صدقيني سيدتي إن قلت لك إنني تائه، حتى عندما أردت أن أراسلك، اختلطت عليّ الأمور ولا أدري من أين أبدأ.
فأنا شاب أشعر بالفشل والانهزام، فقدت السند الحقيقي في الحياة، فلا أمي تحبني ولا أخي يهتم لأمري.
وهذا ليس شعورا وهميا بل واقعا أكابده يوميا في حياتي.
أنا شاب أبلغ من العمر 28 سنة، أتممت تعليمي العالي، وتحصلت على شهادة جامعية.
عملت في شركة لكنني لم أوفق في الحفاظ على منصبي، توجهت إلى المحلات أعمل فيها.
لكن في كل مرة أجد سوء المعاملة وأُطرد، مما جعل أهلي يوميا يهددونني بالطرد من المنزل، إن لم اجد عمل.
والكل يعرف الوضع العام، فالعمل في وقتنا صار صعب المنال، فدخلت في دوامة من الإحباط.
كرهت نفسي وكرهت كل شيء، ضاقت الأرض عليَّ بما رحبت، حتى صلاتي توقف عنها.
وحياتي صارت “روتين” بين النوم والأكل والجلوس على “الكومبيوتر”، ومما زاد من حزني.
أنني يوميا أسمع كلاما قاسيا واتهامات لي بالجنون، وبأنني إنسان مريض نفسيا.
أمي دائما تقف ضدي فيما يقع بيني وبين أخي، ولا تفهمني، فما عساي أن أفعل سيدتي؟.
هل أنا حقا مريض نفسيا؟، هل أن حقا بحاجة إلى زيارة طبيب من أجل العلاج؟.
حتى أن أهلي تطاولوا على أشياء اقتنيتها بمالي الخاص ويريدون سلبها مني.
أنيروا دربي فقد ضقت ذرعا من هذه التصرفات.
عبد المؤمن من الغرب
الـرد:
تحية جميلة لك أخي، صدقني لقد تأسف قليلا لما قرأت،لم كل هذا اليأس والقنوط وأنت شاب مفعم بالحياة مقبل عليها؟.
أمامك بإذن الله الكثير من الفرص فيها، لكن هذا كله لن يأتيك على طبق من ذهب، بل بالسعي والطلب.
ثم اعلم أنك بلغت من العمر مبلغ الرجل وأنت لم تعد طفلا، ولا ينبغي أن تتصور هذا عن نفسك.
وحتى تتجاوز ما تظنه أن أهلك يكرهونك، لهذا عليك بما يلي أخي الفاضل:
أصلح حالك مع الله وحافظ على صلاتك، ولا يجوز ترك الصلاة، وتب إلى الله من تركها.
وأكثر دعاء النبي،”صلى الله عليه وسلم”:”يا حيُّ يا قيُّومُ برحمتِكَ أستغيثُ أصلِح لي شأني كلَّهُ،ولا تَكلني إلى نفسي طُرفةَ عينٍ”.
ابحث عن صحبة صالحة، فبقاؤك وحدك بهذا الشكل سيسبب لك مشاكل كثيرة.
وأقصد الأشخاص المعروفون بالصلاح والاستقامة، ستجد من يسمعك ويقف بجانبك.
اجعل جلوسك على “الكومبيوتر” والهاتف لقضاء وقت مفيد، بأن تبدأ في سماع الدروس التي من شأنها أن تعينك في دينك.
كما يمكنك أن تبحث من خلال ذلك عن فرص عمل، فكل المعاملات تقريبا صارت تنجز عن طريق الأنترنيت.
أما البقاء لساعات طويلة من دون أي هدف أو فائدة جديدة، سيشكل ضغطا عليك.
لا تعف العمل، المهم أن يكون فيما يرضي الله وفي الحلال، ولا تعيب أي عمل تحفظ به ماء الوجه.
إلى أن يفتح الله عليك الفتح المبين، وتجد عملا في تخصصك بإذن الله.
اصرف عنك فكرة أن أهلك يكرهونك وخاصة الوالدين، بل يظهر أنهم يريدون مصلحتك ويريدون لك الخير.
وما يحدث من بعض تصرفات أخيك، فهذا يحدث في بعض الأسر.
ولكن مع التسامح بينكما ومرور الزمن، تتأكد المحبة بينكما بإذن الله تعالى.
ولا تعتبر نفسك مريضا نفسيا، فأنت ذو قيمة وشأنا، وإلا كيف أتممت دراستك ونجحت في تحصيل الشهادة العليا.
ابحث عن الجانب المشرق بروحك أولا والمحيطين بك، فجّر إيجابياتك، واسحب نفسك من دائرة القنوط.
