وعلى مثالها يشكل حياته قدر المستطاع"(117).

الطوباوي

ولكنه مع هذا يهتم بشئون الناس، وتتمثل أمام ناظريه رؤيا اجتماعية أيضاً، ويحلم بوجود مجتمع خالٍ من الفساد والفقر والظلم والحروب. وقد روعته ما كان يسود أثينة من انقسامات حزبية مريرة "وشقاق، وعداء، وحقد، وريبة، لا تكاد تخبونارها حتى تعود إلى الاشتعال"(118). وكان يحتقر ألجركية المال كما يحتقرها جميع النبلاء أبناء الأسر الشريفة ذات المجد التليد، ويقول عن رجالها إنهم "رجال الأعمال...الذين لا تطاوعهم نفوسهم إلى رؤية من قضوا عليهم بجشعهم، ويدفعون سمومهم - أي مالهم - في جسم جميع من لا يحْذَرهم، ثم يستردون ما أخذوه منهم أضعافاً مضاعفة: وتلك هي الكيفية التي يملأون بها الدولة بالكسالى والمعدمين"(119) "ثم تنشأ الديمقراطية، بعد حتى يتغلب الفقراء على معارضيهم، فيقتلون بعضهم، وينفون من البلاد البعض الآخر، ثم يمنحون الباقي أقساطاً متساوية من الحرية والسلطة"(120). ويتضح آخر الأمر حتى الديمقراطيين لا يقلون فساداً عن الحكام الأثرياء: فهم يستخدمون القوة التي تؤول إليهم لكثرة عددهم ليوزعوا الأموال العامة على الفقراء، ومناصب الدولة عليهم أنفسهم؛ وهم يتملقون العامة ويداهنونهم حتى تنقلب الحرية فوضى، وتنحط المعايير بعد حتى تؤول السلطة العليا إلى أراذل الناس، وتغلظ الطباع بسبب انتشار الوقاحة والسباب؛ وكما حتى السعي الجنوني وراء المال يقضي على الحكم الألجركي، كذلك يقضي على الديمقراطية التطرف في الحرية. سقراط: ففي هذه الدولة تسود الفوضى، وتتخذ سبيلها إلى البيوت الأفراد، وتنهي الأمر بانتنطق عدواها إلى الحيوانات...فيتعود الأب النزول إلى مستوى أبنائه...ويتعود الابن حتى يضع نفسه في مستوى أبيه، فلا يخشى أبويه، ولا يستحي منهما..ويخاف الأستاذ طلابه ويتملقهم، ويحتقر الطلاب أساتذتهم ومفهميهم..ويصبح الكبار والصغار سواسية، فيضع الشاب نفسه في مستوى الشيخ، ولا يستنكف حتى يعارضه بالقول والعمل، ولا يتحرج الشيوخ من تقليد الشبان. ومن واجبي ألا أنسى حرية الجنسين الذكور والإناث ومساواة كليهما بالآخر في علاقتهما بعضهما ببعض...والحق حتى الخيل والحمير، لن تعدم وقتئذ سبيلاً للسير مع الناس جنباً إلى جنب، والاستمتاع بكل ما لأحرار الناس من حقوق وكرامات... وقصارى القول حتى الأمور جميعها توشك حتى تنفجر لكثرة ما أتخمت بالحرية...

أديمنتس: ولكن ما هي المستوى التالية؟...

سقراط: إذا ازدياد أي شيء فوق حده كثيراً ما يؤدي إلى انقلاب في الاتجاه المضاد له... ولهذا يظهر حتى الإفراط في الحرية، سواء كان ذلك من ناحية الأفراد أومن ناحية الدول، لن يؤدي إلا إلى الاستعباد...ونرى حتى أشد أنواع الحكومات استبداداً تنشأ من أشد أنواع الحرية تطرفاً.

وإذا ما صارت الحرية تحللاً من جميع القيود، فقد اقتربت الدكتاتورية. ذلك حتى الأغنياء يخشون وقتئذ حتى تجردهم الديمقراطية من مالهم فيأتمرون بها ليقضوا عليها(122) "وقد يغتصب السلطة أحد الأفراد المغامرين، ويعد الفقراء بكل ما يرغبون فيه، ويحيط نفسه بجيش خاص به، ويقتل أولاً أعداءه ثم يتبعهم بأصدقائه "حتى يطهر الدولة" من هؤلاء وأولئك، ويقيم حكومة دكتاتورية.(123). وفي هذا الصراع العنيف بين الآراء المتطرفةقد يكون الفيلسوف الذي ينادي بالاعتدال والتفاهم أشبه "برجل سقط بين الوحوش"؛ فإذا كان حكيماً "احتمى بجدار حتى تمر العاصفة والريح الهواتى"(124)

ومن الفهماء من يلجئون في هذه الأزمات إلى الماضي، ويشتغلون بكتابة التاريخ، أما أفلاطون فيلجأ إلى المستقبل، ويضع نظام المدينة الفاضلة، ويرى حتى أول ما يجب عمله هو"البحث عن ملك صالح يسمح بأن نجري التجارب على شعبه، وواجبنا الثاني هوحتى نبعد من هذه المدينة جميع الكبار فلا نستبقي منهم إلا من لا غنى عنهم لحفظ النظام وتعليم الشبان، وذلك لأن أساليب الكبار تفسد الشباب وتطبعهم بطابع الماضي. ثم نعد للشباب رجالاً كانوا أونساء منهجاً تعليمياً يمتد إلى عشرين عاماً، ويضم تعليم الأساطير" وهولا يقصد بها أساطير الدين القديم الفاسدة، بل أساطير جديدة تعود النفس طاعة الآباء والدولة . فإذا قضوا في التعليم هذه المدة وضعت لهم اختبارات جسمية وعقلية وأخلاقية. فأما الذين يخفقون في هذه الاختبارات فيصبحون هم رجال الاقتصاد في الدولة- رجال الأعمال، والصناع، والزراع؛ ويسمح لهؤلاء بأن تكون لهم أملاك خاصة، وأنقد يكونوا على درجات مختلفة في الثراء (داخل حدود معينة) حسب كفاياتهم، على أنه لا يسمح بوجود العبيد. أما من يجتازون هذا الاختبار الأول فيتلقون منهاجاً آخر من التعليم والتدريب يمتد إلى عشرة أعوام أخرى. ثم يختبرون من حديث بعد الأعوام الثلاثين؛ فأما الساقطون فيصبحون جنوداً، لا يسمح لهم بأملاك خاصة ولا يشتغلون بالأعمال التجارية والمالية، بل يعيشون في شيوعية عسكرية. وأما الذين يجتازون الاختبار الثاني فيبدأون في ذلك الوقت (لا قبله) دراسة "الفلسفة الإلهية"(125) مدة خمس سنين. وتضم الدراسة جميع فروع هذه الفلسفة من رياضيات إلى منطق إلى سياسة وقانون. فإذا أتموا هذه الدراسة النظرية خمسة وثلاثين عاماً، ألقوه في الحياة العملية ليكسبوا قوتهم ويشقوا طريقهم. وبعد خمسين عاماً يصبح الباقون منهم على قيد الحياة الطبقة المهيمنة على المدينة أوحكامها من غير حاجة إلى انتخاب.

ويمنح هؤلاء السلطة كلها، ولكنهم لا تكون لهم أملاك. ولن تكون للمدينة قوانين، بل تعرض جميع القضايا والمنازعات على الملوك - الفلاسفة ليفصلوا فيها بحكمتهم التي لم تفسدها السوابق. ولنقد يكون لهؤلاء الملوك - الفلاسفة ملك ولا مال، ولا أسر، ولا زوجات يختصمون بهن على الدوام، وذلك لكيلا يسيئون استخدام سلطتهم. ويتولى الشعب التصرف في أموال المدينة كما يتولى الجند السلطة العسكرية. وليست الشيوعية عند أفلاطون نوعاً من الديمقراطية، بل هي أرستقراطية، يعجز عن بلوغها عامة الشعب، ولا يتحملها إلا الجنود والفلاسفة. أما الزواج فيجب حتى ينظمه الحراس لجميع الطبقات تنظيماً دقيقاً يهدف إلى غرض مقدس هوتحسين النسل. "فيجب حتى يجتمع أفضل الجنسين بعضهما ببعض أكثر ما يستطيعون، وأن يجتمع المنحطون من الرجال بالمنحطات من النساء، ثم يربى أبناء الأولين ولا يربى أبناء الآخرين، لأن هذه هي السبيل الوحيدة للاحتفاظ بالشعب في حالة صالحة"(126) وعلى الدولة حتى تتولى تربية الأطفال جميعهم وتقدم لهم فرصاً للتعليم متكافئة. ويجب ألا تكون الطبقات وراثية، وأنقد يكون للبنات من الفرص مثل ما للأولاد، وألا تمنع النساء من تولي مناصب الدولة لأنهن نساء. ويعتقد أفلاطون أنه بهذا المزيج من الفردية والشيوعية، وبالعمل على تحسين النسل، ومساواة المرأة بالرجل في الحقوق، يستطيع حتى يوجد مجتمعاً يسر الفيلسوف حتى يعيش فيه. ويختم بحثه بالعبارة الآتية: "وإلى حتىقد يكون الفلاسفة ملوكاً، أوحتى يتشبع ملوك هذا العالم وأمراؤه بروح الفلسفة وقوتها...لن تنجوالمدن ولن ينجوالجنس البشري من الشر"(127).


المشترع

وظن أنه عثر في دنيسوس الثاني الأمير المطلوب. وكان يشعر كما يشعر فلتير حتى الملكية المطلقة تمتاز عن الديمقراطية بأن المصلح في الحالة الأولى لا يحتاج إلى إقناع أكثر من رجل واحد(128). وفي ذلك يقول إنك إذا أردت حتى تنشئ دولة صالحة فما "عليك إلى حتى تضع على رأسها حاكماً بأمره، شاباً معتدلاً، سريع التفهم، قوي الذاكرة شجاعاً، كريم الطبع...حسن الحظ؛ ويكون حسن حظه في أنه معاصر لمشترع عظيم، وأن الظروف الموفقة تجمع أحدهما إلى الآخر"(129) لكن اجتماعه بدنيسوس كان كما تجاوز القول من أسوأ الظروف.

وكان أفلاطون في آخر سني حياته لا يزال يتوق إلى حتىقد يكون مشترعاً، ولذلك عرض على الناس دولة تلي الدولتين السابقتين في الحسن. وهويتحدث عن هذه الدولة الثالثة في كتاب القوانين، وهذا أقدم المراجع الأوربية المعروفة في التشريع، وهوإلى هذا دراسة نافعة في عهد الشيخوخة اليوناني الذي أعقب عهد الشباب الإبداعي. وفيه يقول أفلاطون إذا الدولة الجديدة ينبغي حتى تكون في داخل الأرض، بعيدة عن البحر حتى لا تفسد الآراء الأجنبية إيمانها، والتجارة الأجنبية أمنها، والترف الأجنبي بساطتها وانطواءها على نفسها(130). ويجب حتى يقتصر عدد مواطنيها الأحرار على العدد السهل الانقسام وهو5040 يضاف إليهم أفراد أسرهم. ويختار المواطنون من بينهم 360 حارساً يقسمون إلى جماعات تتألف جميع واحدة منها من ثلاثين شخصاً يتولون تصريف أعمال الدولة شهراً واحداَ، ويختار الحراس الثلاثمائة والستون مجلساً ليلياً مؤلفاً من ستة وعشرين عضواً يجتمع في الليل ويشرع لكل شئون المدينة الحيوية(131). ويجب على هؤلاء الأعضاء حتى يقسموا الأرض بين أسر المواطنين أقساماً متساوية على ألا يسمح لهؤلاء الملاك بتقسيمها بعدئذ ولا بالنزول عنها لغيرهم. وعلى الحراس "أن يتخذوا ما يجب اتخاذه من الاحتياطات حتى لا يضر المطر بالأرض بدل حتى ينفعها...وأن يمنعوا المطر عنها بالجسور والخنادق، ويجعلوا قنوات" الري "توصل الكثير من الماء لجميع الأراضي حتى الأراضي الجافة"(132). ويجب ألا تزيد التجارة عن الحد الأدنى حتى لا ينشأ من هذا عدم المساواة الاقتصادية. ويجب ألا يحتفظ الناس بشيء من المضى أوالفضة، وألا يتعاملوا بالربا(133)، وألا يُشَجع أي إنسان على حتى يعيش باستثمار أمواله، بل يُشَجع على حتى يعيش بالاشتغال بغرس الأرض بجد ونشاط. ويجب على جميع من يحصل من ريع الأرض على أربعة أمثال قيمته حتى يرد الباقي إلى الدولة. وقد قُيد حق التوريث والوصية بأشد القيود(134) وجعل للنساء فرصاً تعليمية وسياسية متكافئة مع الرجال(135)، وفرض على الرجال حتى يتزوجوا بين الثلاثين والخامسة والثلاثين، وإلا ألزموا بدفع غرامات سنوية باهضة،(136) وعليهم ألا يلدوا أطفالاً إلا في خلال عشر سنين. ومن الواجب تنظيم الشراب وغيره من وسائل اللهوللمحافظة على أخلاق الشعب(137).

وللوصول إلى هذا كله في هدوء وسلام يجب حتى تشرف الدولة إشرافاً تاماً على شئون التعليم، والنشر، وغيرها من وسائل تكوين الرأي العام، وأخلاق الأفراد، ويجب حتىقد يكون أكبر موظف في الدولة هووزير المعارف ويجب حتى تحل السلطة محل الحرية في شئون التعليم، وذلك لأن ذكاء الأطفال أقل من حتى يجيز لنا حتى نهجرهم يختطون لنفسهم حياتهم. ويجب ألا تفرض الرقابة على الآداب، والعلوم والفنون، فلا يجوز حتى يُعبر عن آراء يرى أعضاء المجلس أنها ضارة بالآداب العامة أوالخلق القويم. وإذ كانت طاعة الوالدين والقوانين لا بد حتى تستند إلى قوة أعلى من قوة البشر وتأييدها فإن الدولة هي التي تقرر أي الآلهة تُعبد وكيف تُعبد ومتى تُعبد. وكل من يتردد في الخضوع لهذا الدين الرسمي يسجن، فإن أصر على عدم الخضوع له وجب حتى يقتل(138).

وليست الحياة الطويلة نعمة لصاحبها على الدوام. ولقد كان من الخير لأفلاطون حتى يموت قبل حتى يوجه هذه التهمة لسقراط، وأن يمهد هذا التمهيد لجميع محاكم التفتيش المستقبلة. ولعل دفاعه عن نفسه هوأنه يحب العدالة أكثر من حبه للحقيقة، وأن هدفه هوحتى يمحوالفقر والحرب، وأنه لا يستطيع حتى يمحوهما إلا بسيطرة الدولة على الأفراد سيطرة تامة، وأن هذه السيطرة لا تكون إلا بواحدة من اثنتين القوة أوالدين. وكان يظن حتى ما أصاب الأثينيين من انحلال أيوني في الأخلاق والسياسة لا علاج له إلا بالقوانين الإسبارطية المشتقة من النظام الدوري. والنزعة السارية في تفكير أفلاطون كله هي خوفه من حتى يساء استخدام الحرية، وأن يفهم الناس الفلسفة على أنها الرقيب على شئون الناس والمنظمة للفنون. ويعرض أفلاطون في كتاب القوانين تسليم أثينة المحتضرة التي استوفت حياتها لإسبارطة التي قضت نحبها من أيام ليقورغ. وإذا لم يكن في وسع أشهر فلاسفة أثينة حتى يقول أكثر مما نطق دفاعاً عن الحرية، فمعنى هذا حتى بلاد اليونان كانت على أتم استعداد لأن يتولى أمورها ملك. وإذا ما ألقينا نظرة شاملة على جميع هذه الآراء اعترتنا الدهشة إذ نرى حتى أفلاطون قد اتى في هذا الوقت القديم بكل ما اتى به في العصور الوسطى الفلسفة والدين والأنظمة المسيحية، وبالشيء الكثير مما اتىت به الفاشية في العصر الحديث. لقد صارت نظرية الأفكار هي "واقعية" المدرسين - واقعية "العموميات" الموضوعية، ولم يكن أفلاطون مسيحياً قبل وجود المسيحية - على حد قول نتشة -فحسب، بل كان فوق ذلك متزمتاً مسيحياً قبل وجود عصر التزمت المسيحي. فهويرتاب في الطبيعة البشرية ويراها شراً، ويعتقد أنها هي الخطيئة الأولى التي لوثت النفس. وهويعمد إلى تلك الوحدة القائمة بين الجسم والروح والتي كانت هي الفكرة الرئيسية في القرنين السادس والخامس، فيقسمها إلى جسم خبيث وروح قديسة (139) وهويستمد من فيثاغورس والأورفية اعتقاد الشرق في تناسخ الأرواح، والكرما ، والخطيئة والتطهير، و"الانطلاق"؛ ويضرب في خطه الأخيرة على نغمة أخروية شبيه بنغمة أوغسطين أي نغمة الرجل الذي تاب وأناب وعاد إلى الدين السليم، ولولا هذا النثر الذي بلغ غاية الكمال لشك الإنسان في حتى أفلاطون من اليونان.

وقد بقي أفلاطون أحب المفكرين اليونان إلى الناس لأنه يتصف بعيوبهم الجذابة المحبوبة. وكان مثل دانتي مرهف الحس إلى حد يستطيع معه أنه يرى الجمال الكامل السرمدي وراء الأشكال الدنيوية غير الكاملة. وكان زاهداً لأنه كان مضطراً في جميع لحظة إلى حتى يكبح جماح مزاجه القوي العنيف(140). وكان شاعراً يسيطر عليه الخيال ويسير وراء جميع فكرة شاذة غريبة، وتستحوذ عليه مآسي الأفكار ومباهجها، يهيجه التحمس الذهني المنبعث من الحياة العقلية الحرة التي كانت تستمتع بها أثينة. ولكن كان من سوء حظه أنه رجل منطق وشاعر معاً، وأنه كان أقوى مجادل في العصر القديم، فقد كان أدق في جدله من زينون الإليائي ومن أرسطو، وأنه كان يشغف بالفلسفة أكثر من شغفه بأية امرأة أوأي رجل، وأنه انتهى في آخر الأمر بمثل ما انتهى إليه البحاث الأكبر في رواية دستيوفسكي، وهوقمع جميع تفكير حر، واعتقاده بأن الفلسفة يجب حتى يُقضى عليها لكي يعيش الإنسان ولوحتى مدينته الفاضلة تحققت عملاً لكان هوأول ضحاياها.

مؤلَّفاته

المأدبة

المأدبة أو"في الحب": يبيِّن هذا الحوار، الذي جرى تأليفه في العام 384 ق م، كيف من الممكن أن حتى ولوج الحقيقة يمكن حتى يتم بطرق أخرى غير العقل، وليس فقط عن طريقه: لأن هناك أيضًا وظيفة للـقلب، تسمح بالانتنطق من مفهوم الجمال الحسِّي إلى مفهوم الجمال الكامل للمثال الجلي.

والسيرة هي سيرة الشاعر أغاثون الذي أقام في منزله مأدبة للاحتفال بنجاح أول عمل مسرحي له. وفي هذه المأدبة طُلِبَ من كلِّ المدعوين، ومن بينهم سقراط، حتى يلقوا حدثة تمجِّد إله الحب – وخاصة أريستوفانيس الذي طوَّر أسطورة الخنثى البدئية. ويقوم سقراط، انطلاقًا من تقريظ الجمال، بمحاولة لتحديد طبيعة الحب، متجنبًا الوقوع في شرك الجدال، متمسِّكًا فقط بالحقيقة. فيستعيد حدثات ديوتيما، كاهنة مانتيني، للتأكيد على حتى الحب هوتعبير عن "شيطان" وسيط بين البشر وبين الآلهة؛ لأنه في آنٍ معًا كابن للفقر (أوالحاجة) – بسبب كونه رغبة لما ينقصه – وابن للثروة – بسبب كونه "شجاعًا، مصممًا، مضطرمًا، و... واسع الحيلة" – فإنه (أبا الحب) يحاول دائمًا امتلاك الخير والهناءة بمختلف الطرق، بدءًا من العمل الجنسي الجسدي وصولاً إلى النشاط الروحي الأسمى. فـالديالكتيكا المترقِّية تحملنا من حبِّ الجسد إلى حبِّ النفوس الجميلة، لتصل بنا أخيرًا إلى حبِّ الفهم. لأنه، وبسبب كونه رغبةً في الخلود وتطلعًا إلى الجمال في ذاته، يقودنا الحبُّ الأرضي إلى الحبِّ السماوي. وهذا هومعنى ما سمِّيَ فيما بعد بـالحب الأفلاطوني، الذي هوالحب الحقيقي، كما يوصلنا إليه منطق المأدبة. إذا أهمية هذا الحوار – الذي هوأحد أجمل الحوارات – لم تتدنَّ خلال تاريخ الفلسفة كلِّه: حيث نجد صداه، مثلاً، في العقيدة المسيحية للقديس أوغسطينوس، الذي كان يعتقد بأن "كلَّ عمل محبة هو، في النهاية، حب للإله".

فيدون

فيدون أو"في الروح": يدور هذا الحوار في الحجرة التي كان سقراط ينتظر الموت فيها. لأن الحضور، وانطلاقًا مما كان يدَّعيه بأن الفيلسوف الحقيقي لا يخشى الموت، يدعوالمعلِّم لكي يبرهن على خلود النفس. وهنا، يجري بسط أربع حجج أساسية:

الحجة الأولى، التي تستند إلى وجود المفارقات، تقول إنه، انطلاقًا من الصيرورة المستمرة للأشياء، ليس في وسعنا فهم شيء ما (النوم مثلاً) دون الاستناد إلى نقيضه (اليقظة ليس حصرًا). ولأن الموت يبيِّن الانتنطق من الحياة الدنيا إلى الآخرة، فإنه من المنطقي الاعتقاد بأن "الولادة من جديد" تعني الانتنطق منه إلى الحياة. وبالتالي، إذا كانت النفس تولد من جديد، فإن هذا يعني حتى التقمص حقيقة واقعة.

أما الحجة الثانية، فهي تستند إلى تلك الأفكار التي ندعوها بـالذكريات. لأن ما نقابله في العالم الحسِّي إنما هوأشياء جميلة، لكنها ليست هي الجمال. لذلك ترانا نحاول تلمس هذا الأخير من خلال تلك الأمور، التي، باستحضارها، تعيدنا حتمًا إلى لحظات من الحياة فوق الأرضية كانت روحنا فيها على تماس مباشر مع الطهارة.

وتقول الحجة الثالثة إنه يمكن شَمْلُ كلِّ ما في الوجود ضمن مقولتين اثنتين: المقولة الأولى تضم كلَّ ما مركَّب (وبالتالي ممكن التفكك) أي المادة؛ والمقولة الأخرى التي تضم ما سهل (أي لا يمكن تفكيكه)، كجزء مما هومدرَك، أي الروح.

وعندما يلاحظ كيبيوس بأن سقراط، الذي برهن على إمكانية انتنطق الروح من جسم إلى آخر، لم يبرهن على خلود هذه الأخيرة في حدِّ ذاتها، يجيبه سقراط من خلال عرض مسهب، يتطرق فيه إلى نظرية المُثُل، حيث يبيِّن في نهايته حتى الروح لا تتوافق مع الموت لأنها من تلك العناصر التي ليس بوسعها تغيير طبيعتها.

وينتهي الحوار بعرض طويل لمفهومي العالم العلوي والمصير الذي يمكن حتى تقابله النفس: حيث ترتفع النفوس الأكمل نحوعالم علوي، بينما ترسب النفوس المذنبة في الأعماق السفلى. وتكون حدثات سقراط الأخيرة هي التي مفادها بأنه مدين في فهمه لأسكليبيوس (إله الطب والشفاء) – من أجل تذكيرنا رمزيًّا بأنه يجب علينا شكر الإله الذي حرَّره من سقم الموت.

الجمهورية

الجمهورية أو"في العدالة": يشكل هذا الحوار، المجموع في عشر كتيبات تمت خلال عدة سنوات (ما بين أعوام 389 و369 ق م)، العمل الرئيسي لأفلاطون المتعلِّق بـالفلسفة السياسية.

نص كتاب جمهوريه افلاطونانقر على الصورة للمطالعة

يبدأ سقراط بمحاولة تعريف العدالة استنادًا إلى ما نطقه عنها سيمونيدِس، أي "قول الحقيقة وإعطاء كلِّ إنسان حقه". هذا التعريف مشكوك في ملاءمته، لأنه يجعلنا نلحق الضرر بأعدائنا، مما يعني جعلهم، بالتالي، أسوأ وأظلم. كذلك أيضًا يستبعد تعريف السفسطائي ثراسيماخوس الذي نطق بأن "العدل" هوما ينفع الأقوى.

ونصل مع أفلاطون إلى التمعُّن في مفهوم الدولة العادلة – تلك التي تعني "الإنسان مكبَّرًا" – القائمة على مشاعية الأملاك والنساء، اللواتي لاقد يكون التزاوج معهن انطلاقًا من الرغبات الشخصية، إنما استنادًا لاعتبارات النسل – تلك المشاعية الخاضعة لمفهوم التقشف الصحي، أي المعادي للبذخ؛ تلك الدولة القائمة على التناغم والمستندة إلى فصل صارم بين طبقاتها الأساسية الثلاث التي هي: طبقة الفلاسفة أوالقادة، وطبقة الجنود، وطبقة الصنَّاع – والتي هي على صورة التوازن القائم بين المكونات الثلاث للنفس الفردية. ونلاحظ هنا، من خلال العرض، حتى الطبقة الدنيا (أوطبقة الصنَّاع) لا تخضع لمتطلَّبات الملكية الجماعية لأنها لن تفهمها انطلاقًا من مستوى إدراكها.

ويفترض سقراط أنه على رأس هذه الدولة يجب وضع أفضل البشر. من هنا تأتي ضرورة تأهيلهم الطويل للوصول إلى الفهم الفلسفي للخير الذي يعكس نور الحقيقة وينير النفس، كما تنير الشمس أشياء عالمنا (استعارة الكهف).

ذلك لأن الظلم يشوِّه، بشكل أوبآخر، كافة الأشكال الأخرى من الدول، التي يعدِّدها أفلاطون كما يلي: الدولة التيموقراطية (التي يسود فيها الظلم والعنف)، الدولة الأوليغارخية (حيث الطمع الدائم واشتهاء الثروات المادية)، الدولة الديموقراطية (حيث تنفلت الغرائز وتسود ديكتاتورية العوام)، وأخيرًا، دولة الاستبداد، حيثقد يكون الطاغية بنفسه عبدًا لغرائزه، وبالتالي غير عادل.

وأخيرًا فإن هذا المفهوم نسبي لأن العدالة لن تتحقق بالكامل، كما تصف ذلك أسطورة إرْ، إلا في حياة مستقبلية أخرى: حيث النفوس، وقد حازت على ما تستحقه من ثواب أوعقاب، تعود لتتجسد من جديد، ناسية ذكرى حياتها الماضية.

قائمة بالحوارات الأفلاطونية الأخرى

محاورات أفلاطون، زكي نجيب محمود. اضغط على الصورة لقراءة الكتاب.
جزء من سلسلة عن:
محاورات أفلاطون
محاورات مبكرة:
Apology – Charmides – أقريطون
أوطيفرون – ألقبيادس الأول
Hippias Major – Hippias Minor
Ion – Laches – Lysis
محاورات انتنطقية ووسطى:
Cratylus – Euthydemus – Gorgias
Menexenus – منو– فايدو
Protagoras – Symposium
محاورات وسطى متأخرة:
الجمهورية – Phaedrus
پارمنيدس – Theaetetus
محاورات متأخرة:
كليتوفون – Timaeus – Critias
Sophist – رجل الدولة
Philebus – القوانين
مشكوك في أصلها:
Axiochus – Demodocus
إپي‌نوميس – Epistles – Eryxias
هالسيون – هيپارخوس – مينوس
في العدالة – في الفضيلة
Rival Lovers – ألقبيادس الثاني
Sisyphus – Theages
  • هيبياس الكبير
  • هيبياس الصغير
  • إيون
  • بروتاغوراس
  • دفاع سقراط
  • كريتون
  • ألكيبيادِس
  • خارميدِس
  • مينيكسينِس
  • مينون
  • أفتيديموس
  • كراتيلِس
  • فيدروس
  • ثيئيتيتِس
  • بارمنيدِس
  • السفسطائي
  • السياسة
  • كريتياس
  • فيليبوس
  • القوانين

مخطة لوب الكلاسيكية

قدم جيمس لوب طبعة شعبية جداً لأعمال أفلاطون ما زالت تطبع في القرن 21: انظر مخطة لوب الكلاسيكية لأعمال أفلاطون من منشورات لوب.

نسب أكاديمي
أساتذة مميزون طلاب مميزون
سقراط أميكلوس من هرقليا

أرسطونيموس
أرسطو
Axiothea of Phlius
كاليپوس من أثينا

دمتريوس من أمفيپوليس
ديون من سيراكيوز
Erastus of Scepsis
Euaeon of Lampsacus
Eudoxus of Cnidus
هراقليدس من أينوس
هراقليدس من پنطس
هرمياس من أتارنيوس
هستيايوس من پرينثوس
هيپوطالس من أثينا
Lastheneia of Mantinea
Philippus of Opus
فورميو
Python of Aenus
Speusippus of Athens

ثيوفراستوس
زينوقراطس من خلقدون

انظر أيضاً

  • واقعية أفلاطونية
  • Mitchell Miller
  • Eric A. Havelock
  • Alexander Nehamas
  • حب أفلاطوني
  • الرسالة السابعة (أفلاطون)
  • Cambridge Platonists
  • Jacob Klein

هوامش

a.   The grammarian Apollodorus argues in his Chronicles that Plato was born in the first year of the eighty-eighth Olympiad (427 BC), on the seventh day of the month Thargelion; according to this tradition the god Apollo was born this day. According to another biographer of him, Neanthes, Plato was eighty-four years of age at his death. If we accept Neanthes' version, Plato was younger than Isocrates by six years, and therefore he was born in the second year of the 87th Olympiad, the year Pericles died (429 BC). According to the Suda, Plato was born in Aegina in the 88th Olympiad amid the preliminaries of the Peloponnesian war, and he lived 82 years.Sir Thomas Browne also believes that Plato was born in the 88th Olympiad.Renaissance Platonists celebrated Plato's birth on November 7. Wilamowitz-Moellendorff estimates that Plato was born when Diotimos was archon eponymous, namely between July 29428 BC and July 24427 BC. Greek philologist Ioannis Kalitsounakis believes that the philosopher was born on May 26 or 27 427 BC, while Jonathan Barnes regards 428 BC as year of Plato's birth. For her part, Debra Nails asserts that the philosopher was born in 424/423 BC.

b.   Diogenes Laertius mentions that Plato "was born, according to some writers, in Aegina in the house of Phidiades the son of Thales". Diogenes mentions as one of his sources the Universal History of Favorinus. According to Favorinus, Ariston, Plato's family, and his family were sent by Athens to settle as cleruchs (colonists retaining their Athenian citizenship), on the island of Aegina, from which they were expelled by the Spartans after Plato's birth there. Nails points out, however, that there is no record of any Spartan expulsion of Athenians from Aegina between 431-411 BC. On the other hand, at the Peace of Nicias, Aegina was silently left under Athens' control, and it was not until the summer of 411 that the Spartans overran the island. Therefore, Nails concludes that "perhaps Ariston was a cleruch, perhaps he want to Aegina in 431, and perhaps Plato was born on Aegina, but none of this enables a precise dating of Ariston's death (or Plato's birth). Aegina is regarded as Plato's place of birth by Suda as well.

c.   Plato was a common name, of which 31 instances are known at Athens alone.

المراجع

  1. ^ Diogenes Laertius, Life of Plato, II
  2. ^ F.W. Nietzsche, Werke, 32
  3. ^ "Plato". Suda.
  4. ^ T. Browne, Pseudodoxia Epidemica, XII
  5. ^ D. Nails, The Life of Plato of Athens, 1
  6. ^ U. von Wilamowitz-Moellendorff, Plato, 46
  7. ^ "Plato". Encyclopaedia Britannica. 2002.
    *"Plato". Encyclopaedic Dictionary The Helios Volume V (in Greek). 1952.
  8. ^ Diogenes Laertius, Life of Plato, III
  9. ^ D. Nails, "Ariston", 54
  10. ^ Thucydides, 5.18
    * Thucydides, 8.92
  11. ^ W. K. C. Guthrie, A History of Greek Philosophy, IV, 10
    * L. Tarán, Plato's Alleged Epitaph, 61

المصادر

  • ترجمة هذا النص من قاموس ناثان الفلسفي، تأليف جيرار دوروزوي وأندريه روسيل. تعريب: أكرم أنطاكي، مراجعة: ديمتري أفييرينوس
  • ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)


مصادر رئيسية (باليونانية واللاتينية)

  • Apuleius, De Dogmate Platonis, I. See original text in Latin Library.
  • Aristophanes, The Wasps. See original text in Perseus program.
  • Aristotle, Metaphysics. See original text in Perseus program.
  • Cicero, De Divinatione, I. See original text in Latin library.
  • Diogenes Laertius, Life of Plato. Translated by C.D. Yonge.
  • Plato: Charmides on Wikisource. See original text in Perseus program.
  • Plato: Gorgias on Wikisource. See original text in Perseus program.
  • Plato, Parmenides. See original text in Perseus program.
  • Plato: The Republic on Wikisource. See original text in Perseus program.
  • Plutarch, Pericles. See original text in Perseus program.
  • Thucydides: History of the Peloponnesian War on Wikisource, V, VIII. See original text in Perseus program.
  • Xenophon, Memorabilia. See original text in Perseus program.

مصادر ثانوية

  • Browne, Sir Thomas (1646–1672). Pseudodoxia Epidemica. Text " IV.xii" ignored (help); External link in |title= (help)CS1 maint: date format (link)
  • Guthrie, W.K.C. (1986). A History of Greek Philosophy: Volume 4, Plato: The Man and His Dialogues: Earlier Period. Cambridge University Press. ISBN 0-521-31101-2.
  • Kahn, Charles H. (2004). "The Framework". Plato and the socratic dialogue: The Philosophical Use of a Literary Form. Cambridge University Press. ISBN 0-521-64830-0.
  • Nails, Debra (2006). "The Life of Plato of Athens". A Companion to Plato edited by Hugh H. Benson. Blackwell Publishing. ISBN 1-405-11521-1.
  • Nails, Debra (2002). "Ariston/Perictione". The People of Plato: A Prosopography of Plato and Other Socratics. Hackett Publishing. ISBN 0-872-20564-9.
  • Nietzsche, Friedrich Wilhelm (1967). "Vorlesungsaufzeichnungen". Werke: Kritische Gesamtausgabe (in German). Walter de Gruyter. ISBN 3-110-13912-X.
  • Notopoulos, A. (April 1939). "The Name of Plato". Classical Philology. The University of Chicago Press. 34 (No.2): 135–145. |access-date= requires |url= (help)
  • "Plato". Encyclopaedia Britannica. 2002.
  • "Plato". Encyclopaedic Dictionary The Helios Volume XVI (in Greek). 1952.
  • "Plato". Suda. 10th century. Check date values in: |date= (help)
  • Smith, William (1870). "Plato". .
  • Tarán, Leonardo (2001). Collected Papers 1962-1999. Brill Academic Publishers. ISBN 9-004-12304-0.
  • Taylor, Alfred Edward (2001). Plato: The Man and his Work. Courier Dover Publications. ISBN 0-486-41605-4.
  • Wilamowitz-Moellendorff, Ulrich von (2005 (first edition 1917)). Plato: his Life and Work (translated in Greek by Xenophon Armyros. Kaktos. ISBN 960-382-664-2. Check date values in: |year= (help)

قراءات اضافية

  • Allen, R.E. (2006). Studies in Plato's Metaphysics II. Parmenides Publishing. ISBN 978-1-930972-18-6
  • Ambuel, David (2006). Image and Paradigm in Plato's Sophist. Parmenides Publishing. ISBN 978-1-930972-004-9
  • Bakalis, Nikolaos (2005). Handbook of Greek Philosophy: From Thales to the Stoics Analysis and Fragments, Trafford Publishing ISBN 1-4120-4843-5
  • Barrow, Robin (2007). Plato: Continuum Library of Educational Thought. Continuum. ISBN 0-8264-8408-5.
  • Cooper, John M. & Hutchinson, D. S. (Eds.) (1997). Plato: Complete Works. Hackett Publishing Co., Inc. ISBN 0-87220-349-2.CS1 maint: multiple names: authors list (link) CS1 maint: extra text: authors list (link)
  • Corlett, J. Angelo (2005). Interpreting Plato's Dialogues. Parmenides Publishing. ISBN 978-1-930972-02-5
  • Durant, Will (1926). The Story of Philosophy. Simon & Schuster. ISBN 0-671-69500-2.
  • Derrida, Jacques (1972). La dissémination, Paris: Seuil. (esp. cap.: La Pharmacie de Platon, 69-199) ISBN 2-02-001958-2
  • Fine, Gail (2000). Plato 1: Metaphysics and Epistemology Oxford University Press, USA, ISBN 0-19-875206-7
  • Guthrie, W. K. C. (1986). A History of Greek Philosophy (Plato - The Man & His Dialogues - Earlier Period), Cambridge University Press, ISBN 0-521-31101-2
  • Guthrie, W. K. C. (1986). A History of Greek Philosophy (Later Plato & the Academy) Cambridge University Press, ISBN 0-521-31102-0
  • Havelock, Eric (2005). çPreface to Plato (History of the Greek Mind), Belknap Press, ISBN 0-674-69906-8
  • Hamilton, Edith & Cairns, Huntington (Eds.) (1961). The Collected Dialogues of Plato, Including the Letters. Princeton Univ. Press. ISBN 0-691-09718-6.CS1 maint: multiple names: authors list (link) CS1 maint: extra text: authors list (link)
  • Irwin, Terence (1995). Plato's Ethics, Oxford University Press, USA, ISBN 0-19-508645-7
  • Jackson, Roy (2001). Plato: A Beginner's Guide. London: Hoder & Stroughton. ISBN 0-340-80385-1.
  • Kochin, Michael S. (2002). Gender and Rhetoric in Plato’s Political Thought. Cambridge Univ. Press. ISBN 0-521-80852-9.
  • Kraut, Richard (Ed.) (1993). The Cambridge Companion to Plato. Cambridge University Press. ISBN 0-521-43610-9.CS1 maint: extra text: authors list (link)
  • Lilar, Suzanne (1954), Journal de l'analogiste, Paris, Éditions Julliard; Reedited 1979, Paris, Grasset. Foreword by Julien Gracq
  • Lilar, Suzanne (1963), "Le couple", Paris, Grasset. Translated as "Aspects of Love in Western Society" in 1965, with a foreword by Jonathan Griffin London, Thames and Hudson.
  • Lilar, Suzanne (1967) A propos de Sartre et de l'amour , Paris, Grasset.
  • Lundberg, Phillip (2005). Tallyho ~ The Hunt for Virtue: Beauty,Truth and Goodness Nine Dialogues by Plato: Pheadrus, Lysis, Protagoras, Charmides, Parmenides, Gorgias, Theaetetus, Meno & Sophist. Authorhouse. ISBN 1-4184-4977-6.
  • Melchert, Norman (2002). The Great Conversation: A Historical Introduction to Philosophy. McGraw Hill. ISBN 0-19-517510-7.
  • Meinwald, Constance Chu (1991). Plato's Parmenides. Oxford University Press. ISBN 0-19-506445-3.
  • Miller, Mitchell (2004). The Philosopher in Plato's Statesman. Parmenides Publishing. ISBN 978-1-930972-16-2
  • Mohr, Richard D. (2006). God and Forms in Plato - and other Essays in Plato's Metaphysics. Parmenides Publishing. ISBN 978-1-930972-01-6
  • Moore, Edward (2007). Plato. Philosophy Insights Series. Tirril, Humanities-Ebooks. ISBN 978-1-84760-047-9
  • Sallis, John (1996). Being and Logos: Reading the Platonic Dialogues. Indiana University Press. ISBN 0-253-21071-2.
  • Sallis, John (1999). Chorology: On Beginning in Plato's "Timaeus". Indiana University Press. ISBN 0-253-21308-8.
  • Sayre, Kenneth M. (2006). Plato's Late Ontology: A Riddle Resolved. Parmenides Publishing. ISBN 978-1-930972-09-4
  • Taylor, A. E. (2001). Plato: The Man and His Work, Dover Publications, ISBN 0-486-41605-4
  • Vlastos, Gregory (1981). Platonic Studies, Princeton University Press, ISBN 0-691-10021-7
  • Vlastos, Gregory (2006). Plato's Universe - with a new Introducution by Luc Brisson, Parmenides Publishing. ISBN 978-1-930972-13-1
  • Oxford University Press publishes scholarly editions of Plato's Greek texts in the Oxford Classical Texts series, and some translations in the Clarendon Plato Series.
  • Harvard University Press publishes the hardbound series Loeb Classical Library, containing Plato's works in Greek, with English translations on facing pages.
  • Smith, William. (1867 — original). Dictionary of Greek and Roman Biography and Mythology. University of Michigan/Online version. Check date values in: |year= (help)
  • Aspects of antiquity: Discoveries and Controversies by M.I. Finley, issued 1969 by The Viking Press, Inc.
  • Interpreting Plato: The Dialogues as Drama by James A. Arieti, Rowman & Littlefield Publishers, Inc. ISBN 0-8476-7662-5

وصلات خارجية

  • أعمال متاحة أونلاين
    • نطقب:PerseusAuthor - Greek & English hyperlinked text
    • Works of Plato (Jowett, 1892)
    • أعمال من Plato في مشروع گوتنبرگ
      • Spurious and doubtful works at Project Gutenberg
    • Plato complete works, annotated and searchable, at ELPENOR
    • Euthyphro LibriVox recording
    • Ion LibriVox recording
  • Stanford Encyclopedia of Philosophy:
    • Plato
    • Plato's Ethics
    • Friendship and Eros
    • Middle Period Metaphysics and Epistemology
    • Plato on Utopia
    • Rhetoric and Poetry
  • منطقات أخرى:
    • , Cambridge University Press, 1989, pp. 8-38
    • Website on Plato and his works: Plato and his dialogues by Bernard Suzanne
    • Are there really Platonic forms?
    • "Plato and Totalitarianism: A Documentary Study"
    • The New Academy
  • Plato Bibliography at PlatoGeek
  • Online library "Vox Philosophiae"
تاريخ النشر: 2020-06-05 23:41:07
التصنيفات: Articles with hCards, Pages with citations using unsupported parameters, Pages with citations using unnamed parameters, CS1 errors: external links, CS1 maint: date format, Pages using citations with accessdate and no URL, CS1 errors: dates, CS1 maint: multiple names: authors list, CS1 maint: extra text: authors list, أفلاطونية, فلاسفة اللغة, فلاسفة القانون, أفلاطون, فلاسفة سياسيون, فلاسفة أكاديميون, أطباء يونانيون قدماء, أثينيون قدماء, نباتيون يونانيون قدماء, مواليد عقد 420 ق.م., مواليد عقد 340 ق.م., فلاسفة يونانيون

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

طقس الأحد: جو بارد نسبيا ورياح وأمطار بهذه المناطق!

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-25 09:09:48
مستوى الصحة: 68% الأهمية: 71%

السعودية تعلن عن زيادة في الاحتياطيات المؤكدة للغاز والمكثفات

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-25 09:08:10
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 86%

فيديو سابق لوزير الطاقة السعودي يثير تفاعلا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-25 09:08:08
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 90%

سجناء في بريطانيا إلى الحرية ضمن برنامج "الإفراج المبكر"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-25 09:08:00
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 93%

بعد التحقيق..الجيش الإسرائيلي يقدم روايته لمقتل الطفلة هند رجب

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-25 09:07:59
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 89%

كوليبا يطلق تصريحا مفاجئا حول الأراضي التي خسرتها أوكرانيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-25 09:07:50
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 92%

سفن حربية روسية تصل إلى الهند للمشاركة بمناورة دولية (فيديو)

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-25 09:07:48
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 87%

اليابان تعد بمواصلة دعم أوكرانيا وفرض عقوبات ضد روسيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-25 09:08:11
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 90%

تصرف غير مألوف من مايلي عند لقائه ترامب في واشنطن (فيديو)

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-25 09:07:53
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 99%

بيلاروس تشهد لأول مرة في تاريخها يوم تصويت موحدا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-25 09:08:05
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 85%

مهاجرون من أوزبكستان يقاضون بايدن ووزير داخليته

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-02-25 09:07:49
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 100%

تحميل تطبيق المنصة العربية