الدار/ تحليل: مع تعميم الحماية والتغطية الصحية.. هذه شروط تثبيت ركائز الدولة الاجتماعية


الدار/ تحليل

من حسنات جائحة فيروس كورونا المستجد إعادة الاعتبار للدور الاجتماعي للدولة. أي الاعتراف النهائي بأن مؤسسات الدولة تظل هي الملاذ الوحيد للأفراد والجماعات من أجل مواجهة التحديات التي تواجه البشرية خصوصا في ظرفية الأزمات. هذا الدور الاجتماعي هو الذي لفت إليه رئيس الحكومة عزيز أخنوش اليوم الخميس الانتباه خلال ترؤسه لمجلس الحكومة عندما تحدث عن سير بلادنا قدُما في إطار تثبيت ركائز الدولة الاجتماعية. ولعلّ المناسبة التي جاء في إطارها الحديث عن الدولة الاجتماعية تعتبر حدثا تاريخيا بامتياز، إنها لحظة تنزيل مشروع الحماية الاجتماعية الذي قد يكون دون مبالغة أكبر وأهم مشروع اجتماعي عرفه المغرب منذ الاستقلال.

سيعمل هذا المشروع في أفق زمني قريب على تعميم الحماية الاجتماعية بشقيها المهني والصحي على كافة المغاربة للقطع مع زمن طويل من الهشاشة الاجتماعية التي كانت تضرب في مقتل كل جهود الدولة من أجل تحسين الأوضاع الصحية والمعيشية للمغاربة. ونكاد نجزم بأن نجاح حكومة عزيز أخنوش في تنزيل هذا المشروع وتفعيله على أرض الواقع قد يكتب بماء الذهب في سجلها مثلما كتبت منجزات أخرى مماثلة أو أقل في سجلات هيئات وحكومات وأحزاب سياسية تعاقبت على التدبير العمومي. لكن الدولة الاجتماعية التي يتحدث عنها رئيس الحكومة ليست مجرد مشروع أو قانون أو مبادرة عابرة، إنها أيضا ثقافة تدبيرية ينبغي الحرص على إقرارها بشكل نهائي لدى المؤسسات ولدى المسؤولين عليها.

نقصد هنا أن توفير الاعتمادات المالية لإنجاح مشروع الحماية الاجتماعية ووضع الإطار التشريعي والتنظيمي أمران مهمان وحاسمان، لكن هناك أيضا جانب آخر لا يقل أهمية يتعلق بالموارد البشرية التي ستعمل على تنفيذ هذا المشروع وإيصال الخدمة الاجتماعية المجانية لكل المواطنين بقدر عالٍ من الجودة وتكافؤ الفرص والتفاني. نقول هذا الكلام لأن الكثير من الإرادات السياسية التي تضعها هذه الحكومة أو حتى من سبقوها قد تصطدم أحيانا ببعض جيوب المقاومة أو المعيقات الثقافية التي تستوطن بعض الذهنيات. هناك مسؤولون وموظفون عموميون وأعوان لا يزالون يعتقدون مثلا أنهم يقدمون خدماتهم للمواطنين من باب التفضّل عليهم، بل إن منهم من يعتقد أن على المواطن أن يدفع مقابل الخدمة التي يتلقّاها على الرغم من أن الجميع يعلم أنها خدمة عمومية توفرّها الدولة لمواطنيها.

فالدولة الاجتماعية كما نعلم جميعا هي دولة راعية للمواطن ومستجيبة عن كثب لاحتياجاته في الصحة والتعليم والبنيات التحتية والإدارة والخدمات، وتسعى دائما إلى أن يتلقى كل هذه الخدمات بشكل مجاني مع حفظ تام وكامل لكرامته وحقوقه. من هذا المنطلق نريد أن نؤكد بل أن نقترح على الحكومة أن تواكب مشروع الحماية الاجتماعية الطموح بثورة ثقافية موازية في مختلف الإدارات والقطاعات والمؤسسات العمومية التي تحتك يوميا بالمواطنين المغاربة وتتلقى طلباتهم واحتياجاتهم وشكاياتهم أيضا. يحتاج الجهاز العمومي المكلف بتنزيل وتقديم هذه الخدمات التي ستصبح مؤطرة غدا بامتيازات الحماية الاجتماعية إلى قناعات جديدة مغايرة عن تلك التي كانت سائدة في السابق، حيث الموظف لا يزال يفكر بمنطق “خدمتهم على قد فلوسهم” والمسؤول يفكر بمنطق “الحفاظ على الكرسي”.

إن أهمية الحديث هنا عن التغيير والتطوير اللازم في الثقافة السائدة والموارد البشرية مرده إلى أن الكثير من المشاريع الكبرى التي سبق إطلاقها سواء في المغرب أو في دول أخرى فشلت لا لانعدام الاعتمادات المالية أو لغموض الإطار القانوني وإنما أساسا لعدم مسايرة المنفذين المفترضين لهذه المشاريع بالتقبّل الكافي والحماس اللازم، الذي لا يعني فقط تنفيذ واجبات مقابل الحصول على رواتب، وإنما الاقتناع بأداء هذه الرسالة الاجتماعية التي تتحول معها الدولة فعلا إلى أم ترعى أبناءها وتحرص على راحتهم وأمانهم. ولن تستطيع هذه الدولة الاجتماعية أن تترك هذا الأثر إلا إذا أعطت أذرعها البشرية كل ما تملك من جهد وبدائل.

تاريخ الخبر: 2021-12-24 10:36:45
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 54%

آخر الأخبار حول العالم

43.4% نسبة استخدام الإنترنت في أماكن العمل السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-02 03:24:09
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 57%

47% نمو مطابقة محطات الوقود للمواصفات والمقاييس السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-02 03:24:11
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

33 مليار ريال مصروفات المنافع التأمينية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-02 03:24:10
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 67%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية