الأبعاد الاقتصادية للتقارب الروسي - الأميركي


حدث تطور مهم في النظام العالمي، فالرئيس الروسي بوتين قد وجه إنذاراً للغرب، بأن لا يقتربوا من روسيا والفضاء السوفيتي. وبهذا يكون قد وضع عقيدة مشابهة لعقيدة الرئيس الأمريكي جيمس مونرو عام 1823، والتي مخلصها، إن على الدول غير الأمريكية أن لا تقترب من الفضاء الأمريكي.

وهذا التطور يعني أن المرحلة الانتقالية التي يمر بها النظام العالمي قد بدأت تدخل مرحلة جديدة. فروسيا، قد أصبحت من القوة، بحيث يمكنها الدفاع عن مصالحها بحزم. فهي لم تنس الوعد الذي قطعه وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر لجورباتشوف، بأن الناتو لن يتقدم شبراً واحداً على الحدود التي كان عليها عام 1990م. في حين أن قوات الناتو تقف الآن على أبواب روسيا. ولذلك، تقترح روسيا عودة الحدود بينها وبين الناتو إلى عام 1990، والتوقيع على وثيقة بالوعود التي قدمت إليها.

إن المطالب الروسية، تعكس تطور المرحلة الانتقالية للنظام العالمي. فالطرح الروسي في هذا الوقت لم يأت مصادفة، فالولايات المتحدة قد حددت الصين، باعتبارها العدو الرئيس لها. وهذا يعني أن كل التحالفات التي سوف تعقدها واشنطن في المستقبل سوف تنطلق من هذا المفهوم. وعلى هذا الأساس، فإن الولايات المتحدة سوف تحاول استمالة روسيا إلى جانبها ضد الصين.

ولذلك، فإن المقترحات التي طرحتها موسكو على واشنطن، كما يبدو لي، هي بمثابة الثمن الذي تطلبه الأولى من أجل التقارب مع الثانية، أو على الأقل للوقوف على مسافة واحدة من أمريكا والصين. ولذلك، فإن الكرة قد أصبحت في المرمى الأمريكي. فإذا استجابت الولايات المتحدة للمطالب الروسية، فإن العلاقة بين روسيا والولايات المتحدة سوف تتحسن. وهذا من شأنه أن يغير الاصطفاف بين أضلاع مثلث النظام العالمي: واشنطن-موسكو- بكين.

إن الولايات المتحدة، سوف تبذل قصارى جهدها للحيلولة دون تحقق السيناريو الذي جاء في الدراسة التي أعدها مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال (سي إي بي آر) البريطاني، والذي توقع تقدم الاقتصاد الصيني على الأمريكي عام 2028.

وعلى هذا الأساس، فإن أمريكا، قد تكون مستعدة لتقديم تنازلات لروسيا. إذاً بالإضافة إلى تحييدها، فإن ذلك ربما يحفز روسيا على معاودة الاستثمار في سندات الخزينة الأمريكية التي تقلصت من 170 مليار دولار عام 2010 إلى حوالي 3 مليارات الآن، وتطور التبادل التجاري بين البلدين إلى أعلى من المستوى الذي تدنت إليه 24 مليار دولار. كذلك، فإن الإنفاق العسكري الأمريكي لمواجهة التفوق الصاروخي الروسي، هو الآخر مرشح للتقلص، جنباً إلى جنب مع عدد الصواريخ والأسلحة الأمريكية في أوروبا. وهذا كله سوف ينعكس على الاقتصاد الأمريكي بالإيجاب. ويعطيه الفرصة لمعاودة النمو، وربما استعادة زمام المبادرة.

* نقلا عن جريدة الرياض.

تاريخ الخبر: 2021-12-25 14:20:17
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 99%
الأهمية: 88%

آخر الأخبار حول العالم

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ 24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 00:26:34
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 61%

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ 24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 00:26:28
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 53%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية