سمير عطا الله يكتب: سيدة السَّنَة

 

لم تترك أنجيلا ميركل مجالًا للبحث فيمن هى شخصية العام ٢٠٢١ النسائية. أهم رئيسة وزراء هى، أهم أوروبية هى، أهم سياسية هى، أنجح مستشارة هى. لماذا؟ إن ميركل حققت كل ما حققته فى دعة وهدوء، ودون مخالفة أى قانون أو عرف، أو إثارة أى مشكلة مع حلفائها أو جيرانها أو خصومها.

كانت أول امرأة تحتل مقعد المستشار، وفى هذا المقعد جلس رجل فظ مثل بسمارك، موحّد ألمانيا، وهتلر وحشها الأكبر، وأديناور عجوزها الطيب، وهلموت كول راعى الوحدة الثانية، وكل واحد منهم شابت ولايته شائبة ما. وجاءت هذه السيدة من أوروبا الشرقية حيث لا سياسة، ومن الشيوعية حيث لا حرية، ومن الظل حيث لا يعرفها أحد، وصارت ظاهرة من ظواهر الحكم والسياسة.

حققت كل ذلك دون أن تكون فى جلافة بوتين، أو ضعف ماكرون، أو «تلبك» بوريس جونسون، ومع ذهابها عرفت أمريكا مجىء جو بايدن وذهاب دونالد ترامب. الأول غير مستقر حتى الآن، والثانى عاملها بفظاظة، وشىء من عدم اللياقة، وظلَّا دونها. واستطاعت هى حماية العلاقة الألمانية الأمريكية والألمانية الروسية من التأزم. ومعها عبرت الأزمة الأوكرانية وأزمة القرم وأزمة اللاجئين دون تفجر.

١٦ عامًا هادئة فى قلب عالم متفجر ومهدد. علاقتها مع العرب جيدة، ومع إسرائيل مستقرة، ومع أمريكا خاصة، ومع بوتين متوازية، ومع الصين على مسافة، وأعتقد أن سر ميركل فى كونها امرأة عادية لا عبقرية، وبمثل هذا الذكاء العادى والخلق فوق العادى خاضت ميركل كل قضايا الداخل والخارج. سرها الأخلاقى أنها أخذت دائمًا فى الاعتبار مصالح شركائها وخصومها أولًا. وحاولت أن تحققها أولًا دون أن تخسر ألمانيا مصالحها، وبهذا الهدوء والرقى طورت واحدًا من أهم اقتصادات العالم.

لم تكن فى ألمعية مارجريت تاتشر، ولا فى شجاعتها، ولا فى حيويتها، ولا فى ذكائها، ولا فى تكبُّرها. وكل ذلك كان من أسباب نجاحها وأسباب أخطاء المرأة العظيمة الأخرى، ولم تكن فى «واقعية» هيلارى كلينتون، ولذلك بقيت فوق الأخطاء والتنازلات، ولم تكن تميل إلى المؤامرات فذهبت ضحيتها مثل أنديرا غاندى وبينظير بوتو.

وضعت ميركل أُسسًا جديدة للنجاح السياسى والوطنى فى العالم: الحد الأدنى جدًا من السياسة والحد الأقصى من العمل الوطنى والاجتماعى والاقتصادى، وتحولت إلى نموذج يردع بحد ذاته وباء الفساد ويحدد مستويات النزاهة واحترام القانون، وتجاوزت بكل المقاييس معدلات الإنجاز وبقيت على مستوى واحد من الخلق. ارتبط اسم ألمانيا بالحروب والغطرسة والقسوة والعنصرية والفظاظة، ثم عاد وارتبط باحتضان مليون لاجئ سورى مرة واحدة، وبأفضل مرحلة من مراحل العلاقة مع الروس، وأنسب العلاقات مع أمريكا. هزمت ميركل سلبيات الألمان، وجعلتهم فى مقدمة سلام العالم، وأخرجت من حياتهم «الصخب والعنف».

نقلًا عن «الشرق الأوسط» اللندنية

تاريخ الخبر: 2021-12-31 18:26:17
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

المغرب يدين إغلاق متطرفين إسرائيليين باب المغاربة في القدس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-14 21:25:53
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 67%

توقيع عقدين للتنزيل الجهوي لخارطة طريق السياحة 2023-2026

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-14 21:25:48
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 61%

توقيع عقدين للتنزيل الجهوي لخارطة طريق السياحة 2023-2026

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-14 21:25:52
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 60%

المغرب يدين إغلاق متطرفين إسرائيليين باب المغاربة في القدس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-14 21:25:58
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية