مالك بن نويرة اليربوعي التميمي، سيد من سادات قبيلة تميم في عهد النبي محمد.

نسبه

هومالك بن نويرة بن حمزة بن شداد بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن إد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

إسلامه

أدرك الإسلام وأسلم وولاه رسول الله صدقات قومه (بني يربوع)، وبعد وفاة الرسول امتنع عن دفعها.

سيرته

كان مالك بن نويرة من كبار بني يربوع من بني تميم، وصاحب شرف رفيع وأريحية عالية بين العرب، حتى ضرب به المثل في الشجاعة والكرم والمبادرة إلى إسداء المعروف والأخذ بالملهوف. كانت له الحدثة النافذة في قبيلته، حتى أنه لما أسلم ورجع إلى قبيلته وأبلغهم بإسلامه، وأعطاهم فكرة عن جوهر هذا الدين الجديد، أسلموا على يديه جميعاً ولم يتخلف منهم رجل واحد.

كان قد نال منزلة رفيعة لدى النبي حتى نصبه وكيلاً عنه في قبض زكاة قومه كلها، وتقسيمها على الفقراء، وهذا مرشد وثقاته واحتياطه وورعه.

سيرة مقتله

كانت وصية أبي بكر حتى يؤذنوا إذا نزلوا منزلًا فإن أذن القوم فكفوا عنهم وإن لم يؤذنوا فاقتلوا وإن أجابوكم إلى داعية الإسلام فاسألوهم عن الزكاة فإن أقروا فاقبلوا منهم وإن أبوا فقاتلوهم. فاتىت خيل خالد بن الوليد بمالك بن نويرة في نفر من بني ثعلبة بن يربوع فاختلفت السرية فيهم وكان فيهم أبوقتادة فكان فيمن شهد أنهم قد أذنوا وأقاموا وصلوا فلما اختلفوا أمر بهم فحبسوا في ليلة باردة لا يقوم لها شيء فأمر خالد مناديًا فنادى: "أدفئوا أسراكم"، وهي في لغة قبيلة كنانة القتل وكنانة قبيلة خالد، فظن القوم أنه أراد القتل ولم يرد إلا الدفء فقتلوهم، فقتل ضرار بن الأزور مالكًا. وتزوج خالد أم تميم امرأة مالك.

وغاية ما يقول الفهماء عن سيرة مالك بن نويرة حتى خالد بن الوليد تأول فأخطأ، لا سيما حتى مالك بن نويرة منع الزكاة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنع قومه من دفع الزكاة إلى أبي بكر فضلا عن علاقة مشبوهة واضحة تمت بينه وبين سجاح التي ادعت النبوة. يقول المضىي: (فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما سقط بينهم وجهاد محّاء وعبادة ممحّصة ولسنا ممن يغلوفي أحد منهم ولا ندعي فيهم العصمة) .

كما حتى الروايات الموجودة في السير يجب حتى تدقق ويعهد سندها ورواتها. وهذا ماذكره ابن حجر في الإصابة حيث نطق: وأمّا أنه تزوج بامرأة مالك بن نويرة فهذا لايصح، لأن إسناده منبتر .

مراثي متمم بن نويرة

لقد عُدّت مراثي متمم لأخيه مالك من أجمل المراثي التي قيلت في مرثي، لصدق عاطفتها الحزينة، الملأى بحسرات لا تنتهي، فضلا عن الصور النبيلة التي رسمها متمم في وصف سجايا أخيه من كرم وحياء وشجاعة وحماية الجار، مما جعل ابن سلام (ت 231هـ) يصدّر به طبقة أصحاب المراثي في كتابه طبقات فحول الشعراء. ولوتجاوزنا جميع قصائد متمم في رثاء مالك ووقفنا عند أحد أبياته لكان دليلا كافيا على إسلام مالك وهوقوله:

أمن المعقول حتى يوصف مشرك بالله، مرتد عن دين نبيه بأنه (نعم القتيل) وكيف يمدحه متمم بهذا المديح ولا يشك أحد في صحة إسلامه؟! وله في مطلع قصيدة أخرى:

ففي البيت استفهام إنكاري ينكر فيه الشاعر على عاذلته ومتعجبا من نهيها له عن البكاء، لأن من يبكيه يستحق الحزن والبكاء فلماذا هوالتعجب،يا ترى؟ ولماذا الإنكار،يا ترى؟ إذا كان المرثي لا يستحق الرثاء؟! فهذا الاستفهام الإنكاري مرشد على استحقاقه الرثاء وهذا لا يخفى على ذي عينين، وأسمعه في أخرى وهويقول في مديحه ووجوب البكاء عليه:

وإن كان من المنطق حتى يرثيه من عاش في كنفه وتحت ظله وهوأخوه، فلماذا يرثيه شاعر إسلامي آخر ويبكيه بحسرة وتألم، مؤكدا أنه إنما قُتل بسبب عشق خالد بن الوليد لزوجته الجميلة، ولا يناسبكونه مرتدا، فقد رثاه أبوزهير السعدي فنطق:

لا أظن حتى هذه الأبيات بحاجة إلى تعليق، وهل يشك عاقل بعد هذا الرثاء وبعد تكرار مراثي متمم لأخيه حتى مالكا مرتدٌ؟! وألا يقدح تكرار الرثاء والتأكيد على بكائه الأذهان إلى حتى موت هذا الشخص مظلوما كان داعية للبكاء عليه، فربما لوتوفي في الحرب أونتيجة لسقم أصابه ما بقي يرثيه عند رؤيته لحدث هالك فيقول:

وهذا ما أكده متمم للخليفة الثاني عمر بن الخطاب عندما سأله عن شدة حزنه على أخيه، وقد كان متمم أعورا، فنطق (كانت عيني هذه قد مضىت وأشار إليها فبكيت بالسليمة فأكثرت البكاء حتى ساعدتها الذاهبة) ولوأمعنا النظر في قوله حتى ساعدتها الذاهبة سيتبين لنا حتى عينه الأخرى التي يفترض أنها عوراء لا تبكي قد بكت أيضا من شدة حزنه على أخيه مما حدا بعمر بن الخطاب حتى يعزيه فيه- وسنفصل القول لاحقا في موقف عمر من هذه الحادثة – وتمنى عمر لوكان شاعرا كمتمم ليرثي أخاه زيدا الذي اغتال في يوم اليمامة، ونقل أمنيته هذه إلى متمم بأنه لوكان أخوه اغتال كما اغتال زيد يوم اليمامة ما حزن عليه، والمتمعن في فحوى هذه الرواية يجد حتى حزن متمم متأت من طريقة مقتل أخيه، فلوكان أخوه قد اغتال في ساحة قتال ما حزن عليه، وقد حرّف عدد من المؤرخين هذه الرواية ونقلها بطريقة أخرى توهم حتى سبب حزن متمم هوحتى مالكا لم يمت على ما توفي عليه زيد أخوعمر وهوالإسلام، ويبدوحتى ابن سعد صاحب الطبقات الكبرى هوالذي سنّ هذه الرواية وتبعه جميع من أتى بعده من القوم، ونص هذه الرواية هوحتى متمما نطق لعمر (لوإذا أخي توفي على ما توفي عليه أخوك ما رثيته)، ولا أرى صحة هذه الرواية، لأنه لا يجوز لمسلم حتى يحزن على أخ له هجر الدين الإسلامي وهومن المسلمين الأوائل، ولا سيما حتى القرآن الكريم لم يبح الحزن أوالشفاعة لولد عاق مشرك، من والده، وهوابن النبي نوح) حين عصاه وأراد النبي حتى ينجيه من الغرق، إلا حتى الباري عز وجل أوحى إليه حتى (ولا تخاطبني في الذين ظلموا أنهم مغرقون) هود 37، وأكد له أنه (عمل غير صالح) هود 46، فكيف يبيح متمم لنفسه رثاء أخيه المشرك ولا يراعي أية حرمة للإسلام،يا ترى؟ والذي يثير الاستغراب حتى الدكتورة ابتسام الصفار العالمة الجليلة تبعت هؤلاء المؤرخين في هذه الرواية من غير محاولة جادة لمناقشة تلك الآراء، أما الدليل الآخر على صحة إسلام مالك فهوسيرته الحسنة في الإسلام ومصاحبته للرسول وفهمه في أصول الفقه، وسأكتفي بروايتين فقط تعزز هذا الحكم، أما الأولى فقد بعثه الرسول محمد على صدقات بني حنظلة، وكان في من بعثهم على جباية الصدقات الإمام علي وعدي بن حاتم، وهذا إذا دل على شيء إنما يشير على حتى الاختيار لم يكن عشوائيا، بل هواختيار لصحابة ثقاة.

وللطبري رواية مهمة تدل على مكانة مالك عند رسول الله وإتقانه أصول الفقه، فقد شارك رسول الله في هديه في أحد مواسم الحج وبقي على إحرامه مع رسول الله حتى فرغا من الحج، ونحر رسول الله الهدي عنهما، وقد علّم عائشة بأنه يجوز لها القيام بأعمال الحج كلها ما عدا الطواف إذا وقع لها عذر شرعي أثناء أيام الحج، حين تأوهت أمامه وأبلغته بأسفها على قدومها للحج هذا العام وتحملها مشاق الحج فأحدثت أثناءه، وظنّت حتى لا حج لها فبيّن لها الحكم الشرعي منها، أما الدليل الثالث فهوالتاريخ، وسأستند فيه إلى خط التاريخ التي أكدت حتى سبب مقتل مالك هوامتناعه عن أداء الزكاة للخليفة الأول التزاما منه لعهده مع رسول الله يوم غدير خم، وانتظارا منه حتى يحق الحق فتؤول الخلافة إلى أمير المؤمنين، وسأكتفي بخط التاريخ المعتمدة ولدى مؤلفي تاريخ الأدب العربي أمثال شوقي ضيف وغيره، ولن نتطرق إلى علاقة الموضوع بالخلافة، إذ إذا هذا لا يعنينا بشيء، وما يعنينا هومقتله مسلما أم كافرا، ومما يثير الاستغراب حتى خط التاريخ تذكر الحادثة بما يؤكد إسلام مالك ويصرون على تكفيره، ولا نعهد السر في الإصرار على هذا الاتهام! ويمكننا تقسيم أدلة التاريخ إلى قسمين، الأول: نص الحادثة، والآخر: ردة عمل الخليفة الثاني وتودية مالك (أي دفع ديّة دمه)، أما نص الحادثة، فقد كان توتر الحوار بين خالد بن الوليد ومالك بن نويرة مرشد على وجود خلاف ما، إذ إذا منع الزكاة ساعد خالدا على النيل من مالك، وكأنه فتح له بابا للانتقام، فقد نطق له مالك بن نويرة عندما اتى ليأخذ أموال الزكاة أنه قد جمع أموال الزكاة وتصرف بها، وقد عرض على خالد الصلاة دون الزكاة، فنطق له خالد (لا تقبل واحدة دون الأخرى) فنطق مالك (قد كان صاحبك يقول ذلك) نطق خالد (وما تراه لك صاحبا،يا ترى؟ والله قد هممت حتى أضرب عنقك) ثم تجادلا في الكلام طويلا، فنطق له خالد (أني قاتلك) نطق (أوبذلك أمرك صاحبك) نطق (وهذه بعد تلك والله لأقتلنك)، والذي يمعن النظر في هذا النص يلتمس بوضوح لغة الانفعال التي كان يتحدث بها خالدا مع مالك، إذ حتى مالكا لم يسب الخليفة الأول ليقسم خالد على قتله، وإن كان سبه أوشتمه أوتعرض لذكره بالسوء، فهل يوجد لدينا في شريعة الإسلام عقابا للشتم بالقتل،يا ترى؟ إذ حتى القتل لم يكن قصاصا إلا للقتل كما هومعروف في قوله تعالى (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب)، فأين أولوا الألباب الذين سوغوا هذا القتل،يا ترى؟ الذي يثير الاستغراب الإصرار على تزييف هذه الحادثة على الرغم من حتى صحابيين جليلين شهدا هذه الواقعة، وكلّما خالدا في أمر مالك، وكره خالد كلامهما ولم يعره شيئا، فطلب منه مالك حتى يحول أمره إلى الخليفة ليحكم بنفسه، ولا سيما أنه أوعز إليه أمر أناس آخرين، إلا حتى خالدا رفض إيكال الأمر إلى أبي بكر مصرا على قتله، فنطق خالد (لا أنطقني الله حتى أقلتك وتقدم إلى ضرار بن الأزور الأسدي بضرب عنقه فالتفت مالك إلى زوجته أم متمم ونطق لخالد (هذه التي قتلتني) فنطق خالد (يا ضرار اضرب عنقه، فضرب عنقه وجعل رأسه أُثفية لقدر)[15]، ألا يعد شواء رأس مالك عملا إرهابيا، وتمثيلا بجسد قتيل ينهى عنه الإسلام حتى وإن كان كافرا، بعد هذا العمل حلف الصحابي أبوقتادة ألا يسير في جيش قائده خالد، لأنه لا يعر كلامه أهمية وسمع كلام الأعراب الذين فتنتهم الغنائم.

ولوتجاوزنا جميع هذا وعدنا إلى موقف الخليفة أبي بكر وموقف عمر بن الخطاب مما حصل، نجد حتى أبا بكر نفسه عندما سمع خلق خالد مع مالك جزع، وودّى مالكا أي دفع الديّة إلى أخيه متمم وأعاد السبايا التي أخذها خالد، إلا أنه حاول تسويغ عملة خالد بأنه تأول فأخطأ فإن دفع الديّة مرشد على أنه مسلم وقُتِلَ عن عمد، فكيف تصمم خط التاريخ وخط الأدب على أنه قُتِلَ كافرا،يا ترى؟ والأدهى من هذا كله، موقف الخليفة عمر بن الخطاب، فعند سماعه شهادة من كان حاضرا الواقعة، بأن مالكا قد صلى مع القوم ولم يرتد عن دينه، وأن خالدا أصر على قتله لرؤيته زوجة مالك وإعجابه بها، متمسكا ومتذرعا بمنع مالك دفع الزكاة إليه، لأنه تصرف فيها، طلب من أبي بكر حتى يعزله، ونطق إذا في سيفه رهقا إلا حتى أبا بكر رفض ذلك بذريعة التأويل الخاطئ.

وقد بقي عمر في زمن أبي بكر يلح على أبي بكر حتى يرجمه لأنه زنى حين أقام بزوجة مسلم قبل انقضاء المدة، أوحتى يقتله لأنه اغتال مسلما، أوحتى يعزله، إلا حتى أبا بكر رفض بذريعة التأويل الخاطئ، وأن خالد سيف رُفِعَ لنصرة الإسلام، وقد ذكر صاحب كتاب (وفيات الأعيان) حتى الواقدي ذكر هذه الرواية والعهدة على القائل!، وقد بقي عمر ساخطا على خالد إلى حتى تولى الخلافة فكان أول عمل قام به عزل خالدا وولّى أبا عبيدة قائلا أنه لا يلي لي عملا أبدا.

انظر أيضاً

• معركة البطاح

المصادر

المراجع

• تاريخ أبى الفداء ج 1 / 158
• وفيات الأعيان ترجمة وثيمة جستة / 14
• فوات الوفيات ج 2
• عبد الله بن سبأ للعسكري ج 1 / 147
• تاريخ اليعقوبي
• تاريخ ابن الشحنة هامش الكامل ج 11 / 114