قال وزير الإعلام اللبناني المستقيل جورج قرداحي: "ما زلنا ننتظر نتائج إيجابية لاستقالتي"، مضيفاً أنه سيدرس إمكانية خوضه الانتخابات البرلمانية المقبلة في 27 مارس/آذار 2022.

وفي 3 ديسمبر/كانون الأول الجاري، استقال قرداحي بعد نحو شهر على اندلاع أزمة دبلوماسية بين لبنان والسعودية ودول خليجية أخرى، جراء تصريح له قبل تولّيه الوزارة حول حرب اليمن.

ورفض قرداحي في مقابلة مع الأناضول تحميله مسؤولية التسبب في "متاعب" لبلده، قائلاً إن لبنان "غارق في الأزمات والمتاعب، والجميع يعلم أن أسبابها متعددة وتعود جذورها إلى عشرات السنين، وليست وليدة الساعة".

واستبعد أن تكون تصريحاته قبيل تولّيه الوزارة السبب في القرار السعودي والخليجي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع لبنان.

واعتبر أن مواقفه بشأن حرب اليمن في تلك المقابلة المتلفزة ضُخّمَت، وكان هناك قرار بقطع العلاقة مع لبنان.

ومنذ 2015 تقود السعودية تحالفاً ينفّذ عمليات عسكرية في اليمن، دعماً للقوات الموالية للحكومة، في مواجهة الحوثيين المُسنَدين من إيران والمسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ 2014.

ورأى قرداحي أن "الدليل على ذلك أن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ذكر أكثر من مرة أن المسألة أبعد من تصريحات وزير الإعلام اللبناني (...)، قال إن المسألة هي هيمنة حزب الله على لبنان والحكومة اللبنانية".

وجماعة حزب الله اللبنانية هي حليفة إيران، التي تتهمها السعودية بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، وهو ما تنفيه طهران، وتقول إنها تلتزم علاقات حسن الجوار.

وتابع قرداحي: "تصريحاتي لم تحمل شيئاً سوى أنني توجهت بكل محبة إلى كل الأطراف كي يتوقف نزف الدم العربي، وكان هذا شعوري الحقيقي بالعمق، لكنهم فسّروها تفسيرات أخرى".

وفي 5 أغسطس/آب الماضي، قبل نحو شهر على تعيينه وزيراً، سجّل قرداحي مقابلة بثّتها إحدى المنصات الإلكترونية لفضائية الجزيرة القطرية في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وصف فيها حرب اليمن بأنها "عبثية ويجب أن تتوقف"، وقال إن الحوثيين "يدافعون عن أنفسهم" في وجه "اعتداء خارجي" من السعودية والإمارات.

وبعد أربعة أيام من بثّ المقابلة، سحبت السعودية سفيرها لدى بيروت، وطلبت من السفير اللبناني بالرياض المغادرة، وهو ما فعلته لاحقاً الإمارات والبحرين والكويت واليمن.

وأكّد الرئيس اللبناني ميشال عون أن تصريحات قرداحي لا تعكس موقف الدولة اللبنانية، فيما طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من قرداحي اتخاذ "القرار المناسب"، ما فُهم بأنه دعوة إلى الاستقالة.

وسببت هذه الأزمة انقساماً في لبنان، إذ دافع البعض عن تصريحات قرداحي، لا سيما نواب من حزب الله، فيما دعاه آخرون إلى الاستقالة، بينهم نواب من "تيار المستقبل" و"القوات اللبنانية".

وعشية زيارة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للسعودية، أعلن قرداحي خلال مؤتمر صحفي أنه استقال بعدما فهم من ميقاتي أن الفرنسيين يرغبون في هذه الخطوة لكي تساعد على فتح حوار مع المسؤولين السعوديين حول لبنان.

وبعد نحو عشرين يوماً على استقالته، قال قرداحي للأناضول: "صحيح أن الاستقالة أصبحت وراءنا، لكننا ما زلنا ننتظر نتائج إيجابية لهذه الاستقالة، لا أن تذهب سدى".

وأردف: "تمنيت سابقاً أن تؤدي الاستقالة إلى فتح باب لمبادرة من المملكة العربية السعودية والخليج تعيد العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع لبنان وتعيد الأمور إلى سابق عهدها، وما زلنا ننتظر ذلك".

ورغم أن زيارة ماكرون السعودية نتج عنها اتصال هاتفي بين ميقاتي ووليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، فإن العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين البلدين لم تعُد إلى طبيعتها بعد.

وتزيد هذه الأزمة معاناة لبنان الذي يشهد منذ عامين أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، مع انهيار العملة المحلية الليرة، وشُحّ الأدوية والوقود وسلع أساسية أخرى، وتراجع حادّ في القدرة الشرائية لمواطنيه.

ورداً على سؤال قال قرداحي: "لو كنت أدرك أن كل ذلك سيحصل، والمقابلة ستعكس هذه التفاعلات والأصداء وصولاً إلى الأزمة، لما كنت دخلت في الحكومة وزيراً بصراحة".

وعما إذا كان نادماً أجاب: "لا أندم على شيء، هكذا علمتني الحياة، وكل تجربة أستفيد منها وآخذ منها الشق الإيجابي".

وأردف: "التجربة الأخيرة كانت صعبة علَيَّ وكشفت حقيقة بعض الأشخاص (لم يسمِّهم) ممن كانوا يُظهِرون لي محبة، لكن تَبيَّن أن لديهم حسابات أخرى، شخصية أو مادية".

وختم قرداحي بأن "الأزمة التي مررت بها زجّت بي في السياسة رغماً عني"، كاشفاً عن أنه سيدرس إمكانية ترشُّحه للانتخابات البرلمانية المقبلة.

TRT عربي - وكالات