قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالباري بن عواض الثبيتي - في خطبة الجمعة - : المسلم المبصر يقي نفسه من آفات الهموم وآلام الغموم بالإحسان في الصدقات ورفع كرب المكروبين من الفقراء والضعفاء والمساكين، فإن من فرج كربة مسلم فرج الله كربه، قال تعالى : " الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ".

وأضاف : بلغت الحياة المادية أوجها لكنها لم تشف غليل النفس ولم تشبع رغباتها المتناسقة مع طبيعتها التي خلقها الله عليها فتزعزعت النفس وقسا القلب وانحسر معنى التوكل واليقين والرضا وتسلل إلى النفس الهم والقلق وخيم عليها الحزن.

وقال : هذه الهموم إذا تمكنت من المرء فإنها تعيق انطلاقه وتشتت أفكاره وتشل حركته وتنخر في جسده وتفسد عليه ابتهاج حياته وتحشره في نفق الكآبة والاكتئاب فتحيل حياته ضنكاً وعيشه نكداً، وإذا اتسعت مساحة الهم فإنه يكسر من النشاط في الطاعة ويقبض من عنان جواد سعي المسلم إلى مراضي الله عز وجل.

وأشار إلى أن المهموم يناجي ربه في صلاته ويسكب بين يديه همومه ويبث شكواه ففوق العرش رحمن رحيم، أرحم بالعبد من نفسه يسمع نجوى المهموم وأنين المكلوم ويستجيب الدعاء، قال تعالى : " أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ".

وأضاف : ومن صبر على هموم الحياة اختياراً لا إكراهاً واحتسب الأجر كافأه الله خيراً على ما أصابه وأخلفه الرضا، قال سبحانه : " الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ".