كوفيد / 2021 .. أمريكا الجنوبية تواجه تحدي الانتعاش الاقتصادي


   ( رشيد الماموني )

 

  بوينوس أيريس - سعت أمريكا الجنوبية، التي كانت المنطقة الأكثر تعرضا للإصابة بوباء كوفيد -19، في سنة 2021 في محاولة التعافي بأفضل ما يمكن ذلك، من أجل استعادة ما تم فقدانه على الصعيد الاقتصادي وتضميد الجراح الاجتماعية التي ترتبت عن تداعيات الوباء.

  فقبل سنة، سجلت شبه القارة أعمق ركود في تاريخها الحديث. وقدمت السياسات العمومية الإرادية بداية جواب على الأزمة، لكن الوباء ترك ندوبا عميقة لدى الفئات الأكثر هشاشة، وخاصة النساء والشباب.

 وتوجد في أمريكا اللاتينية، بعض البلدان التي سجلت أكبر عدد من الوفيات والإصابات بفيروس كورونا.

  وعلى رأس هذه البلدان، هناك البرازيل، التي وجدت نفسها، طوال النصف الأول من 2021، في قلب العاصفة. وجعلت حصيلة الوفيات المسجلة في هذا العملاق بأمريكا الجنوبية، منه ثاني أكثر الدول تضررا من الأزمة الصحية بعد الولايات المتحدة، مع أزيد من 610 ألف حالة وفاة و22 مليون إصابة.

  ولم تكن البلدان الأخرى بالمنطقة في وضعية أفضل. حيث تضررت الأرجنتين وبيرو وكولومبيا بشدة من الفيروس، وكانت الحصيلة في بعض الأحيان لا تطاق.

  وفي هذا السياق، بدت دولة واحدة فقط أفضل حالا من البلدان الأخرى، وهي الشيلي التي تميزت بإرساء سياسة تطعيم شاملة، إلى جانب فرض قيود صارمة. وقد أتت هذه الاستراتيجية ثمارها، حيث سجلت معدلات نمو تناهز 11 بالمائة في الربعين الثاني والثالث إلى جانب انتعاش قوي في الأنشطة الاقتصادية وبداية العودة إلى وضعها الطبيعي.

  أما في البلدان الأخرى، فقد بدا الوضع أكثر تباينا. ففي البرازيل، فقد استُهدفت الحكومة من خلال تحقيق قام به مجلس الشيوخ بشأن الإخفاق في تدبيرها للوباء والتي قد يكون سببا في الحصيلة الكارثية للوباء.

  وانتهى الأمر باقتصاد هذا العملاق إلى دفع الثمن، حيث اقترب معدل التضخم غير المسبوق من 11 بالمائة مع تسجيل نمو بطيء، وذلك في سياق شديد الاستقطاب قبيل الانتخابات، وهو مناخ لم يمكن مناسبا لتحقيق انتعاش اقتصادي سريع.

 وتتمثل العواقب المباشرة لهذا التباطؤ الاقتصادي، على الرغم من إمكاناته الهائلة، في 62 مليون فقير، من بينهم 12 مليون يعيشون في فقر مدقع.

 وعلى خلاف البرازيل، حققت كولومبيا أفضل أداء على المستوى الماكرو اقتصادي، مستفيدة من إعادة تنشيط المبادلات الخارجية والسياق الملائم للاستثمارات الأجنبية في قطاعي النفط والتعدين.

 لكن الصراع الاجتماعي، الذي امتد شهري أبريل وماي الماضيين، وشل البلاد، وهو الصراع الذي اقترن بذكريات النزاع المسلح مع المنشقين عن الميليشيات الشيوعية السابقة للقوات المسلحة الثورية لكولومبيا (فارك)، أدى إلى تباطؤ زخم الاقتصاد الكولومبي.

 وفي الأرجنتين، فقد تأثر الانتعاش الاقتصادي المعتدل بمسلسل انتخابي طويل، مع مسار القرارات المؤجلة وثقلها جراء نقاش محتدم حول مسؤولية الديون غير المستحقة الدفع المتعاقد بشأنها مع صندوق النقد الدولي.

 وانتهت حملة التلقيح الحكومية إلى التعجيل بفتح الأماكن العامة والحدود وإضفاء دفعة قوية للاقتصاد الذي يعتمد على الصادرات الفلاحية الصناعية .

  وفي البيرو، كانت التداعيات المباشرة للوباء غير بادية تقريبا في أعقاب انتخاب رئيس شعبوي يغازل الشيوعيين.

  وهكذا، أفلت الواقع السياسي الجديد للبلاد، الذي استسلم لأصوات الشعبوية، من واقع اجتماعي وصحي كارثي ( 200 ألف حالة وفاة و2.2 مليون إصابة في بلد يبلغ عدد سكانه 32 مليون نسمة ) .

 وكان للتصريحات الأولى التي أصدرتها حكومة بيدرو كاستييو لتأميم المناجم والغاز تأثير مدمر على المستثمرين وأسواق رأسمال في كافة أرجاء العالم.

 ومنذ 28 يوليو، تاريخ تنصيب كاستييو، يبدو أن بيرو تعيش في دوامة مستمرة: فضائح سياسية متكررة، وإجراء تغيير لمسؤولي نصف القطاعات الوزارية، وتشنجات شبه يومية مع المعارضة البرلمانية، وانتهاء بنجاة الرئيس بصعوبة من تقديم عريضة العزل جراء " عجز أخلاقي دائم " عن أداء المهام التي انتخب من أجلها.

  أما بقية بلدان أمريكا الجنوبية، باستثناء أوروغواي، فلا تزال تعاني من الوباء وتكابد من أجل الخروج من الأزمة .

  وسجلت كل من بوليفيا وفنزويلا معدلات تلقيح متواضعة ويعاني اقتصاداتهما وسكانهما من العواقب. إن طبيعة الأنظمة القائمة تسبب في توترات تلقي بظلال قاتمة في الأفق وتؤخر الانتعاش.

  وينظر في البلدان الأكثر مبادرة من الناحية الاقتصادية والصحية، إلى الوباء على أنه يمثل فرصة لمواجهة تحديات استثنائية حاملة لمظاهر التقدم والتنمية.

  أما في البلدان الغارقة في شراك اعتبارات إيديولوجية لعصر آخر وخلافات داخلية عقيمة، ستكون الأزمة الصحية قد عمقت العيوب الرئيسية في اقتصادات المنطقة، والمتمثلة في ضعف الإنتاجية والهشاشة الاجتماعية والضعف المؤسسي والاستدامة البيئية.

تاريخ الخبر: 2021-12-18 19:23:41
المصدر: MAP ANTI-CORONA - المغرب
التصنيف: صحة
مستوى الصحة: 98%
الأهمية: 96%

آخر الأخبار حول العالم

“غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 12:26:45
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

“غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 12:26:39
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية