أعتقد أن أهم تصريح سياسى صدر عن الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال جولته الميدانية فى جنوب الوادى والتى اختتمها بزيارة أسوان ذلك الذى لخص به هدف ومغزى «أسبوع الصعيد» بقوله: «إن ما يجرى حاليا هو وضع أسس دولة جديدة لكى تكبر وتنمو كما يتمنى ويأمل شعب مصر».
والحقيقة أن مفهوم الدولة الجديدة أوسع وأشمل وأعمق من شعار الجمهورية الجديدة الذى ذاع وانتشر فى الآونة الأخيرة فالدولة وفق أبسط تعريف سياسى تعنى مجموعة البشر «الشعب» الذين يمارسون نشاطهم على إقليم جغرافى محدد ويخضعون لنظام سياسى معين متفق عليه فيما بينهم يتولى شئون الدولة التى تشرف على كافة الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى تهدف إلى تقدمها وازدهارها وتحسين مستوى حياة الأفراد فيها.
ومعنى ذلك أن الدولة هى الكيان الراسخ والواسع والشامل الذى لا يتبدل ولا يتغير طالما كان الشعب واعيا ويقظا وقادرا على الحفاظ على وحدة وسلامة واستقلال أراضى الدولة كإقليم جغرافى محدد غير قابل للاستباحة أو الانقسام أو التفتيت.
ولكن الأمر يختلف تماما عندما نتحدث عن الجمهورية الجديدة لأن الأمر هنا يقتصر فقط على توصيف نظام الحكم فى الدولة وتحديد مجموعة المؤسسات السياسية التى تكون الحكومة وتنظم عملها لكى تواكب مستجدات العصر ومتغيراته!
ومعنى ذلك أن الأساس هو الدولة وأن «الجمهورية» باعتبارها سلطة سياسية هى جزء من الدولة التى كما ذكرنا تقوم على أسس ثلاثة هى الشعب والأرض والسلطة وتتنوع أنظمة الحكم فى الدولة وتختلف من دولة إلى أخرى بل إنها تتغير فى أى دولة حسب إرادة الشعب كما حدث فى مصر عندما تحولت مصر من النظام الملكى إلى النظام الجمهورى تلبية لإرادة الشعب بعد ثورة يوليو عام 1952 الذى وافق على دستور جديد وسياسات وقوانين جديدة تلبى متطلبات التغيير الذى استهدفته الثورة!
وظنى أن الرئيس السيسى أطلق وصف الدولة الجديدة قرب ختام جولة «أسبوع الصعيد» بعد أن شعر أن جانبا كبيرا من الرؤى التى كانت تراود خياله منذ سنوات بعيدة كأنها أحلام تبدو مستحيلة فإذا بها تظهر أمام عينيه على أرض الواقع وتؤكد صحة رهانه على الأهداف التى يسعى لها للوصول بمصر إلى حيث يريد لها .. ومن ثم فإنه لم يعد مجال إلا للمضى فى حلم العبور من «شبه الدولة» إلى «الدولة الحقيقية» بعد أن تيقن أن العجلة بدأت تدور وأنه لن يسمح بإيقافها!
وأقول صراحة: إن تعبير «الدولة الجديدة» الذى صكه الرئيس السيسى فى ختام «أسبوع الصعيد» هو التعبير الأصح والتوصيف الأدق لكل ما يجرى الآن على أرض مصر سعيا لبناء دولة جديدة وليس جمهورية جديدة.. مجرد اجتهاد أتمنى أن يجد قبولا!
خير الكلام:
نقلا عن "الأهرام"
