ابن خزيمة
ابن خزيمة |
---|
هومحمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري الشافعي (٢٢٣ هـ - ٣١١ هـ)، المكنى بأبي بكر، الحافظ الحجة الفقيه، الملقب بشيخ الإسلام، وإمام الأئمة. وصاحب كتاب سليم ابن خزيمة. عهد بشفوف نظره في باب التعارض والترجيح في أصول الفقه حيث كان بارعا في إيجاد أوجه الجمع بين النصوص السليمة المتعارضة في الظاهر فكان يقول:« من رأى نصين متعارضين فليأتني أوفق له بينهما»
مولده ونشأته وطلبه للفهم
ولد سنة 223هـ في نيساپور، ونشأ في بيئة متدينة. وأراد ان يرتحل لسماع الحديث النبوي، وكان يرغب في الذهاب إلى قتيبة بن سعيد، فاستأذن أباه، فأجابه: «اقرأ القرآن اولا حتى آذن لك». فحثه أبوه على حفظ القرآن الكريم، فحفظه في سن صغيرة، يقول ابن خزيمة: «فاستظهرت القرآن، فنطق لي: امكث حتى تصلي بالختمة. فعملت، فلما عيدنا أذن لي، فخرجت إلى مرووسمعت من محمد بن هشام - يعني صاحب هشيم - فنعى إلينا قتيبة».
وكانت وفاة قتيبة سنة 240هـ، عملى هذا بدأ ابن خزيمة رحلاته الفهمية وهوفي السابعة عشرة من عمره.
وقد اتسعت رحلاته حتى ضمت الشرق الإسلامي آنذاك، فسمع:
- بنيسابور: إسحاق بن راهويه وغيره.
- وبمرو: علي بن محمد وغيره.
- وبالري: محمد بن مهران وغيره.
- وبالشام: موسى بن سهل الرملي وغيره.
- وبالجزيرة: عبد الجبار بن العلاء وغيره.
- وبمصر: يونس بن عبد الأعلى وغيره.
- وبواسط: محمد بن حرب وغيره.
- وببغداد: محمد بن اسحاق الصاغاني وغيره.
- وبالبصرة: نصر بن علي الأزدي الجهضمي وغيره.
- وبالكوفة: أبا كريب محمد بن العلاء الهمداني وغيره.
كما سمع من البخاري ومسلم بن الحجاج والذهلي وغيرهم.
روى عنه جماعة من مشايخه منهم البخاري ومسلم خارج السليمين، وشيخه محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، ويحيى بن محمد بن صاعد، وأبوعلي النيسابوري وخلائق.. وآخر من روى عنه بنيسابور حفيده أبوطاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة.
وعني بالحديث والفقه، حتى صار يضرب به المثل في سعة الفهم والإتقان. وإشتهر بقوة حفظه حتى نطق عن نفسه ((ما خطت سوداء في بياض إلا وأنا أعهده)). وكان من أفهم الناس بفقه الشافعي. وكان إماماً مجتهداً في الفقه، بلغ مرتبة الاجتهاد المطلق.
مصنفاته
صنف ما يزيد على مائة وأربعين كتاباً، كما نطق الحاكم النيسابوري: «فضائل ابن خزيمة مجموعة عندي في أوراق كثيرة، ومصنفاته تزيد على مائة وأربعين كتابا سوى المسائل، والمسائل المصنفة مائة جزء، وله فقه حديث بريرة في ثلاثة أجزاء.»
ولم تصلنا أغلب مؤلفاته. ومن أشهر مصنفاته كتاب سليم ابن خزيمة ومسماه الأصلي كما نطق صاحبه: (مختصر المختصر من المسند السليم عن النبي بنقل العدل عن العدل موصولا إليه صلى الله عليه وسلم من غير بتر في أثناء الإسناد ولا جرح في ناقلي الأخبار)، وهوأحد أبرز خط الحديث عند أهل السنة والجماعة. وكتاب التوحيد، وهوكتاب في شرح عقيدة أهل السنة والجماعة. وله كتاب باسم: (شأن النادىء وتفسير الأدعية المأثورة عن رسول الله ) وهومن محفوظات المخطة الظاهرية بدمشق.
شجاعته الأدبية
كان ابن خزيمة جريئا لا يخاف الأمراء والولاة ولا يهابهم، نطق أبوبكر بن بالويه: «سمعت ابن خزيمة يقول: كنت عند الأمير إسماعيل بن أحمد فحدّث عن أبيه بحديث وَهِمَ في إسناده، فرددته عليه، فلما خرجت من عنده نطق أبوذر القاضي: قد كنا نعهد حتى هذا الحديث خطأ منذ عشرين سنة فلم يقدر واحد منا ان يرده عليه، فقلت له: لا يحل لي حتى أسمع حديث رسول الله فيه خطأ أوتحريف فلا أرده.»
كرمه وسخاؤه
كان ابن خزيمة سخيا جوادا كريما، وكان يتصدّق حتى بملابسه، حتى أنه لم يكن يلبس القميص الواحد مرتين.
نطق محمد بن الفضل: «كان جدّي أبوبكر (أي ابن خزيمة) لا يدّخر شيئا جهده، بل ينفقه على أهل الفهم.»
ونطق الحاكم النيسابوري: «إن ابن خزيمة عمل دعوة عظيمة ببستان جمع فيها الفقراء والأغنياء ونقل جميع ما في البلد من الأكل والشواء والحلوى، وكان يوما مشهودا بكثرة الخلائق... وكان ذلك في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثمائة.»
ثناء الأئمة عليه
- نطق ابن حبان: «ما رأيت على وجه الأرض من يحسن صناعة السنن ويحفظ ألفاظها، الصحاح وزياداتها، حتى كأن السنن كلّها بين عينيه، إلا محمد بن إسحاق.»
- ونطق أيضا: «أحد أئمة الدنيا فهما وفقها»
- ونطق عنه ابن كثير: «وهومن المجتهدين في دين الإسلام»
- ونطق النووي والمضىي: «الحافظ الحجّة»
- ونطق المضىي: «الحافظ الكبير، إنتهت إليه الإمامة والحفظ في عصره بخراسان»
- ونطق الدارقطني: «كان ابن خزيمة إماما ثبتا معدوم النظير.»
- ونطق ابن أبي حاتم (وقد سئل عن ابن خزيمة): «ويحكم. هويُسأل عنا ولا نُسأل عنه. وهوإمام يقتدى به.»
- ونطق أبوعلي الحسين بن محمد الحافظ: «لم أر مثل محمد بن إسحاق». ونطق:« كان ابن خزيمة يحفظ الفقهيات من حديثه كما يحفظ القاريء السورة.»
نزاعه مع الكلابية
مال نفر من تلامذته (مثل أبوعلي الثقفي وأبوبكر الصبغي) إلى آراء ومعتقدات الكلابية، فقام عليهم ابن خزيمة، وحذرهم من هذا المسلك، وحذر الناس من إتباعهم. وامتثل أمير نيسابور لأمر ابن خزيمة. فأُلزم الثقفي البيت، ولم يخرج منه إلى حتى مات. وقيل أنهم تراجعوا عن آرائهم بعد حتى أنكر عليهم إمامهم ابن خزيمة.
وفاته
توفي ليلة السبت الثاني من ذي القعدة سنة 311هـ عن تسع وثمانين سنة. وصلى عليه ابنه أبوالنصر. ودفن في حجرة في داره، ثم صيّرت تلك الحجرة مقبرة.
المراجع
- ^ علوم الحديث لإبن الصلاح
- ^ تذكرة الحفاظ للمضىي 722 / سير أعلام النبلاء للمضىي 9:236ب
- ^ المنتظم لسبط ابن الجوزي 6:184
- ^ طبقات الشافعية الكبرى 3:110
- ^ الإرشاد للخليلي ق172أ
- ^ سير أعلام النبلاء للمضىي
- ^ "طبقات الشافعية" لتاج الدين السبكي
- ^ طبقات الشافعية - 3:111
- ^ طبقات الشافعية للسبكي - 13:111
- ^ سير اعلام النبلاء للمضىي - 9:236
- ^ سير أعلام النبلاء للمضىي - 9:238
- ^ طبقات الشافعية للسبكي - 3:118 / تذكرة الحفاظ للمضىي - 723
- ^ الثقات لإبن حبان - 9/156
- ^ البداية والنهاية لإبن كثير - 11/145
- ^ الذيل على طبقات الفقهاء الشافعية - 2/843
- ^ تذكرة الحفاظ - 2/720
- ^ طبقات الشافعية - 3:118 / تذكرة الحفاظ - 728
- ^ طبقات الشافعية - 3:118 / تذكرة الحفاظ - 729
- ^ تذكرة الحفاظ - 728