ترامب في الصدارة ..لماذا وكيف ؟


مع نهاية العام الميلادي تزخر الولايات المتحدة الأمريكية عادة بإستطلاعات رأي متباينة الإتجاهات ومتعددة التوجهات ، بعضها يسعى لقياس نجاحات الإدارة الأمريكية في توجيه دفة الأمريكيين في العام الراحل ، وبعضها الأخر يتوقف مع شعبية الرئيس الساكن البيت الأبيض ، والتي تأتي عادة أعلى بكثير من شعبية الرؤساء السابقين ، عطفا على قضايا مختلفة ، منها ما هو شعبوي ومنها ما هو نخبوي .

في إستطلاعات هذا العام نلاحظ أن هناك ظاهرة غريبة تتمثل في تفوق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على الرئيس الحالي جو بايدن .

النسب المئوية التي حاز عليها الرئيس السابق ترامب الذي لا يزال في عيون ملايين الأمريكيين رئيسا شرعيا، تدهشنا لا لأنها تجاوزت بايدن المتمتع بكل ألق الرئاسة ووهجها ، وصولا إلى الفقير وراء جدران الفاتيكان ، البابا فرنسيس ، الرجل الذي لا يملك من حطام الدنيا الإ غرفتين واحدة للنوم وأخرى للمعيشة في بيت صغير على أطراف حاضرة الفاتيكان ، بعدما رفض السكن في الشقة المخصصة للبابوات في القصر الرسولي .

السؤال المثير:" ما هو السر وراء تلك الشعبية التي يتمتع بها ترامب ، رغم كل الإتهامات التي وجهت له ولا تزال توجه ، إضافة إلى الشكوك التي تحوم حول عدد من كبار مسؤولي إدارته والإحتمالات المفتوحة لمحاسبتهم قانونيا .

مرتبتين جديدتين صعدهما ترامب في إستطلاع الرأي الذي أجري نهار السادس عشر من ديسمبر كانون أول الجاري ،رغم المعارك القانونية والتحقيقات القائمة والقادمة حول أعمال الشغب التي حدثت نهار السادس من يناير كانون الثاني الماضي .
بات ترامب اليوم يحتل المركز الثالث عشر في قائمة الشخصيات الأكثر إثارة للإعجاب في العالم ، بحسب الإستطلاع السنوي لشركة
YouGov

مثير جدا شأن ترامب القادم من عالم بعيد عن عوالم السياسة الأمريكية ، لا سيما وأنه لم يشغل يوما منصب عمدة لأصغر مدينة في الداخل الأمريكي ،فكيف يسبق الرئيس بايدن بسبع نقاط إذ جاء الأخير في المرتبة العشرين ، كما بات يتجاوز الرجل ذو الراداء الأبيض ، البابا فرنسيس ، بنحو ثلاث نقاط ، إذ أحتل سيد الفاتيكان المركز السادس عشر .

هذه الأرقام في واقع الأمر مهمة وتحتاج إلى قراءات سيسيولوجية معمقة ، فالشعوب تدار بالسيسيولوجيا وليس بالإيديولوجيا .
عدة نقاط يمكننا أن نشير إليها في هذا المقام ، تفسر لنا لماذا ترامب لا يزال في المقدمة ، منها ما يلي على سبيل المثال لا الحصر :

** لا يزال ترامب في عيون الملايين من الأمريكيين يمثل تجربة سياسية خالصة بعيدا عن الفساد الذي يلف ويشمل المؤسسة السياسية الأمريكية بحزبيها الكبيرين الديمقراطي والجمهوري ، ورغم أن ترامب تم أنتخابه كمرشح جمهوري ، الإ أن الجمهوريين من كبار قواعد الحزب القيادية قد ناصبوه العداء بأكثر من الديمقراطيين إن سرا أو علانية .

** تعني النتيجة المتقدمة أن إشكالية الإنتخابات الرئاسية لعام 2020 لم تصل بعد إلى خط النهاية ، فهناك ملايين تؤمن بأن الرجل تعرض إلى خديعة كبرى ، ومؤامرة عظمى من الدولة الأمريكية العميقة ، وربما كان أكثر حظا من سلفه جون كيندي الذي تم الخلاص منه غدرا في واحدة من أكثر الجرائم سرية في الداخل الأمريكي حتى الساعة ، والتي توقف بايدن عن نشر بقية وثائقها بحجة الحفاظ على مقتضيات الأمن القومي الأمريكي .

** تقدم ترامب على هذا النحو يعني أن اليمين الأمريكي من الوسط إلى أقصاه لا يزال فاعل ونشط ، ولا يزال يرى ترامب رجل الساعة ، وإن لم يكن ترامب بشحمه ولحمه ن فبأفكاره ورؤاه ، وهذا يفيد بأن الإنقسام في المجتمع الأمريكي لا يزال ضاربا جذوره ، وأن الخلاف مطبق على الجميع وفي إنتظار ساعة الصفر ومن ثم الإنفجار .

** يتبدى لنا من حصيلة الإستطلاع أن القوى الديمقراطية ذات الملمح والملمس اليساري في داخل الحزب الديمقراطي ، قد أخفقت حتى الساعة في أن تقود البلاد في الإتجاه الذي تعمل عليه ، ولهذ لا يزال الشارع الأمريكي سلس الإنقياد للتوجهات اليمينية التي ترى في ترامب المنتهى والمشتهى .

** ترجح النتيجة حالة القلق التي تعم الداخل الأمريكي ، تلك التي لم تعد قاصرة على القطاعات المدنية فحسب ، وإنما بلغت حدود العسكرية الأمريكية ، وقد تابع العالم في الأيام الأخيرة أنباء مثيرة إلى حد الخوف تتحدث عن توقعات بتمر داخل الجيش الأمريكي ، من صغار وكبار الرتب العسكرية ن بحلول العالم 2024 .

** الحديث عن الجيش الأمريكي ، يفتح من جديد غشكالية العلاقة بين المؤسستين المدنية والعسكرية في الداخل الأمريكي ، وما من شك في أن عسكر أمريكا قد خسروا الكثير من النقاط ، وبخاصة بعد الإعلان عن المزايا التي حققوها بشكل شخصي من غزواتهم الخارجية ، والأرباح التي تحققت للمجمع الصناعي العسكري الأمريكي من خلف حروب أمريكا السرية والعلنية ، الأمر المنبت الصلة بالدمقرطة التي تبشر بها أمريكا صباح مساء كل يوم .

** التاريخ الأخير يلفت الإنتباه إلى إشكالية كبرى ، ذلك أنه موعد الإنتخابات الرئاسية القادمة ، ولا يزال ترامب واقفا خلف الباب ، وغالبا ما يسعى من وراء الكواليس للإعداد لجولة إنتخابية قادمة ، بل أنه يستبق الإنتخابات الرئاسية بالإعداد لإنتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي في العام القادم 2022 ، ومن المقطوع به أنه حال سيطر الجمهوريون على الكونجرس بمجلسيه ، الشيوخ والنواب ، فإن حظوظ ترامب في العودة إلى البيت الأبيض مرة جديدة ستكون وافرة ، وكذلك فرص الصراع الأهلي الأمريكي ، والذي حذر منه رجل بوزن روبرت كاغان ، أحد أساطين المحافظين الجدد ستكون عالية بدورها .

السؤال الأخير قبل الإنصراف :" هل صدارة ترامب معناها فشل بايدن في تحقيق ما وعد به من تغييرات في وجه أمريكا المعطوب ؟
إلى قراءة قادمة بأمر الله .

تاريخ الخبر: 2021-12-22 22:17:21
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 92%
الأهمية: 95%

آخر الأخبار حول العالم

سادس فريق يتوج في عهد الاحتراف

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-19 03:24:36
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 54%

الفيدرالية الوطنية للشبيبة التجمعية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-19 03:25:04
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 69%

اتحاد خنشلة يدخل دائرة الخطر: ذبيح وقمرود جاهزان لموعد الساورة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-19 03:24:32
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 51%

أعضاء مجلس الإدارة يحلّون بقسنطينة: مداني وذيب يورّطان مدرب السنافر

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-19 03:24:31
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 55%

أولاد جلال: اختيـــار أرضيــات لتوطيـن مشاريــــع

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-19 03:24:21
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 61%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية