في شهر يوليو 2021، حذفت منصة "تيك توك" أكثر من 7 ملايين حساب، في واقعة غريبة من نوعها ارتبطت بالأطفال دون سن الـ13 عامًا، بعد أن أثبتت الدراسات تأثرهم بالمحتوى المعروض والذي يؤثر بشكل مباشر على سلوكياتهم وأخلاقهم بالسلب.

كما فرضت المنصة إجراءات صارمة بشأن حسابات فئة الأطفال، ووضعت قيودًا لتقليل مشاهدات مقاطع الفيديو الخاصة بصغار المستخدمين، لحمايتهم من الإصابة بأمراض نفسية وعصبية أثبتت الدراسات العلمية مؤخرًا تعرضهم لها فور استخدام تطبيق "التيك توك".

ما علاقة متلازمة "توريت" بالتطبيق؟

هناك بعض الأطفال الذين يتعرضون لمحتويات مختلفة على منصة "تيك توك"، ومن ثم يقلدون بعض الحركات بشكل لا إرادي؛ ما يسبب انتشار متلازمة "توريت" وتفشيها خلال الآونة الأخيرة بين صغار السن، وفقًا لما أعلن عنه طبيب الأعصاب دونالد جيلبرت، المتخصص في اضطرابات حركة الأطفال في المركز الطبي لمستشفى الأطفال في سينسيناتي بولاية أوهايو الأمريكية.

ووفقًا لآخر التقارير الصادرة عن جامعة "جونز هوبكنز"، اتضح أن 10% إلى 20% من مرضى الأطفال قد أصيبوا بأعراض متلازمة "توريت" خلال العام الماضي، في حين أن العدد المعتاد قبل جائحة كورونا هو 2% إلى 3% فقط سنويًا، ففي مارس 2020، عانى 60 طفلًا من تشنجات حادة إثر التعرض لفيديوهات "تيك توك".

أصوات غريبة

قالت الدكتورة شيرين ممدوح، إخصائي الطب النفسى بمستشفى الدكتور عمر شاهين للصحة النفسية بالجيزة، إن متلازمة "توريت" تُعد نوعًا من أنواع الاضطرابات العصبية التي يصاب بها الأشخاص تحت سن الـ20، وبالأخص الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين  4-12 عاما، ويعتبر الذكور أكثر تأثراً بمتلازمة توريت من الإناث.                                                             

وأشارت في حديثها لـ"الدستور"، إلى تأثير التطبيقات الإلكترونية الشبيهة لمنصة "تيك توك" على أعصاب الأطفال، إثر ما يشاهدونه طوال اليوم من فيديوهات تقدم محتوى لا تستوعبه أذهانهم، بل والكارثة تظهر حين يقررون تقليد الحركات والسلوكيات المتداولة في الفيديوهات، والتي تظهر آثارها على سلوكياتهم خلال تعاملهم مع ذويهم أو خارج المنزل بشكل عام.

تتمثل أعراض متلازمة "توريت" في الإصابة بحركات أو تشنجات لا إرادية، وإصدار أصوات متكررة، وتظهر التشنجات على صورة وميض العين السريع، أو هز الكتفين، أو ارتعاش الأنف، وقد تكون معقدة مثل القفز، أو الركل، أو الدوران. أما الأصوات اللاإرادية المتكررة فهي الشخير، وأصوات تصدر من الحلق.

وتابعت: "قد يعانون أيضًا الأطفال المصابين بالمتلازمة من صعوبة الاستجابة للمعلومات الحسية المتعلقة باللمس، أو التذوق، أو الروائح، أو الأصوات، أو الحركة؛ ما يؤثر بشكل مباشر على مستواهم الدراسي، ففي هذه الحالة لا يستطيعون الكتابة أو القراءة أو الحساب".

أما عن العلاج: "يتطلب التعافي من متلازمة التوريت المتابعة الدورية مع أخصائي نفسي، للخضوع إلى العلاج السلوكي المعرفي، والتدريب جيدًا على قوة الإدراك والاستجابة وتقليل التشنجات، من خلال استخدام التنويم المغناطيسي، وجلسات الاسترخاء النفسي، وهذا يُعد حلًا أفضل من العلاج باستخدام العقاقير الطبية، التي يمكنها أن تصيبهم بأعراض أخرى".

وفي دراسة أخرى قام بها باحثون من جامعة "كالجاري" الكندية، رصدت تصاعد الحالات سريعة الظهور للتشنجات اللاإرادية المشابهة لتشنجات توريت من 1-5% قبل الجائحة إلى 20-35%، بين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 25 عاماً، من الإناث على وجه الحصر تقريبا.

وربطت أيضا الدراسة الكندية، انتشار المتلازمة على الأطفال وصلتها بالتعرض  لمحتوى المؤثرين على "تيك توك"، بعد ارتفاع أعدادهم وإقبالهم على المستشفيات والمراكز الطبية بعد جائحة كورونا، مقارنة بالسنوات الماضية، التي لم تشهد سوى حالات نادرة تعاني من الاضطراب والقلق لدى صغار السن.