مثلجة

The Baltoro Glacier in the Karakoram Mountains, Pakistan. At 62 kiloمترs (39 ميل) in length, it is one of the longest alpine glaciers on earth
Perito Moreno Glacier Patagonia Argentina
Aletsch Glacier, Switzerland, the largest glacier in the European Alps
Icebergs breaking off glaciers at Cape York, Greenland

المثلجة Glacier كتلة ضخمة من الجليد، تتدفَّق ببطء على اليابسة. وتتشكل المثالج في المناطق القطبيَّة الباردة، وكذلك في الجبال العالية، حيث تساعد درجة الحرارة المنخفضة بهذه الأماكن، على تكوُّن الثلج بكميات هائلة، ثم يتحول إلى جليد. ويتراوح سمك معظم المثالج بين 100 إلى 3,000م.

أنواع المثالج

يوجد نوعان رئيسيان من المثالج هما: المثالج القارّيَّة، والمثالج الوادية. وهما يختلفان في الشكل والحجم والمسقط.

مثلجة قارية تغطي معظم أنتاركتيكا، ويشكل الرَّصيف الجليدي المعروف باسم رف (رصيف) روس الجليدي جزءاً من اللَّوح الجليدي الضخم. وتعلوحوافه فوق سطح بحر روس على طول الحافة الغربية للقارة.
Isostatic pressure by a glacier on the Earth's crust


المثالج القارية

المثالج القارِّيَّة continental glacier، ألواح من الجليد عريضة وسميكة جدًا، تغطي مساحات شاسعة من اليابسة، بالقرب من المناطق القطبيّة الأرضيَّة. عملى سبيل المثال المثالج القارية بجرينلاند وأنتاركتيكا، تدفن الجبال والهضاب، كما تخفي الملامح الأرضية تماماً، فيما عدا القمم الشاهقة. وتتحد هذه المثالج عند المركز وتنحدر إلى الخارج في اتجاه البحر في جميع الاتجاهات.

Mouth of the Schlatenkees Glacier near Innergschlöß, Austria.

وتطلق عليها التسمية النروجية الشائعة Inlandsis، وتعني الجليديات الداخلية.

يوجد على سطح الكرة الأرضية، في ظل المناخ الحالي، جليديتان قاريتان:

  • الجليدية القارية الأولى: وهي الأكثر اتساعاً، تغطي القارة القطبية الجنوبية[ر] Antarctique بمساحة هائلة تبلغ 13.5 مليون كم2، وتراوح الثخانة الوسطية للجليد فيها بين 2300م و2600م، أما أقصى ثخانة له فتبلغ 4200 متر.
  • أما الجليدية القارية الثانية: فتغطي ثلاثة أرباع جزيرة گرينلاند، بمساحة تبلغ 1.7 مليون كم2، وتبلغ الثخانـة الوسطى للجليد فيها 1500م، أما ثخانتـه القصوى فتناهز الـ 3000 متر. وتشكل هاتان الجليديتان معاً 97% من مساحة الجليديات على سطح الأرض، كما تشكلان معاً 99% من حجم الجليد العالمي، أي ما يعادل 30 مليون كم3 من الماء العذب، وهذا يعادل 98% من إجمالي الماء العذب المتواجد على سطح كوكب الأرض. وتمثل الجليديات القارية بمساحتها الكبيرة مناطق واسعة خالية من الحياة النباتية، ماعدا بعض الفطريات الحمراء التي تصبغ الجليد بلونها أحياناً فيسمى الثلج الأحمر. وتتحرك الجليديات القارية وتنساب ببطء شديد، وذلك بسبب استواء السطح الطبوغرافي، وتزداد سرعتها حدثا ازداد تراكم الجليد، مما يؤدي إلى انسيابها على شكل ألسنة جليدية (كأنهار الجليد) باتجاه السواحل البحرية، فتتكسر أطراف تلك الألسنة الجليدية وتنفصل، معضلة الجبال الجليدية الطافية iceberg، بأحجامها الهائلة في كثير من الأحيان. وتحمل الجليديات في حركتها البطيئة الكثير من الحطام والأنقاض الصخرية الداخلية والعميقة والتي تسمى ركاماً (مورينات moraines).

كما حتى الثخانة الكبيرة للجليد تحول دون ظهور الصخر الأم، إلا في حالات قليلة عند أطراف القارات التي تغطيها تلك الجليديات، أوعند انبثاق بعض القمم الجبلية العالية، التي لا يغطيها الجليد على شكل نواشز صخرية بارزة تسمى نوناتاك Nunataks.

المثالج الوادية

المثالج الواديَّة أجسام طويلة وضيقة من الجليد، تملأ وديان الجبال العالية. ويتحرك الكثير منها، أسفل الوديان المنحدرة من أغوار مجوفة، على شكل زبدية واقعة بين القمم. وتتكون المثالج الوادية، في جبال قرب خط الاستواء، مثل جبال شمال الأنديز بأمريكا الجنوبية، ولكن على ارتفاعات 4,500 م تقريبًا أوأكثر، كما تتشكل المثالج الوادية، على ارتفاعات أقل بجبال الألب الأوروبية وبجبال الألب الجنوبية في نيوزيلندا، وفي بعض السلاسل الجبلية القريبة من القطبين.

شكل مبتري عرضي لمثلجة وادية تتحرك المثلجة الوادية إلى الأسفل من حوض ماء يشبه الآنية بالقرب من قمة الجبل. وعند تحرك المثلجة فوق تضاريس أرضية غير مستوية ينقسم سطحها ليشكل تصنادىت تدعى تشققات جليدية. وتلتقط المثلجة الصخور ومواد أخرى وتكدسها في نتوءات جبلية ضيقة تدعى ركامات جليدية.

الجليديات المحلية

وهي ذات أبعاد أقل بكثير من أبعاد الجليديات القارية، وقد اتخذ الفهماء من جليديات جبال الألب نموذجاً لها، ويطلق عليها اسم جليدية الوادي glacier vallée عندماقد يكون لها لسان جليدي واحد، أما عندماقد يكون لها عدة ألسنة جليدية، كما هي الحال في جبال هيمالايا والقفقاس، فيطلق عليها اسم الجليديات المركبة أوالجليديات من النموذج الهيمالائي. وتسود في النروج جليديات محلية تغطي نجوداً واسعة ترتفع فوق حد الثلج الدائم، يطلق على هذه الجليديات تسمية حقول الجليد champs de glace، تخرج منها ألسنة جليدية عدة تنساب في الأودية، مشحونة بركام القاع في حين ينعدم فيها الركام السطحي، وذلك بسبب انعدام الذرى أوالسفوح الصخرية المشرفة على تلك الجليديات.

أقسام الجليديات

يلاحظ في الجليديات المحلية الجبلية قسمان متمايزان هما:


1- الحلبة cirque

وهي مكان تجمع الثلج المرصوص. وتتخذ الحلبة شكل حوض يحيط به مدرج من الذرى الحادة، وتقع الحلبة بكاملها فوق حد الثلج الدائم. وبسبب القمم المشرفة على الحوض المكوّن للحلبة، فإن هذا الحوض لا يجمع الثلج الساقط على سطحه فحسب، بل يجمع أيضاً الثلوج التي تنهار عن السفوح المشرفة عليه، ولهذا فإن المبتر الشاقولي للثلج المرصوص في الحلبةقد يكون مقعراً، كما يمكن اعتبار الحلبة، والحالة هذه، بمثابة منطقة التغذية للجليدية المحلية. ويحيط بالحلبة خندق غائر مستمر أومتبتر يحاذي أسفل المنحدرات المحيطة، ويطلق على هذا الخندق تسمية ريمي Rimay باللغة الفرنسية. وابتداءً من هذا الخندق ينفك التصاق الجليد عن الصخر المحيط به، ويبدأ حركته نحوالمخرج الموجود في سافلة الحلبة، مكوناً القسم الثاني من الجليدية وهو: اللسان الجليدي.

2- اللسان الجليدي

وهونهر أوشريط من الجليد ينساب بين السفوح الشديدة الانحدار لأحد الأودية، وذلك بفضل لزوجة الجليد وقابليته للتكيف plastictè. وغالباً ماقد يكون اللسان الجليدي متبتراً تظهر فيه الشقوق العميقة الزرقاء crevasses، مترعة بالوحول والمجروفات الصخرية. والمبتر العرضاني للسان الجليدي يظهر محدباً قليلاً، وذلك لأن تغذيته على الأطراف تكون قليلة من جهة، ومن جهة أخرى لأن اللسان الجليدي ينساب بعيداً جداً تحت حد الثلج الدائم، مما يؤدي إلى تزايد الذوبان مع تقدم سير اللسان باتجاه السافلة، ولهذا فحدثا تقدم في انسيابه نقصت ثخانته وتضاءل عرضه وانسابت مياه الذوبان على سطحه وأطرافه ومن تحته. إلى غير ذلك فإن كانت الحلبة تمثل منطقة التغذية بالنسبة للجليدية فإن اللسان الجليدي يمثل منطقة الذوبان والانسياح والتصريف، وهاتان المنطقتان جزءان متكاملان لجهاز جليدي واحد وظيفته تحرير السلاسل الجبلية العالية من الثلوج التي تتكدس فوقها على مر السنين. فلوحتى جليديات جبال الألب توقفت عن أداء وظيفتها هذه منذ بدء التاريخ الميلادي فقط لكانت جبال الألب مغمورة بطبقة من الجليد تزيد ثخانتها على 1700م.

كيف تتكوَّن المثالج

تبدأ المثالج في التَّشكل عندما تتساقط كميات من الثلج في الشتاء، لايمكن حتى تذوب وتتبخر خلال فصل الصيف. فيتراكم الثلج المتزايد تدريجيًا في طبقات، ويتسبب وزنه المتزايد في دمج البلورات الثلجية تحت السَّطح، مكوِّنة كريات حبيبية الشَّكل. ويزداد اندماج الكرَّيات بعد عمق 15م أوأكثر، وتكوِّن بلورات جليدية كثيفة. وتتحد هذه البلورات، لتُشكِّل جليداً مثلجاً. وفي آخر الأمر يصبح الجليد سميكاً لدرجة أنه يبدأ في التَّحرك، بتأثير من ضغط وزنه الهائل.

Low and high contrast images of the Byrd Glacier. The low-contrast version is similar to the level of detail the naked eye would see — smooth and almost featureless. The bottom image uses enhanced contrast to highlight flow lines on the ice sheet and bottom crevasses.
Formation of glacial ice

تتأثر المثالج بالتغيرات الموسمية، المرتبطة بتساقط الثلوج ودرجة الحرارة. فتزيد معظم المثالج بصورة طفيفة في الحجم خلال الشّتاء، لأن الثّلج يتساقط على معظم سطحها. وتعزز درجات الحرارة الباردة تراكم الثّلج، كما تحدُّ من ذوبان الأجزاء السُّفلية من المثالج وذلك عندما تتحرّك الكتل الجليدية إلى أسفل. وفي الصَّيف يقل حجم المثالج في المناطق البعيدة عن القطبين، لأنّ ازدياد درجات الحرارة، يسبب ذوبان الأجزاء السُّفلية. أما في المناطق القطبيَّة دائمة التَّجمُّد، فتتقلص المثالج لأسباب أخرى. وعلى سبيل المثال، عندما تصل المثالج إلى البحر، وتنفصل منها بتر ضخمة من الجليد، تسقط هذه البتر في ماء البحر لتكوِّن جبالاً جليدية عائمة.

قد تزيد أوتنقص المثالج في الحجم نتيجةً للتَّغيرات المُنَاخيَّة والتي تحدث لفترات طويلة. وعلى سبيل المثال: تزايد لوح الجليد الذي يغطي معظم جرينلاند بمعدل أقل بسبب الارتفاع التَّدريجي في درجة حرارة المنطقة، منذ أوائل القرن العشرين.

مثلجة واديَّة تنساب إلى أسفل أحد الوديان الجبلية في ألاسكا. والخطوط السَّوداء للحطام الصَّخري، وتسمى ركامًا تتخلل الجليد. وعندما يذوب الجليد فإنه يكوِّن بحيرة في نهاية المثلجة.
The Upper Grindelwald Glacier and the Schreckhorn, in the Swiss Alps, showing accumulation and ablation zones


حركة المثالج

تَتَدَفَّق المثالج إلى أسفل بسبب شدِّ الجاذبية، وتنزلق بلورات الجليد في عمق المثلجة بعضها فوق بعض، نتيجةً لضغط الطّبقات السَّطحيَّة. وتسبب هذه الحركات الصَّغيرة للبلورات المفردة، حركةَ كُتلة الجليد كلها. ويسهم أيضاً ذوبان وإعادة تجمُّد بلورات الثلج بمحاذاة قاعدة المثلجة في انزلاقها لأسفل. وتذيب الحرارة النَّاتجة عن الاحتكاك، والحرارة الخارجة من باطن الأرض بعض بلورات الجليد بالطبقة السُّفلية للمثلجة. ويتدفق الماء من البلورات الذّائبة، مندفعًا إلى أسفل، لملء الفراغات القريبة المفتوحة في الطَّبقة وتتجمد من جديد، مكونة بلورات جليدية جديدة.

Landscape produced by a receding glacier

ويكون سطح المثلجة، شديداً وصلباً على عكس كتلة الجليد السُّفلية. وغالبًا ما تتشقق لتشكل شروخًا عميقة تُعهد باسم الصدوع الغائرة حيث تسير المثلجة فوق أرض غير مستوية أوشديدة الانحدار. وتنموكذلك الصُّدوع الغائرة، لأنَّ الطَّبقات العليا من المثلجة تتحرَّك بسرعة أكبر من طبقاتها السُّفلية.

Nadelhorn Glacier above Saas-Fee, Valais, Switzerland
Features of a glacial landscape

تسير معظم المثالج ببطء شديد، وتتحرك أقل من 30سم في اليوم، ولكنَّها أحيانًا قد تسير بسرعة أكبر ولعدة سنوات. وعلى سبيل المثال: تتحرك بعض المثالج في بعض الأوقات لأكثر من 15م في اليوم. وتتحرَّك الأجزاء المتنوعة من المثلجة بسرعات متفاوتة. كما تتحرَّك الأجزاء المركزية والعليا للمثلجة الواديَّة بسرعة، في حين تتحرَّك الجوانب والقاع ببطء، لأنَّها تحتكُّ بجدران الوادي وقاعه. ويقيس الفهماء سرعة المثلجة بغرس أوتاد في الجليد بنقاط مختلفة وتسجيل التَّغيُّر في أماكنها كلَّ فترة.

أشكال تضاريسية تشكلها المثالج عندما تذوب المثلجة فإنها تهجر أكوامًا من الصخور الصلدة وتلالاً دائرية وهضابًا ضيقة من الركام الصخري. تتجمع المياه الذائبة من المثالج بالتجاويف في الصخور المفككة لتكون بحيرات.

كيف تشكل المثالج اليابسة

عندما تمر المثالج فوق منطقة ما، فهي تُسهم في تشكيل معالمها. وتبتدع أشكالاً من التَّضاريس بالتَّعرية والنَّقل والتَّرسيب للحطام الصَّخري. لقد غيَّرت المثالج وبدرجة كبيرة أسطح أجزاء شاسعة من أوروبا وأمريكا الشَّمالية، أثناء العصر الجليدي الذي انتهى منذ 14,000 إلى 10,000 سنة. انظر: العصر الجليدي.

A glaciated valley in the Mount Baker-Snoqualmie National Forest showing the characteristic U-shape and flat bottom.
This image shows the termini of the glaciers in the Bhutan Himalaya. Glacial lakes have been rapidly forming on the surface of the debris-covered glaciers in this region during the last few decades.

تَحَاتُّ المثالج يحدث عندما تجرف كتلة جليديَّة متقدمة الكِسَرَ الصَّخرية، وتجرها على امتداد قاعدتها. وبهذه الطرَّيقة، فإنَّ المثلجة تطحن صخور الأساس ـ وهي طبقة الصُّخور الصَّلدة تحت الكسَر الصَّخرية المفككة ـ منتجة أسطحًا مصقولة، ولكن غالبًا ما تكون مخدوشة. وعندما يَقل حجم المثلجة، فإنَّها تهجر وراءها روابي عريضة من صخور الأسْاس الصَّلدة، تعهد باسم صخور الجبال، ويكون أحد جوانب هذا النَّوع من التضاريس مستديراً وناعماً، بينماقد يكون الجانب الآخر خشناً وغير منتظم.

Ice cracks in the Titlis Glacier
Signs warning of the hazards of a glacier in New Zealand

قد تنشئ المثلجة في الوديان الجبلية تجويفاً مستديراً يسمى المدرَّج بالقرب من قمة الجبل، ويتشكَّل المدرَّج عندما يزيح الجزء العلوي للمثلجة كتلاً صخريةً من الأجراف المحيطة، ويمكن أيضاً حتى تحفر المثلجة منخفضاً على شكل حرف ن في الوديان النَّهريَّة. ومثل هذا المنخفض، الذي يتشكَّل تحت مستوى سطح البحر ويغمر بالمحيط يُسمى الفيورد.

Northern polar icecap on Mars

رسوبيات المثالج تتكوَّن من طين ورمل وصخور ذات أحجام مختلفة. وتعمل المثالج على تراكم هذه المواد معضلة تلالاً غير مستوية تسمى الرُّكام. وتعهد سلسلة التلال المحاذية لجانبي المثلجة الوادية بالرُّكام الجانبي. وعندما تلتقي مثلجتان واديتان معًا، يندمج الرُّكام الجانبي لهاتين المثلجتين، ليتشكل الرُّكام الوسطي على طول مركز التقاء الكتلة الجليدية المتضامة. ويُسمَّى التَّلُّ الشديد الانحدار، عند النِّهاية السفلى لمثلجة الوادي بالرُّكام الطَرَفي. ويتكوَّن مثل هذا الركام حول حافة المثلجة القارية.

A drumlin field forms after a glacier has modified the landscape. The teardrop-shaped formations denote the direction of the ice flow.

تضم الأشكال التَّضاريسيَّة الأخرى، المصاحبة للرَّواسب المثلجية تلالاً جليدية بيضية الشَّكل وكثبانًا مثلجية. وتتكوَّن التلال المثلجية البيضية عادة من حطام صخري، وتتشكَّل معظم التلال المثلجية البيضية في مجموعات. والتل المثلجي، تل طويل ضيق من الرَّمل والحصى، ترسب بوساطة تيار ماء متدفق، في نفق تحت مثلجة ذائبة.

Crossing a crevasse on the Easton Glacier, Mount Baker, in the North Cascades
Diagram of glacial plucking and abrasion

شروط تشكل الجليديات

لكي تتشكل الجليديات في منطقة ما لابد من تحقق الشروط الآتية:

البرد الشديد

وهذا الشرط يرتبط بدوره بعاملين هما: المسقط الفلكي والارتفاع، فحدثا تقدمنا باتجاه القطبين أصبح حد الثلج الدائم أكثر انخفاضاً: ففي المنطقة الاستوائية يبدأ هذا الحد على ازدياد 4800م فوق مستوى سطح البحر، في حينقد يكون في المناطق القطبية على شاطئ البحر تماماً.

الرطوبة

وهي ضرورية لحدوث التكاثف وتشكل السحب وبالتالي التساقط الثلجي، ولهذا يلاحظ حتى حد الثلج الدائمقد يكون أكثر انخفاضاً على السفوح الجبلية الأكثر رطوبة، مثل السفوح الجنوبية لجبال الهيمالايا اللقاءة للرياح الموسميـة الرطبـة، حيث تبدأ الثلوج الدائمة على ازدياد 4400م، وذلك بعكس السفوح الشمالية الجافة، حيث لا يبدأ حد الثلج الدائم إلا ابتداءً من ازدياد 5200م. وكذلك الحال في جبال الألب، حيث يقع حد الثلج الدائم على ازدياد وسطي مقداره 2700م، في حين يبدأ من ازدياد 1800م في باتاغونية في أمريكا الجنوبية، حيث يسود مناخ أكثر رطوبة، والأمثلة كثيرة في هذا المجال.

التوجه orientation

فالملاحظ حتى حد الثلج الدائمقد يكون أكثر ارتفاعاً على السفوح الجنوبية في نصف الكرة الشمالي، وذلك بسبب تعرض تلك السفوح لأشعة الشمس، والوضعقد يكون معكوساً في نصف الكرة الأرضية الجنوبي.

المثالج المشهورة

توجد في أوروبا معظم المثالج العالمية البارزة، وأكثر هذه المثالج شهرة، هي تلك التي في جبال الألب الفرنسية والسويسرية. وتضم هذه المثالج الميردي غلاس على المون بلان، ومثلجة اليتشي قرب الغنغفراو. وأكبر المثالج بالقارة الأوروبية، هي مثلجة غوستيدالا بالنرويج. وتغطي حوالي 780 كم².

Black ice glacier in Aconcagua vicinity, Argentina

تغطي مثالج عظمى أخرى أنطقيم شمال غربي أمريكا الشَّمالية. وأكبر هذه المثالج وأعظمها شهرة، هي مثلجة ألاسبينا، والتي تغطي مساحة 2,176كم² على خليج ياكوتات في ألاسكا. كما توجد 12 مثلجة كبيرة في جزيرة نيوزيلندا الجنوبية. وأكبر مثلجة على الإطلاق هي مثلجة تاسمان ويبلغ طولها 29كم.

الحت الجليدي

على الرغم من حتى الجليدية تظهر وكأنها مادة صلبة إلا أنها في الحقيقة تشكل مادة مرنة، وكل جسم مرن متحرك يحت أطراف مجراه، كما يحت قعر ذلك المجرى بشكل يتناسب طرداً مع سرعة انسياح الجليد ومع درجة التصاقه بمجراه من جهة ومع ثخانة الجليد الزاحف من جهة أخرى. ومع حتى سرعة الجليديات بطيئة جداً «97م سنوياً بالنسبة لجليدية الرون في سويسرا مثلاً» فإن شكل نهاياتها يتبدل بسرعة في عدة سنوات، وذلك بسبب تراجع تلك الجليديات أوتقدمها الذي يرتبط بالتباينات والذبذبات المناخية. وقد استفاد فهماء الجيومورفولوجية من تراجع الجليديات في بعض المناطق فقاموا بدراساتهم للآثار الجليدية في الصخور والتضاريس، فالتضاريس التي كان يغطيها الجليد منذ عهد قريب تظهر عند أطراف الجليدية المتراجعة وفي نهايتها مخددة ومصقولة ومحززة تحزيزاً مستقيماً يصل عمق الحزوز فيها أحياناً إلى 50سم، ويطلق على هذه الصخور التي تمثل مظهراً مميزاً للحت الجليدي اسم الصخور الغنمية المحززة roches moutonnees.

والألسنة الجليدية تنساب غالباً في أودية نهرية عادية، حفرتها من قبل المياه الجارية في عصر كان فيه المناخ السائد أكثر حرارة مما هوعليه في أثناء انتشار الجليدية. وتقوم الألسنة الجليدية بتعميق هذه الأودية المحتلة وتعريضها بموجب قوانين الحت الجليدي، بحيث يصبح المبتر العرضاني لهذه الأودية على شكل المعلف أوحرف U، وذلك لأن الحت الجليدي يختلف تماماً عن الحت المائي العادي، فالجليد لا يحت الأرض التي ينساب فوقها على طول خط القاع فقط، كما يعمل الماء الجاري، بل يقوم الجليد بحت وتعرية الصخور على جميع مساحة التماس بينه وبينها. ومن أبرز المظاهر المورفولوجية التي تُلاحظ في الأودية الجليدية التي انحسر عنها الجليد هي:

  • السهول اللحقية التي يجري فوقها أحد الأنهار في الوقت الحاضر متعرجاً فوق الرواسب التي خلفها الجليد.
  • العتبات أوالرتاجات التي تمثل شكلاً من أشكال الانقطاعات الفجائية في المبتر الطولاني للوادي.
  • الوديان المعلقة التي هي وديان ثانوية ترفد الوادي الرئيسي على شكل شلالات مائية، لأن تلك الوديان لم تتمكن من تعميق مجراها، كما في الوادي الرئيس بسبب قلة حجم الجليد فيها.
  • المنحدرات العكسية الناجمة عن الحت الجليدي وعن تفاوت عمل الجليد على امتداد سرير الوادي النهري السابق للسان الجليدي.

ويجب القول هنا إذا الجليد الزاحف من خلال اللسان الجليدي لا يقوم بعملية الحت فقط، بل يقوم أيضاً في أثناء هبوطه وانسيابه بحمل المجروفات والأنقاض التي انتزعها من مجراه، أوتلك الناتجة من تهدم القمم العالية المشرفة على الجليدية مجمِّعاً على جوانبه كميات كبيرة من المجروفات.

ذوب مثلجة

ذوب مثلجة glacial outwash، راسب جليدي متطبق، مكون من الرمال والحصى عادة، ترسب من الجداول، التي تتبع من المجال عند انصهارها.

الركام الجليدي

وهي المجروفات التي يحملها الجليد معه أويدفعها أمامه في أثناء حركته. وقد صنفت اللجنة الدولية لدراسة الجليديات الركاميات ضمن زمرتين رئيسيتين هما:

  • الركاميات المتحركة: وهي التي لا تزال الجليديات الحالية تحملها في أثناء حركتها.
  • الركاميات المتوضّعة: وهي التي خلفتها الجليديات القديمة المتراجعة.

وتقسم الركاميات المتحركة إلى عدة أنواع هي:

  • الركاميات السطحية: وتنشأ نتيجة تجمع الأنقاض التي تنهال على سطح الجليدية من صخور وحجارة مزوّاة، وهي تتجمع في أغلب الحالات على أطراف اللسان الجليدي، ولهذا يطلق عليها اسم الركاميات الجانبية، وعندما يلتقي لسانان جليديان مع بعضهما يلاحظ التحام الركاميات الجانبية في وسط اللسان الجليدي الجديد الناشئ عن عملية الالتحام، ولهذا يطلق على تلك الركاميات «الركاميات الوسطى».
  • الركاميات الداخلية: وهي تتألف من مجموعة من الحطام والأنقاض التي سقطت على سطح الجليد في منطقة الحلبة والثلج المرصوص، أومن تلك التي سقطت في شقوق اللسان الجليدي.
  • الركاميات القاعية: وهي إما في الأصل من الركاميات الداخلية آنفة الذكر أوأنها تنشأ من حت الجليدية لقاع الوادي الذي تسلكه.
  • الركاميات النهائية: وهي الأنقاض التي كانت أولا تزال مدفوعة في مقدمة اللسان الجليدي.

التضاريس الناشئة عن تجمع الركاميات في مناطق الجليديات الألبية

وهي مجموعة تضاريس التوضّع التي خلفتها الجليديات الرباعية الكبرى وفرشتها فوق السهول التي تحيط بجبال الألب، وهي تبدوعلى شكل جدر مقوسة ومتتالية من الركاميات النهائية، تتخذ شكل تلال عريضة يبلغ ارتفاعها أحياناً 50م، كما يلاحظ أيضاً في اتجاه زحف الجليدية، وراء الجدر الركامية، وجود سهول واسعة شكلتها المواد الناعمة التي فرشتها السيول الناتجة من ذوبان الجليدية يطلق عليها اسم سهول الغسل plaines de lavage، وهي سهول قليلة الخصوبة تنتشر فوقها الأدغال والغابات كما هي الحال في سهول ألمانيا.

التضاريس الناتجة من الجليديات القارية

غطت الجليديات القارية في الحقب الجيولوجي الرابع مساحات واسعة من اليابسة، ضمت أوروبا الشمالية بكاملها وثلثي أمريكا الشمالية، إضافة إلى المناطق التي تغمرها في الوقت الحاضر. وقد حدد الفهماء أربع فترات جليدية خلال ذلك الحقب، هي من الأقدم للأحدث: الجينز والمندل والرس والفرم، تفصل هذه الفترات عن بعضها فترات دافئة، وقد حاول الفهماء تعليل فترات الطغيان الجليدي تلك بعدد من الفرضيات يمكن إجمالها بما يأتي:

  • فرضية اختلاف ميل دائرة الكسوف على محور الأرض.
  • فرضية مباكرة الاعتدالين.
  • فرضية اختلاف نسبة طول محوري مدار الأرض.
  • فرضية مرور الشمس في مناطق من الفضاء الكوني أكثر برودة.
  • فرضية اختلاف شدة الكلف الشمسية.

وقد تعرضت تلك المناطق لآثار العمل الجليدي الذي خلف أشكالاً تضريسية كثيرة، إلا أنها أقل تبايناً وتنوعاً من تلك التي خلفتها الجليديات الألبية وأهم هذه الأشكال:

  • الأودية الجليدية: التي تشاهد في مراكز انسياح القبعات الجليدية، بصخورها المحززة وطبوغرافيتها المدورة وشبكتها المائية الحائرة.
  • حفر طولية ناجمة عن الحت الجليدي: إصبعية الشكل ذات مبتر عرضاني معلفي، تحتلها في الوقت الحاضر بحيرات ضيقة متطاولة مثل الكثير من بحيرات النرويج وكندا.
  • الفيوردات Fjord: وهي في الأصل أودية نهرية احتلها الجليد وتمكن من تعميقها إلى ما دون مستوى سطح البحر بعشرات الأمتار. وبعد انحسار وذوبان الجليد انقلبت هذه الأودية إلى خلجان عميقة متغلغلة داخل القارة، مثل الفيوردات على شواطئ النروج واللابرادور.
  • التلال الركامية الجبهية: وهي المظهر التراكمي الوحيد الذي يشير على زحف الجليديات القارية وحركتها. وتتخذ هذه التلال شكلين رئيسيين هما:
  • أقواس من التلال متصلة مع بعضها، تتألف من كتل صخرية كبيرة الحجم يطلق عليها في فنلندا اسم سالبوزيلكا Salpauselka.
  • أقواس من التلال الصغيرة تتوضّع ضمن أقواس التلال آنفة الذكر، وتتألف من الرمال والحصى المحزز المتكدسة على شكل طبقات مشوشة، يطلق عليها في إيرلندا اسم دروملين Drumlins وفي إسكندنافيا اسم إيزار Esars.

والجدير بالذكر حتى هذين النوعين هما في الأصل من الركاميات السفلى في الجليدية.

  • سهول الغسل: ويطلق عليها في آيسلندا «ساندر» Sandr وهي سهول رملية حصوية توجد خارج التلال الركامية الجبهية، نتجت من تجمع المواد الناعمة التي جرفتها السيول من التلال الركامية الجبهية وتوضعها أمام تلك التلال.
  • أودية عريضة جداً ذات جوانب شديدة الانحدار، تتواجد بين التلال الركامية الجبهية، تشغلها حالياً البحيرات المتشعبة والمستنقعات وسهول الطمي، كما حتى بعضها مشغول بأنهار كبيرة مثل أنهار الإلب والأودر في شمالي ألمانيا وكذلك الأنهار التي تصب في البحيرات الكبرى في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي جميعها أودية حفرتها السيول المنبعثة من الجليديات التي كانت سائدة في الأزمنة الأربعة.


أنظر أيضاً

  • Aufeis
  • Cryoseism
  • Effects of global warming
  • Glacial motion
  • Global warming
  • Icefall
  • Ice cap
  • Ice field
  • Ice sheet
  • Quaternary period
  • Retreat of glaciers since 1850
  • Sag (geology)
  • Surge (glacier)

المصادر

  • الموسوعة العربية
  • الموسوعة المعهدية الكاملة

Uncited references

  • This article draws heavily on the corresponding article in the Spanish-language Wikipedia, which was accessed in the version of 24 July 2005. It was translated by the Spanish Translation of the Week collaboration.
  • Hambrey, Michael (2004). Glaciers (2nd ed. ed.). Cambridge University Press. ISBN . OCLC 54371738. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)CS1 maint: extra text (link) An excellent less-technical treatment of all aspects, with superb photographs and firsthand accounts of glaciologists' experiences. All images of this book can be found online (see Weblinks: Glaciers-online)
  • Benn, Douglas I. (1999). Glaciers and Glaciation. Arnold. ISBN . OCLC 38329570. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • Bennett, M. R. (1996). Glacial Geology: Ice Sheets and Landforms. John Wiley & Sons. ISBN . OCLC 33359888 37536152 Check |oclc= value (help). Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  • Hambrey, Michael (1994). Glacial Environments. University of British Columbia Press, UCL Press. ISBN . OCLC 30512475. An undergraduate-level textbook.
  • Knight, Peter G (1999). Glaciers. Cheltenham: Nelson Thornes. ISBN . OCLC 42656957 63064183 77294832 Check |oclc= value (help). A textbook for undergraduates avoiding mathematical complexities
  • Walley, Robert (1992). Introduction to Physical Geography. Wm. C. Brown Publishers. A textbook devoted to explaining the geography of our planet.
  • W. S. B. Paterson (1994). Physics of Glaciers (3rd ed. ed.). Pergamon Press. ISBN . OCLC 26188.CS1 maint: extra text (link) A comprehensive reference on the physical principles underlying formation and behavior.

وصلات خارجية

  • Glaciers of the Pyrenees
  • on PBS "On Thin Ice"


  1. ^ عبد الجليل هويدي، محمد أحمد هيكل (2004). أساسيات الجيولوجيا التاريخية. مخطة الدار العربية للخط.
تاريخ النشر: 2020-06-07 09:08:16
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, CS1 maint: extra text, CS1 errors: OCLC, مثالج, كتل جليدية, علم البيئة الجبلية, تضاريس جليدية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

هزيمة حماس غير مضمونة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-07 06:07:41
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 85%

منتدى الطائف للاستثمار يشهد توقيع عقود بـ 11 مليار ريال

المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-11-07 03:23:04
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 38%

إسرائيل قد تخسر شرعيتها!

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-07 06:07:40
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 98%

آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /07.11.2023/

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-07 06:07:18
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 99%

لحظة بلحظة.. شهر على الحرب في غزة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-07 06:07:17
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 99%

محادثات نادرة بين واشنطن وبكين بشأن الحد من الأسلحة النووية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-07 06:07:25
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 86%

البنك الدولي: التعافي الاقتصادي في تونس يتباطأ رغم انتعاش السياحة

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-07 06:07:07
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 89%

كواليس جديدة.. ميسي يرفض مليار الهلال!

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-07 06:07:37
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 92%

تحميل تطبيق المنصة العربية