الدار/ تحليل: لمواكبة إصلاح المنظومة التربوية..هل حان الوقت لتعزيز سلطة المدرّس والمدرسة؟


الدار/ تحليل
ماذا لو كان إصلاح المنظومة التربوية وتنزيل مضامين الرؤية الاستراتيجية ومقتضيات القانون الإطار يمرّ أولا وقبل كل شيء عبر إعادة الاعتبار لسلطة المدرسة والمدرّس خصوصا في ظل تنامي مظاهر التسيب والفوضى والانفلات داخل المؤسسات التعليمية بشكل تحوّل إلى تحدٍ من تحديات المراهقين على شبكات التواصل الاجتماعي. سؤال السلطة مدخل مهم لإنفاذ كل المقترحات والبرامج التي تم تسطيرها في السنوات الأخيرة من أجل حل معضلات هذا القطاع الحساس الذي لا يزال تأخره يعطل مسيرة التنمية ويعيق الكثير من المخططات الطموحة.

ويعتبر السياق السياسي الذي نعيشه اليوم أكثر ظرفية مناسبة لطرح النقاش حول مسألة عودة الضبط والسلطة إلى المؤسسات التعليمية بعد أن هُدمت شيئا فشيئا على مدى السنوات الأخيرة، خصوصا وأن الحكومة الحالية تعمل بجد كبير من أجل إرساء دعائم الدولة الاجتماعية. ولا توجد دولة اجتماعية دون منظومة تعليمية ناجحة وفعالة تمارس فيها الدولة أيضا سلطتها عبر ممثليها من مدرسين وأطر إدارية وبرامج ومقررات. لا يكفي في هذا السياق الاستناد إلى المذكرات والتشريعات الحالية التي تبين أنها لم تعد تستطيع حماية لا المدرّس ولا المدرسة من العبث الذي يهددها. فبينما كنا منشغلين بمناقشة الإصلاح عبر التركيز على مضامين التعليم وموارده وبنياته، تجاهلنا على مدى زمن طويل أن الأمر يتعلق بمؤسسات تربوية بالدرجة الأولى يجب أن تسود فيها قواعد الاحترام والانضباط والروح الوطنية.

ومن هذا المنطلق لا بد من الوقوف عند ثغرة صارخة تخترق المنظومة التربوية اليوم وهي غياب أي جهد معتبر وجماعي من أجل زرع روح الوطن والوطنية في أذهان وقلوب المتعلمين والمتعلمات. من المخجل بالنسبة لنا أن يتم تجاهل ذلك التقليد الذي كان سائدا في مختلف المؤسسات التعليمية كل صباح بتحية النشيد الوطني ورفع العلم بكل ما ينطوي عليه ذلك من رمزية غاية في الأهمية في مجال بناء الشخصية الوطنية وتحصين الهوية والالتفاف حول ثوابت الوطن. في كل المجتمعات التي تتمتع بمنظومات تربوية وتعليمية ناجحة هناك ثقافة وطنية ما يتم زرعها والدفاع عنها وتلقينها للمتعلمين، وليس في ذلك أي شكل من أشكال الشوفينية أو التعصب كما يعتقد البعض.

لقد كانت كل التقارير التي شخّصت واقع المنظومة التربوية تشير إلى أن من أهم الاختلالات التي تعصف بهذه المنظومة غياب ذلك الالتفاف المجتمعي حول المدرسة، أو بعبارة أوضح تلك القطيعة التي تكرست بين المدرسة وبين الأسرة والمجتمع. وهذه القطيعة هي التي أجهزت على تلك السلطة الرمزية التي كان يمتلكها المدرّس والمدرسة وكانت تجعل من هذه المؤسسة معبرا حقيقيا نحو الارتقاء الاجتماعي والتطور المعرفي. ولأن المدرسة فقدت جانبا من هذه الوظيفة الاجتماعية أصبحت مكوناتها خارج دائرة الاحترام والتقدير الواجب لها باعتبارها حضنا للتنشئة الاجتماعية يلتقي فيه كل أبناء الوطن بفرق متكافئة.

لأجل ذلك نرى أن إعادة الاعتبار لسلطة المدرسة والمدرّس سيكون لا محالة أول خطوة في مسار إصلاح المنظومة التربوية وبنائها من جديد على أسس مختلفة قوامها المردودية من كل الأطراف، وعلى رأسهم المتعلم نفسه، الذي يجب أن يدرك أن وضعه الاجتماعي لا يقل عن وضع الآخرين، وأن التزاماته تجاه المؤسسة التي تحتضنه وتؤطره تضع على عاتقه مسؤوليات الانضباط واحترام القوانين والوفاء بمواثيق الشرف التي يوقعها في بداية كل موسم دراسي. لن نتردد إذن في تذكير الحكومة الحالية التي تستعد لإطلاق أوارش اجتماعية غير مسبوقة أن تتذكر أن المنظومة التربوية في حاجة إلى استرجاع سلطتها من أجل أثر أكثر فعالية في أجيال المستقبل.

تاريخ الخبر: 2021-12-27 01:31:01
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:38
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:45
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٤)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:21:31
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية