مازالت حالة الحزن تسيطر على الوسط الثقافي العربي بعد رحيل الناقد والمفكر وأحد أعمدة التنوير الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق.

ودون مصريون وعرب شهاداتهم حول تجربة فقيد الثقافة العربية، حيث قال الناقد والأكاديمي الدكتور شعيب حليفي مؤسس مختبر السرديات بالمغرب.

يقول شعيب حليفي لـ«الدستور»: «تنهض تجربة دكتور جابر عصفور على مدى أزيد من نصف قرن من الدفاع عن الثقافة والإنسان والحرية والحداثة والفكر في نموذج فريد جسده باقتدار في المشروع الثقافي الذي أسس له على مستويات متعددة، سواء في الجامعة وهو مدرس وباحث ومشرف منح من وقته في التأطير والإشراف العلميين وفي الكتابة الأكاديمية، مقالات وكتب، هي الآن مراجع رئيسة للباحث في التراث الأدبي وفي الرواية وفي الشعر، كما أن طلبته المباشرين وغير المباشرين يتحملون المسؤولية بكفاءة في مصر والبلاد العربية».

ويضيف: «مسؤوليته عن مجلة فصول وغيرها أو مسؤوليته على رأس المجلس الأعلى للثقافة والمركز القومي للترجمة جعلت من الثقافة العربية في مصر والعالم العربي قوة وذات اعتبار كبير من خلال إشرافه على مؤتمرات ونشر أعمال ولقاءات كان الأثر الفعلي في حراك ثقافي غير مسبوق ينتصر للحداثة والتنوير والتجديد».

وتابع: «قضى الدكتور جابر عصفور خمس عشرة سنة في منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة، قدَّم خلالها الكثير والكثير للثقافة المصرية والعربية، فقد نقل نشاط المجلس من النطاق المحلى إلى الساحة العربية منطلقا من قناعته الفكرية العربية، حتى أصبح الكثيرون من المثقفين والمبدعين العرب يطلقون على المجلس بيت الثقافة العربية   ويمكن أن يرصد المتابعون موقع المجلس الأعلى للثقافة على خارطة الثقافة العالمية، من خلال مشاركات مثقفين بارزين من مشارق الأرض ومغاربها في الأنشطة التي كان ينظمها المجلس. ونفس الشيء يمكن أن نقوله على إسهامه في صرح المركز القومي للترجمة الذي هو الآخر جسر من جسور التعارف والتقارب والتفاعل بين الآنا والآخر».

وأضاف: «في الجزء الآخر من شخصية دكتور جابر المتمم لدوره الثقافي العام، أن إسهاماته بالكتابة والنقاش في المجلات الثقافية والصحف العربية كان ضرورية وأساسيا، مثلما كانت دراساته النقدية الأكاديمية وكتبه التي تناولت موضوعات متنوعة ما بين قضايا الأدب العربي القديم والحديث والمعاصر، والتعريف بالاتجاهات النقدية العالمية  كالبنيوية، والسيميوطيقا، والتفكيك، وخطاب ما بعد الاستعمار، والنقد الثقافي، والنقد النسوي، ومناقشة القضايا الثقافية العامة والاشتباك معها، وتناول القضايا التي من شأنها النهوض بالمرأة المصرية والعربية، ومن خلال أنشطته الأكاديمية والثقافية العامة في عدد من الجامعات والمعاهد والمؤسسات والمراكز الثقافية التي عمل بها أو تولَّى رئاستها أو دُعي إليها أو تعامل معها».
واختتم: «هذا هو د جابر الذي ترك أثرا فعليا وسطر طريقا لثقافتنا العربية الحداثية والمناهضة لكل الأعطاب الممكنة».