قالت الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية نيرمين سعيد كامل، إن ما حدث في أفغانستان يمكن رصده من خلال عدة اتجاهات والتي بدت غريبة إلى حد كبير، ويمكننا أن نبدأها بالموقف الأمريكي من السقوط المدوي لكابول في أيام معدودات إلى التخاذل غير المفهوم للجيش الأفغاني الذي لم يرفع بندقية ولم يطلق رصاصة في وجه طالبان عقب عودتهم للقصر بعد 20 عامًا.

وأضافت كامل في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن الجيش الأفغاني أنفقت عليه مبالغ طائلة قدرت بحوالي 88 مليار دولار وهو مجهز بعتاد كافي وتسليح يؤهله للتقدم وتحقيق انتصار وقد وضع هذا الجيش أمام قوات طالبان وهي عناصر وإن كانت مدربة على التعامل مع الأسطح الوعرة إلا أن تجهيزاتها لم تتكلف على وجه التأكيد ما يناهز 90 مليار دولار وعلى الرغم من ذلك فإن الجيش الأفغاني انسحب قبل أن يقاتل أو بالأحرى دون أن يقاتل.

وأشارت كامل إلى أنه يمكن إرجاع ذلك إلى سبب بديهي يتعلق بأن الجيش الأفغاني وإن كان يملك العتاد اللازم إلا أنه لا يملك العقيدة أو الأيدولوجية القوية التي تحرك عناصر حركة طالبان، حيث لا شك أنه من أهم محركات الجيوش العقيدة القتالية والأيدولوجية التي تدعمها. 

وأضافت كامل أن أحد هذه الأسباب أيضًا العامل المعنوي وحالة الزخم التي صاحبت تقدم طالبان وإسقاطه للمدن الأفغانية الواحدة تلو الأخرى، حيث بلغ هذا الزخم مداه على وسائل التواصل الاجتماعي مما جعل الجيش الأفغاني يهزم قبل أن يقاتل لأنه شعر أنه لا مناص من الهزيمة.

وحول الصمت الأمريكي حيال ما يحدث في أفغانستان، قالت كامل إن الأمر لم يكن بتلك الغرابة ذلك أن الانسحاب غير المشروط للقوات الأمريكية وحلفائها في الناتو فتح الباب على مصراعيه أمام توقعات بأن الولايات المتحدة قد تخلت عن أفغانستان وأنها لا تكترث إلى ذلك الحد بما يحدث قبل سقوط كابول أو بعدها، والدليل على ذلك أن هجمات طالبان كانت قد تزايدت للغاية بعد الإعلان عن توقيع اتفاق الدوحة وعلى الرغم من أن الحركة نفت مسؤوليتها عن تلك الهجمات إلا أن رفضها التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار يثير الشكوك حول نواياها وحيال تلك الهجمات قررت واشنطن بإرادة مسبقة تسليم أفغانستان إلى طالبان.

وتابعت كامل "على جانب آخر يمكننا أن نطرح تساؤلًا "هل كان للولايات المتحدة أن تمنع سقوط العاصمة؟" أو على الأقل أن ترجئه والإجابة: نعم فالجيش الأمريكي كان من اليسير بالنسبة له أن يقوم بتوجيه ضربات جوية لقوات طالبان التي كانت مرابطة على حدود كابول ومنعها من دخول المدينة والوصول للقصر ولكنها آثرت الصمت " اختياريًا".

وحول وضع الحكومة في أفغانستان بعد سقوط كابول فقد عبر قياديون بحركة طالبان لم تذكر وسائل الإعلام أسماءهم أن المقترحات الغربية بوجود حكومة انتقالية غير مقبولة بالنسبة للقائمين على طالبان وعلى الرغم من ذلك فهم يؤيدون الانتقال السلمي للسلطة.

وعن أبرز الأسماء في حركة طالبان والتي من المرجح أن تتولى الأمور داخل أفغانستان في الفترة المقبلة، قالت كامل، من بينها القائد الأعلى الملا هيبة الله أخوند زاده، عين قائدا لحركة طالبان في مايو 2016 أثناء انتقال سريع للسلطة بعد أيام على وفاة سلفه أختر محمد منصور، الذي قتل بغارة لطائرة أمريكية مسيرة في باكستان لكن دوره على رأس طالبان سيكون رمزيا أكثر منه عمليا".

الاسم الثاني هو الملا عبد الغني برادر، ولد في ولاية أرزغان في الجنوب ونشأ في قندهار، وهو أحد مؤسسي حركة طالبان مع الملا عمر الذي توفي عام 2013، وأصبح برادر مقاتلا في صفوف الحركة منذ العام 1979، ويعتقد أنه قاتل إلى جانب الملا عمر.

ويحظي برادر باحترام مختلف فصائل طالبان، إذ تم تعيينه رئيسا لمكتبهم السياسي في الدوحة، ومن هناك، قاد المفاوضات مع الأمريكيين التي أدت إلى انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان ثم محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية التي لم تسفر عن شيء.