تاريخ إسپانيا

عودة للموسوعة

تاريخ إسپانيا


سلسلة تاريخ إسپانيا
إيبريا قبل التاريخ
هسپانيا الرومانية
إسپانيا العصور الوسطى
 – مملكة القوط الغربيين
 – المملكة السويبية
 – سپانيا البيزنطية
 – الأندلس
 – حروب الاسترداد
مملكة إسپانيا
 – عصر التوسع
 – عصر التنوير
رد العمل والثورة
الجمهورية الإسپانية الأولى
الاستعادة
الجمهورية الإسپانية الثانية
الحرب الأهلية الإسپانية
إسپانيا الفرانكوية
الانتنطق إلى الديمقراطية
إسپانيا المعاصرة
مواضيع
التاريخ الاقتصادي
التاريخ العسكري

تاريخ إسپانيا،

ما قبل التاريخ

نجد في شبه الجزيرة الإيبيرية الكثير من المواقع الأثرية ذات الشهرة العالمية وتشير الأبحاث إلى حضور الإنسان منذ العصر الحجري القديم الأسفل (مواقع أورثي، بينادو، أريدش، طورألبا، أمبرونة، أتابواركا). خلال العصر الحجري القديم الأعلى هجر السولوتري الإسباني بعض الآثار في كهف باراباليو ويعرض مسقط ألتاميرا عينة من الفنون الجدارية التي تعود على 12.000 سنة ق.م.


ظهرت خلال العصر الحجري الحديث ثقافات خاصة تدل عليها الأواني الجرسية الشكل التي عثر عليها قرب المرية (حضارة أرغار). من العصر الحجري الأعلى يمكن ذكر رسوم الكهوف الموجودة في التاميرا، ومن العصر الحجري القديم نستطيع التعهد على رسم كوجول (الرسم التصويري) ومن العصر الحجري الحديث يمكن ملاحظة الأرجار والكاس الذي يشبه شكل الناقوس.


التاريخ القديم

وصل الأيبيريون إلى شبه الجزيرة في نهايات العصر الحجري الحديث وبداية العصر البرونزي (2000-1500 قبل الميلاد) وقد قبعوا في الجنوب والجنوب الشرقي من شبه الجزيرة . وبعد ذلك اتى في أعقابهم جنس آخر يعهد باسم السلتيون الذين احتلوا منطقة الشمال وغرب شبه الجزيرة الأيبيرية. وعندما اتحد الشعبان عهدوا بعد ذلك باسم السلت الأيبيريين. وأيضا وحتى القرن العاشر قبل الميلاد وصلت الشعوب الجرمانية والغالية والفينيقيون وكذلك شعوب الإغريق والقرطاجيين.

الإيبيريون، الإيبيريون الكلت، الفينيقيون والإغريق

الإيبيريون هم السكان الأصليون لشبه الجزيرة الإيبيرية التي سميت بإسمهم حسب كثير من المصادر المكتوبة ولا تعهد أصولهم بالتحديد ولكن يغلب الظن على أنهم ليسوا من الشعوب الهندوسية الإيبيرية. هاجر الكلت لاحقا إلى شبه الجزيرة واختلطوا بالسكان الأصليين.

القرطاجيون

بعد الحرب البونيقية الأولى (264 ق.م. 240 ق.م.) وسع القرطاجيون نفوذهم إنطلاقا من قرطاجنة أوقرطاج الجديدة في شبه الجزيرة الإيبيرية وساهم الاستغلال المكتف للمناجم في استرجاع قرطاج لقوتها الإقتصادية والسياسية. وكان سبب اندلاع الحرب البونيقية الثانية حصار الجيش القرطاجي لمدينة ساجونتا التي كانت حليفة لروما.

الرومانيون

الجسر الروماني في قرطبة

سيطر الرومان على شبه الجزيرة الإيبيرية في القرن الثالث قبل الميلاد وطردوا منها على يد الوندال في القرن الخامس ميلادي. أكمل الإمبراطور أوغست غزوشبه الجزيرة في القرن الأول ق.م وتلت ذلك فترة من الإضطرابات والثورات بالتزامن مع محاولات 'رومنة' الإيبيريين والتي اتسمت بالصعوبة وتأخرت نسبيا عن بقية أراتى الامبراطورية.

هسبانيا Hispania هوالاسم المعطى من قبل الرومان إلى تام شبه الجزيرة الإيبيرية (الحديثة البرتغال ، واسبانيا ، واندورا ، وجبل طارق وجزء جنوبي صغير جدا من فرنسا).

منح الامبراطور فاسباسيان حق المواطنة لكل الايبيريين سنة 74م. واسم أسبانيا في اللغة الأسبانية مشتق من هسبانيا.

أصبحت أسبانيا مقاطعة مهمة في الإمبراطورية الرومانية ، وانتقل الكثير من الرومان للعيش هناك. وبنوا مدنًا في أسبانيا، كما عبَّدوا طُرُقًا ممتازة امتدت إلى جميع المناطق. كذلك أنشأوا قنوات ضخمة كانت تحمل الماء من الأنهار إلى المناطق الجافة. وقد وُلِد الكثير من أباطرة روما العظام ـ مثل هادريان وتراجان ـ في أسبانيا. كذلك فإن كتابًا بارزين مثل مارشيال وسنيكا انحدروا من أسبانيا.

أدخل الرومان اللغة اللاتينية إلى المقاطعة، وتطورت اللغة الأسبانية تدريجيًا عن اللاتينية التي كانت لغة التخاطب. كذلك أدْخلت النصرانية إلى المقاطعة خلال الحكم الروماني، وأصبحت النصرانية هي الديانة الرسمية للمقاطعة ـ وللإمبراطورية الرومانية ـ خلال أواخر القرن الرابع الميلادي. وفي الوقت نفسه تقريبًا انقسمت الإمبراطورية إلى جزأين: الإمبراطورية الرومانية الشرقية والإمبراطورية الرومانية الغربية. وأصبحت أسبانيا جزءًا من الإمبراطورية الرومانية الغربية.


الغزوالألماني لهيسپانيا (القرنخمسة و8)

ابتدأت الحملات الجرمانية في زعزعة أمن روما خاصة في ما يعهد اليوم بفرنسا قبل حتى تمتد في القرن الخامس ميلادي إلى شبه الجزيرة الإيبيرية.

Visigothic Hispania and its regional divisions in 700, prior to the Muslim conquest.
Greatest extent of the Visigothic Kingdom of Toulouse, c. 500, showing Territory lost after Vouillé in light orange.

التاريخ الوسيط

القوط الغربيون

القوط الغربيون شعب من الشعوب الجرمانية زحف جنوبا تحت ضغط الشعوب الجرمانية الأخرى. وفيخمسة اكتوبر 456، قام القوط الغربيون بقيادة الملك ثيودوريك الثاني، بأمر من الامبراطور الروماني أڤيتوس، بغزواسبانيا بجيش من البرگنديين والفرنجة والقوط، بقيادة الملوك چيلپريك الأول وگونديوك. فهزموا السوِبي بقيادة الملك رچيار على نهر اوربيكوس بالقرب من أستورگا (گالايسيا).

ثم سيطروا على شبه الجزيرة بعد حتى طرد الوندال منها وأقاموا فيها حضارة استمرت حتى القرن السابع الميلادي.

الحكم الإسلامي

الأندلس هي الدولة التي أسسها المسلمون في شبه جزيرة أيبيريا عام 711م بعد ان استولوا تحت قيادة طارق بن زياد وضموها للخلافة الأموية وأستمر وجود المسلمين بالأندلس حتى سقوط مملكة غرناطة عام 1492.

واصل المسلمون التوسع بعد السيطرة على معظم أبيريا لينتقلوا شمالا عبر جبال البرنييه حتى وصلوا وسط فرنسا وغرب سويسرا. هـُزم الجيش الإسلامي في معركة بلاط الشهداء (تورز) عام 732 أمام قائد الفرنجة شارل مارتل.أوفد القائد موسى بن نصير إلى إبنه عبد العزيز ليستكمل الغزوات في غرب الأندلس حتى وصل إلى لشبونة أما موسى بن نصير وطارق بن زياد فقد لإتجاها شمالا إلى برشلونه م سراقسطه ثم شمال تجاه الوسط والغرب حتى انتهت السيطرة على جميع الأندلس في ثلاثة سنين ونصف.


الإسترداد

Iberian polities circa 1360

كانت سنة احتلال العرب لمنطقة البروفانس الفرنسية قد أعقبت الاحتلال والتدمير النرويجي للمنطقة من ابادة وسلب ونهب، ليستغل دوق "ليون" تلك الفوضى، وبدعم من رجال الدين، فيؤسس مملكته الخاصة مملكة ليون في البروفانس عام 879م وعندما توفي سنة 887م كان وريثه صغيرا غير قادر على الحكم، مما جعل بقية الأمراء المحليين ينتهزون الفرصة لتأكيد استقلالهم في الحكم، مما جعل لإمبراطورية الكارولنجية في فرنسا تنقسم إلى مملكتين شرقية وغربية.

This 16th-century Spanish carpet shows stylistic influences from Europe and the Islamic world. Collections of the Textile Museum.

بدات حركة الاسترداد في 718 يرى المؤرخون الإسبان حتى هذه الحركة تبدأ من معركة كوفا دونجا أومغارة دونجا وفيها انهزم ابن علقمي اللخمي شر هزيمة من قوات "بلايه" (Pelayo)، وانتهت بتأسيس أولى الإمارات المسيحية في شمال الأندلس.

جمع عبد الرحمن الغافقي المجاهدين وخرج باحتفال مهيب ليعبر جبال البرانس واتجه شرقاً ليضلل النصارى عن وجهته الحقيقية، فأخضع مدينة "أرل" التي خرجت عن طاعة المسلمين، ثم اتجه إلى "دوقية"، فانتصر على الدوق فوزاً حاسماً، ومضى الغافقي في طريقه متتبعاً مجرى نهر "الجارون" ففتح "بردال" واندفع شمالاً ووصل إلى مدينة "بواتييه" في بداية غزوجنوب فرنسا. دققت بهاأودوالعظيم في معركة تولوز في 721 تراجعت وتجميعهم ، تلقى التعزيزات. ولم يجد الدوق "أودو" بدا من الاستنجاد بالدولة الميروفنجية، وكانت أمورها في يد شارل مارتل، بعد الغزوكان شارل مارتل هزم في معركة جولات في 732 معركة بواتييه سقطتعشرة أكتوبر عام 732 م بين قوات المسلمين بقيادة عبد الرحمن الغافقي وقوات الإفرنج بقيادة قارلة (أوتشارلز/ كارل مارتل). هُزم المسلمون في هذه المعركة وقتل قائدهم وأوقفت هذه الهزيمة الزحف الإسلامي تجاه قلب أوروبا وحفظت المسيحية كديانة سائدة فيها.

كان شمال شبه الجزيرة الايبيريه به ثلاثة ممالك مسيحية وهم أرجون ونافار وليون وكانت أكبرها هي ليون وكانت هذه الممالك تجترئ على الحدود الشمالية الأندلسية وتهجم عليها واحتلت بعض المدن الإسلامية مثل مدينة سالم .

في عام 1095 كانت البرتغال إقطاعية حدودية من مملكة ليون. أراضيها البعيدة عن مراكز الحضارة الأوروبية، والتي تتضمن بشكل كبير الجبال والأراضي البرية والغابات، جاورت من الشمال مينهو، ومن الجنوب مونديجو.

اسبانيا 1096 - 1285

سار المسيحيون في فتح أسبانيا بالسرعة التي أمكنتهم منها الفوضى الناشئة من تطاحن الملوك الأسبان، ومنح البابوات من عانوا على إخراج المسلمين من أسبانيا لقب المحاربين الصليبيين وامتيازاتهم؛ وأقبل بعض فرسان المعبد من فرنسا للانضمام إلى أهل البلاد المسيحيين؛ وتكونت في القرن الثاني عشر ثلاث جماعات دينية حربية- فرسان كلاترافا Calarrava، وفرسان سنتياجو، وفرسان القنطرة؛ واستولى ألفنسوالأول (الأذفنش) في عام 1118 ملك أرغونة على مدينة سرقسطة؛ وفي عام 1195 هزم المسيحيون، ولكنهم كادوا يبيدون جيش الموحدين الأكبر في واقعة العقاب Las Navkas de Tolosa في عام 1212. وكان نصرهم في هذه الواقعة نصراً حاسماً، تحطمت على أثره مقاومة المسلمين وسقطت قلاعهم واحدة بعد واحدة في أيدي المسيحيين: قرطبة (1236)، وبلنسية (1238)، وإشبيلية (1248)، وقادس (1250)، ثم وقف فتح المسيحيين نحوقرنين ليفسح الوقت إلى حروب الملوك.

ولما هزم ألفنسو(الأذفنش) الثامن ملك قشتالة هجم على مملكته ملكاً ليون ونبرة وكانا قد وعداه من قبل بأن يخفا لمساعدته، واضطر ألفنسوإلى عقد الصلح مع المسلمين ليحمي نفسه من غدر المسيحيين (87) فرنندوالثالث Fernando III (1217-1252) توحيد ليون Leon وقشتالة، ووسع حدود المملكة الكاثوليكية إلى غرناطة، واتخذ إشبيلية عاصمة لملكه، وحول مسجدها العظيم إلى كنيسة، واتخذ القصر Alcazar مسكناً له، وكانت الكنيسة تعده وقت مولده ابناً غير شرعي، ولكنه عدته قديساً بعد وفاته. وكان ابنه ألفنسو(الأذفنش) العاشر (1252-1284) عالماً ممتازاً، ضعيف العزيمة؛ وأعجب الأذفنش الحكيم (el Sabio) بما وجده في إشبيلية من علوم المسلمين، فتحدى المتعصبين من أهل ملته باستخدام الفهماء من العرب واليهود والمسيحيين على السواء لترجمة خط المسلمين إلى اللغة اللاتينية كي تستطيع أوربا حتى تفيد من هذه العلوم. وقد أنشأ هذا الملك مدرسة لفهم الهيئة هي صاحبة "الأزياج الأذفنشية" الخاصة بالأجرام السماوية وحركاتها التي أضحت المرجع الذي يعتمد عليه فهماء الهيئة المسيحيون. ونظم هذا الملك هيئة من المؤرخين، وضعت كتاباً سمته باسمه جمعت فيه تاريخ أسبانيا، وتاريخاً عاماً واسعاً للعالم كله، ونظم نحو450 قصيدة، بعضها بلغة قشتالة، وبعضها باللغة الجليقية- البرتغالية؛ ولُحن الكثير منها، ولا تزال هذه القصائد باقية حتى اليوم، أثراً خالداً لأغلبية العصور الوسطى. وفاضت حماسته الأدبية في عدة خط ألفها هوأوأمر بتأليفها، في ألعاب الدراما، والشطرنج، والنرد، والموسيقى، والملاحة، والكيمياء، والفلسفة. ولعله أيضاً قد أمر بترجمة الكتاب المقدس من اللغة العبرية إلى القشتالية مباشرة. وقد حمل اللغة القشتالية إلى المرتبة العليا التي أمكنتها من حتى تسيطر من ذلك الوقت إلى يومنا هذا على الحياة الأدبية في أسبانيا؛ ولقد كان هوفي واقع المر منشئ الأدب الأسباني والبرتغالي، وفهم التاريخ الأسباني، والمصطلحات الفهمية الأسبانية. ولكنه لوث تاريخه الوضاء بما حاكه من الدسائس للاستيلاء على عرش الإمبراطورية الرومانية المقدسة، وأنفق في هذه المحاولة كثيراً من أموال أسبانيا، وعمل على ملء خزائنه بزيادة الضرائب وتخفيض قيمة النقد، ثم خلع وحمل ابنه إلى العرش، وعاش بعد سقوطه عامين، ثم توفي محطماً كسير القلب.

وارتفع شأن أرغونة بزواج ملكتها بيرونلا Petronella من الكونت رامون برنجر Ramon Barenger صاحب برشلونة (1137)؛ وحصلت أرغونة بفضل هذا الزواج على قطلونية المشتملة على أعظم الثغور الأسبانية. وعم الرخاء هذه المملكة الجديدة على يد بدروالثاني Pedri II (1196-1213)، بتأمين المواني، والأسواق، والطرق، وبصرامته في تطبيق القانون على من يعبث بهذه المرافق، وجعل بلاطه في برشلونة مركز الفروسية والأسبانية والشعراء الغزليين، وزاد من بهجته حتى كان ملتقى المحبين، ثم تقرب إلى الله- وضمن لنفسه لقبه- بأن قدم أرغونة إلى إنوسنت الثالث على حتى يأخذها منه إقطاعية. وكان ابنه جيم Jaime أوجيمس James الأول (1213-1276) في الخامسة من عمره حين قتلى بدروفي ميدان القتال؛ واغتنم أشراف أرغونة هذه الفرصة السانحة ليستعيدوا استقلالهم الإقطاعي؛ ولكن جيمس تولى زمام الأمور وهوفي العاشرة، وسرعان ما أخضع الأشراف لسلطان الملك. وكان لا يزال شاباً في سن العشرين حين استولى على جزائر البليار ذات المسقط الحربي المنيع من المسلمين (1229-1235)، واسترد منهم بلنسية وأليقانط. وقام في عام 1265 بحركة من محركات الفروسية التي هيأتها له الوحدة الأسبانية، فاستولى على مرسيه من المسلمين وأهداها إلى ملك قشتالة. وكان أكثر حكمة من الفنسوالحكيم، حتى أصبح بفضل هذه الحكمة أقوى ملوك أسبانيا في ذلك القرن، لا يقل في ذلك عن فردريك الثاني ولويس التاسع فقد كان يشبه أولهما في ذكائه ودهائه، وبسالته المجردة من الضمير. لكن تحلله من قيود الأخلاق. وكثرة طلاقه نساءه، وحروبه العوان، وما كان يلجأ إليه من الأعمال الوحشية في بعض الأحيان تجعل الفرق بينه وبين القديس لويس كبيراً من هذه الناحية.

وقد دبر المؤامرات للاستيلاء على الجزء الجنوبي الغربي من فرنسا، ولكن لويس استطاع حتى يتغلب عليه بقوة صبره وإن كان قد هبط له عن منبلييه. ودبر في أخريات أيامه مؤامرة أخرى للاستيلاء على صقلية ليتخذها قاعدة حربية، ومركزاً تجارياً، وليجعل البحر المتوسط الغربي بحيرة أسبانية. ولكن هذا الحلم لم يتحقق إلا في عهد ولده. ذلك حتى بدروالثالث (1276-1285)، تزوج ابنة مانفرد ملك صقلية ابن فردريك، وظن حتى هذه الجزيرة من حقه هوحين استولى عليها شارل كونت أنجو؛ وبارك البابا استيلاءه عليها، فما كان من بدروإلا حتى ألغي سيادة البابا على أرغونة، وارتضى الحرمان البابوي، وركب البحر إلى صقلية.

وشهدت هذه الفترة في أسبانيا ما شهدته في إنجلترا وفرنسا من قيام الإقطاع واضمحلاله. بدأه الأشراف بأن تجاهلوا أوكادوا يتجاهلون السلطة المركزية، فقد كانوا هم ورجال الدين معفين من الضرائب التي كان عبؤها الباهظ واقعاً على عاتق المدن والتجارة، ثم انتهوا بأن خضعوا للملوك المسلحين بجيوشهم هم، تؤيدهم موارد المدن وحاجياتهم، ويعلى من مكانتهم إحياؤهم القانوني الروماني، الذي كان يفترض حتى الحكم الملكي المطلق من بدائه نظام الحكم. ولم يكن ثمة قانون أسباني في بداية تلك الفترة، بل كانت هناك قوانين متفرقة لكل دولة من دول أسبانيا، ولكل طبقة من طبقات جميع دولة. ثم شرع فردريك الثالث يضع نظاماً جديداً لقانون قشتالة، وأتم ألفنسوالعاشر هذا النظام الذي عهد باسم قانون السبعة الأقسام (Siete Partidas) لأنه كان مقسماً سبعة أقسام (1260-1265)، وهومن أتم القوانين وأعظمها شأناً في تاريخ التشريع. وقد أسس قانون السبعة الأقسام على قوانين القوط الغربيين الأسبان ولكنه عدل لكي يتفق مع قوانين جستنيان، وكان أرقى من العصر الذي وضع فيه، ولهذا ظل مهملاً إلى حد كبير؛ ولكنه أصبح في عام 1338 قانون قشتالة النافذ، ثم صار في عام 1492 قانون أسبانيا كلها. ثم أدخل جيمس الأول قانوناً مثله في أرغونة، فقد نشرت أرغونة في عام 1283 قانوناً تجارياً وبحرياً نافذاً، وأقامت في بلنسية ثم في برشلونة وميورقة بعدئذ محاكم تدعى محاكم "قنصلية البحر".

وتزعمت أسبانيا بلاد العالم في العصور الوسطى في إقامة المدن الحرة والأنظمة النيابية. ذلك حتى الملوك أرادوا حتى يحصلوا على تأييد المدن في صراعهم مع الأشراف، فمنحوا كثيراً من البلدان عهوداً بالحكم الذاتي. وأصبح استقلال المدن بشئونها شهوة جامحة في أسبانيا كلها، فأخذت البلدان الصغرى تطالب بتحررها من البلدان الكبرى أومن الأشراف أوالكنيسة، أوالملك؛ فلما أفلحت في نيل هذه الحرية أقامت مشانقها في السوق العامة رمزاً لحريتها. وكان يحكم برشلونة في عام 1258 مجلس مؤلف من مائتي عضو، تمثل كثرتهم الغالبة شئون الصناعة والتجارة(88). وبلغت سيادة المدن زمناً ما حد الاستقلال، وأخذت تشن الحرب على المسلمين أوبعضها على بعض، ولكنها بالإضافة إلى هذا الاستقلال ألفت من نفسها أخوة hermandades للتعاون على العمل أوللمحافظة إلى هذا أمنها وسلامتها. ولما حتى حاول الأشراف في عام 1295 حتى يخضعوا حكومات المدن المحلية ألفت ثلاث وأربعون مدينة "أخوة قشتالة"، وتعهدت كلها بالاشتراك في الدفاع عن استقلالها، وأنشأت لها جيشاً مشهجراً. ولما حتى هزمت هذه "الأخوة" الأشراف، فرضت رقابتها على موظفي الملك وكبحت جماحهم، وسنت قوانين تراعيها المدن المنضمة إلى هذا الحلف التي بلغ عددها مائة مدينة في بعض الأحيان.

ولقد جرت عادة الملوك الأسبان من زمن بعيد حتى يعقدوا من حين إلى حين جمعية من الأشراف ورجال الدين؛ وأطلق اسم كورتز Cortes أي المحاكم لأول مرة على إحدى هذه الجمعيات التي عقدت في عام 1137. وضم كورتز ليون الذي اجتمع في عام 1188 بعض رجال الأعمال يمثلون المدن. وأكبر الظن حتى هذا هوأقدم مثل من أمثلة النظم النيابية السياسية في أوربا المسيحية. ووعد الملك في هذا المجلس التاريخي ألا يعلن الحرب أويعقد الصلح، أويصدر قراراً إلا بعد موافقة الكورتز(89). واجتمع في قشتالة أول مجلس من هذا النوع مؤلف من الأعيان، ورجال الدين، ورجال المال من الطبقة الوسطى في عام 1250 أي قبل اجتماع "برلمان" إدورد الأول "النموذجي" بخمس وأربعين سنة. ولم يكن الكورتز هوالذي يضع القوانين بنفسه، ولكنه كان يصوغ "المستمسكات" ويعرضها على الملك، وكثيراً ما كان لهذا المجلس سلطان على المال يحمل الملك على حتى يوافق على هذه "المستمسكات". وأصدر كورتز قطلونية في عام 1283 قراراً صادق عليه ملك أرغونة بألا يصدر بعد ذلك الوقت أي تشريع قومي بغير رضاء المواطنين (cives)، ثم صدر قرار آخر يطلب إلى الملك حتى يدعوالكورتز إلى الاجتماع جميع عام، وسبقت هذين القرارين مثلهما من القرارات التي أصدرها البرلمان الإنجليزي (1311-1322) بأكثر من ربع قرن من الزمان. هذا إلى حتى الكورتز عين أعضاء يختارهم من جميع طبقة من الطبقات الاجتماعية يؤلفون جنتا (Junta) أي اتحاداً ليشرف في أثناء الفترات التي تقع بين أدوارد انعقاد الكورتز على تطبيق القوانين وإنفاق الأموال التي وافق عليها (90).

وكان من العوامل التي عقدت معضلة الحكم في أسبانيا قيام الجبال التي قسمتها أقساماً منفصلة، وعرقلت تطبيق قانون عام موحد في جميع ربوعها. يضاف إلى هذا حتى عدم استواء أرضها، وجفاف هضبتها، وما كان يحل بها من الدمار حيناً بعد حين بسبب الحروب، جميع هذا قد عطل الزراعة، وجعل أسبانيا في معظم أجزائها مراعي للماشية والضأن. وكانت بتران الضأن الجميلة الصوف تغذى آلاف الأنواع في البلدان؛ ولقد حافظت أسبانيا على شهرتها العالمية القديمة بجمال أصوافها. وكانت التجارة الداخلية تقف في سبيلها صعاب النقل، واختلاف الموازين والمقاييس والنقد، غير حتى التجارة الخارجية تمت في موانئ برشلونة، وطرقونة، وبلنسية، وإشبيلة، وقادس؛ وكان تجار قطلونية يجوبون جميع الأقطار؛ وكان لتجار قشتالة في عام 1282 مركز في بروج لا يضارعه إلا مركز العصبة الهانسية(91). وأصبح التجار والصناع أعظم من يمدون التاج بالمعونة المالية، ونظم صعاليك المدن لهم نقابات طوائف Gremios، ولكن الملوك كانوا يسيطرون سيطرة قوية على هذه النقابات، وكانت الطبقات العامة تعاني مساوئ الاستغلال الاقتصادي دون حتى تستمتع بحق التمثيل النيابي السياسي.

وكانت كثرة الصناع إما من اليهود أوالمسلمين المقيمين في أسبانيا المسيحية. فأما اليهود فقد أثروا في أرغونة، وقشتالة؛ وأسهموا بحظ موفور في حياة المملكتين العقلية؛ وكان عدد كبير منهم تجاراً أغنياء، ولكن قيوداً متزايدة في شدتها فرضت عليهم في نهاية هذه الفترة. وأما المسلمون المقيمون في أسبانيا المسيحية فقد هجر لهم حرية ممارسة شعائرهم الدينية، وقسط كبير من الاستقلال بحكم أنفسهم؛ وكان منهم أيضاً تجار أغنياء، ودخل عدد قليل منهم في بلاط الملوك، كما كان لأرباب الحرف منهم أثر قوي في العمارة الأسبانية، وأعمال التجارة الدقيقة، وأشغال المعادن، ونتج من أثرهم هذا طراز أسباني إسلامي أدى إلى استخدام الموضوعات والأشكال الإسلامية في الفن المسيحي. وقد سمي ألفنسوالسادس نفسه في إحدى نشواته الدينية "إمبراطور العقيدتين Emperador de Ios Dos Cultos"(92). ولكن المسلمين في أسبانيا المسيحية كانوا يرغمون في العادة على لبس زي خاص، وعلى حتى تكون منازلهم في جميع مدينة في حي منعزل عن سائر أحيائها، وكانت تفرض عليهم ضريبة فادحة أكثر مما تفرض على غيرهم؛ وأخيراً أشعلت الثروة التي جمعوها بفضل مهارتهم في الأعمال الصناعية والتجارية نار الحسد في قلوب الأغلبية المسيحية؛ فأصدر جيمس الأول عام 1247 أمراً بطردهم من أرغونة، فغادرها أكثر من مائة ألف يحملون معهم حذقهم الفني، وتدهورت الصناعة في أرغونة من ذلك الحين.

وبعث امتزاج الحضارة الأسبانية بجزء غير قليل من الثقافة الإسلامية، والقوة الناشئة من الفوز على عدوقديم، وتقدم الصناعة وازدياد الثروة، وارتقاء العادات والأذواق، بعث هذا كله في الحياة العقلية بأسبانيا نشاطاً عظيماً؛ فشهد القرن الثالث عشر نشأة ست جامعات في أسبانيا، وكان ألفنسوالثاني ملك أرغونة (1162-1196) أول الشعراء الغزلين الأسبان، وسرعان ما أصبح هؤلاء الشعراء يعدون بالمئات؛ ولم يكن هؤلاء يقرضون الشعر فحسب، بل صاغوا من احتفالات الكنيسة مسرحيات زمنية، ومهدوا بذلك السبيل إلى روائع لوبي ده فيجا Lope de Veag وكلدرون Calderon. وكان من روائع ذلك العصر أيضاً ملحمة السيد Cid ملحمة أسبانيا القومية. وكان خيراً من هذا كله فنون الموسيقى، والغناء، والرقص التي كانت تفيض من قلوب الشعب في المنازل والشوارع، والتي كانت مصدر العظمة والفخامة في قصور الملوك. وكانت أول مصارعة للثيران على الطراز الحديث سجلت في تاريخ أسبانيا هي المصارعة التي أقيمت في أبيلا عام 1107 في حفلة عرش؛ وقبل حتى يحل عام 1300 كانت تلك المصارعة من الألعاب العامة في المدن الأسبانية. واتى الفرسان الفرنسيون الذين أقبلوا على أسبانيا ليساعدوا أهلها في حروبهم مع المسلمين، اتىوا معهم في الوقت عينه بمبادئ الفروسية واحتفالاتها، فأصبح احترام النساء، أواحترام ملكية الرجل دون غيره لامرأة بعينها من مسائل الشرف لا تقل في هذا عن افتخار الرجل بشجاعته أواستقامته، وأضحت المبارزة للاحتفاظ بالشرف عاملاً أساسياً في الحياة الأسبانية. وكان امتزاج الدم الأوربي بالدم الأفريقي والسامي، والثقافة الغربية بالثقافة الشرقية، والأساليب السورية والفارسية بأصول الفن القوطي، والخشونة الرومانية بالعواطف الشرقية؛ كان هذا الامتزاج هوالذي تولد منه الخلق الأسباني، والذي جعل الحضارة الأسبانية في القرن الثالث عشر عنصراً فذاً بارزاً في موكب الحياة الأوربية.

المسلمون

انكفأ المسلمون في الأندلس التي كانت تضم معظم أجزاء إسبانيا باستثناء بعض المناطق الشمالية الغربية مثل منطقة جليقية أوغاليسيا ، فإن المسلمين لم يفرضوا سلطانهم تماماً على هذه النواحي لوعورة مسالكها وبرودة مناخها، فأهملوا جانبها زهداً فيها واستهانة بشأنها. ولهذا استطاعت بعض فلول الجيش القوطي المنهزم بزعامة قائد منهم يدعى بلاي حتى تعتصم بالجبال الشمالية في هذه المنطقة ، وعاشوا على عسل النحل الذي وجدوه في خروق الصخر . ولما أعيى المسلمين أمرهم ، هجروهم وانصرفوا عنهم استخفافاًً بشأنهم ونطقوا : ثلاثون علجاً ما عسى حتى يجيء منهم ؟.

من هذه المناطق نبتت نواة دولة إسبانيا المسيحية، ونبتت معها حركة المقاومة الإسبانية التي أخذت تنمووتتسع حتى سيطرت على جميع المناطق الشمالية الغربية التي أصبحت تعهد بمملكة ليون . ولقد أحاطت هذه المملكة نفسها بسلسلة من القلاع والحصون لحماية نفسها من هجمات المسلمين . ولم تلبث هذه القلاع حتى اتحدت في القرن العاشر الميلادي بزعامة أقوى أمرائها ويدعى فرنان جون زالس ، واستقلت عن مملكة ليون وصارت تعهد بإمارة قشتالة . وكانت الكنيسة الكاثوليكية في روما تحرّض الأسبان بشكل مستمر على صدّ المسلمين وقتالهم ، ودعت هذه الكنيسة ملوك أوروبا إلى مساعـدة الأسبان ضد العـرب والمسلميـن

مملكة اسبانيا

A map of the Spanish and Portuguese Empires in the period of Iberian Union under the personal union of the Spanish monarchs (1580-1640).

اندمج تاج أراغون مع تاج كاستيا لتتكون مملكة اسبانيا ،اصبحت مملكة فالنسيا عضوا في الملكيه الاسبانيه. اتحدت مملكة كاستيا ومملكة ليون مع مملكة أراجون واستطاع الملك فيرنانديووالملكة إيزابيلا ، الاستيلاء على الممالك العربية في الاندلس الواحدة تلوالأخرى إلى حتى سقطت في أيديهم غرناطة آخر قواعد المسلمين سنة 1492 .


ضمنت ايزابيلا الاستقرار السياسي طويلة الاجل في اسبانيا عن طريق ترتيب الزيجات الاستراتيجيه لكل من اطفالها الخمسة. أول ، بنت اسمها ايزابيلا ، تزوجت من ملك البرتغال الفونسو، من المهم اقامة علاقات بين هذين دول الجوار ولضمان مستقبل التحالف ، ولكن سرعان ما ماتت ايزابيلا قبل ولادة ولي العهد البرتغال . Juana ، ابنة ايزابيلا الثانيه خوانا ، تزوجت من فيليب الوسيم ، ، ملك بوهيميا (النمسا) والمعنون إلى التاج من الامبراطور الروماني المقدس وقد كفل هذا التحالف مع الامبراطوريه الرومانيه المقدسة الاقليم القوي ، بعيدة المدى الذي أكد اسبانيا مستقبل الأمن السياسي. ، تزوج ابن ايزابيلا الاول والوحيد ، خوان من مارغريت النمسا ، والحفاظ على علاقات مع عائلة هابسبورغ النمساوية ، وعلى اسبانيا التي كانت تعتمد إلى حد بعيد. تزوجت ماريا الطفل الرابع لها من مانويل الأول من البرتغال ، وتعزيز الصلة التي اقامها زواج الاخت الأكبر سنا . الطفل الخامس، كاترين ، تزوجت عام 1501م من آرثر، الأخ الأكبر للملك هنري الثامن، إلا انها ترملت بعد ستة أشهر فقط، فتم تزويجها من هنري الثامن عام 1509م. أنجبت خمسة أطفال، توفوا كلهم أثناء الولادة عدا الطفلة ماري (والتي أصبحت الملكة ماري الأولى).

الإمبراطورية الاستعمارية

عندما ارتقى «فيليب الثاني» عرش إسبانيا، كانت أقوى دولة في العالم، وبخاصة ممتلكاتها العينية والمالية.بلغ عدد سكان إسبانيا أواخر القرن الخامس عشر حوالي تسعة ملايين نسمة بما فيهم العبيد والمغاربة.. وكانت إسبانيا بلد التزمت الديني في تلك الحقبة. ولكن إسبانيا لم تكن لتخلوا من توترات داخلية تدفع بإسبانيا إلى هاوية الفقر. وكان أحد الأسباب في ذلك طرد اليهود عام /1492م/ ثم المغاربة عام /1609م/ مما أفقر إسبانيا من الخبرة التجارية واليد العاملة. ثم يضاف توسع إسبانيا عسكرياً مما كلفها الكثير من قوتها المادية وبخاصة ما رافق هذا التوسع من حروب.

الممالك الاسبانية تحت هابسبورغ (القرنين 16- 17)

Charles I of Spain (better known in the English-speaking world at the الإمبراطور الروماني المقدس.

العصر المضىي الإسباني

Toledo رسم El Greco,

انهيار أسبانيا 1665-1700

كانت أسبانيا في 1665 لا تزال أعظم الإمبراطوريات في العالم المسيحي. حكمت الأراضي المنخفضة الجنوبية، وسردانيا، وصقلية، ومملكة نابلي، ودوقية ميلان ، ومساحات شاسعة في أمريكا الشمالية والجنوبية. ولكنها كانت قد فقدت القوة البحرية والحربية اللازمة للسيطرة على تجارة هذا الملك المبعثر ومصيره. وكانت أساطيلها الثمينة قد دمرها الإنجليز (1588) والهولنديون (1639)، وهزمت جيوشها هزائم فاصلة في روكروا (1643) ولينز (1648)، واعترف دبلوماسيوها في صلح البرانس (1659) بفوز فرنسا، وكان اقتصادها يعتمد على تدفق المضى والفضة من أمريكا، وهذا التدفق كان يبتره المرة بعد المرة الأسطول الهولندي أوالإنجليزي. وتقلصت تجارتها وصناعاتها لاعتمادها على المضى الأجنبي واحتقار شعبها للمتاجرة. وكان الكثير من التجارة الأسبانية يحمل في سفن أجنبية. ونقص عدد السفن الأسبانية العاملة بين أسبانيا وأمريكا 75% في عام 1700 عنه في عام 1600. وكانت البضائع المصنوعة تستورد من إنجلترا وهولندا، ويدفع ثمن جزء منها فقط بتصدير النبيذ أوالزيت أوالحديد أوالصوف، والباقي يدفع سبائك مضىية، ومعنى ذلك حتى المضى الأمريكي إنما كان يمر مروراً بأسبانيا والبرتغال في طريقه إلى إنجلترا وفرنسا والأنطقيم المتحدة. وكانت قرطبة وبلنسية في حالة اضمحلال واع برم بعد شهرتها الماضية بحرفها. وكان طرد المغاربة قد آذى الزراعة، وغش العملة المرة بعد المرة أربك المالية. وبلغت حال الطرق من السوء وحال النقل من التخلف مبلغاً وجدت معه المدن القريبة من البحر، أوالواقعة على أنهار صالحة للملاحة، أنه أرخص لها حتى تستورد البضائع، حتى الغلال، من الخارج عن حتى تجلبها من مصادرها في أسبانيا. وحاولت الضرائب الباهظة، بما فيها ضريبة بيع ارتفعت إلى 14%، حتى تمول حروب أسبانيا ضد أعداء استعصت هزيمتهم إلى حد لا يصدق، رغم الافتراض بأنهم ملعونون من الله. وهبط مستوى المعيشة هبوطاً حمل أعداداً لا تحصى من الأسبان على هجر مزارعهم ومتاجرهم وأخيراً وطنهم. وارتفعت وفيات الأطفال، ويبدوأنه كان هناك بعض التحديد الماكر لعدد أفراد الأسرة. فقد أصبح آلاف الرجال والنساء رهباناً عقيمين أوراهبات وانطلقت آلاف أخرى للمغامرة في أراض نائية. وفقدت إشبيلية، وطليطلة، وبرجوس، وسقوبية بعض سكانها. وهبط سكان مدريد في القرن السابع عشر من 400.000 إلى 200.000(52) لقد كانت أسبانيا تموت من سقم المضى.

وفي وسط الفقر المنتشر المتكاتف كدست الطبقات العليا ثروتها وعرضتها على الأنظار. وأمسك النبلاء، الذين طال إثراؤهم باستغلال الأهالي أوبالكنوز المستوردة، عن استثمار ثروتهم في الصناعة أوالتجارة، وراحوا يبهرون أبصار بعضهم البعض بالجواهر والمعدن النفيس، وبالملاهي الغالية والأثاث الفخم. من ذلك حتى دوق ألفا كان يملك 7.200 من صحاف الفضة و9.600 من الآنية الفضية الأخرى، وأن أمير ستليانو خلق لزوجته محفة من المضى والمرجان بلغ ثقلها حداً لم يسمح باستعمالها. كذلك احتفظت الكنيسة بغناها، واستكثرت منه (53)، وسط الفاقة المحيطة بها. ورأى رئيس أساقفة سنتياجوحتى يبني كنيسة كاملة من الفضة، فلما ثنوه عن ذلك بناها كلها بالرخام (54). لقد كان دم الشعب تربة الثروة ومجد الله.

أما ديوان التفتيش فكان على عهدنا به من شدة البأس، بل أشد بأساً من الحكومة. وقلت الاحتفالات التي يصدر فيها الحكم بالموت على المهرطقين عن ذي قبل، لا لشيء إلا لأن الهرطقة كانت قد أبيدت حرقاً. وكانت القيود التي أعجزت الكاثوليك في إنجلترا لا تقاس بما يلقاهالبروتستنت من أخطار في أسبانيا. وعجز كرومويل عن حماية التجار الإنجليز هناك. وقبض ديوان التفتيش في 1691 على الخادم البروتستنتي للسفير الإنجليزي، وفي تلك السنة نبش الشعب جثة القسيس الأنجليكاني الخاص بالسفير ومثل بها تمثيلاً. واستمر حرق اليهود المنتصرين الذين اتهموا بأنهم يضمرون يهوديتهم. وبنى ديوان التفتيش لنفسه في ميورقه قصراً جميلاً من الثروة التي صادرها في تحقيق واحد(55). وكانت الجماهير تؤيد بحرارة هذه المحرقات وإن حاول كثير من النبلاء تثبيطها. فلما أعرب شارل الثاني في 1680 عن رغبته في حتى يشهد احتفالاً بحرق المهرطقين، تطوع صناع مدريد بأن يبنوا مدرجاً للمشهد المقدس، وفي أثناء قيامهم بالعمل كانوا يشجعون بعضهم بعضاً على الإسراع والاجتهاد بألوان من الحض الديني، لقد كان حقاً جهداً من جهود المحبة. وحضر شارل وعروسه الشابة في جميع أبهة الملك، وحوكم 120 سجيناً، وأحرق واحد وعشرون حتى الموت في مرجل في الميدان الكبير، وكان هذا أعظم وأفخم احتفال بحرق المهرطقين في تاريخ أسبانيا، ونشر كتاب من 308 صفحة يصف الحدث ويخلد ذكراه (56). وفي 1696 عين شارل "هيئة كبرى" لفحص مفاسد ديوان التفتيش، فقدمت تقريراً أماط اللثام عن شرور كثيرة وأدانها، ولكن الرئيس العام للديوان أقنع الملك بأن يلقي بهذا "الاتهام الرهيب" في زوايا النسيان. فلما طلبه فليب الخامس في 1701 لم يعثر على نسخة منه(57). على حتى الدين خفف من غلوائه بعد ذلك وقلل من حرائقه.

أما الكنيسة فقد حاولت حتى تفتدي ثروتها وتدعم الإيمان بتمويلها للفن. ففي 1677 صمم فرانشسكودي هيريرا ايلموزوكتدرائية سرقسطة الثانية التي سميت "ديل بيلار" لأنها تفاخر بعمود افترض الناس حتى العذراء نزلت عليه من السماء. واتىت العمارة الباروكية الآن إلى أسبانيا، وبين عشية وضحاها تحول المزاج الأسباني من الاكتئاب القوطي إلى الإسراف الزخرفي. وأشهر المعماريين هنا خوزي شوريجويرا، وقد أصبح لفظ "شوريجويريسكا" حيناً فهماً على الباروك الأسباني. ولد في سلمنقة عام 1665، وأبدى نشاطاً مفرطاً في العمارة والنحت وصناعة الأثاث والتصوير. فلما وفد على مدريد في الثالثة والعشرين ولج في مسابقة لتصميم نعش لجنازة الملكة ماريا لويزا، ففاز بالجائزة، وتوطدت شهرته بالبراعة الزخرفية العربية بفضل هذا البناء المختلط(58)، المؤلف من أعمدة عجيبة الشكل وكرانيش مكسرة، والمزين بالهياكل العظمية والعظام المتقاطعة والجماجم. ثم عاد غلى سلمنقة حوالي 1690، وظل يكد فيها عشر سنين، يزخرف الكتدرائية، ويبني المذبح العالي في كنيسة القديس أسطفان، والبهوالفخم في مجلس المدينة. وفي مدريد صمم قرب ختام حياته قابلة كنيسة القديس توما، ولما توفي (1725) هجر استكمال البناء لولديه جيرونيموونيقولا، وفي أثناء اشتغالهما بهذه العمليات سقطت القبة فوق رءوس الكثير من العمال والمصلين فسحقتهم. وهاجر إلى المكسيك لون معتدل نوعاً ما من باروك شوريجويرا، وهناك أثمر بعض المباني التي تعد من أجمل ما شيد في أمريكا الشمالية.

وظل النحت تعبيراً قوياً عن الروح الأسبانية. وكان مصدر هذه القوة أحياناً واقعية شاذة، كما نراها بتفصيل دموي في رأس يوحنا المعمدان أوغيره من القديسين مقطوعي الرءوس. وكان متحف بلد الوليد يحتفظ برأسين من هذا النوع للقديس بولس(59). وظلت حجب المذبح لوناً أثيراً من ألوان الفن، فترى بيدرورولدان ينحت الحجب الكبرى في كنيسة الأبرشية الملحقة بالكاتدرائية، وفي مستشفى دي لا كاريداد في إشبيلية، وابنته لويزا رولدانا، مثاله أسبانيا الفذة تنحت في كتدرائية قادس مجموعة تماثيل تهجرز حول "نوسترا سينورا دي لاس أنجوستياس" (سيدة الأحزان). وهيمن بيدرودي مينا على العصر بتماثيل عراياه (وما أندرها في الفن الأسباني)، وتماثيل السيدة العذراء، ومقعد المرتلين في كاتدرائية ملقا، ويعد تمثاله" سان فرانسسكو" في كاتدرائية إشبيلية من أروع أمثلة النحت الأسباني. وحوالي نهاية القرن السابع عشر استوعب هذا الفن ما استوعب غيره من تدهور عام. فأثقلت الحشوات بالزخارف، وزودت التماثيل بأجهزة آلية لتحريك الرأس والعينين والفم، وأضيف الشعر والملابس الحقيقية، واللون دائماً، في جهد للوصول إلى أبسط التصور والذوق الجماهيريين.

وولى عصر العمالقة في التصور الأسباني، ولكن بقى الكثير من صغار الأبطال. فكان خوان كارينودي ميراندا، الذي خلف فيلا سكويز مصوراً للبلاط، محبوباً كسلفه تقريباً-رجلاً متواضعاً لطيفاً، يبلغ به الاستغراق في عمله مبلغاً ينسيه أحياناً هل أكل أولم يأكل. وقد سرت صوره لشارل الثاني وحاشيته الملك الشاب حتى عرض عليه لقب الفروسية وصليب سنتياجو، ولكن كارينورفض هذا التشريف لأنه رآه فوق ما يستحق. وفي تلك الأيام ابتهجت مدريد بسيرة "الكنتريللودي مييل" (برطمان العسل). وتفصيل ذلك حتى فناناً مغموراً يدعى جريجوريوأوتاندي رسم لوحة للراهبات الكرمليات طلب عليها أجراً مائة دوكاتية، فاستكثرن عليه الأجر، ولكن وافقن على تحكيم كارينو. وقبل حتى يسمع كارينوبالأمر، أهداه أوتاندي برطمان عسل، ورجاه في حتى يضع اللمسات الأخيرة للوحة. فعمل، وتحسنت الصورة كثيراً. ودهش كارينوحين طلبت إليه الراهبات تقييمها. فرفض، ولكن فناناً ثالثاً قدرها بمائتي دوكاتية، وكتم السر حتى دفع الثمن.

وفي ختام حياته يسر كارينوسبيل النجاح لأحد خلفائه، وهوكلوديوكويللو، الذي ظل يرسم آناء الليل وأطراف النهار دون حتى يحقق نتائج ذات بال. فصادقه كارينو، وحصل له على إذن بأن يفهم وينسخ أعمال تتسيانووروبنز وفانديك في قاعات الفن الملكية. وأعانت هذه التجربة كلوديوعلى النضج، وفي 1684، وقبل موت كارينوبعام، عين كويللومصوراً للملك. وقد أحرز الشهرة في وطنه بلوحته "ساجرادا فورما" أي القربانة المقدسة، التي ظهرت فيها هذه القربانة تقدم إلى شارل الثاني لوضعها على مذبح في الأسكوريال. والأسطورة التي من وراء الصورة تعبر عن مزاج أسبانيا. تقول الرواية أنه في أثناء الحرب مع الهولنديين داس بعض الكلفنيين الفجرة بترة من خبز القربان المقدس تحت أقدامهم، وسالت من القربانة المصابة قطرات من دم، هدت للتوأحد مدنسيها إلى الكاثوليكية، وحملت القربانة التي استنقذت إلى فيينا في احترام وإجلال، وأوفدت هدية إلى فيليب الثاني، ومنذ ذلك التاريخ وهي تعرض دورياً، ملطخة بدم المسيح على العابدين الخاشعين. وصور كويللوالملك وكبار حاشيته راكعين في تعبد أمام الخبز المعجز. وظهر في الصورة نحوخمسين شخصاً، كلهم تقريباً صاحب شخصية متميزة، وقد رتبوا في منظور ذي عمق خداع للبصر بشكل ملحوظ(60). بعد هذا العمل الذي اقتضاه الفراغ منه عامين، أصبح كويللوسيد الفنانين قاطبة في العاصمة غير منازع. وبعد ست سنوات (1692) حجبه بغتة وصول لوكا فاريريستوجوردانومن إيطاليا، وكلف لوكا على الفور بالدور الأول في زخرفة الأسكوريال من جديد. وزاد لوكا الطين بلة بامتداحه صور كلوديو. وأنهى كويللوالصور التي كلف بها، ولكنه ألقى فرشاته جانباً. وبعد عام من وصول جوردانوتوفي كويللووهوبعد في الحادية والخمسين، وقيل قهراً وغيرة(61).

وخلال ذلك شهدت إشبيلية ميلاد ووفاة (1630-90) آخر فنان عظيم في التصوير الأسباني قبل جويا، وهوخوان دي فالديس ليال. وكان مثل كويللوبرتغالي الأبوين أسباني المولد. وبعد حتى أنفق سنوات في قرطبة، رحل إلى إشبيلية ليتحدى تفوق موريللو. وكان فيه من الكبرياء ما لم يسمح له بأن يقدم لرعاته الجمال الناعم لعذارى (مادونات) محتشمات. وقد صور العذراء في صعودها، ولكنه وضع قلبه وقوته في صور أخرى لا تعهد هوادة في الغض من لذات الحياة والإيماء إلى الموت الذي لا مهرب منه. فرسم القديس أنطونيوس يتولى في هلع عن فتنة النساء(62). وصورت لوحته "آن أكتوأوكولي" (أي في طرفة عين) الموت هيكلاً عظمياً يطفئ شمعة الحياة التي يكشف ضوءها القصير الأجل، في فوضى اختلطت على أرض الحجرة، عدة الأطماع الدنيوية ومجد العالم-الخط، والسلاح، وتاج أسقف، وتاج ملك، وسلسلة لطائفة "الفروة المضىية". وفي صورة مغايرة تدور حول هذه الفكرة أرانا ليال حفرة مقبرة تبعثرت فيها الجثث والهياكل والجماجم، ومن فوقها كلها يد جميلة تمسك بميزان تحتوي إحدى كفتيه على شعارات فارس، والأخرى على شارات أسقف، والكفة الأولى خط عليها "نيماس" أي لا أكثر، والثانية "نيمينوس" أي لا أقل-فرجال الدنيا ورجال الدين على السواء وجدوا ناقصين في موازين الله. ورأى موريللوأول الصورتين، فنطق لفالديس "إنها أيها الزميل صورة لا يستطيع المرء حتى ينظر إليها دون حتى يمسك بأنفه(63)"-وهي تعبير يمكن حتى تفسر بأنها ثناء على واقعية المصور، أورد عمل عقل سليم للفن المنحط.

ذلك حتى الانحطاط كان سمة للعهد، فلم يشرفه أديب عظيم، ولم تعرض على مسرحه تمثيلية فذة. أما الجامعات فكانت تنزوي وسط الخراب والظلامية السائدين، ففي جامعة سلمنقة هبط عدد الطلاب في هذه الفترة من 7.800 إلى 2.076(64). وجاهد ديوان التفتيش وقائمة الخط المحرمة بنجاح ليقصيا عن أسبانيا جميع أدب يسيء إلى الكنيسة، وظلت أسبانيا طوال قرن توصد أبوابها كأنها صومعة عابد في وجه حركات الذهن الأوربي. وتربع الانحطاط بشخصه على عرش الملك رمزاً للعهد.

وبيان ذلك حتى شارل الثاني أصبح ملكاً وهوبعد في الرابعة (1665) وفي سني حداثته كانت أمه الملكة ماريانا تحكم البلاد اسماً، أما حاكمها العملي فكان كاهن اعترافها اليسوعي يوهانز ابرهارد نيذارد، ثم عشيقها فرناندوفالنزويلا. وتفاقمت الفوضى، وكانت الوزارة الكفء التي تولاها دون خوان نمساوي آخر، أقصر أجلاً من حتى توقف الانحلال. وفي 1677 تقلد الملك ذوالستة عشر عاماً الحكم وجلس عاجزاً على قمة هذا الصرح المنهار. ولعل التزاوج المتصل بين أفراده أسرة هابسبورج أسهم في ضعف بدنه وعقله. وكانت الذقن الهابسبورجية في شارل بارزة بروزاً أعجزه عن مضغ طعامه، ولسانه من الكبر بحيث لم يكد كلامه يفهم. وظل إلى العاشرة يعامل كأنه طفل يحمل بين الذراعين. وكان لا يكاد يستطيع القراءة، ولم يتلق من التعليم إلا القليل، وكان أعز ميراثه خرافات ممضىه وأساطيره. ويصف مؤرخ أسباني كبير بأنه "عليل، أبله شديد التعلق بالخرافات"، وكان "يعتقد أنه ممسوس، وكان ألعوبة لأطماع جميع من أحاطوا به(65)". وقد تزوج مرتين، ولكن "كان من المعروف للجميع أنه لا يستطيع تسقط الخلف(66)". هذا القصير الأعرج، المصروع، الخرف، المصلع تماماً قبل حتى يبلغ الخامسة والثلاثين، كان دائماً على شفا الموت، ولكنه حير العالم المسيحي المرة بعد المرة ببقائه على قيد الحياة.

وأصبح تفكك أوصال أسبانيا الآن مأساة أوربية. فقد ازدادت الحكومة اقتراباً من الإفلاس برغم الضرائب والتضخم واستغلال المناجم الأمريكية حتى عجزت عن دفع فوائد دينها، وحتى المائدة الملكية اضطرت إلى التقتير في خدمة الملك. أما البيروقراطية الإدارية التي قلت رواتبها فكانت فاسدة متراخية. واستبد الفقر بالناس حتى كانوا يقتتلون للحصول على الخبز، وسطت عصابات من الجياع على البيوت لتسرع وتقتل، وكان عشرون ألف شحاذ يجوبون شوارع مدريد. أما رجال الشرطة العاجزون عن الحصول على رواتبهم فقد تشتتوا وانضموا إلى المجرمين.

ووسط الفوضى والقلق والخراب قابل الملك المسكين، الكسيح، نصف المعتوه، الشاعر بدنوأجله، في حيرة وتذبذب، معضلة الفصل في وراثة عرشه. وإذ كان سلطانه من الناحية النظرية مطلقاً، فإن سطراً واحداً بخطه كان يكفي للتوصية بإمبراطوريته التي تمتد رقعتها في أربع قارات، أما للنمسا وأما لفرنسا. وانتصرت أمه للنمسا، ولكن شارل كان يكره تآمرها كما يكره جشع زوجته الألمانية الخبيث. وذكره السفير الفرنسي بأنه ما دام صداق عروس لويس الرابع عشر الأسبانية لم يدفع بعد، فإن تنازلها عن الوراثة قد بطل، وكان لويس يلح مطالباً بحقوقها، ويملك القوة لفرض مطلبه. فلوحتى شارل داس هذه الحقوق لاشتعلت أوربا بنيران الحرب، وربما تمزقت أسبانيا إرباً في هذا الصراع. وانهار شارل تحت وطأة اتخاذ القرار، وبكى واشتكى من حتى ساحرة قد ابتلته بخطوب لا قبل له بتحملها. وبينما كان يستمع إلى الحجج التي زادته اختلاطاً حاصر مثيروالشغب قصره صائحين في طلب الخبز.

وفي سبتمبر 1700 لزم شارل فراش الموت وكسب الحزب الفرنسي، وهوأحد الأحزاب التي أحاطت به، رئيس أساقفة طليطلة-وكان كبير أساقفة أسبانيا-إلى صفه، وقد لازم الملك المحتضر ليل نهار، وذكره بأن لويس الرابع عشر وحده يملك من القوة ما يتيح له الحفاظ على الإمبراطورية الأسبانية سليمة واستخدامها معقلاً للكنيسة الكاثوليكية. ونصح البابا إنوسنت الثاني عشر شارل بتفضيل فرنسا، وذلك تحت إلحاح لويس. وخيراً أذعن شارل، وسقط الوصية المشئومة التي خلف فيها جميع ممتلكاته لفيليب دوق أنجو، حفيد ملك فرنسا (3 أكتوبر 1700). وفي أول نوفمبر توفي شارل، غير متجاوز التاسعة والثلاثين، وكأنه شيخ في الثمانين. إلى غير ذلك كانت خاتمة فرع الهابسبورج الأسباني في غروب شاعت فيه حمرة الحرب الداهمة.

عصر التنوير : اسبانيا تحت البوربون (القرن 18)

An 18th century map of the Iberian Peninsula
Attacking Spanish infantry (about 1740)

أما الكنيسة فقد حاولت حتى تفتدي ثروتها وتدعم الإيمان بتمويلها للفن. ففي 1677 صمم فرانشسكودي هيريراايلموز وكتدرائية سرقسطة الثانية التي سميت "ديل بيلار" لأنها تفاخر بعمود افترض الناس حتى العذراء نزلت عليه من السماء. واتىت العمارة الباروكية الآن إلى أسبانيا، وبين عشية وضحاها تحول المزاج الأسباني من الاكتئاب القوطي إلى الإسراف الزخرفي. وأشهر المعماريين هنا خوزي شوريجويرا ، وقد أصبح لفظ "شوريجويريسكا" حيناً فهماً على الباروك الأسباني. ولد في سلمنقة عام 1665، وأبدى نشاطاً مفرطاً في العمارة والنحت وصناعة الأثاث والتصوير. فلما وفد على مدريد في الثالثة والعشرين ولج في مسابقة لتصميم نعش لجنازة الملكة ماريا لويزا,ففاز بالجائزة، وتوطدت شهرته بالبراعة الزخرفية العربية بفضل هذا البناء المختلط(58)، المؤلف من أعمدة عجيبة الشكل وكرانيش مكسرة، والمزين بالهياكل العظمية والعظام المتقاطعة والجماجم. ثم عاد غلى سلمنقة حوالي 1690، وظل يكد فيها عشر سنين، يزخرف الكتدرائية، ويبني المذبح العالي في كنيسة القديس أسطفان, والبهوالفخم في مجلس المدينة. وفي مدريد صمم قرب ختام حياته قابلة كنيسة القديس توما، ولما توفي (1725) هجر استكمال البناء لولديه جيرونيموونيقولا، وفي أثناء اشتغالهما بهذه العمليات سقطت القبة فوق رءوس الكثير من العمال والمصلين فسحقتهم. وهاجر إلى المكسيك لون معتدل نوعاً ما من باروك شوريجويرا, وهناك أثمر بعض المباني التي تعد من أجمل ما شيد في أمريكا الشمالية.

وظل النحت تعبيراً قوياً عن الروح الأسبانية. وكان مصدر هذه القوة أحياناً واقعية شاذة، كما نراها بتفصيل دموي في رأس يوحنا المعمدان أوغيره من القديسين مقطوعي الرءوس. وكان متحف بلد الوليد يحتفظ برأسين من هذا النوع للقديس بولس(59). وظلت حجب المذبح لوناً أثيراً من ألوان الفن، فترى بيدرورولدان ينحت الحجب الكبرى في كنيسة الأبرشية الملحقة بالكاتدرائية، وفي مستشفى دي لا كاريداد في إشبيلية، وابنته لويزا رولدانا، مثاله أسبانيا الفذة تنحت في كتدرائية قادس مجموعة تماثيل تهجرز حول "نوسترا سينورا دي لاس أنجوستياس" (سيدة الأحزان). وهيمن بيدرودي مينا على العصر بتماثيل عراياه (وما أندرها في الفن الأسباني)، وتماثيل السيدة العذراء، ومقعد المرتلين في كاتدرائية ملقا، ويعد تمثاله" سان فرانسسكو" في كاتدرائية إشبيلية من أروع أمثلة النحت الأسباني. وحوالي نهاية القرن السابع عشر استوعب هذا الفن ما استوعب غيره من تدهور عام. فأثقلت الحشوات بالزخارف، وزودت التماثيل بأجهزة آلية لتحريك الرأس والعينين والفم، وأضيف الشعر والملابس الحقيقية، واللون دائماً، في جهد للوصول إلى أبسط التصور والذوق الجماهيريين.

وولى عصر العمالقة في التصور الأسباني، ولكن بقى الكثير من صغار الأبطال. فكان خوان كارينودي ميراندا، الذي خلف فيلا سكويز مصوراً للبلاط، محبوباً كسلفه تقريباً-رجلاً متواضعاً لطيفاً، يبلغ به الاستغراق في عمله مبلغاً ينسيه أحياناً هل أكل أولم يأكل. وقد سرت صوره لشارل الثاني وحاشيته الملك الشاب حتى عرض عليه لقب الفروسية وصليب سنتياجو، ولكن كارينورفض هذا التشريف لأنه رآه فوق ما يستحق. وفي تلك الأيام ابتهجت مدريد بسيرة "الكنتريللودي مييل" (برطمان العسل). وتفصيل ذلك حتى فناناً مغموراً يدعى جريجوريوأوتاندي رسم لوحة للراهبات الكرمليات طلب عليها أجراً مائة دوكاتية، فاستكثرن عليه الأجر، ولكن وافقن على تحكيم كارينو. وقبل حتى يسمع كارينوبالأمر، أهداه أوتاندي برطمان عسل، ورجاه في حتى يضع اللمسات الأخيرة للوحة. فعمل، وتحسنت الصورة كثيراً. ودهش كارينوحين طلبت إليه الراهبات تقييمها. فرفض، ولكن فناناً ثالثاً قدرها بمائتي دوكاتية، وكتم السر حتى دفع الثمن.

وفي ختام حياته يسر كارينوسبيل النجاح لأحد خلفائه، وهوكلوديوكويللو، الذي ظل يرسم آناء الليل وأطراف النهار دون حتى يحقق نتائج ذات بال. فصادقه كارينو، وحصل له على إذن بأن يفهم وينسخ أعمال تتسيانووروبنز وفانديك في قاعات الفن الملكية. وأعانت هذه التجربة كلوديوعلى النضج، وفي 1684، وقبل موت كارينوبعام، عين كويللومصوراً للملك. وقد أحرز الشهرة في وطنه بلوحته "ساجرادا فورما" أي القربانة المقدسة، التي ظهرت فيها هذه القربانة تقدم إلى شارل الثاني لوضعها على مذبح في الأسكوريال. والأسطورة التي من وراء الصورة تعبر عن مزاج أسبانيا. تقول الرواية أنه في أثناء الحرب مع الهولنديين داس بعض الكلفنيين الفجرة بترة من خبز القربان المقدس تحت أقدامهم، وسالت من القربانة المصابة قطرات من دم، هدت للتوأحد مدنسيها إلى الكاثوليكية، وحملت القربانة التي استنقذت إلى فيينا في احترام وإجلال، وأوفدت هدية إلى فيليب الثاني، ومنذ ذلك التاريخ وهي تعرض دورياً، ملطخة بدم المسيح على العابدين الخاشعين. وصور كويللوالملك وكبار حاشيته راكعين في تعبد أمام الخبز المعجز. وظهر في الصورة نحوخمسين شخصاً، كلهم تقريباً صاحب شخصية متميزة، وقد رتبوا في منظور ذي عمق خداع للبصر بشكل ملحوظ(60). بعد هذا العمل الذي اقتضاه الفراغ منه عامين، أصبح كويللوسيد الفنانين قاطبة في العاصمة غير منازع. وبعد ست سنوات (1692) حجبه بغتة وصول لوكا فاريريستوجوردانومن إيطاليا، وكلف لوكا على الفور بالدور الأول في زخرفة الأسكوريال من جديد. وزاد لوكا الطين بلة بامتداحه صور كلوديو. وأنهى كويللوالصور التي كلف بها، ولكنه ألقى فرشاته جانباً. وبعد عام من وصول جوردانوتوفي كويللووهوبعد في الحادية والخمسين، وقيل قهراً وغيرة(61). وخلال ذلك شهدت إشبيلية ميلاد ووفاة (1630-90) آخر فنان عظيم في التصوير الأسباني قبل جويا، وهوخوان دي فالديس ليال. وكان مثل كويللوبرتغالي الأبوين أسباني المولد. وبعد حتى أنفق سنوات في قرطبة، رحل إلى إشبيلية ليتحدى تفوق موريللو. وكان فيه من الكبرياء ما لم يسمح له بأن يقدم لرعاته الجمال الناعم لعذارى (مادونات) محتشمات. وقد صور العذراء في صعودها، ولكنه وضع قلبه وقوته في صور أخرى لا تعهد هوادة في الغض من لذات الحياة والإيماء إلى الموت الذي لا مهرب منه. فرسم القديس أنطونيوس يتولى في هلع عن فتنة النساء(62). وصورت لوحته "آن أكتوأوكولي" (أي في طرفة عين) الموت هيكلاً عظمياً يطفئ شمعة الحياة التي يكشف ضوءها القصير الأجل، في فوضى اختلطت على أرض الحجرة، عدة الأطماع الدنيوية ومجد العالم-الخط، والسلاح، وتاج أسقف، وتاج ملك، وسلسلة لطائفة "الفروة المضىية". وفي صورة مغايرة تدور حول هذه الفكرة أرانا ليال حفرة مقبرة تبعثرت فيها الجثث والهياكل والجماجم، ومن فوقها كلها يد جميلة تمسك بميزان تحتوي إحدى كفتيه على شعارات فارس، والأخرى على شارات أسقف، والكفة الأولى خط عليها "نيماس" أي لا أكثر، والثانية "نيمينوس" أي لا أقل-فرجال الدنيا ورجال الدين على السواء وجدوا ناقصين في موازين الله. ورأى موريللوأول الصورتين، فنطق لفالديس "إنها أيها الزميل صورة لا يستطيع المرء حتى ينظر إليها دون حتى يمسك بأنفه(63)"-وهي تعبير يمكن حتى تفسر بأنها ثناء على واقعية المصور، أورد عمل عقل سليم للفن المنحط.

ذلك حتى الانحطاط كان سمة للعهد، فلم يشرفه أديب عظيم، ولم تعرض على مسرحه تمثيلية فذة. أما الجامعات فكانت تنزوي وسط الخراب والظلامية السائدين، ففي جامعة سلمنقة هبط عدد الطلاب في هذه الفترة من 7.800 إلى 2.076(64). وجاهد ديوان التفتيش وقائمة الخط المحرمة بنجاح ليقصيا عن أسبانيا جميع أدب يسيء إلى الكنيسة، وظلت أسبانيا طوال قرن توصد أبوابها كأنها صومعة عابد في وجه حركات الذهن الأوربي. وتربع الانحطاط بشخصه على عرش الملك رمزاً للعهد.

وبيان ذلك حتى شارل الثاني أصبح ملكاً وهوبعد في الرابعة (1665) وفي سني حداثته كانت أمه الملكة ماريانا تحكم البلاد اسماً، أما حاكمها العملي فكان كاهن اعترافها اليسوعي يوهانز ابرهارد نيذارد، ثم عشيقها فرناندوفالنزويلا. وتفاقمت الفوضى، وكانت الوزارة الكفء التي تولاها دون خوان نمساوي آخر، أقصر أجلاً من حتى توقف الانحلال. وفي 1677 تقلد الملك ذوالستة عشر عاماً الحكم وجلس عاجزاً على قمة هذا الصرح المنهار. ولعل التزاوج المتصل بين أفراده أسرة هابسبورج أسهم في ضعف بدنه وعقله. وكانت الذقن الهابسبورجية في شارل بارزة بروزاً أعجزه عن مضغ طعامه، ولسانه من الكبر بحيث لم يكد كلامه يفهم. وظل إلى العاشرة يعامل كأنه طفل يحمل بين الذراعين. وكان لا يكاد يستطيع القراءة، ولم يتلق من التعليم إلا القليل، وكان أعز ميراثه خرافات ممضىه وأساطيره. ويصف مؤرخ أسباني كبير بأنه "عليل، أبله شديد التعلق بالخرافات"، وكان "يعتقد أنه ممسوس، وكان ألعوبة لأطماع جميع من أحاطوا به(65)". وقد تزوج مرتين، ولكن "كان من المعروف للجميع أنه لا يستطيع تسقط الخلف(66)". هذا القصير الأعرج، المصروع، الخرف، المصلع تماماً قبل حتى يبلغ الخامسة والثلاثين، كان دائماً على شفا الموت، ولكنه حير العالم المسيحي المرة بعد المرة ببقائه على قيد الحياة. وأصبح تفكك أوصال أسبانيا الآن مأساة أوربية. فقد ازدادت الحكومة اقتراباً من الإفلاس برغم الضرائب والتضخم واستغلال المناجم الأمريكية حتى عجزت عن دفع فوائد دينها، وحتى المائدة الملكية اضطرت إلى التقتير في خدمة الملك. أما البيروقراطية الإدارية التي قلت رواتبها فكانت فاسدة متراخية. واستبد الفقر بالناس حتى كانوا يقتتلون للحصول على الخبز، وسطت عصابات من الجياع على البيوت لتسرع وتقتل، وكان عشرون ألف شحاذ يجوبون شوارع مدريد. أما رجال الشرطة العاجزون عن الحصول على رواتبهم فقد تشتتوا وانضموا إلى المجرمين.

ووسط الفوضى والقلق والخراب قابل الملك المسكين، الكسيح، نصف المعتوه، الشاعر بدنوأجله، في حيرة وتذبذب، معضلة الفصل في وراثة عرشه. وإذ كان سلطانه من الناحية النظرية مطلقاً، فإن سطراً واحداً بخطه كان يكفي للتوصية بإمبراطوريته التي تمتد رقعتها في أربع قارات، أما للنمسا وأما لفرنسا. وانتصرت أمه للنمسا، ولكن شارل كان يكره تآمرها كما يكره جشع زوجته الألمانية الخبيث. وذكره السفير الفرنسي بأنه ما دام صداق عروس لويس الرابع عشر الأسبانية لم يدفع بعد، فإن تنازلها عن الوراثة قد بطل، وكان لويس يلح مطالباً بحقوقها، ويملك القوة لفرض مطلبه. فلوحتى شارل داس هذه الحقوق لاشتعلت أوربا بنيران الحرب، وربما تمزقت أسبانيا إرباً في هذا الصراع. وانهار شارل تحت وطأة اتخاذ القرار، وبكى واشتكى من حتى ساحرة قد ابتلته بخطوب لا قبل له بتحملها. وبينما كان يستمع إلى الحجج التي زادته اختلاطاً حاصر مثيروالشغب قصره صائحين في طلب الخبز. وفي سبتمبر 1700 لزم شارل فراش الموت وكسب الحزب الفرنسي، وهوأحد الأحزاب التي أحاطت به، رئيس أساقفة طليطلة-وكان كبير أساقفة أسبانيا-إلى صفه، وقد لازم الملك المحتضر ليل نهار، وذكره بأن لويس الرابع عشر وحده يملك من القوة ما يتيح له الحفاظ على الإمبراطورية الأسبانية سليمة واستخدامها معقلاً للكنيسة الكاثوليكية. ونصح البابا إنوسنت الثاني عشر شارل بتفضيل فرنسا، وذلك تحت إلحاح لويس. وخيراً أذعن شارل، وسقط الوصية المشئومة التي خلف فيها جميع ممتلكاته لفيليب دوق أنجو، حفيد ملك فرنسا (3 أكتوبر 1700). وفي أول نوفمبر توفي شارل، غير متجاوز التاسعة والثلاثين، وكأنه شيخ في الثمانين. إلى غير ذلك كانت خاتمة فرع الهابسبورج الأسباني في غروب شاعت فيه حمرة الحرب الداهمة.

عصر نابليون

الحروب النابليونية : حرب الاستقلال الاسبانية (1808-1814)

The Third of May 1808 by Francisco Goya, showing Spanish resisters being executed by Napoleon's troops.

كانت إسبانيا لاتزال تعيش أجواء العصور الوسطى. لقد كانت دولة ذائبة في عشق الرب، تزدحم كاتدرائياتها المهيبة، ويقوم أبناؤها بالحج إلى المزارات المقدسة، دولة مكتظة برجال الدين، أنست إلى الغفران الذي تمنحه الكنيسة الكاثوليكية، تخشى محاكم التفتيش وتوقرها، وكان الإسبان يخرِّون ركعا سجدا في الطرقات عندما يمر أعضاء محاكم التفيتس في موكبهم المهيب. كما كان الإسبان يضعون في اعتبارهم قبل أي شيء آخر حتىقد يكون الرب God حاضراً في جميع بيت من بيوتهم يرعى أطفالهم ويحفظ عذرية بناتهم ويثيب في النهاية بالفردوس بعد اختبار مرهق اسمه الحياة. وقد عثر جورج بوروBorrow بعد ذلك بجيل >أن جهل الجماهير كان فظيعاً< على الأقل في ليون Leon >لدرجة حتى التمائم المطبوعة ضد الشيطان وأعوانه، والتمائم التي تبعد النحس، كانت تباع علناً في المحلات وكانت تلقى رواجا كبيرا(4)< وقد انتهى نابليون الذي كان لايزال ابنا لحركة التنوير إلى حتى >دور الفلاحين الإسبان وإسهامهم في الحضارة الأوربية أقل حتى من دور الفلاحين الروس(5)<. لقد عبر نابليون عن ذلك بينما هويسقط الكونكوردات (الوفاق) مع الكنيسة الكاثوليكية. ومع هذا فقد كان الفلاح الإسباني - كما شهد لورد بايرون يستطيع "أنقد يكون فخورا معتزا بنفسه كأكثر الدوقات نبالة.

وكادقد يكون التعليم مقصورا على البورجوازية والنبلاء. وكانت فهم القراءة والكتابة تمثل حداً فاصلا، فحتى الهيدالجوات hidalgos (من طبقة النبلاء الدنيا) قلما كان الواحد منهم يستطيع قراءة كتاب. وكانت الطبقة الحاكمة تتخوف من الطباعة(7)، وعلى أية حال لم يكن محوالأمية مطلوبا في ظل الاقتصاد الإسباني الموجود آنئذ. وكانت بعض المدن التجارية مثل قادش Cadiz وأشبيلية مزدهرة، وقد اعتبر اللورد بايرون قادش >أجمل مدن أوربا<(8) في سنة 9081. وكانت هناك بعض المراكز الصناعية المزدهرة، فقد ظلت توليدوToledo مشهورة بسيوفها(9) لكن طبيعة البلاد الجبلية الوعرة لم تجعل غير ثلثها فقط هوالذي يمكن زراعته بمردود اقتصادي، وكانت الطرق والقنوات (الترع) قليلة جدا، ووعرة وتنقصها الصيانة كما كان المرور فيها يستلزم رسوما تفرضها الولايات أوالسيد الإقطاعي، لدرجة حتى الناس وجدوا أنه من الأرخص استيراد القمح من إنتاجه محليا(01). لقد راح الفلاحون - وقد أوهنت التربة التي لا تصلح للزراعة إلا بشق النفس - من عزائهم راحوا يفخرون بحياة البطالة الواضحة بدلاً من انتظار نتائج الكدح في تربة ليس نتاجها مؤكدا. ووجد أهل المدن سعادتهم في تهريب البضائع أكثر مما وجدوها في العمل الذي لايتقاضون لقاءه أجوراً مجزية. وكان يجثم فوق أنفاس الحياة الاقتصادية ضرائب تزداد أكثر مما يزداد الدخل وجهاز شرطة فاسد وطبقة موظفين متزايدة، وحكومة منحطة (فاسدة). ورغم هذه الصعوبات فقد ظلت روح الأمة العالية، يشد أزرها تراث فرديناند وإيزابيلا، وفيليب الثاني، وتراث ڤلاسكويز Velaisquez وموريوMurillo، ويشد أزرها زيادة ثروة الإمبراطورية الإسبانية في الأمريكتين والشرق الأقصى، تلك الثروة الهائلة التي كانت إمكانية زيادتها أمراً متسقطا.

وحقق الفن الإسباني شهرة ضارعت الفن الإيطالي والهولندي. لقد جمعت الأمة الإسبانية - الآن - كنوزها الفنية - رسماً ونحتا في متحف دل برادوMuseo del Prado الذي شيده في مدريد (5871 - 9181) خوان دي ڤيلانويڤا Juan de Vilanueva ومعاونوه ومن أتوا بعده. وفي هذا المتحف توجد الأعمال العظيمة الخالدة لسيد رسامي العصر فرانسسكوخوزيه دي گويا Francisco Jose de Giya Y Lucientes (ع. 1746 - 1828) وقد وصلتنا صورة لهذا الرسام رسمها له فيسنت لوبيزي بورتانا Vicente Lopez Y Portana وهي صورة تظهره عنيدا متصلباً مما يتوافق مع الروح المتجهمة التي أظهر فيها (في رسومه) الحرب بكل وحشيتها وقسوتها الدموية، ومما يتوافق مع رجل أحب بلاده لكنه في الوقت نفسه كان يحتقر ملكها. لقد انتعش الأدب الإسباني بفضل حافزين، أوّلهما الثقافة الكاثوليكية، وثانيهما التنوير الفرنسي، واستمر هذا الانتعاش حتى عندما استهلكت الحروب الأهلية والحروب الخارجية الأمة الإسبانية. فالقس الجزويتي (اليسوعي) خوان فرانسسكودي ماسدوJuan Francisco de Masdeu أصدر على مراحل بدءا من سنة 3871 إلى سنة 5081 كتابه المهم عن تاريخ الثقافة الإسبانية Historia Critica de Espana Y de la Crltura Espanola تناول فيه التاريخ بشكل تكاملي إذ خلط التاريخ الثقافي في سياق التاريخ الحضاري العام(11). وتلقى خوان أنتونيولورنت Juan Antonio Llorente - الذي كان سكرتيرا عاما لمحكمة التفتيش الإسبانية (الكاثوليكية) من 9871 إلى 1081 - من جوزيف بونابرت (9081) تكليفا بكتابة تاريخ هذه المؤسسة (محكمة التفتيش)، ووجد خوان حتى كتابة هذا التاريخ في باريس سيكون أكثر أمناً، فخطه بالفرنسية في الفترة بين عامي 7181 و8181. ولم يكن ازدهار النثر والشعر الذي كان غرة في جبين عصر شارلز الثالث قد ذبل تماما عند موته: فقد واصل جاسبر ملكور دي جوفيلانوس Gaspar Melchor de Jovellanos (4471 - 1181) دوره كصوت معبر عن الليبرالية في التعليم ونظم الحكم، وظل لياندروفرناندز دي مورتين Leandro Fernandez de Mortain (ع.1760 - 1828) يتسوّد على خشبة المسرح بمسرحياته الضاحكة (كوميدياته) التي ضمنت له لقب (موليير إسبانيا)، وخلال حرب التحرير (8081 - 4181) راح مانويل خوزيه كوانتانا Manuel Jose Quantana والقس خوان نيكازيوگاليگوJuan Nicasio Gallego يفيضان أشعارا حماسية لتأجيج نيران الثورة على الفرنسيين.

لقد تأثر معظم الكتاب الإسبان الرواد بالأفكار الفرنسية سواء في مجال الفكر الخالص أوالتحرر السياسي، لقد تفرنس هؤلاء الكتاب تماما كما تفرنس الماسونيون. وقع هذا رغم النضال الإسباني للتحرر من الاحتلال الفرنسي. لقد استنكروا إضعاف الملكية لمجالس الأنطقيم (المحافظات) تلك المجالس المحلية التي كان لها دور في وقت من الأوقات في المحافظة على أسبانيا حيّة في مختلف أنحائها. لقد هلّلوا للثورة الفرنسية ورحّبوا بنابليون كمتحدٍ يدفع اسبانيا لتخليص نفسها من الارستقراطية الاقطاعية والكنيسة ذات الصبغة الوسيطية (كنيسة العصور الوسطى) والحكومة التي لا تتسم بالكفاءة. ولندع مؤرخا أسبانيا متمكنا يقدم لنا لحنا جنائزيا حزينا ومتسما بالقوة يتناول فيه الأسرة الحاكمة الإسبانية المحتضرة:

في سنة 8081، وعندما كانت أسرة البوربون الحاكمة في فرنسا تسير نحوالهاوية - يمكننا حتى نلخص الوضغ السياسي والاجتماعي في أسبانيا كالتالي: أرستقراطية فقدت احترامها للملوك، فقد كان رجال الحاشية على نحوخاص لا يوقرون ملوكهم. وسياسات فاسدة يقوم عليها سياسيون تحركهم العداوات الشخصية، ويملأهم الخوف والتردد. وكانت الطبقات العليا تعوزها الوطنية لا يحركها سوى الجشع والهوى. وكانت الآمال المحمومة للجماهير تتحلق حول أمير (هوفرديناند) أثبت بالعمل أنه حقود يميل للانتقام وأنه أمير زائف. وأخيرا ظهر التأثير العميق في دوائر الأدب والفكر، لأفكار الموسوعيين (الأنسيكلوبيديين) الفرنسيين والثورة الفرنسية(21)<.

وقد وصفنا في فصل سابق انهيار العرش الإسباني وتفسخه من وجهة نظر نابليون: لقد جاز شارل الرابع (حكم من 8871 إلى 8081) لزوجته ماريا لويزا Luisa وعشيقها جودوي Godoy حتى يسلباه صلاحيات الحكم، وراح الأمير فرديناند الوريث الظاهر يناور لعزل أبيه، وحارب أنصار جودوي أنصار الأمير فرديناند، وغرقت مدريد وما حولها في حالة من الفوضى. ووجد نابليون في هذه الفرضى فرصة لضم جميع شبه الجزيرة الأيبيرية للحكم الفرنسي ليحكم بها الحصار القاري (المضاد) في وجه البضائع والنفوذ البريطانيين. لقد أوفد نابليون مورا Murat والجيش الفرنسي الثاني إلى أسبانيا بتعليمات مؤداها إعادة النظام إلى أسبانيا. ودخل مورا Murat مدريد (32 مارس 8081) وقمع العصيان المسلح المعروف بعصيان الثاني من مايوhistoric Dos de Mayo. وفي هذه الأثناء نادى نابليون كلاً من شارلز الرابع وفرديناند للالتقاء به في بايون Bayonne في فرنسا بالقرب من الحدود الإسبانية. وأرهب نابليون الأمير وأجبره على إعادة العرش لوالده، ثم حث نابليون الأب على التنازل عن العرش لصالح من يعينه هو(أي يعينه نابليون) ووعد نابليون بالاعتراف بالكاثوليكية كدين رسمي وحمايتها كدين وطني لأسبانيا. وأمر نابليون أخاه جوزيف بالقدوم ليكون ملكاً على أسبانيا. ولم يكن جوزيف راغباً في القدوم لكنه أتى على مضض وتسلم من نابليون دستورا جديدا لأسبانيا منح فيه الإسبان كثيرا مما كان يطمح إليه الليبراليون الإسبان، لكنه - أي الدستور - طلب منهم حتىقد يكونوا على علاقة طيبة بالكنيسة. وتولى جوزيف مهامه الجديدة غير سعيد بها، وعاد نابليون إلى باريس سعيدا بابتلاع أسبانيا غير واضع في اعتباره الجماهير الإسبانية ولنگتون Wellingtom.

التاريخ المعاصر

الجمهورية الإسپانية الأولى (1873-1874)

الإحياء (1874-1931)

كارثة 1898

الحرب العالمية الأولى

الجمهورية الثانية والحرب الأهلية

الحرب الأهلية الإسپانية (1936-1939)

ديكتاتورية فرانشيسكوفرانكو(1936-1975)

إسبانيا الفرنكية

الانتنطق الديمقراطي

في الثاني والعشرين من نوفمبر عام 1975 أعرب خوان كارلوس ملك لإسبانيا بعد موت فرانسيسكوفرانكو، وفي رسالته الأولى إلى الأمة أبدى افكاره الداعية لإعادة الديمقراطية للبلاد . حسب الدستور المعدل عام 1978 أصبحت إسبانيا دولة قانون اجتماعية وديمقراطية تحت نظام ملكي برلماني. قبل ذلك كانت تحت حكم شمولي تحت حكم فرانكو. الملك منصبه فخري ورئيس الوزراء هوالحاكم العملي للبلاد. البرلمان الإسباني (Cortes Generales) مقسم إلى مجلسين واحد للأعيان (Senado) وعدد أعضاءه يبلغ 259 عينا وآخر للنواب (Congreso de los Diputados) وعدد أعضاءه يبلغ 350 نائبا. ينتخب الأخير مباشرة من الشعب جميع أربعة سنوات، بينما يعين 51 عضومن مجلس الأعيان وينتخب الباقون من الشعب أيضاً. رئيس الوزراء والوزراء يتم تعيينهم من قبل البرلمان اعتماداً على نتائج الانتخابات النيابية. أبرز الأحزاب الإسبانية:

  1. حزب الشعب (PP)
  2. حزب العمال الاشتراكي الأسباني (PSOE)
  3. اتحاد اليسار (IU)
  4. التحالف الديمقراطي لكاتالونيا (CiU)
  5. الحزب الوطني الباسكي (EAJ-PNV)
  6. اليسار الجمهوري لكتالونيا ERC)

إسپانيا الحديثة

المصادر

  1. ^ والفنون في إسبانية, الموسوعة العربية
  2. ^ Mafo
  3. ^ Arabsgate
  4. ^ Almoharer
  5. ^ Aljazirah
  6. ^ Shababmuslim
  7. ^ Mohammed Khalifa
  8. ^ Thawra

انظر أيضاً

  • Black Legend
  • التاريخ الاقتصادي لإسپانيا
  • Global Empire
  • تاريخ اوروپا
  • تاريخ الاتحاد الاوروپي
  • تاريخ فرنسا
  • تاريخ المغرب
  • تاريخ البرتغال
  • قائمة رؤساء وزراء إسپانيا
  • قائمة رؤوس دولة إسپانيا
  • قائمة الحروب الإسپانية
  • Ottoman-Habsburg wars
  • سياسة إسپانيا
  • عمارة إسپانية
  • الإمبراطورية الإسپانية
  • Spanish Armada in Ireland
  • Timeline of the Muslim presence in the Iberian peninsula

الهوامش

قائمة المراجع

  • Barton, Simon. A History of Spain (2009) excerpt and text search
  • Carr, Raymond, ed. Spain: A History (2001) excerpt and text search
  • Casey, James. Early Modern Spain: A Social History (1999) excerpt and text search
  • Edwards, John. The Spain of the Catholic Monarchs 1474-1520 (2001) excerpt and text search
  • Esdaile, Charles J. Spain in the Liberal Age: From Constitution to Civil War, 1808-1939 (2000) excerpt and text search
  • Gerli, E. Michael, ed. Medieval Iberia: an encyclopedia. New York 2005. ISBN 0-415-93918-6
  • Kamen, Henry. Spain. A Society of Conflict (3rd ed.) London and New York: Pearson Longman 2005. ISBN
  • Lynch, John. The Hispanic World in Crisis and Change: 1598-1700 (1994) excerpt and text search
  • O'Callaghan, Joseph F. A History of Medieval Spain (1983) excerpt and text search
  • Payne, Stanley G. Spain: A Unique History (University of Wisconsin Press; 2011) 304 pages; history since the Visigothic era.
  • Philips, William D., Jr., and Carla Rahn Phillips. A Concise History of Spain (2010)
  • Pierson, Peter. The History of Spain (2nd ed. 2008) excerpt and text search
  • Shubert, Adrian. A Social History of Modern Spain (1990) excerpt and text search
  • Tusell, Javier. Spain: From Dictatorship to Democracy, 1939 to the Present (2007) excerpt and text search

وصلات خارجية

  • History of Spain: Primary Documents
  • Spanish History Sources & Documents
  • Stanley G. Payne The Seventeenth-Century Decline
  • Henry Kamen, "The Decline of Spain: A Historical Myth?", Past and Present,) (Explains the complexities of this subject)
  • WWW-VL "Spanish History Index
  • Carmen Pereira-Muro. Culturas de España. Boston and New York: Houghton Mifflin Company 2003. ISBN

تاريخ النشر: 2020-06-07 20:02:52
التصنيفات: تاريخ إسپانيا

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

البدراوي يرد على أنباء استقالته من رئاسة الرجاء

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-30 06:23:32
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 83%

أسعار شقق الرياض تعادل رواتب 25 شهرا السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-04-30 06:24:17
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 51%

تواصل الحرارة في توقعات أحوال الطقس ليوم الأحد

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-30 09:15:10
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 46%

هجوم لسمكة قرش يغلق شواطئ أسترالية.. ماذا حدث؟

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-30 06:25:49
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 64%

سياسي / اهتمامات الصحف الباكستانية

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-30 06:28:28
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 60%

رؤية سعودية تتحقق

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-30 06:25:54
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 52%

تستمر حتى التاسعة.. "الأرصاد" ينبه من أمطار غزيرة على عسير

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-30 06:25:51
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 64%

عام / المركز الوطني للأرصاد : أمطار غزيرة على منطقة عسير

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-30 06:28:32
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 69%

عام / الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة تُعلن عن وظائف شاغرة

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-30 06:28:31
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

عام / الصحف السعودية

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-30 06:28:33
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 69%

تسليم 14 مليون شحنة برمضان السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-04-30 06:24:18
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 59%

وزارة التضامن الاجتماعى تبدأ غدا صرف معاشات شهر مايو من فروع بنك ناصر

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-30 06:22:15
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 35%

طلبة الجغرافيا بمراكش يطالبون بتوفير أفاق الشغل لهم

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-30 09:15:08
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 41%

ارتفاع درجات الحرارة يستنفر مصالح الوقاية المدنية بمراكش

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-30 09:15:07
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 39%

دوري أبطال أفريقيا: الأهلي والترجي إلى نصف النهائي على وقع الشغب!

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-30 09:16:30
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 86%

"الأرصاد" يكشف حالة الطقس المتوقعة اليوم على مناطق المملكة

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-30 06:25:36
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 53%

تعود لعام 1937.. تفاصيل مثيرة عن ثياب ملك بريطانيا في حفل تتويجه

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-30 06:25:40
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 68%

عام / المركز الوطني للأرصاد : رياح نشطة وأتربة مثارة على محافظة ينبع

المصدر: وكالة الأنباء السعودية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-30 06:28:29
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 63%

تحميل تطبيق المنصة العربية