خرجة بنكيران..صرخة احتضار تعكس أزمة غير مسبوقة يعيشها البيجيدي


الدار- تحليل

“صرخة احتضار”، و “أزمة تنظيمية ومالية” أقل ما يمكن أن نصف به ما آل اليه مصير حزب العدالة والتنمية منذ الهزيمة المذلة التي مني بها في الانتخابات الأخيرة لـ8 شتنبر 2021، والتي لازالت تداعياتها تخيم على الحزب، كما يتضح بشكل جلي من خلال الخرجة الأخيرة للأمين العام للحزب، ورئيس الحكومة الأسبق، عبد الإله ابن كيران.

بالرجوع الى كلمة ابن كيران، نستشف بنية نفسية مهزوز لدى رئيس الحكومة الأسبق، الذي تحدث بلغة لا تخفي أزمة حقيقية داخل حزب “المصباح”، حيث حاول لملمة جراح التنظيم، المتخمة بجراح هزيمة مدوية في الانتخابات الأخيرة، رغم أن أعضاء الحزب، الذين وضعوا كل بيضهم في سلة بنكيران، كانوا يأملون أن يكون المنقذ لحزب العدالة والتنمية من الموت السياسي وأن يعيده إلى وهجه السابق، بعدما تدحرج من أعلى مرتبة انتخابية إلى الحضيض، وفقد بريقه السياسي، جراء تدبيره الشأن العام طوال عقد من الزمن، وتضرر فئات واسعة من المغاربة من سياساته، وضمنهم جزء كبير من داعميه، وكثير منهم ترك دفة الحزب.

أولى مؤشرات الأزمة المالية للحزب، أقر بها ابن كيران، حينما كشف أن الحزب يعاني مشكل مادي كبير، داعيا أعضاء التنظيم إلى دعمه ماديا، قائلا :”كاينة ثلاثة مليون الدرهم عوض ثلاثين مليون درهم التي كانت سابقا، إلا رجعنا الفلوس للداخلية غانبقاو في الحضيض وحتى الفلوس ديال الداخلية إيلا شديناهم خاصنا التبرير ديال مصاريفها”.

وبلغة تنهل من قاموس “الأزمة”، و “شيطنة” المخالفين لرأيه، وخطه السياسي الأيديولوجي، لازال ابن كيران مصرا على شيطنة المنشقين عن عصا الطاعة، واصفا إياهم بـ”الشياطة”، و”الانتهازيين” اللاهثين وراء المكاسب السياسية، في مصطلح قدحي لا يليق برئيس حكومة أسبق، وأمين عام يعول عليه أتباعه لرتق ما تبقى من “بكارة” الحزب السياسية.

خطاب ابن كيران لم يخرج عن نفس الأسطوانة المشروخة أو “خرايف الزمن”، التي ظل الرجل يرددها على أسماع المغاربة منذ سنوات، حيث حاول دغدغة الأحاسيس بالحديث عن “الطهرانية”، وعدم “فساد” أعضاء حزب العدالة والتنمية، وعن “المبادئ”، محاولا في ذات السياق ايراد ما استطاع من الأدلة ليبعد عن نفسه شبهة معاش استثنائي، لازال يثير جدلا واسعا وسط المواطنين المغاربة، وهو الذي يحث مريديه في كل مناسبة على التمسك بالمبادئ ونيل شرفها، والتضحية من أجلها، وعلى “الأجر مقابل العمل”، دون أن يقدم أية مؤشرات عن التضحية التي قام بها، وهو الذي سن سياسات حكومية ألهبت جيوب دافعي الضرائب خلال ولايته الحكومية، قبل أن يأتي سلفه العثماني، ليعمق جراح المغاربة بقرارات أكثر ضراوة.

وبمنهج تحليل الخطاب، لم تبتعد كلمة ابن كيران عن خطاب “المظلومية”، و”الشعبوية”، الذي ظل يجتره لسنوات طويلة، ولو على حساب الآخرين، حيث قال بأنه كاد أن يقدم الاستقالة من رئاسة الحكومة، ليعود ويؤكد بأنه تراجع عن ذلك بعدما ألف منصبه الحكومي، واستلذ به، مفضلا مهاجمة حزب الاتحاد الاشتراكي، وبأنه ترك رئاسة الحكومة لسعد الدين العثماني، لكي لا يحصل عليها الياس العماري، الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، وبأن توقيع العثماني على الاتفاق الثلاثي مع إسرائيل لا يلزم الحزب في شيء، وغير ذلك من “الخرايف” السياسية.

مبررات لم تسعف ابن كيران في استعادة وهج حزب، علق عليه المغاربة آمالا عريضة، قبل أن تكشف الأيام بأنه حزب عادي، وبأن كلما قيل عنه، مجرد “أساطير”، وهنا حاول الأمين العام لحزب “المصباح”، حشر الدولة، وخصومه السياسيين، من جديد في الأزمة التنظيمية والمالية، التي يعيشها الحزب، مما يؤكد بأن الرجل يسعى من وراء كل ذلك الى الظهور، والبحث عن الأضواء، و الإعلان عن رفضه الارتكان الى التقاعد السياسي، وهو ما يفسر البلطجة “الخطابية” والسياسية التي ينهجها عبد الاله بن كيران أملا في إنقاذ الحزب.

ابن كيران قرر، اذان، ركوب خطاب “المظلومية” والبحث عن مشجب يعلق عليه أخطاءه، وفشل حزبه ماليا، وتنظيميا، وهو ما تجلى من خلال مهاجمة ادريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، والمخالفين لرأيه من اخوانه، الذين كانوا بالأمس الى جانبه، والذين وصفهم ب”الشياطة” في مصطلح قدحي يعكس الخطاب الشعبوي المنحط، المتسم بالرداءة والضحالة، شكلا ومضمونها؛ خطاب يمتح من قاموس اللغة السوقية ولا يولي أدنى اهتمام لمقام الحال و الأحول.

الأكيد أن الخرجات الإعلامية للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله ابن كيران، لم تعد تحظى بالمتابعة لدى أعضاء حزب العدالة والتنمية، فكيف يمكنها أن تحظى بالمتابعة لدى الرأي العام الوطني، لسبب واحد وهو أن خطابات الرجل عبارة عن اجترار لما سبق من تصريحات، و لا تحمل أي جديد يذكر، باستثناء تغيير في الألفاظ السوقية والقدحية، التي يتوسل بها الرجل لعلها تسعفه في إعادة الحزب الى سابق عهده.

تاريخ الخبر: 2022-01-10 23:31:46
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 50%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية