ضحالة الأفق
ضحالة الأفق
تبدأ أولي خطوات المصيدة المدمرة للجنس بمعايير الزواج الخاطئة, معايير الزواج الشكلية الخاطئة هي أولي خطوات الفشل وخصوصا في مجتمعاتنا الشرقية المعتلة فكريا حتي وسط كثير من فاحشي الثراء المادي ومعدومي الثراء العقلي والروحي والوجداني.
في الماضي القريب لم يكن معيار الزواج هوالثمن الأعلي للفتاة والحياة الأرحب وإنما كان الرجل الأصلح والحضن الأرحب…. لذا كان من الطبيعي أن تجد ثرية وملكة جمال ترفض مليارديرا وترضي بشخص بسيط له مستقبل محترم ومشرف يصونها.. وبالفعل كلما وهبه الله خيرا يفرشه تحت أرجلها تتنعم وتتدلل… كانت معايير الزواج هي ما سيدفعه الرجل لحبيبته وزوجته طوال عمرها من إخلاص ومشاعر وأمانة واحتواء وأحادية في العلاقة واحترام ليس ما سيدفعه ليقضي أمره ويتمم زيجته ليتناسل كأي حيوان وربما فاقه الحيوان في القدرة والعدد.
واليوم… صار المعيار من يدفع أكثر ومن يكسب أكثر… ويدخل الطرفان في مشروع أشبه بالخطة المدروسة عقليا بمهارة وهما لا يدركان أن كلاهما خاسر وبامتياز وكلاهما يحفر قبرا سحيقا لنفسه باقي حياته.
تبدأ الفتاة في دراسة ظروف العريس المتقدم لها ويكون رقم واحد في أولوياتها, ماذا يملك وماذا سيرث… ماذا سيقدم كشبكة وما مساحة الشقة التي ستعيش بها وكيف ستفرش وما أمكانياتها وما هي ماركة سيارته وثمنها…. وتفاضل علي هذا الأساس… وعلي الجانب الآخر لا يدرك الرجل الغبي أنه ما هو إلا صيد ثمين بسبب ما يملك وليس لشخصه وكيانه وذاته.. وأكبر دليل علي صحة كلامي… دع هذا الرجل يتجرد من مظاهر الثراء ويتقرب لفتاة بنفس صفات ومواصفات من تقدم لها ويقول لها إنه لا يملك سوي نفسه ومستقبل محترم وعمل شريف يكفل لهما حياة مستورة ومحترمة وسيدرك قيمته الحقيقية عندما يري كل نوعية الفتيات المنبهرات به أو بمعني أدق الطامعات فيما يملك يدرن ظهورهن له بحثا عن صفقة أفضل وربما عدن إليه مجددا إذا اكتشفن أنه أفضل العروض.
تبا لمثل هذه الحياة التي تبني علي باطل من البداية… فكل مدي تثبت الأيام بما لا يدع أدني مجال للشك أن المال وكل ما بني عليه أكبر باطل وأصل كل الشرور تبدأ الحياة… البداية في الغالب تكون لا باس بها حتي للمختلين عقليا… فهو يتزوج لأول مرة.. يجرب شيئا جديدا لم يعهده من قبل.. يمارس الجنس (وليس الحب) والفروق شاسعة شاسعة… بعيدة كبعد السماء السابعة عن أسفل السافلين… وما تكاد شهوة الجسد تنطفئ مرة فمرة… يوما فيوم… أسبوعا فأسبوع… شهرا فشهر.
وما تكاد العين تتعود والبطن تشبع والجسد يلبس يصير كل شيء عددا مفرغا تماما من محتواه الحقيقي وهو الروح والحياة وسرعان ما تنفتح العيون علي حقيقة الواقع الأليم وهو موت الروح بسبب ضحالة الأفق.
معايير الزواج هي ما سيدفعه الرجل لحبيبته وزوجته طوال عمرها من إخلاص ومشاعر وأمانة واحتواء