مكسيم گوركي

عودة للموسوعة

مكسيم گوركي

ألكسي مكسيموڤتش پـِشكوڤ
Aleksey Maksimovich Peshkov
Gorky's autographed portrait
وُلِد 28 مارس [ن.ق. 16 مارس] 1868
نژني نوڤگورود، الامبراطورية الروسية
توفي يونيو18, 1936(1936-06-18) (aged 68)
موسكو، الاتحاد السوڤيتي
الاسم الأدبي Maxim Gorky
الوظيفة محرر وناشط سياسي
القومية روسي (سوڤيتي)
الحركة الأدبية الواقعية الاشتراكية

التوقيع
مكسيم گوركي

ألكسي مكسيموڤتش پـِشكوڤ(بالروسية: Алексей Максимович Пешков) ويعهد بمكسيم گوركي (Максим Горький)، أديب وناشط سياسي ماركسي روسي, مؤسس مدرسة الواقعية الاجتماعية, التي تجسد النظرة الماركسية للأدب, حيث يرى حتى الأدب مبني على النشاط الاقتصادي في نشأته ونموه وتطوره، وأنه يؤثر في المجتمع بقوته الخاصة، لذلك ينبغي توظيفه في خدمة المجتمع.

حياته

ليوتولستوي مع گوركي في ياسنايا پوليانا.

ولد في نژني نوڤگورود عام 1868، وأصبح يتيم الأب والأم وهوفي التاسعة من عمره، فتولت جدته تربيته، وكان لهذه الجدة أسلوب قصصي ممتاز، مما صقل مواهبه القصصية. وبعد وفاة جدته تأثر لذلك تأثرأ كبيراً مما جعله يحاول الانتحار. جاس بعد ذلك على قدميه في أنحاء الإمبراطورية الروسية، لمدة خمس سنوات غير خلالها عمله عدة مرات، وجمع الكثير من الانطباعات التي أثرت بعد ذلك في أدبه.

تعنى حدثة جوركى باللغة الروسية "المر" وقد اختارها المحرر لقبا مستعارا له من واقع المرارة التى كان يعانى منها الشعب الروسى تحت الحكم القيصرى والتى شاهدها بعينه خلال المسيرة الطويلة التى بترها بحثا عن القوت ، وقد انعكس هذا الواقع المرير يشكل واضح على كتاباته وبشكل خاص في رائعته "الأم".

1900، يالطا. أنطون تشخوف وجوركي.

كان صديقاً للينين الذي التقاه عام 1905. لكنه انتقد بعد ذلك ثورة أكتوبر، وخط بعدها حتى لينين وتروسكي ليست لديهما أي فكرة عن الحرية وحقوق الانسان, مما جعل لينين يرسل له رسالة يهدده فيها بالقتل ما لم يغير من تصرفاته المضادة للثورة. وفي عام 1934 وضعه ستالين تحت الإقامة الجبرية في منزله في موسكو، وكان يزود خلالها بطبعة خاصة من صحيفة پراڤدا بحيث لا تحتوي على أخبار التصفيات والاعتنطقات.

توفي ابنه مكسيم بشكوف عام 1935، ثم توفي هوفي 18 يناير 1936 في موسكو، وسط شكوك بأنهما ماتا مسمومين. سميت مدينة لينين التي ولد فيها باسمه "گوركي" منذ عام 1932 حتى عام 1990.

پورتريه لگوركي، بريشة أكسلي گالن-كالـِّلا، هلسنكي، شتاء 1905-1906.


1931. ڤوروشيلوڤ، گوركي، ستالين (من اليسار إلى اليمين)


گوركي، كاگانوڤيتش، مولوتوڤ، ڤوروشيلوڤ، ستالين وكالينين على منصة ضريح لنين.


گوركي كهلاً. تصوير فني.


علاقته بالدولة

رواية الأم. اضغط على الصورة للمطالعة.

تأثرت عدة اجيال من المثقفين العرب في الاربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين بأدب المحرر الروسي الكبير مكسيم گوركي. وترجمت اعماله الى العربية، واعتبرها الكثيرون رمزا لنضال الطبقات الفقيرة و"المخلوقات التي كانت بشرا". واعتمدت قوى اليسار في العراق روايته " الأم" كنموذج لوقوف العامل ضد الظلم وسلبه حقوقه، ومضت في هذا مع الموقف الرسمي في الاتحاد السوفيتي من هذا المحرر. لكن ما وقع بعد تفكك الاتحاد السوفيتي في عام 1991 هوان اللبراليين الروس بقيادة الشيوعي السابق بوريس يلتسين، وهم من انصار التوجه نحوالغرب، وجّهوا جل نشاطهم نحوازالة جميع رموز العهد السوفيتي. فتغير اسم لينينغراد الى سانكت- بطرسبورغ، ورُفعت نصب لينين ودژيرجينسكي وسفردلوف وغيرهم من زعماء البلاشفة من كافة المدن الروسية. وطالت هذه الحملة المحرر الروسي الكبير مكسيم غوركي (1868- 1936 ). فتغير اسم مدينة غوركي الى نيجني –نوفغورود وكذلك تغيرت اسماء محطات متروالانفاق في موسكووسانكت-بطرسبورغ وقازان، وتغير اسم شارع غوركي الرئيسي بموسكوالى شارع تفيرسكايا وحمل نصبه اللقاء لمحطة قطار بيلوروسكي (مؤقتا كما قيل). كما تغيرت تسميات الاستديوالسينمائي والمسارح والمتنزهات والشوارع التي تحمل اسمه، ومعهد الادب بموسكووعدة جامعات ومخطات في مختلف المدن. ولكن من الصعب شطب اسم غوركي من تأريخ الثقافة الروسية والعالمية مهما حاول اللبراليون ذلك فهوعملاق في عالم الادب. ولهذا تواصل دور النشر اليوم اصدار خطه كما يتواصل صدور الدراسات عنه بهدف اعادة تقييم دوره الحقيقي في الادب الروسي. بينما يستمر تقديم مسرحياته على خشبات المسارح في كافة المدن الروسية الى جانب مسرحيات بوشكين وغوغول وتولستوي وتشيخوف.

- 1 -

في الحقيقة ان البلاشفة قد صنعوا من مكسيم غوركي ( هذا هواسمه المستعار ومعناه بالروسية مكسيم " المر"، اما اسمه الحقيقي فهوالكسي مكسيموفتش بيشكوف ) بمثابة "ايقونة" يتبرك بها الناس مثل جثمان لينين المحنط في الساحة الحمراء ، بعد ان اعلنوا الالحاد بوصفه الايديولوجية الرسمية للدولة. فهو"نذير الثورة" الذي بشر بهبوب العاصفة الثورية، وهوالمحرر البروليتاري العظيم ومؤسس " الواقعية الاشتراكية" الممضى الرسمي للدولة السوفيتية في الادب والفن. واسبغوا عليه هالات التعظيم لكونه صديق فلاديمير لينين ويوسف ستالين والمقرب من القادة الآخرين في الحزب والدولة، ولكونه وقف الى جانب حزب البلاشفة قبل الثورة وسخّر قلمه في دعم خطهم السياسي. وبلغ الامر حداً انه هاجم مسرح موسكوالفني بسبب تقديمه لرواية دوستويفسكي " الممسوسون " على خشبة المسرح لأنها تدين الارهاب في النضال السياسي .انها الرواية ذاتها التي وصفها لينين بأنها سخافات " لا وقت لدي لمطالعتها..ورميتها جانبا".

لقد حاول ستالين بكل السبل ربط غوركي بشخصه للأستفادة منه لأغراض نادىئية . ولهذا استدرجه للعودة الى الاتحاد السوفيتي بعد ان غادره بإصرار من لينين في عام 1921 . وقد ضاق لينين ذرعا آنذاك بطلبات غوركي دفاعاً عن المثقفين " البرجوازيين" وبينهم الارستقراطي الشاعر ألكسندر بلوك الذي اصيب بسقم شديد ووجب علاجه في الخارج لكن لم تسمح له السلطات بذلك خوفا من نشاطه ضدها بالرغم من تأييده لثورة اكتوبر ، فتوفي في نهاية الامر

مكسيم گوركي مع ستالين

بعد مماطلات طويلة. كما طلب غوركي اصدار العفوعن الشاعر نيقولاي گوميليوڤ (زوج الشاعرة آنا أخماتوڤا) الذي اعدم لاحقاً. وهجر غوركي روسيا بعد ان نطق له لينين :" ان صحتك ليست على مايرام ويجب ان تسافر للعلاج .. واذا رفضت فسنرحلك ...". فسافر الى المانيا بعد ان اصابته بخيبة أمل شديدة بالنظام الجديد بما إتسم به من "العنف الثوري" و" الارهاب الاحمر" وغير ذلك من الوقائع التي رافقت أحداث السنين الاولى من قيام الثورة وسنوات الحرب الاهلية، وكان من ضحاياها الكثير من رجال الثقافة والادباء والفنانين الروس أيضا. ولهذا راود غوركي الشك في سلامة نهج الثورة الاشتراكية آنذاك بالرغم من انه كان من مؤيدي الحركة الاشتراكية – الديمقراطية في روسيا وشارك في ثورة عام 1905 وطاردته السلطات القيصرية ودخل السجن. وكانت الاشتراكية تعني بالنسبة الى گوركي ان اناس العمل سيعيشون في ظل النظام الجديد في بهجة ورفاه وعيد مستمر. لكن ما شاهده بعد الثورة من خداع للفلاحين الذين لم يحصلوا على الارض والعمال الذين لم يصبحوا اصحاب المصنع العمليين كما وعدهم البلاشفة قبل الثورة، حيث ترأسها رجال الحزب الذين غالباً ما لم تكن لهم علاقة بالصناعة اصلا، علاوة على مطاردة جميع من يدعوالى التعددية الفكرية والسياسية، وكذلك قيام تروتسكي بتأسيس معسكرات الاعتنطق "الغولاغ". وقد أراد تروتسكي بذلك في الواقع – كما يعتقد الكثير من المؤرخين - حل معضلة خراب الاقتصاد السوفيتي بعد الحرب الاهلية باستغلال السجناء في تطبيق مشاريع كهربة البلاد وبناء مؤسسات الصناعة الثقيلة. وبعد خيبة الامل هذه استقر بغوركي المقام في المانيا حيث اصدر جريدة ونشر الموضوعات في الصحف الألمانية وانتقد فيها السلطة السوفيتية بشدة. وكانت منطقاته الانتقادية مثل " الفلاحون الروس " و"القسوة الروسية " و"المثقفون والثورة" و" رسالة المحرر والادب في زماننا " ، وكذلك دعوته إلى أناتول فرانس للقيام بحملة عالمية للدفاع عن الأدباء الروس السجناء قد أثارت انزعاج وغضب لينين الذي كان يعتبر غوركي صديقا حميما له وحتى عاش في بيته في كاپري في عام 1910 في سنوات النفي والاختفاء. وكان غوركي غالبا ما يجادل لينين في موضوع الدين ودوره في المجتمع ورسالة الثقافة في تغيير المجتمع. وبرأـيه ان المجتمع لا يمكن ان يتطور بدون وجود مشروع ثقافي ضخم. فالثقافة أساس جميع تطور في المجتمع.فهما حتى لينين مثلا كان يرفض بشكل قاطع قبول وجود الدين بأي شكل كان في المجتمع الاشتراكي ولوتطلب الأمر ممارسة القمع، واتخذ موقفا متشددا لحد الغلومن هذا الامر. ولهذا دمرت في روسيا الكنائس التأريخية (جرى نسف كاتدرائية المسيح المخلص بموسكو، فهما انها من حيث القيمة المعمارية مثل كاتدرائية وستمنستر في لندن أوكاتدرائية نوتردام في باريس اوكاتدرائية القديس بولس في روما.. فماذا لوجرى نسف هذه ايضا بالديناميت ؟، بينما كان لدى گوركي مفهومه عن الدين الواقع تحت تأثير الفيلسوف تخصصه و"الإنسان الأعلى"، ورأى ان الآمر يخص الفرد نفسه في الانتماء الديني، ولكنه لا يرى ضرورة لابعاد الناس البسطاء عن الدين قسرا بل يجب تنويرهم وتحويلهم تدريجيا الى النظرة الفهمانية التي بشّر بها الاشتراكيون. وانتقد غوركي قبل هذا نهج لينين في القيام بالثورة قبل الاوان، وحذّر من عواقبها المدمرة في سلسلة منطقاته بعنوان " افكار في غير وقتها " (العنوان مقتبس من منطقة للفيلسوف تخصصه) . ومع ذلك كان گوركي يدرك في اعماقه ان المستقبل في روسيا ايام الثورة سيكون للينين بينما كان الاخير يدرك بأنه لا يمكن بلوغ هذا المستقبل بدون گوركي الذي طبقت شهرته الآفاق آنذاك ليس في روسيا فقط، بل وفي اوروبا وامريكا حيث عهده القراء بأعمال كثيرة منها " طفولتي " و"بين الناس" و" الام " وقصصه ومسرحياته عن حياة الفقراء والمحرومين والمشردين "الحفاة".

عاش گوركي في فترة 1921- 1923 متنقلا بين براغ وهلسنگفورغ وبرلين. وفي عام 1924 اقتنى بيتا في سورنتوبإيطاليا. وفيما بعد خط في كاپري مجموعة من خيرة اعماله منها رواية " عمل أسرة أرتامونوف" و"جامعاتي" وبدأ كتابة روايته الكبيرة "حياة كليم سامگين".

عندما استقرت الاوضاع في الاتحاد السوفيتي، عمل يوسف ستالين بكل ما في وسعه من اجل عودة غوركي الى الوطن، وعرض عليه شتى المغريات منها اطلاق الحرية له في تنظيم الحركة الثقافية في البلاد، وأكد له ان البلاد تخلصت من آثار الحرب الاهلية وبدأت عملية البناء وتحسنت معيشة الناس وان كافة الانباء حول معسكرات الاعتنطق تروجها جهات معادية للسوفيتات. ان الانظمة الشمولية تسعى دوما الى وضع الشخصيات الثقافية والفهمية الكبيرة تحت سيطرتها لغرض استغلالها في تحسين صورتها في الداخل والخارج. وهذا بالذات ما سعي اليه يوسف ستالين .

وقام غوركي في عام 1928 بدعوة من ستالين بجولة في البلاد شاهد في خلالها منجزات الدولة الفتية وخط بعدها سلسلة منطقات تحت عنوان " في اراتى الاتحاد السوفيتي". وفي عام 1931 زار گوركي معسكر الاعتنطق في جزر سولوفيتسكي في شمال البلاد، واثنى على معاملة السجناء فيه وظروف المعتقل. وفيما بعد استنكر الكثيرون موقف غوركي هذا ومنهم الكسندر سولجينتسين الحائز على جائزة نوبل. فخط في روايته" أرخبيل گولاگ" :" وصلت الاشاعات الى سولوفكي (حول قدوم غوركي ) قبل الزيارة – فخفقت قلوب السجناء، واضطرب السجانون... ويجب على المرء ان يعهد السجناء لكي يتصور مدى ترقبهم لهذه الزيارة. فسيخترق وكر الظلم والتعسف والصمت المحرر "الصقر والمنذر بالثورة" و! المحرر الروسي الاول ! وسيخط بعد هذا لمن يعنيه الامر! وسيريهم جلية الاوضاع ويبتر الشك باليقين. وسيدافع عنهم !".."وتململت ادارة المعتقل فقامت بإخفاء القباحة في المعتقل وبتزويق المكان. وكان الكرملين يرسل السجناء الى هناك بغية ان يبقى على قيد الحياة أقل عدد منهم. وجرى اخراج كثير من السقمى من جناح العلاج وتم تنظيف المكان. كما استُحدث رواق مشجرا بتثبيت اشجار الشوح بدون جذور على الجانبين في الطريق المؤدي الى اصلاحية الاحداث الذين لا يوجد بينهم اطفال غرباء-اجتماعيا ، وربما سيبدي گوركي الاهتمام بكيفية تربية الصغار وانقاذهم من اجل اعدادهم للحياة القادمة في ظل الاشتراكية " وهلمجرا. طبعا ان سولجينتسين الذي امضىعشرة اعوام في معتقلات "الغولاغ " انطلق في رواية وقائع الزيارة من مشاعر الاذى والمذلة الشخصية التي هجرتها في نفسه تلك الفترة.

لقد نشرت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي بعض وثائق كي.جي.بي – لجنة أمن الدولة-، المتعلقة بغوركي ومنها الرسائل المتبادلة مع لينين وستالين ودژيردجينسكي وبقية رجال الحزب والدولة بعد ان حملت عنها السرية، الى جانب تقارير المخبرين ورجال الامن عن نشاط غوركي . وتظهر هذه الوثائق صورة اخرى للمحرر غير ما اعتاد القراء الاطلاع عليه في العهد السوفيتي. إذا معضلة الدولة التي أسسها لينين هي انها تحولت تدريجيا من ايدي رجال الثورة ،"المناضلين الحالمين في بناء مجتمع العدالة والمساواة " والذين ضحوا بالكثير من اجل ازالة ظلم وتعسف السلطة القيصرية وآمنوا بايديولجية الثورة "الاشتراكية الفهمية "، الى ايدي الموظفين الحزبيين الذين انضم البعض منهم الى الحزب من اجل كسب المنافع المادية والشخصية. بينما كان البعض الآخر من هواة السلطة والتحكم بمصائر الناس بإسم الحزب. وهؤلاء بالذات أثاروا استياء غوركي الذي أعتبر ان الثورة انحرفت عن مسارها. وفي عام 1930 انضم غوركي الى الاتحاد الاممي للكتاب الديمقراطيين مع رومان رولان وايلتون وينكلر والبرت اينشتين وهنريخ مان ولويس اراغون وايلزا تريوليه وغيرهم من كبار المثقفين في اوروربا الذين احتجوا على اعدام 48 شخصا في الاتحاد السوفيتي في "قضية الجوع "في الاتحاد السوفيتي.

في عام 1932 عاد گوركي الى الاتحاد السوفيتي بصورة نهائية. وكان قد ضعف الاهتمام به في اوروبا مع ظهور اتجاهات ادبية جديدة. وقدمت له الحكومة السوفيتية أد قصور المليونير ريابوشينسكي بوسط موسكووفيللا تيسيللي في القرم. والهدف من هذا الاخير هومنعه من السفر الى الخارج والعودة الى اوروبا وكابري بذريعة ان جوالقرم يشبه الجوفي جنوب ايطاليا فلا داعي للسفر الى هناك للآستشفاء . كما اعد له فريق افراد الحاشية من اطباء ورجال خدمة وسائقين. والاهم من ذلك احاط به رجال جهاز الامن وعلى رأسهم هنريخ يهوذا مدير الدائرة العامة لأمن الدولة ووزير الداخلية ( مفوض الشعب للشئون الداخلية). وكان هذا اليهودي والفوضوي السابق (اسمه الحقيقي ينون گرشينوڤتش يهوذا) قد دعم ستالين في عام 1928 حين جرت مظاهرات معادية له، ولهذا اعتمد عليه لاحقا في ادارة المعتقلات والسجون وأمن الدولة ، لاسيما لكونه قريبا من الزعيم البلشفي ياكوڤ سڤردلوڤ الذي تزوج من ابنة شقيقته (لكن ستالين اعدم يهوذا في عام 1938 بتهمة التآمر مع الزمرة التروتسكية). ولهذا كانت جميع حركات غوركي تحت رقابة يهوذا الذي كان يطلع ستالين اولا بأولا على جميع لقاءات غوركي واحاديثه مع ابنه مكسيم واصدقائه المقربين. وفي الواقع وضع غوركي في " قفص مضىي" وجرى استغلاله في السيطرة الحزبية على قطاع الثقافة. وتم تحت اشرافه اصدار عدد من الصحف والمجلات الادبية وتأسيس اتحاد الكتاب واصدار موسوعة " الادب العالمي". وعقد أول مؤتمر لأتحاد الكتاب وألقى غوركي فيه خطابا وافيا حول مهام الكتاب السوفيت في الفترة الراهنة وتحدث فيه عن " الواقعية الاشتراكية" بأعتبارها الراية التي يجب ان يمشي تحتها جميع الكتاب والفنانين في البلاد ، للمساعدة في اعادة بناء حياة المجتمع السوفيتي.

وبدا قبول غوركي مسايرة السلطة الشمولية بقيادة ستالين شيئا غريبا حقا من جانب رجل عهد منذ طفولته بالتمرد والثورة على الظلم. وقد تلقى لدى عودته الى الاتحاد السوفيتي الضربات الواحدة تلوالاخرى وفي طليعتها فقدان ولده مكسيم في عز الشباب. وترددت اشاعات بأنه لقى حتفه بتدبير من يهوذا. واعترف بذلك سكرتيره وحارسه و"حاضنته" بيوتر كريوتشكوف لدى محاكمته في قضية التآمر المزعومة على ستالين من قبل بوخارين وزينوفييف وكامينيف. واعترف كريوتشكوف الذي اعدم مع زوجته فيما بعد بأنه متورط في حادث وفاة مكسيم. وقيل ان يهوذا كان يريد التخلص من مكسيم لانه معجب بزوجته الحسناء. ولكن المؤرخين يشكون في تورط كريوتشكوف الشديد الاخلاص لغوركي في حادث وفاة ابنه بالذبحة الصدرية بصورة مفاجئة. وقد خط غوركي عن كريوتشكوف في رسالة موجهة اليه من سورنتوفي ايطاليا في عام 1927 يقول :" حين اصبح ثريا سٍاقيم لك تمثالا كبيرا من البرونز في اكبر ساحة في المدينة . وسأعمل ذلك لأنك انقذت خطي . وانا اقول هذا بجد ولست هازلا ، وانا اشكرك بالغ الشكر". فكيف يمكن لمثل هذا الشخص ان يقتل ابنه بالرغم من اعترافه تحت التعذيب بأنه عمل ذلك. من جانب آخر كان ستالين يخشى غوركي الذي الذي لم يصبح ابدا من افراد حاشيته، ويحيط به اشخاص لم يكن ستالين يحبهم مثل ريكوف وبوخارين وكامينيف وزينوفييف رغم انهم من زعماء البلاشفة، لكنهم كانوا من خصوم ستالين في اللجنة المركزية.


الوفاة

في 18 حزيران/يونيو عام 1936 فارق مكسيم گوركي الحياة في عزبة گوركي (ومعناها بالروسية "التلال" وتخط باللغة الروسية بشكل مغاير للإسم المستعار للمحرر ولكن التلفظ واحد) بضواحي موسكو، التي توفي فيها لينين من قبل، بعد ايام من السقم الشديد وغياب الوعي. واتى لزيارته قبل الوفاة ستالين برفقة مولوتوف وفوروشيلوف بعد منتصف الليل، وقام الاطباء لهذا الغرض بحقنه بأبرة كافور لانعاشه. وأعرب فيما بعد لدى محاكمة العصابة التروتسكية و" الاطباء القتلة" الذين عالجوه انهم حقنوه بكمية كبيرة من الكافور عن قصد بهدف قتله. لكن لا يوجد ما يؤكد هذه التهمة. واتى في التقرير الطبي الرسمي انه توفي بسبب التهاب حاد في الفص السفلي من الرئة المصابة بالتدرن منذ اعوام طويلة. وسقط التقرير فريق من كبار الاطباء بينهم وزير الصحة كامينسكي وطبيب الكرملين خودوركوڤسكي والاطباء لانگ وبليتنيوف وكونتشالوفسكي وسبيرانسكي وليفين. وقام بتشريح الجثة البروفيسور دافيدوفسكي . فهما ان غالبيتهم من اليهود الذين اعدموا لاحقا. ونفذت عملية التشريح بسرعة في غرفة نوم الفقيد وعلى طاولة مخطه. ولم يعهد احد السر في هذه العجلة، وقيل ان تعليمات اتىت من الكرملين بهذا الشأن.

وخط كريوتشكوف في مذكراته يقول :" بعد وفاة گوركي تغيرت معاملة الاطباء له. وأصبح بالنسبة لهم مجرد جثة "..." وعندما دخلت الغرفة وجدت امامي جثة مخضبة بالدم والأطباء يستخرجون ما في جوفها من احشاء ثم غسلوها وسدوا الفتحة بالابرة بخيوط غليظة، وألقوا بالدماغ في دلوهناك ، وطلبوا مني نقله بالسيارة الى معهد الدماغ". وحسب قوله فان اي محرر روسي آخر لم يلق مثل هذه المعاملة لدى الوفاة حيث تم تحويل القضية كلها الى دسائس سياسية. وقد احرقت جثة غوركي ووضعت القارورة الحاوية على رماده في جدار الكرملين، هذا خلافا لوصيته قبل الوفاة في ان يدفن الى جانب قبر ابنه في دير نوفوديفيتشه. لكن غوركي قد زج نفسه في هذه الدوامة من الدسائس وسمح للغرباء والقوى المعادية لطبيعته الابداعية والادبية بالتدخل ليس في حياته فقط بل وفي مماته ايضا. ومهما كان الحال فأن هؤلاء الاطباء عوقبوا لاحقا بالموت رميا بالرصاص. وينطق ان ستالين كان يكره جميع الاطباء ويفضل العلاج بالوسائل الشعبية مثل لف نفسه بعباءة قوقازية لدى الاصابة بالبرد من اجل ان يعرق وتزول عنه الحمى . هذا ينعكس على لينين أيضاً الذي لم يكن يأتمن الى الاطباء البلاشفة وكان يفضل عليهم جهابذة الطب السويسريين.

النشأة

- 2 -

إن رحلة مكسيم گوركي الطويلة في "طريق الآلام" قد بدأت منذ ولادته في نژني-نوڤگورود وحتى وفاته في عزبة گوركي. وكانت حياته مترعة بالاحداث القاسية وبالاخفاقات حين حاول الانتحار في سن 19 عاما بعد فشله في الالتحاق بـجامعة قازان. وبهذا لم تتح له الفرصة للحصول على التعليم العالي، ومن ثم صعد نجمه بعد نشره سيرة "ماكار تشوردا" في عام 1892 . وبعد هذا نشرت اعماله التالية التي جلبت له الشهرة العالمية واصبح بعد رحيل تولستوي ودوستويفسكي وتشيخوف محرر روسيا الاول.

لم يكن والداه النجار مكسيم بيشكوف وڤارڤارا كاشيرينا اللذان احتفلا بعقد قرانهما في الكنيسة بمدينة نيجني-نوفغورود يفكران بأن طفلهما البكر سيصبح من اعلام الادب الروسي. وسافر العروسان الى مدينة استراخان بعد ترقية الاب مكسيم في العمل، وكلفه صاحب شركة الملاحة حيث كان يعمل بمهمة الاشراف على بناء قوس النصر هناك ترحيبا بمقدم الامبراطور الكسندر الثاني الى المدينة. وولد الابن البكر في مكان الاقامة الجديد في 16 آذار/مارس 1868 . ولكن العائلة فجعت في عام 1871 حين سقم الطفل الكسي بالكوليرا وانتقلت العدوى الى الاب الذي كان يعتني به. فتوفي الاب وبقي الطفل على قيد الحياة. وكانت الام تنتظر المولود الثاني واطلق عليه بعد الولادة اسم مكسيم ايضا. ودفن الاب في استراخان بينما توفي مكسيم شقيق الكسي في الطريق الى نيجني نوفغورود. ويصف گوركي في كتابه " طفولتي" مشهد الطفل الصغير الراقد في تابوت في السفينة التي اقلتهم الى المدينة. وكيف ان أمه بقيت تنظر الى ابنها البكر الكسي بنفور وحملته الذنب في وفاة والده وترملها. هكذا بدأت مع هذه الاحداث المأساوية حياة احد عمالقة الادب الروسي.

وعندما تزوجت أمه للمرة الثانية، اضطر جده الى قبوله في بيته، فهما انه لم يكن راضيا عن زواج ابنته. وتولت تربيته الجدة أكولينا ايفانوفنا التي لعبت دورا كبيرا في تنشئة الطفل الكسي الذي بلغ عامه السابع. لكن ساءت حال الجد المالية فارسل الصبي في البداية للعمل في محل بيع الاحذية، ومن ثم الى اسرة سيرغييف من اقرباء الجدة بصفة خادم لكنه هرب من هناك بعد فترة قصيرة. ومنذ ذلك الحين بدأ صراع الصبي من اجل العيش، وتغيرت المهن والاهتمامات لديه. وكانت من اصعب المهنة التي مارسها هي في العمل في مخبز حيث كان يحمل منذ الفجر اكياس الطحين الثقيلة ويعد العجين ويوقد الفرن وبعد ذلك يحمل الخبز والمعجنات الى السوق لبيعها. وكان جده في البداية يرغمه على حفظ المزامير والصلوات والذهاب الى الكنيسة. وخط گوركي :" انني لم احب الذهاب الى الكنيسة مع جدي- فقد كان يرغمني على الانحناء ، ويدفعني دائما وبشكل مؤلم في عنقي". وفيما بعد عدل الجد عن ذلك وهجره وشأنه، لكن الكسي اعترف لاحقا بأنه كان يحب التطلع الى الايقونات وسماع التراتيل الحزينة فقط. ولهذا لم يرغب في الذهاب للمناولة. وعندما زار القس لهذا الغرض في أول مرة شعر بأنه خدع وبأن هذا كله يبعث على السأم . وحدث مرة ان اعطي عدة بتر نقود للتبرع بها الى الكنيسة، لكنه آثر الذهاب الى اقرانه من الصبيان وخسر النقود في اللعب معهم. وكذب على جده بقوله انه أدى المناولة لدى الكاهن. إلى غير ذلك شب الصبي دون ان يعهد الطقوس الكنسية، لاسيما ان جدته التي اعتنت به كثيرا كانت تفضل رواية الحكايات وانشاد الاغاني الشعبية على تلاوة الصلوات. وقد تكونت نظرة گوركي السلبية إزاء الكنيسة والدين في هذه الفترة، ثم ترسخت لاحقا لدى الاطلاع على الاعمال الفلسفية ولاسيما مؤلفات تخصصه والفلاسفة الالمان.

وهجرت بالغ الاثر في نفس الكسي وفاة اخوته الواحد بعد الاخر، الذين رزقت بهم أمه فارفارا كاشيرينا من الزوج الاول ومن الزوج الثاني . وبقي الكسي الوحيد بين ابناء أمه كما لوان الاقدار ارادت ذلك عن قصد. ولم تدم حياته مع امه لفترة طويلة بعد زقابلا الثاني فقد حاول خلالها اغتال الزوج بالسكين عندما ضربها الاخير بجزمته، لكن امه ابعدته في الوقت المناسب. وهدده الكسي بأنه سيقتله ويقتل نفسه اذا ما اعتدى على أمه مرة أخرى. وارسلته الام الى بيت الجد مرة أخرى. وبعد وفاتها بفترة قصيرة نطق له الجد:" هيه .. الكسي .. انت لست ميدالية تعلق في العنق ، فأمضى للعيش بين الناس..". إلى غير ذلك طرد الجد الصبي بعد عدة ايام من وفاة والدته، لأن الجد اعتبر الأم من اسرة كاشيرين الغنية سابقا هي الصلة الوحيدة التي تربطه بالصبي ، وبعد وفاتها انبترت هذه الصلة. وقد رعاه سابقا لخاطر ابنته التي فقدت زوجها الاول الخالي من الحسب والنسب بغية اتاحة الفرصة لها للزواج من رجل محترم. لكن بعد ان توفيت الابنة فارفارا وفقد الجد رب الاسرة ثروته في صفقة خاسرة، اصبح الحفيد الكسي عبئا ثقيلا على جده .

ويعتقد محرروسيرة حياة مكسيم گوركي ان الوقائع الواردة في كتابيه "طفولتي" و" بين الناس" من الممكن لا تعكس بدقة حقيقة حياته في كنف جده وبعد ذلك في تجواله من مدينة الى أخرى. وربما ان المحرر هجر لخياله العنان في تصوير الامور من اجل جذب القارئ. حقا ان قسوة الجد الذي كان يسيء الى زوجته واولاده وحفيده قد تكون سليمة. وقد ذكر گوركي اكثر من مرة حوادث تعكس قسوة جده. لكنه مدين الى جده بالذات في حفظه للمزامير والتراتيل الكنسية ومقاطع من الكتاب المقدس التي جعلته بين المبرزين في المدرسة الابتدائية الكنسية التي ارتادها لاحقا خلال فترة قصيرة .

ومن الجدير بالذكر ان گوركي أضفى على جدته هالة من القدسية في اعماله الادبية، فقد كانت بالنسبة له مثال الطيبة والحنان والكرم والتي تروي له الحكايات الجميلة ، بالرغم من ان الجد كان يصفها بـ" الساحرة الخبيثة". لكنها كانت بالنسبة الى الكسي كالعذراء المقدسة ومصدر الحب الذي حرم منه في طفولته. فقد رأى منذ طفولته الجثث والجثث فقط ، والبرودة والبرودة. ابوه في التابوت ثم شقيقه الرضيع في تابوت آخر. وحتى امه بدت له مثل الميتة بوجهها الصارم والقاتم السحنة وصمتها وتجاهلها لوجوده. وبقي في ذاكرته مشهد انزال التابوت لدى دفن والده في حفرة مملوءة بالماء حيث تقافزت حوله الضفادع وربضت اثنتان منها فوق غطاء التابوت. وبعد ذلك بدأ حفاروالقبور بإهالة التراب عليه وحاولت الضفادع الخروج من الحفرة ، لكن عبثا. واثار هذا المنظر الشفقة في قلب الكسي.. إلى غير ذلك اخذ رب العائلة مكاناً له الى جواره الاب والاخ وحتى الضفادع. وعموما ان گوركي كان طوال حياته يبدي مشاعر الشفقة على البشر والحيوانات وحتى على الاشياء. ولم يكن رجال السلطة البلشفية يفهمون مواقفه احيانا عندما كان يدافع عن اشخاص يعتبرون من اعداء السلطة.

لقد حلت الجدة محل الام بالنسبة الى الكسي، واصبحت ركيزته الوحيدة في العالم حيث تخلى عنه " رب الجد" كما تخلى عن تلك الضفادع وجعلها تموت حية تحت التراب. فهما ان الجدة كانت امرأة بسيطة ولا تحسن القراءة والكتابة...ولم تكن تمانع في احتساء كآس مع البحارة في السفينة التي اقلت العائلة من استراخان، وصارت تروي لهم النوادر. مما أثار غضب فارفارا الام التي نطقت لها :"ماما ، انهم يسخرون منك.." فاجابتها :" دعهم يسخرون والله معهم ..".

أما الكسي الصغير فكان يحتمي بالرغم من جميع شئ بجدته من الآخرين، فهي المنقذ الوحيد بالنسبة له. انها مثل كثير من النساء الجاهلات من الاسر الفقيرة في زمانها، فتزوجت وهي يتيمة وابنة امرأة تنتمي الى القومية التشوفاشية في سن 14 عاما من رجل اكبر منها سنا من اجل تأمين معيشتها لاحقا. وكانت لا تصلي مثل الاخرين حيث تسجد وترسم علامة الصليب مرارا وتدعوالرب لكي ينقذ جميع الارثوذكس وينقذها نفسها هي الحمقاء واللعينة.. وتقول : انت تفهم انني ارتكب الخطيئة ليس بسوء نية .. ثم تدعوالعذراء ان تمنحها رحمتها .. وتقول : انت مصدر السرور والبهجة والحسناء النقية الروح والبيضاء مثل التفاحة. وكان الجد يغضب لدى سماع هذه الصلوات ويصرخ بها قائلا : كم من مرة قلت لك ايتها الغبية ، وكم مرة فهمتك كيف من الممكن أن يجب ان تصلي ، بينما تواصلين ثرثرتك ، ياهرطوقة! يا رب كيف من الممكن أن تصبر على جميع هذا. أيتها التشوفاشية اللعينة .

لكن في ايام الاعياد حين كان الجد وابنه الاكبر يخرجان من البيت لزيارة الاصدقاء كانت الجدة تعد في المطبخ المائدة وتضع عليها جميع ما لذ وطاب وطبعا مع سراحية الفودكا الخضراء وعليها نقوش زهور حمر .. بينما يحمل خاله ياكوف الجيتارا ويأتي افراد البيت الآخرين وقسيس الكنيسة المجاورة وحتى بعض الاشخاص .. فيقصفون ويولمون ويمرحون .. وينطلقون في الغناء والرقص والقهقهة وتبادل المزح. ووصف گوركي في قصته " الجدة اكولينا" امرأة عجوز تعيش في قبورطب وتجمع حولها نفايات المجتمع البشري والمدمنين على السكر الذين بلغوا آخر درجات الحضيض بحيث انهم لا يخجلون من العيش على حساب عجوز فقيرة. إلى غير ذلك كانت جدة الكسي تقوم بجمع الصدقات من المحسنين من اجل اطعام العشرات ممن تدعوهم بـ " الاحفاد "المشردين وبينهم الحفاة واللصوص والمومسات الذين فقدوا مؤقتا" مصدر رزقهم. وكان جميع أهل الحي وخارجه يعهدون كرمها الذي كان يثير غضب وحنق الجد.

وعندما غادر الكسي البيت بأمر من الجد، نطقت الجدة له مودعة: يجب عليك الا تغضب من الآخرين، انك تغضب لأتفه سبب واصبحت متعجرفا ! هذا ما اخذته عن جدك – وما هوالجد هذا ،يا ترى؟ لقد عاش ، وعاش ، واصبح عجوزا أحمق ومرا. وأفهم شيئا واحدا : ان الرب رحيم لا يدين البشر، بل ان ابليس يعمل هذا! وداعا!" . انها عهدت من العقيدة المسيحية فقط الرحمة والشفقة، إلى غير ذلك تفهم الكسي منها التوجه الى العذراء وليس الى الرب .. فهي ام الدنيا ، ومعنى ذلك أمه. ولهذا كان يقبل ايقونة العذراء من موضع الشفتين، مما أثار استهجان الآخرين في عائلة فاسيلييف التي بدأ العمل في محلها التجاري في قازان. وقد روى جميع هذه الوقائع في كتابه " طفولتي".

مكسيم گوركي مع ابنته وحفيدتيه.

نطق گوركي انني ولدت جسديا في نژني نوڤگورود، بينما ولدت روحيا في قازان. وكانت فكرة الجد في ان يمضى الحفيد للعيش " بين الناس" مثله حينما بدأ حياته العملية كنوخذة يجر السفن على ضفاف الڤولگا، ثم اصبح " انسانا" عندما تم ترقيته الى رئيس عمال هيئة الملاحة النهرية ورئيس الدوما المحلي. وفي الواقع ان گوركي كون عقيدته في الحياة في قازان بالذات حين عمل في مخبز صاحبه ديرينكوف الذي كان يوجه ريع المخبز لتطوير التعليم والحركة الشعبية في المدينة. اذ عثر في روسيا ايامذاك مثل هؤلاء الحالمين. وتحدث ديرينكوف اليه عن مستقبل روسيا حيث ستتظافر جهود مئات والاف الناس الطيبين وسيشغلون الاماكن البارزة في المجتمع وستتغير الحياة كلها فورا .. وخط گوركي عن حياته في قازان يقول :" في سن 15 عاما تملكتني رغبة عامة في التفهم، ولهذا السبب سافرت الى قازان لاعتقادي بأن الفهم يقدم الى الراغبين مجانا، ولكن تبين ان الامر ليس كذلك . ولهذا التحقت بمخبز لصنع المعجنات لقاء روبلين في الشهر. وكان العمل هناك من أشق الاعمال التي مارستها في حياتي ". فهما ان فكرة الدراسة في الجامعة طرحها عليه احد التلامذة من معارفه بالرغم من ان گوركي لم يتم الدراسة حتى في المدرسة الابتدائية الكنسية وانهى صفين من التعليم في مدرسة بضواحي نيجني نوفغورود. وهجر المدرسة بعد اصابته بالحصبة. واتى زميله به الى بيته حيث كانت أمه تنفق على ولديها من معاشها التقاعدي الضئيل . وبعد ايام من الاقامة في هذا البيت ادرك ان الامر لا يمكن ان يستمر في العيش هناك، فهجر البيت وفكرة الدراسة الجامعية . وعموما كانت الفترة التي قضاها گوركي في قازان من اصعب الفترات في حياته. وفي سن 19 عاما قام بمحاولة الانتحار بعد ان تفاقم العوز وتضور جوعا . فحصل على مسدس واخذ من احد الطلاب اطلس تشريح جسم الانسان ودرس المكان الذي يوجد فيه القلب حيث سيوجه فوهة المسدس نحوه. ثم توجه الى أكمة قريبة من دير واطلق النار على نفسه. وهرع الى المكان تتري من اهل المدينة وليس رهبان الدير والذي قدم له الاسعاف الاولي واستدعى رجال الشرطة والاسعاف. وبقي الكسي في المستشفى فترة من الزمن وأكد الاطباء ان الرصاصة اصابت أسفل الرئة وتم علاجه . لكن قابلته محنة أخرى حيث سلّمه شرطي المحلة امر الكنيسة بتحريمه لارتكابه خطيئة الانتحار. ونطق گوركي فيما بعد ان تحريمه من دخول الكنيسة قد جرى قبل ان يصدر قرار السنودس بتحريم تولستوي بوقت طويل. وطلب الشرطي منه التوجه الى مقر الكنيسة من اجل اعلان التوبة وطلب المغفرة عن عملته، لكنه رفض ذلك بشكل قاطع. وكانت فترة حياته في قازان فرصة نادرة للاطلاع على " مخلوقات كانت بشرا"، والتعهد على حياة الاقبية حيث يمضي فيها المشردون لياليهم ، وكذلك التحدث مع الطلاب الذين كان يبيع الكعك لهم.

وتفهم گوركي الكثير في لقاء شخصيات اخرى يشبهون ديرينكوف لدى انتنطقه للعمل في روشة لرسم الايقونات وكمساعد طباخ يغسل الصحون في السفينة "دوبري". وكان طباخ السفينة سموري (الاسم مستعار) وهوضابط صف مقاعد يحتفظ في السفينة بصندوق فيه اصناف الخط والمجلات والصحف. وخط گوركي عنه في عام 1897 يقول :" ان سموروف أثار لدي الاهتمام بقراءة الخط". وصار گوركي ، الذي كان يكره المطالعة قبل هذا ، يشتري الخط بنفسه لدى توقف السفينة في المدن. ويمكن القول ان گوركي بدأ هنا دوراته التعليمية الجادة عبر المطالعة واعطته الخط اجوبة كثيرة عن الاسئلة المحيرة لديه. وكان سموري يدعوه الى مقصورته ويعطيه احد الخط ويقول : اقرأ .. واذا لا تفهم فعاود القراءة اكثر من مرة .. وحتى سبع مرات ! واذا لم تفهمه في المرة السابعة فأقراه اثنتي عشر مرة!

وعندما انتقل گوركي لممارسة مهنة البستاني ومهنة صيد الاسماك وعمل حارسا في محطة القطار وغير ذلك من الحرف والمهن، واصل مطالعة الخط. واصبح همه الاول الحصول على كتاب بأخذه من معارفه اوبشرائه، وحتى بسرقته اواخذه من قوادة في بيت النادىرة. وقد احب في البداية الروايات المسلية وخط المغامرات. وهجر ذلك فيما بعد اثرا عميقا على اسلوبه الادبي الذي يعتمد على الاثارة العاطفية وهوما عابه عليه النقاد فيما بعد.

بعد قازان سافر گوركي الى مدينة كراسنوفيدوف حيثة عمل في دكان روماس احد رجال الحركة الشعبوية (نارودنيكي) الذي ربطته به علاقة صداقة متينة، وعبره اطلع على الافكار الثورية. وعندما احرق الغوغاء دكانه بما فيه من خط تقاتل گوركي معهم . ومن ثم عمل في الحقول وركب سفينة من سامارا الى بحر قزوين حيث عمل في صيد الاسماك . وبعد ذلك عمل في عدة محطات قطار في منطقة مدينة تساريتسين بصفة حارس. وواصل طوال تلك الفترة المشاركة في حلقات التعليم الذاتي واعتقل ووضع تحت رقابة الشرطة. وفي هذه الفترة غلبت عليه فكرة الانضمام الى " جماعات تولستوي" التي انتشرت في انحاء روسيا، حيث يقوم الشباب بتأسيس مزارع ويعملون في الحقول بعيدا عن المدن. وقد جذبت هذه الحركة في حينه الكثير من الكتاب منهم تشيخوف وبونين وليونيد اندرييف وغيرهم. واتفق گوركي مع عدد من الشباب على التوجه الى تولستوي بطلب التبرع ببترة ارض من اراضيه غير المستثمرة من اجل اقامة مغرسة. فسافر في القطارات متخفيا بدون تذاكر ومشيا على الاقدام حتى بلغ عزبة " ياسنايا بوليانا"، لكنه لم يجد تولستوي هناك وابلغته زوجته بانه سافر الى موسكو. فقرر گوركي التوجه الى موسكولكنه لم يجد تولستوي في بيته هناك أيضا. وهجر لتولستوي رسالة يشرح فيها افكاره ويطلب المساعدة منه. لكن تولستوي لم يرد على هذه الرسالة حيث كان يتلقى المئات منها ، كما انه لم يكن يحبذ فكرة اقامة مثل هذه المزارع. لكن گوركي كان يفكر بأقامة كومونة يستقر فيها للتأمل بهدوء في مسيرة حياته الماضية. بيد ان هذا المشروع لم يتحقق فقد تم استنادىؤه للخدمة العسكرية في مدينته الاصلية في نژني نوڤگورود. إلا ان اللجنة الطبية قررت انه يفتقد الى اللياقة البدنية واعفي من الخدمة.

أخذ الكسي يمارس مهنة بيع مشروب "كڤاس" ( مشروب يصنع من الخبز الاسود وهوخال من الكحول يقي حر الصيف بشكل خاص). ووجد لاحقا وظيفة محرر لدى وكيل النيابة لانين الذي لم يثقله بالاعمال لقاء 20 روبلا في الشهر . وهومرتب لا بأس به. لكن الكسي عثر نفسه غريبا وسط المثقفين، فبدأ رحلة التجوال في انحاء روسيا مرة اخرى. ومارس شتى المهن في المواني ومشاريع البناء وغيرها. بيد ان وجوده في مخط لانين اتاح له الاطلاع على خط غيرت مجمل تفكيره . فهناك قرأ كتاب تخصصه "هكذا نطق زرداشت" الذي يرد فيه ان الانسان هوحلقة انتنطق وهلاك. والانسان مثل "الجسر" الذي اقامته الطبيعة بين الحيوان والانسان الاعلى. وبقيت فكرة " الانسان الاعلى" راسخة لديه وانعكست في اعماله الادبية ومنها مسرحيته الفلسفية"الحضيض" حيث يقول على لسان ساتين:" الانسان هوالحقيقة .. ما اعجب الانسان ! ولشد ما في هذه الحدثة من فخار- الانسان ". ولام گوركي فيما بعد قسطنطين ستانيسلافسكي الذي اخرج المسرحية مع فلاديمير نيميروفتش- دانشينكولكونهما لم يفهما مقصده من الحديث عن الانسان في المسرحية التي اجازتها الرقابة بصعوبة، وما كان يقصده هوالانسان "الافضل". وليس الانسان الجاهل والسكير والساقط في الحضيض. فهما ان تخصصه كان لا يحظى في الاوساط الثقافية الاوروبية بالاهتمام آنذاك واعتبره البعض فيلسوفا فاشلا. بينما خط گوركي عنه في عام 1879 يقول:" .. يعجبني تخصصه بقدر معهدتي له ولكوني ديمقراطيا في المولد والاحساس، فانني ارى جيدا ان الدمقرطة تقضي على الحياة وسوف لا تكون فوزا للمسيح كما يعتقد البعض بل فوزا للمعدة"...و"خط ايضا " ان تخصصه كان يبشر ب "العافية". وفيما بعد بشّر گوركي بعد عودته الى الاتحاد السوفيتي في الثلاثينيات بالصحة و"العافية" بكونها المثل الاعلى للشباب السوفيتي. وعموما فان گوركي كان يثمن تخصصه لكونه قد تمرد على الثقافة البرجوازية واعلن احتجاجه ضدها. فهما ان الباحثين اشاروا في اواخر القرن التاسع عشر الى تقارب فكر تخصصه والفكر الاشتراكي في بدايته. ولوان غالبية الكتاب ومنهم تولستوي انتقدوا موقف گوركي هذا من تخصصه. لكن گوركي غيّر موقفه منه لاحقا وحتى وصفه بأنه منبع النازية في منطقاته في العهد السوفيتي -"حول البرجوازية الصغيرة"(1929) و" حول الانسان القديم والجديد"(1932) و" احاديث مع الشباب"(1934).

وقد اهدى گوركي فيما بعد اول خطه الى ولي نعمته لانين الذي وضع مخطته تحت تصرفه واتاح له الفرصة للاطلاع على الفلاسفة الاوروبيين. وخط فيما بعد بتأثير مطالعاته هناك في منطقته " اضرار الفسلفة". ولابد من القول ان روسيا شهدت في تلك الاعوام بروز شخصيات ثقافية موزعة في الانطقيم، وكان جميع واحد منها يعتبر مدرسة فلسفية وفي مقدمتهم تولستوي. وكان النقاد يضعون گوركي في مرتبة عمالقة الادب الروسي في اواخر القرن التاسع عشر. اذ كانت اعماله تصدر بنسخ تزيد عن النسخ الصادرة لأعمال تشيخوف مثلا. واعتُبر گوركي في الاوساط الادبية الروسية بكونه يمثل الثقافة " البديلة" التي يبحث عنها المجتمع منذ نشر اول قصصه" ماكار تشودرا " في جريدة "القوقاز" الصادرة في تفليس (تبيليسي حاليا) ومجموعته القصصية "منطقات وقصص".


البزوغ

- ثلاثة –

نطق المحرر إيڤان بونين عن گوركي في فترة صعود نجمه كمحرر مبدع من طراز جديد: " كان گوركي في فترة اول لقاء معه قد ذاع صيته في جميع انحاء روسيا . وبعد ذلك ازدادت شهرته فحسب. واعجب به المثقفون الروس لحد الجنون ..واصبح جميع عمل حديث لگوركي حدثا كبيرا في روسيا بأسرها. اما هوفكان يتغير ويتغير – ليس في نمط الحياة فقط بل وفي التعامل مع الناس ".

حقا ان شهرة گوركي اثارت انزعاج الكثير من معاصريه من الكتاب المعروفين. فصارت صوره تباع في جميع مكان وحتى ظهر في الانطقيم شبان يقلدون هيئته في الملبس وتسريحة شعره ويقلدونه في حركاته واسلوب كلامه. (بالمناسبة ان احد الادباء العراقيين في الخمسينيات- الستينيات كان أيضا يقلد گوركي في المظهر ويعتبر من باب المديح ان ينطق له انه يشبه گوركي). وكان تولستوي في طليعة منتقدي گوركي الذي اعتبره في البداية رجلا حقيقيا من الشعب لكونه جذب اهتمام القراء الى الانسان " من الحضيض" والبشر " الساقطين كليا"، وان الجميع يعهدون ان هؤلاء البشر هم اخوتنا – لكن هذه الفهم نظرية فقط. وحسب قول تولستوي فان گوركي قد صورهم بشكل تام وعن حب، وبث هذه المحبة في نفوس القراء. حقا ان كلامه يتسم بالغلو والتصنع لكن هذا يغفر له بسبب انه” وسّع نطاق محبتنا لهؤلاء البشر”. ولابد من الاعتراف بأن گوركي تأثر كثيرا بأفكار تولستوي بالاضافة الى تأثره به كمحرر وقد أشار الى هذا في كتابه عن تولستوي.

لقد غطت شهرة گوركي بعد خمسة اعوام فقط من نشر اولى مجموعة قصصية له على شهرة تشيخوف وكورولينكووغيرهما من معاصريه. وادرك تولستوي ايامذاك ان جيلاً جديداً من الادباء الواقعيين يظهر في روسيا ومنهم گوركي وبونين واندرييف وشميليوف وغيرهم يمثلون فترة جديدة في الادب الروسي. ولوان گوركي نفسه، كان مثل غيره من كتاب عصره، ينظر الى تولستوي وكأنه في "مصاف الرب". وليس كمحرر فقط بل كشخصية روحانية بما طرحه من افكار اثارت غضب الكنيسة عليه وتحريمها له. فهما ان گوركي في الواقع قد مضى تحت تأثير الاشتراكية بشكل ابعد من تولستوي في القطيعة مع الكنيسة، وذلك لتأثره بأفكار الفلاسفة الاشتراكيين. ويرى بعض النقاد ان تولستوي لم يكن راضيا عن نجاحات گوركي من الممكن بدافع الغيرة – ولوان من السخف قول ذلك، ولاسيما بعد اخراج مسرحيته "في الحضيض" في برلين وعواصم اووربية اخرى ولاقت نجاحاً منبتر النظير، وجولة گوركي في امريكا مع الممثلة ماريا اندرييفا زوجته غير الشرعية التي رافقته هناك . وكانت جميع الصحف الامريكية والروسية على حد سواء تنقل اخبار الزيارة ولقاءات گوركي مع الاوساط الثقافية الامريكية. وسجل تولستوي في يومياته نقده لأعمال گوركي المنشورة انذاك ووصفها بأتها "رديئة" و"زائفة". وفي اغلب الظن ان تولستوي كان في طليعة الذين تحسسوا ان گوركي يحمل اخلاقيات جديدة تجذب الشباب على الاخص. إذا فلسفة تولستوي القائمة على ان خلاص الفرد هوفي عمل الخير من اجل تغيير المجتمع صارت تقابلها فلسفة گوركي في عمل"الخير الجماعي" الذي دعت اليه الاشتراكية. ولكن بقيت علاقات گوركي بتولستوي قوية حتى وفاته بالرغم من ان صوفيا تولستايا زوجته كانت تشعر بالنفور من گوركي لدى زيارته الى بيت تولستوي.

ويبدوان فترة شهرة گوركي الواسعة قد انتهت بوفاته وصار هواة الادب يضعون في المقدمة كالسابق پوشكين وگوگول وتولستوي ودوستويفسكي. وكان مثل " الموضة" التي مضت مع الأيام. واليوم لا يشغل گوركي المكانة الاولى بين الادباء المقروءين في روسيا وخارجها.

إن جميع الدراسات التي نشرت في العهد السوفيتي عن أدب گوركي كانت تصدر تقريبا تحت اشراف القسم الثقافي في لجنة الحزب المركزية وتخضع للأحكام السياسية في مجال الثقافة التي وضعت في هذا القسم. ولهذا يجد القارئ صعوبة في تقييم ادب گوركي انطلاقا من هذه الدراسات. ويمكن القول انه حتى خطبه واقواله المنشورة في تلك الفترة كانت تخضع للرقابة ايضا سواء الذاتية، خوفا من غضب القيادات، ام الرقابة الحزبية الصارمة (مثل خطابه في افتتاح اول مؤتمر لاتحاد الكتاب السوفيت). ولهذا تظل هذه التقييمات مسيسة لحد كبير. اما في فترة ما قبل ثورة اكتوبر فقد نشرت اعمال نقدية جادة عن ابداع گوركي تذكر من بينها دراسات المحرر كورنيه تشوكوفسكي ( مؤلف حكايات الاطفال الشهير الذي تخلى عن ممارسة النقد بعد الثورة وانضم الى فريق گوركي في مشروع اصدار سلسلة " الأدب العالمي"). ففي دراسته حول روح گوركي الاوراسية (الشرقية) وروحه الغربية الصادرة في عام 1924 بعنوان " روحا مكسيم گوركي" يعطي المحرر تقييما موضوعيا جدا لشخصية گوركي الادبية والتي غطت عليها خلال فترة طويلة شخصيته الاجتماعية بالدرجة الاولى في العهد السوفيتي واقواله مثل :" اذا لم يستسلم العدوفيجب تصفيته...". وتضمنت الدراسة مجموعة منطقات خطها تشوكوفسكي منذ مطلع عام 1900 وحتى قيام ثورة اكتوبر 1917 . وقد عهد هذا الناقد بكونه لا يثق بما يطفوعلى السطح في العمل الادبي، ويضع مهمته في التوغل الى ما وراء هذا السطح. وعندما خط تشوكوفسكي دراسته عن گوركي لم يكن النقاد بعد قد توصلوا الى رأي واحد حول الخلفية الايديولوجية لگوركي ونسبه البعض الى اتباع فكر تخصصه اونادىة الثورة اوواصفي الحياة الاجتماعية اليومية كما هي. لكن بعد مرور الايام تغيرت النظرة اليه فوصف بأنه " موهبة نادرة" و"ذونزعة فردية". ومعروف ان گوركي نشر اعماله الاساسية التي جلبت له الشهرة العالمية قبل الثورة. وفي الفترة السوفيتية استكمل بعض ما بدأ بكتابته في اعوام المهجر ومنه روايته الكبيرة "حياة كليم سامغين". ويعتقد تشاكوفسكي ان گوركي هواول محرر في روسيا آمن بأن ملايين الناس سيبنون كوكبهم ويحولون الجحيم الى جنة. وبالعمل سيبنون قصرا من البلور من اجل الجيل القادم لاتنطلق فيه الاهات ولا تنهمر فيه الدموع "ولا توجد قبور بدون صلبان ولا عبيد". ان جميع موضوع ابداع گوركي هم " العناية بهذا المستقبل السعيد". فگوركي ليس من الباحثين عن الرب اوعن الحقيقة بل انه باحث عن السعادة. تلك السعادة التي تقابل ما رآه من شقاء الناس حوله منذ الطفولة. إذا الغاية من جميع اعماله الادبية من شعر ونثر هي " تغيير البشرية". وهذا الامر بالذات قاده الى دعم الحركة الاشتراكية الثورية. انه كره الرجل (الموجيك) من عامة الناس الرجل الجاهل الذي لا يعهد من الحياة سوى العمل الشاق وشرب الفودكا والعراك والقسوة وضرب المرأة بكعب جزمته.

أهم أعماله

  • رواية الأم.
  • رواية الطفولة.

بالاضافة للعديد من المسرحيات والقصص والموضوعات.

مأثورات

  • "One has to be able to count if only so that at fifty one doesn't marry a girl of twenty"
  • "Если враг не сдается, его уничтожают" (If the enemy doesn't surrender, he shall be exterminated!)
  • "When work is a pleasure, life is a joy! When work is duty, life is slavery."
  • "One miserable being seeks another miserable being; then he's happy."

الهامش

  1. ^ عبدالله حبه (2011-11-26). "مأساة مكسيم غوركي ..." أيقونة" البروليتاريا". عراق الأمل.

انظر أيضاً

  • مكسيم گوركي (طائرة)
  • الكويكب 2768 گوركي، سُميَ على اسم المحرر
  • Ekaterina Peshkova, Gorky's first wife
  • Zinovy Peshkov, Gorky's godson
  • منتزه گوركي في موسكو
  • Moura Budberg, Gorky's mistress
  • Maria Andreeva, his second common law wife

وصلات خارجية

  • أعمال من Maxim Gorky في مشروع گوتنبرگ
  • Maxim Gorky في Internet Movie Database
  • "Anton Chekhov: Fragments of Recollections" by Maxim Gorky
  • Some works of Maxim Gorky in the original Russian
  • Works by Maxim Gorky (public domain in Canada)
  • Twenty Six and One by Maxim Gorky


تاريخ النشر: 2020-06-09 08:53:09
التصنيفات: كتاب سوڤيت, كتاب الواقعية الإشتراكية, كاپري, Bolshevik finance, روائيون روس, أدب روسي, مواليد 1868, وفيات 1936, أشخاص من نيژني نوڤگورود, كتاب دراما ومسرحيات روس, كتاب قصة قصيرة روس, كتاب قصة قصيرة سوڤيت, Russian memoirists, كتاب بأسماء مستعارة, مدفونون في مقبرة جدار الكرملن, حائزو وسام لنين

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مصرع شخص وإصابة 22 آخرين في انقلاب حافلة للمسافرين بإقليم الرحامنة

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-20 15:23:36
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 78%

خروج قطار عن القضبان فى إيطاليا يتسبب فى شلل حركة السكك الحديدية

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-20 15:23:01
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 40%

حكايات على لسان شهرزاد.. الحكاية الـ29" سندق وبندق والسما تمطر أسماك "

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-20 15:22:55
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 38%

مواعيد عرض الحلقة 29 من مسلسل جعفر العمدة على dmc وdmc دراما

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-20 15:23:07
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 40%

الرئيس الألماني يهنئ المسلمين في بلاده بعيد الفطر

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-20 15:23:20
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 51%

توقف قلبه 60 دقيقة.. فريق طبي ينقذ حياة سائح روسي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-20 15:23:16
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 69%

أسعار الذهب اليوم الخميس فى مصر تسجل 2440 جنيها للجرام عيار 21

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-20 15:23:00
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 48%

دول تعلن رسميا السبت أول أيام عيد الفطر المبارك

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-20 15:23:32
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 76%

الأوقاف تعلن حصادها فى شهر رمضان.. وتؤكد إقبال غير مسبوق على المساجد

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-20 15:22:57
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 47%

اليابان ترسل طائرات إلى جيبوتي لإجلاء مواطنيها من السودان

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-20 15:23:24
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 57%

الكرملين يرد على مزاعم "دوبلير بوتين"

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-20 15:23:12
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 56%

أول تعليق من أمريكا على التصعيد ضد "إخوان تونس"

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-20 15:23:08
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 51%

كريم عبد العزيز يطرح برومو مسلسل الحشاشين لعرضه فى رمضان 2024.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-20 15:22:59
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 50%

حسين زين يهنى الرئيس السيسي بمناسبة حلول عيد الفطر

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-20 15:22:35
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 56%

أجواء ربيعية مستقرة.. تعرّف على طقس الإسكندرية اليوم الخميس

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-20 15:22:33
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 56%

تعرف على مواعيد قطارات عيد الفطر بالسكة الحديد

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-20 15:22:54
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 46%

تحميل تطبيق المنصة العربية