الظروف المالية الأمريكية يسيرة حتى مع تراجع تحفيز الفيدرالي


تقترب الظروف المالية الأمريكية من أكثر الأوضاع تيسيرا على الإطلاق، حتى مع بدء مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الإسراع بعملية خروجه من إجراءات التحفيز في عصر أزمة فيروس كورونا في محاولة لمكافحة التضخم المرتفع.
تم تشديد إجراءات الأوضاع المالية بشكل هامشي فقط منذ اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي، وفقا لخبراء الاقتصاد في "جولد مان ساكس"، الذين ينتجون مؤشرا متابعا من كثب يأخذ في الحسبان التحولات في سوق الأسهم الأمريكية، وتكاليف الاقتراض للشركات، والتحركات في الدولار والتمويل وتكاليف الحكومة الأمريكية.
على الرغم من المحور المتشدد، ظلت الأسهم الأمريكية منتعشة حول مستويات قياسية عالية، في حين أن عوائد سندات الخزانة الأمريكية لا تزال متمسكة بالانخفاض مقارنة بمعاييرها التاريخية.
حقيقة أن الشركات واجهت القليل من المتاعب في إدراج الأسهم علنا، أو الاستفادة من المقرضين للحصول على ائتمان جديد، تؤكد المستويات غير العادية من السيولة المتدفقة من خلال النظام المالي العالمي، وتمثل لغزا لصانعي السياسة الفيدراليين الذين يسعون إلى تهدئة الاقتصاد وترويض التضخم.
قالت لورا روزنر-واربورتون، كبيرة الاقتصاديين في "ماكروبوليسي بيرسبكتف"، "الهدف هو إبطاء الأمور والأمل في أن ينخفض التضخم. للقيام بذلك، تحتاج إلى ظروف مالية تكون أكثر تشديدا قليلا".
يعد الاحتياطي الفيدرالي شديد الحساسية تجاه الظروف المالية، نظرا إلى أنه يقدم مقياسا لكيفية انتقال التحولات في سياسة البنك المركزي والتوقعات الاقتصادية العالمية إلى العالم الحقيقي. جاي باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، اعترف بذلك الأسبوع الماضي. وشدد على أن الاقتصاد لم يعد بحاجة إلى مثل هذه المساعدات الطارئة الهائلة، ولكن على الرغم من الخطط الجديدة للبنك المركزي لتقليص برنامج شراء الأصول بشكل أسرع، إلا أن الظروف المالية ستظل "يسيرة".
من المقرر الآن أن تتوقف الحوافز تماما بحلول نهاية آذار (مارس) - وهي علامة فارقة بالنسبة إلى الاحتياطي الفيدرالي، الذي ضاعف حجم ميزانيته العمومية بأكثر من الضعف حيث سعى إلى تعزيز الأسواق المالية ودعم الاقتصاد خلال الأزمة.
أدت نهاية سابقة لما يسمى بـ"الخروج التدريجي" إلى قيام البنك المركزي برفع أسعار الفائدة في وقت أقرب - وهو أمر يعتقد المسؤولون الآن أنهم يمكن أن يفعلوه ثلاث مرات في العام المقبل في محاولة لمواجهة التضخم، الذي يسير بأسرع وتيرة في نحو 40 عاما. هذا نهج أكثر عدوانية بكثير مما كان عليه الحال قبل ثلاثة أشهر فقط، عندما انقسمت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ورؤساء الاحتياطي الفيدرالي الإقليميين الآخرين بالتساوي حول احتمالات رفع سعر الفائدة مرة واحدة فقط في 2022.
ومن المقرر الآن أن تبدأ زيادات أخرى في أسعار الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة في 2023، ومن المتوقع حدوث ارتفاعات أخرى في 2024. ومن شأن هذه الزيادات في أسعار الفائدة أن تنذر عادة بظروف مالية أكثر صرامة وتقلل من قوة الاقتصاد، ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الرهن العقاري وقروض الشركات أو الفائدة على فاتورة بطاقة الائتمان.
قال بريان نيك، كبير استراتيجيين الاستثمار في "نوفين" والموظف السابق في فرع نيويورك للبنك المركز، إن أحد الأسباب الرئيسة وراء بقاء الأوضاع المالية فضفاضة للغاية هو أن المستثمرين كانوا يراهنون على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد لا يكون قادرا على زيادة أسعار الفائدة بالقدر الذي كان يأمله إذا تباطأ النمو الاقتصادي أكثر مما كان متوقعا.
وقد تم التركيز على هذا الاحتمال هذا الأسبوع بعد أن حاصر السناتور الديمقراطي جو مانشين من وست فرجينيا مشروع قانون الإنفاق الاجتماعي التاريخي لإدارة بايدن البالغ 1.75 تريليون دولار. كما أدى الارتفاع المثير للقلق في حالات كوفيد- 19 المرتبطة بمتغير أوميكرون الناشئ إلى حجب التوقعات.
قال نيك، "نظرا إلى انخفاض فاتورة الإنفاق علنا وتراجع توقعات النمو إلى حد ما في الربع الأول بسبب أوميكرون، فقد لا يندفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى التشديد بقدر ما يعتقد. سيكون لدى الاحتياطي الفيدرالي كثير من الأسباب للتحلي بالصبر إذا أراد ذلك".
مقاييس السوق لتوقعات أسعار الفائدة تشير بالفعل إلى شكوك عميقة بشأن المسار المتوقع لمجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى الأمام. تشير العقود الآجلة لمعدلات التمويل المضمونة، التي يستخدمها المتداولون للتحوط ضد تحركات أسعار الفائدة، إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة أقل من ثلاث مرات في العام المقبل قبل أن يتوقف في النهاية عند 1.4 في المائة في 2024. وهذا أقل بكثير من 2.1 في المائة التي تم اقتراحها في "مخطط النقطة" لتوقعات أسعار الفائدة الفردية التي نشرها بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا الشهر.
حذر بعض المستثمرين من أن قراءات التضخم المرتفعة في الأشهر المقبلة قد تهز الأسواق المالية، مع اقتراب الأسهم من المنطقة القياسية على الرغم من تحرك بنك الاحتياطي الفيدرالي لتشديد السياسة. هذا هو الخوف بشكل خاص بالنسبة إلى البعض، بالنظر إلى مدى انخفاض العائدات على سندات الخزانة وحقيقة أن أسواق التمويل قصير الأجل تقوم بتسعير دورة ارتفاع ضحلة نسبيا. إذا ارتفعت أسعار الفائدة في أي منهما، فقد ترسل موجات من خلال أسواق الائتمان والأسهم.
قال ستيف كين، كبير مسؤولي الاستثمار للدخل الثابت في "تي سي دبليو"، "إذا ظل التضخم مرتفعا، فسيتعين على بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يتحرك بشكل أسرع. هذا هو المكان الذي يمكن أن تتشدد فيه الظروف المالية بسرعة كبيرة ويمكن أن تتسبب في المتاعب حقا".
وطرح كريستوفر والر، أحد محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، حجة أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة في آذار (مارس)، أي قبل عدة أشهر مما تقترحه أسواق العقود الآجلة حاليا. قد يدعم كبار المسؤولين الآخرين هذه الخطوة قريبا إذا استمرت ضغوط الأسعار في إظهار علامات واضحة على التوسع خارج القطاعات الأكثر حساسية للاضطرابات المرتبطة بالوباء.
قال إريك كنوتزن، كبير مسؤولي الاستثمار لفئة الأصول المتعددة في " نويبرجر بيرمان"، "إذا بدأت في رؤية الخروج التدريجي المعجل لمشتريات بنك الاحتياطي الفيدرالي واجتماعا مباشرا في آذار (مارس) بشأن رفع محتمل لأسعار الفائدة وبدأت الظروف المالية في التشديد، فأعلم أن ذلك يترجم إلى تقلب كبير في الأسواق".

تاريخ الخبر: 2021-12-27 01:23:16
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 38%
الأهمية: 44%

آخر الأخبار حول العالم

هل يمتلك الكابرانات شجاعة مقاطعة كأس إفريقيا 2025؟

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 00:25:42
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية