قال الشيخ الدكتور عبدالله الجهني -في خطبة الجمعة-: طَالب الله وَالدَّار الْآخِرَة لَا يَسْتَقِيم لَهُ سيره وَطَلَبه إِلَّا بحبس قلبه فِي طلبه ومطلوبه، وحبسه عَن الِالْتِفَات إِلَى غَيره، وَحبس لِسَانه عَمَّا لَا يُفِيد، وحبسه على ذكر الله وَمَا يزِيد فِي إيمَانه ومعرفته، وَحبس جوارحه عَن الْمعاصِي والشهوات وحبسها على الْوَاجِبَات والمندوبات فَلَا يُفَارق الْحَبْس حَتَّى يلقى ربه فيخلصه من السجْن إِلَى أوسع فضاء وأطيبه.

وأضاف أن من رحمة الله سبحانه وتعالى بعبده الإنسان أنه لم يتركه سدى بل جعل له نورًا يهتدي به، وقوة يرتكز عليها، وسلاحاً يدافع به، فأرسل أنبياءه ورسله مبشرين ومنذرين، وأمره بالاعتصام بالله والاستعانة به، وحثه على التقوى التي تدفع كل سوء، والتقوى شعور يقع في قلب المؤمن تظهر آثاره على الجوارح، تحمله على الرغبة فيما عند الله والعمل لتحصيله.

وأفاد بأن التقوى ذكرت في كتاب الله في أكثر من مئتين وخمسين موضعاً، بل إنه قد تكرر الأمر بالتقوى في الآية الواحدة مرتين أو ثلاثاً، وقد كان هذا دأب الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام مع أُممهم بالوصية بتقوى الله عزوجل، مبيناً أن تقوى الله تعالى هي سياج الأمان من كل رذيلة، والملاذ من نزغات الشيطان، والتقوى في الدنيا مجلبة لبركات السماء والأرض، وفي أعظم المواقف وأخطرها في الآخرة حين يجمع الله الخلائق ولم يبق إلاّ السوق إمّا إلى الجنة وإمّا إلى النار، في يوم يجعل الولدان فيه شيبا، ويفر فيه المرء من أخيه وأمه وأبيه نجد مساق المتقين كما قال تعالى: «وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا». وأوضح أنه لعظم أمر التقوى كانت وصية رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في آخر حياته بتقوى الله تعالى والسمع والطاعة لولاة الأمور، حاثاًّ المسلمين على العمل بالتقوى في نفوسهم وأهليه وأموالهم وأولادهم ومعاملتهم ومن تحت أيديهم، وفي ما ائتمنوا عليه من مصالح المسلمين، وفي كل مجال من مجالاتهم العامة والخاصة ليفوزوا ويفلحوا.